بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين ..
/ قول الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)
قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) هذا النداء للمؤمنين ﻷنه يستحث فيهم صفات المؤمنين وكمال المؤمنين ورغبة المؤمنين في الخير.
(إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ ) وهذا من باب التقليل لأنه ليس من المعتاد أن يكون في المؤمنين فاسق ينقل اﻷخبار دون دراية إذا كان على حال المؤمنين، وهذا من باب التقليل (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) ولا يعني ذلك أن هذه الآية تذكر الفِسق بمعناه وإنما المقصود به الفِسق الذي هو الخروج عن الصحيح .
ومعنى فاسق (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ) يعني خارج عن المنهج الذي علمكم إياه نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو الذي انتهجتموه مُذ دخلتم هذا الدين وهو الصدق وألاّ تُخبروا عن شيء كذبا سواء كان هذا الكذب مُتعمدا أو غير مُتعمد فإن الذي يتقول الشيء ولم يكن على دراية به يُعدّ كاذبا وإن لم يكن قاصدا، كذلك من قال قولا خطأ فإنه يُطلق عليه كاذب وإن لم يكن مُتعمدا الكذب، وجاء في ذلك حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (من حدّثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائما فقد كذب ) والمقصود بذلك أخطأ.
وسُمّي الوليد الذي نقل أو قال كاذبا من هذا الباب لأنه كان مُجتهدا ولم يبلُغ التحري المطلوب منه .
قال الله جل وعلا (فَتَبَيَّنُوا) يعني تثبتوا ، والتبيُّن خاصة من الأئمة وأصحاب القرار والمسؤولين واجب، ومن بيده إيقاع عقوبة أو جزاء واجب أن يتبيّن، لماذا؟ لأنه هو الذي بيده أن يُصيب قوما وإﻻ من لم يصب فيه قوما فاﻷمر في حقه دونه يعني أسهل وإن كان كُلٌ يجب عليه أن يتبيّن.
قال الله جلا وعلا (أَن تُصِيبُوا) يعني لئلا تُصيبوا (قَوْمًا بِجَهَالَةٍ) أي بخطأ ، الجهالة هنا الخطأ.
( فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) أي ما فعلتم من العقوبة التي تُنزِلونها على من نُقِل لكم خبره فتكونون نادمين على ما اتخذتم من قرار أو من عقوبة.
/ قال الله جل وعلا (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ) أي اعلموا أيها المؤمنون أن فيكم رسول الله لو أنه يسمع لكم حينما تنقلون له الأخبار ويصدّقكم ، لو يُطيعكم في هذا الأمر أو في كثير من هذه الأمور (لَعَنِتُّمْ) أي أصابكم العنَت، ولو أنه سارع إلى إيقاع ما ترونه سواء كان من خبر أو من اقتراح -مثلا- بشيء من الأشياء لوقع بكم المشقة والعنت.
وهذه السورة -كما ذكرت في مقدمتها- أنها تُهذِّب وهي دستور كامل للعلاقات اﻻجتماعية والتعاطي مع ولي الأمر كيف يكون وتعاطي ولي الأمر أيضا مع من وﻻّه الله إمرتهم فإن الجميع محكوم بهذه السورة.
كذلك العلماء ومن لهم حق الجرح والتعديل عليهم أن يلتزموا مثل هذه اﻵداب بل والتوجيهات التي قد تزيد عن حد اﻷدب إلى حد اﻷحكام فهم مأمورون بتقصي الحقائق واتباع هذا المنهج الرباني الذي مُنهِجوا عليه.
قال سبحانه وتعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) فلو أطاعكم النبي صلى الله عليه وسلم لاختلفم من حيث أن كل إنسان يريد -مثلا - قرارا مُعينا والناس ﻻ يتفقون على شأن، أنتِ اﻵن لو عندك طالبات في مدرسة أو في فصل وجدتي لو قلتي لهن تختبرن غدا؟ تجدين نصفهن يقول يختبرن غدا ونصفهن يقول يختبرن بعد غد ونصفهن يقول اﻵن وبعضهن يقول بعد أسبوع وهكذا -أقصد بالنصف الجُل- فالشورى ليست تأخذ رأيهم على كل حال وإنما تستنبط ما عندهم ولذلك هم يقدمونها دون أن يُلزِموا بها ثم يبقى القرار في اﻵخر لمن ولي الأمر وعليه أن يحكم أو أن يقضي أو أن يختار من الشؤون ما يصلح الجماعة جميعا وﻻ يُعنِّتهم، ولو حاف أو حاد وعنّت فإن إثم حيفه عليه ولا يكون ذلك مُبررا لنزع يد من طاعة ﻷنه ﻻ يتأتى الناس على طبع واحد وﻻ على رأي واحد ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لو يُطيعكم في كثير من اﻷمر لعنتم ) فلو أطاع فلان وأطاع فلان، كل واحد يطيعه ﻷصابكم مشقة في عدم اﻻتفاق، وكذلك لصار لكم هلكة بذلك لهلكتم بهذه المبايعة ﻷن النبي صلى الله عليه وسلم إنما يُنفذ ما يُؤمر به وما يختاره الله جل وعلا له فعليكم أن تطيعوه وأن تستمعوا إليه.
وأخبر الله جل وعلا النبي صلى الله عليه وسلم مُمتنا عليه وكذلك المؤمنين مُمتنا عليهم أن الله حبب إليهم اﻹيمان وزينه في قلوبهم، فهو كما أنه حبب إليهم اﻹيمان وزيّنه في قلوبهم وهذا تفضّل منه وكرم منه سبحانه وتعالى ومِنّة منه فعليهم أن يطاوعوه كما طاوعوه في اﻹيمان أن يطاوعوه في التشريع واﻷحكام وهذا من باب أولى أيضاً، يعني كأننا اﻵن من أَمركِ بأمر شرعي وكان له إمرة، ولي أمر .. والد .. زوج .. كذا، أمركِ بأمر فيه مصلحة لابد أن يكون هناك مطاوعة لماذا؟ لأن عدم المطاوعة أو ترك المطاوعة فيه نوع من المباغضة -يسبب البغضاء- ويسبب النفرة ولذلك أمرنا بالمطاوعة، وهذه المطاوعة أمر حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن سافرا معا وجعل أحدهما أميرا للآخر قال ( تطاوعا وﻻ تختلفا ) تطاوعا أي كل واحد يطيع الثاني.
والمطاوعة هدي نبوي وأمر رباني ابتداء من الصلاة، المطاوعة في الصلاة يعني حينما يصلي واحد ويجذب اﻵخر يمينا أو شماﻻ عليه أن يطاوعه وأن يسير في يده وأت يلين في يده إن كان من تقدم أو من تأخر أو عن يمينه أو عن شماله يطاوعه ﻷن ذلك أهيأ للتركيز على اﻹيمان وترك الشكليات فكأنما جاء في هذا (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) أن اﻷصل فيما أنت فيه من شأن هو اﻹيمان، اﻹيمان هو اﻷصل بقية القضايا هذه كلها شكليات أعطاك أو أخذ منك أو قال اذهب إلى هنا أو اذهب إلى هنا هذا كله شكليات طاوعه عليه، متى تكون المطاوعة منهي عنها؟
حينما تكون في معصية الله فإذا أُمرِت بمعصية ﻻ تطيع، إذا أمرت بمعصية فإنك ﻻ تُطيع سواء كان اﻵمر زوج أو أب أو حاكم، أيّا ما كان فإنه ﻻ يجوز المطاوعة ما دامت المعصية وعلى ذلك شواهد.
أما الزوج فقد جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي حديثة عهد بِعُرس وإن شعر رأسها تمعّط وإن زوجها يأمرني أن أصله، أفأصله؟ قال : ﻻ طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) مع أنه، مع أن الزوج من حقه جمال المرأة وأمره لها في هذا الشأن واضح المصلحة لكن هل في ذلك معصية؟ نعم في ذلك معصية ماهي المعصية؟ ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ) س: حتى لو كان للضرورة؟
(قالت إن ابنتي تمعّط شعر رأسها) "تمعط" يعني تساقط، وحديثة عهد بعُرس ، هي برهنت وبررت فمن باب العقل .. يعني العقل يدل على أنها تُطاوعه لكن النبي قال ( ﻻ طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) فنهاها عن ذلك. إذا هذه واحدة.
س: من أصيب بالسرطان وسقط شعره ماذا يفعل؟
ج: هذه منها .. من هذا الباب، هذا من هذا الباب، ظاهر الحديث يدل على هذا، وقد يكون بعض أهل العلم أفتى بجواز ذلك ﻷثره النفسي وكذا .. ومُبررات طويلة عريضة لكنه في الظاهر يخالف النص الصريح الصحيح، فما دام خالف النص الصريح الصحيح فاﻷصل أنه يَمتنِع وإذا ترخّص أحد في ذلك لعلة أو سبب فلاشك أن هذا الترخُّص ليس من الحيطة.
كذلك دعوة الوالد أو أمرُ الوالد ولده بأمر فيه معصية فإنه ﻻ يطيعه بدليل قول الله جل وعلا (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) [لقمان:١٥] فالوالد مهما بلغت مكانته وأمرُ الله جل وعلا بطاعته إلا أنه إذا أمر بمعصية فإنه لا يُطاع في ذلك. أما إن تعارضت طاعته والمندوبات فإنه يُطاع في ذلك.
كذلك الزوج إذا كان أمره يتعارض مع اﻻحتياط فإن طاعته مقدمة مثل: أن تحتاط امرأة في ألا تلبس الذهب المُحلّق بحكم أن فيه خلاف، المُحلّق الذي كالحلق سواء كان إسوارة أو غير ذلك، هذا مذهب لبعض أهل العلم منهم الشيخ اﻷلباني له في ذلك كتاب يعني مسألة مبسوطة، ذكرتها شاهدا ما ذكرتها تفصيلا .
يعني اﻵن الذهب فيه كلام قالوا إنه رُخِّص للمرأة الذهب ومنهم من قيد المُرخَّص بغير المُحلّق أما المُحلّق لم يُرخَّص فيه، ومنهم من ردّ على هذا القول وقال إن النبي صلى الله عليه وسلم حين أنكر على المرأة التي ألبست ابنتها سوارين من ذهب أنه إنما ذكر لها العقوبة في ذلك لأجل ترك الزكاة -ترك زكاته- وليس ﻷجل تحلقيه. المهم من أراد الرجوع إلى هذه المسألة يمكن الرجوع لكتاب آداب الزفاف للشيخ اﻷلباني. أنا ذكرت هذه المسألة من باب اﻻحتياط يعني من كانت تحتاط لذلك لكن الزوج يحب أن يرى عليها ذلك فإنها تدع هذا اﻻحتياط وتفعل ما يريده الزوج.
مثلا : واحدة تحتاط تقول أنا ﻻ أريد أن البس عدسات ملونة، تقول فيها تغيير للخلقة وآخر يقول لا ليس فيها تغيير خلقة، هذه معلوم أنها ليست عينين ومثلها مثل الكحل والروج وأنها تزول .. وكذا فيتخذ حُكما بأنها زينة وﻻ شيء فيها.
وآخر يقول: لا .. هذه فيها تغيير خلق الله -وأنا منهم- لِمَ؟
ﻷنها ليست من الخِلقة وهي زينة غير معهودة واﻷصل فيما يُغير الخِلقَة المنع يقول الله جل وعلا (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) إلا ما جاء فيه نصوص سواء في ذاته أو ماهو على شاكلته فإنه يُباح. فواحدة -مثلا - أخذت بهذا الرأي الذي قلته اﻵن وقالت أنا احتاط وأريد اﻷخذ بهذا الرأي. لو أن زوجها قال لكن أنا أود أن تلبسي العدسات الملونة عندي فإنها يجوز لها أن تفعل ذلك، لكن لو قال لها أنا أريدك أن تنمُصي حاجبيك عندها تقول لا.
لو قال لها شقري حاجبيك فينظر في هذا اﻷمر إن كانت ترى حرمته فإنه يبقى على الحرمة ولا طاعة، وإن كانت ترى أنه لا يحرم وأنه شبهة كما جاء في حديث النعمان بن بشير ( الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ﻻ يعلمهن كثير من الناس ) فتقول هذا من المتشابه أنا لا أدري أسمع فلان يقول يجوز وأسمع فلان يقول ﻻ يجوز فما أدري فهو بالنسبة لي مشتبه فأتركه، فإذا جاء الزوج وأَمر قالت بالنسبة لي شبهة فإذا ادع اﻻحتياط ﻷجل الزوج.
وهكذا بالنسبة للوالد أيضا، فإذا كان الشأن مما اختُلف فيه ولم يتبين للفاعل أو للمأمور وجه الصواب ويدعه للحِيطة فقط -يعني للورع- فإن الورع ﻻ يُلتزم في مقابل طاعة صاحب الحق، وقيسي على ذلك أصحاب الحقوق سواء كان أميرا أو رئيساً أو ما شابه ذلك ممن يلزم طاعته في غير معصية.
/ قال الله جل وعلا (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ)
وهذا بالنسبة للمؤمنين -أصلا- إذا آمن اﻹنسان بالله جل وعلا وبايع ولِيه أو كان له -مثلا - ائتمار بأمر والد أو ائتمار بأمر زوج أو دخل تحت هذه اللائحة فإنه من إيمانه تُحبب إليه الطاعة وتُكرّه إليه المعصية، ومن محبة الطاعة محبة المطاوعة، ومن كراهية المطاوعة محبة المعصية إلا في الممنوع.
/قال الله جل وعلا (فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً) وهذا حق، فضل من الله ونِعمة من الله على المؤمنين، فضل من الله ونِعمة على المؤمنين أن الله جل وعلا جعل لهم ذلك الشأن الذي هو المطاوعة ﻷنه بالمطاوعة تستقيم اﻷمور وتستقر.
ما بال الناس اﻵن في العالم الإسلامي ليسوا على شأن في اﻻتفاق لم؟
ما بال الناس اﻵن في العالم الإسلامي ليسوا على شأن في اﻻتفاق لم؟
ﻷمرين:
أوﻻ : إشقاق من ولي أمرهم عليهم باﻷمر بالمعصية. هذا من جانب. يعني هناك مُخالفات.
والشيء الثاني : ضعف الدِيانة فيُطاوعون فيما يهوون وﻻ يُطاوعون فيما ﻻ يهوون.
وهذان سببان أصليان في وقوع النزاعات والشقاق واﻻختلاف و .. و .. الخ وما تزال اﻷمة بخير ما صلُحت أمراؤها وأطاعت شعوبها ما يزالون بخير ما كانوا على هذين الحالين.
إن حصل مُعارضة لذلك ما الذي يمكن أن يكون؟
الله جل وعلا قال (فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً) هذه نعمة عليكم وفضل من الله جل وعلا فاعتبروا بها ثم ختمها الله جل وعلا قال ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) عليم بما يُصلِحكم وأن هذه المطاوعة تُصلِحكم، تستقر بها اﻷمور ويأمن بها الناس ويصِلون إلى معاشهم وتديُّنهم وإلى العلم وإلا زالت كثير من النِّعم عنهم وضاع كثير من الحق.
( عليم ) يما يصلحكم ( حكيم ) في التدبير فهو يُدبركم كما يعلم الله سبحانه وتعالى أنه هو اﻷحكم لكم واﻷنفع لكم ويُنيركم على وفق ما تقتضيه فِطرُكم وعلى ما تحتاجون إليه.
هل يمكن أن يختلف الناس على هذا ويشتون عنه ويخرجون عنه؟ نعم ممكن.
هل يزول عنهم اسم اﻹيمان إذا هم عصوا؟
ﻻ .. ما يزول اسم اﻹيمان وﻻ اﻹسلام عنهم إذا هم عصوا في ذلك، والدليل قال الله جل وعلا ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) قال العلماء : إن هذه اﻵية أصل في أن الذي يفيء ﻻ يخرج من اﻹسلام ولو (....) يعني اﻵن لما يكون في مجتمع مسلم استقامة على أمير واتفاق عليه ثم تظهر طائفة تشق عصا الطاعة وتخرج عليه فهذه عصت وﻻزمُ أن يكون لها علاج كما في الآية سأبيّنه بعد قليل لكن هل هذه تخرج من اﻹسلام؟ لا تخرج من اﻹسلام والله جل وعلا قال ( وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) فسمّاهم مؤمنين جميعا مع أنهم اقتتلوا فيما بينهم فلا يخرجهم القتال من اﻹسلام.
لكن على هذا هل يتركون وما أرادوا؟
ﻻ يتركون وما أرادوا بل يلزم أن يكون أهل اﻹيمان واﻹسلام والعلم والدراية مع المبغي عليه المبايع له باﻷول.
وقد يحصل أن يُبايع في نفس اﻵن اثنين وحينئذ ما يكون مع أي أحد منهم الحق وحينها يجب على المسلمين أن يُصلحوا بينهم كما جاء في هذه اﻵية.
.... أنس بن مالك قال: قلت: يا نبي الله لو أتيت عبد الله بن أُبيّ، فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم إليه فركِب حماره وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبِخ، نسميها -تغبِّر- فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: إليك عني -عبد الله بن أُبيّ - فوالله لقد آذاني نَتْنُ حمارك فقال له رجل من اﻷنصار : والله نتن حمار رسول الله أطيب ريحا منك.
..... أحيانا بعض القول يترك من باب المداراة، أي النبي صلى الله عليه وسلم ما قبِل ذلك فما الحاصل؟
غضب لعبد الله رجل من قومه مع أنه مسلم ، وغضِب لكل واحد منهما أصحابه فكانت بينهما بالجريد والأيدي والنِعال. تخاصموا .. تشاجروا والرسول صلى الله عليه وسلم موجود. فبلغنا أنه أُنزل فيهم هذه اﻵية .
وقال مجاهد : نزلت في اﻷوس والخزرج، قال مجاهد : تقاتل حيان للأنصار بالعُصيّ والنعال فنزلت هذه اﻵية.
... عن سعيد بن جبير أن اﻷوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتال بالسعف والنعال ونحوه فأنزل الله هذه اﻵية.
وقال قتادة: نزلت في رجلين من اﻷنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما فقال أحدهما: ﻵخذن حقي عنوة لكثرة عشيرته. ودعاه الآخر إلى أن يُحاكِمه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن (...) فلم يزل اﻷمر بينهما حتى تواقعا وضرب بعضهم بعضا باﻷيدي والنعال والسيوف.
هنا انتهى التسجيل الصوتي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق