#قصة
وليد يكره المقص#مسلسل #علماء في مواجهة السلاطين
الإمام النووي في مواجهة الظاهر بيبرس#مسلسل #علماء في مواجهة السلاطين
ابن تيمية في مواجهة غازان ملك التتار
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد: فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:
ن/ "قوله (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم* وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون* وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون* ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون* وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون* وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم* وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون* ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون* وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المنّ والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) هذا شروع في تعداد نعمه على بني إسرائيل على وجه التفصيل فقال:(وإذ نجيناكم من آل فرعون) أي من فرعون وملئه وجنوده، وكانوا قبل ذلك يسومونكم أن يولونهم ويستعملونهم سوء العذاب أي أشده بأن كانوا يُذبحون أبناءكم خشية نموكم، (ويستحيون نساءكم) أي فلا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل ومُذلل بالأعمال الشاقة، مستحي على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه، فهذا غاية الإهانة، فمنّ الله تعالى عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم، وهم ينظرون لتقرّ أعينهم، (وفي ذلكم) أي الإنجاء (بلاء) أي إحسان (من ربكم عظيم) فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره، ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة ليُنزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة، والمصالح العميمة، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد حتى عبد العجل (من بعده) أي ذهابه، (وأنتم ظالمون) أي عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة فهو أعظم جرما وأكبر إثما، ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى عليه السلام بأن يقتل بعضكم بعضا، فعفى الله تعالى عنكم بسبب ذلك لعلكم تشكرون الله."
ت/ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولا تكننا إلى أنفسنا طرفة عين. اللهم فقهنا في الدين، وعلمنا التأويل أما بعد: لا يزال السياق في هذه الآيات القرآنية في ما وصى به سبحانه وتعالى بني إسرائيل، وفي ثنايا هذه الوصايا يذكرهم الله سبحانه وتعالى بنِعمه العظيمة والمتعدده عليهم، قد مر معنا قول الله سبحانه وتعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) والمقصود بنعمته أي نعمي لأن المفرد إذا أضيف يفيد العموم فأجمل النعم هناك في قوله (نعمتي) وبدءا من هذه الآية ذكرٌ للتفصيل، تفصيل النِعم، تفصيل ما أُجمل في قوله (نعمتي التي أنعمت عليكم) بدءا من هنا قوله (وإذ نجيناكم من آل فرعون) ولهذا سيأتي معنا في آيات كثيرة يُذكرهم بنِعم أنعم بها عليهم (وإذ نجيناكم من آل فرعون)، (وإذ فرقنا بكم البحر)، (وإذ واعدنا موسى)، (وإذ آتينا موسى)، (وإذ قال موسى)، هذا كله عدّ وتفصيل لما أُجمِل في قوله سبحانه وتعالى (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) أي نعمي. والتذكير هنا لهم بالنعمة مثل قوله (وإذ نجيناكم من آل فرعون) - والخطاب لليهود في زمن النبي عليه الصلاة والسلام- هو تذكير لهم بنِعمه على أسلافهم -آبائهم وأوليهم - بأن خلّصهم ونجاهم من سوم فرعون لهم سوء العذاب.
قال جل وعلا (وإذ نجيناكم) هذا معطوف على ما قبله، وعرفنا أن (إذ) إعرابها - وهي تأتي كثيرا في القصص القرآني- إعرابها أنها اسم في محل نصب بفعل محذوف مُقدر تقديره واذكروا
واذكروا إذ نجيناكم من آل فرعون أي قومه..
(يسومونكم سوء العذاب) يذيقونكم أشد العذاب
سوء العذاب: أي أشده. وأصل السوم في اللغة: الدوام
وهذا فيه إشارة إلى أنه عذاب دائم مستمر كانوا يؤذونهم الأذى المستمر، وهذا كله حديث عما حصل من قوم فرعون مع آبائهم وأسلافهم، (يسومونكم سوء العذاب) من ذلك قال: (يُذبِّحون أبناءكم) ولم يقل يَذبَحون، أتى بهذه الصيغة التي تفيد التكثير الكثرة، يعني يذبحون أبنائكم بكثرة، (ويستحيون نساءكم) المقصود بالنساء هنا البنات، والذبح والاستحياء هذا كله يتعلق بالمواليد - مواليد بني اسرائيل- قيل إن فرعون رأى رؤيا مضمونها أن زوال ملكه على يد رجل من بني إسرائيل، وقيل إن بعض الكهنة قال له ذلك، فعلى إثر ذلك صار يُعمِل التقتيل في أبناء بني إسرائيل حتى لا يبقى هذا الذي رأى في الرؤيا، أو قيل إن زوال ملكه على يديه حتى لا يبقى، فكان يتتبع أعوانه بيوت بني اسرائيل بيتا بيتا كلما ولدت امرأة إن كان أنثى استحيوه أي أبقوه حيا للخدمة، وإن كان ذكرا ذبحوه على الفور، ذبحوه في الحال - حال ولادته - ما يبقى في الدنيا إلا لحظات يسيرة، يتتبعون الحُمَّل - النساء الحوامل - كلما دنت ولادة واحدة منهن أتوا إلى بيتها عندما تضع ونظروا في هذا المولود إن كان أنثى استحيوه أي استبقوه حيا من أجل استعمالها في الخدمة، وإن كان ذكرا ذبحوه. وعُد هذا الصنيع في تصديق فرعون للكاهن، عُدّ في حماقاته لأنه كما قيل إن كان الكاهن صادقا في أنه سيزول ملكه على يد رجل من بني إسرائيل فما ينفع القتل، وإن كان كاذبا فما معنى القتل؟ فهذا عُدّ من حماقاته، وهذا أيضا - إن صح - ففيه النعمة العظيمة على أمة الإسلام بتحذيرهم من تصديق كل من يدعي الغيب بأي طريقة سواء كان عرافا أو منجما أو رمّالا، أو أيا كانت طريقته، وهم كثير في كل زمان، قد قال عليه الصلاة والسلام (من أتى كاهنا أو عرّافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) أن مما أُنزل عليه الصلاة والسلام أن الغيب لله (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون).
قال (يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم) (يستحيون نساءكم) أي: يستبقون بناتكم للخدمة والامتهان، ومعنى يستحيون: أن يبقونهن حيات لا يقتلونهن.
(وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) الإشارة هنا في قوله (ذا) إلى ماذا؟ قوله (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) هل المراد بالبلاء هنا النعمة أو المراد النقمة؟
●هل المراد وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم، أي وفي ذلك إنعام عليكم من ربكم عظيم فتكون الإشارة عائدة إلى الإنجاء (نجيناكم)
●أو تكون البلاء لأن البلاء يطلق ويراد به الشر ويراد به الخير
فإن أريد النعمة فالمراد النجاة والتنجية، وإن أريد النقمة والشر الذي حصل لهم فالإشارة في قوله (وفي ذلكم) أي إلى سوم فرعون لهم سوء العذاب يذبح أبناءهم، ويستحي نسائهم
قال (يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم) (يستحيون نساءكم) أي: يستبقون بناتكم للخدمة والامتهان، ومعنى يستحيون: أن يبقونهن حيات لا يقتلونهن.
(وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) الإشارة هنا في قوله (ذا) إلى ماذا؟ قوله (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) هل المراد بالبلاء هنا النعمة أو المراد النقمة؟
●هل المراد وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم، أي وفي ذلك إنعام عليكم من ربكم عظيم فتكون الإشارة عائدة إلى الإنجاء (نجيناكم)
●أو تكون البلاء لأن البلاء يطلق ويراد به الشر ويراد به الخير
فإن أريد النعمة فالمراد النجاة والتنجية، وإن أريد النقمة والشر الذي حصل لهم فالإشارة في قوله (وفي ذلكم) أي إلى سوم فرعون لهم سوء العذاب يذبح أبناءهم، ويستحي نسائهم
ولهذا في قوله (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) قولان لأهل العلم من أئمة التفسير:
/ منهم من أعاد أعاده على النجاة فكان المراد بالبلاء النعمة.
/ ومنهم من أعادوه على سوم فرعون لهم سوء العذاب. فيُراد بالبلاء النقمة والأذى والشر الذي حصل لهم.
(وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)
●على الأول يكون المعنى: وفي ذلك إنعام من ربكم عظيم، أنعم الله به عليكم.
● وعلى المعنى الثاني: وفي ذلكم ابتلاء من ربكم عظيم لكم كما قال عز وجل (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)
إذن قوله (بلاء)
● قيل: النعمة
● وقيل: ما كانوا فيه من العذاب. والثاني هو قول جمهور المفسرين.
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
/ منهم من أعاد أعاده على النجاة فكان المراد بالبلاء النعمة.
/ ومنهم من أعادوه على سوم فرعون لهم سوء العذاب. فيُراد بالبلاء النقمة والأذى والشر الذي حصل لهم.
(وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)
●على الأول يكون المعنى: وفي ذلك إنعام من ربكم عظيم، أنعم الله به عليكم.
● وعلى المعنى الثاني: وفي ذلكم ابتلاء من ربكم عظيم لكم كما قال عز وجل (ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)
إذن قوله (بلاء)
● قيل: النعمة
● وقيل: ما كانوا فيه من العذاب. والثاني هو قول جمهور المفسرين.
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
الفرق: الفصل.
(بكم) الباء إما أن تكون سببية أو بمعنى اللام
وحروف الجر أحيانا يأتي تناوبها:
/ فإما أن تكون سببية (فرقنا بكم البحر) (بكم) أي بسببكم
/ أو (بكم) بمعنى اللام أي: لأجلكم، ولأجل تخليصكم من هذا الطاغية وأعوانه (وإذ فرقنا بكم البحر) هذا يفسره قول الله سبحانه وتعالى في سورة الشعراء (فأوحينا إلى موسى أن ضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم)، كل فرق من الماء - قسم من الماء - لأن هنا قال (فرقنا) هناك قال (كل فرق) يعني كل قسم فرقه الله من الماء كالطود العظيم أي كالجبل الكبير، وهذه آية سبحان الله رأوها بأعينهم وشاهدوها، وصار الماء السيال واقف مثل وقوف الجبال كطود يعني الجبل، فأصبح الماء - ماء البحر- أقسام كل قسم منها مثل الجبل، وبين هذه الجبال الواقفة من الماء صارت الأرض يبسا ليست وحل، لأنك إن نزحت الماء من مكان استمر فيه الماء مدة طويلة يصبح ما يستطيع أحد يمشي فيه من الوحل الذي فيه الطين، فصار في نفس اللحظة - وقت الضرب- وقت لحظة ضرب موسى بعصاه البحر وقف الماء مباشرة وقوف الجبال وأصبح بين الجبال طرقا يابسة، وهذي آية رأوها، آية عظيمة - سبحان الله - من الآيات وهي في الوقت نفسه نعمة من نعم الله على بني إسرائيل.
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
(بكم البحر) الآية المشار إليها قبلها قال سبحانه (ولما تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون* قال كلا إن معي ربي سيهدين (لأنهم يقولون العدو وصل والبحر أمامنا أين المفر؟ أين النجاة؟ (قال كلا إن معي ربي سيهدين) ثقة عظيمة بالله سبحانه وتعالى ووعده بنصر المؤمنين، قال (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم).
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
(وإذ) يعني: واذكروا إذ، و(إذ) هنا ظرف بمعنى حين مثل السابقة، لأن (إذ) هذه تارة تأتي وتكون اسما، وتارة تكون حرفا بحسب موقعها في الجملة، يعني مثلا في حديث جبريل (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا) (إذ) هذه حرف، يسمى حرف الفجاءة، هذا حرف، وأما (إذ) هنا فهي اسم، وهي بمعنى حين.
قوله (وإذ) يعني: واذكروا حين، (وإذ فرقنا بكم) واذكروا حين فرقنا بكم البحر.
(فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون) هذه نعمة عظيمة أنعم الله سبحانه وتعالى بها على بني اسرائيل، قد ثبت في الصحيح أن موسى وقومه صاموا ذلك اليوم شكرا، وكانوا يصومون ذلك اليوم، يوم الإنجاء لهم والإغراق لآل فرعون، هذه الآية العظيمة كان اليوم العاشر من محرم، فكان موسى وقومه يصومونه شكرا لله، ولما جاء عليه الصلاة والسلام المدينة وجدهم يصومونه وسأل عن سبب صيامه؟ فقالوا هو يوم أنجى الله موسى ومن معه وأغرق فرعون معه، قال: نحن أحق بموسى منهم فصامه عليه الصلاة والسلام، ثم قال بعد ذلك (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر) العاشر شكر، والتاسع مخالفة لليهود، العاشر شكر على هذه النعمة نعمة إغراق فرعون وقومه، قال (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون) فرعون وقومه وعتاد فرعون، وكان مدة طويلة من الزمان يسومهم سوء العذاب، ولما فلق الله سبحانه وتعالى البحر وصار كما تقدم مثل الجبال والطريق يابسة مشى موسى عليه السلام وقومه مع هذا اليبس إلى أن خرجوا من الجهة الأخرى سالمين، فأتبعهم فرعون بجنوده، فلما تكامل موسى وقومه خروجا، وتكامل فرعون وقومه دخولا أمر الله جل وعلا البحر أن يعود كما كان، فهذا الطاغية والجنود والعتاد و... الخ، هلكوا هَلَكَ نفس واحدة، وحينها قال فرعون (آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) قال (آلآن وقد عصيت) يعني ما ينفع إيمان المشاهدة، النافع إنما هو إيمان الغيب (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن) هذا ما ينفع، هذا يسمى توبة المشاهدة.
(وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) وهذا أبلغ في ماذا؟ (أغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) تنظرون هذا العدو وجنوده، والأذى العظيم الذي حصل لكم منه، تنظرون بأعينكم وهو يغرق أمامكم، ترونه.. تشاهدون، فهذا أشفى لصدورهم وأبلغ في إهانة هذا العدو، يغرق ومن سامهم سوء العذاب ينظرون إليه، يشاهدونه وهو في الغرق، هذا أبلغ في شفاء صدورهم، وأبلغ في إهانة هذا العدو وجنوده.
قال (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) أي تمام أربعين ليلة، واعدنا موسى تمام أربعين ليلة، في قراءة (وعدنا موسى) هنا (واعدنا) من المواعدة، المواعدة هنا هي وعد من الله وقبول من موسى فجرى القبول مجرى الوعد قال (واعدنا)، والقراءة الثانية: (وعدنا موسى) من الوعد، (واعدنا) من المواعدة.
قال (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون)
هذه عجيبة، واعد الله موسى أربعين ليلة وفي فترة ذهاب موسى اتخذوا العجل وعبدوه من دون الله وهم قبلها بفترة يسيرة قليلة شاهدوا إنعام الله عليهم ومنته الكبرى عليهم في إنجائهم من ذاك العدو، بعدها بقليل، بعدها بوقت يسير عبدوا العجل مع أنه في طريقهم مباشرة بعد النجاة شاهدوا قوما يعبدون أصناما لهم (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) هذه (جاوزنا ببني إسرائيل البحر) مباشرة لاحظ الفاء (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتو) الفاء هذه تفيد الفورية، يعني بعد النجاة بلحظات يسيرة مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم (قالوا يا موسى اجعل لنا إله) هذه عجيبة، (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون* إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون* قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين* وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يُقتّلون أبناءكم) فذكرهم بالنعمة التي حصلت للتو قريبا حصلت، لاحظ بعد هذا، بعد الطلب والتحذير ذهب موسى للموعد وفي هذه الفترة وكان وعظهم عن ذلك الأمر بعدها اتخذو عجلا عبدوه من دون الله. والله إنك تعجب لهذه العقول، وفي الوقت نفسه تحمد الله على منة التوحيد، التوحيد هذه منة ما ترجع إلى أذكياء، فيه أذكياء في العالم ما يعرفون التوحيد. وفيه أناس ضعفاء العقول، ضعفاء الذكاء من أحسن الناس توحيدا، التوحيد مِنة، التوحيد مِنة وفضل من الله.
/ فإما أن تكون سببية (فرقنا بكم البحر) (بكم) أي بسببكم
/ أو (بكم) بمعنى اللام أي: لأجلكم، ولأجل تخليصكم من هذا الطاغية وأعوانه (وإذ فرقنا بكم البحر) هذا يفسره قول الله سبحانه وتعالى في سورة الشعراء (فأوحينا إلى موسى أن ضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم)، كل فرق من الماء - قسم من الماء - لأن هنا قال (فرقنا) هناك قال (كل فرق) يعني كل قسم فرقه الله من الماء كالطود العظيم أي كالجبل الكبير، وهذه آية سبحان الله رأوها بأعينهم وشاهدوها، وصار الماء السيال واقف مثل وقوف الجبال كطود يعني الجبل، فأصبح الماء - ماء البحر- أقسام كل قسم منها مثل الجبل، وبين هذه الجبال الواقفة من الماء صارت الأرض يبسا ليست وحل، لأنك إن نزحت الماء من مكان استمر فيه الماء مدة طويلة يصبح ما يستطيع أحد يمشي فيه من الوحل الذي فيه الطين، فصار في نفس اللحظة - وقت الضرب- وقت لحظة ضرب موسى بعصاه البحر وقف الماء مباشرة وقوف الجبال وأصبح بين الجبال طرقا يابسة، وهذي آية رأوها، آية عظيمة - سبحان الله - من الآيات وهي في الوقت نفسه نعمة من نعم الله على بني إسرائيل.
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
(بكم البحر) الآية المشار إليها قبلها قال سبحانه (ولما تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون* قال كلا إن معي ربي سيهدين (لأنهم يقولون العدو وصل والبحر أمامنا أين المفر؟ أين النجاة؟ (قال كلا إن معي ربي سيهدين) ثقة عظيمة بالله سبحانه وتعالى ووعده بنصر المؤمنين، قال (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم).
قال (وإذ فرقنا بكم البحر)
(وإذ) يعني: واذكروا إذ، و(إذ) هنا ظرف بمعنى حين مثل السابقة، لأن (إذ) هذه تارة تأتي وتكون اسما، وتارة تكون حرفا بحسب موقعها في الجملة، يعني مثلا في حديث جبريل (بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا) (إذ) هذه حرف، يسمى حرف الفجاءة، هذا حرف، وأما (إذ) هنا فهي اسم، وهي بمعنى حين.
قوله (وإذ) يعني: واذكروا حين، (وإذ فرقنا بكم) واذكروا حين فرقنا بكم البحر.
(فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون) هذه نعمة عظيمة أنعم الله سبحانه وتعالى بها على بني اسرائيل، قد ثبت في الصحيح أن موسى وقومه صاموا ذلك اليوم شكرا، وكانوا يصومون ذلك اليوم، يوم الإنجاء لهم والإغراق لآل فرعون، هذه الآية العظيمة كان اليوم العاشر من محرم، فكان موسى وقومه يصومونه شكرا لله، ولما جاء عليه الصلاة والسلام المدينة وجدهم يصومونه وسأل عن سبب صيامه؟ فقالوا هو يوم أنجى الله موسى ومن معه وأغرق فرعون معه، قال: نحن أحق بموسى منهم فصامه عليه الصلاة والسلام، ثم قال بعد ذلك (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر) العاشر شكر، والتاسع مخالفة لليهود، العاشر شكر على هذه النعمة نعمة إغراق فرعون وقومه، قال (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون) فرعون وقومه وعتاد فرعون، وكان مدة طويلة من الزمان يسومهم سوء العذاب، ولما فلق الله سبحانه وتعالى البحر وصار كما تقدم مثل الجبال والطريق يابسة مشى موسى عليه السلام وقومه مع هذا اليبس إلى أن خرجوا من الجهة الأخرى سالمين، فأتبعهم فرعون بجنوده، فلما تكامل موسى وقومه خروجا، وتكامل فرعون وقومه دخولا أمر الله جل وعلا البحر أن يعود كما كان، فهذا الطاغية والجنود والعتاد و... الخ، هلكوا هَلَكَ نفس واحدة، وحينها قال فرعون (آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) قال (آلآن وقد عصيت) يعني ما ينفع إيمان المشاهدة، النافع إنما هو إيمان الغيب (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن) هذا ما ينفع، هذا يسمى توبة المشاهدة.
(وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) وهذا أبلغ في ماذا؟ (أغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون) تنظرون هذا العدو وجنوده، والأذى العظيم الذي حصل لكم منه، تنظرون بأعينكم وهو يغرق أمامكم، ترونه.. تشاهدون، فهذا أشفى لصدورهم وأبلغ في إهانة هذا العدو، يغرق ومن سامهم سوء العذاب ينظرون إليه، يشاهدونه وهو في الغرق، هذا أبلغ في شفاء صدورهم، وأبلغ في إهانة هذا العدو وجنوده.
قال (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة) أي تمام أربعين ليلة، واعدنا موسى تمام أربعين ليلة، في قراءة (وعدنا موسى) هنا (واعدنا) من المواعدة، المواعدة هنا هي وعد من الله وقبول من موسى فجرى القبول مجرى الوعد قال (واعدنا)، والقراءة الثانية: (وعدنا موسى) من الوعد، (واعدنا) من المواعدة.
قال (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون)
هذه عجيبة، واعد الله موسى أربعين ليلة وفي فترة ذهاب موسى اتخذوا العجل وعبدوه من دون الله وهم قبلها بفترة يسيرة قليلة شاهدوا إنعام الله عليهم ومنته الكبرى عليهم في إنجائهم من ذاك العدو، بعدها بقليل، بعدها بوقت يسير عبدوا العجل مع أنه في طريقهم مباشرة بعد النجاة شاهدوا قوما يعبدون أصناما لهم (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) هذه (جاوزنا ببني إسرائيل البحر) مباشرة لاحظ الفاء (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتو) الفاء هذه تفيد الفورية، يعني بعد النجاة بلحظات يسيرة مروا بقوم يعكفون على أصنام لهم (قالوا يا موسى اجعل لنا إله) هذه عجيبة، (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون* إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون* قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين* وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يُقتّلون أبناءكم) فذكرهم بالنعمة التي حصلت للتو قريبا حصلت، لاحظ بعد هذا، بعد الطلب والتحذير ذهب موسى للموعد وفي هذه الفترة وكان وعظهم عن ذلك الأمر بعدها اتخذو عجلا عبدوه من دون الله. والله إنك تعجب لهذه العقول، وفي الوقت نفسه تحمد الله على منة التوحيد، التوحيد هذه منة ما ترجع إلى أذكياء، فيه أذكياء في العالم ما يعرفون التوحيد. وفيه أناس ضعفاء العقول، ضعفاء الذكاء من أحسن الناس توحيدا، التوحيد مِنة، التوحيد مِنة وفضل من الله.
فاتخذوا عجلا، اتخذوا عجلا عبدوه من دون الله، وانظر ماذا قال إلياس لقومه قال (أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين* الله ربكم ورب آبائكم الأولين).
قال (وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) الواو هنا حالية (وأنتم ظالمون) أي والحال أنكم ظالمون لأنفسكم، نوع الظلم هنا؟ ظلم أكبر لأن عبادة عجل هذه كفر (وأنتم ظالمون).
قال (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) كتب الله عز وجل لهم توبة ورجوعا عن هذا الأمر وتاب الله عليهم، وعفا عنهم من بعد ذلك، قال (لعلكم تشكرون) أي الله على ما مَنّ وتفضّل.
قال (وإذ آتينا موسى الكتاب) وهذا كله بعد خروجهم من البحر - القصة السابقة (وإذ وعدنا) هذا بعد الخروج من البحر- (وإذ آتينا موسى الكتاب) هذا أيضا بعد الخروج من البحر.
(وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) الكتاب المراد به التوراة. والفرقان قيل فيه أقوال لكن أقربها أنها المراد بها التوراة، فذُكرت باسمها، وذُكرت بصفتها وما اشتملت عليه أنها فرقان بين الحق والباطل.
(وإذا أتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) قال الشيخ رحمه الله: "هذا شروع في تعداد نِعمه سبحانه وتعالى على بني إسرائيل على وجه التفصيل" هذا التفصيل أتى بعد إجمال في قوله (نعمتي) (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) هناك أجمل، وهنا شروع في تفصيل ذاك الإجمال. قال: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) أي من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك - قبل إنجاء الله لكم- كانوا يسومونكم سوء العذاب، يولونهم ويستعملونهم، ويديمون تعذيبهم وأذاهم، (سوء العذاب) أي أشده بأن كانوا يذبحون أبناءكم خشية نموكم، (ويستحيون نساءكم) أي فلا يقتلونهن، الإناث البنات لا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل هذا في الذكور، ومذلل بالأعمال الشاقة، هذا في الإناث، مستحيا على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه، فهذا غاية الإهانة، فمنّ الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم، وهذا مثل ما تقدم أشفى لصدورهم وأنكى في هلاك عدوهم، (وفي ذلكم) الإنجاء (بلاء) أي إحسان، هذا قول في معنى الآية، وفي ذلكم الإنجاء (بلاء) أي إحسان (من ربكم عظيم) فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره. ويجعل هذا القول أقرب دلالة السياق، لأن السياق عدّ نِعم، تفصيل نِعم (وإذ نجيناكم) بهذا صُدرت الآية، وعرفنا أن من أهل العلم من أعاده على قوله (يسمونكم) أي ما كانوا فيه من العذاب المهين.
ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة ليُنزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد، حتى عبدوا العجل (من بعده) أي من بعد موسى للموعد الذي واعده ربه، (من بعده) أي ذهابه، (وأنتم ظالمون) (ظالمون) قال: "عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة" "قد قامت عليكم الحجة" من قيامها القصة التي أشرت إليها في سورة الأعراف لما طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها كما لأولئك آلهة، فبين لهم وأقام عليهم الحجة، وبيّن أن هذا كفر بالله وهدم للتوحيد، وذكر لهم البراهين فأقام عليهم الحجة، بعد هذا بقليل اتخذوا العجل، قال: "(وأنتم ظالمون) عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة، فهو أعظم جرما وأكبر إثما" قال: "ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك لعلكم تشكرون. قال: (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون)
قال (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) (وإذ آتينا) هذه أيضا من جملة النِعم والمِنن (وإذا أتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) ثم استمر السياق في ذكر النعم، نِعم الله على هؤلاء على بني إسرائيل.
ونسأل الله الكريم أن ينفعنا أجمعين بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما ... سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
قال (وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون) الواو هنا حالية (وأنتم ظالمون) أي والحال أنكم ظالمون لأنفسكم، نوع الظلم هنا؟ ظلم أكبر لأن عبادة عجل هذه كفر (وأنتم ظالمون).
قال (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) كتب الله عز وجل لهم توبة ورجوعا عن هذا الأمر وتاب الله عليهم، وعفا عنهم من بعد ذلك، قال (لعلكم تشكرون) أي الله على ما مَنّ وتفضّل.
قال (وإذ آتينا موسى الكتاب) وهذا كله بعد خروجهم من البحر - القصة السابقة (وإذ وعدنا) هذا بعد الخروج من البحر- (وإذ آتينا موسى الكتاب) هذا أيضا بعد الخروج من البحر.
(وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) الكتاب المراد به التوراة. والفرقان قيل فيه أقوال لكن أقربها أنها المراد بها التوراة، فذُكرت باسمها، وذُكرت بصفتها وما اشتملت عليه أنها فرقان بين الحق والباطل.
(وإذا أتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) قال الشيخ رحمه الله: "هذا شروع في تعداد نِعمه سبحانه وتعالى على بني إسرائيل على وجه التفصيل" هذا التفصيل أتى بعد إجمال في قوله (نعمتي) (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) هناك أجمل، وهنا شروع في تفصيل ذاك الإجمال. قال: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) أي من فرعون وملئه وجنوده وكانوا قبل ذلك - قبل إنجاء الله لكم- كانوا يسومونكم سوء العذاب، يولونهم ويستعملونهم، ويديمون تعذيبهم وأذاهم، (سوء العذاب) أي أشده بأن كانوا يذبحون أبناءكم خشية نموكم، (ويستحيون نساءكم) أي فلا يقتلونهن، الإناث البنات لا يقتلونهن، فأنتم بين قتيل هذا في الذكور، ومذلل بالأعمال الشاقة، هذا في الإناث، مستحيا على وجه المنة عليه والاستعلاء عليه، فهذا غاية الإهانة، فمنّ الله عليهم بالنجاة التامة وإغراق عدوهم وهم ينظرون لتقر أعينهم، وهذا مثل ما تقدم أشفى لصدورهم وأنكى في هلاك عدوهم، (وفي ذلكم) الإنجاء (بلاء) أي إحسان، هذا قول في معنى الآية، وفي ذلكم الإنجاء (بلاء) أي إحسان (من ربكم عظيم) فهذا مما يوجب عليكم الشكر والقيام بأوامره. ويجعل هذا القول أقرب دلالة السياق، لأن السياق عدّ نِعم، تفصيل نِعم (وإذ نجيناكم) بهذا صُدرت الآية، وعرفنا أن من أهل العلم من أعاده على قوله (يسمونكم) أي ما كانوا فيه من العذاب المهين.
ثم ذكر منته عليهم بوعده لموسى أربعين ليلة ليُنزل عليهم التوراة المتضمنة للنعم العظيمة والمصالح العميمة، ثم إنهم لم يصبروا قبل استكمال الميعاد، حتى عبدوا العجل (من بعده) أي من بعد موسى للموعد الذي واعده ربه، (من بعده) أي ذهابه، (وأنتم ظالمون) (ظالمون) قال: "عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة" "قد قامت عليكم الحجة" من قيامها القصة التي أشرت إليها في سورة الأعراف لما طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها كما لأولئك آلهة، فبين لهم وأقام عليهم الحجة، وبيّن أن هذا كفر بالله وهدم للتوحيد، وذكر لهم البراهين فأقام عليهم الحجة، بعد هذا بقليل اتخذوا العجل، قال: "(وأنتم ظالمون) عالمون بظلمكم قد قامت عليكم الحجة، فهو أعظم جرما وأكبر إثما" قال: "ثم إنه أمركم بالتوبة على لسان نبيه موسى بأن يقتل بعضكم بعضا فعفا الله عنكم بسبب ذلك لعلكم تشكرون. قال: (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون)
قال (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) (وإذ آتينا) هذه أيضا من جملة النِعم والمِنن (وإذا أتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) ثم استمر السياق في ذكر النعم، نِعم الله على هؤلاء على بني إسرائيل.
ونسأل الله الكريم أن ينفعنا أجمعين بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله وأن يهدينا إليه صراطا مستقيما ... سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق