الجمعة، 22 مارس 2024

حصاد تدبر الجزء الخامس سورة النساء من الآية (24) إلى الآية (147)

  / (والله يريد أن يتوب عليكم)
لا تعاند ربك فتؤذي نفسك وذلك بإرادة المعصية والإصرار عليها

/ (والله يريد أن يتوب عليكم) (يريد الله أن يخفف عنكم)
ما أحلم الرب في تودده إلى العبد.

/ (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما)
هل أدركت الآن حجم المؤامرة التي فضحها الله؟

/ (وخُلق الإنسان ضعيفا) فلا قوة له إلا بربه فاقترب من ربك واستمد منه القوة.
*سُئل الثوري عن قوله تعالى (وخُلق الإنسان ضعيفا) ما ضعفه؟ فقال: "المرأة تمر بالرجل فلا يملك نفسه عن النظر إليها وهو لا ينتفع بها فأي شيء أضعف من هذا".
* (وخُلق الإنسان ضعيفا) خلقنا الله ضعفاء لنفتقر إليه فإذا افتقرنا إليه قوينا.
* (وخُلق الإنسان ضعيفا) بلغ من ضعفه أن كلمة تُفرحه، وأخرى تُحزنه، وثالثة تُغضبه، ورادعة تُقلقه، فماذا أضعف من هذا؟!

/ (ولا تقتلوا أنفسكم)
قال الفضيل بن عياض: "لا تغفلوها عن ذكر الله فإن من أغفلها عن ذكر الله تبارك وتعالى فقد قتلها".

/ (إن تجتنبوا كبائر ما تُنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)
مجرد اجتناب الكبائر يُكفر عنا الصغائر، أي كرم هذا؟ لم نسمع بكريم قال لأحد سلني ثم لم يعطه، فكيف بأكرم الأكرمين وهو الذي قال (واسألوا الله من فضله) قال سفيان: "ما أمر بالمسألة إلا ليعطيه".

/ (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) (واسألوا الله من فضله)
ادفع الحسد عن قلبك بدعاء ربك وسؤال فضله.
* (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) نهى الله عن مجرد تمني ما في أيدي الغير فكيف بالعدوان؟ وهو عمل الجوارح.
* (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) ذكّرنا الله بأن تفضيل بعضنا على بعض محض منحة إلهية لا دخل للعبد فيها لئلا يسخط المفضول أو يفخر الفاضل.

/ (فالصالحات قانتات حافظات للغيب)
تفقد المرأة من صلاحها بمقدار ما تفقد من حفظها سر زوجها.

/ (فعظوهن) لطَف الله بالنساء ورحِم ضعفهن حتى جعل عقوبتهن مجرد كلمة.

/ (إن الله كان عليا كبيرا)
لن يردع الزوج عن ظلم زوجته شيء أعظم من تذكره عظمة الله وعلوه وكبره.

/ صدق إرادة الإصلاح عند الزوجين من أهم أسباب التوفيق بينهما عند الخلاف (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما) قال القاسمي: "من أصلح نيته فيما يتوخاه وفقه الله تعالى لمبتغاه"

/ (والصاحب بالجنب)
على الصاحب لصاحبه حق زائد على مجرد إسلامه من مساعدته على أمور دينه ودنياه، والنصح له، والوفاء معه في اليسر والعسر، وأن يحب له ما يحب لنفسه.

/ (إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا)
هب أن العالم كله تحدث عن إنجازاتك لكن الله لا يحبك
هب أن العالم كله ضجّ بامتيازاتك، وتكلم عن إنجازاتك لكن الله لا يحبك.

/ (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل)
عجبا ممن لم يكتفِ بالبخل على نفسه بل أمر الناس بالبخل وحثهم عليه.

/ (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعاعفها)
قال قتادة: "لأن تفضُل حسناتي ما يزن ذرة أحب إليّ من الدنيا وما فيها"

/ (ويؤتِ من لدنه أجرا عظيما)
قال ابن عطية: "الله إذا منّ بتفضله بلغ بعبده الغاية"

/ (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد)
بكى الشهيد هنا فماذا عن المشهود عليهم.

/ (وإن تك حسنة يضاعفها) من مضاعفتها نشر ثناء الناس عليها ودعائهم لصاحبها.
* (وإن تك حسنة يضاعفها) يضاعفها إلى كم؟ قال السعدي: "إلى عشرة أمثالها إلى أكثر من ذلك بحسب حالها، ونفعِها، وحال صاحبها إخلاصا ومحبة وكمالا".

/ (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)
كم من مصلٍ غافل من سكرة هواه لا يعلم ما يتلوه في الصلاة.

/ (أو لامستم النساء)
أعظم موضع يحتاج إلى التصريح هو موضع الأحكام الشرعية، ومع هذا كنى القرآن فيه فحافظ على رقي كلماتك في جميع أحوالك.

/ الضال يتمنى أن يكون الناس كلهم مثله كي لا يشعر بوحشة الانحراف (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء).

/ إذا تخلي الناس عنك في كربك فاعلم أن الله يريد أن يتولاك (وكفى بالله وكيلا).

/ (ألم ترى إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء)
يزكيك الله وينشر لك الذكر الحسن بقدر ما تقاوم تزكية نفسك ومدحها
*(بل الله يزكى من يشاء) إن لم تكن تزكيتك من رب الأرض والسماء فلن ينفعك من الناس تزكية ولا ثناء.

/ (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكى من يشاء ولا يظلمون فتيلا)
تزكية النفس عادة يكرهها الله وينفر منها الناس فلماذا تفعلها؟

/ (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)
لا تحسدن أحدا على نعمة من النعم وأنت لا تعلم ماذا حرمَهُ الله، أو أصابه من النقم.
* الحاسد معترض على ربه لا على من حسده (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)

/ (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ) (كلما خبت زدناهم سعيرا)
هذا حالهم كلما ظنوا تخفيفا زيد في عذابهم فمن الذي يطيق؟

/ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة فأمره الله (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) فكيف بالأمانة فيما هو أعظم من مفتاح؟ قال السعدي: "الأمانات يدخل فيها أشياء كثيرة وأداؤها بأن يجعل فيها الأكفاء لها".

/ أعظم المواعظ مواعظ القرآن (إن الله نعمّا يعظكم به)

/ إذا أردت كشف المنافق فتحاكم معه إلى الكتاب والسنة وراقب موقفه (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون)

/ انصح سرا فهو أرجى للقبول (فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا)

/ (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)
إيمان بلا تسليم لأحكام الشرع هو محض هراء.

/ الاستقامة لا تعني فقط المداومة على الطاعات بل لزوم الحق والإذعان له في كل الأحوال (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

/ من دلائل الإيمان الصادق التسليم التام لأمر الله من غير حرج في النفس (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

/ (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا)
فعل المواعظ وتنفيذها من أهم أسباب الثبات على الحق.
* أكثر الناس انتكاسا أقلهم عملا بما يُوعظ به.

/ (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء)
قدّم الصديق على الشهيد لأن الحياة في سبيل الله أصعب من الموت في سبيله.

/ (قل متاع. الدنيا قليل) قليل. لا يستحق أن تبكي على فقده، ولا أن تقلق من أجله، متاع الدنيا قليل.
قال السعدي: "لذات الدنيا مشوبة بأنواع التنغيص وزمانها منقضي، والآخرة دائمة النعيم وأهلها خالدون فإن فكر العاقل عرف الأحق بالإيثار".

/ (وما أصابك من سيئة فمن نفسك)
فهمت من هذه الآية أن أحزاني وقلقي ومخاوفي من صنع يدي، وأن سعادتي قرار شخصي، وأن الناس لا يستطيعون مهما فعلوا أن يشقوني.

/ (وما أصابك من سيئة فمن نفسك)
الابتلاء تفكير عملي بذنوبك لتتوب منها.

/ (أفلا يتدبرون القرآن)
قال ابن القيم: "فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم".

/ اللسان في الفتن وقعه كوقع السيف ومنهج المؤمن في الفتن إمساك اللسان، واستشارة العلماء الثقات (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)

/ (وكان الله على كل شيء مقيتا)
الآية الوحيدة في القرآن التي ورد فيها اسم الله المقيت فلا تحمل الهم إنما أنت شيء من الأشياء فلن يعجز المقيت أن يدبر قوتك.

/ الشفاعة هي الوساطة في إيصال خير أو دفع شر سواء كانت بطلب من المُنتفع أم لا، وتكون بلا مقابل ومنها الشفاعة للمظلومين، وفي الحديث (اشفعوا تؤجروا)
(من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها) بعضنا يتردد في الشفاعة لأنه يخاف على مكانته، ويرى أنه لن يستفيد من الشفاعة شيئا فوعده الله بنصيب منها.

/ (وإذا حريتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)
ما أجمل الكرم ولو كان في التحية.
* دين يعلمك الإحسان في كل شيء حتى في التحية.

/ (فما لكم في المنافقين فئتين)
ليس العجب من مرض المنافقين ولكن العجب من انقسام أهل الحق فيهم إلى فريقين.
* لما كان للمنافق وجهان كان مفهوما أن يكون للصالحين فيه رأيان مختلفان بحسب ما يراه كل واحد منهما.

/ (ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها)
هم قوم من أسد وغطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا المسلمين، فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ونكثوا عهودهم ليأمنوا قومهم، وما هم ب مخلصين الود لأي من الفريق.

/ المؤمن حازم صارم فأمر الله المؤمنين أن يأخذوا ويقتلوا المتلاعبين بالدين الذين يظهرون الإسلام مع المسلمين، فإذا عادوا إلى قومهم كانوا معهم ضد المسلمين يظنون الحياد بين الحق والباطل كافيا وأنه الطريق الأسلم، وما علموا أن هذا أول خطوة في طريق السقوط (يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها).

/ (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ)
وعليه فلا يقتل القاتل حين يقتل متعمدا وهو مؤمن.
* هذه الصيغة من صيغ الامتناع والمبالغة في النفي، أي يمتنع ويستحيل أن يصدر من أي مؤمن قتل مؤمن، أي متعمدا، وغرض الآية تفضيع قتل المؤمن.

/ (ومن قتل مؤمنا خطأ، فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا)
ليس معنى يتصدق الصدقة، بل المعنى هنا العفو، وسمي العفو عنها صدقة حثا عليه وتنبيها على فضله.

/ (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) ثم قال (وأعدّ له عذابا عظيما) عذابه عظيم حتى يكون ألم المقتول أهون ما يكون مقارنة بألم القاتل.

/ (إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا)
حتى عند القتال لا بد من التبين والتثبت فلا شيء يبرر التهور في إصدار الأحكام على الآخرين.

/ إلى كل معلم قال بن عاشور في قوله (كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم) "هي عظة لمن يمتحنون طلبة العلم، فيعتادون التشديد عليهم"

/ محال أن يساوي الله بين عبد أسرع إليه وآخر أبطأ (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون)

/ (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجرو فيها)
أرض الله واسعة ومليئة بالفرص ومنح التغيير، تخرج إلى أرض جديدة إن ضاقت أرضك بأحلامك.

/ التعلل بالأعذار لا يصلح أن يكون مبررا للفشل والاستسلام (قالوا كنا مستضعفين في الأرض) قال (ألم تكن أرض الله واسعة)

/ (ومن يهاجر في سبيل الله)
الهجرة في أقصر تعريف دليل على أن دين المرء أغلى من وطنه.

/ (ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله)
نية المرء خير من عمله، وبعض نياتك تبلغ بك أعظم الدرجات ولن ينقطع أجرها حتى بعد موتك.

/ (فقد وقع أجره على الله)
قال السعدي: "فقد حصل له أجر المهاجر الذي أدرك مقصوده بضمان الله تعالى، وذلك لأنه نوى وجزم وحصل منه ابتداء وشروع في العمل، فمن رحمة الله به وبأمثاله أن أعطاهم أجرهم كاملا ولو لم يكملوا العمل، وغفر لهم ما حصل منهم من التقصير في الهجرة وغيرها".

/ (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا)
قال الحسن البصري: "يا ابن آدم ماذا يعز عليك من دينك إذا هانت عليك صلاتك"
*الصلاة فضلا عن أنها أفضل العبادات، لكنها كذلك من أهم عوامل تنظيم الأوقات.

/ الألم واحد،والجزاء مختلف ومتفاوت، الألم واحد فإنهم (يألمون كما تألمون) لكن الجزاء مختلف ومتفاوت (وترجون من الله ما لا يرجون)

/ (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون)
آلامك لا يخففها عنك إلا رجاء ثواب الله.
* تشجيع على الصبر، فليس ما تقا سونه من ألم خاص بكم، بل يشارككم فيه الكفار والفجار، وإنهم ليصبرون على آلامهم فما لكم لا تصبرون مع أنكم ترجون من حسن العاقبة في الدنيا وثواب الآخرة، ما لا يرجون، آهـ من جلد الفجار وعجز الأبرار.

/ (ولا تكن للخائنين خصيما)
أي لأجل الخائنين مخاصم ومدافع عنهم، فلا تخاصم اليهود من أجل خائن ولو كان مسلما، قال الشوكاني: "أي لأجل الخائين خصيما، أي مُخاصما عنهم، مجادلا للمُحقين بسببهم، وفيه دليل على أنه لا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه مُحق".
/ (يختانون أنفسهم)
لم يقل (يخونون) وهو افتعال دال على التكلف لقصد المبالغة في الخيانة، وممكن أن يخون الإنسان غيره، لكن كيف له أن يخون نفسه؟
* (يختانون أنفسهم) خيانة النفس تكون بالغفلة عن العقوبة الآجلة بالشهوة العابرة العاجلة. فجعلت خيانة هؤلاء لغيرهم خيانة لأنفسهم لأن سوء عاقبة هذه الخيانة سيعود عليهم، ولهذا يقال لمن ظلم غيره إنه ظلم نفسه.

/ (يستخفون من الناس، ولا يستخفون من الله وهو معهم)
الخاص عند الله كالعام فراقبه على الدوام ولا تستهن بنظره إليك في السر والإعلان.

/ (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)
ما أقرب الله.. ما أرحم الله.. ما ألطف الله.. (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه) أبشع الظلم ظلم النفس لأنها أغلى ما تملك ولا تستحق منك هذه المعاملة، كيف لعبد أن يذبح نفسه!!

/ (ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرمِ به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا)
قال القشيري: "من نسب إلى أحد ما هو بريء منه من المخازي عكس الله عليه الحال، وألبس ذلك البريء ثواب محاسن راميه، وسحب ذيل العفو على مساويه، وقلب الحال على المتعدي بما يفضحه بين أشكاله في عامة أحواله"
*وقوع العد في المعصية أهون عند الله من اتهام بريء بها.
(ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرمِ به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا)

/ قال عليه الصلاة والسلام: (كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله) قيل لسفيان الثوري ما أشد هذا الحديث، فقال سفيان: "ألم تسمع الله يقول (لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) فهو هذا بعينه".

/ (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى)
وعيد إلهي بأن يترك الله كل فاسد مع اختياره، أي نجعله واليا لما تولاه من الضلال، وأن نخلي بينه وبين ما اختار لنفسه من سيء الأحوال، وهذا دليل على استقلال إرادة العبد، وحرية الاختيار، فهو مخير لا مسير.

/ (ولآمرنهم)
يبلغ من تسلط الشيطان على العبد أن يأمره فيمتثل كالعبد بين يدي سيده، وهذا قمة الذل والهوان، فضلا عن أنه يريد يوم القيامة النيران.

/ (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)
والغرور إظهار المكون في صورة المحبوب، والمعنى: أن ما سوله لهم الشيطان في حصول ما يرغبون إما باطل لا يقع مثل ما يسوله للناس من عقائد فاسدة ومذاهب منحرفة، وإما حاصل لكنه غير محمود في العاقبة مثلما يزينه للناس من قضاء دواعي الغضب والشهوة، ومحبة العاجل دون التفكير في الأجل. 

/ (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به)
حتى أهل الكتاب لهم أماني، ولكن لن يفلح إلا أهل العمل. قرأت لابن الجوزي في صيد الخاطر "من الاغترار أن تسيء فترى إحسانا فتظن أنك قد سُمحت وتنسى (من يعمل سوءا يجز به)"

( من يعمل سوءا يجز به) كل ظالم معاقب على ظلمه في العاجل قبل الآجل.

/ (وأحضرت الأنفس الشح) لا يُعطل الصلح بين المتخاصمين، ولا يطيل الخصومة إلا الشح، كل خصم يصيح حقي.. حقي..

/ (والصلح خير) الساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة.

/ (وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته) هذه أرق كلمة يمكن أن تسمعها المطلقة، ويكفي أنها مواساة من الرب العظيم لعبده المنكسر الضعيف.

-----------------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق