الثلاثاء، 30 أبريل 2013

كيف نستفيد من قصص القرآن


 د. عمر المقبل

 الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
لنتذاكر شيئا من معاني الوحي الذي نزل على قلبه بأبي هو وأمي -عليه الصلاة والسلام- فإن الله -سبحانه وتعالى- قال له فيما قال (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ومن المُسلم به أن الله -عز وجل- لا يقُصّ علينا قصة في القرآن -طالت أم قصُرت- لا يقُصّها علينا لأجل أن نضيف إلى رصيدنا الثقافي والمعرفي مجرد معلومات ، لا ، إنما يقُصّها الله -عز وجل- علينا لغايات وحِكم منها ما أشارت له الآية الكريمة (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ، وآية في آخر سورة يوسف تحكي أو تذكر بأنواع من العِبر أو بأنواع من الحِكم ينبغي ألاّ تغيب عن ذهن المؤمن وهو يٌقرأ القصص قال الله -عز وجل- في خاتمة سورة يوسف في آخر آية منها  (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) 
(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ) ماذا ؟ (عِبْرَةٌ) لمن ؟ (لِّأُولِي الأَلْبَابِ) أصحاب العقول (وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فكلما مرت عليك قصة في القرآن فانظر :
/  مواضع الهداية منها
/ وانظر كيف تستجلب رحمة الله بها 
/ وانظر كيف أثر الإيمان في قلبك بعد تلاوتها وتأملها 
وهذا لايكون إلا بالتفكر الذي قال الله فيه (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ) ، ولا يكون التفكر بالقراءة السريعة والهذرمة وإنما يكون بالتأمل وتحديق النظر . هذه نقطة مهمة فيما يتعلق بالقصص القرآني .
النقطة الثانية : شُغف كثير من الناس وهو يقرأ قصص القرآن بشيء وهو البحث عن تفاصيل أخفاها القرآن عمدا فينشغل بغير المهم عن المهم فمثلا : في قصة سبأ ما نسب سبأ التاريخي ؟ يذهب إلى كتب التاريخ ويبدأ يتكلم على سبأ وكم هم القبائل ؟ ست ، مالذي بقي منها في اليمن ؟ وما الذي خرج منها خارج اليمن ؟ حتى انطبق عليهم المثل المشهور تفرقوا أيدي سبأ ..وهكذا . فيدخل في هذه التفاصيل ، معرفتها جيدة لكن المشكلة تأتي حينما يُغرق في الدخول في التفاصيل التي إنما عُمدت الكلام فيها على كلام يذكره بعض المؤرخين لا مُستند له وإن شئت فقل لا حاجة للدخول في تفاصيله .
مثال آخر: في قصة يوسف -عليه الصلاة والسلام- تجد بعض الناس انشغل بأسماء إخوة يوسف من هم ؟ ما اسم المرأة التي راودت يوسف ؟ وأين كان يسكن يوسف ؟ وهنا يختصم المصريون فيه - وحُق لهم أن يختصموا- في الفيوم وإلا في مدينة أخرى . 
لا يُهمنا هذا ولا نبحث عمّا وراءه ، ولا ندخل في أسئلة جدلية لأننا نقطع - وهذه أيها الإخوة من القواعد المهمة في الانتفاع بقصص القرآن - نقطع يقينا أن الله -عز وجل- إذا أخفى علينا شيئا من التفاصيل في القصة أنه لو كان لها أثر في انتفاعنا بها لذُكرت لنا ، فإذا أخفاها الله فلا نُشغل أنفسنا ، إن مرت أو ذكرها بعضهم فالحمد لله أما أن نُمضي وقتا طويلا في البحث عن تفاصيلها بحيث نغفل عن المقصد الأكبر وهو الاعتبار فهذا نقص بيّن .
مثال ثالث : في قصة أصحاب الكهف ، من هم ؟ ما أسماؤهم ؟ كلبهم ما لونه ؟ 
وسبحان الله يأتي التوجيه في نفس سورة الكهف (فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاء ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) فيه جدل وأخذ ورد ، الإنسان بطبيعته -سبحان الله- يحب البحث عن التفاصيل ولكن من تأمل في طريقة العلماء الربانيين في تناولهم لمعاني القرآن الكريم وجدهم لا يدخلون في هذه التفاصيل ولا يُغرقون فيها ولا يبحثون إلا عمّا يمكن أن يكون سببا معينا على فهم هذه القصة وأمثالها .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق