بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله في هذه الفقرة المتعلقة بالوقف والابتداء في سورة المرسلات.
عامة آيات سورة المرسلات آيات قصيرة، يُوقف على رؤوسها اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هناك مواضع في غير رؤوس الآيات سأتكلم عنها.
/ الآية الثالثة والعشرين: (فقدرنا) هل يصح الوقف هنا قبل قوله: (فنعم القادرون)؟
الجواب: نعم، نص عليه جماعة من علماء الوقف والابتداء ووجهه: أن الله سبحانه وتعالى قال في الآيات السابقة: (ألم نخلقكم من ماء مهين*فجعلناه في قرار مكين* إلى قدر معلوم* فقدرنا) فأخبر عن نفسه سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان من ماء مهين، وجعله في قرار مكين، إلى قدر معلوم، فقدر على ذلك سبحانه، ثم جاءت جملة معطوفة يثني بها الله سبحانه وتعالى على نفسه في قوله: (فنعم القادرون) بعد أن أخبر عن مراحل الخلق، فصح الفصل بين ذكر مراحل الخلق وقدرة الله على ذلك، وبين ثناء الله على نفسه. والله تعالى أعلم.
/ الآية السابعة والعشرون: (وجعلنا فيها رواسي شامخات) هل يصح الوقف هنا؟
لم ينص أحد من علماء الوقف والابتداء على وقف هنا، لكن إذا تأملنا فإن قوله سبحانه وتعالى بعدها : (وأسقيناكم ماء فراتا) جملة معطوفة على جملة: (وجعلنا فيها رواسي شامخات)، وهي جملة قائمة بنفسها، ظاهرة في المراد منها، فالوقف هنا له حظ من النظر، لكن لم يقل به أحد من علماء الوقف والابتداء. والله تعالى أعلم.
/ الآية الثامنة والثلاثون: (هذا يوم الفصل) هل يصح الوقف هنا؟نص السجاوندي رحمه الله على جواز الوقف هنا، ووضعت هنا علامة الوصل الأولى (صلى) في مصحف المدينة.
وإذا تأملنا: فإن قوله تعالى بعدها : (جمعناكم والأولين) جملة مستأنفة استئنافا بيانيا، فالله سبحانه وتعالى أخبر أن هذا هو يوم الفصل، ثم أخبر أننا جمعناكم فيه وجمعنا الأولين، فصح الفصل بينهما. والله تعالى أعلم.
/ الآية الثالثة والأربعون: (كلوا واشربوا) هل يصح الوقف هنا؟نص على الوقف هنا الهبطي رحمه الله وحده دون بقية علماء الوقف والابتداء، وإذا تأملنا فإنه قال بعدها : (هنيئا بما كنتم تعملون):
● فمن جعل قوله: (هنيئا) منصوبا على كونه حالا من الأكل والشرب، أي: كلوا واشربوا حال كون الأكل والشرب هنيئا لكم، فإنه لم يُصحح الوقف هنا. وهو الذي ذهب إليه عامة علماء الوقف والابتداء.
●ومن نظر إلى أن قوله: (هنيئا) منصوب بفعل محذوف تقديره اهنئوا هنيئا بما كنتم تعملون، واعتبر قوله : (كلوا واشربوا) أمرا مستقلا، فإنه صحح الوقف هنا
والأقرب ما ذهب إليه عامة علماء الوقف والابتداء؛ وذلك أن (هنيئا) متعلق بالأكل والشرب ليهنؤوا بأكلهم وشربهم، فالأقرب عدم الوقف هنا. والله تعالى أعلم.
هذا خلاصة ما يتعلق بالوقف والابتداء في سورة المرسلات.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علما وعملا وهدى وتقى. والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--------------------------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق