السبت، 26 يناير 2013

سبب نزول قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ)



قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) 
اختلف العلماء في سبب نزول هذه الآية اختلافا كثيرا وأكثر الأقوال يمكن حصرها فيما يلي : حجرات أمهات المؤمنين كانت إلى الشرق تقريبا من مسجده صلوات الله وسلامه عليه في الشمال والشرق ، أو فليُقل في الشمال الشرقي من مسجده - صلوات الله وسلامه عليه - وكانت حفصة وعائشة زوجتا نبينا - صلى الله عليه وسلم - متصافيتين ، متوافقتين أكثر من توافقهما مع غيرهما من أمهات المؤمنين وكلهن في الأصل إنما يلتمسن رضاه لكن الغِيرة قد تدفع النساء أحيانا إلى أن تظن أن الأمر حسنا وهوليس كذلك .
 ورد في سبب النزول أن حفصة - رضي الله عنها - استأذنت رسول الله أن تأتي أباها فأذن لها فلما قفلت راجعت وعادت وجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - مع جاريته مارية في بيتها فحزّ ذلك في نفسها وآذاها فما زالت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى حلف لها ألاّ يقرب مارية بعد ذلك ، ومعلوم أن الجارية حِلّ لمالكها وسيدها فبهذا يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حرّم ما أحلّه الله - جل وعلا - له وإنما صنع ذلك إبتغاء مرضاة أزواجه .
ورواية أخرى تقول : إن عائشة وحفصة توافقتا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على إحداهن أن تخبره أنها تجد منه ريح مغافير ، ومعنى ذلك أنه أكل طعاما فيه ريح غير طيبة وهو - عليه الصلاة والسلام - طيب لا يُحب أن يظهر منه إلا الريح الطيبة ، وكان ربما أبطأ أحيانا عند زينب بنت جحش فكأن حفصة وعائشة أرادا بذلك ألاّ يجعلا النبي - صلى الله عليه وسلم - طول مقام عند زينب ، فلما دخل عليهما كل واحدة منهما أخبرته بقولها أجد منك ريح مغافير فحلف ألاّ يأكل عسلا أو حرّم على نفسه العسل الذي كان يطعمه عند زينب ، فتحقق ما يصبو إليه كل من حفصة وعائشة - رضوان الله تعالى على الجميع - . 
هذه جملة ما جاء من روايات في خبر قول الله - جل وعلا - (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) قال بعض أهل العلم "وإنما الشأن في حقهن أن يسعين هُنّ في مرضاتك - صلوات الله وسلامه عليك - أما أن تسعى أنت في مرضاتهن وتُحرم ما أحلّ الله لك فهذا خلاف الأولى ولهذا جاءت المعاتبة الإلهية لنبينا - صلى الله عليه وسلم - هنا لأنه خالف الأولى لا لأنه أتى صغيرة من الصغائر فأنبياء الله معصومون من الكبائر والصغائر على الصحيح وإنما يقع من بعضهم أحيانا ما يكون فيه مخالفة للأولى لا إتيان للذنب كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عن عبد الله بن أم مكتوم رجاء وطمعا في أن يُسلم صناديد قريش ليكون الناس بعد ذلك أكثر تبعا ، وعفا - صلى الله عليه وسلم - عن المنافقين ، فكل هذا وأضرابه مما جاء القرآن فيه يُعاتب فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما لفعله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما هو أولى .
    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق