الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

في أفياء سورة عبس / د. مساعد الطيار


بين يدينا الآن سورة عبس، وهذا هو الاسم المشهور لهذه السورة وعلى عادة الكثير من الناس أن يسمّوا السورة بمبدئها فيقولون (عَبَسَ وَتَوَلَّى).
وهذه السوره سورة مكّية.
ولم يرد فيها فضائل.
 وأما عدد آيات هذه السورة  فهي (42) آية على العدّ الكوفي.
 يكاد يكون الموضوع الأساس الذي تُركّز عليه الآيات مرتبط بالإنسان من حيث هو انسان وما يحصل له من كرامة إن تبِع الهدى، يعني كأن نقول أن المقصد الأساس "الإنسان والهداية" ولهذا نجد أن بداية السوره تُبرِز هذا الجانب فالرسول ﷺ كان حريصًا على هداية رجل، ورجل أعمى جاء يطلب التّزكّي والعِلم من النبي ﷺ ولو تأمّلنا موضوعات السورة سنجد أنها تعود الى هذا المعنى.
  فتبدأ السورة بالعتاب الإلهي للنبي ﷺ في قوله (عَبَسَ وَتَوَلَّى) في قصة عبدالله بن أم مكتوم المشهورة ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (أَن جَاءَهُ الأَعْمَى) وهو عبد الله بن أم مكتوم بلا خلاف عند المفسّرين، وهذا هو سبب نزول هذه السورة، يعني مطلع هذه السورة سبب نزوله هو مجيئ عبدالله بن أم مكتوم لطلب التّزكّي من النبي ﷺ فأعرض عنه النبي ﷺ رجاء أن يُسلم ذلك الكافر الذي كان يدعوه.
 وبعد ذلك قال الله سبحانه وتعالى (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ )، ثم ذكر بعد ذلك أوصاف القرآن فمعنى ذلك أن هذه الهداية وهذا التّزكّي إنما يكون في هذا الكتاب، فعبد الله بن أمّ مكتوم جاء يطلب التّزكيه والله سبحانه وتعالى نبّه على موضع التّزكية وهو يكون في الكتاب ولهذا قال الله سبحانه وتعالى (فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ (13) مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) .
بعد ذلك انتقل الحديث إلى موضوع آخر وهو موضوع مرتبط بالإنسان فقال الله سبحانه وتعالى (قُتِلَ الْإِنسَانُ ) والإنسان -في الغالب- في القرآن المكي يُراد به الإنسان الكافر، وهنا هو واضح أن المراد به الإنسان الكافر لأنها كلها من الأعمال التي لا يقوم بها إلا الكافر.
 ثم ذكّر الله سبحانه وتعالى بنعمِه التي أنعم بها على عباده وأن التّفكّر في هذه النِّعم التي ذكرها الله سبحان وتعالى في قوله (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ ) أنها تهدي الإنسان إلى معرفة هذا الخالق وعبادة هذا الخالق والإيمان بالبعث والجزاء والنّشور لأنها أيضًا أشارت إلى هذا ولهذا خُتمت هذه الآية بما يتعلّق بالبعث فقال (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ) وذكر الفريقين الفريق الأول الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ) والفريق الثاني الذين قال عنهم (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ) وبهؤلاء خُتمت هذه السورة وكأن فيها تنبيهًا الى أن من فضّله الله سبحانه وتعالى في أول السورة ونبّه على أنه أعلى من الذي أعرض الرسول ﷺ من أجله مآلُه وخاتمته كما في خاتمة هذه السورة. والله أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق