الثلاثاء، 13 يناير 2015

من هدايات سورة البيّنة

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد...
 هذه السورة ذكر الله عز وجل فيها الحُجّة على أهل الكتاب وهي حجّة بالغه مع سهولتها ووضوحها إلاّ أنها قامعة ودامغة للباطل الذي يحتجون به في ترك الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فافتتحت هذه السورة بقوله (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ) أي منفكين عن شركهم وكفرهم بالله وبرسوله (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) أي لم يكونو تاركين لما هم عليه من الباطل حتى تأتيهم بيّنة من الله ، ثم جاءت البيّنة وهي (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً*  فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) أي فيها مكتوبات مستقيمة دالة على الله ليس فيها باطل ولا ضلالة ولا غواية.
ثم قال جلا وعلا (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) أي أن أهل الكتاب كانوا يقولون إذا بُعث ذلك النبي آمنّا به -صفته موجودة عندهم في كتبهم-  فلما جاء ذلك النبيّ وثبتت صفاته وظهرت علامات نبوته اختلفوا. وهذا شئ غريب كيف تختلفون!! المفروض عندما يأتيكم العلم وتأتي البيّنة يجب أن تتفقوا ويكون مساركم واحد لأن عندكم حُجّة من الله تحتجون بها على معرفه هذا النبي الذي سيُبعث. قال (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) ولاحظ  كيف أنه وصفهم بأنهم أهل كتاب يعني يرجعون إليه ويحتكمون إليه، قال (إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ).
ثم أقام الحُجه عليهم فقال ماذا تستنكرون على هذا، النبي ماذا رأيتم مما جاءكم به ما يُخالف دين الأنبياء،  ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه الذي أُنزل عليه ودينه الذي أُوحي اليه بما جاءت به الأنبياء قال (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) يعني أنكم أُمرتم على لسان هذا الرسول بعبادة الله وإخلاص الدين له فهل تستطيعون أن تقولو إن هذا ليس من دين الأنبياء؟
 أُمرِتم بإقامة الصلاة هل تستطيعون أن تقولو إن هذا ليس من دين الأنبياء؟
 أُمرِتم بإيتاء الزكاة هل تستطيعون أن تقولو إن هذا ليس من دين الأنبياء؟
 إذاً جاء هذا النبي ليؤكد دين الأنبياء قبله، وجاء هذا النبي بالحقائق التي دعت إليها الرسالات السماوية كلها فما الذي أنكرتم عليه!! مالذي شكككم فيه!! مالذي جعلكم تستريبون وتتفرقرن!!
إن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والتي جاءت به الأنبياء قبله عيسى وموسى ونوح وإبراهيم وجميع الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كله يخرج من مشكاة واحد والأنبياء يُصدِّق بعضهم بعضا. فهذ ادين محمد صَل الله عليه وسلم فماذا أنكرتم حتى تتفرقوا وحتى يكفر بعضكم ويؤمن آخرون؟! وهذه حُجة الله سبحانه وتعالى على عباده وهذا هو الدين القيّم.
 إذا رأيت ديناً يدعو إليه إنسان ليس فيه إخلاص العبادة لله ولا إقامة الصلاة ولا إيتاء الزكاه فاعلم أنه ليس من دين الله في شى وليس من هدي الأنبياء في قبيل ولا دبير ولذلك قال (وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) يعني الدين المستقيم بصاحبه الذي يُوصِله إلى الله وإلى الدار الآخرة. نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصّته وصلى الله وسلم على محمد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق