عند قوله - جل وعلا - ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ )الآية التي قبلها ( كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) فلما أمر الله - جل وعلا - بأكل الطيبات بيّن ماهي المحرمات ، وكلمة " حرّم " تأتي في القرآن على ضربين : تحريم منع وتحريم شرع
- تحريم المنع : مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) أي منع الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء . وفي القرآن ( وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ ) أي منعنا المراضع أن يصل ثديهن إلى موسى . - هذا تحريم منع لا علاقة لنا به -
- تحريم شرع : وهو ما تتحدث عنه الآية هنا ، أي أنه أحد أنواع التكليف الخمسة : الحرام والواجب والمباح والمكروه والمندوب .
/ قال ربنا ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ )
يذكر الله - جل وعلا - هنا المحرمات من المطعومات ، والمطعومات على ضربين : إما جمادات وإما حيوانات
فالمطعوم الجماد الذي هو قابل لأن يؤكل إنما يُحرم إذا كان في أحد أحوال خمسة :- أن يكون نجسا في ذاته مثل الدم فهذا محرم .
- أن يكون طاهرا لكنه تلبست به نجاسة مثل : سمن ولغت فيه فأرة ، فما ولغت فيه الفأرة أصبح متلبسا بالنجاسة فلا يُطعم .
- أن يكون ضارا ، فقد لا يكون نجسا مثل السموم لكنها ضارة فتُحرم لأنها ضارة .
- أن يكون مُسكرا سواء كان مائعا أو جامدا فما أسكر قليله فكثيره حرام .
- ما تعلق به حق الغير كالمغصوب أو المسروق ، فالطعام المسروق أو المغصوب لا يجوز أكله . هذا كله في الجمادات .
لكن الآية هنا صدرها يتكلم عن الحيوانات :
فالمطعوم الجماد الذي هو قابل لأن يؤكل إنما يُحرم إذا كان في أحد أحوال خمسة :- أن يكون نجسا في ذاته مثل الدم فهذا محرم .
- أن يكون طاهرا لكنه تلبست به نجاسة مثل : سمن ولغت فيه فأرة ، فما ولغت فيه الفأرة أصبح متلبسا بالنجاسة فلا يُطعم .
- أن يكون ضارا ، فقد لا يكون نجسا مثل السموم لكنها ضارة فتُحرم لأنها ضارة .
- أن يكون مُسكرا سواء كان مائعا أو جامدا فما أسكر قليله فكثيره حرام .
- ما تعلق به حق الغير كالمغصوب أو المسروق ، فالطعام المسروق أو المغصوب لا يجوز أكله . هذا كله في الجمادات .
لكن الآية هنا صدرها يتكلم عن الحيوانات :
/ ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) ما مات حتف أنفه يُسمى ميتة من غير ذكاة شرعية حتى لو كان من بهيمة الأنعام وهي أعظم المباحات من الحيوانات
(وَالدَّمَ ) لكن الدم جاءت هنا مطلقة ، وقٌيدت في سورة أخرى ، قال ربنا ( أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا ) فلا يُحرم من الدم إلا ما كان مسفوحا (1)
( وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) والخنزير حيوان معروف تعلق بعقيدة النصارى كثيرا ، وفي الخبر الصحيح أن عيسى ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير .
/ لكن الذي أشكل علميا في هذه الآية هو : أن الله قال ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ )
جمهور أهل العلم على أنه محرم شحمه ولحمه . قال بعض الظاهرية : إن الله نصّ على اللحم فمفهومه أن الشحم مباح .
والحق أن شحمه ولحمه حرام .
/ والجواب عن هذا بجوابين :
- قاله بعض العلماء ، ذكره ابن العربي في الأحكام وهو : أن العرب إذا أطلقت اللحم تريد اللحم والشحم ، وإذا أطلقت الشحم لا تريد إلا الشحم .لكن هذا القول - على جلالة من قال به - لم يقولوا بأثر أو نص يدل عليه ، أي لم يأتوا ببيت شعر في كلام العرب ثابت النقل يدل على صحة هذا القول .
/ وأما الجواب الصواب عن المسألة فأن يُقال :إن الآية لما قال الله فيها ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) يعني لو بهيمة الأنعام ماتت حتف أنفها حرمه الله لهذا قال ( وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) والمعنى أن الخنزير لا يشترط أن يكون ميتة حتى لو ذُكي ذكاة شرعية فإنه حرام لأنه معروف عقلا أن الإنسان إذا نحر في الأصل إنما تُراق الدماء من أجل اللحم . فالله - جل وعلا - لما ذكر البهيمة حال كونها ميتة قال (وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ) أي أنك حتى لو أصبت لحم الخنزير من ذكاة شرعية فإنه لا يحل لأنه خنزير .
/ ( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ )
الإهلال رفع الصوت بالدعاء ، هذا أصله ، ثم أصبح يُطلق لِما يُرفع به الصوت ، وهذا عارض يمنع أكل بهيمة الأنعام أو غيرها . فلو أن إنسانا أتى بكبش - وهو من أطيب المباحات - وأتى به إلى مكة وهي أفضل بقاع الأرض لكنه عندما ذبحه - رغم الاتفاق على أن الكبش طيب والمكان مُحرم - لكنه أهلّ به لغير الله فلا يجوز أكل تلك الذبيحة .
/ ثم استثنى رب العالمين قال : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ) يُقال : يا باغي الخير أقبل ، ما معنى باغي ؟ طالب ، ومعنى عادي : تجاوز ، معنى الآية من حيث الإجمال - بُعدا عن تشعب آراء العلماء - :
أن الإنسان إذا اضطر يجوز له أن يأكل إذا اتصف بحالين : لا يبغي بأكله الفساد وإنما يبغي بأكله رفع الضُر والضرورة عن نفسه ، ثم إذا أكل لا يأكل إلا بمقدار ما يرفع الجوع عن نفسه والهلكة فلا يتعدى ويأكل أكل مستطعم مستطيب لما يأكل .
هذا ما تيسر إيراده ، وتهيأ إعداده وأعان الله على قوله حول الجزء الثاني من كلام الله . وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .
(وَالدَّمَ ) لكن الدم جاءت هنا مطلقة ، وقٌيدت في سورة أخرى ، قال ربنا ( أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا ) فلا يُحرم من الدم إلا ما كان مسفوحا (1)
( وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) والخنزير حيوان معروف تعلق بعقيدة النصارى كثيرا ، وفي الخبر الصحيح أن عيسى ينزل يكسر الصليب ويقتل الخنزير .
/ لكن الذي أشكل علميا في هذه الآية هو : أن الله قال ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ )
جمهور أهل العلم على أنه محرم شحمه ولحمه . قال بعض الظاهرية : إن الله نصّ على اللحم فمفهومه أن الشحم مباح .
والحق أن شحمه ولحمه حرام .
/ والجواب عن هذا بجوابين :
- قاله بعض العلماء ، ذكره ابن العربي في الأحكام وهو : أن العرب إذا أطلقت اللحم تريد اللحم والشحم ، وإذا أطلقت الشحم لا تريد إلا الشحم .لكن هذا القول - على جلالة من قال به - لم يقولوا بأثر أو نص يدل عليه ، أي لم يأتوا ببيت شعر في كلام العرب ثابت النقل يدل على صحة هذا القول .
/ وأما الجواب الصواب عن المسألة فأن يُقال :إن الآية لما قال الله فيها ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) يعني لو بهيمة الأنعام ماتت حتف أنفها حرمه الله لهذا قال ( وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ) والمعنى أن الخنزير لا يشترط أن يكون ميتة حتى لو ذُكي ذكاة شرعية فإنه حرام لأنه معروف عقلا أن الإنسان إذا نحر في الأصل إنما تُراق الدماء من أجل اللحم . فالله - جل وعلا - لما ذكر البهيمة حال كونها ميتة قال (وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ) أي أنك حتى لو أصبت لحم الخنزير من ذكاة شرعية فإنه لا يحل لأنه خنزير .
/ ( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ )
الإهلال رفع الصوت بالدعاء ، هذا أصله ، ثم أصبح يُطلق لِما يُرفع به الصوت ، وهذا عارض يمنع أكل بهيمة الأنعام أو غيرها . فلو أن إنسانا أتى بكبش - وهو من أطيب المباحات - وأتى به إلى مكة وهي أفضل بقاع الأرض لكنه عندما ذبحه - رغم الاتفاق على أن الكبش طيب والمكان مُحرم - لكنه أهلّ به لغير الله فلا يجوز أكل تلك الذبيحة .
/ ثم استثنى رب العالمين قال : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ ) يُقال : يا باغي الخير أقبل ، ما معنى باغي ؟ طالب ، ومعنى عادي : تجاوز ، معنى الآية من حيث الإجمال - بُعدا عن تشعب آراء العلماء - :
أن الإنسان إذا اضطر يجوز له أن يأكل إذا اتصف بحالين : لا يبغي بأكله الفساد وإنما يبغي بأكله رفع الضُر والضرورة عن نفسه ، ثم إذا أكل لا يأكل إلا بمقدار ما يرفع الجوع عن نفسه والهلكة فلا يتعدى ويأكل أكل مستطعم مستطيب لما يأكل .
هذا ما تيسر إيراده ، وتهيأ إعداده وأعان الله على قوله حول الجزء الثاني من كلام الله . وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .
-------------------------------------
(1) الدم المسفوح هو الدم الذي يخرج من الحيوان حال حياته والدم الذي يكون عند الذبح قبل أن تخرج الروح
http://www.alsalafway.com/media/alftawa/Ibn-Othaimeen/0864.mp3
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق