السبت، 25 مايو 2013

التناسب بين سور الحمد كلها

السور المفتتحة بالحمد خمس سور :
/ سورتان منها في النصف الأول وهما الأنعام والكهف
/ وسورتان في الأخير وهما هذه السورة -سبأ- وسورة الملائكة
 / والخامسة وهي فاتحة الكتاب تقرأ مع النصف الأول ومع النصف الأخير
والحكمة فيها أن نعم الله مع كثرتها وعدم قدرتنا على إحصائها منحصرة في قسمين :
/ نعمة الإيجاد
/ ونعمة الإبقاء
 فإن الله تعالى خلقنا أولا برحمته وخلق لنا ما نقوم به ، وهذه النعمة توجد مرة أخرى بالإعادة فإنه يخلقنا مرة أخرى ويخلق لنا ما يدوم ، فلنا حالتان الابتداء والإعادة ، وفي كل حالة له تعالى علينا نعمتان :نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء.
 فقال في النصف الأول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) [ الأنعام : 1 ] إشارة إلى الشكر على نعمة الإيجاد ، ويدل عليه قوله تعالى فيه : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ) [ الأنعام : 2 ] إشارة إلى الإيجاد الأول ، وقال في السورة الثانية وهي الكهف : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا*قَيِّمًا ) [ الكهف : 1] إشارة إلى الشكر على نعمة الإبقاء ، فإن الشرائع بها البقاء ، ولولا شرع ينقاد له الخلق لاتبع كل واحد هواه ، ولوقعت المنازعات في المشتبهات وأدى إلى التقاتل والتفاني ، ثم قال في هذه السورة -سورة سبأ- : الْحَمْدُ لِلَّهِ ) إشارة إلى نعمة الإيجاد الثاني ويدل عليه قوله تعالى : ( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ ) وقال في الملائكة  : الْحَمْدُ لِلَّهِ ) إشارة إلى نعمة الإبقاء ويدل عليه قوله تعالى : ( جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا ) والملائكة بأجمعهم لا يكونون رسلا إلا يوم القيامة يرسلهم الله مسلمين كما قال تعالى :( وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ) [ الأنبياء : 103 ] وقال تعالى عنهم : ( سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) [ الزمر : 73 ] .
وفاتحة الكتاب لما اشتملت على ذكر النعمتين بقوله تعالى:(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) إشارة إلى [ ص: 207 ] النعمة العاجلة ، وقوله : ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) إشارة إلى النعمة الآجلة قرئت في الافتتاح وفي الاختتام .
 -------------------------- 
مفاتيح الغيب للإمام الرازي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق