الأحد، 9 فبراير 2020

وقفات مع آيات من سورة الحجر / التفسير المباشر



الوقفة الأولى : قال تعالى :(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوۡعِدُهُمۡ أَجۡمَعِینَ)، ثم قال :(إِنَّ ٱلۡمُتَّقِینَ فِی جَنَّـٰتࣲ وَعُیُونٍ)، بدأ بذكر جهنم ثم ذكر الجنات ثم قال بعدها : (۞ نَبِّئۡ عِبَادِیۤ أَنِّیۤ أَنَا ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ) فبدأ بالمغفرة ثم (وَأَنَّ عَذَابِی هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِیمُ).
كان الترتيب أن يذكر العذاب ثم الرحمة لأنه ذُكرت أولا جهنم ثم ذُكرت الجنة لكنه ذكر الرحمة وهذا مما يدل على أن رحمة الله غلبت غضبه. وجاء ذِكر المغفرة والرحمة بذكر أسماء الله سبحانه وتعالى (أَنِّیۤ أَنَا ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِیمُ) بينما عند ذكر العذاب لم يأتِ باسم له سبحانه وتعالى وإنما ذكر فعل له (وَأَنَّ عَذَابِی هُوَ ٱلۡعَذَابُ ٱلۡأَلِیمُ).
وهذا كذلك يكون غالبا في ذكر الانتقام فلا يُذكر اسم له سبحانه وتعالى وإنما فعل، أما في ذكر الرحمة فإنه يُذكر أسماؤه عزوجل،وهذا مما يدل على أن رحمته وسعت كل شيء.

الوقفة الثانية: في قصة لوط قال تعالى : (فَأَسۡرِ بِأَهۡلِكَ بِقِطۡعࣲ مِّنَ ٱلَّیۡلِ وَٱتَّبِعۡ أَدۡبَـٰرَهُمۡ وَلَا یَلۡتَفِتۡ مِنكُمۡ أَحَدࣱ وَٱمۡضُوا۟ حَیۡثُ تُؤۡمَرُونَ) يعني كن في آخرهم ، وهنا فائدة وهي : أنه ينبغي للقائد أن يكون في آخر القوم يكون مراعيا لضعيفهم ويحرسهم. وكان هذا من هدي النبي عليه الصلاة والسلام، فجاء في سنن أبي داود أن النبي ﷺ كما جاء عن جابر أنه كان من هديه ﷺ أنه كان في آخر الجيش يحمل مع الضعيف ويراعي العاجز ونحو ذلك.
وهذا الذي ينبغي في كل قائد سواء رب الأسرة أو كان مدرسا أو قائدا أو مديرا أن يراعي الضعيف وينتبه لأحوال من هم تحت يده. فهذه الآية دلت على أن هذا كان هدي المرسلين.

الوقفة الثالثة : في قوله تعالى (لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ) فيه قسم بحياة النبي ﷺ وهذه أعظم نعمة على من جاءوا من حياة النبي ﷺ فمن بعده أن أُرسل لهم النبي ﷺ فكان به نجاتهم من النار ووصولهم إلى الجنة إن آمنوا به عليه الصلاة والسلام. 
لذلك أقسم الله تعالى بعمر النبي ﷺ.
(لَفِی سَكۡرَتِهِمۡ یَعۡمَهُونَ) الضمير يعود لقوم لوط. وهذه السكرة سكرة الهوى، فصاحب الهوى والعشق والتعلق بالصور يكون في سكرة فلا يصل إليه الكلام. وفي هذه السكرة -سكرة العشق والهوى- دعوة لكل مسلم أن يتجنب الصور وتتبعها خاصة مع ثورة الاتصالات والانترنت والفضائيات والمجلات فينبغي للمسلم أن يتقي هذه السكرة وأن يبتعد عن هذه الشهوة فهي تعلّق بالصور وحب لها.
ومما يُبعد عن ذلك ما ذكر الله ليوسف عليه السلام في قصته مع المرأة (كَذَ ٰ⁠لِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلۡفَحۡشَاۤءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِینَ) ، وفي قراءة (المخلِصين) فالإخلاص لله عزوجل واللجؤ إلى الله سبب للخروج من هذه الفتنة والتعلّق الشديد.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق