الثلاثاء، 17 ديسمبر 2013

المرحلة الثانية/ (إدراك المعنى اللغوي للكلمات الوادرة في الآية ومقارنته بما جاء عن السلف)

د. محمد بن عبد العزيز الخضيري





يقول المؤلف في [ص:49] : المرحلة الثانية هي 





يعني عندما أقرأ الكلمة وأقرأ كلام السلف فيها بعد ذلك انظر إلى ما قاله اللغويون في بيان معنى هذه الكلمة فإني سأجد في كلام اللغويين إثراء للمعاني التي جاءت عن السلف وبيانا لأصل الكلمة وتحقيقا لما يدخل في هذه الكلمة ويصلح أن يكون من معانيها وبذلك يزداد ثراء المعنى التفسيري عندما نرجع إلى كتب اللغة بعد أن نقرأ كلام السلف -رحمهم الله تعالى- في الباب.
يقول الإمام الزركشي وهو صاحب كتاب (البرهان في علوم القرآن) يقع في أربع مجلدات وهو من أنفس الكُتب في علوم القرآن وقد جاء الإمام السيوطي فنقل هذا الكتاب وزاد عليه في كتاب سمّاه (الإتقان في علوم القرآن) . قال: فصل فيما يجب على المُفسِّر البداءة به . اسمعوا كلام الزركشي -رحمه الله- قال: الذي يجب على المُفسِّر البداءة به العلوم اللفظية وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة،أن تعرف حقيقة هذا اللفظ المُفرد فتحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن من أوائل المعادن لمن يريد أن يُدرك معانيه.قال: وهو كتحصيل اللبِن من أوائل المعادن في بناء ما يريد أن يبنيه.
يعني هو مثل ما يُحصّل الإنسان اللبِنات حتى يبني بيتا أول ما يبدأ يُحصّل اللبِنات وهي متفرقة لبنة ثم لبِنة ثم لبِنة يجمعها ثم يبدأ في بناء البيت فيتكون البيت،فهذا البيت متكون من لبِنات كذلك الكلام والجُمل والآيات والسور متكونة من كلمات أول ما تبدأ بمعرفة معاني هذه الكلمات لتصل إلى معاني الجمل والآيات والسور.
قال: وليس ذلك في علم القرآن فقط بل هو نافع في كل عِلم من علوم الشريعة وغيره وهو كما قالوا لأن المركب لا يُعلم إلا بعد العلم بمفرداته.
إذاً من أهمّ الأشياء أن نتعلم علم المفردات يعني معرفة مفردات القرآن ومعناها في لغة العرب وعدم فهم دلالة الكلمة يؤدي إلى خطأ كبير في تأويل القرآن وذكر هنا قصة عمرو بن عُبيد المُعتزلي فإن عمرو بن عُبيد صار عنده بدعة وكان سبب هذه البدعة هوى إضافة إلى ضعف فهم للغة فإنه يرى أن الوعد والوعيد سواء وأن إخلافهما لا يجوز فمن وعد وعدا بخير أو أوعد وعيدا فإنه لا يجوز له أن يُخلفه لأن هذا يتضمن الكذب فقال إذا وعد الله عباده بالجنة فإنه لابد أن يُنفذ هذا الوعد،وإذا أوعد على عمل أو معصية بالنار فإنه لابد أن يُنفذ هذا الوعيد. هكذا ظن ولم يعرف أن العرب تُفرّق بين الوعد والوعيد، فالوعد عند العرب يُعتبر إنفاذه كرم وإخلافه يُعتبر ذم وقُبح وسؤ في الأخلاق،أما الوعيد فإن إنفاذه يعتبر عدلا وعدم إنفاذه يعتبر كرما،لو أنني قلت من قام الآن ضربته ثم قام رجل منكم فقالوا لي هل تضرب هذا الرجل؟ قلت قد عفوت عنه،ماذا تعُدون هذا في حقي؟ كرم،وكذلك الله -عز وجل- عندما يتوعد على معصية من المعاصي بأنه يُعاقب عليها (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) إذا لم يطرد الرب -سبحانه وتعالى- واحدا منهم من رحمته فعفى عنه يُعدّ هذا كرما منه. عمرو بن عُبيد قال: لا،يجب أن يُنفذ فيه الوعيد ولذلك عنده من عمل معصية فإنه كافر ومستحق للخلود في النار. بناء على أنه خلط بين الوعد والوعيد ولم يفهم أن العرب كانت تُفرّق بين إخلاف الوعد والوعيد.
يقول المؤلف : فصل: الناظر في كلمات القرآن -من جهة الوضوح وعدمه- يمكنه جعلها على ثلاثة مراتب: 
المرتبة الأولى: كلمات مشهورة واضحة المعنى-متفق عليها- ذات دلالات محددة مثل الشمس والقمر والنجوم والليل وغيرها من الكلمات التي تُعرف معانيها ولا تحتاج إلى تفسير.
المرتبة الثانية: كلمات متداولة ظاهرة المعنى لكن تجد في معانيها خبايا وفي دلالاتها معانٍ إضافية لا تظهر إلا لمن فتش عن تلك المعاني الخفية وحاول أن يُبرزها. وهذا معنى رائع جدا وجميل وينبغي أن ننتبه له. يقول: وهذا هو الذي يتميز به طالب التفسير. وهو أن يبحث عن الدلالات الخفية للكلمات التي يكون معناها ظاهرا لكن لها دلالات خفية وسيضرب لذلك مثالا.
المرتبة الثالثة: كلمات غامضة بالنسبة لكثير من الناس لا يُدرك معناها إلا بمراجعة كتب التفسير واللغة مثل كلمة: انكدرت ، مقمحون ، زرابيّ ، الوتين ، حمئة ، الترائب ، زنيم، أبّا، قضبا، أمشاج، جدُّ ربنا، سائحات، كنود ...الخ.
فهذه كلمات غريبة يقِلّ استعمالها في كلام العرب،يقِلّ مرورها على الناس في كلامهم فيحتاج القارئ إلى أن يُفتش عن معناها في كتب اللغة والتفسير،وهذه عند التفتيش عن معناها ترجع إلى أحد الصنفين فقد تكون واضحة خلاص اتضح معناها وانتهت،وقد تكون لا،من الكلمات التي لها معنى ظاهر وتتضمن معاني خفية تحتاج إلى بيان.
نذكر مثال: في قول الله -عز وجل- في سورة يونس (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ) "مرّ" معروف معناها لكن انظروا دلالة كلمة "مرَّ" في الآية دلت على السرعة وسرعة النسيان وأنك تجد الإنسان مثلا تجاوز سيارة فأقبلت عليه سيارة -تريله- بدأ يقول لا إله إلاّ الله،لا إله إلاّ الله،يتشهد لأنه الآن أمام الموت ثم انعطفت السيارة التي أمامه وانعطف قليلا فسلِم تجده يضحك وينبسط وانتهى الموقف،لاحظتم كيف قال (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ) لم  يقل فلما كشفنا عنه ضره نسي أو انشغل لا، (مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ) ، يتصل عليك واحد يقول لك أنت فلان؟ تقول نعم،فيقول لك تحاليلك أنت مصاب بالسرطان وعندك شيء من الأيدز،إنا لله وإنا إليه راجعون،أعوذ بالله، فتعرق وتسكن وتحتاج إلى شيء من الماء ويُرش عليك،ثم يتصل عليك ويقول لك آسف كم الرقم الوطني حقك؟ تقول الرقم كذا،يقول آسفين والله كان بالخطأ هذا الخبر فتضحك وتستبشر وتنسى الموضوع وكأن شيئا لم يكن ولم يصر وتعود إلى ما كنت عليه من المعاصي والموبقات. وأذكر هذا المثال: إحدى الطائرات في السعودية كانت متجهة إلى الجنوب فأعلن القائد أنه حصل خلل في المحرك وإنهم شغالين في المُحرك الثاني للطائرة لعله يقوم بهم حتى يصلوا إلى المطار ثم أعلن إن المُحرك الثاني أيضا في طريقه للتوقف فوجم الناس وسكنوا وبدؤا يبكون وينتفضون وحصل لهم من الرعب ما لم يعلم به إلا الله،وطبعا -يا إخواني- هذا الأمر مهول إنسان ينتظر الموت وهو الآن في السماء ومعروف ما فيه نتيجة أخرى فقام رجل وقال: يا جماعة اشهدوا ترى الصّك هذا الذي معي ليس لي،يعني هو مكتوب باسمي لكن أنا أخذته ظلما وعدوانا، هذا المقصود،اشهدوا ،فقالوا له: اسكت،اجلس كلنا مثلك -يعني تشهدنا واحنا كلنا ميتين مثلك- المهم مازال الطيّار يواصلهم بالأخبار حتى نزلوا في المطار وحمِدوا الله على السلامة ونزلوا المطار وإذا بهم يستقبلونهم بالعصائر والهدايا ويحمدون الله على سلامتهم فاجتمع الناس على هذا الرجل وقالوا: يا فلان أنت شهدتنا على أن الصّك ليس لك، قال: أنا طلعته من الشيخ إن كان فيه شيء فهو على الشيخ ، اسمعوا (فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَىٰ ضُرٍّ مَسَّهُ ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) نسأل الله العافية والسلامة. أبيّن لكم كيف أن الكلمة قد تحتوي على معنى هي في ظاهرها واضحة لكن فيها دلالات غاية في الروعة وغاية في الجمال. 
وأعطي مثال آخر: لما جاء موسى مُسرعا للقاء ربه (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَىٰ (٨٣﴾ قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ) طيب (أُولَاءِ) ما معناها؟(أُولَاءِ) معناها هؤلاءِ تأتي هؤلاء وتأتي أولاء كلها اسم إشارة،لماذا قال موسى (هُمْ أُولَاءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ) لماذا لم يقل هم هؤلاء على أثري وعجلت إليك ربي لترضى؟ المعنى واضح لكن لماذا أسقط الهاء؟ قال العلماء: لأنه يُخاطب الله والهاء للتنبيه ولا يليق بموسى الذي يعرف مقام الله أن يُنبه الله،رأيتم كيف، يا الله ما أجمله، الآن "أولاءِ" معناها "هؤلاء" ولا إشكال لكن فيه دلالة تحت خفية فتش عنها تجدها في كتب اللغة وفي كتب التفسير،وهذا هو الذي يدعونا إلى أن نقول ينبغي لنا أن نُراجع هذه الكتب حتى نعرف أسرار هذا الكلام وتمتلئ قلوبنا بمحبته ونعرف أيضا قدر هذا الكلام الذي أنزله الله -سبحانه وتعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم.
يقول المؤلف في [ص:51] 







والجواب: أن معرفة دلالة الكلمة يكون بعرض الكلمات التي تتدبر آياتها على المراتب الثلاث السابقة ومعرفة درجتها من الوضوح والغموض. هل هي من النوع الأول الواضح الجلي الذي لا لبس فيه ولا غموض،أو من النوع الثاني الواضح لكن الذي فيه بعض الإشارات والدلالات الخفية،أو من النوع الثالث الذي هو غامض فتكشفه بكتب التفسير والغريب وكتب اللغة ويكون يرجع إلى أحد المعنيين أو المرتبتين السابقتين.
قال: فعندما تمر بكلمة في كتاب الله وتدرك أن فيها شيئا من الغموض أو أنها تُوحي بأن البحث فيها قد يفيد في معرفة دلالة هذه الكلمة بشكل أكبر وأوضح فعندها نرجع إلى المصادر التي تساعد في بيان هذه الدلالة إن وجدت وهذه المصادر كثيرة متنوعة لكني سأحصر البحث في مصادر محددة تُغني الباحث في مراحله الأولى فأقول: نحتاج لفهم كلمات الكتاب العزيز فهما شبه تام إلى ثلاثة مراجع:
أولا: كتاب في التفسير بالمأثور كتفسير ابن جرير الطبري،وابن كثير،والدر المنثور للسيوطي،التي تجمع أقوال السلف.
ثانيا: تفسير لُغوي بلاغي،يعني يجمع بين اللغة والبلاغة كتفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور،أو تفسير أبي السعود،أو البيضاوي التي تُعنى بالجوانب البلاغية مع الجوانب اللغوية.
الثالث: كتاب في اللغة كالصِحاح للجوهري،وتهذيب اللغة للأزهري ونحوها.
مع الحذر من بعض الأخطاء التي يقع فيها بعض علماء اللغة والبلاغة في تأويل أسماء الله وصفاته على غير الطريقة التي كان عليها السلف الصالح. 
أما عن كيفية الاستفادة من هذه المصادر فأولا تبدأ بكلام السلف تقرأ ماذا قالوا في هذه الكلمة ثم تتحول بعده إلى كلام اللغويين البلاغيين كالطاهر بن عاشور -رحمه الله- وتنظر ماذا ذكروا من دلالات لهذه الكلمة لغوية وبلاغية ثم تنظر في كتب اللغة وبهذا يجتمع لك المعنى من أطرافه بإذن الله.
ثم ذكر المؤلف أمثلة لهذا النوع،كيف أننا نستطيع من خلال كلمة أن نفهم أشياء جدا في غاية الأهمية. المثال الأول: قوله تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) فكلمة (انْتَبَذَتْ) لو نظرت إليها مُجردة يعني صارت اعتزلت أو ابتعدت لكن اختيار كلمة (انْتَبَذَتْ) له دلالة،الانتباذ يعني الطرح تقول نبذت الشيء يعني طرحته وألقيته كأنك كاره له أو مُفارق له،فمريم -عليها الصلاة والسلام- انتبذت من أهلها يعني ابتعدت منهم وفارقتهم كراهية لما هم عليه أو لشدة الأمر الذي كان عليها -الله أعلم- المهم أن هذا الابتعاد لم يكن ابتعادا طبيعيا بل ابتعاد فيه معنى النبذ والطرح والإلقاء والكراهية لمن انتبذت منهم.هذه أخذناها حين تأملنا كلمة انتبذت.
 في نفس سورة مريم  قال الله -عز وجل- ذكر ذلك المؤلف في المثال الرابع (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ما معنى (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)؟ اسمعوا: يقول: لننظر أولا في تفسير السلف فعن ابن عباس قال: (تَؤُزُّهُمْ) أي تُغريهم إغراء،تغريهم أي تحثهم وتشجعهم وتحمسهم،وعن قتادة: تزعجهم إزعاجا في معصية الله.
عندما نرجع إلى كتب اللغة كالصحاح يقول في مادة أزز: الأزيز صوت الرعد،وصوت غليان القدر، والأزّ التهييج والإغراء، والأزّ الاختلاط ، وقد أززت الشيء أأزه أزّا إذا ضممت بعضه إلى بعض. إذاً اجتمع لنا الإغراء،الإزعاج،التهييج،الاختلاط،الضمّ، كيف نؤلف المعنى من هذا الكلام الذي ذكره أهل اللغة وأهل التفسير؟ قال: فنجد أن الأزّ يطلق على أمور: منها الصوت الشديد المضطرب،التهييج والإغراء،الاختلاط، قال: فالشياطين تختلط بالكافرين والفاسقين وتتمكن منهم. تجري منهم مجرى الدم من العروق وتتمكن من قلوبهم فلا يفكرون إلا بما تُمليه الشياطين،ولا يشتهون إلا ما تريده منهم الشياطين مهما تكلم الإنسان إن كتب مقالة كتب ما يُرضي الشياطين،وإن خرج في قناة إعلامية تكلم بما يُرضي الشياطين،وإن أمر أمر بما يُرضي الشياطين،وإن نهى نهى بما يُرضي الشياطين وإن أصدر قرارا أصدر قرارا يُرضي الشياطين،فموضوع المرأة كله يُختزل في قضية تبرجها واختلاطها بالرجال وجلوسها معهم وسفورها أما إنصاف المرأة في عملها، في بيتها، رحمتها،اللطف بها،العناية بها،إعطاؤها حقوقها التي ظُلمت فيها مثلا في مجتمع أو غيرها هذا لا يعنيه في قليل ولا كثير،أرأيتم؟!. طيب ، تختلط بهم.
الثاني: توسوس لهم وسوسة شديدة مزعجة فتملأ قلوبهم بشُبهاتهم وشهواتهم ويكون هذا الصوت المزعج سببا في منعهم من سماع ما يُعارضها . فهو لا يسمع ولا يرى إلا ما تُمليه الشياطين وتدله عليه .
الثالث: تهيجهم وتدفعهم دفعا شديدا إلى المعاصي. فهو يشتغل الليل والنهار وإذا كنت أنت يا صاحب الحق تشتغل في اليوم ثمان ساعات هو يشتغل ستة عشر ساعة من أجل باطله الذي يسعى له وهو لا ينتفع منه ولا يستفيد منه -والعياذ بالله- ولكن هكذا الشياطين استولت عليه كما قال الله -عز وجل-  (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) وبمناسبة قراءة هذه الآية يُذكر أن الباقلاني كان شديدا على جماعة من الطوائف الضالة فكانوا يخافون منه لقوته في المناظرة وسعة علمه،فذات يوم كان هؤلاء جالسين فمرّ بهم الباقلاني -رحمه الله- فقال رئيسهم: قد جاءكم هذا الشيطان -يعني يخافون منه- فقال الباقلاني -على البديهة-  (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) فقذف الله -عز وجل- أو ردّ الله كلمته بكلمة قوية من هذا الإمام العظيم .
وبهذا نكون انتهينا من المرحلة الثانية.     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق