الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

تفسير سورة طه (71-85) / محاسن التأويل



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهدهِ الله فلا مضل له ومن يُضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أراد ما العباد فاعلوه ولو عصمهم لما خالفوه ، ولو شاء أن يطيعوه جميعاً لأطاعوه ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسانٍ إلى يوم الدين أما بعد :
 فهذا لقاء مبارك متجدد نتفيأ فيه معكم دوحة القرآن ، وكنا قد انتهينا إلى قول الله -جل وعلا- على لسان السحرة (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا) قال الله -جل وعلا- ، أخبر فيها أن السحرة آمنوا (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى). وحدث هذا التلعثُم في القول الآن لأن قضية السحرة والإيمان وردت بعدة صيغ بإيمان السحرة فرد السحرة بالإيمان جاء في القرآن (قَالُواْ آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) ، وجاء (بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) ، وجاء (رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) وينبغي أن يُعلم قبل أن أنتقل لما بعده لأن هذا كنا قد وقفنا عليهِ في اللقاء الماضي أن السحرة كثيرون فطبعيٌ جداً أن يختلف بعضهم مع بعض في قضية ماذا يقولون فهم جميعا آمنوا بإله واحد هو رب العزة والجلال لكن التعبير عن هذا الإيمان اختلف لتعددهم فبعضهم قال (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) وبعضُهم قال (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى) قدّم هارون باعتبارهِ الأكبر ، ومنهم من قال (آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ) لكن الذي يجمع هؤلاء السحرة أنهم جميعاً آمنوا بالرب تبارك وتعالى . هذا الأمر وقع على ملأً من الناس وكان قد مرّ معنا أن موسى -عليه الصلاة والسلام- لا يخفي شيئاً عن الناس في دعوته ، وقلنا إن من سماتِ الأنبياء وأتباعهم أنهم يدعون جهارا ولا يخشون أحدا بمعنى أنه ليس هناك شيء يبيتونه لأنفسهم حتى يضعون دينهم في الخفايا ولهذا قال (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) فكانت دعوته جهاراً بينا.
 حصل الموقف ألقى السحرة ، ألقى موسى عصاه كما أخبر الله (فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) انتهينا إلى قول الله -جل وعلا- (قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى).
 لما آمنوا انقلبوا من كونهم في أول النهار كفرة أشرار إلى كونهم أتقياء أبرار وهذا يدل على أن الهداية بيد الله . هذا ما انتهينا إليهِ..
 نبدأُ اليوم بقول الله جل وعلا على لسانِ فرعون (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) هذا القول ردة الفعل الفرعونية إلى اليوم والناس في حياتهم الاجتماعية إذا رأوا رجلا مُتغطرساً يقولون فرعوني وهذا مأخوذة من دأب فرعون ، من قول فرعون ، من سياستهِ للناس . فرعون ما كفاه أن يدّعيَ أنه إله (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) وقد جاء في الأثر أن جبريل قال للنبي -صلى الله عليه وسلم- (ما أبغضتُ أحدا بُغضي لفرعون يوم سمعتهُ يقول (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي)) فرعون لما آمن السحرة من كذب على الله هينٌ عليهِ أن يكذب على الخلق ولهذا قال (آمَنتُمْ لَهُ) همزة من أصل الفعل وهمزة استفهامية (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) حتى الإيمان بالله في ظنّهِ يحتاجُ إلى أن يستأذنوه ومعلومٌ أن فرعون حتى لو استأذنوه لن يأذن وهم غير مُلزمين شرعاً لأن يستأذنوه لكن حتى لو استأذنوه فإنه لن يأذن لهم . (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) وهذا يدلُ على علوهِ وتكبره (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) فانظر كيف قلب الأمر جعل موسى معلماً لهم ويعلم فرعون أن موسى ما كان ساحراً طرفة عين وأنه هو الذي بعث في المدائن حاشرين يأتوه بكل سحّارٍ عليم لكنّه -كما قلنا- من تجرأ في الكذب على الله بدهيٌ أن يكذب على غيره ولهذا قال هرقل لأبي سفيان في قضية محاورتهما في أرض هرقل قال له عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أجربتم عليه كذبا ؟ قال: لا ، قال هرقل -بعقله لا بنقله- قال ما كلن ليترك الكذب على الناس ويكذب على الله وجعل ذلك أمارة على صدق نبوة نبينا -صلى الله عليه وسلم- .
(إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) هذا وصفٌ من فرعون له ثُم أجرى مجرى التهديد الفعلي بعد أن ذكر التهديد القولي قال (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم) وجاءت "أيديَ" بالنصبِ لأنها مفعول به وظهرت العلامة على الياء (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ) وهذا نوعٌ من التهديد (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ) والصلبُ : الرفع والحمل ويكونُ غالباً على ألواحٍ وخشب 
(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) ومعلوم قطعا أن الصلب هنا إنما كان على جذوع النخل .
 قال بعضُ العلماء كأبي حيان في البحر المُحيط قال : إن فرعون نقر لهم في النخل وأدخلهُم فيهِ وهذا القول منه ليفرّ من قول الله -جل وعلا- على (جُذُوعِ النَّخْلِ) لكن هذا القول أكثرُ أهل العلم على خلافه وإنما كان ينبغي أن يُعلم أن حروف الجر في اللغة ينوب بعضها عن بعض هذا واحد . الأمر الثاني : قال بعضُ من يُعنى باللُغة في القرآن قال (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)  ليبين يسر الأمر عليه يعني أراد فرعون أن يقول إن كوني أنني قادر على أن أصلبّكُم في جذوع النخل أمر هين عليّ لأن كلمة "على" تعني الفوقية ، تعني الاستعلاء كأنه يحتاج إلى من يعينه إلى أن يرتفع فحاد عنها فرعون طبعاً حاد عن مثيلها هي ليس عنده في عرفه -في لُغتُهُ- لكن حاد عن مثيلها في لُغته وإنما عبّر بحرف الجر "في" ليُبين سهولة الأمر عليهِ (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا)  يعني أنا وأنتُم (أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) وهذهِ زفرات يُطلقها ذالك الذي لعنه الله كردة فعلٍ يائسة لما رأى من إيمان السحرة (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) .
مرّ معنا في تفسير سورة القلم أن السجود من أعظم ما ينال به العبد عظيم اليقين وهذه الأحداث شاهدة على ذالك قال الله -جل وعلا- على لسان السحرة لما هددهم فرعون وهذا كُلهُ في أرض الموقف -أرض المُجادلة- قالوا له بعد أن قال (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) قالوا (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا) فألقى الله -جل وعلا- في قلوبهم الإيمان واليقين ووجدوا حلاوته رغم أنهم ليس لهم أيام ولا شهور ولا أعوام من باب أولى في الطاعة والإيمان والعمل الصالح لكن تلك الحضوة الإلهية نالوها ببركة سجودهم حتى يُعلم أثر العمل الصالح على قلب العبد . (قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا)  ثُم ردوا عليه بطريقته كما كان يُطلق الأفعال على صيغة الأمر قالوا لهُ (فَاقْضِ) أي فأنهِ (مَا أَنتَ قَاضٍ) ثُم بينوا لهُ ضعفه (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)  قد يكونُ أن الله أعطاك سُلطان على الدنيا لكن ليس لك سُلطان على حياتنا في الآخرة والدنيا قضيت علينا أم لو لم تقضي علينا فمردنا أصلا إلى الموت فلا نُخوّفُ بشيء لكن العبرة بالحياة الأُخروية (فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) وجاءت "الحياةَ" بالنصب لأنها بدل من اسم الإشارة "هذه" ، وهذهِ قاعدة نحوية تأتي معك دائماً كل اسم مُعرف بـ"أل" بعد اسم الإشارة يُعربُ بدلاً عنه ، فما يُقالُ في إعراب اسم الإشارة الذي قبله يُقالُ في إعراب الاسم الذي بعده وهذا نظيرهُ (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ) مفعول بهِ (الْحَيَاةَ) بدل عنها (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) . ثُم قالوا (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ) وعبارة الإكراه هُنا مأخوذة من أن فرعون سوّل لهم هذا الأمر بأن منّاهم ووعدهم وقال (وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) فاعتُبر هذا شرعا نوعا من الإكراه . قال الله -جل وعلا- (وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ)  ثُم قارنوا بينه وبين فرعون -بين ربهم وبين فرعون- قالوا (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىولا ريب أن الله خيرٌ وأبقى . وهذهِ منهاج للمؤمن في كُل ما يأتيه ما يكونُ فيهِ شيء يتعلق بالله وما فيهِ يتعلّق بالمخلوقين فثق أن ما عند الله -جل وعلا- خيرٌ لك وأبقى وهذهِ من الطرائق التي ربى الله -جل وعلا- بها رُسُله -عليهم الصلاة والسلام- وهذّبهم بها وثبت قلوبهم -جل وعلا- بها أنه أعلمهم أن الآخرة هي الباقية ، هي التي يعمل الخلق لها ، قال -صلى الله عليه وسلم- لما رأى الأنصار والمُهاجرين يبنون مسجده (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمُهاجرة) وهذا أمر يستحضره المؤمن ، وقد مرّ معكم ، ربما قلت لكم من قبل أن العلامة الألباني -رحمه الله- لمّا بُشّر بفوزه بجائزة الملك فيصل العالمية أراد بعض الصحفيين أن ينال حضوة عنده بأن يُجري له مقابلة صحفية ، ومعلوم أن جائزة الملك فيصل جائزة عالمية يرقبُها كُل عالم في خدمة الإسلام أو في غيرهِ ، فلمّا بُشّر بها قال الشيخ وهو يبكي هاتفياً (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ثُم قال (وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى) . فمهما أُعطي الإنسان من الدنيا ينبغي عليه أن يستحضر هذا الأمر العظيم وأن ما عند الله خيرٌ وأبقى حتى لا يُفتن بما أعطاهُ الله جل وعلا في الدُنيا (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى).
(إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا) هذهِ مُمكن أن تكون من كلام السحرة المؤمنين وممكن أن تكون تذييل من كلام الله -جل وعلا- ، تحتملُ الأمرين (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا) أي كافرا (فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى) وهذا أحد كُنى عذاب جهنم أن القضية فيها أن الإنسان لا ينتهي وفي نفس الوقت لا يبقى حيّاً حياةً مُنعّمة . ثُم الأمر الثاني ذكره الله في سورة أُخرى (سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ) متى ينفع الصبر؟ إذا كان يُعينك على تجاوز الأذى لكن إذا كان الصبر لا ينفع يصبح في ذاتهِ عذاب وهذا -والعياذُ بالله- حالُ أهل النار قال الله -جل وعلا- (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى) وكما في سياق القرآن في أكثرِ من موضع إذا ذكر الله أهل النار يذكر أهل الجنة وإذا ذكر أهل الجنة -غالباً- يذكر أهل النار ، بعد أن ذكر الله مصير المجرمين قال (إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى) وهذهِ نحوياً جُملة شرطية بدأت بـ"مَن" وهي اسم شرط لذلك يأتي بعدها حُذفت ياؤها لماذا حُذفت الياء؟ لأنها واقعة فعل شرطٍ مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة ، وقوله سبحانه (فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ) هذهِ -يا بُني- "الفاء" واقعة في جواب الشرط ، وسوّغ الإتيان بـ"الفاء" أن جواب الشرط جُملة إسمية ، سوّغ أن يبتدئ جوابُ الشرط بالفاء أن جواب الشرط جُملةٌ أسمية .
 ((إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَى*وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا) أي حال كونه مؤمناً (قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى) الجنة والنار كلاهما يُقال في حق أهلها درجات لكن تنفرد النار أن يُقال في حقها دركات فيُقال لأهل النار درجات نصّ عليهِ القرآن في الأنعام لكن لا يُقال لأهل الجنة دركات وإنما دركات وقف على أهل النار.
 (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى*جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى) ومرّ علينا معنى التزكية بالتفصيل في قول الله -جل وعلا- (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) ، ( فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى*جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى).
 ثُم أخبر الله -جل وعلا- عن نبيهِ موسى قال: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى ) ذكر الله -جل وعلا- هنا خروج موسى من أرض مصر وجاء الخروج في " طه " موجز وفُصّل في الأعراف وفي يونس وفي غيرهما والقُرآن سمّاهُ اللهُ -جل وعلا- مثاني بمعنى أن الأخبار والقصص فيهِ غالبا تكرر فما يوجزه الله في سورة يُبسطه الله في سورةٍ أُخرى ، وأحياناً يكتفي الله -جل وعلا- بالبسط في سورة واحدة ولا يُثنيها كما في قصة نبي الله يوسف فإنها لم تكرر في القرآن بخلافِ قصة موسى فإنها مرت في أكثر من موضع في كُل موضعٍ تُساق حسب السياق العام لسورة .
 قال الله جل وعلا (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا) (أَنْ أَسْرِ) دلّ على أنهم خرجوا ليلاً لأن السُراء لا يكونُ إلا في الليل (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا)  والضرب هنا حقيقي وهو أن موسى -عليه الصلاة والسلام- ضرب البحر بعصاه ، البحر بالاتفاق بحر القلزم المُسمى اليوم بالبحر الأحمر (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) ومعنى الآية : (لّا تَخَافُ دَرَكًا) أي لا تخافُ أن يُدركك فرعون (وَلا تَخْشَى) أي لا تخشى غرقاً من البحر ، فلا فرعونُ يُقدّر لهُ أن يُدركك هو وجنده ولا البحر قادر على أن تكون غريقاً فيهِ وإنما سيُنجيك ربك من إدراك فرعون ومن موج البحر وما يكون فيهِ من الغرق والهلاك (لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) هذا جاء مفصلاً ولعلهُ يأتي.
لكن جُملةً نقول : إن موسى أخذ قومه لما وصل إلى شط البحر (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ*قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) فأمرهُ الله بأن يضرب البحر فضربهُ قائلاً أنفلق يا أبا خالد وهي كُنيةٌ تقولها العرب للبحر وورد -والعلمُ عند الله- انهُ قال" بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المُستعان " فانقلب البحر يبساً -كما أخبر الله- وأنشق اثني عشر طريقاً على قدر أسباط بني إسرائيل فعبر موسى والمؤمنون الذين معه حتى انتهوا إلى الضفة الأُخرى .
جاء فرعون تردد في العبور -وقد مرّ هذا معنا- تردد في العُبور لكنه بقي ينتظر خوفاً من أن يعود البحر بحرا فلما وصل موسى والمؤمنون الذين معه إلى الضفة الأخرى وأطمأن موسى أنهُ قد سلم وأن فرعون يحاول أن يدركه أراد أن يضرب البحر كرة أخرى ليعود بحرا فيقطع الطريق على فرعون فأوحى إليه رب العزة (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا) هذا في الدُخان أي ساكنا فبقي البحر ساكنا فامتنع موسى عن ضربهِ بأمر الله ، تشجع فرعون ليهلكهُ الله -جل وعلا- على أن ظنّ أن البحر سيبقى أبدياً على هذهِ الحال عبر هو وجنوده فلما أكتمل بقاءهم في البحر أمر الله البحر أن يعود بحرا فأغرق فرعون فقال (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) ولم يقُل آمنتُ بالله وإن كان إيمانهُ صحيحاً فالله -جل وعلا- قال أهل العلم اثبت الإيمان لفرعون لكنه لم يقبله منه قال الله (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) ذكر أنه قبل لم يكن على هذهِ الحال (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) وقد جاء في الآثار أن جبريل عليه السلام كان يضعُ الطين في فم فرعون مخافة أن يقول فرعون كلمة يستدرُ بها رحمة الله. وقد مرّ معنا كثيراً في دروسنا أن رحمة الله -جل وعلا- لا تُستجلبُ بشيء بعد الإيمان والعمل الصالح بأكثر من دعوة أو أكثر من مدحٍ أو ثناءٍ على الله يستدرُ بها العبد ما عند الله -جل وعلا- فإن الرب تبارك وتعالى لا أحد أحب إليه المدح من نفسه ولذالك مدح ذاته العلية وهذا أمرٌ مُشاهدٌ في الكتاب والسُنة فإنه كم من عبد صالحٍ ذكر الله -جل وعلا -دعوتهُ كدعوة ذي النون . وكقولهِ -صلى الله عليهِ وسلم- لما سمع عبدا يقولُ في دُعائهِ "اللهم لك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مُباركاً فيه" أخبر -عليه الصلاةُ والسلام- أن هذه الكلمات أعجزت الملكين . والمقصود من هذا أن الله جل وعلا تُستدرُ رحمتهُ ويُستجلب ما عنده من الفضل والإحسان بكثرة الثناء عليه و انكسارِ العبد بين يديه وهذا الأمر كان مظنة أن يأتي فرعون و إلا لو تقرر عند جبريل أن الله لن يرحم فرعون قطعاً مهما قال ما كان هناك حاجة لأن يضع جبريل الطين في فم فرعون . وهذا يدل على أن رحمة الله -جل وعلا- واسعة وأنهُ لا يهلك على الله -جل وعلا- إلا هالك ، وإن العاجز حقاً من لم يجد ألفاظا ولا كلماتٍ يُعبرُ بها عن مسكنتهِ وانكسارهِ بين يدي الرب تبارك وتعالى ، وتعظيمُك لله -جل وعلا- لابُد أن يُلازمهُ عدم مُبالغتك في الخلق ولهذا تخرج منا أحياناً من غير شُعور كلمات نقُولها لمن نُحب فيها التعظيم دون أن نشعُر فيسمعُ البعض إذا ألقى كلمة في محفل أو أمام أميرٍ أو ذي سُلطان يقول إن الكلمات تقصُر وأن العبارات تعجز وهذا خطؤ محضٌ بل خطؤ عظيم لأن الكلمات العربية إذا وسعت كلام الله من باب أولى أن تسع غيرهُ ، إذا وسعت ألفاظ العربية مدح الرب -جل وعلا- فمن باب أولى وأحرى تسع مدح غيرهِ. لكن الناس إذا وصلوا إلى من بيدهِ العطايا أو من يُخشى منه نسو أمراً من جانب الله لكن الإنسان يكون متوازنا يعرف لأهل القدرِ قدرهم ولأهل الفضلِ فضلهم لكنه يبقى معظماً التعظيم المُطلق لرب تبارك وتعالى . يقول حافظ عن اللُغة العربية :
 وسعتُ كتاب الله لفظاً وغايةً *** وما ضقتُ عن آيً بهِ وعظاتِ
 فكيف أضيقُ اليوم عن وصف آلةٍ *** وتنسيق أسماءٍ لمُخترعاتِ
 والمقصود أن الله -جل وعلا- جعل قُرآنه بلسانٍ عربي الذي فيه الثناء على ذاته العطرة على ذاته -جل وعلا- فكيف بالثناء على المخلوقين من باب أولى أن تتسع اللغة ويوجد من العبارات والألفاظ ما نمدح به من نحب أو نجِلّ أو نُعظّم أو نخشى .
 المقصودُ من هذا كُلهِ أن نبي الله موسى -عليه الصلاة السلام- عبَر بقومهِ ، بعد أن عبر بهم البحر أصبحوا في أرض سيناء . قال الله -جل وعلا- : (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى) ما فصّلناه قالهُ الله (فاتبعهُم فرعون بجنودهِ فغشيهم) "غشي" المعنى غطى ،غطى فرعون وأهله (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ) وإذا جاءتك هذهِ الفعل ثُم بعدهُ "ما" هذهِ مُرتبطة بالفعل الذي بعدها التي تُسمى "ما" المصدرية أو "ما" الموصولة أحياناً -على خلافٌ بين النُحاة- فأعلم أن المقصود التعظيم ومنهُ قولُ الله -جل وعلا- (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى) هذا أسلوب تعظيم ، أسلوب تفخيم ، أسلوب تهويل ، فالله يقول هنا (فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ* وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) .
منّ الله على بني إسرائيل بعد ذالك يقولهِ: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى*كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) "إسرائيل" يعقوب ابنُ إسحاق ابنُ إبراهيم وهذهِ مُلاطفة من العلي الكبير في خطابِ أُولئك القوم فنسبهم إلى جدهم الأكبر الذي يُنسبون إليهِ وهو نبيُ الله ابنُ نبي اللهِ ابنُ خليل الله عليهم جميعاً أفضل الصلاةُ والسلام. والربُ تبارك وتعالى يُنادي عباده إما: أن يُنسبهم إلى أب عام كآدم،
 أو أبٍ خاص كـ "يا بني إسرائيل"،
 أو يُناديهم نداء كرامة وهذا أكثرُ الآيات المدنية عليه كقول الله -جل وعلا- ( يا أيُها الذين آمنوا ) فهذا يُسمّى نداء كرامة،
 أو نداءً عاماً لا يُنسبون فيهِ إلى أبٍ ولا يُذكرون فيهِ بكرامة وإنما نداء عام ومنه قول الله جل وعلا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) .
فقول الله -جل وعلا- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) هذا نداء عام يدخُلُ فيهِ البر والفاجر والمؤمن والكافر ولا يُمكنُ أن نصطلح على أنهُ نداءُ كرامة بل هو نداءٌ عام وقُلنا ( يا أيُها الذين آمنوا ) هو نداء كرامة ، قُلنا مُلاطفة (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم) يمّنُ الله -جل وعلا- على بني إسرائيل بما كان من نجاتهم من فرعون (قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ) الذي هو فرعون (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) الطور كم طور فيهِ؟ واحد كم جبل طور؟ واحد ، "الأيمنَ" جاءت منصوبة ، و"الطور" جاءت مجرورة لأنها مُضاف إليهِ هذهِ تأملها جيداً (جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ) فـ "الأيمن" ليست صفة للطور وإنما صفة للجانب ، الأيمن صفة للجانب ليست صفة لطور لأنها لو كانت الأيمن صفة لطور معناه هُناك طور أيمن وطور أيسر وطور في الوسط وطور هناك وطور ... ولا يوجدُ إلا جبلُ طورٍ واحد ، لكن هذا الجبل جبل الطور المُبارك له عدة جوانب ، وأصلا كلمة أيمن ليست جهة ثابتة لأن الثبات في اليمين واليسار غير ثابت غير وارد . مثلاً :أنا أجلسُ الآن على هذا الكُرسي هذا الجهة هذهِ على يميني لكنني لو قابلت هذا الكُرسي فتُصبح هذهِ الجهة على يساري الأيمن غير وارد لكن الله -جل وعلا- يُخبر عن الجهة التي جاء منها موسى عليهِ الصلاةُ والسلام هذهِ واحدة . قُلنا "الأيمن" صفة لجانب و"جانب" نكرة و"الأيمن" معرفة لكن ما الذي سوّغ هنا أن جانب جاءت مُعرّفة بالإضافة ،أُضيفت إلى كلمة الطور فاكتسبت التعريف ، أُضيفت كلمة جانب إلى كلمة الطور فاكتسبت التعريف فلما أضحت معرفةً حُق لها أن توصف بكلمة الأيمن . 
هنا قبل أن نتجاوزها إلى غيرها نبه بعضُ العلماء -وذكرهُ الدكتور صالح العايد في كتاب نظرات لُغوية نقلاً عن صاحب البُرهان إن لم أنسى- وهي قضية استنبطها العُلماء دقيقة جداً في قضية جانب الطور الأيمن . الله -جل وعلا- ذكر هنا أنه واعد موسى جانب الطور الأيمن لكن لمّا تكلم عن نبيهِ -صلى الله عليه وسلم- قال (وما كُنت بجانب) ما قال الأيمن (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ) لماذا لم يذكُر اللهِ الأيمن هُنا ؟ لأن هنا في نفي وكلمة "الأيمن" فيها تشريف ، لكن كلمة الغربي لا تعني شرفاً بذاتهِ [واضح ] ، الأيمن جهة اليمين جهة شرف لكن الغربي والشرقي والشمال والجنوب ليس فيها في ذاتها شرف فلما أراد الله النفي عن نبيهِ مُلاطفةً لنبيه لم يصفها بالأيمن لأنه إذا وصفها بالأيمن فيُصبح نفى اليُمنى عن نبيه والله لا يُريدُ هذا فقال -جل وعلا- (وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ) إجلالاً وإكراماً ومُلاطفة لرسولهِ صلى الله علية وسلم .
وقبل أن أُكمل هذا أقولُ لك ولمن يُشاهدنا من الأخوة والأخوات:
 علمُ التفسير عُموماً مواهب يُعطيها الله من يشاء والناس قُدرات ويظهرُ أثرُ كُل ذي قُدرة في تفسيرهِ . فمن كان ذا قُدرة في الاستباطات اللغوية سيظهرُ هذا جليا في كلامهِ ،، ومن كان قويا في الفقهِ مثلاً سيظهرُ هذا في كلامهِ فكُن أنت قبل أن تبحث عن تفسيرِ الآية ابحث عمّا تُريدهُ من الآية ، فإذا بحثت عما تُريدهُ من الآية سيسهُلُ عليك أن تبحث في كُتب التفسير لكن هذا لابد أن يسبقه أن تكون مُلماً بكتب التفسير، بعضُها يظهرُ من عنوانها فالكتاب الذي ذكرنا اسمه [نظرات لُغوية] فواضح أنهُ يبحث في اللُغة ، [ أحكام القرآن لأبن العربي ] واضح أنهُ يتكلم في الفقهيات ، فأحياناً من العنوان يظهر وأحياناً لا ، من كثرة المُطالعة والدُربة لك تستطيعُ أن تعرف مناحي المُفسرين فيسهلُ عليك بعد ذالك أن تصل إلى مُرادك.
 نقول قال الله -جل وعلا- : (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) أهلُ العلم رحمهم الله يكادون يُجمعون على أن المقصود بـ"المنّ": شيءٌ أنزلهُ الله من السماء عليهم كالطل يجدونهُ على رؤوس الأشجار أشبه بالعسل الأبيض يتجمع كالصُمغ ثُم يأخذُونه وهو نوعٌ من الحلوى رزقهُ الله -جل وعلا- بني إسرائيل ، وقالوا في "السلوى" : أنها طيرُ السُمّان المعروف هذا ما ذكرُوه. لكن جاء في الحديث أن الكمأة من المنّ والذي يظهر -والعلمُ عند الله- ما قاله الأفاضل الأكابر في هذا قويٌ جداً لتظافرهم عليهِ ومن الصعب أن يُخطئ الإنسان جمعاً لكن فيما يبدو أن المنّ هو الكمأة التي تظهر الآن من غير ما زرع تكونُ مقرونةً بوقت المطر فهذهِ فيها منّة لأن ليس فيها جُهدٌ لأحد ليس فيها جهدٌ لأحد لأجل ذالك من الغالب يعني غالبُ الظن أنها مقصودة إن لم تكُن هي كُلها فتكون "من" في الحديث بيانية أو على الأقل نوعٌ مما أخرجه الله -جل وعلا- لبني إسرائيل. والمقصودُ أن بني إسرائيل عندما خرجوا مكثوا في الصحراء فاحتفى العلي الكبيرُ بهم إكراماً لأنبيائهم ولما أرادهُ الله -جل وعلا- من الابتلاءِ لهم (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) فأنزل عليهم المنّ والسلوى . قال اللهُ -جل وعلا- (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى*كُلُوا) وهذا أمرٌ للإباحة (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ)  في تجاوز الحد (فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)  ثُمّ قال الله تذييلاً لهذا الأمر (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) والهوى هُنا المقصودُ بها السُقوط المُريع والمقصودُ بها الهلاك الفضيع لكُل من حل عليهِ غضبُ الله تبارك وتعالى. 
(وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) وهنا أتوقف قليلاً لأقول أن "هوى" في القرآن وردت بمعنى السقوط قال الله -جل وعلا- (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) وهُنا نستبعد تفسير بعضُ العُلماء لقول الله -جل وعلا- (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) بأن المقصود بهِ نزول القرآن. بعضُ أهل العلم يقول (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى) يقصد أن القرآن نزل مُنجماً فيجعل هوى هنا بمعنى نزل لكن ألفاظُ كلمة هوى، استخدام اللفظ هوى في القرآن لا يُساعد على هذا ومنه هذهِ الآية (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى) .
 ثُم قال البر الرحيم كما يذكر غضبه يذكر رحمته (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) هذا القولُ الرباني من الله -جل وعلا- جاء بعد قولهِ تبارك وتعالى (وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى*وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) قد يظنُ الناس ممن لا يؤتى بضاعة في التفسير قوية أن الأمر مُرتباً ترتيباً حرفياً وإنما المقصودُ أن الإنسان إذا وقر في قلبهِ الإيمان والأسفُ على ما كان منهُ من عصيان ولزم الصراط المُستقيم هذا الذي أهلٌ لأن يغفر الله -جل وعلا- له لكن الآية لا تعني الحصر فإن الرب -جل وعلا- قد يغفرُ من غير ما سببٍ من العبد . وبعضُ أهل العلم -كما في شرح العقيدة الطحاوية- أجمل أسباب المغفرة إلى ثلاثةَ عشر سببً ، أجمل أسباب المغفرة إلى ثلاثةَ عشر سببً وجعل خاتمتها وأخرها وأكملها غُفران الله تبارك وتعالى من غير سببٍ من العبد لكن هنا الله -جل وعلا- يذكرُ أعظم أسباب غفران الذنوب (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) على هذا الإنسانُ وهو يعملُ العمل الصالح لا بُد أن يجعل في نفسهِ مُستصحباً أنهُ يريد بالعمل الصالح غفران الذنوب كما قال الله قبل قليل على لسان السحرة (إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا) ونقولُ مرارا : أن المرء لا يحملُ فوق كاهلهِ شيئا أشد عليهِ من ذنبهِ ولهذا علّق الله -جل وعلا- جوائز فضائل الأعمال بغُفران الذنوب. فلمّا ذكر النبيُ صلى الله عليه وسلم الحجّ وأخبر ما يجده العبد من عناءٍ فيهِ وأنه عبادة يجتمعُ فيها البدنُ والمالُ والقلب قال -صلى الله عليه وسلم- {رجع كيوم ولدتهُ أُمهُ} فعلّقها بمغفرة الذنوب لأن الصالحين لا يخشون لا يؤرقهم شيء أعظم من أنهم يسألون الله -جل وعلا -غُفران ذنُوبهم :
 إن تغفر اللهم تغفر جما **** وأيُ عبدٍ لك ما ألما
 ولما أراد الله أن يُخبر ببعض كرامتهِ إلى نبيهِ -صلى الله عليه وسلم- قال لهُ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) وهو -عليه الصلاة والسلام- يُعلّمُ الصّديق أن يقول في دُعائهِ { اللهم إنني ظلمتُ نفسي ظُلماً كثيرا وإنه لا يغفرُ الذنوب إلا أنت فاغفر لي } أو كلمةً نحوها . والمقصود أن غُفران الذنوب من أعظم ما يطلبهُ العبد ُ من ربهِ.
 إلى هنا ينتهي وضعٌ عام في حياة بني إسرائيل ذكره الله -جل وعلا- ثُمّ يذكر اللهُ تبارك وتعالى مُسارعة موسى -كما سيأتي تفصيلاً في اللقاء القادم- إلى ربهِ.
 لكن نقف هنا لنقول في جُملة هذهِ الآيات: تنحصرُ هذهِ الآيات في الحديث عن ما كان من إيمان السحرة وهو أولُ نقلة نوعية في دعوة موسى إلى استقرارهم في أرض سيناء وهذهِ المرحلة التاريخية من انتصارِ موسى إلى استقرارهم في أرض سيناء مرّت بأحداث لم تذكُرُها الآيات هنا ، من تلك الأحداث -والقرآنُ يُفسرُ بعضهُ بعضا- :
- أن موسى قبل أن يرتحل من أرض مصر أمر قومه أن يجعلوا بيوتهم قبلة . واختلف العُلماء في معنى ( واجعلوا بيوتكُم قبلة ) فبعضُهم قال أنهُ أراد الصلاة وعندي هذا بعيد لأن الله قال بعدها ( وأقيموا الصلاة ) لكن الذي أفهمهُ -والعلمُ عند الله- أن المعنى اجعلوا بيوُتكُم مُتقاربة مُميزة في ناحية البلدة حتى تستطيعوا أن تذهبوا إلى البحر وقت ما يأذن الله -جل وعلا- برحيلكُم من أرض مصر من أرض مصر. والمقصود أن موسى استقر في أرض مصر طويلاً قبل أن يرحل ويتركها إلى أرض التيهِ .
 - من هذهِ الأحداث وقعت ما وقع من الآيات (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ) هذا وقع ما بين إيمان السحرة وما بين خُرُجِ موسى من أرض مصر .
 - ذكرت السُنة الصحيحة أن موسى أخذ معهُ جسد يوسف وهذا لم يأتي في القرآن لكن جاء في نقلٍ عن النبي -صلى الله علية وسلم- حسّنهُ أو صححهُ بعضُ أهل العلم.
- كذالك من الأحداث التي وقعت في هذهِ الحقبة التاريخية من إيمان السحرة إلى خُروج موسى قضية قارون وما كان منه فإن قارون والخسف بهِ وهلاكهُ إنما وقع في أرض مصر ولم يقع بعد ذالك .
 فهذهِ أحداث تاريخية أجملها القرآن جاءت مُفرّقة : قصة قارون ذُكرت في القصص ،(واجعلوا بيُوتكُم قبلة ) ذُكرت في يونس ، وبعضُها ذُكر في سورٍ أُخر وبعضُها ثُنّي وكُرر وبعضُها لم يُذكر إلا مرةً واحدة . والمقصودُ أن تفهم أن هذا السياق يُسمّى إيجاز حذف يُسمّى إيجاز حذف ذكر الله -جل وعلا- فيهِ منّته -جل وعلا- على بني إسرائيل وهذا الاحتفاءُ الإلهي ببني إسرائيل مبنيٌ على أن الله -جل وعلا- جرت سُنته في خلقه أنه لابد للناس من أئمة ذوي روح والمقصود أئمة روحيين بمعنى أئمة في العلم والهداية والله -جل وعلا- ينقُل هذا العلم من أُمة إلى أُمة وليس بين الله وبين أحدٍ من خلقهِ نسب ولكن كُلّما استمسكت الأُمة بهدي السماء كانت حقيقة بأن تقود العالم والله -جل وعلا- قال عن بني إسرائيل (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) فبعض الألفاظ تحصل منّا غير مُفرِّقة ما بين من أصاب وما بين من أخطأ كقول البعضِ ممّن يغلبُ عليهِ الوعظ أو السهو أحياناً غير المقصود " يا أحفاد القردة والخنازير " فهي من حيث الحقيقة الخلقية لم يجعل اللهِ لمن مسخهُم حفدة فهو أمرٌ منتفي. والأمر الثاني :أن بني إسرائيل يُنسبون إلى نبي عظيم كريم والله -جل وعلا- قال عنهُم (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) لكن ظهر فيهم قتلُ الأنبياء وتبديلُ كلام اللهِ وقولهم قلوبُنا غُلف واتهامهم لمريم ومُحاربتهُم لعيسى ومُحاولة قتله هذا الذي أضاعهُم وأذهبهُم . فالإنسانُ إذا تكلم يتكلمُ بهديً من القرآن لا بعاطفةٍ تؤججه فالله تبارك وتعالى يقول (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ) إلى غير ذالك مما يُبينُ الله -جل وعلا- فيهِ الإنصاف عند الخطاب . هذا ما يُمكنُ أن يُقال في هذا الجزءُ التاريخي من حياة بني إسرائيل في هذا الموضع .
 قال الله -جل وعلا- بعدها مُبيناً ما حصل لموسى بعد ذالك ، قلنا أن موسى استقرّ في أرض الطور ،أمره الله -جل وعلا- وأعطاه موعداً قال الله -جل وعلا- (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى) هذا يُفهم منه أن موسى استبق قومه إلى جبل الطور ليتحقق الوعد المكاني والزماني ، ضرب الله لهُ ميقاتا زمانياً ومكانياً ، ميقاتا زمانياً أربعين ليلة ، والميقات المكاني جبل الطور فسبق موسى قومه وجعل أخاه هارون يخلفه فيهم فسأله ربه (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى) و"ما" هذهِ استفهامية . (قَالَ هُمْ أُولاء عَلَى أَثَرِي) قال بعضُ العُلماء: إن هذا الجواب غير مُطابق للسؤال ، كان ينبغي أن يقول أعجلني كذا وكذا ولا يقول إن قومي قريبوا عهد بي ... . لكن لماذا أحتار موسى في الجواب؟ قالوا : لأنهُ هاب مُعاتبة الله -جل وعلا- فلم يجد جوابا يخاطب به ربه . والمقصود أن مُعاتبة الله -جل وعلا- لموسى وسؤاله إياه أوقع في موسى الرهبة والخوف فكان جوابه غير مُطابق للسؤال . إذا صح هذا التأويل الذي أختاره بعض أهل العلم فحريٌ بنا أن يُقال إذا كان هذا النبيُ الكريمُ الذي لم يقترف ذنباً أصابه ما أصابه من الذهول لمّا عاتبه ربه فكيف بمن يلقى الله -جل وعلا- وقد عصاه وتجاوزا حدوده وانتهك حُرُماته -نسأل الله لنا ولكُم العافية-. (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى*قَالَ هُمْ أُولاء عَلَى أَثَرِيأي غيرُ بعيد عني (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىهذهِ تصلُح جواباً (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) وقد قال العُلماء بناءً على هذهِ الآية : إن العجلة مذمومة إلا إذا كانت مُسارعةً في الخيرات. 
(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) طلبُ رضوان الله -جل وعلا- من أعظم المقاصد وأجلّ المطالب ولا توجدُ عطية أصلاً بعد رضوان الله قال الربُ -تبارك وتعالى- (وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) وكُلّما كانت بُغية المرء أن ينال رضوان الله -جل وعلا- كان من أعظم الساعين في أسباب التوفيق ، ووالله إنك لن تخرج من دارك تطلب أمرا أعظم من رضوان الله فكُلّما غلب على ظنّك في عمل فيه رضوان الله فلا تترد في السعي إليهِ عاجلاً أم آجلاً (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) .
 قال اللهُ لهُ (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) السامريّ من مُبهمات القرآن كعَلَم ولم يُذكر إلا في سورة "طه" وشخصيتهُ جاءت في القرآن من حيث الجُملة شخصية مُبهمة سواءً في أول أمرها أو في خاتمة مطافها ولا أظنُّ أن ما بقي من الوقت يُعين على أن أتكلم عنها سأُرجئ الحديث عنه في اللقاء القادم ، لكني أقول مُستدركاً بعض ما بقي من الوقت : أن الله -جل وعلا قال- (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) نسب اللهُ الفتنة هنا إليه ونسب الضلال إلى السامري ويجبُ أن يُحرّر أن الهداية والضلال بيد الله فما السامريُ هُنا إلا سبب جعله الله -جل وعلا- كما جعل الملَكينِ فتنةً لبني إسرائيل بعد موسى ( إنما نحنُ فتنة فلا تكفُر ) فالشيطان مثلا جعله الله -جل وعلا- من أسباب الغواية ،، والمال جعلهُ الله -جل وعلا- فتنة ،، والنساء جعلهُنّ الله -جل وعلا- في حق الرجال بعض الرجال فتنة . والمقصودُ من هذا: أن الهداية بيد اللهِ أما هذا السامريُ فهو كان سبباً في غواية بني إسرائيل كما سيأتي تفصيلهُ في موضعهِ لكنّ الذي يعنينا هُنا أن الله جل وعلا قال (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ) الخطاب لموسى (وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) أي أنه صنع لهُم عجلاً لهُ خوار والعجلُ ولد البقر، و(لَهُ خُوَارٌ) هذا صوتُ العجل (فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ) طبعاً إذا أستمرّيت في القراءة تقول (فنسيَ) فعل ماضي مبنيٌ على الفتح . والمعنى من الذي نسي ؟ الفاعل غير مذكور فيُصبح المعنى يحتمل عدة تأويلات :
 منها أنهُم قالوا فنسي موسى أن يُخبركم أن هذا إلهكُم ،هذا مُراد أراده السامري .
 ومُراد آخر فنسي موسى أي نسي أن هذا الإله وذهب يطلبُهُ في مكانٍ آخر . هذا أقوى الاحتمالات الاثنان وذُكر احتمالات أُخر لكن هذهِ أقواها .
 وقُلت لا أُريدُ أن أزدلف إلى القصة كاملة لأن تحريرُها يحتاجُ إلى روية ويحتاجُ إلى مُتسعٍ من الوقت لكن الذي يعنينا أن الله -جل وعلا- ابتلى بني إسرائيل في الفترة التي تأخّروا فيها عن إدراك موسى بأن عبدوا العجل وعبادتهم للعجل هي مُرادهم من قولهم في سورة البقرة (لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً) فهم يقولون أنه محكُومٌ لنا بالجنة وأن النار لا تمسّنا إلا أياماً معدودة هي الفترة التي عبدنا فيها العجل .ولأن عبادة العجل كانت مهلكةً عظيمةً لهم اشترط الله عليهم في التوبة أن يقتلوا أنفسهم كما أخبر الله جل وعلا في سورة البقرة. وهذا كما قُلت أنا أُقاربهُ مُقاربة الآن في آخر المطاف لكن جُملةً هي فتنةٌ حصلت لبني إسرائيل سيأتي تفصيلُها بإذن الله تعالى في اللقاء القادم .
 وقُلتُ إن السامريُ مُبهمٌ من مُبهمات القرآن شخصيةٌ يكتنفُها الغموض ذكرها الله -جل وعلا- فقط في سورة طه سيأتي تحريرُ الخطاب عنها في اللقاء القادم .
 هذا ما تيسر إيرادُهُ وتهيأ إعداده والله المُستعان وعليه البلاغ وصلى الله على محمد وعلى آله والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------
النص من الشاملة (بتصرف يسير)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق