الأحد، 27 أكتوبر 2013

نبي الله يوسف -2-


 الحمد لله على فضله ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه وبعد..
 كنا قد تحدثنا في اللقاء الماضي عن نبي الله يوسف وقلنا إننا سنتدارس سيرته -عليه السلام- في لقاءين مضى أحدهما والآن سنستعين الله في اللقاء الثاني .
 قال ربنا : (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) وأنت اقرأها كحدث من باب كيف أن الله -جل وعلا- جعل جدب الديار قدراً لأن يأتي إخوة يوسف ، وإلا لو لم يكن هناك جدب ديار ونقص في المِيرة ما احتاج إخوة يوسف أن يخرجوا من أرض فلسطين إلى أرض مصر ، لكن جدب الديار عمّ ، فلما عمّ تسامع الناس أن هناك رجلا عادلاً يعطي الناس على قدر حاجتهم ولا يبخس في كيل ولا ميزان فبعثهم نبي الله يعقوب إلى أرض مصر من هذا الباب ، قطعاً هم عشرة ويراهم يوسف يعرفهم ، وهم عشرة ، -ووالله لو كانوا ألفاً لن يعرفوه- ، لماذا لن يعرفوه ؟ حتى يمضي قدر الله لأنهم لو عرفوه لقُضي الأمر ، لكن مهما بلغوا من الفطنة لن يعرفوا حتى يمضي قدر الله.
 قال ربنا تبارك وتعالى : (فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) تعامل معهم بلطف ، أخذ يجاذبهم الحديث ، حيناً يُظهر شيئاً من الحزم (فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ) وحيناً يُظهر شيئاً من اللين (أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) أخذ يلاطفهم في الحديث ، أخبروه أن لهم أباً شيخاً كبيراً وأن لنا أخ ضاع في البرّية وأن لنا أخاً باقٍ عند أبينا ، فرغب أن يأتوا بالأخ ، رجعوا إلى أبيهم ، فأعطاهم گيلاً زائداً حتى يجعلهم يعودون -على قول أهل العلم في التفسير- عادوا إلى أبيهم .. قال الله : (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَوَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ)  يسير: معنى أن الملك -يقصدون يوسف- لن يضره أن يزيدنا كيلاً (ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) . (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ) لما أعطاهم يوسف لم يأخذ منهم موثِق لأنه لم يجرب عليهم بعد خيانة لكن لما غدروا بيوسف اضطُر -عليه السلام- أن يقول هذا القول : (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) أدركته عاطفة الأبوة (إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) وصاهم -بيّنا هذا في اللقاء السابق- أن يدخلوا من أبواب متفرقة دخلوا ، أخذ يوسف أخاه بنيامين إليه وأخبره بالأمر وأمره أن يكتمه ، ثم أعاده إليهم دون أن يشعروا ، ثم لمّا قامت العير ، أرادت القافلة أن تسير أمر من معه أن يضعوا صواع الملك في رحل أخيه ، مضت العير قليلاً إذا بالمنادي ينادي (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ) بيّنوا أنهم لا يعلمون عن الأمر شيئاً فأنكروا مسألة السرقة قالوا (مَّاذَا تَفْقِدُونَ*قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ) إذا أنت تُخاطب أحد وبدأت بقسوة في الكلِم ولقيت منه ليناً هذا يجعلك تلين ، تستحي ، فهذا الذي كلّفه يوسف ناداهم بالسُّراق (أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ)  ما بادلوه بالقسوة ، بادلوه باللين (قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ) فتغير قبل ذلك عليهم تغيروا قال (وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ) الآن أصبحت لا أبحث عن سارق أبحث عن الصواع ، يعني من جاءني بالصواع سأؤتيه شيئاً وأنا به كفيل ، زعيم هنا بمعنى كفيل .
علّم الله يوسف أن يقول لهم ما جزاءه ، لو وجدنا أحدكم سارقاً ما جزاؤه ؟ أي إنسان تسأله عن معلومة يبادر لك بالمعلومة التي يعرفها ، شريعة يعقوب تنُص على أن السارق إذا سرق يكون عقابه أن يصبح مملوكاً لِمن سرق منه ، فبادرهم بالسؤال (قَالُواْ فَمَا جَزَاؤُهُ) (قَالُواْ جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ) خذوه (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ) ويقول أهل التفسير: أنه كلما مرّ على متاع أحدهم قال استغفر الله مما رميتكم به حتى بلغ رحل متاع بنيامين قال : أما هذا فلا أظنه أخذ شيئاً ، قالوا : لا ، نقّب كما نقبت عن متاعنا ، فلما استخرجها من وعاء أخيه قال الله (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ) إذاً يُفهم أن الكيد يكون مدحاً ويكون ذماً بدليل أن الله نسبه لذاته العلية (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) لا يوجد أحد يعلم كل شيء إلا الله ، والله يعلّمك شيء ويُغيّب عنك أشياء ، يقولون أن قتادة بن دعامة السدوسي -رحمه الله- هذا كان أحد الحُفّاظ الكبار، جلس مرة يحدّث فتعجب الناس من حفظه فقال له أحدهم : ما أعظم حفظك يا قتادة ! قال : والله ما نسيت شيئاً قط ، ومضى يُدرِّس ، فلما قام قال : ياغلام أين نعلي ؟ ماذا قال له الغلام ؟ قال : نعلك في رجليك ، نسي أنه لبسه فأراه الله ضعفه وعجزه قبل أن يقوم ، لن ينال أحد علماً وهو يظن أنه سيعلم كل شيء محال ، لا يوجد أحد ، أنبياء الله ورسله لهم مقام محفوظ أما غيرهم فيعلمُ شيئاً وتغيب عنه أشياء ، ويفقهُ شيئاً وتغيب عنه أشياء ، هذه سنّة الله -جل وعلا- في خلقه ، النقص فُطِر بنو آدم على أن يكونوا ناقصين ، مهما رأيت أحداً ، مهما بلغ في نظرك هو ناقص شعرت أنت أم لم تشعر ، في العلماء وفي غيرهم ، وإنك تقف أحياناً على مسائل يقول بها علماء أجلاء تعجب كيف قالوها، كما يقف الناس على بعض أقوال قالها علماء أودعاة فيعجون كيف قالوها ولكن لا يضر هذا ولا هذا لأن النقص كتبه الله -جل وعلا- على عباده ، الإمام مالك -رحمه الله- يقول : "ومن نفر من عرفة قبل غروب الشمس إلى مزدلفة فلا حج له" وتعجَب رجل أثر إمام من أئمة المسلمين ألّف في الموطأ يقول كلام مثل هذا . قال ابن عبد البر -وهو من أئمة المالكية- قال : "ولا أعلم أحداً -أي من العلماء- وافق أبا عبد الله في هذا" ، لكن ليُببن الله شيئاً من النقص في بعض عباده.
نعود .. قال الله: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ذموه سكت (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمْ بِمَا تَصِفُونَ) سعوا معه ، جاء القرآن عظيم في اللغة قال : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا) أي أخذوا يتحاورون لوحدهم ماذا يصنعون ؟ الأخ الأكبر رُدَّ إليه شيئاً من رشده أبى أن يعود حياءً من أبيه (ارْجِعُواْ إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ*وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) رجعوا وأخبروا أباهم زاده الجرح جرحاً كان يوسف أصبح بنيامين ويوسف والأكبر ، لكنه بقي متوكلاً على ربه (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ) ما الذي جعل يعقوب على يقين أن يوسف حي ؟ الرؤيا ، من الذي رحمه بالرؤيا ؟ الله تبارك وتعالى ، مُحال أن يصبر الإنسان على شيء لا يعرفه ، قال الخضر لموسى (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا). ماذا تفهم من هذا؟ تفهم عبارة سيقولها يوسف في آخر الأمر وهو أنه : (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء) فالله قدّر على يعقوب أن يفقُد يوسف ، أين اللطف ؟ أجيبوا .. اللطف في الرؤيا ، كلما تذكر الرؤيا عَظُم رجاؤه وأمله أن يرى يوسف ، ولهذا قال علماء السنّة لا ينفك لطف الله عن قدره (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء) هذه قالها يوسف في الأخير في آخر الخبر .
المقصود -أيها المباركون- ذهبوا ، دخلوا على يوسف (قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) الآن قالوها -ويقيناً- أن يوسف عندما ألقوه في غيابة الجب قال لهم أعظم من ذلك يسترحمهم لكنهم لم يقبلوا ، وإلا لا يوجد أحد يقبل أن يْلقى في غيابة الجب ، استعطفهم استرحمهم فلم يقبلوا ، وهنا دون أن يشعروا كما قال له ربه في الوحي الأول : (لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) قالوا (إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ*قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ)  والكبير كبير مهما قذفته الحجارة، قال : (إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ) ليُبين أنهم صنعوها عن جهل (إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ*قَالُواْ أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) أولاً اللهم إنا نسألك أن تمن علينا .. آمين . يبقى العبد على أي حال في فقر دائم إلى رحمة الله ، أرسل الله رِجل جراد من ذهب ، رجل يعني سرب ، لكن في الجراد يقال رجل وفي الطير يقال سرب ، رجل جراد من ذهب على أيوب وأيوب ثمانية عشر عاماً صابر بعد أن منّ الله عليه بالشفاء بعث عليه رجل جراد فجعل -وهو نبي الله- يحثو الجراد في ثوبه -يجمع في ثوبه- فقال له ربه وهو أعلم : يا أيوب ألم أكن قد أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى يارب ولكن لا غنى لي عن فضلك . فلا يستغني عن فضل الله -جل وعلا- أحد كائنا من كان. قال (قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنَّ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ*قَالُواْ تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ) قلنا العظيم عظيم (قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) نزع القميص .. ما أحزن أبي في سالف الدهر قميص.. بقدر الله سيفرحه القميص ، إذاً هذا القميص لايملك ضراً ولا نفعاً ، جعله الله سبباً للحزن وجعله الله سبباً للرحمة ، إذاً أي سبب لاينفع ولا يضر إلا إذا أراد الله (اذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) مرّ معنا كيف أن ريح الصَبأ بلّغت يعقوب هذا (قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ*قَالُواْ تَاللَّهِ) الآن يقسمون ، من الذين يُقسمون ؟ من كان باقياً (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ*فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) قدِموا على أرض مصر أي يعقوب -عليه السلام- ومن معه قال ( ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ) قالها تبركاً (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) واختلفوا هل هو أبوه وأمه أو أبوه وخالته -والعلم عند الله- (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا)  أي تحية ، تعظيماً (وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ) وكأنه شريك في المسألة وهو منها براء ، لكنه الأدب بحضرة أبيه ، كون الوالد يغضب على أبناءه مقبولة ، لكنه أدباً مع أبيه لم يرد أن يسيء إلى إخوته ، هذا من البِر (مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)  قال ما حررناه سلفاً (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء) ولطف الله هو ما خفي من قدره مما لا يظهر للعبد بادي الرأي ، ولله -جل وعلا- على عباده ألطاف لا يعلمها إلا هو ، والخيرة دائماً وأبداً فيما يختاره الله (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ*رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) هذا تضرع من ولي صدّيق (أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا)  قيل معناها اختم لي بالإسلام ، وقيل أنه تمنى الموت ، وأستبعده (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) وانظر لم يزكِ نفسه  كما قال سليمان بعده : (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) ، (تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) وأخبر الله نبيّه بعد ذلك أن هذا من أنباء الغيب التي لم يكن لك ولا لغيرك أن يصل إليها إلا بعلم من الله . وصلى الله على محمد وآله ونتابع في اللقاء القادم إن شاء الله ، والحمد لله رب العالمين .
----------------------------------------------
شكر الله لمن قامت بتفريغ الحلقة وجزاها عني كل خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق