الأحد، 12 يونيو 2011

تفسير سورة العاديات / د. محمد بن عبد العزيز الخضيري




الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين :
تحدثنا في الحلقة الماضية تحدثنا عن سورة الزلزلة وبيّنا كيف أن هذه السورة ذكرت لنا شيئا من مشاهد القيامة وذكرت لنا الجزاء والحساب وخوفت المؤمن من ذلك الهول الذي سيُقبل عليه حتى يُصلح أعماله في الدنيا ويستقيم على منهاج الله ويسير على ما أراده الله منه .
اليوم ننتقل إلى سورة العاديات ، هذه السورة التي تُبيّن أن الإنسان كفور وأنه جحود لنِعم الله وأن من أعظم كفره أنه يُحب الدنيا حبا شديدا ولذلك قال العلماء : " حب الدنيا رأس كا خطيئة " يعني أنك إذا جعلت الدنيا في سويداء قلبك جرتك إلى المصائب ودلتك على البلايا ، تأملوا هذا أيها الأحبة في هذه السورة . في السورة الأولى من يعمل مثقال ذرة ، قد تتوهم أخي المسلم أن العمل ما يكون بالجوارح ولكن هذه السورة ستُبيّن لنا جانبا من جوانب العمل مهم جدا وهو عمل القلب .أتدرون ماذا قال الله - عز وجل - فيها (أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ *وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) فالذي في قلبك من حب أو بغض ، من نفاق وحسد ، من يقين وإخلاص ، من رياء وشرك ، ستراه يوم القيامة (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ) .
/ الفوائد :
- الضبح هو صوت أجواف الخيل إذا عدت .
- الإشارة إلى بركة الصبح وأثره على حياة المسلم .
- جواب القسم (إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ) .
- الحكمة في الإقسام بالخيل على أن الإنسان يجحد نعمة الله هي : أن الخيل تشكر صاحبها وتؤدي المهمة التي يريد صاحبها منها أن تقوم بها ، بل وتخوض غمار الحرب معه وتعرض نفسها للمهالك من أجل صاحبها الذي يقودها ويُحسن إليها فهذه الخيل تشكر سيدها وراعيها ونحن لا نشكر الله عز وجل ولا نؤدي حقه بل نكفر نعمته علينا .
- يرد الخير في القرآن على معانٍ كثيرة منها المال .
- غالب كنود الإنسان وكفوره من وجود المال بين يديه .
- إن أكثر الناس يكفرون فإيانا أن نتابعهم ، وأن أكثر الناس يجحدون فإيانا أن ننساق وراءهم .
- الإسلام لا ينهى عن طلب المال بل يحث عليه ويأمر به لكن يجب أن يكون المال في يد المرء لا في قلبه .
- الله - عز وجل - خبير بكل شيء ، والخبرة هي الدقة في العلم ولذلك يقول العلماء فلان خبير أي دقيق في معلوماته قد خبر الشيء وعرفه عن كثب وعرف باطنه ولذلك ناسب أن يقول (إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ) أي في ذلك اليوم الذي لايعلم أحد من العباد عنه شيئا الله يعلم كل شيء عنهم ، لا تخفى عليه من أعمالهم خافية ولا يغيب عن علمه من أحوالهم شيء .
- إياك أن يكون الخيل أكثر شكرا وأحسن أخلاقا منك في تعاملك مع ربك . فهذه الخيل تشكر أصحابها وتؤدي عملها بنشاط وهمة وقوة ، وأنت يرزقك الله ويعطيك ويكرمك ويخلقك في أحسن تقويم ومع ذلك تنسى ذلك وتجحد نعمة الله عليك .


* من أهم الفوائد في هذه السورة لتربية النفس الإنسانية على قوة الإيمان والثبات هو : - المسارعة والمسابقة لكسب الوقت ( تنظيم الوقت ) .
 - الحذر الدائم والترقب للأخطار الخارجية والداخلية .
- الاستعداد بالعلم للقدرة على بذل الطاقة واللحاق بالسبق .
- مراقبة النفس وتعديل سلوكها السلبي .
- عدم الأمن الدائم ونسيان مكر الله .
- التدبر في نعم الله وشكره عليها .
- الهمة العالية وعدم التكاسل والتغافل .
- عدم الركون للدنيا والاعتماد عليها .
- البذل والكرم في العطاء في سبيل الله .
-------------------
* ملتقى أهل التفسير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق