د. محمد بن عبد العزيز الخضيري
(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿٦٢﴾ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
(اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿٦٢﴾ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
هذا هو الدرس الخامس من دروس التفسير في سورة الزمر نفعنا الله بها في هذه الدورة المباركة دورة الأترجة المقامة في جامع شيخ الإسلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في حيّ الخليج في مدينة بُريدة.
وقد وصلنا إلى قول الله ّ (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) الله هو خالق كل شيء فكلُّ شيء هو من خلق الله وإنما يذكر الله لنا ذلك ليبين لنا تمام ملكه وكمال تصرفه وتدبيره لأمور خلقه وأن هؤلاء المشركين الذين يعبدون مع الله آلهة أخرى لم يعبدوا شيئاً يستحق العبادة لأن الذي خلق كل شيء هو الله إذن فماذا بقي لآلهتهم؟! لم يبق شيء، فإذا كانت هذه الآلهة لم تخلق شيئاً فبأيّ حُجّة وبأيّ حقّ عُبِدت؟!
قال (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي متوكل هو الحافظ القائم القيوم على كل شيء الذي يدبر أمور خلقه كلها ولم يدع هذه الأمور بيد أحد من عباده بل كل الأمور بيده ومقاليدها عنده ليست إلى أحد حتى يدعى لهذه الأصنام ما يُدّعى أو ينصرف العباد بقلوبهم لغير ربهم . ولذلك قال مؤكداً هذا المعنى (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) والمقاليد : جمع إقليد إما أن يراد بها المفاتيح له مفاتيح السموات والأرض فأمرها وتدبيرها بيده جلّ وعلا، أو له مقاليد بمعنى خزائن فخزائن السموات والأرض كلها له جلّ وعلا فمن أين لكم أيها المشركون أن تسألوا هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله، تسألونها أن ترزقكم أو تغيثكم أو تعطيكم أو تمنحكم أو تمنع عنكم وخزائن السموات والأرض ومفاتيحهما بيد الله ؟!
قال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) لأنهم عبدوا من لا ينفعهم وتوجهوا إلى من لا يصنع لهم شيئاً فهذا والله هو الخسار الحقيقي. والتعبير بقوله (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) من التعابير الكثيرة في القرآن التي يراد منها الحصر أي هؤلاء هم الخاسرون وحدهم لا أحد أخسر منهم (أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) كأن الخسار لهم وحهم دون من سواهم.
/ ثم قال الله لنبيه محمد بطريقة جديدة في المناقشة في أمر التوحيد والشرك (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) أتريدون مني أن أعبد أحداً غير الله؟ أنتم جاهلون! مقاليد السموات والأرض وخلق كل شيء من الله وحده وهذا باعترافكم وتريدون مني أن أعبد غير الله! أين عقولكم؟! لو كان عندك سبعة ملوك وملك منهم هو المتملك عليهم ماذا كان الأجدر بك؟ أن تذهب إليهم أم أن تذهب إلى ذلك المتملك عليهم جميعاً والذي هو مسيطر عليهم ومتسلط عليهم؟ إلى من تذهب؟ تذهب إلى ذاك المسيطر عليهم وتدع هؤلاء لأنهم في حدود معينة قد يعطونك لكن في الباقي لا يعطونك ولا يتصرفون، هذا فيمن يتصرّف فكيف إذا كانت أصناماً وأوثاناً تُعبد من دون الله لا تسمع ولا تبصر ولا تنفع ولا تدفع ولا ترفع ولا تضر ولا تصنع شيئاً لأنفسها فضلاً عن عابديها.
قال الله (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ) اسمع المثاني، الطريقة الجديدة في التحذير من الشرك في شخص رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) من الأنبياء والرسل (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) وحاشاه من أن يشرك وهو الذي جاء بهذا النور وهذا الوحي وهذا التوحيد من عند الله عز وجل لكن على سبيل الفرض والتنزل أنت أنت يا محمد في مقامك وعلو منزلك وقربك من ربك لو حدث منك شرك ليحبطنّ عملك. الشرك محبط للأعمال ولو حصل من أحسن أهل الأحوال (َلئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) تكون من الخاسرين في الدنيا ومن الخاسرين في الآخرة وهذه السورة كما رأينا تحدثت عن الخسار بشكل كبير لم نره في سورة أخرى كما أنها بينت أمر التوحيد والشرك وهذا يدلنا على أن الخسار الحقيقي مقرون بالشرك فمن أشرك فقد خسر ومن وحّد فقد فاز ونجى وإن عصى وتخلف عن طاعة ربه في بعض ما أُمر به ولذلك قال (ليحبطنّ) أي والله ليحبطنّ عملك، فاللام هنا موطِّئة للقسم وجيء بها على وجه التوكيد ليدل على أن هذا الأمر جِدّ لا مرية فيه ولا شك فيه ولا يقبل المساومة لأن أمر الشرك أمر عظيم كما قال لقمان (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). قال (َلئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) تأكيد آخر.
(بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ) قدّم لفظ الجلالة، لأن عند العرب قاعدة تقول إن تقديم ما حقه التأخير يدل على الحصر. (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ) أصلها أُعبد الله فلفظ الجلالة حقه أن يؤخَّر أعبد الله يأتي الفعل ثم الفاعل ثم المفعول به فلما قدم المفعول به على الفعل والفاعل دل ذلك على الحصر أي بل الله وحده فاعبد وهذا مثل قوله في سورة الفاتحة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أصلها نعبدك ونستعينك ثم لأجل الحصر قدمت الكاف وجعلت معها (إيا) فصارت (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أي نعبدك وحدك ولا نعبد أحداً سواك ونستعين بك وحدك ولا نستعين بأحد سواك. ومثلها قوله عزّ وجل (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴿٧﴾ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) ما قال وارغب إلى ربك ليدل على الحصر (وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) ومثلها وهي من أوضح آيات الحصر قوله (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) أصل الكلام : ولم يكن أحد كفواً له فقُلِبت الآية قلباً كاملاً لأجل الدلالة على الحصر (وَلَمْ يَكُن لَّهُ) هذه رقم 3 (كُفُوًا) رقم 2 (أَحَدٌ) رقم 1 جُعلت آخر واحدة ليدل ذلك على الحصر. وهنا (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ) لأنك إذا عبدته وأفردته بالعبادة شكرته ومن أشرك مع الله أحداً سواه ولو في قليل من عمله فإنه قد أشرك شركاً لا يقبل الله معه شيئاً من عمله ونفي عن نفسه صفة الشكر.
ثم قال الله مبيناً حال أولئك الكفار الذين اشركوا مع الله سواه (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما عظموه حق تعظيمه ولا أكرموه حق الإكرام من أن يدّعوا له صاحبة أو ولداً أو شريكاً أو ندّاً أو شبيهاً أو نظيراً، لو علموا من هو الله حقّ العلم وقدروا الله حق قدره ما أشركوا معه أحداً سواه. قال الله مبيناً عظمة ملكه وعظمة قدرته (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) الأرض التي ترونها بجبالها وأنهارها وأشجارها تكون في قبضة الله يوم القيامة ، والسموات هذه العالية الرفيعة الضخمة الهائلة تكون مطوية بيمين الله -عز وجل- وكلتا يدي ربي يمين جلّ جلاله. كيف يكون ذلك؟ هذا فعل الله وهو القادر على كل شيء والقائم بكل شيء وما هذه السموات وما هذه الأرض في بعض ملك الله إلا مثل الحلقة، انظروا إلى قدر السموات السبع في الكرسي الذي هو قليل عند العرش مثل سبع حلقات قد ألقيت في فلاة أي صحراء طويلة عريضة لا حدود لها ، هذ السماء التي نراها قُبة هائلة قد عظّم الله أمرها في القرآن هي شيء قليل جداً في ملك الله - جل وعلا- وعلماء الفلك في هذا الزمن يثبتون لنا أننا في هذا العالم مثل الذرة لسنا بشيء، وأن الكرة لا تكاد تُرى في منظومة هذه المجرات التي خلقها الله في هذا الكون وهذا الذي اطلعوا عليه شيء مما أتاح الله لهم أن يطلعوا عليه وما خفي عليهم أعظم ولذلك قال تعالى في القرآن (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴿٧٥﴾ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) لو علمتم بأي شيء أقسمنا لعرفتم أننا أقسمنا بشيء عظيم ولذلك يقول علماء الفلك أن هذه النجوم التي نرى بصيص ضوئها هذه نورها وصل إلينا عبر مئات الملايين من السنين الضوئية من شدة بعدها في غابر السماء والله أعلم وملك الله أعظم.
قال الله -عز وجل- (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) يعني ما ذكر الله هذا من عظمته إلا لينزه نفسه عما أشرك به المشركون (سُبْحَانَهُ) أي ينزه الله تنزيهاً يليق به (وَتَعَالَى) ترفّع عن هذا الذي يشركون به، كيف تقارن السميع البصير الملك العظيم الجبار الذي هذا ملكه وهذا خلقه وتدبيره بهذا الصنم الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يغني ولا ينفع ولا يدفع ولا يرفع ولا يصنع شيئاً لنفسه غير عن عابديه كيف تقارن هذا بهذا؟! (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
ثم قال الله مهدداً ومبيناً أننا وجميع الخلق سنرِد عليه وسيختلف حال الموحدين عن المشركين قال (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) الصور: قرن عظيم خلقه الله لينفخ فيه ملك من ملائكته يسمى إسرافيل هذا ملك موكل بالنفخ قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما علم حال هذا الملك قال: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن ينتظر أن يؤمر بالنفخ فينفخ" كيف أتنعم في الدنيا وأنا أعلم أن الملك الموكل بالنفخ في الصور قد التقم الصور مستعداً لسماع أمر الله أن ينفخ فيه، فيصعق أهل السماء وأهل الأرض إلا ما شاء الله.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ) أي فزع وغشي كل (مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ) وهنا لم يذكر من شاء الله أن يؤمن من الصعقة فقال بعض العلماء : إن جبريل ممن لا يصعق، قال بعضهم جبريل وميكائيل وإسرافيل لا يُصعقون، قال بعضهم موسى ممن لم يُصعق لأنه اكتفي بصعقته التي كانت في الدنيا (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا) لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (فأكون أول من أفيق فأجد أخي موسى آخذاً بقائمة العرش فلا أدري أكان ممن صعق أم اكتفي بصعقته الأولى) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
قال (فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ) قال بعض العلماء: وأيضاً يستثنى من الصعق من كان في الجنة من الحور والغلمان وغيرهم هؤلاء لا يصعقون (إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ). وقيل هذه النفخة هي التي يموت بها الخلائق وقيل هي النفخة التي يموت بها الخلائق هي الأولى وهذه النفخة هي نفخة الصعق هي الثانية والنفخة الثالثة هي نفخة البعث التي قال الله فيها (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ) .
وبعض العلماء يقول إن النفخات اثنتان نفخة يصعق بها الخلق سميت في القرآن مرة بنفخة الصعق ومرة بنفخة الفزع وذكر في سورة النازعات قال الله -عز وجل- (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴿١﴾ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴿٢﴾ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ﴿٣﴾ فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا ﴿٤﴾ فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴿٥﴾ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ﴿٦﴾ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) فجعل النفخات نفختين، وقالوا ظاهر القرآن هنا أنهما نفختان نفخة يصعق فيها العباد فيموت كل من أذِن الله بصعقه وموته ، ثم نفخة أخرى للبعث.
وبعضهم قال هي ثلاث: نفخة يموت بها العباد ، ونفخة يصعقون بها ، ونفخة يحييون بها والله أعلم بما يكون.
قال (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ) إذا أراد الله أن ينفخ أذِن للسماء أن تمطر مطراً كمنيّ الرجال فينبت الناس لأنه يبقى من الإنسان العصعص وهي ذرة في أسفل العمود الفقري تبقى من الإنسان، يعني مثل الحبة التي تلقح بالمطر هذه الذرّة منها ينبت الإنسان فينبت الناس (كما تنبت الحِبّة في حميل السيل) ، أي كما تنبت البقلة يقال لها الحِبّة، في حميل السيل أي في جوانب الوادي ينبتون ، ينبتون ، ينبتون ، يظلون ينبتون فإذا أراد الله -عز وجل- أن يبعثهم نفخ إسرافيل نفخة البعث فانبعثت هذه الأرواح وإذا هم قيام ينظرون، سبحان الله!.
(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) التي هي أرض المحشر (بِنُورِ رَبِّهَا) فليس لها في ذلك اليوم نور غير نور الله لأنه لا شمس ولا قمر الشمس والقمر تندثران وتنكسفان وتنخسفان فلا يبقى فيهما ضوء ولا نور بل إنهما يكوران يُلفّان ويرميان في جهنم.
قال (وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء) عندما ينزل الرب -سبحانه وتعالى لفصل القضاء قال الله عز وجل- (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ) عندما ينزل الرب -سبحانه وتعالى- لفصل القضاء تأتي المحكمة العظمى، المحكمة الإلهية التي لا يظلم فها أحد ويؤتى فيها بكل البينات والشهود.
قال (وَوُضِعَ الْكِتَابُ) كتاب الأعمال الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ويؤتى بسجلات الناس كلها ، وكل واحد يعطى سجلّه مدّ البصر فيه كل ما عمل.
(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ) ليشهدوا على أممهم بأنهم قد بلغوهم.
وجيء بالشهداء أيضاً ، قيل الشهداء الذين ماتوا في سبيل الله وهذا قول ضعيف والصحيح أن الشهداء الذين يشهدون من الملائكة والجوارح وكتب الأعمال وكل من يشهد، وجيء بالشهداء لأنهم أمام محكمة لأجل فصل القضاء ، (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ) فالشهداء هنا لا يُراد بهم من مات شهيداً بل من يستشهد يوم القيامة ، من يؤتى به ليدلي بشهادته ، قال (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ) أي العدل الذي لا ظلم معه (وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) في ذلك الموقف الرهيب يطول المقام على الخلق، فيستمر موقف القيامة خمسون ألف عام ويضجر الناس من طول القيام حتى إنهم يسعون إلى الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا عند الله في فصل القضاء وهم يعلمون أن فصل القضاء قد لا يكون في صالحهم ومع ذلك يرون أن فصل القضاء يكون أهون عليهم مما يلاقونه في ذلك اليوم من طول قيامهم، تدنو منهم الشمس ويلجمهم العرق لجاماً وهم حفاة عراة غرل -غير مختونين- (وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
قال (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ) كل نفس تعطى عملها وافياً من غير نقص، (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ) لا ينقصهم من أعمالهم شيئاً.
قال الله بعد أن قضي بينهم (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا) الكفار يُساقون، من يسوقهم؟ الملائكة، زبانية العذاب تسوقهم سوقاً عنيفاً مجهداً ضاراً بهم قال (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) عندما يأتون إليها كانت أبوابها موصدة، لماذا موصدة؟ لتزداد احتراقاً حتى تستقبلهم وهي أحرّ ما تكون. وأيضاً إهانة لهم لأنه من الإكرام أن يكون البيت أو الدار أو الباب مفتوحاً قبل قدوم القادم أما أن يكون مغلقاً ويفتح فجأة فهذا للدلالة على الإهانة ، وأيضاً لإفزاعهم وإرعابهم حتى إذا فُتِح العذاب عليهم فتحاً مفاجئاً أصابهم برعب عظيم تنخلع له قلوبهم.
قال (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا) أي جماعات جماعات، كيف زمر؟ كل أهل ملة ونحلة وبدعة وضلالة مع جماعتهم ، فالنصارى مع النصارى ، النصارى الأرثودكس مع النصارى الأرثودكس ، والنصارى البروتستانت مع النصارى البروتستانت ، والنصارى الكاثوليك مع النصارى الكاثوليك ، والبوذيون مع البوذيين ، والهندوك مع الهندوك والزرادشت مع الزرادشت ، وغيرهم من أهل المذاهب والنِحَل والمِلل الكفرية، زمر، ولذلك أنت ستُحشر في زمرة فانظر ماهي الزمرة؟ أنت تحددها من الآن، حددها ، الذين ستعيش معهم في الدنيا ستحشر معهم يوم القيامة وهذا قرار أنت تملكه إذا وفقك الله -عز وجل- للقيام به.
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا) قال في الآية الأخرى (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) زوجت أي قرنت النفوس بعضها ببعض إلى نظيرتها (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ) أي احشروا هؤلاء الظالمين مع قرنائهم الذين كانوا يعيشون معهم في الحياة يتعاونون معهم على طاعة أو معصية.
قال (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) حتى إذا جاؤوها فاجأهم فتح أبوابها (وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا) (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ) يقولون مقرّعين ومعاتبين لهم (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ) أي هذا القرآن الذي أُنزل عليك (وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى) يعترفون لكن هل ينفع هذا الاعتراف؟ ما ينفع لأنه جاء في الوقت كما يسمى عند المعاصرين في الوقت الضائع ، في الوقت الذي لا ينفع فيه الاعتراف.
(قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) إذا نحن الآن أمام قدر قد مضى فينا لا نستطيع ردّه ولا نستطيع أن نستدرك مما فاتنا شيء. ولاحظوا أنه ذكر المُظهَر في مقام المُضمَر فقال (وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ) لم يقل علينا وإنما قال (عَلَى الْكَافِرِينَ) ليبين أنهم استحقوا ذلك بكفرهم وليس لسبب آخر.
(قِيلَ) أي يقال لهم من متعددين، الملائكة والمؤمنين ومن الله -جل وعلا- (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا) لماذا يقال ادخلوا أبواب جهنم ولا يقال ادخلوا جهنم؟ لأن العذاب يصل إليهم من الباب ، فالباب من حين ما يفتح يفجؤهم بعذاب مهيب وصوت مفزع فيُقال ادخلوا الأبواب فما ينتظركم في النار أعظم مما يأتيكم في الباب.
قال الله -عز وجل- (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا) هناك عذاب عند الباب وهناك خلود في النار (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) هذا كبركم وتعاليكم عن الحق وعدم انصياعكم لأنبياء الله. ولما كان القرآن مثاني لما ذكر سوق الكافرين ذكر سوق المتقين :
(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا) أولئك يساقون وهؤلاء يساقون لكن سوق أولئك بزبانية غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يأخذونهم بسياط العذاب ، سياط النار لذلك اذا جاؤوا إلى النار يقتحمون فيها (هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ) لماذا يقتحمون في النار؟ لأن وراءهم عذاب شديد على ظهورهم فهم يفرّون من هذا ويُلقون أنفسهم فيما هو أشد منهم لأنهم يريدون الفرار من عذاب قد ذاقوه وهو سياط هؤلاء الملائكة الزبانية. سموا زبانية من الزبن، والزبن هو الدفع ومنه سمي الزبون لأن البائع مع الزبون كل واحد منهم يدفع الخسارة عن نفسه فسُمي الزبون من الدفع، كذلك الزبانية لأنهم يدفعون الكفار دفعاً. وهنا قال (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) سوق المؤمنين يختلف (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا) يأتون على النجائب وعلى مراكب جميلة ورائعة وهي قطعة من النعيم (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا) كيف زمراً وهم كلهم متقون لله؟ فيهم المقتصدون وفيهم السابقون بالخيرات ، فيهم أهل الدعوة ، فيهم أهل الصلاة ، فيهم أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفيهم أهل الصدقة والجمعيات الخيرية ، وفيهم أهل البر والإحسان الذين يبحثون عن اليتامى والأرامل ، وفيهم أهل الدثور ، وفيهم أهل الذكر ، فيهم الجُلّاس في حِلَق الذكر وحِلَق العلم كما أنتم الآن، زمرة يأتون طلبة علم، زمرة عبّاد، زمرة دعاة كانوا يتعاونون في الدنيا. فكما كانوا يتعاونون في الدنيا على تقوى الله يأتون يوم القيامة ما شاء الله وهم يتذكرون ما كانوا عليه كما تعاونا الآن نقطع الطريق إلى جنة الله -عز وجل- وهم يرون أبوابها قد فتحت.
(َحتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) أبوابها مفتوحة، ما هي مغلّقة، لأن من عادة الكريم أن يفتح بابه لمن يريد أن يكرمهم قبل أن يصلوا إلى بيته ليروا غاية الإكرام ، لكن لو إذا أغلقوا الباب دل ذلك على الإهانة. فإن قلت قال في الآية الأولى (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) قلنا نعم جاؤوها عند المجيء تفتح فصار فُتِحت جواب (إذا) وهنا لم يأتي بالجواب بل جعله مقدراً (حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) حصل لهم من السعادة والسرور والطيب واللذة والحبور والنعمة والفضل والمنزلة والدرجة شيء لا يوصف ولا يقادر. وهذا من أساليب القرآن في حذف الجواب يحذف الجواب لتتخيل، لو كنت معنا بالأمس –نحن ذهبنا إلى رياض- لو كنت معنا بالأمس، الله كبر! ماذا فهمت؟ أي شيء، ربيع وخضرة وجمال وجو جميل رائع ، لكن لو قلت انبسطت ذهب الذي في نفسك، لو قلت لو كنا معنا بالأمس وسكتّ يحصل أن النفس تتسع في فهم ماذا يحصل لك فأنت تلتذ بذلك. وهنا قال (َحتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) كانت مفتوحة لهم أين الجواب؟ لسعدوا وقرت أعينهم واستلذوا وطابت أنفسهم وتنعّموا.
قال الله (َوقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) هناك نهر وزجر (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) هنا (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا) يسلّم عليهم الله وتسلم عليهم الملائكة وكل من مر بهم يقولون سلام عليكم. وهنا (َقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا) قال لهم حراسها وحفظتها والقائمون عليها (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) حصل لكم الطيب كله فقد كنتم طيبين في نياتكم واعتقاداتكم وفي أقوالكم وأعمالكم والآن تردون على دار الطيب كله وهي الجنة (فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) ما قال ادخلوا أبوابها لأن المؤمنين لا يجدون النعيم عند الباب ، النعيم في الداخل ، الغرف والدور والقصور ، أما الكفار(ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ ) لأنه عند الباب يبدأ العذاب ، عذاب لا يطاق.
قال الله -عز وجل- (فَادْخُلُوهَا) ثم تموتون؟ لا، (خَالِدِينَ). عند ذلك يلهجون بالحمد لله كما بدأ الله الخلق بالحمد (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) ، وبدأ كتابه بالحمد (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، وبدأ إنزال الكتاب بالحمد (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) ، تختم هذه الدنيا وأعمالها بدخول المؤمنين الجنة فهم يحمدون الله فيقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء) الأرض أرض الجنة (الحمد لله). أسأل الله أن يمنّ عليّ وعليكم أن نكون ممن يقول هذه الكلمة جميعاً من غير أن يمر قبلها حساب ولا عذاب.
أسأل الله الذي جلسنا من أجله منذ صباح هذا اليوم إلى هذه الساعة أن يمنّ علينا ووالدينا أن نقول هذه الكلمة عندما ندخل تلك الجنة العظيمة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) أرض الجنة . فإن قلت كيف يورثهم الأرض؟
قلنا لأن الله خلق الجنة وقدر لكل مخلوق فيها مكانا فإن كان مؤمناً أخذ مكانه وإن كان كافراً ذهب إلى النار وأورث الله مكانه للمؤمن الذي يكون معه فيقول صارت إرثاً لنا ورثناها جميعاً لم يدخل معنا هؤلاء الكفار الذي كان يقدّر أن يكونوا فيها.
(وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء) ننزل منها في أي مكان، لا يقال أنت ما لك إلا الرياض أو القصيم أو مصر أو سوريا، لا، أنت أين تريد؟ تريد أمام، خلف، يمين، يسار، أنت في جنة (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء) لكن هل الجنة دخلناها بأمانينا؟ لا، (فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) من عمل وصبر واحتسب وثابر وجد واجتهد نال هذا الجزاء، أما من تمنى على الله الأماني فلا، "الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
قال الله -عز وجل- (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ترى الملائكة حافين من حول عرش الرب -سبحانه وتعالى- بعد هذا المشهد المهيب يسبحون بحمد ربهم يقولون "سبحان ربنا وبحمده" أي ننزه الله عن كل نقص وعن كل مشابهة للمخلوقين مصحوبا تنزيهنا بحمد ربنا فله الثناء كله ، وله الحمد كله ، وله المجد كله ، وله الأسماء الحسنى كلها، هذا معنى التنزيه المصحوب بالحمد فأنت تنزّه الله عن النقائص ثم تضيف إليه المدائح والكمالات والجمال فلا يبقى منه شيء.
(يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ) أي قد قضى الله بين عباده بالعدل بلا ظلم ولا حيف وقيل بعد ذلك كله (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فابتدأ الله الخلق بالحمد (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (1) الأنعام) وختم الله الجزاء كله بالحمد (وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ).
ونحن نقول في ختام هذا المجلس الذي نسأل الله أن ينفعنا به وأن يجعلنا جميعاً وإياكم وذرياتنا والمسلمين من أهل القرآن نقول الحمد لله رب العالمين الذي امتنّ علينا بهذا الكتاب وجعلنا من أهل هذا الكتاب ومن هذه الأمة التي حظيت بهذا الخير العظيم وأعطاها الله هذا الفضل وهذه الدرجة العالية.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلني وإياكم من المتقين لربهم الذين يساقون سوقاً كريماً إلى جنات عظيمة قد غرسها الله وبناها بيده الكريمة وتقدست أسماؤه وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لحفظ المقطع الصوتي :
مصدرالتفريغ (بتصرف يسير) :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق