د. خالد السبت
(فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
فبعضهم حمله على المُداراة (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فالحسنة هي المُداراة ويُقابلها الغلظة والشِدة.
وهكذا قول من قال الحسنة هي العفو والصفح ويُقابل ذلك الانتصار للنفس .
وقول من قال الحسنة الحِلم وضده الفُحش. يعني استبدل الكلمة بكلمة والتصرف بتصرف آخر فإذا كانت الكلمة مُوحشة استبدل ذلك بكلمة طيبة.
والذي يظهر -والله أعلم- أن الآية عامة فيدخل فيها هذا وهذا فالله -عز وجل- قال (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) فنفي الاستواء يُحمل على أعمّ معانيه : لا يستوي الإيمان والكفر، والطاعة والمعصية، والكلمة الطيبة والكلمة المُوحشة.
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فلا يُقال إن ذلك يختص بالإيمان والكفر أو مجرد الطاعة والمعصية وإنما ما يتصل بالتعامل يدخل في هذا لأن السياق يدل عليه، بل السياق فيه فيكون الإنسان يتخير الكلمة الطيبة بدلا من الكلمة المُوحشة، والمعاملة الحسنة والمُدارات بدلا من الغلظة والشدة والمُكاشرة للناس بما يكرهون.
فهذا توجيه من الله -تبارك وتعالى- لعباده كيف يكون فعلهم وكيف يكون صنيعهم في تعاملهم ابتداء وكذلك أيضا في مقابل ما يُلاقون ويُواجهون من تعامل الناس وأفعالهم وما يواجهونهم به مما قد يكرهونه فتبدأ النفوس لربما تتحرك فيها دواعي الانتصار والغضب فتصدر من العبد كلمات لربما يندم عليها، ويُسبب ذلك الجفوة والنُفرة سواء كان ذلك مِما يبتدئ به غيره أو كان مِما يُقابل به أقوالهم أو أفعالهم.
فالله -عز وجل- يعلّم عباده كيف يكون تعاملهم فيما بينهم (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فإذا ترددت بين كلمتين إحداهما فيها جفاء والأخرى فيها لين فالكلام الطيب يأسِر النفوس وله تأثير بالغ عليها فيرجع صاحب الإساءة إلى حال من القُرب والولاية والمحبة وما إلى ذلك. أما إذا قُوبل بمثل صنيعه وقُوبلت الإساءة بالإساءة فإن ذلك من شأنه أن يُفرق ولا يجمع ويُورث القطيعة والشر بين الناس فيُقابل بمثل هذا أيضا فتحصل العداوة والبغضاء بين أهل الإيمان. فهذا كله -والله تعالىى أعلم- داخل في الآية.
_____________
المصدر: موقع الشيخ
_____________
المصدر: موقع الشيخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق