الاثنين، 11 ديسمبر 2023

من تفسير السعدي - سورة البقرة -

 / قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢۹)) البقرة

📍«استوى»: ترد في القرآن على ثلاثة معانٍ:
● فتارة لا تُعدَّى بالحرف فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى: ﴿ولما بلغ أشده واستوى﴾

●وتارة تكون بمعنى علا وارتفع، وذلك إذا عديت «بعلى» كقوله تعالى: ﴿الرحمن على العرش استوى﴾ وكقوله: ﴿لتستووا على ظهوره﴾.

● وتارة تكون بمعنى قصد كما إذا عُدِيت «بإلى» كما في هذه الآية.
أي: لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات فخلقها وأحكمها وأتقنها وهو بكل شيء عليم، فيعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ويعلم ما تسرون وما تعلنون، يعلم السر وأخفى.

وكثيراً ما يقرِن بين خلقه وإثبات علمه كما في هذه الآية وكما في قوله تعالى: ﴿ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾؛ لأن خلقه للمخلوقات أدل دليل على علمه وحكمته وقدرته.

   📍خسار الكفر 📍

قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٢٧)﴾.

● ﴿فأولئك﴾؛ أي: من هذه صفته
● ﴿هم الخاسرون﴾؛ في الدنيا والآخرة، فحصر الخسارة فيهم لأن خسرانهم عام في كل أحوالهم ليس لهم نوع من الربح لأن كل عمل صالح شرطه الإيمان، فمن لا إيمان له لا عمل له، وهذا الخسار هو: خسار الكفر.

■ وأما الخسار الذي قد يكون كفراً وقد يكون معصية وقد يكون تفريطاً في ترك مستحب، المذكور في قوله تعالى: ﴿إن الإنسان لفي خسر﴾؛ فهذا عام لكل مخلوق إلا من اتصف بالإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وحقيقته فوات الخير الذي كان العبد بصدد تحصيله وهو تحت إمكانه.

📍الإسرائيليات📍
     
🔳 واعلم أن كثيرا من المفسرين رحمهم الله قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيرا لكتاب الله محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج "
والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة, ولا منزلة على كتاب الله, فإنه لا يجوز جعلها تفسيرا لكتاب الله قطعا إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكا فيها, وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة, التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها, معاني لكتاب الله, مقطوعا بها ولا يستريب بهذا أحد، ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل.
والله الموفق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق