الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد:
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين) أولئك أي المنافقون الموصوفون بتلك الصفات، (الذين اشتروا الضلالة بالهدى) أي رغبوا في الضلالة رغبة المشتري في السلعة التي من رغبته فيها يبذل فيها الأموال النفيسة، وهذا من أحسن الأمثلة، فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه في الضلالة رغبة فيها، فهذه تجارتهم فبئس التجارة، وهذه صفقتهم فبئست الصفقة، وإذا كان من يبذل دينارا في مقابلة درهم خاسرا فكيف من بذل جوهرة وأخذ عنها درهما؟! فكيف من بذل الهدى في مقابلة الضلالة، واختار الشقاء على السعادة، ورغب في سافل الأمور وترك عاليَّها، فما ربحت تجارته بل خسر فيها أعظم خسارة (أولئك الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)، وقوله (وما كانوا مهتدين) تحقيق لضلالهم وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء، فهذه أوصافهم القبيحة"
🎤 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،أما بعد: يقول الله جل وعلا (أولئك) والإشارة هنا إلى من تقدمت أوصافهم، وهم أهل النفاق المنافقون، قال (أولئك) أي الذين تقدمت أوصافهم (الذين اشتروا الضلالة بالهدى) والشراء فيه أخذ شيء وترك شيء، وهؤلاء أخبر الله سبحانه وتعالى بحالهم أنهم اشتروا الضلالة بالهدى، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أُناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذوا الضلالة وتركوا الهدى" هذا معنى اشتروا الضلالة بالهدى، هناك أخذ وهناك ترك، فالذي أخذوه اختاروه لأنفسهم هو الضلالة، والذي تركوه هو الهدى، وهذا أقبح ما يكون وأشنع ما يكون في حال الإنسان، وهذه الصفقة الخاسرة (فما ربحت تجارتهم)، قال (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) والباء في الشراء والتبديل والاستبدال تدخل على المتروك هنا قال (بالهدى)، وقال جل وعلا (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، وقال (ومن يتبدل الكفر بالإيمان)، (اشتروا الضلالة) أي اختار الضلالة وأخذوها وتركوا الهدى وضيعوه.
قال الشيخ رحمه الله: "وهذا من أحسن الأمثلة فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن، فبذلوا الهدى رغبة عنه في الضلالة" رغبة فيها فبذلوا الهدى ثمنا للضلالة، بذلوا الهدى الذي هو أنفع الأمور لهم وفيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، بذلوه ثمنا للضلالة، فهذه تجارتهم، قال: "فبئست التجارة، وهذه صفقتهم فبئست الصفقة" ثم يذكر مثالا الشيخ رحمه الله يوضح فيه عظم خسارة هؤلاء يقول: "من كان يبذل دينارا في مقابل درهم يُعد خاسرا، ومن يبذل جوهرة في مقابل درهم" يعني يبدل شيئا نفيسا في مقابل شيء رخيص يعدونه الناس ماذا؟ يعدونه الناس خاسرا أشد الخسارة ويقولون فلان خاسر باع كذا بكذا، يعني باع شيئا ثمينا بشيء رخيص، فكيف بمن كانت هذه حالهم؟ بذلوا الهدى في مقابل الضلالة، "اختاروا الشقاء على السعادة ورغبوا في سافل الأمور وترك عاليها" قال: "فما ربحت تجارتهم بل خسروا فيها أعظم الخسارة (أولئك الذين خسروا أنفسهم أهاليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين)، قال الشيخ: وقوله (وما كانوا مهتدين تحقيق لضلالتهم وأنهم لم يحصل لهم من الهداية شيء، فهذه أوصافهم القبيحة" ثم ذكر مثلهم.
(وما كانوا مهتدين) أي في سابق علم الله، هذا قول، (وما كانوا مهتدين) أي باختيارهم للضلالة على الهدى، والله عز وجل وصف هذا العمل الشراء والتجارة وأن هذه التجارة التي هم فيها هي أخسر التجارات، وهي الصفقة الخاسرة أشد الخسران قال (فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين). ثم ضرب لهم مثلا كاشفا لحالهم. نعم
📖 قال رحمه الله: "ثم ذكر مثلهم الكاشفة لها غاية الكشف فقال (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حولهم ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون* صم بكم عمي فهم لايرجعون* أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين* يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير) أي مثلهم المطابق لما كانوا عليه (كمثل الذي استوقد نارا) أي كان في ظلمة عظيمة، وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره ولم تكن عندهم معدة بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله ونظر المحل الذي هو فيه وما فيه من المخاوف وأمِنها وانتفع بتلك النار، وقرت بها عينه وظن أنه قادر عليها، فبينما هو كذلك إذ ذهب الله بنوره، فزال عنه النور وذهب معه السرور وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة، فذهب ما فيها من الإشراق، وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر، والظلمة الحاصلة بعد النور، فكيف يكون حال هذا الموصوف؟! فكذلك هؤلاء المنافقون استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين ولم تكن صفة لهم فاستضاؤا بها مؤقتا وانتفعوا فحُقنت بذلك دماؤهم، وسلمت أموالهم، وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم كذلك إذ هجم عليهم الموت فسلبهم الانتفاع بذلك النور وحصل لهم كل هم وغم وعذاب، وحصل لهم ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمة المعاصي على اختلاف أنواعها، وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار، فلهذا قال تعالى عنهم (صم) أي عن سماع الخير، (بكم) يعني عن النطق به، (عمي) عن رؤية الحق، (فهم لا يرجعون) لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه فلا يرجعون إليه، بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال فإنه لا يعقِل وهو أقرب رجوعا منهم. ثم قال تعالى (أو كصيب من السماء) يعني أو مثلُهم (كصيب) أي كصاحب الصيب، وهو المطر الذي يصوب أي ينزل بكثرة في ظلمات ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر، وفيه رعد وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، وفيه برق وهو الضوء اللامع المشاهد من السحاب، (كلما أضاء لهم) أي البرق في تلك الظلمات مشوا فيه، وإذا أظلم عليهم قاموا أي وقفوا، فهكذا حالة المنافقين إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، (جعلوا أصابعهم في آذانهم) وأعرضوا عن أمره ونهيه، ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم، ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد فيجعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا ربما حصلت له السلامة وأما المنافقون، فأنى لهم السلامة وهو تعالى المحيط بهم قدرة وعلما، فلا يفوتونه ولا يعجزونه بل يحفظ عليهم أعمالهم ويجازيهم عليها أتم الجزاء، ولما كانوا مُبتلَين بالصمم والبكم والعمى المعنوي ومسدودة عليهم طرق الإيمان قال تعالى: (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) أي الحسية، ففيه تخويف لهم وتحذير من العقوبة الدنيوية ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، (إن الله على كل شيء قدير) فلا يعجزه شيء، ومن قدرته أنه إذا شاء شيئا فعله من غير ممانع ولا معارض، وفي هذه الآية وما أشبهها رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى، لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله (إن الله على كل شيء قدير)"
هذا المثل الأول الذي وصفه أهل العلم بالمثل الناري جاء في الأثر فيما رواه بن جرير الطبري في تفسيره عن إبن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) الآية، قال: "إن ناسا دخلوا في الإسلام مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ثم إنهم نافقوا فكان مثلهم كمثل رجل كأنه في ظلمة فأوقد نارا فأضاءت ما حوله من قذى أو أذى، أصبح يرى، واضح كل شيء أمامه حتى الأذى، كان في ظلمة ما يرى شيئا فأضاء ما حوله أصبح يرى القذى ويرى الأذى لو كانت قريبة منه حية أو عقرب أو شوكا، أو حفرة، أو مهلكة، يرى كل شيء واضح أمامه، فكان مثله كمثل رجل كان في ظلمة فأوقد نارا فأضاءت ما حوله من قذى أو أذى فأبصره حتى عرف ما يتقي -صار الأمر واضح- حتى عرف ما يتقي، فبينما هو كذلك إذ طُفئت ناره، بينما هو كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى، فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك - الكلام لابن عباس رضي الله عنهما- قال: فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك فأسلم فعرف الحلال من الحرام، والخير من الشر، فبينما هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام، ولا الخير من الشر، فهم صم بكم، فهم الخرس، فهم لا يرجعون إلى الإسلام، وأما النور فالإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وكانت الظلمة نفاقهم" النفاق الذي كانوا الذي كانوا عليه وسيأتي الكلام على المثل المائي.
قال الشيخ: أي مثلهم المنافقين المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارا، كان في ظلمة عظيمة -مثل ما تقدم في كلام ابن عباس- ظلمة الكفر والشرك- في ظلمة عظيمة وحاجة إلى نار شديدة، فاستوقدها من غيره، (استوقد) السين للطلب، طلب من غيره، وهذا فيه أن الهدى الذي جاءهم جاءهم بواسطة -النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام- فاستوقد نارا من غيره ولم تكن عنده معدة بل هي خارجة عنه، فلما أضاءت النار ما حوله ونظر المحل الذي هو فيه، وما فيه من المخاوف وأمِنها، وانتفع بتلك النار وقرّت بها عينه وظن أنه قادر عليها، فبينما هو كذلك إذ ذهب الله بنورهم، (ذهب الله بنورهم) هنا أمر أيضا أشار إليه أهل العلم وهو انه أخرجهم سبحانه وتعالى من معيته الخاصة التي فيها ماذا؟ التي فيها توليه لعبده، وحفظه له، ومعونته وتسديده وتثبيته، وقايته من الفتن (ذهب الله بنورهم). قال رحمه الله: "فبينما هم كذلك إذ ذهب الله بنورهم فزال عنهم النور وذهب معه السرور، وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة، فذهب ما فيها من إشراق، وبقي ما فيها من الإحراق" النار التي استضاءوا بها فيها إشراق وفيها إحراق، فكانوا منتفعين بإشراقها فطفئ النور، ما قال طفئت النار، طفي النور فذهب ماذا؟ الإشراق وبقي الإحراق، بقي الإحراق هلاكهم في الدنيا ونار تلظى هم في الدرك الأسفل منها يوم القيامة، قال: فذهب ما فيها - أي النار- من إشراق، لأنه قال: بنورهم وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة ظلمة الليل، ظلمة السحاب، وظلمة المطر، والظلمة الحاصلة بعد النور فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك هؤلاء المنافقون استوقدوا نار الإيمان ولم تكن صفة لهم، الله جل وعلا هداهم ومنّ عليهم، لم تكن صفة لهم، استضاءوا بها مؤقتا، وانتفعوا فحُقنت بذلك دماؤهم، وسلِمت أموالهم، وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا يحصلوا بها منافع عظيمة جدا، فبينما هم كذلك إذ هجم عليهم الموت، فسلبهم الانتفاع بذلك النور، وحصل لهم كل هم وغم وعذاب، وحصل لهم ظلمة القبر، وظلمة الكفر، وظلمة النفاق، وظلمت المعاصي على اختلاف أنواعها، وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار. فلهذا قال عنهم، نعم.
📖 "فلهذا قال تعالى عنهم (صم) أي عن سماع الخير، (بكم) يعني النطق به، عمي عن رؤية الحق، (فهم لا يرجعون) لأنهم تركوا الحق بعد أن عرفوه فلا يرجعون إليه بخلاف من ترك الحق عن جهل وضلال فإنه لا يعقل هو اقرب رجوعا منهم."
📖 "ثم قال تعالى (أو كصيب من السماء) يعني أو مثلهم كصيب أي كصاحب صيب وهو المطر الذي يصوب أي ينزل بكثرة، فيه ظلمات ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة المطر، وفيه رعد وهو الصوت الذي يسمع من السحاب وفيه برق وهو الضوء اللامع المشاهد من السحاب، كلما أضاء لهم البرق في تلك الظلمات مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا، أي وقفوا، فهكذا حالة المنافقين إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده جعلوا أصابعهم في آذانهم وأعرضوا عن أمره ونهيه ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده، وتزعجهم وعوده، فهم يعرضون عنها غاية ما يمكنهم ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد في جعل أصابعه في أذنيه خشية الموت، فهذا ربما حصلت له السلامة، وأما المنافقون فأنى لهم السلامة وهو تعالى محيط بهم قدرة وعلما، فلا يفوتونه، ولا يعجزونه، بل يحفظ عليهم أعمالهم ويجازيهم عليها أتم الجزاء.
🎤 قال: "ثم قال تعالى (أو كصيب من السماء) الصيب: هو المطر، الماء النازل من السماء (أو كصيب من السماء) هذا المثل الثاني المضروب لكشف حال المنافقين وهو المثل المائي، قال (أوكصيب من السماء) أي كصاحب صيّب وهو المطر الذي يصوب أي ينزل بكثرة، (فيه) أي في الصيّب ظلمات ورعد وبرق، الظلمات ظلمة الليل، ظلمة السحاب، ظلمة المطر، وفيه رعد وهو الصوت الذي يسمع من السحاب، وفيه برق وهو الضوء اللامع المشاهد من السحاب، كلما أضاء البرق لهم في تلك الظلمات مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي وقفوا. قال الشيخ رحمه الله: "فهكذا حال المنافقين إذا سمعوا القرآن وأوامره ونواهيه، ووعده ووعيده، (جعلوا أصابعهم في آذانهم) وأعرضوا عن أمره ونهيه، ووعده ووعيده، فيروعهم وعيده، وتزعجهم وعوده فهم معرضون" يعرضون عنها، فهم ليسوا في منأى عن الهدى، وبُعد عنه في ضلالة، لا يعرفونه، لا، رأوه ورأوا نوره ومشوا في نوره، وعاينوا نوره لكنهم أعرضوا عنه، فهم يعرضون عنه غاية ما يمكنهم ويكرهونه كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد، فيزعجه فيضع أصابعه في آذانه خشية الموت من شدة الرعد، فهذا ربما حصلت له السلامة -يعني السلامة الدنيوية- أما المنافقون فأنى لهم السلامة والله تبارك وتعالى محيط بهم كما قال في خاتمة هذا المثل (والله محيط بالكافرين) محيط بهم قدرة وعلما وهذا يتضمن الإهلاك، معنى الإهلاك لهم، ولهذا بعض المفسرين قالوا: "محيط بهم أي مهلكهم" فالله محيط بهم أي قدرة وعلما ولا يعجزونه، وهذا فيه أنه -لأن السياق سياق وعيد وتهديد- فيه أن الله سبحانه وتعالى مهلكهم يحفظ عليهم أعمالهم و يجازيهم عليها يوم القيامة أتم الجزاء وأشده نعم.
📖 قال رحمه الله: "ولما كانوا مبتلين بالصمم والبكم والعمى المعنوي، ومسدودة عليهم طرق الإيمان قال تعالى (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) أ الحسية، ففيه تخويف لهم وتحذير من العقوبة الدنيوية ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، (إن الله على كل شيء قدير) فلا يعجزه شيء ومن قدرته أنه إذا شاء شيئا فعله من غير ممانع ولا معارض."
🎤 قال: "ولما كانوا مبتلين بالصم والبكم والعمى المعنوي" صم بكم عمي كما تقدم "مسدوده عليهم طرق الإيمان" لما كانوا بهذه الصفة تهدد الله عز وجل في هذا السياق المنافقين بقوله (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) يعني الحسية، السمع يصبحون لا يسمعون شيئا، لا يسمعون صوتا، ويصبحون لا يبصرون شيئا، وهذا تهديد لهم بعقوبة دنيوية (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) أي الحسية، ففيه تخويف لهم وتحذير من العقوبة الدنيوية ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم، قال (إن الله على كل شيء قدير) أي لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى في الأرض ولا في السماء. قالوا وفي هذه الآية.
📖 "وفي هذه الآية وما أشبهها رد على القدرية القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله تعالى، لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله (إن الله على كل شيء قدير.)"
🎤 هذا الختم للآية بقوله (إن الله على كل شيء قدير)، فيه رد على القدرية الزاعمين أن أفعال العباد لا دخل لقدرة الله فيها، وأن الخالق لفعل نفسه هوالعبد وليس الله سبحانه وتعالى، ولهذا، وصفهم السلف بأنهم مجوس هذه الأمة، والمقصود بالقدرية القدرية النفاة الذين ينفون القدر ويقولون لا قدر وأن الأمر أُنف، ففي هذه الآية وما أشبهها رد على القدرية أي النُفاة، لأن القدرية صنفان: قدرية نُفاة، وقدرية مُجبرة، هذا رد على القدرية أي النُفاة القائلين بأن أفعالهم غير داخلة في قدرة الله، لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة -هذا وجه الرد في الآية عليهم- لأن أفعالهم من جملة الأشياء الداخلة في قوله (إن الله على كل شيء قدير)، (إن الله على كل شيء قدير) هذه الجملة باب عظيم جدا في المعرفة بالله، أنظر إلى تفسير ابن عباس لقول الله سبحانه وتعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال: "العلماء بأن الله على كل شيء قدير" كل مسلم يعلم أن الله على كل شيء قدير، قال العلماء بأن الله على كل شيء قدير، هذا باب واسع في المعرفة بالله (إن الله على كل شيء قدير).
نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، وهدانا إليه صراطا مستقيما، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أن وليها ومولاها، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا، ولولاة أمرنا وللمسلمين والمسلمات، اللهم أصلح لنا أجمعين النية والذرية والعمل، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق