الخميس، 24 نوفمبر 2011

جـ 7 / الوقفة الأولى مع قوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ )





صلى الله عليه وسلم - لما دخل على أم حرام بنت ملحان ثم غفا غفوة ثم أفاق فكبر فلما سألته قال : (رأيت رجالا من أمتي ، أو قوما من أمتي يركبون ثبج هذا البحر غزاة في سبيل الله كأنهم الملوك على الأسرة) فقالت : أدع الله أن يجعلني منهم ، فقال : أنت منهم ، دعا الله أن يجعلها منهم . ثم مرة أخرى فقام فكبر مثل الأول فقالت : أدع الله أن يجعلني منهم ، قال : أنت من الأولين . ومع هذا الخبر ، - وهذا مهم في فقه الحديث - أن أخبار الغيب لا يُقصد منها أن تجلبها ، ليس هذا المقصود فالموت غيب لايعني هذا أن تذهب أنت إلى الموت ، والمهدي حق سيخرج لكن ليس هذا أن تأتي برجل تلبسه شئت أم أبيت على أنه مهدي ، فما أخبر الله أنه سيكون ، سيكون قطعا لا حاجة لأن تتعجله ، ليس المقصود من أخبار الغيب أن تذهب عنها بدليل أن هذا الحديث - وهو في الصحيحين - قاله - صلى الله عليه وسلم - وغبط هؤلاء الناس الذين يركبون البحر وأخبر أن إحدى الصحابيات تكون منهم يعني ليس في آخر الزمان لأن هذه المرأة لن تُعمّر ومع ذلك لم يأذن عمر أن يركب المسلمون البحر في زمانه وهو لا يعرف البحر فسأل عمر بن العاص فأجابه ، وعَمر كان بليغا جدا فقال فيه قولا مخوفا فلما سمعه عُمر قال : لا يسألني الله أنني أركبت مسلما فيه ، ومنع الغزو في البحر . فلما مات رضي الله عنه وآل أمر المسلمين إلى عثمان كُلّم عثمان في البحر فقبِل وكانت غزوة ذات الصواري وفيها خرجت أم حرام بنت ملحان ، ولما خرجت من السفينة ركبت دابة ثم إنها مشت بها الدابة قليلا فسقطت فماتت رضي الله عنها وأرضاها ليقع ما أخبر عنه - صلوات الله وسلامه عليه - . ثم رُكب مرة أخرى في زمن معاوية - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - وهو الذي كان فيه أبو أيوب الأنصاري - رضي الله عنه وأرضاه - . المقصود عن البحر هذا استطراد عام .
نعود للآية : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) ثم قال (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) فالمانع من صيد البر ليس أن الصيد حرام ، بل الصيد من المباحات لكن إذا كان الإنسان متلبسا بالإحرام فإن حُرمة الإحرام لأنه غادٍ إلى الكعبة تجعله لا يُباح الصيد له ، وقوله - جل وعلا - (مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) يُفقه منه أنه تحريم مؤقت إلى أمد بدليل قول الله - جل وعلا - في آية أخرى قبل ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ) . هذا فقه آية (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق