الأربعاء، 8 مايو 2024

تدبر سورة الكهف (2)/ د.محمود شمس

 بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد.. فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته.. وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف..
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ (1)) 
 (الحمد لله) من رحمة الله جل وعلا بالعباد أنه جعل قولنا (الحمد لله) كلمتان سهلتان خفيفتان يستطيع كل واحد منا أن يقول الحمد لله، فليس هناك فرق بين إنسان بليغ في قوله الحمد لله ولا بين إنسان عامي لم يتعلم، فالكل يستطيع أن يقول الحمد لله، وهذه من رحمة الله جل وعلا، لكن يبقى هناك فرق وهو الفرق في حضور القلب وإخلاص القلب في قولها. يعني أن يستحضر الإنسان الحمد لله على كل نعمة، والحمد لله على السراء والضراء، والحمد لله على كل حال. فالكل يستطيع أن يقول الحمد لله لكن حضور القلب والإخلاص لله في قوله ذلك يختلف بين إنسان وآخر. وهذا هو الفيصل.
الله تبارك وتعالى علمنا هنا أن نقول (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ) فنحمد الله جل وعلا أن أنزل على عبده الكتاب،وأتى الله بالاسم الموصول (الذي) ليُجري جملة الصلة التي بعده ليقول انتبهوا مضمون الصلة مهم جدا. ما مضمون الصلة؟
أولا: جملة الصلة هي (أنزل على عبده الكتاب) أي الجملة التي بعد (الذي). فالله تبارك وتعالى يريد أن يعلمنا أن نحمده على أنه أنزل على عبده الكتاب، وليعلمنا أن الحمد لا يجب إلا لله جل وعلا  على إنزاله الكتاب، لأن الله وحده هو الذي أنزل على عبده الكتاب.
 وأما ذِكر النبي صلى الله عليه وسلم بوصف العبودية فمقام تشريف ومقام تقريب لمنزلته، تقريب لمنزلة النبي محمدا صلى الله عليه وسلم. ولذلك وُصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية في القرآن الكريم خمس مرات، ثلاث مرات منها ذُكر مع القرآن الكريم ذكرا صريحا:
 المرة الأولى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) فهذا أيضا مقام تشريف وتقريب لمنزلته صلى الله عليه وسلم. 
وهنا (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب)
■ وفي قوله (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده) هذه هي المواضع الثلاث.
والموضع الرابع أيضا مرتبط بالقرآن الكريم لكن مفهوما في قوله (وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا).
■ والموضع الخامس: في الأنفال في قوله تعالى: (وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان)
إذا العبودية للنبي صلى الله عليه وسلم تشريف وتقريب لمنزلته.

(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) الكتاب هو: القرآن الكريم. 
وعندما يذكر الله الكتاب وحده ويأتي باسم الإشارة بالنسبة للكتاب مثل (ذلك الكتاب) ومثل (تلك آيات الكتاب) ومثل التي معنا (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) يكون المقصود الآيات التي تنزلت من القرآن حتى وقت نزول تلك الآية، يعني (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) أي آيات الكتاب التي تنزلت حتى وقت نزول أول سورة الكهف. 
وإذا أراد الله جل وعلا أن يشير إلى الكتاب كاملا يذكر كلمة القرآن غالبا يعني:
(يس والقرآن الحكيم) هو القرآن كاملا من أول نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم من أول مبعثه إلا يوم وفاته. ولذلك قوله تعالى: (ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ) لم يقولوا ائت بكتاب. 
 والله عندما قال (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس) عبّر بالقرآن لأن هذا إنزال من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا. إذا الكتاب قد يطلق ويُراد به بعضه، بعضه إلى وقت إنزال هذه الآية.
فالله تبارك وتعالى يعلم الأمة أن تحمد الله جل وعلا على أن أنزل على عبده الكتاب. لكن بالنسبة لنا الكتاب المراد به القرآن كله، يعني كان وقت نزول هذه الآية المراد الآيات التي سبقت هذه الآية في النزول إلى أن أُنزلت، الآن وبما أن القرآن الكريم قد اكتمل إنزاله كله فكلمة الكتاب بالنسبة لنا هو القرآن كله.
● والقرآن هو الكتاب، القرآن: باعتباره مقروء، والكتاب باعتباره مكتوب.
وبالطبع أول ما أنزل القرآن لم يكن مكتوبا فقول الله جل وعلا (الكتاب) هذا دليل على أنه سيُكتب، وسيكتب في مصحف واحد.
والفرق بالنسبة لنا أن نكون على علم بهذا الذي قلته، أن المقصود من (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) نزول الآيات التي قبلها إلى وقت نزول هذه الآية. لكن بالنسبة لنا الآن فنحن نحمد الله جل وعلا أن أنزل على عبده الكتاب كاملا..
الله تبارك وتعالى عندما علمنا أن نحمده على أنه أنزل الكتاب قال: (ولم يجعل له عوجا قيما) ينفي عن القرآن الكريم أن يكون فيه عوج.  ● العوج في الأصل: انحراف جسم ما عن الشكل المستقيم، يعني انحراف شيء حسي عن الشكل المستقيم المعروف. ويطلق ويراد به الانحراف المعنوي عن الصواب. يعني هناك انحراف حسي وانحراف معنوي. 
كلمة (عوج) احتار أهل اللغة بالنسبة للاستعمال اللغوي هل بفتح العين (عَوج) يكون الانحراف المعنوي أم الانحراف الحسي؟
وهل بكسر العين (عِوج) هو الانحراف المعنوي أم الانحراف الحسي؟  
فأهل اللغة حتى اليوم لم يستقروا على أي يكون العوج بفتح العين أم بكسرها. 
 الله تبارك وتعالى أضرب عن ذلك عندما أراد أن يشير إلى العوج المعنوي، أو العوج الحسي. فإذا أراد الإشارة إلى العِوج الحسي يجعل الفعل قبله يتعدى بحرف الجر (في) الذي هو حرف الظرفية كما قال (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها، قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا) فالعِوج في الجبال عوج حسي وتعدى الفعل (لا ترى) إلى العوج الحسي بحرف الظرفية (في). 
● أما إذا كان العوج معنويا فإنه يتعدى باللام كما قال الله هنا (ولم يجعل له عوجا).

/ ما معنى (ولم يجعل له عوجا) و (قيما)؟ 
العوج: أن يكون في القرآن تناقض أو تضاد، فالله تبارك وتعالى يقول إن القرآن الكريم ليس فيه تناقض أو تضاد وإنما كل كلمة فيه لها دِلالة، ودلالة في المعنى، وكل حرف من حروف المعاني له دلالة ودلالة معنوية، يعني له أثر في المعنى.
● وأما قوله (قيما) فكلمة (قيم) من الاستقامة، أي أن الله تبارك وتعالى جعل القرآن قيما ولم يجعل له عوجا. ولذلك كلمة (قيما) حال من كلمة الكتاب، يعني الآية سياقها هكذا : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا. فكلمة (قيما) ليست نعت لكلمة (عوجا) وليست متعلقة بجملة (ولم يجعل له) حتى لا تدخل في النفي، ولذلك في قراءة حفص عندنا له سكت على الألف في كلمة (عوجا). إذن الله تبارك وتعالى عندما قال (ولم يجعل له عوجا) هذه صفة كمال في ذات القرآن، يعني نفي العوج صفة كمال في القرآن الكريم. وأما (قيما) فهي تدل على كمال الانتفاع بالقرآن الكريم. فدلالة (ولم يجعل له عوجا) أن الكتاب كامل في ذاته. ودلالة كلمة (قيما) تدل على أن القرآن كامل في الانتفاع به. لأنه ليس كل كامل في ذاته يكون كاملا في الانتفاع به، هناك أشياء وأناس نجد في ذاتهم فيهم صفة الكمال لكنهم لا ينتفع بهم في شيء ولا يقدمون نفعا. فالقرآن الكريم كامل في ذاته وكامل في الانتفاع به.
● ونفس معنى هاتين الجملتين موجود في قوله (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) فمعنى (لا ريب فيه) تدل على كمال القرآن في ذاته، أي لا تضاد ولا تناقض فيه، و(هدى للمتقين) تدل على أنه كامل في الانتفاع به لأن المتقين قد انتفعوا بالقرآن، فليس الكل يتمكن من الانتفاع بالقرآن إلا من هداهم الله جل وعلا. إذا (ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين).
 إذن القرآن الكريم أنزله الله على عبده وعلمنا أن نحمده على ذلك بأنه أنزل الكتاب على عبده، وأنه لم يجعل له عوجا بل جعله قيما. فالقرآن كل من أراد الانتفاع به في الاهتداء يهديه الله تبارك وتعالى ويوفقه للاهتداء. وأما من أعرض عن القرآن، أو من اتخذ القرآن للقراءة كحروف وكلمات فقط ولا يحاول أن يفهم معناه، أو يهتدي به فمعنى ذلك أن هذا الإنسان قد خسر الكثير.

أما الفرق بين القرآن والفرقان:
القرآن هو: الكتاب المقروء المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من أول مبعثه إلا يوم وفاته.
●أما الفرقان فهو الذي فرق الله به بين الحق والباطل، وبين الصالح المصلح وبين المُفسد لأنه ذكر صفات لهؤلاء وصفات لهؤلاء، وبيّن مصير هؤلاء ومصير هؤلاء.
🏷 في قوله (لينذر بأسا شديدا) كأن ذلك علة لإنزال القرآن، لكن إنزال القرآن لا يقتصر في الحكمة من إنزاله أنه إنذار فقط، فهو إنذار وتبشير للمؤمنين، لأن الشيء يكون له أكثر من حكمة منها ما ظهر لنا، ومنها ما لم يظهر لنا. 

(لينذر بأسا شديدا من لدنه) 
عندما نقرأ (لينذر بأسا شديدا) الفاعل هو الله جل وعلا، أين المفعول به؟ 
 المفعول به تركه الله تبارك وتعالى، لم يذكره لوجود دليل عليه، ما الدليل؟ أنه قال (ويبشر المؤمنين) إذا الإنذار للكافرين.أي يُفهم على أن الإنذار للكافر بدليل أنه قال (ويبشر المؤمنين). 
 س: لماذا لم يذكره الله تبارك وتعالى؟
● أولا: لوجود دليل عليه أنه يبشر المؤمن فيفهم من هذا أن الإنذار للكافر، وليُعمل الإنسان عقله وفهمه في ذلك. يعني القرآن الكريم يريد منا أن نتدبره ونحن نقرأه. 
● ثانيا: أن الأهم هو المُنذَر به وليس الأهم من هو المُنذَر، لأن المُنذَر عُرف أنه الكافر وعليه دليل، فالأهم ألا تنشغل بالمُنذِر، ولا تنشغل بالمُنذَر، بل انتبه للمُنذَر به. 
أين المُنذَر به؟ (بأسا شديدا من لدنه) المُنذَر به البأس الشديد.
 البأس في أصل معناه: الشدة في الألم. ويطلق على القوة في الحرب. 
لكن المراد به هنا قيل: هو شدة الحال في الدنيا، وقيل شدة الحال في الآخرة لأنه من لدن رب العالمين. 
/ الفرق بين (عندنا) و (لدنا): 
●أولا: أن كليهما ظرف يعني عندي ولدني، لكن (لدني) أقرب في الظرفية من (عندي)
 فإذا قلت: "الكتاب عندي" فمعنى (عندي) يعني قد يكون في بيتي، وقد يكون في مكان آخر وهو قريب مني لكنه ليس بين يدي، أما الكتاب لدني يعني تحت يدي. هذا في تعبيرنا نحن. 
فقول الله (من لدنه) أي منه جل وعلا. ولذلك ربنا عندما أراد أن يعلمنا طلب الرحمة علمنا أن نطلبها من لدنه (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة) وأصحاب الكهف حين أووا إلى الكهف قالوا (ربنا آتنا من لدنك). فالله سبحانه وتعالى يعلمنا أن نطلب من الله قمة أنواع الرحمة وهي الرحمة التي تكون من لدنه. 
فهنا البأس الشديد وُصف بالشدة نظرا لقوته ونظرا لصعوبته على الإنسان فما بالنا إذا كان من لدن رب العالمين!!  
● يعني البأس الشديد (من لدنه) أي من لدن رب العالمين جل وعلا.

(وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)) الكهف
في قوله (ويبشّر) قراءتان:
● (ويبَشِّر) وهي من البشارة
و(يبْشُر) وهي مأخوذة من بشرة الوجه.
وبشرة الوجه هي التي يظهر عليها السعادة والسرور بالبشارة. فمعنى ذلك أن البشارة للمؤمنين سيظهر أثر تلك البشارة على ملامح وجوههم عندما يرونها ويرون الأجر الكريم الذي أعده الله يوم القيامة كما قال الله تعالى (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) إذا:
(يبْشُر) ظهور أثر البشارة على الوجه
(ويبَشِّر) هي البشارة 
هناك موضع في القرآن الكريم لم ترد فيه القراءتان وهو في قوله تعالى (قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون) لأن هنا خليل الرحمن يستنكر (أبشرتموني على أن مسني الكبر) فهو يستنكر هذه البشارة لذلك لم تقرأ بالتخفيف عند أحد من القراء.
إذا (ويبَشِّر المؤمنين) (ويبْشُر المؤمنين) لأن القرآن الكريم منهج حياة ينبغي أن يطبق في حياتنا في كل شيء. ولذلك لعل هذا -والله أعلم- هو السر في تقديم تعليم القرآن على خلق الإنسان في سورة الرحمن. 
يعني عندما قال الله (الرحمن علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان) هل تعليم القرآن قبل خلق الإنسان أم أن خلق الإنسان كان قبل تعليم القرآن؟
معنى (علِم القرآن ) أي أن الله تبارك وتعالى وضع المنهج المنظم لحياة العباد قبل أن يخلقهم لأنه يعلم طبيعة خلقه ويعلم ما يصلحهم فجعل تعليم القرآن يسبق خلق الإنسان. كما -ولله المثل الأعلى- المهندس عندما يصنع جهازا ألا يضع لهذا الجهاز النظام الذي يصلحه وكيف يصلحه من يريد كما يسمى الكتالوج. فالصانع يضع ما يصلح صنعته قبل أن يوجد المصنوع، وكما قال تعالى(صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون).
 طبعا هناك فرق بين الصبغة وبين الصنعة. فالصبغة هو تنفيذ المصنوع منهج الله جل وعلا فكأنه صبغ بهذا المنهج ولذلك قال الله فيها (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) يعني أن الله وضع للعباد المنهج ووفقهم لهذا المنهج ووفق من أراد النجاح في هذا المنهج، وفقه الله تبارك وتعالى فكأنه مصبوغ بتلك الصبغة.
س: ماذا عن الأنبياء السابقين؟
الأنبياء السابقين لم يخرجوا عما في القرآن من أسس (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) 
أيضا جعل الله القرآن مهيمنا على ما قبله من الكتب (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه) حتى من معاني القيوم المهيمن، أي أنه جعل القرآن قيما أي مهيمنا على الكتب السابقة. (****)

(ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات) اشترط هنا شرطين اثنين في استحقاق الأجر:
 الإيمان والعمل الصالح. فالإيمان بلا عمل صالح هو الإيمان اللغوي ولا يعطي صاحبه الحق في استحقاق الأجر إلا بالعمل الصالح. 
ولذلك قلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جعل النفس المؤمنة التي لم تعمل الصالحات قط مع النفس الكافرة في حكم واحد عندما قال الله تعالى: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) ذكر أن نفسا لن ينفعها الإيمان، طيب أي نفس يا رب؟ ذكر نفسين بعد ذلك قال: 
●(لم تكن آمنت من قبل) هذه هي النفس الكافرة، فعندما تأتي بعض آيات ربك ويؤمن ويعلن إيمانه الذي لم يؤمن قبل ذلك لا يقبل منه إيمان في هذا الوقت. 
وعبر بـ (بعض آيات ربك) إشارة إلى أن منها حالة الموت والاحتضار وقت خروج الروح. فإن وقت خروج الروح هي بعض آيات الله جل وعلا ومقدمات اليوم الآخر، فمن أتى في هذا الوقت وأعلن ايمانه لا يقبل منه.  
● النفس الثانية: (أو كسبت في إيمانها خيرا) إذن هذه مؤمنة؟! نعم، نفس مؤمنة لكنها لم تكسب الخير قط، نفس مؤمنة لم تكسب الخير في عمومه. وكلمة (خيرا) هنا نكرة يعني لم يصلِ لله قط ولم يكن يعيش في الدنيا إلا ليأكل ويشرب فقط. 
 هناك أناس في المجتمعات على هذه الصفة، وناس كُثر -والعياذ بالله جل وعلا- ولا يدركون أن لهم ربا، يعيشون في الدنيا عيشة الحيوانات، مؤمنون إيمان لغوي، الإيمان بالبطاقة فقط، ولدت في مجتمع مؤمن فكانت مؤمنة إنما لم تفعل الخير قط.
 (أو كسبت فيه إيمانها خيرا) لم يكسب الخير قط في حياته.
 لكن هؤلاء مسؤولون منا مسؤولية كاملة. كيف؟ 
القرآن الكريم أشركهم مع النفس الكافرة فهؤلاء يحتاجون إلى التوجيه بأسلوب جميل، بالأسلوب الذي ينفع مع هؤلاء، يعني كل واحد له أسلوبه، والآخر له أسلوبه، وكل واحد يصلح معه أسلوب لا يصلح مع الآخر. 
وأنا قلت لكم سابقا في إحدى المحاضرات قريبا. أن هناك من وفقه الله جل وعلا وأخذ بأيدي هؤلاء بأسلوب جميل. لأن الأهم أن تأخذه إلى المسجد، أو أن تجعليها تصلي، بعد ذلك رب العباد هو الذي سيهدي قلبه أو قلبها لأنك لا تملك القلوب. ولأنك لا تملك قلبك، يعني قلبك أنت لا تملكه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق