الخميس، 26 يوليو 2012

الطعام


 الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع هديه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
 فنستأنف معكم دروسنا لهذا اليوم المسجد المبارك حول آيات القرآن الاكريم ولقاء اليوم يحمل عنوان ( الطعام ) بمعنى : الطعام كيف ذكر في القرآن الكريم .
 الله جل وعلا أباح لعباده الطيبات وسيأتي الحديث عن الحلام والحرام إذا أذن الله ، لكنا سنتحدث عن الآيات التي ذكر فيها الطعام على طريقتين :
 طريقة إجمال وطريقة تفصيل فالآيات التي لا تحتاج إلى أن نكثر الحديث عنها سنتكلم عنها إجمالا.
/ قال الله جل وعلا عن عيسى وأمه (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا) يعني الإثنين (يَأْكُلانِ الطَّعَامَ) من الذين كانا يأكلان الطعام ؟عيسى بن مريم وأمه . وفي هذا إخبار أن من يأكل الطعام لابد له من إخراجه ومثل هذا لا يصح أن يكون إلها فالمقصود من الآية إقامة الحجة على بني إسرائيل أنهم أي النصارى ظلموا أنفسهم عندما جعلوا من مريم وابنها إلهين ظاهر الآية؟ هذا واحد .
/ قال الله - جل وعلا - في سورة الإنسان {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} وهذا ظاهر أن مما أفاءه الله عليهم أي هؤلاء الأبرار أن الله حبب إليهم إطعام الغير مع أنهم مُحبون لذلك الطعام وهذا نوع من الإيثار عظيم فلم يصنعوه لزيادة فضل واستغناء ظاهر .
{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} "على" حرف جر تفيد الاستعلاء ، فالأصل أن حب الطعام مستعل عليه لكنه لم يقدر على أن يذهب علو الإيمان . {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} أرفع درجة من الفقير، {وَيَتِيمًا} من مات أبوه قبل البلوغ ، {وَأَسِيرًا} ظاهر القرآن الأسير المعروف المؤمن الذي يقع في أيدي الكفار أسير عندهم ، والكافر الذي يقع في أيدي المؤمنين أسير عندنا معشر المؤمنين والسورة مكية ولم يكن هناك حرب ولا قتال فالظاهر أن المراد بالآية أبو بكر وأمثاله من الصحابة الذين كانوا يطعمون من كان رقيقا مملوكا لدى كفار قريش فشبه الله تعالى أولئك الضعفاء البسطاء الأرقاء في زمن الدعوة ، هؤلاء شبههم بالأسرى في قوله - جل وعلا - {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} وقد يقال إن المعنى الأول أوضح لكنني بسطت القول يسيرا لكي تفقه أراء أهل العلم في المسألة .
/ قال الله - جل وعلا - {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} وهذه درسناها في لقاءات سابقة ، في سنين ماضية .
 "كل" من ألفاظ العموم والمعنى أن الأصل شرعه الله لبني إسرائيل أن الطعام كان حلا ثم بدا لنبي الله يعقوب أن يُحرم بعض الطعام على نفسه لما اشتكى من مرض أصابه في ساقه أو في فخذه مما يُعرف بعِرق النساء . هذه الثالثة وكلها تحدثنا عنها إجمالا .
 الآن نعود إلى التفصيل نختار آية نُفصل فيها ذُكر فيها الطعام .
/ قال الله - جل وعلا - {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}
الإخبار عن بني إسرائيل زمن أن كانوا في أرض التيه .
 "وإذ" هذا ظرف لما مضى من الزمان ، (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى)  أي قال بنو إسرائيل لموسى (لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ) الصبر لا يكون إلا على مكروه لا يوجد صبر على شيء محبوب ، شيء تُحبه لا يُسمى التزامك له صبر ، إنما يكون الصبر على مكروه .
 (لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ) قصدوا بالطعام الواحد المنّ والسلوى ، الله يقول (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) من الذي اختار لهم المنّ والسلوى ؟ الله أكرمهم بالمنّ والسلوى ، من سوء أدبهم مع الله قالوا يُخاطبون نبيهم  (لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ) هم لهم الحق أن يطلبوا المباحات وأن يتوسعوا فيها ، لا نقول إن هذا حراما لأننا نعيشه فكيف ننكره على غيرنا ، فإنا لم نوق النقص حتى ** نطالب بالكمال الآخرينا
لكن أسلوب الطلب كان سوء أدب (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا) جاءت "يُخرج" مجزومة لأنها واقعة في جواب الطلب "فادع" هذا فعل أمر ، طلب ، "يُخرج" هذا واقع في جواب الطلب لذلك جاءت مجزومة (فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) لما قالوا هذا تعجب نبي الله (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)  ما الذي هو خير ؟ المنّ والسلوى ، والذي أدنى منزلة لم يقل إنه خبيث قال (الَّذِي هُوَ أَدْنَى) الذي هو أدنى هو ما طلبوه من البقول وهذا حتى في الاختيار لم يكونوا يُحسنوا الاختيار ولهذا قال موسى لما عرك الناس ، قال لنبينا يوم الإسراء والمعراج " إنني قد بلوت الناس قبلك " ولهذا أرشده أن يخفف الصلاة عن الأمة .
 نعود : (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) عندما أقول لك أنا استقرضك الهمزة والسين والتاء للطلب ، لكن في قوله - جل وعلا - هنا (أَتَسْتَبْدِلُونَ) ليست للطلب إنما لتأكيد الحدث(أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) "الباء" جاءت في "الذي" أوتي به بدلا أو في الشيء الذي يراد فقده ؟ هم لديهم المنّ والسلوى لا يريدونها فقال  (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) من الأخطاء الدارجة عند الناس أنهم يجعلون الباء في المُبدل الذي أوتي به ولا يجعلونها في المبدل منه , حتى شوقي على علمه بالعربية قال :
 أنا من بدل بالكتب الصحابا ** لم أجد وافيا إلا الكتاب
 فأخطأ ، الحق الباء فيما هو ذاهب والباء تُلحق فيما هو آت ولا تُلحق فيما هو ذاهب تركت الأصحاب واستخدمت الكتب فكان الأولى أن يجعل الباء بالأصحاب فقال : أنا من بدل الأصحاب بالكتب بدلها فيما ليست هي فيه .
/  قال (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) 
"مصر" بلد معروف يمنع من الصرف لسببين : العلمية والتأنيث ، لكن ماكان ممنوعا من الصرف ساكن الوسط يجوز صرفه ، إذا كان الاسم ممنوعا من الصرف ساكن الوسط يجوز صرفه يعني يجوز تنوينه ويُجر بالكسر مثل "هند" اسم عربي راسخ قديم عريق وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث لكن يجوز صرفه لأنه ساكن الوسط فالنون ساكنة ، مثلها كلمة "مصر" فهي علم ومؤنث فالأصل أنها لا تصرف وعلى هذا أكثر القرآن قال الله - جل وعلا - (وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ) دون تنوين (إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ)  فـ"مصر" في قول الله (وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ) مصر البلد المعروف ، لكن هنا جاءت منونة فالتنوين يجعل من الصعب الحكم عن المراد لأن التنوين هذا إما تنوين تنكير وإما تنوين تمكين ، فإن قلنا إنه تنوين تنكير يصبح "أي مصر" ، يصبح المعنى ما أفاءه الله عليكم من غير جهد ولا مشقه ولم تقبلوه وتقولو لن نصبر عليه تريدون شيء من أنفسكم وكَلَكُم الله إلى أنفسكم ، اختارو أي بلد ، اسكنوا أي ديار وازرعوا وكلوا . هذا معنى (اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) إذا قلنا إن مصرا أي مصر .
قال بعد ذلك الحالة الثانية أن تكون "مصرا" البلد المعروف فيصبح قول نبي الله لهم كما أخبرهم الله (اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) أراد به التوبيخ لأن حالهم في مصر كانوا أذلاء كانوا قلة وكانوا مهانين فهو يُذكِّرهم كيف أن الله نجّاهم وردهم ومنّ عليهم (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) ظاهر هذا ؟ الآن ما أفاءه الله عليهم واختاره الله لهم رغبوا عنه ولم يقبلوه وجحدوا نعمة الله فقال الله - جل وعلا - بعدها (اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ) من أجل هذا ردهم نعمة الله وما اختاره الله لهم قال ربنا (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) "ضُربت" بمعنى ألصقت ، وكلمة "ضرب" في القرآن واسعة قال الله (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ) والعرب تقول :
إن المروءة والسماحة والندى ** في قبة ضُربت على ابن الحشرج
 والفرزدق أو جرير يقول الآخر لأحدهما :
ضَربت عليك العنكبوت بنسجها ** وقضى عليك به الكتاب المنزل
 الشيء الملصق فأصبحت الذلة كأنها ملصقة بهم (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) الذي قال إن الذلة والمسكنة ضربت عليهم أصدق القائلين الله ، الآن هم يملكون رؤوس الأموال في العالم ولا يظهر عليهم لأن الله حكم عليهم الذلة ولو رأيت في رؤساء أمريكا المعاصر والذي قبله والذي قبله ليسو يهودا وصلوا بأموال اليهود لكن اليهود أنفسهم لا يصلون إلى الكرسي - واضح - وما قضاه الله لا يمكن أن يتبدل .
(وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) يقول بعض العلماء : "هم عبيد عصى في كل زمن وطروقة فحل في كل عصر". (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) حتى لا يُفهم أن الله ظلمهم فالله منزه عن الظلم ذكر الله العلة قال (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) لا يوجد قتل للأنبياء بحق لكن هذا إخبار بواقع (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) إذا معاصيهم هي التي جرت هذا عليهم وهي التي كانت سببا في التنكيل بهم ، وصدر الآية كما قلنا قال الله (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ) . هذا ما ذكره الله - جل وعلا - عن الطعام في سورة البقرة .
/ وقال ربنا - جل وعلا - (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا) هذه حررناها في دروس سابقة لكن نقول إن الأصل في الطعام أنه حلال مباح إلا ما نصّ الله على تحريمه . وينبغي أن تعلم أن من قواعد العلم : أن الأصل الإباحة وأن الذي يُحرّم هو الذي يحتاج إلى دليل ، ولابد لمن تصدر للفقه - مع إجلالنا للفقهاء - أن يصطحب آيتين في كلام الله وإلا يتنحى عن الفقه قول الله (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) وقول الله (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ) القرآن مهيمن على كل قول فمن جاء لشيء قال هذا حرام قلنا أين الدليل على أنه حرام ، لأنك إذا قلت إنه حرام فمعنى ذلك أن من فعله يُعاقبه الله أصلا بالنار ، والله أرحم وأعدل من أن يُعذّب أحدا بالنار ولم تقم الحجة عليه ، مرّ معنا : الله يقول لنبيه (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي بعد أن أقمنا لك الحُجّة (مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) وقال (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) وقال (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ) فالله - جل وعلا - بيّن لعباده ما يتقون حتى يكون حسابهم عدلا ، والله أجلّ من أن يظلم أحدا . لابد لمن يتصدر للفتوى ، يدخل مجال العلم ، يُقيم نفسه إماما للناس أن يستصحب هذا مع شيء من الورع ، ولو قرأت سير الأئمة الأربعة وكثير من أتباعهم لعلمت أي تقوى وورع وإجلال والخوف من الكلام كان عليه هؤلاء الأئمة الذين نشر الله فضلهم ، وعمّ في الناس ذكرهم وكتب الله لهم هذا القبول في الناس منذ مئات السنين .
 المقصود في قضية الطعام ، بقي الحديث عن طعام الجنة - أدخلنا الله وإياكم إياها - : قال ربنا - جل وعلا - عن جنته (كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ) تصوير الأمر ، تقريب الحال : يمكث أهل الجنة تتدلى عليهم قطوفها كما قال الله (قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ) فيقطفون قال الله (كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ) نحن سنشرح معنى (رُزِقْنَا مِن قَبْلُ) :
- إما أن يكون المعنى أن هذا ، نفرض أنها تينة مثل التين الذي في الدنيا على الأقل في وصفه العام ، هذا واحد وهو قول مرجوح .
 - القول الثاني : أنهم ما إن يقطفوها إلا ويحِل غيرها بدلا منها فإذا التفتوا بعد أن طعموا الأولى وجدوا محلها ثمرة أخرى فقالوا (هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ) وهذا الأرجح .
 لكن أرجح منه أن تعلم أنهم إذا رأوا الثانية (قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ) فهي تشبه أختها لكنهم إذا طعموها وجدوا أن طعمها قد اختلف عن الأولى .
هذا بعض مما أعده الله لأهل جنته جعلني الله وإياكم ومن يشاهدنا من المسلمين من أهل الجنة ، وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق