الأحد، 7 يوليو 2013

الوقفــ الأولى ــة من جـ 13 / مع خبر نبي الله يوسف عليه السلام


 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، هذه الوقفة الأولى مع آيات الجزء الثالث عشر ، الجزء الثالث عشر تقريباً في أوسط سورة يوسف.
/ أعظم ما أفاءه الله -جل وعلا- على هذا النبي الكريم ما أكرمه الله من النبوة فيه وفي أبيه وجده وهذا لم يُعطى لأحد من الأنبياء قيل للرسول صلى الله عليه وسلم من الكريم؟
قال : (يوسف بنُ يعقوب بنُ إسحاق بنُ إبراهيم فهو نبي الله بنُ نبي الله بنُ نبي الله بنُ خليل الله) فأبوه نبي وجده نبي وجده لأبيه خليل الله نبي وهذه منقبه ما آتاها الله -جل وعلا- أحداً من الخلق فيما ثبت في الكتاب والسنة ، وهذا نعتٌ عظيم لأن النبوة أعظم رحمة النبوة أعظم رحمة بدليل أن الله -جل وعلا- قال (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) قال الله (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ) أي النبوة هذا واحد.
/ الأمر الثاني الذي آتاه الله إياه أو النعمة التي آتاها الله يوسف الخلقة الحسنة وهذا جاء في السورة نفسها أن النساء لما رأينه قلن كما قال الله (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) وهذه الخلقة الحسنة جاءت مفصلة في السنة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (ثم أتيت السماء الثالثة فإذا بِرَجُلٍ قد أوتي شطر الحسن قلت من هذا ياجبريل قال هذا أخوك يوسف فرحب به قائلاً مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح) الآن جاءت كلمة "شطر" وشطر تعني النصف وقال عليه الصلاة والسلام ( شطر الحسن ) أي أن هناك "حُسن" -نموذج-هذا النبي الكريم أُعطي شطره ، نصفه الشطر الكامل ماهو ؟! الصواب : أن الله خلق آدم بيده ولا يكون أحدُ من بنيه أكمل منه صورة وقد خلقه الله بيده لأن خلق الله لآدم بيده تشريف وأي تشريف لآدم ولهذا أهل الموقف يقولون له خلقك الله بيده ، فالصورة الكاملة صورة من ؟! صورة آدم ، ثم جمال آدم جاء منثوراً في بنيه -في ذريته- فنال يوسف شطر ذلك الحسن في قول الله -جل وعلا- (مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) يمكن أن يقتبس منه أن نظرة الرجال العقلاء غير نظرة النساء فالرجال يحكمون على المخبر وعلى المظهر وأما النساء فلا يحكمن -غالباً- إلا على المظهر ، (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ) لكن الملِك لمَّا قابل يوسف كما سيأتي في الثالث عشر قال الله -جل وعلا- (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) لمَّا أخذ وأعطى معه وعرف عقله قال له إنك اليوم لدينا مكين أمين .
في قول الله جل وعلا هنا (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ) أنا أتكلم عن الجمال الآن (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا) الآن جئن النسوة إليها وأتت لهن بفاكهة أكرمت إنزالهن وقربت لهُن حتى السكين هي ماصنعت هذا إكراماً لهن ، ظاهره هذا وباطنه تريد أن ترفع عن نفسها اللوم أنها أحبت يوسف ظاهرهذا؟ ظاهر. لمَّا مرض -صلى الله عليه وسلم- قال ( مُرُوا أبا بكرْ أن يصلي بالناس) أين مُرِض؟! في بيت عائشة فمن أول من يتلقى الأمر (مُرُو أبا بكرْ) ؟ عائشة لأنها عنده تُمَرضه -رضي الله عنها- فهي التي ستنقل هذا الأمر للصحابة ، فقالت : إن أبا بكر-أبوها- رجلٌ أسيف فليصلِ بالناس عمر . فظاهر كلامها -رضي الله عنها وعن أبيها- ظاهر كلامها أنها ترى أن الناس لن يفقهوا ، لن يسمعوا صوت أبيها وهو يصلي وهو يبكي لأنه إذا قرأ القرآن يبكي فمنعته من الإمامة خوفاً من أن لا يسمع الناس قراءته هذا الظاهر وهي لا تريد هذا ، تريد أن لا يصلي أبو بكرٍ بالناس ورسول الله حي وهو مريض مرض موت فيتشاءم الناس بأبيها فقال صلى الله عليه وسلم ( مُرُو أبا بكرْ أن يصلي بالناس إنكن صواحب يوسُف) يعني مثل نسوة يوسف، مثل النسوة ليس في أن دين عائشة مثل دينهم محال عائشة صِدِّيقة بنتُ صِدِّيق لكن مقصود امرأة العزيز شيء وظاهره شيء آخر ومقصود عائشة شيء وظاهره شيء آخر . في الآية نفسها كذلك إن الله -جل وعلا- قال بعدها (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) هذه (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ) بالاتفاق هو كلام العزيز ( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) لا أظن أحداً خالف أنه كذلك من كلام العزيز ، لكن المعنى قال بعض العلماء : إن الله قال ( إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ولم يُعَقِب -جل جلاله- يعني هذا القول حكاه الله عن العزيز ولم يُعَقِب -جل ذكره- فقالوا إن سكوت القرآن ، عدم تَعْقِيب القرآن إقرارٌ لصحة المعنى واضح الآن ، يعني استنبطوا قاعدة يقولون كيد النساء عظيم بدليل أن الله قال (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) والله لم يُعَقِب يقول إن كيدهن غير عظيم.
لكن الحق : أمَّا إن كيد النساء عظيم فنعم 
وعَظَّم الله كيدهن ** لأنهن هن هن
 لكن أخذ قاعدة أن من لم يُعَقِب الله عليه يدل على إقراره غير صحيح.
بُنيت على هذه القاعدة مسائل عقدية خاطئة فبعض المفسرين المعاصرين -عفى الله عن الجميع- قال في قول الله -جل وعلا- (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) فقالوا إن القرآن لم يُعَقِب لأنهم لما اختلفوا (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا بنوا مسجد على قبر أصحاب الكهف فقالوا أن القرآن لم يُعَقِب فهذا دليل على صحة العمل مثل ما قالوا في قصة يوسف . لكن قلنا إن هذه القاعدة غير صحيحة فكيف يُخَرج كلى الحالين؟ يُخَرج كلى الحالين كالتالي :
/ أما إن كيد النساء عظيم فهذا يدل عليه الواقع ولا يجادل في هذا أي رجل لا مؤمن ولا كافر ، ولا يلزم كذلك أن يُنسب إلى الله هذا الأولى.
/ أما الثانية فالله جل وعلا أخبر أنه عُثر على هؤلاء الفتية ثم إن أهل زمانهم اختلفوا فيهم ماذا يصنعون بهم فأصحاب القوة ، أصحاب النفوذ ، أصحاب القرار، القرآن يقول (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا) والغلبة أول ما تُطلق على القوة ، على السلاح (قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) وسكت القرآن ، القرآن هنا لم يقل إن هذا العمل صواب ولم يقل إن هذا العمل خطأ ، سكت عنه ، لما سكت القرآن عنه أصبح من المتشابه لأن الله لم يقل هنا صواب العمل أم خطؤه فيُحتاج إلى مُرجح آخر ، المُرجح الآخر الذي يفصل في القضية : الله قال (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ) ما الذكر ؟! القرآن , ومن الذي يُبين القرآن؟ السنة وهو صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ، في مرض موته -يعني غير قابل للنسخ- قال (لعن الله اليهود والنصارى إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) تقول أم المؤمنين "يُحَذر ما صنعوا" . إذاً هذا فصلٌ في القضية لا يأتي أحد يبني قاعدة خطأ ثم يقول يَجوز بناء مساجد على القبور لأن الله سكت عن أهل الكهف.
 الإنسان يأخذ القرآن بفهمٍ بَيِّن وطريقة واضحة ومنهج صحيح وآلة مُحكمة حتى يَصلْ إلى نتيجة سوية إذا توافر كل ذلك فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أُنزلت عليه (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا) ولا يمكن أن يقول الرسول قولاً يُعارض القرآن ، لكن الآية لا تحتمل أكثر من أنه خبرٌ قاله الله  ، حكاه الله كما وقع ، فلمَّا قال فرعون ( أنا ربكم الأعلى ) حكاه الله كما وقع فرعون قال (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) فالله حكى خبراً ، حدثاً ، واقعة حصلت فأخبر الله تعالى عنها كما وقعت .هذا ظاهر؟ ظاهر.
/ الخصيصة الثالثة التي آتاها الله تعالى يُوسف القدرة على تعبير الرؤيا (وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ) وهذه ظاهرة دلّ عليها كيف أنه بَيَّن للملك ماذا سيقع وبنى عليه السلام سياسة دولة إقتصادية لمدة خمسة عشر عاماً بناء على رؤيا وفي الوقفتين التاليتين إن شاء الله نُبين بعضاً مما في هذه السورة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق