سورة الزمر من عظائم سور القرآن وقد ثبت عند الترمذي: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل". الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3405، خلاصة حكم المحدث: صحيح.
ليس معنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأها في كل ليلة ولكنه كان يقرأها غالباً صلوات ربي وسلامه عليه. وتعاهد هذه السورة يتبين من النظر في آياتها لأن مقصودها جِدّ عظيم أما مقصودها فهو في إخلاص الدين لله عز وجل وأنت حين تقرأ في سورة الزمر تتعجب. الآن بين أيدينا هذه السورة وأنا أتمنى من المشاهدين أن يفتحوا على سورة الزمر معنا ويتأملوا في الآيات التي بين أيدينا الآن .
الله عز وجل في أول سورة الزمر ليس ببعيد يقول (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2)) هذا أول أمر، ثم مباشرة (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ (3)) يعني الأمر بالتوحيد وإخلاص الدين لله عز وجلّ يأتي متتابعاً بهذه الصورة.
ثم نمضي قليلاً في السورة عند الآية الرابعة عشر يقول الله عز وجل (قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي) (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11)). أنظر المثل المضروب في السورة أيضاً في الإخلاص لله عز وجل (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا (29)) مَثَل في الشرك والاخلاص. عندنا عبد أسياده كثير كل واحد يأمره بأمر هذا مثل الذي يعبد أكثر من إله (وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ) عبد سيده واحد يأمره فيستطيع أن يطيعه ، السورة كلها كذلك بدأت بالتوحيد وتجد أن في ضمنها النهي عن الشرك.
وأخطر آية في هذا الأمر ، في هذا السياق قوله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم لحبيبه (لئن أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) الزمر) انظر التحذير في سورة الزمر والأمر بإخلاص الدين لله عز وجل والتحذير من الشرك، (لئن أشركت) حتى أنت يا سيد البشر وخاتم الرسل (لئن أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) فأكثر من هذا في الأمر بالتوحيد والتحذير من الشرك لا أظن!. ولذا السور التي جاءت في توحيد الألوهية وهي خالصة في توحيد الألوهية هي ثلاث سور: سورة التوحيد القُصرى وهي سورة الإخلاص وهي أعظمها ، وسورة التوحيد الطولى وهي سورة الأنعام ، وسورة التوحيد الوسطى وهي سورة الزمر وجاءت لخطاب المؤمنين وليس الكافرين بخلاف سورة الأنعام جاء الخطاب فيها للذين ينكرون توحيد الألوهية لكن الخطاب في سورة الزمر في أغلبها للمؤمنين بالتوحيد لكن قد يخالط بعض أعمالهم شيء من الشرك ولذا في قوله سبحانه وتعالى (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47)) هذه الآية من عظائم ما كان السلف يقفون عنده ، ومن المشهور جداً قصة محمد بن المنكدر مع ابن حازم . انظر كيف كانوا يفهمون ، السورة في التوحيد والنهي عن الرياء وعن العجب وما يتعلق بوساوس الصدور هذا الشرك الخفي ولذا قال الله عز وجل هنا (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) شيء في قلوبهم وقر الناس لم تطّلع عليه ولكن الذي اطّلع عليه هو رب الناس سبحانه وتعالى فيوم القيامة بدا لهؤلاء - أسال الله أن يعافينا ويعافيكم جميعاً - بدا لهؤلاء ما لم يكونوا يحتسبون لأنها أمور خاصة ، شرك خفي فبدا لهم يوم القيامة ما لم يكونوا يحتسبون ولذا محمد بن المنكدر - رضي الله عنه ورحمه رحمة واسعة وهو من أئمة التابعين ومن تلامذة ابن عباس - دخل يوماً غرفته يصلي وهو يكبّر فقرأ في سورة الزمر - وانظر كيف كانوا يقرأون سورة الزمر- وأنا اقول للإخوة والأخوات من أراد أن يعالج قلبه ليكون مخلصاً لربه فلن يجد أعظم من هذه السورة في علاج الإخلاص. يشعر بأن التوحيد عنده ضعيف، يشعر بأن الشرك يجرّه أحياناً ،عنده شيء من محبة الظهور ، شيء من العجب ، شيء من محبة الظهور، فليعاهد قلبه بهذه السورة سورة الزمر تعالجها سبحان الله علاجاً عظيماً جداً.
د. عبد الرحمن : هناك لفتة في هذا الجانب يا دكتور وهي لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ليقرأها على عتبة؟
د. عصام : القضية هي في النهي عن الشرك والأمر بالتوحيد وهذه أعظم قضية ، وهي عالجت حتى الشرك الأكبر والتوحيد الخالص لربنا عالجته ولذا سيأتي أن النبي - صلى الله عليه وسلم قرأ حتى غيرها ، وسورة الزمر تُقرأ على أهل الإيمان أكثر من قرآءتها على أهل الشرك، أكثر ما يُقرأ على أهل الشرك سورة فصلت لأنها قوية وفيها حجج وبراهين دامغة فتلك تناسب المشركين .
د. عبد الرحمن : وهي التي قرأها النبي على عتبة أنا نسيت
د. عصام: بينما سورة الزمر تناسب من في قلبه إيمان ومحبة للخير تأتي هذه السورة لتعالج هذا.
هذه القصة تنبئنا عن عظمة هذه السورة وعن شدة حاجتنا لها محمد بن المنكذر دخل الصلاة وبدأ بهذه الآية (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) من آيات سورة الزمر فوقف عندها قليلاً ثم رددها وبكى عندها وما زال بكاؤه يزداد سمع أهله نشيجه من خلف الباب جاؤوا إليه يركضون إليه ما بالك يا محمد؟ يا ابن المنكدر ما الذي جرى لك؟ ما الذي حصل لك؟ فجاؤوا إليه والتفوا حوله فما يزيده الأمر إلا بكاءاً حتى خشوا عليه رحمه الله من شدة البكاء فذهبوا إلى صاحبه وزميله إلى رفيق عمره أبي حازم فركضوا إليه يا أبا حازم - محمد بن سلمة - فجاء يركض ليدرك صاحبه وخليله بينهما ألفة ومحبة لا تكاد توصف بين هذين الرجلين، فدخل ابن حازم على ابن المنكدر وهو يبكي في غرفته فجاء إليه فقال مالك يا ابن المنكدر؟ ما الذي جرى لك؟ قال إني قرأت قول الله عز وجل (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فبكى أبو حازم وارتفع بكاؤه فارتفع بكاء ابن المنكدر مرة أخرى فجاء أهل ابن المنكدر إلى أبي حازم فقالوا جئنا بك لتعزي الرجل وترده عما هو فيه فزدته بكاء إلى بكائه !
قال: أما سمعتم ما الذي يقرأ؟! إنه قرأ قول الله عز وجل (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فهم الآن يبكيان ابن المنكدر وأبي حازم كل منهما يخشى أن يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب في الآخرة.
نحن لو تدبرنا هذا ووعينا خطورة الأمر علينا نظن أننا على خير وعلم ونعمة وودعوة ونفع للناس في الدنيا ثم نأتي يوم القيامة إذ لا شيء إلا وقد قُلب إلى سيئات ومعاصي وذنوب تحولت تلك التي يراها الناس طاعات إلى سيئات لأن ربنا يعلم ما في النفوس وهذه خطيرة جداً. ولذلك جاء قصص السلف كثيراً مع هذه الآية بالذات.
-------------------------------------------
مصدر التفريغ / موقع إسلاميات (بتصرف يسير)
د. عبد الرحمن : هناك لفتة في هذا الجانب يا دكتور وهي لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة ليقرأها على عتبة؟
د. عصام : القضية هي في النهي عن الشرك والأمر بالتوحيد وهذه أعظم قضية ، وهي عالجت حتى الشرك الأكبر والتوحيد الخالص لربنا عالجته ولذا سيأتي أن النبي - صلى الله عليه وسلم قرأ حتى غيرها ، وسورة الزمر تُقرأ على أهل الإيمان أكثر من قرآءتها على أهل الشرك، أكثر ما يُقرأ على أهل الشرك سورة فصلت لأنها قوية وفيها حجج وبراهين دامغة فتلك تناسب المشركين .
د. عبد الرحمن : وهي التي قرأها النبي على عتبة أنا نسيت
د. عصام: بينما سورة الزمر تناسب من في قلبه إيمان ومحبة للخير تأتي هذه السورة لتعالج هذا.
هذه القصة تنبئنا عن عظمة هذه السورة وعن شدة حاجتنا لها محمد بن المنكذر دخل الصلاة وبدأ بهذه الآية (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) من آيات سورة الزمر فوقف عندها قليلاً ثم رددها وبكى عندها وما زال بكاؤه يزداد سمع أهله نشيجه من خلف الباب جاؤوا إليه يركضون إليه ما بالك يا محمد؟ يا ابن المنكدر ما الذي جرى لك؟ ما الذي حصل لك؟ فجاؤوا إليه والتفوا حوله فما يزيده الأمر إلا بكاءاً حتى خشوا عليه رحمه الله من شدة البكاء فذهبوا إلى صاحبه وزميله إلى رفيق عمره أبي حازم فركضوا إليه يا أبا حازم - محمد بن سلمة - فجاء يركض ليدرك صاحبه وخليله بينهما ألفة ومحبة لا تكاد توصف بين هذين الرجلين، فدخل ابن حازم على ابن المنكدر وهو يبكي في غرفته فجاء إليه فقال مالك يا ابن المنكدر؟ ما الذي جرى لك؟ قال إني قرأت قول الله عز وجل (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فبكى أبو حازم وارتفع بكاؤه فارتفع بكاء ابن المنكدر مرة أخرى فجاء أهل ابن المنكدر إلى أبي حازم فقالوا جئنا بك لتعزي الرجل وترده عما هو فيه فزدته بكاء إلى بكائه !
قال: أما سمعتم ما الذي يقرأ؟! إنه قرأ قول الله عز وجل (وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) فهم الآن يبكيان ابن المنكدر وأبي حازم كل منهما يخشى أن يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب في الآخرة.
نحن لو تدبرنا هذا ووعينا خطورة الأمر علينا نظن أننا على خير وعلم ونعمة وودعوة ونفع للناس في الدنيا ثم نأتي يوم القيامة إذ لا شيء إلا وقد قُلب إلى سيئات ومعاصي وذنوب تحولت تلك التي يراها الناس طاعات إلى سيئات لأن ربنا يعلم ما في النفوس وهذه خطيرة جداً. ولذلك جاء قصص السلف كثيراً مع هذه الآية بالذات.
-------------------------------------------
مصدر التفريغ / موقع إسلاميات (بتصرف يسير)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق