وجه تحقيق الفاتحة لكمال الإنسان هذه الفاتحة -كما قال ابن القيم- من حققها حقق كمال البشرية وأتم سعادته وقضى حاجاته نقول أيها الأحبة :
أنه لما كانت الفاتحة مبنية على معاني الكمال والشمول ، كمال لله -عز وجل- واختصاصه بالعبادة ، وكان نصفها الأول مبينًا على اثبات استحقاق الله تعالى واختصاصه سبحانه بالكمال المطلق لزم اشتمالها على ما يحقق للعبد من كمال بشري .
أقول أيها الإخوة مسألة وجه تحقيق الفاتحة لكمال الإنسان وقضاء حاجاته يقول ابن القيم الملهم المبدع في تأمل كتاب الله عزوجل - وأهديكم وأرشدكم إلى كتاب من أعظم الكتب التى جمعت تأملاته وهو كتاب بدائع التفسير هذا الكتاب جمع تأملات ابن القيم فأوصيكم بقراءته والرجوع إليه في مثل هذه التأملات - يقول : " لما كانت الفاتحة مبنية على معاني الكمال والشمول وكان نصفها الأول مبنيًا على اثبات الاستحقاق لله واختصاصه تعالى للكمال المطلق لزم اشتماله على مايحقق للعبد من الكمال البشري ، وأن تكون مشتملة على قضاء حاجاته كلها ونيل سعاداته في الدنيا والآخرة وهذا ظاهر بما حققته من المعاني والوجوه التى تضمنتها السورة بما يُغني عن إعادتها " .
وقال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية -مؤكدًا ذلك بل قبله في ذلك- قال : " معاني الفاتحة فيها الحوائج الأصلية التى لابد للعبد منها " وبيّن أن الدعاء الذي تضمنته الفاتحة وهو قوله ( اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) يجمع مصالح الدين والدنيا والآخرة والعبد دائمًا محتاج إليه لا يقوم غيره مقامه فلو حصل له أجر تسعة أعشار القرآن دع ثلثه ولم يحصل له مقصود هذا الدعاء لم يقم مقامه ولم يسد مسده .
وقال ابن القيم -رحمه الله- في كلام نفيس طويل أذكر فاتحته وأحيلكم إليه في كتا ب الفوائد قال : " فكمال الإنسان وسعادته لا تتم إلا بمجموع هذه الأمور وقد تضمنتها سورة الفاتحة وانتظمتها أكمل تضمن" .
فانظروا يا رعاكم الله إلى هذه السورة وحققوها في قلوبكم وفي حياتكم لتحوزوا بها -بإذن الله- على وجوه الكمال البشري في الدين والدنيا والآخرة .
أسأل ربي عزوجل أن يحقق لنا كمال العبودية له سبحانه وتعالى بهذه الفاتحة وأن يرزقنا فهم كتابه وأن يجعلنا ممن هداه الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين وأن يجعلنا جميعًا من الفائزين المفلحين في الدنيا وفي الآخرة .
------------------------------------
تفسير سورة الفاتحة للد. محمد بن عبد الله الربيعة / دورة الأترجة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق