الأحد، 10 أبريل 2016

المثل في سورة العنكبوت / د. مساعد الطيار


المثل الحادي عشر وقبل الأخير: وهو قوله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى-:
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[العنكبوت: 41]. طيب هذا المثل أَيْضًا لاحظوا أنه مثل كما قال ابن الجوزي قال فيه يعني:
" (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ) يعني الأصنام - إذًا رجعنا إلى الأمثال المرتبطة بالشرك - قال: يتخذها المشركون أولياء يرجون نفعها ونصرها، فمثلهم في ضعف احتيالهم كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا"
 طيب بيت العنكبوت هو مجرد خطوط رقيقة جدًا. الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- يقول: (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِْ) من عهد آدم -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- وأي طفل صغير أو حشرة تدخل هذا البيت تُفسده ولا لا؟. يعني لو أخذت قشة وحرّكت بها بيت العنكبوت أفسدته، العنكبوت يحتاج إلى وقت لكي يبني هذا البيت، هل هذا المعنى يحتاج إلى تفهيم؟  في واحد من البشر في الصين ولا في أمريكا، ولا مثلًا القطب المتجمد الظاهر ما في عناكب يمكن ما يعرفون العناكب. عمومًا يعني العنكبوت أينما يوجد، في واحد من الناس ما يعرف إن بيت العنكبوت من أسهل ما يكون هدمه؟ ما في ولا لا؟ الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- يحتج لجميع البشر. يقول لهم: الأصنام التي تعبدونها هذه مثل بيت العنكبوت، يعني الذي اتخذ أصنام كالذي يتخذ بين العنكبوت وقاءًا له، أوهن البيوت بيت العنكبوت.
 تصور أنت رأيت بيت العنكبوت في شجر وتظللت ببيت العنكبوت هذا وقاء الشمس أو المطر، يقيك هذا؟ عابد الصنم مثله. ولذلك قال الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى-: (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)[العنكبوت: 41] يعني لاحظ الله يضرب المثل الآن أن مثل عبادة الأصنام كمثل المستجير ببيت العنكبوت، أو كمثل بيت العنكبوت وأوهن البيوت هو بيت العنكبوت، يعني بقشة يزول، إذًا كأن المعنى أن الشرك لو كان هذا يريد أن يعلم وفتح قلبه للعلم يزول منه الشرك كما يزول أَيْضًا بيت العنكبوت؛ لكنه سبحان الله اتخذ الشرك طريقًا. طيب
يقول ابن الجوزي: "كأن العنكبوت -هو طَبْعًا قال- والعنكبوت أنثى وقد يُذكِّرها بعض العرب، الذي هذا يقوله ثعلب، قال: كأن العنكبوت هو ابتناها. فذكر فقط هنا التنبيه على طَبْعًا العنكبوت؛ لكن الذي نريد أن نصل إليه كلام الطاهر بن عاشور في علاقة هذا المثل بما قبله قال:
"لَمَّا بُيِّنَتْ لَهُمُ الْأَشْبَاهُ وَالْأَمْثَالُ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي اتَّخَذَتِ الْأَصْنَامَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ أَصْنَامُهُمْ لَمَّا جَاءَهُمْ عَذَابُ اللَّهِ. أَعْقَبَ ذَلِكَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ" لأن سورة العنكبوت ذكرت قبل مَنْ اتخذوا عبادًا أو من عبدوا غير الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- وكلهم ذكر الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- إهلاكه. فجاء هذا المثل كأنه ختام وعاقبة لما ذُكر من قصص هؤلاء،.
 قال: "أَعْقَبَ ذَلِكَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ لِحَالِ جَمِيعِ أُولَئِكَ، وَحَالِ مَنْ مَاثَلَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ فِي اتِّخَاذِهِمْ مَا يَحْسَبُونَهُ دَافِعًا عَنْهُمْ وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِحَالِ الْعَنْكَبُوتِ تَتَّخِذُ لِنَفْسِهَا بَيْتًا تَحْسَبُ أَنَّهَا تَعْتَصِمُ بِهِ مِنَ الْمُعْتَدِي عَلَيْهَا، فَإِذَا هُوَ لَا يَصْمُدُ وَلَا يَثْبُتُ لِأَضْعَفِ تَحْرِيكٍ فَيَسْقُطُ وَيَتَمَزَّقُ. وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ، وَتَعْلَمُ مُسَاوَاةُ غَيْرِهِمْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ بِدَلَالَةِ لَحْنِ الْخِطَابِ
- يعني الآن المقصود قريش يدخل غيرهم كما قال: بلحن الخطاب - وَالْقَرِينَةُ قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ)[العنكبوت: 42] فَضَمِيرُ اتَّخَذُوا عَائِدٌ إِلَى مَعْلُومٍ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ وَهُمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ." وكذلك كل من عبد غير الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- يدخل في هذا الخطاب لكن المقصود أولًا هم مشركو قريش، فإذًا كأنه يقول: عابد الوثن مثل هذا العنكبوت، عابد الوثن اتجه إلى الوثن -الصنم- ليحتمي به كما أن هذا العنكبوت يحتمي ببيته الذي لا يستطيع أن يقيه لا من حرٍ ولا من قر، ولا حتى تجده ما يهتز لو طفل صغير رضيع حرّكه حركة انتهى هذا البيت. طَبْعًا التمثيل في هذا واضح، وتعلمون أَيْضًا أن السورة هذه سورة العنكبوت سميت باسم هذه الآية، ما مر علينا مثل سابق سميت السورة باسم شيءٍ في المثل ولا لا؟. يعني مما مر علينا ما مر إلا هذه، فهذا يحسُن أن نقف عنده تنبيهًا فقط:
 سورة العنكبوت نحن لو تأملنا السورة يعني في موضوعاتها، وأردنا أن نعرف ما العلاقة بين سورة العنكبوت وموضوع هذا المثل. طَبْعًا لاحظوا أن بداية السورة تتحدث عن مسألة قدرية وهي أن الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- قد قدّر على المُؤْمِنِيْنَ المحنة والابتلاء. ثم بعد ذلك بدأ الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- بعد ذلك بآيات بدأ يذكر الأمم التي عبدت غير الله وكيف عاقبها، يعني ذكر جماعة منهم إلى أن ذكر إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام-. ذكر أَيْضًا لوط، ذكر شعيبًا، ثم ذكر قارون وهامان، ثم ذكر الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- العاقبة العامة لهم قال: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ذكر أربع أنواع من العقابات، يأتينا بعدها مباشرةً: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ) يعني هذا تحذير شديد للذين خوطبوا أولًا بهذا وهم قريش، الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- ضرب لكم أمثال بقوم نوح، وقوم هو وصالح شعيب لوط إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام-، فرعون هامان قارون كل هؤلاء ضرب لهم الأمثال، ثم ذكر بعد ذلك هذه الآية.
نحن أردنا أن ننظر أَيْضًا بلاغة اختيار هذا الاسم العنكبوت دون غيره من الأشياء التي وردت في هذه السورة،  فما هي الحكمة التي يمكن أن نتلمسها من اختيار اسم العنكبوت للسورة؟
... يعني هذا كلامك صحيح لكن نريد أدق من هذا، يعني خلونا عشان هذا الآن بيت العنكبوت وقصة العنكبوت التي ذكرها الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- في هذا المثل، يُمثِّل لنا الحالة التي يكون عليها أهل الشرك. الذين ذكرهم الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى- في السورة، يعني أغلب السورة تتحدث عن هؤلاء، فكأنها صارت رمز لأهل الشرك هؤلاء الذين ذكرهم الله -سُبَحّْانهُ وَتَعَالَى-. وأن مآل كل من كان مثلهم مآل هذه العنكبوت التي لا تستطيع أن تتقي ببيتها شيئًا، فناسب أن يكون اسم السورة العنكبوت إشارة إلى هذا المعنى المذكور في هذا المثل. طَبْعًا هذه فائدة زائدة أذكرها فقط من باب الإضافة على موضوع المثل.

لتحميل المادة الصوتية : 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق