الخميس، 29 سبتمبر 2016

اسم الله ( العفوّ ) / رحلة التدبر / الشيخ خالد الخليوي




 بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد..
 فأهلاً ومرحباً بكم أيها الإخوة الكرام مع لقاء جديد من لقاءات رحلة التدبر ونحن في هذه الليلة في اللقاء الثاني من المجموعة الثالثة التي اخترنا أن تكون جميع الحلقات فيها عن أسماء الله سبحانه وتعالى { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا } .

أخذنا في اللقاء الماضي اسم الله سبحانه وتعالى (الحليم) وسنأخذ في هذه الليلة اسماً مقارباً لهذا الاسم وغالب من تكلم على أسماء الله سبحانه وتعالى إذا تكلم عن (الحليم) جاء بهذا الاسم بجواره أو باسمين أو بثلاثة بجواره فمثلاً: 
إذا تكلم عن اسم الله عز وجل (الظاهر) عادة سيأتي بعده باسم الله (الباطن) 
 إذا تكلم على اسم الله سبحانه وتعالى (الغفور) سيأتي باسم الله (الشكور) أو (الرحيم) أسماء مقترنة به .
 فما هو الاسم الذي تتوقعون أنه يُناسب اسم الله عز وجل (الحليم) وهو الذي سنأخذه في هذه الليلة ؟
جـ: الكريم.
 جيد  لكن ليس هو، قريب منه.
جـ: العليم .
لا العليم أبعد، الكريم قريب لأنه مع الحلم كرم .
جـ: الرؤوف.
 أغلب ما يأتي الرؤوف مع الرحيم لأن الرأفة أعظم الرحمة .
جـ: الودود.
 جيد .. لكنها ليست مع الحليم، الغفور أن أقرب واحد لكن ليس الغفور، ممتاز هي مرحلة هي ثلاث مِنن من الله سبحانه وتعالى..
جـ:  العفو.
 أحسنت (العفو) هي ثلاث مراتب:
 يحلَم الله سبحانه وتعالى عليك فلا يعاقبك .
 ثم يغفر لك الذنب فيستر عليك فلا يفضحك.
 ثم يعفو عنك.
 إذاً المراتب الثلاث ماهي ؟
 أنك تعصي فيحلَم الله عز وجل عليك لا يُعجل بعقابك يُمهلك علّك أن تتوب .. أن تُنيب ، فإذا رجعت إليه غفر الله لك ومعنى المغفرة: الستر لا يفضحك لا في الدنيا ولا في الآخرة، وتتضمن المغفرة أن يجعل الله بينك وبين العقاب الذي تستحقه ساتراً من رحمته فلا تُعاقَب عليه لكن أدق من المغفرة العفوّ ، لماذا قلت أدق من المغفرة ؟ لأن المغفرة ستر الذنب وأن الذنب موجود أما العفو محو الذنب خلاص الذنب هذا إذا جاء يُقرأ يوم القيامة غير موجود يمحوه الله سبحانه وتعالى، هذا الذنب يمحوه الله عز وجل غير موجود فلا تقرأه الملائكة ، إذاً اسم الله عز وجل (العفو) مناسب لاسم الله عز وجل (الحليم).
قال أهل العلم : إن هذا الاسم ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى خمس مرات ، أربع مرات مقرون باسم الله (الغفور) ، ومرة واحدة مقرون باسم الله عز وجل (القدير) فالله عز وجل يقول : { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا } أما (القدير) فقال الله عز وجل : { إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا } ولو سألتكم الآن وتعجلت بهذا السؤال 
ما مناسبة اقتران العفو بالغفور ؟ 
أن الله يغفر لك فيستر عليك ثم يمحو هذا الذنب .
 ما وجه اقتران اسم الله العفو بالقدير ؟ 
أنه قادر على العقاب ولذلك -لعلنا ذكرنا في الاسبوع الماضي- أنه متى يُسمى الحليم حليماً ؟ إذا كان قادراً على العقاب، إذا كان غير قادر على العقاب يُشكَر على أن يعفو عنه وله الأجر أن يقول سامحته لكنه أصلاً غير قادر على أن يعاقبه، غير قادر على أن يرد أمواله، غير قادر على أن يعيد حقوقه، غير قادر هذا لا يُسمى حليماً، إنما الحليم الذي هو قادر أن يعاقِب ومع ذلك لم يُعاقِب ، لم يتعجل بالعقوبة ولذلك قالوا في العبارة المشهورة : <العفو عن المقدرة>  لا يعني هذا أن الإنسان لا يعفو، افترض أنه هرب اللِّص ما تستطيع إليه سبيلاً ومع ذلك تقول لوجه الله سبحانه وتعالى عفوت عنه وفي هذا قصة ابن مسعود المشهورة لما سُرق متاع له أظنه في المسجد فقيل له ادعُ عليه أنت صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فرفع يديه يدعو لكن ليس عليه وإنما له : اللهم إن كان محتاجاً إلى هذا المتاع الذي سرقه مني اللهم فبارك له فيه وإن كان غير محتاج اللهم فاجعله آخر ذنبه ، وهذه مثل دعوة سعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه وأرضاه سعيد بن جبير من الذي قتله ؟ أمير ظالم ظالم طاغية من هو ؟ الحجاج بن يوسف فرفع يديه سعيد بن الجبير لكن ما قال يارب أنقذني من هذا الطاغية قال : " اللهم لا تسلطه على أحد بعدي" فقتل سعيد بن جبير ثم مات الحجاج بن يوسف ، قال : لا تسلطه على أحد بعدي ، يعني كأنه يقول يارب أحتسب  وآخذ بالعزيمة وأتحمل هذا الظلم من أجلك لكن يارب لا تسلِّطه على أحد بعدي .
/ ما معنى اسم الله عز وجل العفو ؟ 
معنى عام ومعنى ألصق بمعنى العفو في اللغة العربية، فالمعنى العام للعفو: هو الذي يتجاوز عن العقاب اعف عني اصفح عني تجاوز عن عقابي، إذا العفو: أن تتجاوز عن عقاب أحد يستحق العقاب ، يحصل أحياناً بين البشر أنك تطلب منه العفو عند طاغية فيكلمك وزراؤه اطلب منه العفو واكتب له رسالة ياجماعة والله ما أخطأت والله ما قلت إلا الحق وقلته بأسلوب حق، فيضطر أحياناً إلى أن يلتمس من هذا الوالي الطاغية العفو وهو لم يخطئ فيعف عنه الوالي لكن نقول هذا العفو ليس في محله لأن العفو المستحب هو أن تعفو عن إنسان يستحق العقاب يعني فعل ما يستحق معه العقاب أن يحصل أحياناً لقد عفوت عن فلان وفلان وفلان مكرمة مني، ليست مكرمة أصلاً هو لم يخطئ حتى تكون مكرمة لكن يتحمل الإنسان ويعتبرها عفواً منك لأجل أن يخرج من هذا الظلم لكن إذا أردت المعنى الدقيق للعفو أن تعفو عمن يستحق العقاب فعلاً لا أن تظلمه ثم تعفو عنه، أما مع الله سبحانه وتعالى فلا يعفو الله عز وجل إلا عمن يستحق العقاب فعلاً لأن الله سبحانه وتعالى ألزم نفسه إلزام تفضُّل وهو صفة كمال لله عز وجل 
{ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } 
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} 
{ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ}
أما المعنى الدقيق في اللغة : فهو المحو من قولهم <عفت الرياح الأثر> كان في أثر فجاءت الرياح فعفت الأثر ما معنى عفت الأثر ؟ يعني محت الأثر. إذاً عفو الله عز وجل عن العبد أن يمحو الذنب إذاً العفو بهذا المعنى يصبح أعلى منزلة من المغفرة .
 وهنا الآن على لساني أن أسألكم هذا السؤال وماهو الفرق بين العفو والصفح ؟
 الله عز وجل أمر بالعفو وأمر بالصفح { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } قبل ما تذكرون الفرق أيهم أعلى الصفح أو العفو ؟ الصفح .
 طيب ما الفرق بين العفو والصفح ؟ الصفح منزلة أعلى، يعني إذا قلنا أشد الخوف اسمه الخشية، وأشد الرحمة اسمها الرأفة، وأشد العفو اسمه الصفح ، العفو أعفو عنك لكن لا أُلام أن يبقى في نفسي شيء عليك، أنا عفوت عنك خلاص لا أعاقبك لكن لا تشدد علي وتقول احلف لي بالله أنه ليس في قلبك شيء، أحياناً ما أستطيع ، ما أستطيع، الذي أستطيعه هو ما في جوارحي أني قلت يارب عفوت عنه لكن إذا وصل الإنسان إلى مرحلة عُليا يستطيع على الصفح أنه أعفو عنك -لاحظ - ولا أُثرِّب عليك ولا أُذكِّرُك بالذنب وكأن الذنب لم يُفعل وليس في قلبي شيء عليك رأيتم منزلة الصفح .
 تحققت منزلة الصفح في أحد ذكره الله عز وجل في القرآن تحققت فيه جلية واضحة؟
 يوسف، يعني ماذا فعل به أخوته ؟ فعلوا فيه ما لن يتحمله أحد يعني طردتموني حاولتم قتلي وفعلاً أوديتم بي إلى أسباب الهلاك وانتقلت ظلماً من حر إلى عبد وسجنت وتعرضت للمهالك وأبعدتموني عن أبي ما يقارب أربعين سنة حتى وصلوا إلى مرحلة ما عرفوا يوسف، ما عرفوه ومع ذلك لا يذكِّرهم بشيء هم يقولون ليوسف عليه السلام :{قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا } ثم يقولون - هم يُذكِّرونه- : { لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا} مع ذلك يوسف ما يُذكِّرهم بشيء { لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} و { لَا } هذه نافية للجنس، يعني أدنى تثريب لن أقوله لكم يعني ما قال : لقد فعلتم ما فعلتم لكن الله يعفو عنكم ..لا، حتى الكلمة ما قالها بل قال ما هو أعظم من ذلك : {َ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ } ولما جاء يتحدث مع أبيه {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ } انظر من أين بدأ بداية القصة ليس أخرجني من السجن اخرجني من بيتي، وقد أحسن بي إذ أخرجني من البئر، وقد أحسن بي إذ رأفت امرأة العزيز علي لما كنت صغيراً، لا.. بدأ بشيء لا يُذكِّر به إخوانه ولا يعلمون عنه {أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْن وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْو} لاحظ { مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } جعل القضية مشاركة بينه وبين إخوته يعني كأنه أنا عليّ الخطأ خمسون بالمائة وعليكم الخطأ خمسون بالمائة وهو طفل صغير ما عليه أدنى خطأ لا.. لا.. ترى القضية بيني وبينكم ترى القضية أن أسامحكم وأن تسامحوني.
جدهذه منزلة عالية طيب لماذا هذه المنزلة عالية ؟ لأن الجنة درجات ، في أحد يدخل أصل الدخول في الجنة وواحد في الدرجة الثانية والثالثة على حسب، وأحد مع الأنبياء والمرسلين فمن أراد الدرجات العليا فعليه على العمل العالي حتى يُكتب في كتاب عالي { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } والعلو يعني السعة أو يتضمن السعة وقال الله سبحانه وتعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ * لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَة } لماذا في جنة عالية ؟ لأنهم عملوا عملاً عالياً فكتب في كتاب عالٍ فهم في جنة عالية.
/ اسم الله سبحانه وتعالى العفوّ ورد في القرآن وقد ذكرنا لكم بعض الآيات، وهل ورد في السنة ؟ 
نعم ورد في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت :(يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال :  قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ) وهذا من أعظم الدعاء ومن أعظم الابتهال إلى الله سبحانه وتعالى ومن أعظم مفاتيح خزائن الله عز وجل على العبد، (اللهم إنك عفو) باسم الله ثم بما هو أدق بمجرد العفو (اللهم إنك عفو تحب العفو) يمكن يحصل عند بني البشر أني أعفو لكن ليست محبتي للعفو كثيرة لكن ها أنا اطبقها، لا ياربي أنت عفو وتحب العفو تحب العفو منك على عبادك وتحب العفو من عبادك على عبادك.
 إذا أردنا أن نتحدث على آثار إيماننا بهذا الاسم :
/ فأول أثر أن أُحب الله سبحانه وتعالى، هذا أثر يتكرر معنا في كل اسم من أسماء الله، إذا علمت أن الله قدير، أن الله غفور، أن الله عفوّ وله العفو الكامل وله المغفرة الكاملة وله الرحمة الكاملة، أحببت هذا الإله العظيم لأن الإنسان مجبول على محبة صاحب الكمالات . وهذه ذكرتها في أكثر من لقاء تتعرف على إنسان تحترمه فإذا علِمت أنه الأول في الفصل أو الأول في القاعة - سبحان الله - يزيد احترامك ومحبتك له، فإذا علمت أنه كريم، إذا علمت أنه شجاع، إذا علمت...الخ فكلما تعرفت على صفات الكمال البشري عنده قلبك ما يتمالك إلا أن يحب هذا الإنسان ويحب الكمالات الموجودة فيه فما بالك بالذي له الكمال المطلق .
 / الأثر الثاني : من آثار معرفتنا لاسم الله عز وجل العفو أن أتصف بصفة العفو .
 ما فائدة اسماء الله سبحانه وتعالى ؟ أمجرد المعرفة ؟ لا..
 أمجرد العلم ؟ لا..
 أمجرد الإحصاء العددي ؟ 
أمجرد الكتابة ووضعها في المجالس ؟ لا ..
إن لم تؤثِّر على واقعك، تؤثِّر على سلوكك .. على أخلاقك ..على تعاملك، فإنك لم تفقَه حقيقة دين الله عز وجل ، الله ما أنزل هذا الدين أبداً للمعلومة المحضة، للثقافة المحضة هذه خذها في الجغرافيا خذها في التاريخ خذها في الإنجليزي خذها في المواد الثانية ممكن تكون معلومات محضة وممكن تكون معلومات تطبيقية لكن دين الله مافيه ثقافة محضة كله للتطبيق {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ } لماذا هذه القصص مجرد تسلية ؟ لا.. {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } .
الآن إذا قلت لك مساحة المملكة كذا من مئات الألوف أو الملايين هذه معلومة محضة، هل تأتي إلى زوجتك وتحضر لها هدية وتخشع في صلاتك وتذهب إلى جارك وتستسمح منه لأنك أخطأت عليه فقال لك : ما الذي أثر عليك فتقول له الحقيقة أنا قرأت أن مساحة المملكة كذا مليون كيلو متر مربع فهذه أثرت على قلبي فأثرت على واقعي ؟ هذه معلومة محضة ما تؤثر، مالها علاقة بالأخلاق، هذه معلومات محضة فقط، لكن قرأت أن الله سبحانه وتعالى قدير، أن الله رحيم، أن الله عفو أن الله يعطي، أن الله يُيسر لعبده مع كثرة ما يعصيه هذا العبد هذه تؤثر، أن الله حرّم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرماً هذه تؤثر، لما تقرأ في قصة موسى مع فرعون أو قصة موسى مع الخضر أو قصة موسى مع بني إسرائيل أو قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع قومه تؤثر كيف عاملهم النبي صلى الله عليه وسلم . 
أنا هنا أسألكم لما تحدثنا عن اسم الله عز وجل (الحليم) عن اسم الله الحليم ذكرت بيت شعرٍ ذكرت بيت شعر من حفظه منكم -لا ألومكم إن لم تحفظوه- لكن من كتبه منكم لأن أخذنا هذا البيت إثبات على معلومة، مهم وقيد مهم في مسأله الحِلم .
ها تذكر البيت ما احد كتبه قلت لكم لا ألومكم على مسأله ان لم تحفظه لكن لا اقل من ان تكتبه.
  إذا أمِن الجهال جهلك مرةً ** فعِرضك للجُهّال غُنمٌ من الغُنم 
... أحسنت ، إذاً ذكرناه أنك في أصلك تحلم لكن أحياناً لا مانع من أن تُعاقِب إذا خشيت أن هذا الإنسان يتمادى، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى يحلم على بني آدم لكن يعاقبهم أحياناً حتى ما يتمادى الإنسان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِته ) وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم { وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } فأنت بيّن لولدك، بيّن لتلميذك، بين لزوجتك، أحياناً أنه أحلم على خطأ .. خطأين .. ثلاثة .. لكن شعرت أن الحِلم لم يكن في محله لا هنا لا مانع من أن أعاقب، لا محبةً في العقوبة لكن العقوبة مثل الدواء، مثل الدواء يتحمل الإنسان مرارةً من أجل الشفاء.
 اذاً إذا أمِن الجُهّال جهلك مرةً وليس المراد هنا بالجهل بمعناه اللفظي لكن إذا أمِن الجُهّال جهلك جاءت من باب يسمى في اللغة العربية من باب المقابلة فقط يعني مثال قول الله عز وجل : { وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا } هل السيئة الثانية يطلق عليها سيئة لا ليست سيئة لأني أنا أُخطيء عليّ السيئة الأولى، أما الثانية فهي { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } فالصحيح ليست سيئة لكن ذكرت من باب المقابلة فقط يقول : 
ألا لا يجهلَن أحد علينا ** فنجهل فوق جهل الجاهلين 
 لا يقصد هو الجهل ، ما يقصد الجهل لكن يقول إذا جهلت ترى أنا جاهل مثلك، مثل قول عمر "أنا لست خباً ولا الخِب يخدعني" ولذلك من أفعال الله عز وجل أنه يمكُر مع أنه ينقدح في أذهاننا أن صفة المكر صفة ليست جيدة فإذا مكرت بالماكر أصبحت صفة  مدح ولذلك قيل وليست على إطلاقها : "التكبر على المتكبر فضيلة" أنت غير متكبر لكن تريد أن تتكبر عليه حتى تُشعره بأن هناك من هو أعلى منك وأن المناسب لك التواضع فأنا أعاملك بنفس معاملتك أريد أن أذيقك ما تُذيق هؤلاء الناس . 
دعونا نتحدث ولو شيء يسيراً عن حِلم النبي صلى الله عليه وسلم، عفو النبي صلى الله عليه وسلم .
حلمه عمن عصى أمره أو خالف هديه واستحق العقاب فلم يُعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عفوه، وأما ما يتعلق بالله عز وجل فقد أشرنا إلى ذلك وإلا يا أيها الناس يُرتكَب على وجه هذه البسيطة ما نعجز نحن يقيناً عن أن لا نُعجِّل بعقابه -وضحت العبارة- يُرتكب على وجه هذه البسيطة ما نعجز نحن يقيناً أن لا نعجل بعقابه ، يعني الآن لو كان الأمر - أمر سوريا - بأيدينا وأمر قتل هذا الطاغية بأيدينا وزِر ماذا نفعل ؟ ضاغطينه من أول يوم ، ويمكن ضاغطينه لمن يعرف حقيقته قبل أن يفعل بإخوننا في سوريا ما فعل ما نتحمل، يُرتكَب على وجه هذه البسيطة حتى في حق الله عز وجل أنا قلت لكم لا تدخلوا لكن لو دخلتم إلى عبارات اللبراليين في منتدياتهم لوجدتم الشيء الذي لا يُطاق ، لا يُطاق قراءته فكيف يعتقده الإنسان أو يتجرأ على الله عز وجل فيه، يسخرون بالله يجعلون الله سبحانه وتعالى أضحوكة بينهم ، الله .. الله الخالق سبحانه وجلّ، والله سبحانه وتعالى حليم عليهم ولذلك ورد في الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم :( ليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله إنهم ليدَّعون له الولد ويجعلون لله الند وهو يعافيهم ويرزقهم) يعني ليست القضية أن الله سبحانه وتعالى لم يعاقبهم وانتهت القضية لا، بل أنا لا أعاقبكم ومع ذلك أرزقكم وأعافيكم وهذه رحمة الله سبحانه وتعالى حتى نتخيل أن رحمة الله ليست كرحمة البشر وإلا يتعجب الإنسان أحياناً كيف الله سبحانه وتعالى يترك هذا الطاغية وكيف يترك الطغاة في الأرض الذين يفعلون بأخوَاتنا ما يتمنى الإنسان أن تنشق الأرض وتبتلعه ولا يرى هذا المشهد من انتهاك الأعراض ومن قتل الأطفال والتفنن في تعذيبهم شي لا يتحمله هذا المخلوق لكن الإله له صفات الكمال وله الحكمة الكاملة سبحانه وتعالى .
 ذكِّرونا ببعض عفو النبي صلى الله عليه وسلم وحلمه أحد يتذكر ؟ 
في فتح مكة (ما تظنون أني فاعل بكم أخ كريم وابن أخ كريم اذهبوا فأنتم الطلقاء)
 كذلك أهل الطائف ..، هذه ليست لأهل الطائف، لما طرده أهل الطائف فجاءه ملك الجبال مُرني أن أطبق الأخشبين على أهل مكة لأن الأخشبين في مكة وليس في الطائف .
 في الحديبية في صلح الحديبية فيه معاني لسعة صدر النبي صلى الله عليه وسلم.
 الأعرابي في الصحيح في البخاري وفي غيره لما جبذ النبي صلي الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ يقول الراوي -أظنه أنس- يقول فرأيت أثر شدة الأعرابي في عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وماذا قال ؟ (مُر لي يا محمد من مال الله الذي أعطاك) انظر الغلظة أول شي مُرْ لي ، ما فيه التماس إن كان فيه فرصة يا رسول الله، ياليت تعطيني أنا إنسان محتاج، ما فيه التماس، (مرلي) بعدين ما قال يا رسول الله (يا محمد) أنت واحد منا مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا } لا تناديه يا محمد لكن هؤلاء أعراب وقال : مُر لي من مال الله ترى ماهو مالك ولا مال أبيك ولا مال أمك ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ضحك وقال : ( أعطوه من مال الله ) .
كذلك في قصة كعب بن مالك القصة الطويلة المشهورة .
 لعلنا نكتفي بهذا القدر فقد انتهى الوقت معنا . أسأل الله سبحانه وتعالى الحليم أن يصُب علينا من حِلمه وأن يرزقنا من عفوه اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .. اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق