الأحد، 3 أبريل 2011

تفسير سورة العلق للد.محمد بن عبد العزيز الخضيري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي البشير ، والسراج المنير محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن والاه .


مازلنا نتحدث في قصار المفصل التي أُفتتحت بسورة الضحى وتُختتم بسورة الناس ، هذه القصار نقرأها ونرددها كثيرا لكننا في غفلة عما فيها من الهدايات والخيرات . وهذا التفسير الذي نتحدث فيه ليس تفسيرا علميا بمعنى أننا نتكلم عن معلومات السورة ولغتها وأسباب النزول فيها وغير ذلك مما نجده في كتب التفسير . إنه إيقاظ لقلوبنا وتحريك لعقولنا لنتدبر كلام ربنا ولنقع على موطن العبرة والعظة من هذا الكلام لنستفيد من هذه الآيات في حياتنا .

اليوم معنا سورة عجيبة ،
إنها سورة إقرأ أو تُسمى سورة العلق . وأسماء سور القرآن في الغالب تؤخذ من لفظ من ألفاظ السورة أو اسم ورد فيها ، فمثلا سورة غافر مأخوذ من لفظ ورد في أول السورة قال الله عز وجل { حم*تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ *غَافِرِ الذَّنبِ } فسُميت غافر ، وتُسمى أيضا سورة المؤمن لأنه ورد فيها قصة مؤمن آل فرعون . وهذه التسمية للسورة قد تكون توقيفية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد تكون اجتهادية من أهل العلم . وقد نجد للسورة أكثر من اسم كما هو معنا في هذه السورة حيث تُسمى سورة إقرأ اعتبارا بأول لفظ من ألفاظها ، أو سورة العلق اعتبارا بقول الله عز وجل { خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } .

هذه السورة تميزت بميزة
ففيها الآيات الخمس الأولى التي هي أول ما نزل من الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تأملوا هذا جيدا . نزلت عليه وهو متحنث منقطع في غار حراء على عادته السنوية ، كان عليه الصلاة والسلام يجعل لنفسه أياما ينقطع فيها عن الناس ، يأخذ فيها طعاما وشرابا لعدة أيام ويجلس في ذلك الغار يتفكر ويتأمل ولم يكن قد أُوحي إليه . فلما ذهب في مرة من المرات وقد أراد الله عز وجل أن يُضيء الكون بهذا الوحي أنزل الله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمه إلى صدره فقال : إقرأ فقال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف المهيب والمشهد الرهيب : ما أنا بقارىء، أي أنا لست ممن يُحسن القراءة ،أنا رجل أمّي لا أقرأ ولا أكتب فضمه الثانية قال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارىء ، ضمه الثالثة قال : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } .

وهذا يدلنا على أن الإنسان يُسمى مُتعلما إذا قرأ حتى ولو لم يُحسن الكتابة ولا قراءة ما يُتلى إذا قرأ ما أُوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلّم ما نزل به الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن اسم الأمي ليس وصفا سيئا في حق من يوصف به ،بل النبي صلى الله عليه وسلم أمّي وليس هذ اللقب لقب سوء عليه ، عليه الصلاة والسلام لأنه قد قرأ ما أُوحي إليه وعمل به فصار أعلم الخلق بالله سبحانه وتعالى ، وأعلم الخلق بما أنزله الله من الوحي .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق