- ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ )
الحسنى : الجنة
والزيادة : النظر إلى وجهه الكريم . كذلك فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أُنزل عليه القرآن، فالصحابة من بعده كما روى مسلم في صحيحه من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال : قرأ رسول اللّٰه- صلى الله عليه وسلم - ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ) قال: ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد يا أهل الجنة إن لكم عند اللّٰه موعدا ويريد أن يُنجزكموه فيقولون ما هو ؟ ألم يُثقل موازيننا و يُبيض وجوهنا و يُدخلنا الجنة و يُزحزحنا عن النار فيُكشف الحجاب فينظرون اللّٰه فما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إليه وهي الزيادة ).
ـ ولما عطف سبحانه الزيادة على الحسنى التي هي الجنة دل على أنها أمر آخر وراء الجنة ، وقدر زائد عليها ، ومن فسر الزيادة بالمغفرة والرضوان فهو من لوازم رؤية الرب تبارك وتعالى .
/ (هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسِ مَا أَسْلَفَتْ) قال ابن كثير : " أي: في موقف الحساب يوم القيامة تختبر كل نفس وتعلم ما سلف من عملها من خير أو شر "، وكثير من الناس يظن أنه في الدنيا على الجادة، وأنه على شيء، ويعيش في أوهام واسعة كبيرة، فيوم القيامة تعرف وتدرك وتختبر كل نفس ما أسلفت، يعرف عمله وأنه كان مضيعاً ومفرطاً وضالاً عن سواء الصراط .
مناسبة: بعد بيان موقف الناس المستخلفين في الأرض من القرآن وعبادة غير اللّٰه تعالى ، ومواقفهم في حال الخطر من اللّٰه تعالى وفي حال الرخاء ،وإقبالهم على الدنيا وانهماكهم بها ،وقيمة الدنيا بالنسبة لما عند اللّٰه في الآخرة ، بعد كل هذا شرعت الآيات الكريمة تعرض بعض الحجج والبراهين والمؤيدات للإيمان بالله تعالى والتصديق برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم- فعرضت ثلاث حجج دامغة وقاطعة لعقيدة التوحيد ،ثم بعدها بيّنت المؤيدات الكبرى لرسالة الإسلام ، واتبعت أسلوب الاستفهام التقريري المفيد للقطع والجزم في عرض الحجج الثلاث الدالة على توحيد الخالق سبحانه:
- الحجة الأولى : التدبير والتقدير، ولما كان الرزق أهم شيء يهتم به الإنسان في حياته ومعيشته بدأت الآيات به، قال سبحانه : (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) ثم تتابعت الأسئلة التقريرية المُلزمة تذكرهم بحقيقة فقرهم واحتياجهم إلى اللّٰه وحده خالقهم ومدبر أمور حياتهم ومعاشهم .
- الحجة الثانية : بدء الخلق وإعادته (قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَن يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ }
- الحجة الثالثة : الهداية ، قال الشوكاني " الاستدلال بالهداية بعد الاستدلال بالخلق وقع كثيرا في القرآن كقوله: ( الَّذِي خَلَقَنى فَهُوَ يَهدِينِ) وقوله : ( قَالَ رَبَّنا الَّذِيَ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) فاللّه سبحانه هو الذي يهدي إلى الحق فهو أحق أن يُتبع لا رؤساء الكفر والضلال.
/ قال - جل جلاله- هنا في سورة يونس ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَآءِ وَالْأَرْضِ ) ، وفي سورة سبأ قال ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فأفرد "السموات " هنا ، وجمعها في سورة سبا والفرق بين الآيتين : أن الآيات التي في يونس سيقت مساق الاحتجاج عليهم بما أقروا به ولم يمكنهم إنكاره من كون الرب تعالى هو رازقهم ومالك أسماعهم وأبصارهم ومدبر أمورهم وغيرها ومخرج الحي من الميت والميت من الحي ، والمخاطبون المحتج عليهم بهذه الآية إنما كانوا مقرين بنزول الرزق من قبل هذه السماء التي يشاهدونها بالحس ولم يكونوا مقرين ولا عالمين بنزول الرزق من سماء إلى سماء حتى تنتهي إليهم ولم يصل علمهم إلى هذا فأفردت لفظ السماء هنا، فإنه لا يمكنهم إنكار مجيء الرزق منها لاسيما والرزق ههنا إن كان هو المطر فمجيئه من السماء التي هي السحاب فإنه يسمى سماء لعلوه، كما أنهم لا يُقرون بما ينزل من فوق ذلك من الأرزاق العظيمة للقلوب والأرواح ولا بد من الوحي الذي به الحياة الحقيقية الأبدية وهو أَولى باسم الرزق من المطر الذي به الحياة الفانية المنقضية ، فما ينزل من فوق ذلك من الوحي والرحمة والألطاف والموارد الربانية والتنزلات الإلهية وما به قوام العالم العلوي والسفلي من أعظم أنواع الرزق ولكن القوم لم يكونوا مقرين به فخوطبوا بما هو أقرب الأشياء إليهم بحيث لا يمكنهم إنكاره .
وأما الآية التي في سورة سبأ فلم ينتظم بها ذكر إقرارهم بما ينزل من السماوات ولهذا أمر رسوله بأن يتولى الجواب فيها ولم يذكر عنهم أنهم المجيبون المقرون فقال ( قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَٰوَاتِ وَٱلْأَرْضِ قُلِ ٱللَّهُ ) ولم يقل سيقولون اللّٰه فأمر تعالى نبيه أن يجيب بأن ذلك هو اللّٰه وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه ومنافعه من السماوات السبع.
/ ( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنَّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغَنِى مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) لا يكفي الظن في العقائد بل لا بد من اليقين وإلا لم يكن الظان مؤمنا، كما دلت هذه الآية على أن كل من كان ظانا في مسائل الأصول، ولم يكن قاطعا فإنه لا يكون مؤمنا، لأنه تعالى لما وصف الكافرين بكونهم يتبعون الظن وعاب ذلك عليهم دل على أن المؤمنين بخلاف ذلك.
مناسبة: بعد بيان حجج عقيدة التوحيد انتقلت الآيات إلى الحديث عن مؤيدات العقيدة الإسلامية ،وبما أن آيات التنزيل الحكيم هي أعظم مؤيدات الدعوة الإسلامية شرعت الآيات في الحديث عن إعجاز القرآن الكريم { وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْءَانُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ)
/ ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ، وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلٌ ) قال القرطبي في تفسير هذه الآية: " أي كذبوا بالقرآن وهم جاهلون بمعانيه وتفسيره، وعليهم أن يعلموا ذلك بالسؤال، فهذا يدل على أنه يجب أن ينظر في التأويل. وقيل للحسين بن الفضل: هل تجد في القرآن من جهِل شيئا عاداه؟ قال نعم، في موضعين: ( بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ }، وقوله: ( وَإِذْلَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفّكُ قَدِيمٌ ) .
/ ( وَمِنْهُم مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَن لَا يُؤْمِنُ بِهِ) من المُغيبات التي أخبر اللّٰه عنها في هذه الآية أن من هؤلاء المكذبين من سيؤمن بالقرآن الكريم ومنهم من سيبقى مُصرا على كفره حتى الموت وجاءت الوقائع والأحداث مطابقة تماما لما أخبرت به الآية القرآنية إذ آمن بعد ذلك كثير من مشركي قريش وأصبحوا من خيار أصحاب رسول اللّٰه-صلى الله عليه وسلم- وظل فريق منهم مصر على الكفر حتى مات عليه. وفي قوله ( وَمِنْهُم مَن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لَا يَعْقِلُونَ * وَمِنْهُم مَن يَنُظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْىَ وَلَوْ كَانُواْ لَا يُبْصِرُونَ } قسّم من لا يؤمن إلى قسمين:
منهم من يكون في غاية البغض والعداوة والنفرة للرسول- ، ومنهم من لا يكون كذلك .
فوصف القسم الأول فقال: ومنهم من يستمع كلامك مع أنه يكون كالأصم من حيث إنه لا ينتفع البتة بذلك الكلام، فإن الإنسان إذا قوي بغضه لإنسان آخر وعظمت نفرته عنه صارت نفسه متوجهة إلى طلب مقابح كلامه معرضة عن محاسن كلامه، فالصمم في الأذن معنى ينافي حصول إدراك الصوت، فكذلك حصول هذا البغض الشديد كالمنافي للوقوف على محاسن ذلك الكلام، والعمى في العين معنى ينافي حصول إدراك الصورة، فكذلك البغض ينافي وقوف الإنسان على محاسن من يعاديه والوقوف على ما آتاه اللّٰه تعالى من الفضائل، فبيّن تعالى أن في أولئك الكفار من بلغت حالته في البغض والعداوة إلى هذا الحد،فلا يمكن جعل العدو البالغ في العداوة إلى هذا الحد صديقا تابعا للرسول.
ـ (ومنهم من يستمعون إليك) أي يسمعون كلامك الحسن والقرآن العظيم، والأحاديث الصحيحة الفصيحة النافعة في القلوب والأديان والأبدان، وفي هذا كفاية عظيمة، ولكن ليس ذلك إليك ولا إليهم، فإنك لا تقدر على إسماع الأصم -وهو الأطرش، فكذلك لا تقدر على هداية هؤلاء إلا أن يشاء الله.
/ (وَمِنْهُم مَن يَنُظُرُ إِلَيْكَ) أي: ينظرون إليك وإلى ما أعطاك اللّٰه من التؤدة والسمت الحسن والخلق العظيم، والدلالة الواضحة على نبوتك لأولي البصائر والنهى، وهؤلاء ينظرون كما ينظر غيرهم ولا يحصل لهم من الهداية شيء كما يحصل لغيرهم، بل المؤمنون ينظرون إليك بعين الوقار، وهؤلاء الكفار ينظرون إليك بعين الاحتقار. وفي الآية إشارة إلى أن النظر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ورؤية محاسنه الخلقية والأخلاقية من أسباب الهداية ،وقد اهتدى كثير من الصحابة إلى الإيمان فور رؤيتهم لوجهه الشريف -عليه الصلاة والسلام-.
وأتى بالجمع في "يستمعون"، و الإفراد في "ينظر" باعتبار أن السمع أشمل، وأن الذين يستمعون أكثر من الذين يشاهدون لأن الذين يشاهدون قد يحيطون به ومَن وراءهم لا يرى، أما السمع فإن الإنسان يسمع ما لا يبصر، والله أعلم.
/ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظِلِمُونَ) " حرم الله -عزوجل - الظلم على نفسه لكمال عدله جل وعلا ، فهو قادر على أن يظلم ، قادر على أن يبخس المحسن من حسناته وأن يضيف إلى المسيء أكثر من سيئاته ولكنه لكمال عدله حرم ذلك على نفسه جل وعلا.(١)
/ (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ) عامة أهل العلم يقولون: إن قوله: (يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ) يعني أن بعضهم يعرف بعضاً، يعرف أقاربه ولكنه في شغل (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِى مِنْ عَذَابٍ يَوْمِنِم بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتي تُؤيهِ) [سورة المعارج (11-13)] فربما يأتي الوالد إلى ولده ويطلب منه حسنة فتنقطع بينهم العلائق والوشائج والروابط التي كانت في الدنيا كما قال اللّٰه -عز وجل- : (فَلَا أَسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ)، والذين كان بينهم المؤاخاة والمحبة والمودة في الحياة الدنيا على غير طاعة الله تكون حالهم كما أخبر اللّٰه - تبارك وتعالى-: ( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) [الزخرف: ٦٧] فهؤلاء يعرفون بعضاً لكن تتحول مؤاخاتهم إلى عداوة، والمشهور: أن هذا التعارف المقصود به أنه يراه كما قال اللّٰه تعالى : (يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابٍ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ) [سورة المعارج :١١] ،هو يراه ويعرفه ولكنه ينشغل عنهم بنفسه ونجاته - والله تعالى أعلم-.
/ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُم) يحتمل أن يكون هذا في الدنيا يدعوهم إلى الإيمان ثم بعد ذلك يقضي اللّٰه -عزوجل - بينه وبين قومه، ويحتمل أن يكون ذلك في الآخرة، وهذا هو الأقرب الذي دل عليه ظاهر القرآن .
/ (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنْتُمْ صَدِقِينَ) تكرر هذا السؤال في القرآن ست مرات في ست سور، وفي كل مرة يُجيب القرآن بشيء ينفع السائلين ولا يحدد لهم زمن القيامة لأن ذلك لا يفيدهم، بل الذي يفيدهم هو معرفة كل إنسان بساعته ووقت وفاته، وهذا لن يحصل لأنه لو حصل بطل العمل وكفت الدنيا عن كونها دار ابتلاء وعمل.
وهذه المواضع الست هي :
• هذه السورة قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ * قُل لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِى ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلُ إذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ )
• وفي سوة الأنبياء قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ (٨) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لَا يَكُفُونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (٣٧) بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ) [الأنبياء: ٣٨ - ٤٠]
• وفي سورة النمل قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) [النمل: ٧١ - ٧٢]
• وفي سورة سبأ قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ * قُل لَكُم مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَئْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ) [سبأ: ٢٩-٣٠]
• وفي سورة يس قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَدِقِينَ * مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) [يس: ٤٨-٥٠]
• وفي سورة المُلك قال تعالى: ( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَندِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) [الملك: ٢٥-٢٦]
وفي هذه الإجابات على السؤال تربية على الاشتغال بما ينفع من خلال الإجابة بموعظة أو ترغيب أو ترهيب.
/ أمر اللّٰه نبيه أن يحلف في ثلاثة مواضع في القرآن على شيء واحد وهو تحقيق البعث :
• أول مرة في سورة يونس (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقُّ هُوَ قُلْ إِى وَرَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ) .
• والثانية في سبأ (وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَىٰ وَرَبي لَتَأْتِينَّكُمْ).
• والثالثة في التغابن (زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَن لَن يُبْعَثُوا قُلْ بلَىٰ وَرَبِّي لَتُبعَتُنَّ ) .
مناسبة: ( أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَٰوَاتِ وَٱلْأَرْضِ) قال الرازي في علاقة هذه الآية بما قبلها: "اعلم أن من الناس من قال: إن تعلق هذه الآية بما قبلها هو أنه تعالى قال قبل هذه الآية (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسِ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ) فلا جرم قال في هذه الاية ليس للظالم شيء يفتدى به فإن كل الأشياء ملك اللّٰه تعالى.
في المرة الأولى بيّنت لنا الآيات علاقة النبي بالقرآن وأنه عليه الصلاة والسلام يتلقاه بالوحي من اللّٰه تعالى، وفي المرة الثانية تحدثت الآيات عن إعجاز القرآن الكريم وأنه المعجزة الكبرى المؤيدة للنبي- صلى الله عليه وسلم-، أما في المرة الثالثة فتحدثنا الآيات عن آثار القرآن الكريم في قلوب ونفوس المصدقين به والمذعنين لشرعه ونهجه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- شرح الأربعين النووية لابن عثيمين / الحديث الرابع والعشرون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق