الحمد لله الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين وإله الآخرين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله بلّغ عن الله رسالاته ، ونصح له في برياته فجزاه الله بأفضل ما جزى به نبيا عن أمته ، صلى الله وملائكته والصالحون من خلقه عليه كما وحّد الله وعرّف به ودعا إليه ، اللهم وعلى آله و أصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
أيها المباركون نستأنف دروسنا في هذا المسجد المبارك جامع محمد القاضي بمدينة الرياض ، ونستعينه -تبارك اسمه وجل ثناؤه- فيما جرت العادة في طريقة تعليمنا لهذا العام أن نأخذ مفردتين من القرآن غالبا ما يكونا أضدادا ، ثم نبين ما يتعلق بهما في كلام الله ، وعنوان لقاء اليوم الزيادة والنقصان ، وقد ورد هذان اللفظان كثيرا في القرآن ، سنُعرّج عليه إجمالا ثم تفصيلا كما هو غالب أحوالنا في دروسنا ، نسأل الله لنا ولكم التوفيق و القبول .
فنقول أن الزيادة في الأصل أن يُضَمُّ إلى الشيء شيءٌ آخر من نفسه ، وعلى هذا فالزيادة قد تكون مذمومة وقد تكون محمودة ، فمن الزيادة المذمومة مثلا : الزيادة في عضوٍ من أعضاء الإنسان . سُنن الله في الخلق أن لا يكون ذلك كما يُرى في الطول المفرط جدا ، ونقف عند هذا حتى لا تقسو القلوب ، ونعود إلى الزيادة المحمودة وهي تكون أحيانا في أمور الدين ، وتكون أحيانا في أمور الدنيا ، وهي التي جاءت كَثُرَت في القرآن ، وإن كان جاء الزيادة في العذاب كما سيأتي .
/ الله -تبارك وتعالى- يقول -مثلا- عن إخوة يوسف (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) فهم لديهم كيل ، لكل فرد منهم كيل لكنهم يريدوا أن يقنعوا أباهم أنك لو قبلت يا أبانا أن يذهب معنا بنيامين فأصبحنا نزداد كيلا آخر لأن ذلكم الملك -وهم لا يعلمون أنه يوسف- سيؤتينا زيادة على ما نحن فيه (وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) أي لا يشُق على الملك أن يصنعه ويؤتينا إياه . لكن الزيادة في أحوال أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- وهذه جاءت في القرآن كثيرا أنه كلما عَظُمَ الخطب وجلّ الكرب أنزل الله -جل وعلا- على أولئك الأخيار المتقين الأطهار من أصحاب الرسول المختار -صلى الله عليه وسلم- ما يزيدهم توفيقا ، سكينةً ، إيمانا في مواضع عدة، فبعد المنقلب من أحد وما كان فيها قال الله -جل وعلا -عنهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ماذا قال ربنا ؟ قال (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ*فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) فالزيادة هنا من الله لهم رحمة وفضل وإجلال ، جعلهم -رضوان الله تعالى- عليهم صابرين ثابتين رغم الجروح والأسى وما كان من كثرة القتلى فيهم رضوان الله تعالى عليهم أجمعين .
وكذلك الأمر تكرر بعدها في غزوة الأحزاب ، فإن قريشا جمعت أكثر العرب وأتوا للمدينة من كل شق وأصبح الأمر مخيفا ، وقال المنافقون (إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ) وقالوا (مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا) لكن الزيادة هنا جاءت زيادة محمودة لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال ربنا (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) والمؤمن كلما عَظُمَ الكرب، جلّ الخطب يزداد يقينه ، تعلّقه برب العالمين -جل جلاله- فيكرمه الله بالسكينة كما وقع بعد ذلك في أيام الحديبية وكان المؤمنون قد تكدر شيء في قلوبهم أي أصابهم غم حتى كاد يقتل بعضهم بعضا لما علموا أن الإحرام الذي جاءوا به من المدينة لابد أن يُحِلّوه إذ رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ينحر هديه ويحلق رأسه وينزع إحرامه كاد يقتل بعضهم بعضا من الغم، قال ربنا -جل وعلا- (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ) فبيّن -تبارك وتعالى- إنزاله السكينة قال بعد ذلك بعد انزاله السكينة وهذا هو الشاهد قال (لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا) كل ذلك من رحمة الله بأولئك الأخيار أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و هذا باب واسع في القرآن ، من هنا ، من هذا يُفهم أن الإنسان إذا أراد أن يزداد من شيء -وهذا من حقه في الخيرات- فإن أعظم ما يمكن أن يزداد منه الإنسان تقوى الله تبارك وتعالى ، وقد قيل أن تقوى الله أُنس السرائر وحياة الضمائر وأقوى الذخائر ، وقد قيل أن تقوى الله أزين ما أظهره العبد وأعظم ما ادخره بنو آدم لأن الله -تبارك وتعالى- قال وقوله الحق (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) وقال -وقوله الحق- (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ) إذا عرّجنا على اللغويات هنا ، فإن هناك زاد ، وهناك تزوّد ، وهناك مزاد ، وهناك مِزوَد ، وهناك مزادة ، وهذه أربعة .
فما الزاد ؟ الزاد هو الشيء المدّخر الذي لا تحتاجه في حينه وإنما تدخره ليوم سيأتي ، ولذلك التقوى أعظم الزاد لأنها تُدّخر إلى يوم لقاء الله .
أما التزوّد: فهو أخذ الزاد سواءً كان حسا ، كان معنىً ، كان من أمور الدين ، كان من أمور الدنيا ، كل ذلك الفعل الذي يباشر ذلكم العمل يقال لصاحبه : تزوّد ومنه قول الله تبارك و تعالى (وَتَزَوَّدُواْ) .
أما المِزوَد : ما يوضع فيه الزاد من الطعام ، فإذا قلنا الطعام خرج الشراب .
فالمزادة ما هي قطعا ؟ ما يوضع فيها الزاد من الشراب ، ما يوضع فيها الزاد من الماء تُسمى مزادة ، و ما يُوضع فيها الزاد من الطعام تسمى مِزوَد . هذا كله تفصيل لغوي بعد التفصيل الإيماني السابق .
/ الآن نأتي لآيات نشرحها تفصيلا ذكر الله -جل وعلا- فيها لفظ الزيادة .
الله -تبارك اسمه وجل ثناؤه- ذكر وعده للمتقين وأخبر الله -تبارك وتعالى- عظيم عطاياه و جليل فضله عليهم (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ) (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأَبْوَابُ) ذكر الله فضلهم وما سيؤتيهم ثم قال وهو أصدق القائلين (هَذَا) و"هذا" أسلوب عربي في الانتقال في الكلام (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) هنا بعد أن ذكر مآل المؤمنين ذكر مآل الطاغين فقال جل ذكره (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) يبقى السؤال -وهذا من تفسير القرآن بالقرآن- لو سُئلت ما شر المآب؟ الآية التي بعدها ، ربنا يقول (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ) (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ) وهذا إخبار لما أعده الله لأهل الكفر وأوله جهنم -أعاذنا الله وإياكم منها- (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ*هَذَا) و"هذا" تواصل كلام تتابع قول (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ) ما الذي يذوقوه ؟ (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) و العطف يقتضي المغايرة يعني أصلا أن المعطوف غير المعطوف عليه ، فالحميم الماء الحار ، أما الغسّاق -عياذا بالله- صديد أهل النار ، قال ربنا (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) ثم قال (وَآخَرُ) "آخر" أي: شيء غير الحميم وغير الغسّاق ، قال (وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) قوله -جل وعلا- (مِن شَكْلِهِ) أي هو يتفق في أنه نوع من العذاب ، لكنه عذاب في الذات مختلف عن الأول، يعني قوله -جل وعلا- (مِن شَكْلِهِ) يعني عذاب مثله ، مثل الذي سبق مثل الحميم مثل الغسّاق لكنه في نوعه يختلف (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ*وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) أي أنواع مختلفة من العذاب -أعاذنا الله وإياكم- (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ*وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ) إلى الآن لم يأتِ لفظ الزيادة هذا كله توطئة ، تمهيد .
قال أصدق القائلين (وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ *هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ) العرب في سننها إذا أقبل عليها من تحب قالت : مرحبا ، والنبي -صلى الله عليه و سلم- لما صُعِد به إلى الملأ الأعلى كان الأنبياء عليهم السلام الذين التقوا به كل نبي يقول : مرحبا ، وأهل اللغة يقولون أن أول من قال ذلك سيف بن ذي يزن والعلم عند الله .
فهنا الله -جل وعلا- يقول (هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ) أي دخلت طائفة وجاءت طائفة أخرى معها لكنها جاءت بعدها معها أي في المكان لكن بعدها في الدخول والله يقول (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ) أي أن أهل النار يدخلونها أفواجا . فقال ربنا هنا (هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ) عقلا ما يقال مقتحم إلا لمن يلقي نفسه ، فأنت تعاتب أخاك ، تعاتب ابنك ، تعاتب رجلا يعز عليك تقول له لمَ تقتحم هذه الامور كأنه هو الذي أدخل نفسه فيها ، فهم يجدون من وراء ظهورهم من قمع الملائكة ما لا يُطيقون له صبرا فيدفعهم هذا إلى أن يفروا من قمع الملائكة إلى أن يُلقوا بأنفسهم في النار ، ولهذا قال الله -جل وعلا- عنهم (هَذَا فَوْجٌ) هؤلاء المتحدثون أصلا أهل النار -في الغالب- قد يكون الملائكة (هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ) فيقولون (لا مَرْحَبًا بِهِمْ) ، وقد يكون كما قال بعض أهل العلم هذا من كلام الملائكة (إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ) يعني يصفون الحال فيردوا من كان قبلهم لأن الذين يدخلون في الأول الرؤساء فيقول الأتباع الذين بعد الرؤساء (قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا) أنتم أغويتمونا ، أنتم أغررتم بنا ، أنتم ترأستمونا ، أنتم قدتونا إلى هذا المصير (أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ) ثم يقول الله عنهم أنهم يقولون ( قالوا ربنا من قدّم لنا هذا ) و هذا يدل على أن القائل هم الأتباع (قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا) هذا ليس استفهاما ، هذا مبتدأ يحتاج إلى خبر (فَزِدْهُ) وهذا لفظ الشاهد (فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) أي أن الأتباع يقولون ، يناجون ربهم ، ينادون ربهم ، هم هالكون هالكون ، لكن فيهم حنَق، فيهم غيظ على من كان سببا فيهم -وكل ذلك يجري بقدر الله- (قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) .
هنا نأتي لقول الله -تبارك اسمه وجل ثناؤه- (فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) هنا في سورة ص خُتمت الآيات وانتهى الحديث وجاء بعدها قول الله -جل وعلا- (وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ ) الخ الآيات ، لكن قلنا مرارا أن القرآن يفسر بعضه بعضا ولابد لمن أراد أن يفسر بعض آيه أن ينظر إلى غيرها من الآيات في مواطن أُخر فقال الله -عز وجل- في سورة الأعراف ، ذكر -تبارك وتعالى- هذا في سورة الأعراف وكيف يدخلون وأنه -جل وعلا- قالوا يخاطبون ربهم (فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) جاء الجواب في الأعراف قال (قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ) أصبح أن الأتباع يناشدون الله وهم في النار أن يجعل للرؤساء ضعف فيُجيبهم الملائكة الموكولون بهم أن لكلٍ ضعف ، ما معنى لكل ضعف لمن و من ؟ للرؤساء و الأتباع ، أصبح لابد أن يذهب الإنسان كمفسر كمتدبر أن يفقه لمَ هؤلاء و لمَ هؤلاء ، ما الشيء الذي يشتركان فيه ؟ الكفر . يشتركان في الكفر فالاتباع يعذبون لأنهم كفار ، و الرؤساء يُعذبون لأنهم كفار ، بقينا في الضعف لماذا قال الله (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) فيُعذب الرؤساء زيادة -وأنا أشرح كلمة زيادة- زيادة على الكفر لأنهم دعوا الناس إلى الكفر ، فباعتبار أنهم كانوا رؤساء في الناس أئمة يدعون الناس إلى الكفر عُذِّبوا هذا العذاب ، و أما الأتباع فإنهم يُعذَّبون العذاب الأول مثل من كان قبلهم في الكفر ، فيبقى الضعف ، فالضعف ينالونه لأنهم تركوا أئمة الحق والهدى واتبعوا أئمة الكفر ، فهؤلاء الأولون للإغواء والإغراء والآخرون للإتباع والإنحناء .. ظاهر هذا .
إذا أُدرك هذا (فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ) ينبغي للمؤمن العاقل وهو يتدبر القرآن أن ينظر ، ولابد للإنسان أن يعلم أن كل أحد مهما عظُم فضله وعلا قدره وظهر عليه من النور ما ظهر يبقى عبدا غير معصوم يُصيب ويُخطئ ، والذي عصمه الله من هذا كله نبينا -صلى الله عليه وسلم- وقد كان مالك -رحمه الله- يقول في الخبر المشهور عنه عندكم وعند غيركم "ما منا -يتحدث عن العلماء- إلا وراد ومردود عليه يؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر" ويُشير إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- والله يقول (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) مع ذلك فقد كتب الله لبعض أهل العلم من السابقين واللاحقين قبولا عند خلقه والله أعلم بذلك ، يفتن هؤلاء بهؤلاء ، وهؤلاء بهؤلاء ، لكن المهم أن تكون ممن يتبع من غلب على ظنك أنه على الحق وأنه على هدي الكتاب والسنة ويكون لك ذلك أعظم أجرا وأنفع حالا ومألا عند ربك تبارك اسمه وجل ثناؤه.
/ من الآيات التي وردت فيها ذكر الزيادة قول الله جل ذكره :
(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) "اللام" حرف جر و "الذين" اسم موصول مبني على الفتح في محل جر ، (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ) "أحسنوا" فعل وفاعل وصلة الموصول لا محل له من الإعراب ، والكلمة بعمومها تعني أن هناك قوما محسنين أعد الله لهم الحسنى ، فما الحسنى في قوله -جل ذكره- (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى ) ؟ الجنة .
بقي أين موضع الإشكال موضع البحث ؟ (وَزِيَادَةٌ)
- فبعض أهل العلم يقول : إن الزيادة هنا: ما لا يخطر على بال أحد ممَ كتبه الله -جل وعلا- لأهل طاعته .
- وآخرون قالوا مزيد من الإفضال والإنعام لا تُدركه أفهام أهل الأرض حتى يُخبَرون به وأجلّ ذلك رضوان الله ، في القرآن (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) .
- وقال آخرون : وهذا عليه كثير من المفسرين إن المراد بالزيادة هنا رؤية وجه الله العلي الأعلى ، وقد قلنا مرارا وسنقول ما بقينا : أن الدنيا لا تطيب إلا بذكر الله ، والآخرة لا تطيب إلا بعفو الله ، والجنة لا تطيب إلا برؤية وجه الله .
بلّغنا الله وإياكم تلك المنازل العالية ، ورزقنا الله وإياكم من الخير أكمله وجعلنا ممن يستمع القول فيتبع أحسنه ، في اللقاء القادم نبيّن مفردة النقص بعد أن بيّنا مفردة الزيادة والعلم عند الله ، وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين.
_______________________________
شكر الله لكِ أخيتي (**) على قيامك بتفريغ الحلقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق