الخميس، 12 نوفمبر 2015

الولاء والبراء وواقعية الإسلام في سورة الممتحِنة

ضيف الحلقة : د. مصطفى مسلم 

نبدأ على بركة الله مع سورة الممتحنة
أسماء السورة:
هل الصواب أن نقول الممحَنة أم الممتحِنة؟

سورة الممتحنة كأن الله سبحانه وتعالى -وهذا شأن القرآن الكريم- يعني عندما يستعرض المؤمن -طالب العلم- سور القرآن الكريم يجدها تقع على مشاكل المسلمين وأحداثهم وكأن هذه السورة نزلت في أيامنا هذه لتبين مواقف المسلمين.
أما بالنسبة ﻷسمائها: فتسمى سورة الممتحِنة -بالكسر- للسورة التي كانت بواسطتها تُمتحن النساء، والممتحَنة -بالفتح- بالنسبة للمرأة التي امتُحنت. <اسم فاعل واسم مفعول>.
وأيضا تسمى سورة الامتحان، وتسمى سورة المودة لورود كلمة "المودة" ثلاث مرات في السورة.
ولكن كل هذه اﻷسماء ليست توقيفية عن رسول الله وإنما أطلق الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ثم بعد ذلك سُجلت عندما وُضعت أسماء السور اختارها بعض التابعين لهذا اﻷمر.
نزول السورة:
سورة الممتحنة بجميع اﻷقوال هي سورة مدنية.
وقت نزولها كان قبيل فتح مكة، الرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاءه الخبر وجاء شيخ بني خزاعة يستنجد رسول الله ﷺ على بني بكر حُلفاء قريش أنهم نقضوا عهد صلح الحديبية وطلب منه المدد والعون ﻷنهم اعتدوا وقتلوهم ركعا سجدا
<إن قريشا أخلفوك الموعدا>
فقال رسول اللهﷺ أبشر. رسول الله ﷺ كان حريصا على ألا تُراق الدماء في ساحات مكة وميادينها -يحافظ على حرمة البلد الحرام- فأمر الصحابة بالتجهّز ولكن ما حدد الوُجهة صار يلمح إلى مناطق، وهذه كانت طريقة رسول اللهﷺ عندما يريد غزو قوم أو جهة يُوري إلى جهة أخرى ويسأل عن بُعدها عن كذا، دعا رسول اللهﷺ أن يُعمي الله اﻷخبار عن قريش حتى ما يكونوا على استعداد لهذا اﻷمر.
إذا هي مدنية باﻹجماع ونزلت قبيل فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
سبب نزولها:
 نقف هنا وقفة قصيرة
هنالك أربع مناسبات وأربع أسباب نزول لهذه السورة:
/ حادثة حاطب بن أبي بلتعة عندما كتب لقريش بأن رسول الله ﷺ سيغزوكم فخذوا حذركم. هذه افتتاحية السورة نزلت فيها. وهي متأخرة عند إعداد رسول الله العدة، يعني في السنة الثامنة.
 / بينما آيات نزلت في صلح الحديبية <من السورة نفسها> (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الممتحنة 8] هذه كانت بعد صلح الحديبية جاءت أم أسماء بنت أبي بكر -وكانت مُشركة اسمها قتيلة- جاءت إلى أسماء أتت لها ببعض الهدايا من البادية وهي تودُّ في صلتها -ابنتها- فباعتبارها مشركة ابنتها ما قبلت الهدايا ولا أدخلتها بيتها حتى تسال رسول الله ﷺ -انظر قضية الإيمان- قالت لعائشة اسألي رسول الله ﷺ فقالت لعائشة فأذن لها رسول الله  ونزلت اﻵية. إذا هي بعد صلح الحديبية التي هي السنة السادسة للهجرة.
/ وبعد صلح الحديبية أيضا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ..) [سورة الممتحنة 10] أيضا كانت تتعلق ببند إعادة من جاء مسلما من المشركين أن يعيدوه ولو كان مسلما أما إذا ارتد أحد المسلمين إلى قريش فلا يعيدوه إلى المسلمين، هذا  البند الذي في صلح الحديبية أثار حفيظة كثير من الصحابة فجاءت هذه اﻵيات تُلغي البند الجانب المُتعلق بالنساء فلا يجوز إعادة المؤمنة إلى المشركين.
/ أيضا بعد صُلح الحديبية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ .. ) [سورة الممتحنة 12] كانت بعد فتح مكة.
أربع مناسبات ولكن هناك نقطة نريد أن نركز عليها ترتيب السورة ما جاء على الترتيب الزمني، يعني حادثة حاطب بن أبي بلتعة قبل الغزو، حادثة بيعة النساء بعد فتح مكة، جاءت في اﻷخير وأمران يتعلقان بصلح الحديبية جاء في الوسط
 مالحكمة في هذا الترتيب؟
دائما القرآن الكريم يقدم ما يثير اﻷهمية ما يثير الاهتمام القضية اﻷساسية -وهي كما سنأتي في محور السورة- هو قضية الولاء والبراء الولاء والبراء في هذه السورة هو محور السورة ولذلك اﻵية اﻷولى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ) لا تتخذوهم أولياء، آخر اية في سورة الممتحنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ) [سورة الممتحنة 13] أيضا في الولاء والبراء، ولذلك عندما افتُتحت بهذه الآيات التي  تنهى عن الاتصال  بالعدو وإعطاء الولاء لهم لأن أ ساس السورة ومحور السورة يتعلق بالولاء فقُدمت هذه اﻷشياء التي تتعلق بالولاء والبراء <مع تأخرها زمنيا >.
انا دائما أضرب المثل بسورة اﻷنفال، سورة اﻷنفال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) [سورة اﻷنفال 1] تتعلق بغنائم اختلاف الصحابة كان بعد انتهاء المعركة فافتُتحت السورة بها لماذا؟
لأن الأمر الأساسي في تربية الصحابة رضو ان الله عليهم، كانت وقعة كبيرة فاصلة بين المشركين كذا، كان ينبغي -طبعا هم بشر بلاشك- ألا يختلفوا على مثل ذلك،هم ارفع من ذلك. صار لهم مواقف عظيمة وأمور كثيرة وحديث عن غزوه بدر، والثناء على بعض الصحابة عندما جاءوا(**) ولكن كلها جاءت في الوسط وفي اﻷخير بينما قدم نقطة الضعف ليُربي الصحابة ﻷن أهم شيء في هذا اﻷمر قضية إختلافهم على الأنفال ولا ينبغي لهم فقُدِّم الأهمّ في افتتاحية السورة، وكثير من سور القرآن بهذا الشكل يُستفتح بها.
 وهنا أنا أُعلِّق على هؤلاء الذين يريدون تفسير القرآن الكريم على ترتيب النزول، القرآن الكريم ترتيبه خاص توقيفي مُنزّل من عند الله سبحانه وتعالى، الله أحكم هذا الكتاب بهذا الترتيب فلا ينبغي أن نغيّر ونعمل ونحاول أن <يعيد الترتيب>
محور السورة:
محورها الذي تدور عليه هو موضوع الولاء والبراء.
والحقيقة هذا الموضوع -د.مصطفى- خاصة في زماننا هذا كثُر الحديث عنه لكثرة وقوع كثير من المسلمين في موالاة الكافرين حتى أحيانا وصلت المسألة إلى موالاتهم عسكريا على إخوانهم المسلمين. فليتنا نُفيض في محور السورة.
د. مصطفى : الحقيقة أنا عندما أنظر لقضية الولاء والبراء أتذكر حديث رسول الله ﷺ عندما يتحدث عن آخر الزمان (يُمسي الرجل مؤمنا ويُصبح كافرا، ويُصبح مؤمنا ويُمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ) هذه في قضية الولاء والبراء لأن قضية تغيير العبادة أو يخرج من الملة أو كذا يقول هو صار كافر وإلا صار نصراني وإلا يهودي وإلا مُشرِك، هذه بعيدة الوقوع، أما قضية الولاء والبراء وإذ به يُعجب بشيء فيوأيده في مواقفه. إنسان كافر عمل كذا وإذ به يقول هذا أحبه يودُّه يريد أن يكون مثله، هذا -والعياذ بالله- يخرج من الدين دون أن يشعر يعني عندما ينادي -كما حدث عندنا والعياذ بالله في بلاد الشام- يعني عندما يفدي فلان الطاغية بشار والا كذا -الله وسوريا وبشار وبس- هذا كفر هذا شرك، ردة عن الدين -والعياذ بالله- يعني حتى بعض الأمور التي صارت على ألسنة الناس الذين يقولون نريد دولة مدنية، ماذا يعني دولة مدنية ؟ يعني نعطل  شرع الله ونلتزم بالقوانين المدنية ونعادي الكتاب والسنة ولا نُحكّمها!! هذا صار نقض للشهادتين -والعياذ بالله- يعني هو قال يريد دولة علمانية لا نريد الدين لا نريد (..) هذا -والعياذ بالله- كله كُفر وردة .
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: المشكلة أنهم لا يشعرون يعني عندما يقول مثل هذه الكلمة يقول أنا لا أريد أن أدخل اﻹسلام في السياسة وأُلوِّث الدين بالسياسة ﻷن السياسة مبنية على الكذب والتدليس والدين مُنزّه عن ذلك، هو لا يشعر بأنه يقول كلمة الكفر.
د. مصطفى: الحقيقة هذا الدور دور طلبة العلم والعلماء والفقهاء، توعية اﻷمة، الثقافة الدينية وخاصة قضايا العقيدة قضية الولاء والبراء قضية مهمة جدا قد يكون اﻹنسان جالس في بلده في مكان وإذ به خرج من دينه ﻷنه أيّد إنسانا في المشرق أو في المغرب أو في غيره وهو لا يشعر.
وما معنى قضية الردة وقضية الكفر، يعني إذا خرج من دينه -والعياذ بالله- بطل نكاحه صار يمارس الزنا مع زوجته، إذا مات لا يُدفن في مقابر المسلمين، يعني قضية خطيرة في غاية الخطورة. وقضية الولاء والبراء قضية مفصلية تتعلق بالعقيدة فينبغي التركيز عليها وينبغي نشرها بين طلبة العلم حتى يوعوا الناس بهذا الأمر.
السبب الرئيس لنزول السورة:
عندما جهّز رسول الله عليه الصلاة والسلام لفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ولم يُخبر إلا قلّة من الصحابة بتوجهه إلى فتح مكة وأعلن أنه يريد ولمّح إلى جهات أخرى وكان من بين من أُخبر حاطب بن أبي بلتعة. حاطب بن أبي بلتعة أحد الذين سكنوا مكة وليس من صُلب قريش -فالضعف البشري- وإذ به يكتب خطابا لبعض زعماء مكة ويقول إن رسول الله ﷺ يريد غزوكم فخذو حِذركم وأرسل هذا الخطاب مع إمرأة مسافرة إلى مكة جاءت إلى المدينة في الرويات الصحيحة -كما نصت- (ضعينة) ضعينة: المرأة المسافرة؛ فعندما خرجت من المدينة جاء الخبر إلى رسول الله بالوحي أخبره جبريل أن بمكان كذا امرأة ضعينة معها خطاب لقريش، فعندما أُخبر رسول الله عليه الصلاة والسلام أرسل رسول الله عليه الصلاة والسلام علي بن أبي طالب والزبير بن العوام والمقداد بن اﻷسود قالوا أخرجوا إلى روضة خاخ فإن بها ضعينة معها خطاب لقريش ائتوا به. فخرج الفرسان الثلاثة -روضة خاخ مكان بين مكة والمدينة على اثنى عشر ميل من المدينة تقريبا فأدركوها في بداية الطريق وقالوا لها أخرجي الخطاب، أنكرت هذا الشيء فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أخبرنا رسول الله بذلك وما كذب رسول الله فإما أن تُخرِجِنّ الخطاب أو لتضعِن الثياب -سيفتش ثيابها- فعندما رأت الجدّ أخرجته من عقاصها، فعندما أخرجوه وإذ به الخطاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى كذا، فعندما جاءوا بالخطاب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام دعا رسول الله حاطب رضي الله عنه يا حاطب ماهذا؟ قال: يا رسول الله -يعني اسمع مني لا تستعجل علي- والله ما عملت ذلك رِدتا بعد أن أسلمت ولا أريد اﻹضرار المسلمين، كل ما هنالك أن أغلب صحابتك المهاجرين لهم قرابات في قريش وأنت تريد فتح مكة وقد يكون قتال وخشيت لي أولاد وذرية هناك، وليس لي أحد أنا من موالي قريش لست من صلبهم ليس لي أقرباء هناك فأردت أن أتخذ يدا عندهم يحمون بها أولادي، والله ما عملت ذلك رِدة فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: أما هذا فقد صدقكم -صادق في هذا الشيء- ولكن سيدنا عمر نظر إلى الجريمة، يا رسول الله نافق الرجل دعني أضرب عنقه. يعني النظر إلى الجريمة جريمة خيانة عظمى في حالة حرب وتُخاطب اﻷعداء وتكشِف سرا من أسرار الدولة خيانة عظمى هذه ولكن الرسول نظر إلى الضعف البشري <أظن الجيوش المعاصرة تعاقب على هذا بالقتل > حتى بعضهم إذا كان في حالة إعداد حرب وإعداد جيوش قتل ميداني بدون محاكمة كثير من الناس ينفذون هذا.
 ولكن الرسول نظر إلى صدق الرجل وإلى الضعف البشري فقال: (لا يا عمر إنه من أهل بدر ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم). فقال عمر: الله ورسوله أعلم -سكت، كان وقافا عند حدود الله- رضي الله عنه.
هذا بالنسبة للحادثة الرئيسية للآيات التي افتُتحت بها ولكن اﻵيات اﻷخرى التي لها أسباب نزول أخرى كما قلنا (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) يعني قضية -وهذه أوجهها للجيش الحر وﻹخواننا المجاهدين- يعني هنالك من الطائفة النُصيرية طائفة، يعني لم تشترك كلها في ذبح الناس، في قتل الناس فلا ينهاكم الله عن اﻹحسان إليهم ومعاملتهم بالعدل، يعني كل من ارتكب جريمة، انتهك عرضا، اعتدى على مسلم نُحاسبه مهما كان هذا سنيا أو علويا أما أن نقول الطائفة العلوية كلها لازم ندمرها وكذا كما يفكر بعض الشباب المتحمس، لا ينبغي، كل يأخذ جزاءه على ما ارتكبت يداه أما التعميم بالجملة بكذا لا يجوز ولذلك (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) فأقول لك موضوع سورة الممتحِنة كأنه موضوع الساعة  (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) من الذي تعادونهم ولا توالونهم وتحاربونهم؟ الذين قاتلوكم وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: والله هذا الذي يحصل اﻵن للمسلمين وهو إخرجهم من ديارهم اﻵن يعني الله سبحانه وتعالى جعل اﻹخراج من الديار كأنه القتل.
سبب النزول الثالث الذي هو هجرة بعض النساء بعد صلح الحديبية جاءوا فلحِق بهم أزواجهن، المسلمة هاجرت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد توقيع صلح الحديبية وهو يقول (لم يجف الحبر بعد ) يعني لم يجف (**) كتبتم أن تعيدوا إلينا من جاءكم مسلما فنزلت اﻵية تُبين بأن هذا لا يمكن أن يكون بالنسبة للمسلمات، فأُلغي هذا الشرط ونُسخ.
وهذا الحقيقة يعني بعض الدول تقول هناك التزمات دولية،نحن وقعنا على كل ما يصدر في أمور حق اﻷسرى في جنيف وكذا المعاهدات الدولية..اﻷمم المتحدة قالت كذا.
على اﻹخوة طلبة العلم شباب الجهاد أن يُعيدوا النظر في كل المعاهدات الدولية. كل ما لم يوافق شرع الله ودين الله ينبغي أن ننسخه لسنا مُقيدين إلا بما يوافق عليه شرع الله سبحانه وتعالى. ينبغي إعادة النظر في هذه اﻷمور <وهذه اﻵية دليل على هذا  >
الرسول كتب عامّا كل من جاءكم تردوه إلى المشركين الرجال والنساء، كانت عامّة ولكن عندما جاء عن قضية الفتنة للنساء استثناها ولكن مع ذلك انظر إلى اللفتة أنه خسِر زوجته، زوجته أسلمت وجاءت مهاجرة ولكن عوِضوهم عما أنفقوا، هذا الكافر ما دام بيننا وبينهم معاهدة إذا لا يخسر الزوجة والمهر والنفقة التي أنفق (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) [سورة الممتحنة 10] آتوا هؤلاء الكفار الأزواج الذين ذهبت أزواجهم آتوهم مما أنفقوا من بين مال المسلمين.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: قمة العدل حقيقة، حفظ لحق المرأة أولا. طيب سؤال:
لماذا استثناء النساء برأيك؟ يعني لماذا استثنيت المرأة من معاهدة النبي ﷺ نفسه وقع عليها؟
المرأة ضعيفة لا تستطيع حماية نفسها، طبعا هذا البند الذي صار فيما بعد عندما أعاد رسول الله ﷺ أبا جندل وغيره بناء على هذه الاتفاقية بعد ذلك شرَدوا من أهلهم وقطعوا الطريق على قوافل قريش وعملوا عصابات لقطع الطريق، الرسول لا يستطيع أن يفعل لهم شيئا أنتم قلتم ردوهم فرددناهم ثم جاءوا إلى سيف البحر وصاروا يقطعوا الطريق على قوافل قريش فأرسلت قريش من يرجو رسول الله احذف هذا البند واقبلهم ﻷنهم سينتظمون في نظام الدولة عندئذ يأتمرون بأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام،  المرأة ما عندها هذه اﻹمكانيات أن تتشرد وإلا تعمل وإلا كذا فهي معرضة للفتنة وللكفر إذا أعادوها، ولذلك الله سبحانه وتعالى استثنى هذه  المرأة نسخ هذا الحكم بأمر رسوله بألا يعيدوهن ( لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ولكن مافيه ظلم عندنا أعيدوا عليهم نفقتهم والمهر الذي صرفه على هذه المرأة أعيدوه له.
مقاطع السورة:
المقطع اﻷول : افتتحت السورة بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) 
يتحدث عن قضية اتخاذ اﻷعداء أولياء، لا يمكن أن يكون عدوا، يعني علل اﻷمر بأمرين :
أولا: (كفروا ) هم كفار يعني لا يؤمنون وهم مع ذلك أخرجوكم من دياركم، يعني أولا كذّبوا الرسول عليه الصلاة والسلام، لا يؤمنون بعقيدتكم ويطلقون عليهم الصابئة يقولون هؤلاء خالفوا دين آبائهم وغير ذلك فلا يجتمعون معكم في العقيدة. هذه ناحية.
الناحية الثانية: الظلم الذي سلطوه عليكم، ظلموكم، أخرجوكم من دياركم، عادوكم، هذا كان في السابق، وفي اللاحق إذا ظفِروا بكم لن تسلموا من إيذاء أيديهم وألسنتهم ويودون لو تعودون كفارا بعد ذلك.  يعني هذا واقعهم. طيب كيف تتولى وتعطي قلبك ومحبتك وولاءك ووُدّك لإنسان لا يجتمع معك في العقيدة وظلمه سائر عليكم ويؤذوكم بألسنتهم وبأيديهم ويريدون إعادتكم إلى دينهم بعد أن أنقذكم الله منه فكيف تعطون الولاء لهؤلاء.
ثم بعد ذلك ضرب المثل (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [سورة الممتحنة 4] إبراهيم ينبغي أن تقتدوا به وهذا شأن اﻷنبياء وشأن المرسلين وأبوكم إبراهيم أبو اﻷنبياء عليه السلام كان له هذا المُفاصلة البراءة من قومهم (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) تبرؤا وليس قضية العداوة والبغضاء بينهم وبين قومهم حتى يؤمنوا بالله وحده، فهؤلاء قدوتكم ورسول الله عليه الصلاة والسلام قدوتكم في ذلك، ولذلك يا أيها الذين آمنوا يا أمة محمد لتكن لكم قدوة في اﻷنبياء السابقين ومواقفهم من أقوامهم بأن تُعادوا المعادين لدينكم الذين لا يجتمعون معكم في العقيدة وقد ظلموا وعملوا ويريدون إعادتكم إلى الكفر مرة أخرى فلا ينبغي أن يكون هناك نوع من المودة.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: المشكلة الآن أن كثير من المسلمين الآن بحجة التعاون الثقافي والتقارب الثقافي والتعايش -العبارات المطاطة- التي تتداول في زماننا هذا أنه غزتنا اﻵن عادات الكفار في أعيادهم في ملابسهم في ثقافتهم في لغاتهم بواسطة وسائل الإعلام فأصبحت هذه القضية مُميعة بشكل كبير وأصبحت ليست واضحة معالم الولاء والبراء.  فلعل كلامك هذا يؤكد خطورة مثل هذا.
د. مصطفى: كثير من الناس ما يفرقون بين ما يمكن أن نتعاون فيه ونستفيد ونُفيد منهم وما لا يمكن، يعني في قضايا بعض الناس يفرقون -وهذا التفريق جيد- بين قضايا المدنية -التمدُن- التقدم المدني يعني المخترعات هذه، هذه ليس لها دين ليس لها عقيدة هذه نتعامل معهم فيها نأخذ منهم ونعطي وكذا، يعني هذا نتيجة التقدم العلمي العالمي كله ليس نتائج فكر نصراني وإلا يهودي وإلا إلحادي وإلا اشتراكي وإلا كذا، هذا التقدم البشري الله سبحانه وتعالى عرّفهم على سنن كونية تعرفوا عليها <فلا مانع من الاستفادة منها>  نستفيد منها، ولكن فيه قضايا تتعلق بعقائدهم، بعاداتهم الاجتماعية، بأمورهم، بمنهجهم في الحياة هذا الذي نقف عنده.
بعض الناس يقول الغرب تفوقوا علينا تقدموا في التقنية وغير ذلك إذا نأخذ كل ما جاءنا من الغرب، ما ينبغي هذا، المؤمن ينبغي أن يفرق بين ما يجوز له اﻷخذ القضايا المدنية والقضايا التقنية هذه سبقونا إليها مع كل أسف نحن تقاعسنا، هم سبقونا نستفيد من هذه أما طريقة معيشتهم طريقة إدارتهم للقضايا الاجتماعية للأسرة، لتربية اﻷبناء، القضايا الفكرية العقدية العادات الاجتماعية هذه ينبغي أن نقف عندها ولا يجوز أن نأخذ منها.
المقطع الثاني : استثناء من القاعدة أو توضيح بأنه ليس من الولاء والبراء في قضية التعامل مع الكفار، يعني بعض العلماء يقول أنه عندما نزلت اﻵيات والناس تبرؤا من أقاربائهم ولكن يبقى قضية العاطفة قضية القرابة، هؤلاء لم يؤذونا وما وقفوا في الجانب المعادي لنا ولا جيّشوا الجيوش ضدنا ولا ساعدوهم بشيء فما الموقف؟ كما هي حادثة أسماء بنت أبي بكر مع أمها، فجاءت اﻵيات الكريمة (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) [سورة الممتحنة 7] فتح باب الرجاء (عسى ) و"عسى" بالنسبة لنا رجاء أما بالنسبة لله سبحانه وتعالى تحقق، يعني الله سيجعل بينكم وبين هؤلاء الذين عاديتموهم مودة <وجعل > بعد فتح مكة صارت القرابات .
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: أبو سفيان رضي الله عنه وابنه معاوية رضي الله عنه كانوا من أشدّ المعادين للنبي ﷺ أصبحوا من أشد أنصاره بعد ذلك.
د. مصطفى: يعني رسول اللهﷺ -وهذه من حكمة تعدد الزوجات بأكثر من أربع- عندما بنت أبي سفيان رملة أم حبيبة أرسل للنجاشي أن يتولى نكاحها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فسمع أبو سفيان، أحيانا المصاهرة والمزاوجه توجد نوع من الرابطه قالو إن محمد عدوك وكذا هذا ابنتك قال: هو الفحل لا يُقدع أنفه -افتخر بهذه المصاهرة- ولان قلبه وبعد ذلك عندما جاء إلى رسول الله بعد فتح مكة أراد أن يكفِّّر كل مواقفه ضد رسول الله وضد اﻹسلام وذهب مجاهدا في سبيل الله.
 القرآن الكريم لا يريد قضية قطع الوشائج - الصلة اﻹنسانية- بين الناس، مادام ما جاءك أذى من هؤلاء الناس، صحيح هم يخالفونك في العقيدة ولكن لا أذية منهم إذا عاملهم باللطف، برّهم، أحسن إليهم، تستعبد قلوبهم إذا أحسنت إليهم "اﻹنسان عبد اﻹحسان" كما يقولون، ولذلك فتح هذا المجال هؤلاء الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم ولم يظاهروا أحدا عليكم بِروهم، يعني البِرّ يدك هي العليا موقفك هو اﻷقوى، أقسِط إليه تعامله بالعدل غير الولاء، الولاء أن تعطي محبة قلبك وأنت تكون كأنك تابع له، هو له السيادة وأنت تواليه تودّه بقلبك تريد لو تقدم له خدمة،  هناك فرق بين قضية الولاء وقضية العدل والمعاملة باﻹحسان. فهذا هو المقطع الثاني الذي ذكر هذا اﻷمل وتحقق فيما بعد وهي قتعدة -كما قلت- نسير عليها دائما نعامل الناس حسب مواقفهم من اﻹسلام، حسب مواقفهم من عقيدة المسلمين.
المقطع الثالث: في قضية مجيء المؤمنات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ...) الامتحان أيضا للتحقق من صدق ولائهن، رواية تقول إنه كانت المؤمنة المهاجرة تُقسِم بالله أنها ما خرجت كُرها في زوجها السابق ولا حبا في أحد وإنما أخرجها اﻹيمان بالله ورسوله وحُبا لله ولرسوله، يعني الولاء خالص لله تعالى قضية اﻹيمان هي التي دفعتها للخروج عندئذ لا يجوز إعادتها إلى الكفار حتى تُفتن. بعد اﻹيمان ما يجوز أن نُبقي المُشرك زوجا لها فاﻹيمان فصل بينهما فإذا هاجرت أيضا ولذلك حفاظا على أصل المعاهدة أننا لا نظلمه نقول خسر زوجته ويخسر ماله، لا.. عوضوه أيها المسلمون هذا الذي جاءت زوجته مهاجرة ردوا عليه ما أنفق من مهر وهدايا وغير ذلك.
س: قال سبحانه وتعالى (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) هل في هذه اﻵية دليل على أن الدولة تتحمل التكاليف التي تترتب على اﻷفراد إذا كانت متعلقة بالسياسة الدولية، الدولة اتخذت قرارا يُضِر ببعض اﻷفراد فهل تعوِّض تعويضا كما في هذه الحالة؟
ج: نعم.. كل أمر تبنته الدولة سياسة عامة أو خاصة لمصلحة عامة وخاصة وتضرر بعض اﻷفراد منها على الدولة أن تُعوِّضهم عن ذلك.
المقطع الرابع واﻷخير : هو ما يتعلق بمبايعة رسول الله عليه الصلاة والسلام للمؤمنات (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة الممتحنة 12] طبعا هذه اﻵية نزلت بعد فتح مكة عندما بايع الرسول عليه الصلاة والسلام المسلمين عامة،  ذهب إلى الصفا ودعا النساء إلى مبايعته وتلا عليهن هذه اﻵية فهي ستة أمور كان الرسول عليه الصلاة والسلام  يأخذ على النساء: عدم الشرك لا سرقة لا زنا لا قتل أولاد لا بهتان بإلحاق اﻷولاد بأزواجهن افتراء ولا يعصين رسول الله في معروف، الرسول ﷺ أمر النساء بأشياء كثيرة، قضية النياحة.. شق الجيوب.. لطم الخدود.. الخلوة بغير المحارم  وغير ذلك وهل يُعقل أن يأمر الرسول بغير معروف؟!
قال إذا كان لرسول الله (وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) فما بالك بغير رسول الله، يعني هذا من باب التنبيه إذا اشتُرط على رسول الله هذا الأمر فما بالك على غير رسول الله.
 س: كثير من المسلمين يرسخون مفهوم التخلف الحضاري والسلوكي واﻷخلاقي ثم يُلام من يتأثر بهؤلاء الكفار وهم يمارسون أحيانا في مظاهر المدنية والتعامل والرقي مع أن الجانب المصلحي طاغ في تعامل هؤلاء الغرب مع المسلمين؟  
 ج: في رأيي ثلاث نقاط ينبغي أن نعمل من خلالها :
أولا: الدعوة الفردية والتنبيه وبيان قضية الولاء والبراء، قضية خطيرة في العقيدة على أوسع المستويات نحاول أن نبينها للمسلمين.
 اﻷمر الثاني: نبين كشف زيف الوسائل التي تُستخدم لتمييع قضية الولاء والبراء. يعني كثير من الناس يا أخي هذه قريبة الديموقراطية قريبة من الشورى، العلمانية ما يمنعك من الصلاة في المسجد وكذا فهي لا تُخالف. نبين زيف هذه الدعاوى وبيان اﻹسلام وشرعة اﻹسلام ودين اﻹسلام ومنهج اﻹسلام.
اﻷمر الثالث : ينبغي أن تتمثل هذه القضايا في دولة، دولة تتبنى هذه اﻷمور دولة تبين في مواقفها في أمورها قضية الولاء والبراء، ما كانت هنالك دولة فلتكن جماعة تتبنى هذا الشيء بحيث تطبق هذا تطبيقا عمليا من خلال النقاط الثلاث: توعية الناس، بيان زيف الادعاءات التي تريدُ تمييع القضية، القدوة في هذا اﻷمر. بإذن الله تعالى تُحلّ المشكلة.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: قد يكون أحيانا من الاشكاليات الموجودة الآن أنه عندما يُثار موضوع تطبيق الشريعة كما تلاحظ الآن في الدول الإسلامية التي استقلّت أو التي -الحمد لله- التي وُفِقت وتخلّصت من الظلَمة، عندما يُثار تطبيق الشريعة لا يتبادر إلى أذهان الناس الأعداء أو الأصدقاء أحيانا إلا قضية قطع اﻷيدي، رجم الزاني ...الخ مع أن تطبيق الشريعة له جوانبه اﻷخرى، له جوانب قضية العدالة الاجتماعية، قضية التعليم وإيصال التعليم لكل أحد، قضية إغناء الناس وتوزيع الثروة بشكل جيد ...الخ. 
د. مصطفى: تطبيق الشريعة الإسلامية، سيدنا عمر في عام الرمادة منع قطع الأيدي، السبب ﻷن الظروف المحيطة قد تدفع إلى السرقة، فعندما نُأمِّن لقمة العيش يعني الدولة اﻹسلامية إذا أمنت اﻷساسيات الضرورية لكل فرد من رعاياها قضية المطعم والملبس والمسكن وقضية التعليم. إذا أمّنت الدولة هذه اﻷمور وبعد ذلك ظهر السارق هذا ينبغي قطع يده، أما قبل ذلك قد يكون الدافع له يدفع جوعته يستر عورته بهذا اﻷمر.
عندما تكون البرامج في الدنيا كلها بالفضائيات كلها تدعو إلى الفاحشة وتدعو إلى الانحراف وتبين قضية العلاقات الجنسية أنه حرية شخصية وتعمل وتعمل، الضغوط الهائلة على الشباب ورأسا تقول تعال أقِم حكم الزنا وكذا. يعني لابد من توعية، يعني حاجات الناس الجو العام لكل هذه اﻷمور ينبغي أن نعمل بها جملة ولا نأخذ في هذه اﻷمور ونُقِيم حدا نقتطعه من سياقه .
 الشيء اﻵخر الذي يحتجّون به قضية اﻷقليات، يا أخي اﻷقلية نحن لا نظلِمها ولا نُجبرها على كذا، اﻷقلية هي ستحكم بحكم ما ليس دينها يعني النصارى -مثلا- في بلاد المسلمين هل سيُطبقون النصرانية في بلاد المسلمين؟ لا، يريدون العلمانية، ما الدافع لهم إذا طبقوا العلمانية على أمورهم مع العلم الإسلام يعترف بأحوالهم الشخصية نكاحهم ميراثهم ...كذا على طريقتهم، يعطيهم هذا الحق، فبدل أن يُطبقوا الدستور العام العلماني طبّقوا الشريعة الإسلامية وهي أرحم بهم، مالذي يفرِق معهم؟ يعني سيُطبق شيء غير ديني في قضايا المعاملات التجارية في سياسة الدولة وغير ذلك، ولذلك يخوفون بأشياء هي حُجج تافهة ولا تقوم على المنطق.
واقعية الإسلام:
واقعية الإسلام تتبين في قضية مراعاة الظروف الخاصّة، الرسول عندما خاطب حاطب بن أبي بلتعة وقال صدقكم ولم يُقم عليه حدّ الخيانة العظمى كان قضية واقعية جدا في قضية تعلّق قلوب الناس بأقربائهم، الناس يريدون يكون فيه شيء الله سبحانه وتعالى راعى هذه الواقعية في نفوس الناس، في قضية عندما المهاجرات يهاجرن وهن معرضن للفتنة وغير ذلك عدل الإسلام..واقعيتهما ظلمها، حتى المسلم إذا ذهبت زوجته -ارتدت- قال عوِّضوهم أيضا، إذا حصلتم على غنائم من هؤلاء أو غيرهموعوضوا المسلم الذي ارتدّت زوجته. فالعدل في جميع الجوانب حفاظا على عقيدة المسلمة وعِرضها وشرفها، التعويض على الزوج الكافر الذي ذهبت زوجته، التعويض على المسلم الذي ارتدّت زوجته. واقعية الإسلام.
------------------------
            
                    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق