الثلاثاء، 12 مارس 2013

تأملات في الآيات (18- 20) من سورة آل عمران


قال تعالى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (20)}.

/ (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) موضوع الآية : إثبات وحدانية اللّه بالأدلة التكوينية التي أبانها اللّه في الآفاق والأنفس وإنزال آيات التشريع، وأخبر الملائكةُ والعلماء بذلك وبينوه .
 قال القرطبي: "في هذه الآية دليل على فضل العلم وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء. وقال في شرف العلم لنبيه صلى الله عليه وسلم: "وقل رب زدني علما" [طه: 114]. فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله المزيد منه كما أمر أن يستزيده من العلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء). وقال: (العلماء أمناء الله على خلقه). وهذا شرف للعلماء عظيم، ومحل لهم في الدين خطير. "
 قال الأعمش : وأنا أشهد بما شهد اللّه به، وأستودع اللّه هذه الشهادة، وهي لي عند اللّه وديعة .
 (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) 
 أعلنت الآية: أن الدين المرضي عند اللّه هو الإسلام فقط ، والإسلام هو الإيمان باللّه وإطاعة أوامره، وهو شيء واحد متفق عليه بين جميع الأنبياء. وأما الخلاف في الدين أي الملة فحاصل من قبل الأتباع والأنصار، حسدا وظلما. ويكون القصد من الآية نبذ الفرقة والخلاف في الدين، والابتعاد عن التفرق فيه إلى شيع ومذاهب لأن اختلاف أهل الكتاب في نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم كان على علم منهم بالحقائق، وأنه كان بغيا وطلبا للدنيا، فقد أبانت كتبهم صفته ونبوته، وأوضحت أن اللّه إله واحد، وأن جميع الخلائق عبيده، لذا وجب على أهل الإيمان الصادق نبذ الاختلاف والشقاق، والعودة إلى الوحدة والاتفاق بين أتباع الدين، بالاعتقاد بوحدانية اللّه، والتصديق برسالة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
وهذه الآية وأمثالها من أصرح الدلالات على عموم بعثته صلوات اللّه وسلامه عليه إلى جميع البشر، كما دل عليه القرآن والسنة في غير ما آية وحديث، منها قوله تعالى: {قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} [الأعراف 7/ 158] .

/ (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ)
 كيف نتعامل مع من يجادل من اهل الكتاب؟
 حسم اللّه تعالى مجادلة أهل الكتاب وغيرهم في التوحيد، فقال: فإن جادلك أهل الكتاب أو غيرهم في التوحيد فقل : أخلصت عبادتي للّه وحده لا شريك له، ولا ندّ له، ولا ولد له، ولا صاحبة له، وهذا مبدئي ومبدأ من اتبعني على ديني من المؤمنين، كما قال تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف 12/ 108] فلا فائدة في الجدل مع أمثال هؤلاء، بعد أن قامت الأدلة على وجود اللّه ووحدانيته، وبطلت شبهات الضالين.
ثم قال تعالى آمرا عبده ورسوله محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم أن يدعو إلى طريقته ودينه والدخول في شرعه وما بعثه اللّه به أهل الكتاب ومشركي العرب فيقول لهم : أسلموا، فإن أسلموا فقد اهتدوا إلى الصراط المستقيم، وتركوا الضلال، وإن أعرضوا عن الاعتراف بما سألتهم عنه، فلن يضيرك شيء، إذ ما عليك إلا البلاغ فقط، واللّه خبير بعابده ،عليم بحالهم وبمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلالة، فيحاسبهم ويجازيهم. 
/ خلاصة الآيات :
- فضل العلم وأهله .
- العلم طريق للجنة .
- عندما نقرأ قول الله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) نقول : وأنا أشهد بما شهد اللّه به، وأستودع اللّه هذه الشهادة، وهي لي عند اللّه وديعة.
- نبذ الفرقة والاختلاف في الدين .
- ماذا نقول عندما يجادلنا أهل الكتاب.
- أمرنا بالدعوة الى ديننا فان أسلموا اهتدوا وإن أعرضوا فما علينا إلا البلاغ والله خبير بعباده .
----------------
يتدارسونه بينهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق