الاثنين، 11 نوفمبر 2013

من هدايات سورة النازعات / قوله تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى..)

د.محمد بن عبد العزيز الخضيري

سورة النازعات مليئة بالهدايات ولكننا نتوقف عند مقطع من مقاطعها لنستنبط منه ما نتذكر به ونهتدي وهو قول الله -عز وجل- (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى*إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى*اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى*فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى)
في هذا المقطع يُعلِّم ربنا -سبحانه وتعالى- نبيه وكليمه موسى الطريقة التي يدعو بها هذا الطاغية الجبار ، المتكبر الذي يدعي الألوهية ويقول لقومه (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) ويقول ( أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) تعالى الله عما يقول علوا كبيرا ، فربنا سبحانه وتعالى يُعلم موسى كيف يقوم بالدعوة ، وهذا يدلنا على أن الدعوة تحتاج إلى تعلم ، وعلى أن الداعية يقبس طريقة الدعوة ممن سبقوه في هذا الميدان ممن أُوتوا حِكمة وحِلما وعِلما يقول الله له (فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى) بأسلوب العرض والتحضيض والتشويق : هل لك إلى شيء تُزكي به نفسك وهذه التزكية تتضمن أن تتطهّر نفسه من أخلاقها الوبيلة ومن موبقاتها وسيئاتها ، وأن ترتفع على شهواتها وأهوائها . (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) أدلك على الله فيمتلئ قلبك بخشيته والخوف منه لأن خشية الله والخوف منه هما أعظم داعٍ للإنسان للاستقامة على الصراط وللمانعة وعدم الاستجابة لنداء الظلم والجهل اللذين رُكبا في نفس الإنسان تركيبا كما قال -سبحانه وتعالى- (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) .
قال الله -عز وجل- (فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى) موسى -عليه الصلاة والسلام- عندما ذهب لم يذهب خِلوا من الأدلة التي تؤكد أنه مُكلف من قِبل الله ومُكلّم ومُرسل برسالة ، فلم يقل له أنا نبي ويسكت بل جاء بالآيات العظيمة الدالّة على نبوّته وعلى وجوب التصديق به وقبول قوله. (فَأَرَاهُ الآيَةَ الْكُبْرَى*فَكَذَّبَ وَعَصَى*ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى) فرعون جمع هذه الأشياء الثلاثة : أولا بدأ بالتكذيب ، فكذب موسى في دعواه النبوة وفي أنه مُرسل من عند الله ، ثم عصاه فلم يتبع شيئا من أمره ، ثم زاد على ذلك طُغيانا أنه أدبر يسعى لأن يكبح دعوة موسى -عليه الصلاة والسلام- ويدفعها ولا يُبقي له على الأرض باقية (فَحَشَرَ فَنَادَى*فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) انظروا عندما ادعى هذه الدعوى اللئيمة ، الدعوى العظيمة الخطيرة ، مباشرة جاء الجواب (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى) .
أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكفينا شر أمثال هذا الطاغية العنيد وأن يجعلنا من الهداة المهتدين وإلى اللقاء.
-----------------------
من برنامج هدايات قرآنية         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق