الثلاثاء، 21 فبراير 2017

فوائد من تفسير السعدي / سورة الأنبياء

/ في معنى قوله: ( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ ) قولان:
 أحدهما: أن هذه الأمة هي آخر الأمم ورسولها آخر الرسل وعلى أمته تقوم الساعة، فقد قرُب الحساب منها بالنسبة لما قبلها من الأمم لقوله صلى الله عليه وسلم « بعثت أنا والساعة كهاتين » وقرن بين إصبعيه السبابة والتي تليها.
والقول الثاني: أن المراد بقرب الحساب الموت، وأن من مات، قامت قيامته، ودخل في دار الجزاء على الأعمال، وأن هذا تعجب من كل غافل معرض، لا يدري متى يفجأه الموت، صباحا أو مساء، فهذه حالة الناس كلهم، إلا من أدركته العناية الربانية، فاستعد للموت وما بعده. / {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلا رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وهذه الآية وإن كان سببها خاصا بالسؤال عن حالة الرسل المتقدمين لأهل الذكر وهم أهل العلم فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين أصوله وفروعه إذا لم يكن عند الإنسان علم منها أن يسأل من يعلمها ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم ونهي له أن يتصدى لذلك وفي هذه الآية دليل على أن النساء ليس منهن نبية لا مريم ولا غيرها لقوله ( إِلا رِجَالا ).

{وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} هذه الآية من أدلة إثبات الشفاعة وأن الملائكة يشفعون.

/ {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ( ٣٤ ) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}
هذه الآية تدل على بطلان قول من يقول ببقاء الخضر وأنه مخلد في الدنيا، فهو قول لا دليل عليه ومناقض للأدلة الشرعية.

 / ‏{‏وَهَذَا‏ ‏ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ‏} كونه ‏{‏مباركا‏}‏ يقتضي كثرة خيراته ونمائها وزيادتها، ولا شيء أعظم بركة من هذا القرآن، فإن كل خير ونعمة، وزيادة دينية أو دنيوية، أو أخروية، فإنها بسببه، وأثر عن العمل به، فإذا كان ذكرا مباركا، وجب تلقيه بالقبول والانقياد، والتسليم، وشكر الله على هذه المنحة الجليلة، والقيام بها، واستخراج بركته، بتعلم ألفاظه ومعانيه، وأما مقابلته بضد هذه الحالة، من الإعراض عنه، والإضراب عنه، صفحا وإنكاره، وعدم الإيمان به فهذا من أعظم الكفر وأشد الجهل والظلم.

 / ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ‏} كل مؤمن له من الرُشد بحسب ما معه من الإيمان‏. ‏

/ ( إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ) ينبغي الاحتراز من تعظيم ما حقّره الله إلا إذا أضيف إلى من عظّمه.

 / (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) من بركة الشام أن كثيرا من الأنبياء كانوا فيها ، وأن الله اختارها مهاجرا لخليله ، وفيها أحد بيوته الثلاثة المقدسة وهو بيت المقدس.

 / (وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) شرف هاتين العبادتين وفضلهما لأن من كمّلهما كما أُمر كان قائما بدينه ، ومن ضيعهما كان لما سواهما أضيع . ولأن الصلاة أفضل الأعمال التي فيها حقه ، والزكاة أفضل الأعمال التي فيها الإحسان إلى خلقه.

 / (وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا ۖ إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) الصلاح هو السبب لدخول العبد برحمة الله كما أن الفساد سبب لحرمانه الرحمة والخير ، وأعظم الناس صلاحا الأنبياء عليهم السلام ولذلك يصفهم بالصلاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق