الاثنين، 15 سبتمبر 2014

الحلقـ العشرون ــة / سورة الإسراء الآية 101



الحمد لله على فضله والصلاة والسلام على أشرف رسله وخير خلقه .. وبعد
 فسنشرُف معكم بتفسير قول الله جل وعلا في سورة الإسراء : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا * فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) الآية تتحدث عن بني اسرائيل مع نبيِّهم موسى مع فرعون .
 يقول أصدق القائلين : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَات ) المشهور عند العلماء أن هذه التسع هي : العصا واليد والسنين نقص السنين ونقص من الثمرات .. هذه أربع والخمس الباقية ذكرهن الله جل وعلا في الأعراف : ( الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ ) .. متتابعات قال ربنا جل وعلا : ( آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ ) هذه التسع.
 ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ) قبل أن أجيب نبدأ من أول السورة ، السورة مكية المقصود منها إقامة الحجة على أهل الإشراك من أولها بدأت -إن صح التعبير- بخطين متوازيين قال الله جل وعلا في أولها : ( وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ) ما الكتاب هنا ؟ التوراة ، بعدها قال ( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) ثم مضت السورة تبين هذين الأمرين حتى انتهت إلى أن الله علِم أن في قلوب القُرَشيين يدور مسألة إخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة ( وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ) فقال هنا خبر محاولة فرعون إخراج ماذا ؟ إخراج موسى والمؤمنين الذين معه ، فبيَّن الله ما وقع لفرعون عندما أراد أن يُخرج موسى والمؤمنين حتى يتعض القرشيون قبل أن يعزموا أمرهم على إخراج النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى قول من يقول -سنأتي لهذا- يصبح كالبشارة للنبي صلى الله عليه وسلم في الآية وإن كنت لا أراه لكن سأبين هذا في موطنه.
 نعود للآية قال ربنا جل وعلا : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُم ) السؤال أيها المبارك غالباً يكون أحد حالين :
 إما سؤال للاسترشاد والتبيين
 وإما سؤال للاحتجاج بالجواب
 هذا مندرج في الثاني لا في الأول والمعنى : يا محمد سل بني إسرائيل لتحتج بإجابتهم على كفار قريش، فلا تسأل بني إسرائيل سؤال مسترشد إنما اسألهم سؤال من يحتج بإجابتهم على من ؟ على كفار قريش.
 ( فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُم ) يعني موسى نبياً ( فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) عند أهل الصناعة النحوية أن ظن هذه قلنا أنها من أفعال القلوب في دروس مضت وأنها يُراد بها الرجحان لكنها في القرآن تستعمل على ضربين:
إما على الشك وإما على اليقين وإما ضرب ثالث على الإعتقاد الراجح ويمكن أن يسمى هذا يقيناً ، ولكثرة ورودها في القرآن حاول أهل العلم أن يجعل لها ضابط فقال بعضهم هذه (ظن) إن تبعها (أن) المخففة فهي للشك إن تبعتها أن -ليست أنَّ - المخففة من الثقيلة هذه لماذا ؟ للشك ( بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ ) هذا يقين أو شك ؟ شك ، وأن هنا مخففة أو مثقلة ؟ مخففة .
 فإذا تبع (ظن) (أنّ) المثقلة أصبحت على اليقين ، في الحاقة ( إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ) .. واضح الآن ، هذا من محاولة بعض أهل العلم التفريق بينهما. نعود للآية ..
 فرعون خرج بالقضية إلى أن اتهم موسى بالسحر والتخييل وهذا بيّناه كثيراً لا نريد أن نفصّل فيه لأنه ليس هذا هو المقصود من الآية ( إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) أجابه موسى : ( قَالَ ) أي موسى ( لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَٰؤُلَاءِ ) أي هذه الآيات ( إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ) وهذا العلم من موسى الذي جزم به إما جزم به لِما أوحى الله إليه أو من قرائن رآها من حال فرعون أو بهما معاً وهو الحق ( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِر ) أي أنزل هذه الآيات دلائل على قدرته وعلى أنني نبي وعلى أنني مبعوث بالحق وعلى أنه لا رب غيره وعلى أنه لا إله سواه ( مَا أَنْزَلَ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِر وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ) قالها موسى على ما قال أهل العلم بالظن تأدباً مع الله .. تأدباً مع ماذا ؟ تأدباً مع الله لا يريد أن يجزم ( وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ) مثبوراً يعني هالكاً وقد وقع ماظنه موسى .
 قال الله جل وعلا : ( فَأَرَادَ ) من الذي أراد ؟ فرعون ( أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ ) الآن إلى اليوم في اللهجات الدارجة تقول فزَّ فلان بمعنى قام (فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ ) أي يجبرهم على الرحيل، يجبرهم على القيام، يجبرهم على الترك ومن معانيها في اللغة : الإستخفاف .. قال الله جل وعلا : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ ) أي أستخفهم ، قال الله جل وعلا هنا : ( فَأَرَادَ ) أي فرعون ( أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا * وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ ) كم أرض مرّت ؟ أجيبوا ؟ إثنان ، ما الأولى وما الثانية ؟ في الأولى قال : ( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) هنا لاينبغي الاختلاف أي أرض ؟ أرض مصر لأن بني إسرائيل أي أولاد يعقوب لأنه هو إسرائيل كانوا يسكنون وقتها أين ؟ مصر ، متى دخلوها ؟ في زمن يوسف ( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ ) قلنا أي أرض ؟ أرض مصر بالاتفاق لا إشكال هنا ( فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ) وهذا ظاهر دلّ عليه القرآن، دلت عليه السنّة، تناقلته الأمم، كل الأمم تعلم أن فرعون أُغرِق في البحر ( وَمَنْ مَعَه ) أي جنده (جميعاً) لم يبقَ أحد ، قال الله جل وعلا بعدها و(جميعاً) تفيد أنهم في وقتٍ واحد .. جميعاً تفيد أنهم في وقتٍ واحد لأن القرآن يُفسر بعضه بعضاً ، الله جل وعلا يقول : (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) ما معنى ( كُلُّهُمْ )؟ أي لم يبقُ أحد لم يسجد. ما معنى ( أَجْمَعُون )؟ يعني في وقت واحد ، هنا قال : ( فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا ) أي في وقت واحد أُغرق فرعون وآله.
 ( وَقُلْنَا ) هذا رب العزة ( مِنْ بَعْدِهِ ) أي من بعد إغراق فرعون ( لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْض ) السؤال أي أرض ؟ أي أرض ؟
 لا يمكن أن يُفهم أي أرض حتى نفهم مابعدها ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) الجمهور على أن وعد الآخرة هو قيام الساعة، هو البعث والنشور فيصبح المعنى : يوم القيامة نجمعكم ونجمعهم ( لَفِيفًا ) أي من أماكن شتى مختلفين فنجمعكم في أرض المحشر كما كتبنا للمؤمنين في الدنيا التمكين وعلى الكافرين الغرق نفصل بينهم ونحكم بينهم يوم القيامة فيصبح الآخرة هنا على المشهور على المعروف على المعهود أنه البعث والنشور ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) أي كما حكمنا بينكم في الدنيا نحكم بينكم في الآخرة ، يصبح ما معنى الأرض على هذا السياق ؟ أحد أمرين - على هذا المعنى - أحد أمرين : إما أن يكون المقصود بالأرض أرض الشام ، لمَ أرض الشام ويدخل فيها فلسطين ؟ لأنها هي الأرض التي وعدها الله بني إسرائيل (ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) وهذه أريحا بالاتفاق ( كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) هذا قول .
 وقال بعض العلماء : ( اسْكُنُوا الْأَرْض ) أي أرض مصر ، واحتجوا بقول الله جل وعلا في الشعراء : (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) .. واضح ، وقول الله جل وعلا : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ) .. انتهينا ؟ واضح هذا ؟ .
 التفسير الآخر : نعود إلى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) وهو الذي نراه -والعلم عند الله- لكن يبقى فيه إشكال لا يُحل ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) ليس المقصود به فيما نفهم أنه البعث والنشور وإنما هو قرب وعد الآخرة هو المذكور في أول السورة ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) .. (وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) هذا الأول هو التالي ( لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ ) أي إذا جاء الوعد الثاني لكن قال : ( الْآخِرَةِ ) لأنه لا ثالث بعدها ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) من مواطن شتى من أماكن شتى فيصبح الأرض هنا أي أرض ؟ أرض الأرض كلها .. الأرض كلها بمعنى لم يكن لبني اسرائيل مقام والواقع المعاصر يدل عليه فإن الإسرائيليين لما أخذوا من المسلمين ديارهم وأعلنوا دولتهم دعوا اليهود من شتى أقطار العالم ولا أحد يجهل يهود الفلاشا، يهود الدنما، يهود اليمن، يهود المغرب، من كل مكان جاءوا. هذا في ظننا هو المقصود بقول الله جل وعلا : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا ) أي من مواطن شتى حتى يصدُق عليهم وعد الله أن يجتمعوا ثم يُهلكوا كما قال الله جل وعلا في أول السورة : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) وهذا في ظننا القاصر لم يقع بعد وما يحصل الآن مما يراه الناس عياناً هذا توطئة له والعلم عند الله .
 لكن يبقى إشكال أما قول الله جل وعلا : ( كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) فهذا من القرآن الذي لم أفهمه ولا أعلم ما تفسيره لأنه لا يوجد في القرآن ولا في السنّة أو في دلائل التاريخ ما يدل ولو طرفة عين على أن بني إسرائيل عادوا إلى مصر ، والقضية أين تكمن؟ تكمن في أن الآية صريحة ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) إلا أن يقال في تخريج الآية أورثنا بني إسرائيل شبيهاً لها لأن أرض الشام أرض زروع لكن على أصل الآية على بابها هذا لا أعلم له جواباً إلى ساعتي هذه.
 وقد التقيت بأحد العلماء ممن لهم عناية بالتفسير فسألني سؤال مُدارسة لا سؤال إتهام ولا سؤال استفهام لأن أي أحد يسألك لا يمكن أن تخرج أسئلته من أحد ثلاثة أحوال : إما أن يكون من عامة الناس فيسألك سؤال استفهام يريد أن يعرف الجواب وإما أن يكون يعرف الجواب ويعرف جوابك لكن يريد أن يتهمك بشيء فيسألك حتى تجيبه لأنه يرى أن في إجابتك إقامة للحُجة عليك .. هذا يسمى سؤال اتهام لكن هذا الأخ المبارك لم يسأل سؤال استفهام لأنه عالم ولم يسأل سؤال اتهام لأنه سليم الصدر قال : ما خَلُصتَ عليه من علمٍ في هذه الآية ؟ وأنا والله كأني الساعة بين يديه قلت له : والله لا أدري لم افهم هذا المراد ، قال : أنا بحثت عنها وذكر وصفاً يعني يدل على شدة البحث وإلى الآن لم أجد لها جواباً ولا فهماً وكنت أحسب ان عندك شيء من الجواب ، وأنا أقول إلى ساعتي هذه لا أعلم قول الله جل وعلا : ( كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ ) لأن المعروف -المنقول- أن بنو إسرائيل عندما خرجوا من أرض مصر مكثوا في صحراء التيه أربعين سنة ( مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ) ثم دخلوا أرض فلسطين على يد يوشع بن نون ثم مكثوا في فلسطين ولا يُعلم أن هؤلاء -قوم موسى- عادوا مرة أخرى إلى مصر .. والعلم عند الله .
هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده ، وفقنا الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى والحمدلله رب العالمين.
______________________________
شكر الله لمن قامت بتفريغ الحلقة بارك الله فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق