بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
وها نحن مع تدبر سورة الكهف وتوقفنا عند قول الله تبارك وتعالى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)
بعدها (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) في الآية السابقة يبين الله تبارك وتعالى أن مكانة الإنسان عند الله تبارك وتعالى. ليست بهيئته، وليست بمكانته في الدنيا، وليست بغناه أو بفقره، إنما كما ذكر الله في كتابه الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالله تبارك وتعالى رفع شأن المؤمنين الضعفاء في الآية السابقة عندما أمر الله رسوله أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي. وهذه قاعدة لا بد أن نعلمها مقياس الإنسان ليس بماله ولا بعلمه، ولا بمؤهلاته، ولا بعمله، ولا بسلطانه، إنما مكانته بقربه من الله تبارك وتعالى. فالله جلت قدرته بيّن الحرص على هذا الأمر، وهناك حكمة أخرى: أن الله تبارك وتعالى لم يشأ أن يقيم هذا الدين بهؤلاء الكبار من قريش، يعني ما أراد الله لهذا الدين أن يقوم بهم، لماذا؟ لشهرتهم في القوة وشهرتهم في السيطرة فربما يظنون أنهم هو الذين أقاموا هذا الدين، وهم الذين صنعوا محمدا صلى الله عليه وسلم، إنما أراد الله جل وعلا أن يصنع محمدا بإيمان المؤمنين حتى لو كانوا من الضعفاء. وتلك حكمة من الله تبارك وتعالى فبعد أن قال له ونهاه أن يطيع من أغفل قلبه وأذكركم أن قوله من أغفل قلبه ليس معناها من صده عن ذكر الله إنما من وجد قلبه غافلا، فأغفله الله. وهذه أيضا قاعدة نحن نعلمها وتكلمنا فيها كثيرا.
ثم بين أن هذا الذي أغفل قلبه اتبع هواه وكان أمره فرطا أي: مجاوزا للحد في كل شيء.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم. أن يقول لهؤلاء (الحق من ربكم) يعني أنا جئتكم بالكتاب الحق، وبالدين الحق من ربكم، ولذلك كلمة (الحق) خبر لمبتدئ محذوف: قل هو الحق من ربكم، يعني أن هذا القرآن هو الحق من ربكم. وهذه قاعدة أمر الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، فيقول له قل لهؤلاء الذين أغفلناهم عن ذكرنا، قل لهم أن هذا الذي جئتكم به هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه.
ثم قال الله بعد ذلك، بعد أن أكد أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق قال (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) هل هذه الجملة تخيير؟ يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر؟
عندنا في اللغة الأمر قد لا يكون منه مطلوبا، يعني قد لا يكون منه مطلوب من المخاطب ففي هذه الحالة ينصرف إلى التهكم بالمخاطب. يعني عندما ترى ولدك مهملا في مذاكرته، ومهملا في مسؤولياته فأنت تقول له العب ما شئت، هل معنى ذلك أنك تقول له العب كما تريد؟ هل أنت تريد أن تقول له افعل ما تريد؟ وإنما السياق يقتضي أنك تتهكم به. وهذا التهكم الذي يحكمه السياق كما قال الله تعالى (اعملوا ما شئتم) هل (اعملوا ما شئتم) معناها أن كل واحد يعمل ما يشاء، من أراد أن يطيع فليطيع، ومن أراد أن يعصي فليعصي؟ بالتأكيد لا، إنما (اعملوا ما شئتم) هذه الجملة تهديد ووعيد وتهكم بهم. ولذلك قال الله بعدها (إنه بما تعملون بصير) وحتى تعرفون أن السياق هو الذي يحدد معناها، يعني جملة (اعملوا ما شئتم) هذه قالها النبي صلى الله عليه وسلم لكن بمعنى غير المعنى الموجود في قوله (اعملوا ما شئتم) التي في كتاب الله التي في سورة فصلت، متى قالها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم في قصة طلحة بن مسعود أظن، الذي كان قبل هجرة النبي بأيام أرسل رسالة لأهل مكة يخبرهم بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرر أن يأتيكم في يوم كذا الساعة كذا وأعطاهم امرأة كانت ذاهبة من المدينة إلى مكة، والمرأة وضعت الرسالة في طرحتها، فالله تبارك وتعالى أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر، وقال له إن المرأة في الطريق الفلاني إلى مكة ومعها الرسالة، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل خلفها صحابيين اثنين فأتوا بها وأتوا بالرسالة التي معها، وأحضر النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة وأجلسه أمامه وقال له اقرأ هذه الرسالة، فبالطبع يعني حاطب أُسقط في يده، فقال يعني يا رسول الله. أنا ليس لي عائلة ولا قرابة في مكة فخفت أن أكون ضعيفا بين أهل مكة أما إخواني من الصحابة فكل منهم له قبيلته، وله عشيرته وأنا لا قبيلة لي ولا عشيرة، فأردت أن أفعل هذا حتى تكون لي مكانة عند قريش. فهم عمر رضي الله عنه، وقال دعني أقتله يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم (اتركه يا عمر فلعل الله اطّلع على أهل بدر وقال لهم اعملوا ما شئتم) لأن حاطب كان قد حضر غزوة بدر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يلتمس له بعض المحامد التي تجعله يسامحه على هذا الفعل لأن الفعل الذي فعله وإن كان خطيرا، لأنه يخبر بأسرار النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها يعني رغبة نفس، ورغبة النفس هذه النبي صلى الله عليه وسلم تلمس عملا صالحا له. وأراد أن يجعل هذا العمل الصالح شفيعا له، وهذا أيضا يعطينا درسا يعني عندما يعني يقع إنسان ما في خطأ ما لا نلغي كل حسناته في مقابل سيئة واحدة. يعني نحن نلغي كل الحسنات في سبيل سيئة واحدة. وهذا أمر يعني لا ينبغي أن يكون من المؤمن للمؤمن، فقول النبي صلى الله عليه وسلم هو الشاهد في المسألة، (اعملوا ما شئتم) معناها يختلف عن (اعملوا ما شئتم) التي وردت في سورة فصلت، التي وردت في سورة فصلت هذه تهديد ووعيد.
إنما (اعملوا ما شئتم) كأنه إكرام وتقدير لأهل بدر الذين شهدوا بدرا من الصحابة رضوان الله عليه، يعني ما أريد أن أقوله: أن الجملة نحكم على معناها بالسياق، يعني سياقها هو الذي يجعلنا نحكم، فقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) (فليؤمن) اللام لام الأمر (ومن شاء فليكفر) اللام لام الأمر، لو اعتبرنا أنها للتخيير، يعني من شاء أن يؤمن فليؤمن، ومن شاء أن يكفر فليكفر، إذا فالذي يكفر أطاع الأمر ونفذ الأمر، والذي يؤمن أطاع الأمر ونفذ الأمر، إنما هو أمر ليس له مطلوب من المخاطب، إنما هو على سبيل التهديد والوعيد، ولذلك كثير من الناس يستشهدون بها على أن كل واحد حر في إختيار دينه، لا هناك آيات أخرى يعني (لا إكراه في الدين) تكفي، (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) تكفي، لكن الأمر هنا في قوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا ينبغي أن نضعها في هذا الإطار إنما هي تهديد ووعيد لكل من اختار الكفر. فتكون تهديدا له لاختياره السيئ، وأما من اختار الإيمان فإنه قد الطريق الصحيح. لكن علينا أن نبين لهؤلاء، ونبين لهؤلاء، وبعد البيان نقول لهم إن الله قال كذا للتهديد، وللوعيد فأنتم تخيروا طريقكم، ولذلك من أراد أن يستشهد بقوله (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لا يستشهد بهذه الجملة فقط ويقف وإنما ينبغي أن يُكمّل ما بعدها لأن ما بعدها بيان لمن اختار طريق الكفر، وبيان لمن اختار طريق الإيمان. والله تبارك وتعالى على الرغم أنه قدم (فمن شاء فليؤمن) على الكفر على (فليكفر) إلا أنه في بيان الجزاء ذكر جزاء الكافرين أولا فقال (إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها) فهنا. يكون الكلام على سبيل اللف والنشر غير المرتب لأنه ذكر الإيمان أولا، ثم ذكر الكفر، ثم ذكر عاقبة الكفر أولا لتحذير الإنسان من اختيار هذا الطريق، يعني تقديم عاقبة الكفر يدل على خطورة هذا الاختيار. وبعد أن يعرف عقوبته ويتخير فهو حر في طريقه.هذه (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) إذا ليس الأمر هنا على التخيير. وأختم ها هنا لأني انشغلت الآن، ومعذرة الليلة، ونكمل إن شاء الله في لقائنا القادم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الثلاثاء، 14 يناير 2025
تدبر سورة الكهف | المحاضرة الثامنة عشر| د. محمود شمس
الاثنين، 13 يناير 2025
| الدرس السابع والعشرون| تفسير الفاتحة -4-
تفسير سورة الفاتحة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد:
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "ثم قال تعالى (اهدنا الصراط المستقيم) أي دلنا وأرشدنا ووفقنا إلى الصراط المستقيم وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط، فالهداية إلى الصراط لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا، فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته لضرورته إلى ذلك، وهذا الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم."
🎤بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وأصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، اللهم يا ربنا فقهنا أجمعين في الدين، وعلمنا التأويل يا رب العالمين، أما بعد: قوله سبحانه وتعالى (اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم* غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هذه ثلاث آيات كلها للعبد، والثلاث الآيات الأول من السورة كلها للرب، والآية التي بينها هي بين العبد وبين الرب، وقد مرّ معنا الحديث العظيم الحديث القدسي، وقد عدّه أهل العلم مُفسِّرا لسورة الفاتحة، قول الله جل وعلا (قسمت الصلاة – الفاتحة - بيني وبين عبدي نصفين) إذا كانت سبع آيات فالمعنى ثلاث آيات ونصف للرب، وثلاث آيات ونصف للعبد، (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين) قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله: أثنى علي عبدي، فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله مجدني عبدي، فإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) - هذه الآية في الوسط قبلها ثلاث وبعدها ثلاث - إذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي) ولما تتأمل هذه الآية تجدها تتكون من جملتين: الجملة الأولى للرب، والثانية للعبد، (إياك نعبد) هذا للرب، (وإياك نستعين) هذا للعبد، ثم بعدها ثلاث آيات: (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله عز وجل هذا لعبدي ولعبدي ما سأل، هذه الجملة (هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) مفسرة لقوله (اهدنا الصراط المستقيم) إلى تمام السورة، وأن هذا سؤال وطلب ودعاء (اهدنا الصراط المستقيم) إلى آخر السورة هذا كل دعاء للعبد (قال الله هذا لعبدي) يعني هذا السؤال حاجة للعبد، مطلوب للعبد يريده من الرب سبحانه وتعالى، هذا لعبدي، ووعد الله سبحانه وتعالى عبده بالإجابة قال: ولعبدي ما سأل، يعني دعوة مستجابة. وهذه الدعوة هي أعظم الدعوات المشروعة المأمور بها على الإطلاق، أعظم الدعوات والدليل على ذلك أن الله عز وجل افترض علينا كل يوم سبع عشرة مرة أن ندعو بهذه الدعوة، وهذا لم يحصل في أي دعاء آخر، كل يوم السبع عشرة مرة ندعو الله (اهدنا الصراط المستقيم) في عدد ركعات الصلوات المكتوبة ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، يعني في كل ركعة من ركعات الصلاة، وعدد ركعات الصلاة المكتوبة سبع عشرة ركعة، فإذا افترض الله علينا أن ندعوه كل يوم سبع عشرة مرة بهذا الدعاء (اهدنا الصراط المستقيم) هذا يدل على أنها أعظم الأدعية وأنفعها وأجلها.
ومما نبه عليه العلماء أنه ينبغي على أهل العلم وطلاب العلم أن ينبهوا العوام أن هذا دعاء، الكثير من الناس يقرأ الفاتحة كل يوم، لكن ما يستشعر أنه دعاء يدعو الله سبحانه وتعالى به، الحاصل أن قوله (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هذا دعاء، بل هو أعظم الدعاء وأجله، ثم في السورة قبل مجيء هذا الدعاء جاء بين يديه توسلات هي أعظم التوسلات، وهي من أعظم موجبات إجابة هذا الدعاء، فأنت قبل أن تدعو اهدنا الصراط المستقيم ماذا فعلت؟ حمدت الله واثنيت عليه، ومجدته ووحّدته، وأخلصت الاستعانة له، ثم قلت اهدنا الصراط المستقيم، هذه كلها بين يدي دعائك وسائل تتوسل الله بها حمد وثناء، وتمجيد وتوحيد واستعانة، ثم (اهدنا الصراط المستقيم)، (اهدنا الصراط المستقيم) هذا مطلوب العبد يسأل ربه تبارك وتعالى أن يهديه الصراط المستقيم، ما هو الصراط المستقيم؟ هو الإسلام، الصراط المستقيم هو الإسلام، هو دين الله الذي رضيه لعباده ولا يرضى لهم دين سواه (إن الدين عند الله الإسلام) قال جل وعلا (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، قال جل وعلا (ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه)، فالصراط المستقيم هو الإسلام، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: "هو الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض" واسع هذا، لكن من يدخل هذا الطريق الواسع إلا الذي شرح الله صدره وهداه، وهذا ينبهك إلى أمر مهم أن هذا الصراط المستقيم لا سبيل لك لولوجه والدخول فيه والصيرورة من أهله والثبات فيه، إلا اذا هداك الله، وهذا فيه تنبيه عظيم في السورة ألا وهو فقرك أيها العبد لله عز وجل أن يهديك، ولهذا تلح عليه كل يوم إلحاح متواصل أن يهديك، هو طريق واسع - مثل ما قال جابر- "أوسع مما بين السماء والأرض" لكن مع سعته وعظمته وكماله ووفائه ما يدخله إلا من شرح الله صدره (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) فهذا ينبه العبد الفقر الشديد، فقر العبد إلى الله أن يهديه، يشرح صدره، ولا يمكن أن يكون من أهل هذا الصراط إلا إذا هداه الله -كما سيأتي معنا- إلى الصراط، وفي الصراط، إلا إذا هداه الله إلى الصراط ليدخله ويسلكه ويكون من أهله، وفي الصراط حتى يستفيد من كل التفاصيل العظيمة التي في هذا الصراط، فهذا يحتاج أيضا الى هداية، كما أنه محتاج إلى هداية الى الصراط فهو محتاج إلى هداية في الصراط يعني إذا سلكه، فالصراط هو الإسلام.
ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن الصراط المستقيم ما هو؟ قال كلام عظيم أيضا، سئل عن الصراط المستقيم ما هو؟ قال: "تركنا محمد صلى الله عليه وسلم في أدناه وطرفه في الجنة" ماذا يعني شيء بينه لنا النبي عليه الصلاة والسلام وأرشدنا إليه وأوضحه لنا وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك وطرفه في الجنة" يعني من أمسك بهذا الطريق وتمسك بهذا السبب والسبيل أوصله إلى جنات النعيم، ولهذا العلماء رحمهم الله يقولون الصراط نوعان: معنوي وحسي، المعنوي في الدنيا الذي هو الإسلام، والحسي الذي ينصب يوم القيامة على متن جهنم، صراط مستقيم ينصب على متن جهنم أدق من الشعرة وأحد من السيف، والله جل وعلا يقول (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)، والمراد المرور على الصراط، فبحسب حظ العبد ونصيبه من الصراط المعنوي الذي هو الإسلام الذي هو في الدنيا يكون حظه ونصيبه من العبور، ولهذا عبور الناس - كما جاء في الحديث - يمرون على قدر أعمالهم - الذي هو الصراط المستقيم في الدنيا- على قدر أعمالهم ولهذا منهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كركاب الإبل وكالخيل، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، على قدر سيرهم في الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا.
قال: (اهدنا الصراط المستقيم) وأيضا قُرأت (السراط) بالسين.
وجمهور القراء بالصاد (الصراط) ومعناهما واحد السراط، والصراط معناهما واحد أي الطريق، والمستقيم صفة للصراط إي لا عوج فيه (دينا قيما) أين لا عوج فيه، ولا انحراف، (اهدنا الصراط المستقيم) أي: دلنا وأرشدناووفقنا إلى الصراط المستقيم.
قال: "وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله وإلى جنته" هذا الكلام مستفاد من قول ابن مسعود في تفسير الصراط قال: "تركنا في أدناه وطرفه الآخر في الجنة" فهو طريق واضح موصل إلى الله عز وجل وإلى جنته.
قال: "وهو" أي الصراط: معرفة الحق والعمل به. هذه خلاصة مهمة في معرفة الصراط لأنها تتعلق بما سيأتي بعدها (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)..
الصراط المستقيم ينتظم أمرين: علم وعمل، علم نافع، وعمل صالح كما قال الله عز وجل (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) أي العلم النافع (ودين الحق) أي العمل الصالح (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق)، فالصراط المستقيم علم نافع وعمل صالح، فمن كان عنده علم نافع لا يعمل به ليس من أهل الصراط، ومن كان يعمل بدون علم ليس من أهل الصراط، أهل الصراط من هم؟ الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، وهذا معنى قوله: "ومعرفة الحق والعمل به" فاهدنا إلى الصراط، واهدنا في الصراط، ذكر الأمرين، فاهدنا إلى الصراط أي لنسلكه ونكون من أهله، واهدنا في الصراط لنحقق تفاصيله، لأنك إذا دخلت صراط الله المستقيم أمامك تفاصيل كثيرة هي من الصراط فتحتاج إلى هداية أخرى، وتحتاج هداية أيضا إلى الثبات على هذا الصراط إلى الممات.
فالهداية الى الصراط: لزوم دين الإسلام وترك ما سواه من الأديان.
والهداية في الصراط: تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا.
إذ نقول اهدنا الصراط المستقيم تنتظم هدايتان: هداية إلى الصراط. وهداية في الصراط.
قال: "فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته لضرورته إلى ذلك، مضطر العبد لهذا، ضرورته لذلك أن يهديه الله سبحانه وتعالى صراطه المستقيم.
مر معنا الآن أمور ثلاثة: (إياك نعبد) (وإياك نستعين) (اهدنا الصراط المستقيم) ثلاث أشياء، هذه الثلاث لها التعلق بالأسماء الحسنى التي تقدمت في السورة: (الله، الرب، الرحمن) فلها تعلق بتلك الآيات، يُعبد بألوهيته (الله) أي: المعبود، ويستعان بربوبيته (الرب) هو الذي بيده الأمر يعطي ويمنع، يخفض ويرفع، يعزويُذل، يهدي ويُضل، هو الرب يدبر الأمر يُستعان بربوبيته، ويُهدى إلى الصراط المستقيم بماذا؟ برحمته، من رحمه الله هداه سبحانه وتعالى إلى صراطه المستقيم. نعم.
📖 قال رحمه الله: "وهذا الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم، وغير صراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال كالنصارى ونحوهم"
🎤قال: "صراط الذين أنعمت عليهم)" هذه الآية السادسة في السورة، (أنعمت عليهم) هذا فيه تعريف بأهل هذا الصراط من هم، وهذا فيه تحفيز للعبد ليدخل الصراط، وأيضا ليثبت على الصراط، كأنه يقال له لا تستوحش هذا صراط المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، أنت في خير عظيم إذا دخلت هذا الصراط، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. قال ابن عباس رضي الله عنهما:"(صراط الذين أنعمت عليهم) طريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين أطاعوك وعبدوك" رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. هؤلاء المنعم عليهم أنعمت عليهم يا الله، وهذا فيه تأكيد لما سبق أن الهداية بيد الله ونعمة يمُن بها على من يشاء، هذا الذي دخل الصراط وصار من أهله هذه نعمة الله عليه (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) ماذا؟ (فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم) فضل ونعمة من الله، قال (أنعمت عليهم) أي مننت وتفضلت عليهم (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم) فهذه نعمة الله عليهم.
والمُنعم عليهم هم الذين جمعوا بين ماذا وماذا؟ - تقدم معنا- العلم والعمل، العلم النافع والعمل الصالح، هؤلاء هم المُنعم عليهم جمعوا بين العلم والعمل، من عنده علم يعرف يعلم لكن لا يعمل هذا من القسم الآتي مغضوب عليهم، والذي عنده عبادات يعبد الله بها لكنها على غير هُدى، على غير بصيرة، بدع وأهواء وضلالات، هذا ظالم. فذكر الأقسام الثلاثة: المنعم عليهم، والمغضوب عليهم والضالين،
/ المُنعم عليهم الذين جمعوا بين العلم والعمل.
/ المغضوب عليهم الذين عندهم علم لا يعملون به.
/ والضالون الذين عندهم عمل بلا علم.
المنعم عليهم أهل الإسلام، أهل الصراط المستقيم.
المغضوب عليهم هم من وُجد عندهم العلم ولا يعملون به، مثل ما قال الله عن اليهود (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها) أي لم يعملوا بها (كمثل الحمار يحمل أسفارا) مثلهم كمثل الحمار، الحمار لو كان فوق ظهره كتب من أنفس الكتب الحمار أيستفيد منها أو ينتفع بها؟ هذا مثل لليهود، ومثل لمن عنده علم لا يعمل به، وتوحيد الله، دين الله، صراط الله المستقيم وهو معرض عنه لا يعمل به، قال سفيان بن عيينه رحمه الله تعالى: "من فسد من عُبّادنا ففيه شبه من النصارى" النصارى هم الضُلال لأنهم عندهم عبادة بلا علم، قال: "ومن فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود" فيه شبه من اليهود من جهة ماذا؟ أنهم عندهم علم لكن لا يعملون به.
قال: (صراط الذين أنعمت عليهم) أي من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. (غير المغضوب) (غير) أي غير صراط المغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. (ولا الضالين) أي وغير صراط الضالين الذين تركوا الحق على جهل وضلال كالنصارى ونحوهم. ولهذا من فسد من العلماء عنده علم لا يعمل به فيه شبه من اليهود، ومن فسد من العُبّاد يعمل بالبدع والضلالات هذا فيه شبه من النصارى، ذاك سبيل المغضوب عليهم، وهذا السبيل الضُلال، أما صراط الله المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم هذا علم وعمل، علم نافع وعمل صالح. أنهى بهذا الشيخ يعني تفسيره المختصر للسورة، وبدأ يذكر منبها ومبينا بعض الفوائد التي انتظمتها هذه السورة واشتملت عليها مع وجازتها. نعم.
📖 قال رحمه الله: "فهذه السورة على إيجازها قد احتوت على ما لم تحتوي عليه سورة من سور القرآن"
🎤 نعم ولا غرابة، أم القرآن وأم الكتاب لأنها حوت إجمالا ما حواه الكتاب تفصيلا.نعم.
📖 قال رحمه الله: "فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة".
🎤 يمكن أن تُرقم، هو سيذكر أعداد هذا واحد، فتضمنت هذا الأول، نعم.
📖 أحسن إليكم، "فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله (رب العالمين)، توحيد الإلهية وهو إفراد الله تعالى بالعبادة يؤخذ من لفظ الله، ومن قوله إياك نعبد وإياك نستعين) وتوحيد الأسماء والصفات وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى التي أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه وقد دل على ذلك لفظ الحمد كما تقدم."
🎤 لفظ الحمد أي (الحمد لله رب العالمين) في أول السورة هذا في الأسماء والصفات والثناء على الله ثناء على الله بأسمائه وصفاته وكماله وجلاله، وأيضا يؤخذ هذا التوحيد الأسماء والصفات من الأسماء المذكورة في السورة، ذكر اسم الله، واسمه الرب، واسمه الرحمن والرحيم، ومالك يوم الدين هذا يؤخذ منه توحيدا الأسماء والصفات.
إذن مما انتظمته هذه السورة أقسام التوحيد الثلاثة، ما هي أقسام التوحيد الثلاثة؟ هي أركان الإيمان بالله، لأن الإيمان بالله هو الإيمان بوحدانية الله، وحدانية في ماذا؟ في هذه الثلاث؟ بروبويته وألوهيته، وأسمائه وصفاته. وسمي دين الإسلام توحيدا لأن مبناه على الإيمان بوحدانية الله، فالربوبية رب العالمين، والألوهية ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، والأسماء والصفات بإثباتها لله كما أثبتها لنفسه وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه. نعم.
📖 قال رحمه الله: "وتضمنت إثبات النبوة في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة".
🎤هذا الأمر الثاني مما اشتملت عليه هذه السورة إثبات النبوة، وهذا في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) ومعنى (اهدنا الصراط المستقيم) أي دلنا، ولأجل هذه الدلالة بعث الله الرسل ولهذا قال قال سبحانه وتعالى عن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم* صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور) تهدي إلى الصراط، فإذن الهداية إلى الصراط يحتاج فيها العباد إلى هداة يهدون الناس، مرشدون يرشدونهم إلى صراط الله المستقيم، إذا قوله (اهدنا الصراط المستقيم) فيه الإيمان بالنبوة، وجه ذلك قال: لأن ذلك ممتنع بدون الرسالة، فبعث الله عز عز وجل المرسلين هداة للخلق ودعاة للحق. نعم.
📖 قال رحمه الله: " وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله (مالك يوم الدين) وان الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء بالعدل".
🎤هذا الأمر الثالث: إثبات الجزاء على الأعمال في قوله (مالك يوم الدين) هذا الأمر الثالث مما انتظمته هذه السورة وهو الإيمان باليوم الآخر، وهذا ركن من أركان الإيمان. فانتظمت هذه السورة هذا الركن العظيم من أركان الإيمان وهو الإيمان باليوم الآخر في قوله (مالك يوم الدين) وعرفنا فيما سبق أن يوم الدين هو اليوم الآخر، يوم الجزاء والحساب، فهذا فيه الإيمان باليوم الآخر، وفيه الإيمان بالجزاء والعقاب والثواب (مالك يوم الدين) ويفسر هذه الآية الآية التي فيه سورة الانفطار في آخرها (وما أدراك ما يوم الدين* ثم ما أدراك ما يوم الدين* يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله)، قال الشيخ: "وإثبات الجزاء على الأعمال في قوله (مالك يوم الدين) وأن الجزاء يكون بالعدل، لأن الدين معناه الجزاء" الدين يقصد ماذا؟ في قوله (مالك يوم الدين) الدين هنا المراد به الجزاء على الأعمال، ومر معنا أن من أسماء ربنا سبحانه وتعالى الديان (أنا الملك، أنا الديان، والديان أي المجازي المحاسب الذي يجازي العباد ويحاسبهم على أعمالهم. قال: "لأن الدين معناه الجزاء بالعدل، هذا هو الدين، ومعنى الديان أي المجازي بالعدل" هذا معنى اسم الله عز وجل الديان أي المجازي بالعدل.
📖 قال رحمه الله: "وتضمنت إثبات القدر، وأن العبد فاعل حقيقة، خلافا للقدرية والجبرية".
🎤هذا أمر رابع مما انتظمته هذه السورة إثبات القدر، ومعلوم أن القدر والإيمان به ركن من أركان الإيمان. قال: "وتضمنت إثبات القدر" وإثبات القدر في السورة في مواطن منها:
(رب العالمين) أي المدبر المتصرف والخلق كلهم طوع تدبيره، فهذا فيه الإيمان بالقدر (رب العالمين).
و(اهدنا الصراط المستقيم) فيها الإيمان بالقدر لأن هذا فيه تسليم العبد واستسلامه وإيمانه بأن الأمور بقدر له والهداية بيد الله سبحانه وتعالى.
تضمنت إثبات القدر وأن العبد فاعل حقيقة خلافا للقدرية والجبرية، القدرية والجبرية فرقتان متضادتان، القدرية نفاة للقدر يقولون ما فيه قدر، ويقولون العبد هو الذي يخلق فعل نفسه، الجبرية على ضد هؤلاء يقولون العبد ليس له مشيئة، أولئك يقولون العبد هو الخالق لفعل نفسه، وهؤلاء يقولون العبد أصلا ليس له مشيئة وهو كالورقة في مهب الريح ما له اختيار، ولا له مشيئة، ولا له إرادة، وهؤلاء ضلال وهؤلاء ضلال، والسورة فيها رد على الطائفتين لأنها أثبتت المشيئة للرب وأن الأمور كلها بتدبير الله رب العالمين وأثبتت الفعل للعبد أين فعل العبد؟ نعبد ونستعين هذه أفعال للعبد يعبد الله يستعين بالله هذه أفعال يقوم بها العبد. ففي قوله (رب العالمين) رد على القدرية، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) رد على الجبرية. نعم.
📖 قال رحمه الله: "بل تضمنت الرد على جميع أهل البدع والضلال في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) لأنه معرفة الحق والعمل به، وكل مبتدع و ضال فهو مخالف لذلك."
🎤 يقول بل تضمنت الرد على جميع البدع، لأن البدع ماذا قال عنها النبي عليه الصلاة والسلام؟
قال: (وكل بدعة ضلالة) وفي قوله (اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هذا فيه رد على جميع أهل البدع والضلال، أي في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) إلى تمام السورة لأنه أي الصراط المستقيم معرفة الحق والعمل به، وكل مبتدع وضال فهو مخالف لذلك. نعم.
📖 قال رحمه الله: "وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى عبادة واستعانة في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) فالحمد لله رب العالمين".
🎤هذا كم الآن؟
السادس: وتضمنت إخلاص الدين لله تعالى عبادة واستعانة في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) وعرفنا فيما سبق أن هذا هو دين الله، دين الله عبادة واستعانة (فاعبده وتوكل عليه) فانتظمت إخلاص الدين لله عبادة واستعانة في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) والإخلاص مستفاد من هذين الجملتين في أسلوب الحصر الواضح في تقديم المعمول على العامل - كما تقدم -.
هذه ست فوائد يعني اشتملت عليها هذه السورة.
نزيدها قليلا نكملها إلى عشر فوائد:
● فأيضا انتظمت السورة أركان التعبد القلبية. لأن كل عبادة تتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى قائمة على ثلاث أركان: المحبة، والخوف، والرجاء. وهذه الأركان الثلاثة موجودة في الفاتحة - كما نبه على ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في تفسيره للفاتحة -
● ففي قوله (الحمد لله رب العالمين) المحبة لأن الحمد هو الثناء مع الحب للمحمود ففيها المحبة. لما تقول (الحمد لله) يتحرك في قلبك حب للذي تحمده على أسمائه وصفاته وعظمته ونعمه وآلائه ومِننه، يتحرك في قلبك الحب.
●ثم إذا قرأتها بعدها (الرحمن الرحيم) أي شيء يتحرك في قلبك (يرجون رحمته) فإذا قال (الرحمن الرحيم) يتحرك في قلبه الرجاء.
●إذا قرأت (مالك يوم الدين) والله يقول (وما أدراك ما يوم الدين* ثم ما أدراك ما يوم الدين* يوم لا تملك لنفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) أي شيء يوجد في قلبك؟ خوف تحرك في قلبك الخوف.
فإذا قرأت (الحمد لله رب العالمين) تحرك الحب، إذا قرأتها بتدبر وتعقل تحرك الحب.
إذا قرأت (الرحمن الرحيم) تحرك الرجاء.
إذا قرأت (مالك يوم الدين) تحرك الخوف.
● ثم يأتي (إياك نعبد) أي نعبدك يا الله بالحب الذي دل عليه (الحمد لله رب العالمين)، والرجاء الذي دل عليه (الرحمن الرحيم)، والخوف الذي دل عليه (مالك يوم الدين). فلم تُذكر العبادة (إياك نعبد) إلا بعد أن أُرسيت أركانها في السورة، لم تُذكر العبادة إلا بعد أن أُرسيت أركانها الثلاثة: الحب، والخوف، الرجاء.
● أيضا انتظمت السورة شروط قبول العمل، فإن الأعمال المتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى لا تُقبل من عاملها إلا بشرطين: إخلاص للمعبود، ومتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.
والإخلاص مستفاد من قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) ففيها الإخلاص.
والمتابعة مستفادة من قوله (اهدنا الصراط المستقيم) دُلنا على الصراط المستقيم الذي هو اتباع المرسلين والسير على نهجهم القويم.
●انتظمت السورة أيضا أهمية الدعاء، وضرورة العبد إليه وحاجته الشديدة إليه وخاصة سؤال الله الهداية. ولهذا افترض علينا هذا الدعاء في اليوم والليلة سبع عشرة مرة بعدد ركعات الصلوات المكتوبة.
● وتضمنت أيضا آداب الدعاء، وأن الداعي من أدبه في دعائه أن يقدم بين يدي دعائه ثناء على ربه، وتمجيد وتوحيد. وهذا كله الذي في أول السورة جاء وسائل بين يدي هذا الدعاء العظيم (الحمد لله رب العالمين* الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين* إياك نعبد وإياك نستعين)، توسل بالحمد، وتوسل بالثناء، وتوسل بالتمجيد، وتوسل بالتوحيد، وتوسل بالتوكل والاستعانة، ثم جاء الدعاء (اهدنا الصراط المستقيم).
●أيضا مما اشتملت عليه معرفة العبد ربه، هذه السورة من أنفع ما يكون وأعظم ما يكون في باب التعريف بالرب، التعريف بالرب هذا مقصود، بل من الركائز التي تدور عليها نبوة الأنبياء، التعريف بالرب المعبود من هو، فأنت تعرف ربك، تُعرِّفك هذه السورة بربك أنه سبحانه وتعالى الإله ذو الألوهيه والخلق والعبودية على خلقه أجمعين، وأنه رب العالمين مدبر الكون المتصرف فيه، وأنه الرحمن الرحيم المتصف بالرحمة التي وسعت كل شيء، ولأهل الإيمان منها شيء خاص ونصيب خاص (وكان بالمؤمنين رحيما)، وأنه مالك يوم الدين الجزاء والحساب، وأنه الدّيان المجازي سيجازي العباد بأعمالهم، تعرف ربك بذلك، وأنه سبحانه وتعالى المعبود المقصود بالعبادة وحده تُخلص له (إياك نعبد)، وأنه وحده المستعان الذي يُطلب منه العون، ويلجأ إليه ويتوكل عليه، وأنه سبحانه وتعالى الهادي إلى الصراط المستقيم، وأن الهداية بيده. ففي هذا الباب باب المعرفة بالله سبحانه وتعالى انتظمت هذه السورة جوانب عظيمة مهمة في باب المعرفة، معرفة العبد بربه سبحانه.
● وأيضا في السورة معرفة العبد نفسه، لما تقرأ هذه السورة بتأمل تُعرّفك من أنت. الآن لما تقرأ (الحمد لله رب العالمين) أنظر للعالم الفسيح وما فيه من خلق، مخلوقات وكائنات، من تكون أنت؟ أنت من تكون؟ تُعرفك أنت واحد من هذا العالم الذي هو طوع تدبير خالقه وربه، أنت واحد، أنت ذرة في هذا العالم. ولهذا -سبحان الله- من يقرأ (الحمد لله رب العالمين) يعرف نفسه إن كان في قلبه كِبر يسقط، من أنت؟ أنت واحد من هذا العالم الذي أوجده رب العالمين سبحانه وتعالى.
ولما تقرأ (لله) اسم الله تبارك وتعالى (الله) يعرفك بحقه عليك أن تكون عبدا له، هو الإله المعبود وأنت عبد له.
ولما تقرأ (الرحمن الرحيم) تستشعر فقرك وحاجتك إلى رحمة ربك، وأنك فقير إلى رحمة الله. ولما تقرأ (مالك يوم الدين) تستشعر انك في دار امتحان، وانك ستجازى على أعمالك وتحاسب، يُعرفك بأنك خلقت للعمل وستحاسب إن فرطت وتعاقب على ذلك.
وإذا قرأت (إياك نعبد وإياك نستعين) يعرفك بنفسك أنك الواجب أن تكون عبدا لله، مخلصا دينك لله، مستعينا في أمورك كلها بالله سبحانه وتعالى.
وإذا قرأت (اهدنا الصراط المستقيم) تشعر بالضعف الشديد، الضعف التام الكامل والفقر إلى الله أن يدلك ويهديك، ويشرح صدرك، وييسر لك سلوك هذا الصراط المستقيم، ففيها تعريف العبد بنفسه، السورة تعرفك أيها العدد من أنت. فهذا بعض ما انتظمته هذه السورة العظيمة المباركة.
ونسأل الله الكريم أن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علما وتوفيقا، وأن يصلح لنا شأننا كله. وأن يهدينا إليه الصراط المستقيم. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله الا انت استغفرك وأتوب إليك. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثلاثاء، 7 يناير 2025
تدبر سورة الكهف | المحاضرة السابعة عشر| د. محمود شمس
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا رب العالمين وبعد: فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإني لأسأل الله تبارك وتعالى. أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته وها نحن نلتقي في لقائنا هذا وتدبر سورة الكهف. بينت في اللقاء السابق المعنى المراد من قوله تعالى (واتل أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) والمعنى العام استمر يا محمد في قراءة وتلاوة واتباع ما أوحي إليك من ربك فقط ولا تسمع لهؤلاء الذين يريدونك أن تغير الآيات التي ليست على هواهم فالله كما ذكر لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا يعني ملجأ لو سمعت كلامهم.
ثم يأمره الله تبارك وتعالى بقوله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
هذه الآية مرتبطة بالآية الأولى وهي آية (واتل ما أوحي إليك) لأنها كانت ردا على طلبهم، على طلب المشركين الذين ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن كنت تريدنا أن نجلس في مجلسك ونسمع لك ونؤمن بك فاطرد هؤلاء، هؤلاء ضعاف وهؤلاء فقراء فنخشى أن يرانا أحد من العرب فيلوموننا كيف نجلس معهم في مجلس واحد، وهؤلاء بالنسبة لنا يعتبرون مستواهم أقل من مستوانا كثيرا. الله تبارك وتعالى نهى النبي صلى الله عليه وسلم أولا بقوله (ولا تطرد للذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) فأمره ألا تطرد هؤلاء مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ليفعل لكن ربما أملا في أن يؤمن هؤلاء الذين كانوا يعدون من كبار قريش. فالله تبارك وتعالى نهى النبي أن يطرد هؤلاء أولا، ثم أمره على الجانب الآخر أن يصبر نفسه معهم، يعني رقم واحد نهاه أن يطردهم، والأمر الآخر أمره أن يصبر نفسه معهم، وتأملوا إلى دقة التعبير القرآني عندما يقول الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) هذا نهي أن تطردهم لأن هؤلاء يدعون ربهم بالغداة والعشي، ما معنى يدعون ربهم بالغداة والعشي؟ معناها أنهم يؤمنون به، وفي هذا تعريض بالمشركين فالله تبارك وتعالى ينهاه أن يطردهم وهؤلاء هم عند الله أصحاب مكانة عظيمة، وتأملوا أنهم يدعون ربهم بالغداة والعشي للغداة الذي هو وقت الصباح، والعشي الذي هو من وقت الزوال الذي هو آخر النهار ولذلك نأخذ منها هنا دلالة وجوب ذكر الله والاستغفار في هذا الوقت، وهو وقت الغداء في الصباح وهي أذكار الصباح، ووقت العشاء وهي أذكار العشي، فهؤلاء مدحهم الله تبارك وتعالى بذلك، وطالما أن رب العزة مدحهم بذلك إذا هو يحب ذلك جل وعلا، فيحب من عباده أن يدعونه بالغداة والعشي ثم وصفهم بوصف يتمنى الكثير منا أن يحقق هذا الوصف وهو الإخلاص في عبادتهم لربهم، فيبين الله أنهم لم يريدوا بتلك العبادة، أو بهذا الدعاء الذي يدعون ربهم بالغداة والعشي إلا أن يريدوا وجهه فما يريدون بعبادتهم إلا وجه الله تبارك وتعالى، وهذا وصف لحالهم في الإخلاص أنهم يعبدون الله بإخلاص ثم بيّن الله قاعدة مهمة ها هنا (ما عليك من حسابهم من شيء) يعني عندما يحاسبهم سيحاسبهم الله تبارك وتعالى وهو الذي سيحاسبهم، وأنت غير مسؤول، وأنت لن تُسأل عن حسابهم في شيء، ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء. بمعنى أنهم لن يحاسبوا نيابة عنك ولن يتحملوا أوزارك، فلا تزر وازرة وزر أخرى وأنت لن تتحمل أوزارهم فلماذا تطردهم؟ لا تطرد هؤلاء لكن الأهم هو الدرس الذي نتعلمه ها هنا مكانة الإنسان عند ربه تقاس بأي مقياس؟ هل تقاس بقبيلته؟ هل تقاس بعشيرته؟ هل تقاس بكثرة أمواله؟ هل تقاس بجاهه أو بسلطانه؟ لا، إنما تقاس بتقواه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفي قوله (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) بعض من أهل البلاغة يرون أن الجملة الثانية وهي (وما من حسابك عليهم من شيء) تسمى عندهم التتميم، يعني ذكر الله المقابل ليتم معنى الجملة الأولى وهي (ما عليك من حسابهم من شيء) كما نقول لا أنت تتحمل حسابهم ولا هم يتحملون حسابك. لكن عندما ننظر إلى ذكر الجملة الثانية هذه (وما من حسابك عليهم من شيء) نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع مقام هؤلاء الذين يرونهم المشركون أنهم ضعفاء، رفع مقامهم إلى أعلى عليين لدرجة أن الله تبارك وتعالى كما يخاطب النبي بأنك لن تتحمل شيئا من حسابهم يخاطبه بأنهم أيضا لن يتحملوا شيئا من حسابك، فهذا فيه جبر للخاطر، جبر الله خاطر هؤلاء الضعفاء عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم) يعني فإذا طردتهم (فتكون من الظالمين) فنقول: الله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (فتكون من الظالمين) نعم، ولذلك أعاد كلمة فتطردهم مرة ثانية، مع أن (فتطردهم) مفهومة من قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) بمعنى إنك إن طردتهم تكون من الظالمين. لماذا؟ لأنك ستطردهم إرضاء لهؤلاء المشركين وإذا فعلت أمرا إرضاء للعباد دون إرضاء رب العباد فتكون من الظالمين، ولذلك، جملة (فتكون من الظالمين) نعتبرها ثابتة في المعنى وإلا منفية في المعنى؟ هي منفية تماما لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطردهم، فطالما لم يطردهم انتفى كونه من الظالمين. إذا جملة (فتكون من الظالمين) منفية في المعنى ووقوعا لأن طردهم لم يحدث وهذا هو الأهم الذي ينبغي أن نفهمه. إذا نأخذ من هذه الآية أن مكانة الإنسان عند الله بتقواه (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره) فهي مكانة عظيمة بإخلاصه لله جل وعلا طاعة امتثالا للأمر، واجتنابا للنهي. بعد ذلك الفاء في قوله (فتكون من الظالمين) عاطفة على (فتطردهم) بدليل أن الفعل (تكون) منصوب يعني فتطردهم فتكون من الظالمين لأن فاء التفريع لا عمل لها في اللفظ الذي تدخل عليه، إنما دورها في المعنى فقط أنها فرعت كذا على كذا، فهي تفيد هاهنا العطف.ثم يبين الله تبارك وتعالى أنه كذلك فتن بعضهم ببعض (وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا) الفتنة هي: الاختبار والابتلاء، وأصل كلمة فتنة من إدخال الذهب النار ليذهب ما علق به. تعرفون الذهب إذا ذهبتم لبيعه أول ما يفعله المشتري منكم أنه يدخل هذا الذهب النار، النار هي التي تخرج ما علق بالذهب من أمور. إما أتربة، إما عجين، إما وإما، المهم حتى يجعله ذهبا خالصا فكذلك الفتنة استعملت في هذا المعنى أنها تكون اختبارا وتمحيصا. ولذلك هل الفتنة مذمومة في ذاتها؟ لا، الفتنة ليست مذمومة في ذاتها. إنما يذم ما تؤول إليه. يعني أحد الناس فُتن فلم ينجح في الفتنة ولم ينجح في الاختبار، عدم نجاحه جعلها مذمومة بسببه، إنما الفتنة في الأصل ليست مذمومة لأنها تمحص، ولأنها تبين الصدق من الكذب. ولذلك ذكر الله في هذه الآية بعضين (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) بعض مستعلي مستكبر يطالب بطرد الضعاف والبعض الآخر ضعاف في نظر هؤلاء. ففتن هؤلاء بهؤلاء ليقولوا (أهؤلاء من الله عليهم من بيننا) هم يقولونها استهزاء واحتقارا، يعني هل هؤلاء هم الذين منّ الله عليهم من بيننا؟ فيرد الله عليهم (أليس الله بأعلم بالشاكرين)
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا، لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة. يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم. إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره. طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا، صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته. المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره. إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذن في آية الأنعام نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يطردهم، طيب عندما ينهى الله النبي أن يطردهم هل يُفهم من ذلك بالضرورة أنه أمره أن يلازمهم ولا يتركهم لحظة؟ لا، لا يلزم، لأن النهي عن الإساءة لا يلزم الأمر بالإحسان، ولذلك قلت سابقا في قول الله تعالى (وبالوالدين إحسانا) في سورة الأنعام (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) إلى آخر الآيات، الآيات سياقها سياق نهي، يعني كل الآية أو الآيات الثلاثة سياقها سياق نهي لا تفعلوا، لا تفعلوا، إلا الأمر بالإحسان بالوالدين جاء بأسلوب الأمر وليس بأسلوب النهي. لماذا غاير القرآن عند الأمر بالإحسان بالوالدين إلى أسلوب الأمر وليس أسلوب النهي؟ لأنه لو استعمل أسلوب النهي لقال ولا تسيئوا إلى الوالدين، فهل النهي عن الإساءة يُلزم الأمر بالإحسان؟ بالتأكيد لا، ليس النهي بالإساءة ملزم للأمر بالإحسان، إنما الأمر بالإحسان ملزم بالنهي عن الإساءة. يعني طالما قال (وبالوالدين إحسانا) يعني أحسن بهما ولا يأتيهم أدنى أذى منك، كذلك هنا في هذه الآية الكريمة كما بينت لكم الله تبارك وتعالى جاء في سورة الكهف وأمره أمرا بمنتهى الدقة وأسلوب التعبير القرآني (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يعني الأمر بالصبر هنا ليس مجرد الأمر بالصبر فقط، إنما الأمر بالصبر بأن تحبس نفسك عن أن تمتنع عن هذا الفضل، والأمر لنا لأن الأمر بالصبر هنا هو الأمر بالصبر على الطاعة. والأمر بالصبر على الطاعة هو أعلى مراتب الصبر ، يعني الصبر على الطاعة هو في المقام الأول وفي المقام الأعلى، والصبر على الطاعة يلزم الإنسان أن يصبر نفسه، يأمرها بالصبر لأن نفسك بطبيعتها ربما لا تتحمل، وربما تقول يعني ليس بالضرورة أن أفعل الآن، ليس بالضرورة أن أصلي في المكان الفلاني، أو خلف الشيخ الفلاني اللي يطول أو الشيخ اللي بيقصر أو...الخ (فاصبر نفسك) جاهد نفسك، والأمر بصبر النفس معناها الملازمة لهذا الأمر ، الملازمة والدوام لهذا الأمر. فمعنى (واصبر نفسك) أي داوم على أن تصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)
وقلت إن الله تبارك وتعالى مدحهم بفعلهم لإخلاصهم لأن (يريدون وجهه) معناها أنهم مخلصون، مخلصون في عبادتهم لله.
ثم يأمر الله نبيه (ولا تعدو عيناك عنهم) هذا ليس صبر النفس فقط، لا تصرف عينيك عنهم بالنظر إلى شيء آخر، لا تصرف نظرك عنهم ولا تُبعد نظرك عنهم، (ولا تعدو عيناك عنهم) احبس نفسك معهم حبس ملازمة ولا تسمح لعينيك أن تنظر إلى غيرهم مهما كانوا ومهما علا شأنهم في الدنيا لا تلتفت إليهم وكن مع هؤلاء (ولا تعدو عيناك عنهم) عنهم حرف تجاوز، ومجاوزة (لا تعدو عيناك عنهم) بمعنى لا تصرف عينيك عنهم إلى غيرهم. إذن أمره بصبر النفس وأمره ألا يصرف نظره عنهم، وألا يصرف بصره عن النظر إليهم، وكما قلت إن هذا هو الصبر على الطاعة وهو أعلى مراتب الصبر، وأعطانا الله ضابطين هنا:
الضابط الأول: أن نجاهد أنفسنا في أن تصبر على طاعة الله تبارك وتعالى فتؤديها كما ينبغي، وألا ينشغل نظرنا، وألا تنشغل عينانا عن التفكر والتدبر في تنفيذ طاعة الله تبارك وتعالى لأن العينين لو انشغلت بالداخل و الخارج لن تستطيع أن تؤدي الطاعة كما ينبغي.
و لذلك في أحد المساجد كان بعض المأمومين إذا وقف للصلاة، كان يصلي ووجهه للباب مباشرة الذي على الشارع الذي يمر منه الناس فكنت أتأمل فأجده منشغلا ويكاد ينفعل حركيا مع الذي يسير في الشارع، والذي يحدث في الشارع، ويكاد يترك الصلاة ويخرج لكي ينظر، فيه طفل يمسك بطفل آخر، أو غير ذلك، ولذلك لو ربطنا هذا بأن مريم عليها السلام - وأنا أكرر هذا كثيرا - (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) تخيرت مكانا، وتخيرت مكانا بعيدا عن أهلها حتى تستطيع أن تكون لله خاشعة وتستطيع ان تحضر قلبها.
يعني إذا صليت والتلفزيون -مثلا- أو صليتي والتلفزيون يعمل أو الأولاد يلعبون بالتأكيد ستنشغل وستنشغلين. إذن (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم) خليكوا فاكرين يعني ولا تبعد عينيك عنه، ولا تصرف عينيك عنه، لا تنشغل بغيره. طيب يا رب الذي لا يصبر نفسه في سبيل الطاعة وفي سبيل مرضاتك ولا يجعل نظره غير منشغل بغير طاعتك ما تفسيره هذا؟ ليس له إلا أنه يريد زينة الحياة الدنيا، صحيح الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن لا بد أن نوقعه على حالنا يعني الذين يعبدون الله بإخلاص وبخشوع وبخضوع يقابلهم المنشغلون عن طاعة الله، إنما هم منشغلون بأمور الدنيا فهم يريدون زينة الحياة الدنيا. وأريدكم أن تنقلوا هذا إلى الواقع لكل واحد منا، يعني معلم أو معلمة لتحفيظ القرآن، هؤلاء الذين يحفظون القرآن، فيه دليل على قوة علاقتهم بالله وإيمانهم بالله فاصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم، وكما قلت سابقا يعني لا تنفر أحدا من حفظ كلام الله، ولا تقل لأحد أنت غير صالح للحفظ، لا، الناس يعني مداركهم تتفاوت فليس الكل سواء في الإدراك، لأن يحفظ حزبا واحدا أو جزءا واحدا أليس بأفضل من كونه لا يحفظ؟ لأن تصحح له الفاتحة والمعوذات والسور القصيرة التي يستطيع أن يصلي بها أفضل من أن تبعده عن هذا المجال فأنت اصبر نفسك معهم ولا تعد عيناك عنهم.
ثم انتقل الله بعد ذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا و اتبع هواه وكان أمره فرطا) نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم وعباد الله المؤمنين ألا يطيعوا من أغفل الله قلبه عن ذكره. إغفال القلب إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ يعني إذا كان الله قد أغفل القلب فما ذنب صاحبه؟ لا، هو بداية الذي غفل عن الله، وغفل عن طاعة الله فكانت عقوبته أن عاقبه الله تبارك وتعالى بأن أغفله عن ذكره، يعني هو غفل عن الله فأغفله الله عن ذكره. ولذلك في قوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه) لها معنيان:
● أغفلنا قلبه يعني وجدناه غافلا فأغفلناه.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى أرسل دلائل الهداية والإرشاد للناس جميعا وليست لفئة دون فئة، فمن أخذ بهداية الدلالة والإرشاد وفقه الله لهداية التوفيق والمعونة، ومن ضل أضله الله تبارك وتعالى. فالله تبارك وتعالى يبين أن هذا الإنسان هو الذي غفل عن الله أولا فأغفل الله قلبه عن ذكره. هذا معنى (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا) و لذلك كان العطف في قوله (واتبع هواه) بالواو دون الفاء، لأن العطف بالفاء سيوهم معنى فاسدا، إنما العطف بالواو، الواو تفيد مطلق الجمع ومعنى (أغفلنا قلبه) يعني وجدناه غافلا وبما أنه غافل فهو متبع هواه، لكن لو كان العطف بالفاء لجعلت فاتبع هواه مترتبة على إغفال الله قلب هذا الإنسان فيكون المعنى فاسدا. لأنه سيكون أن الله هو الذي أغفل قلبه فترتب على ذلك أو فتسبب عن ذلك اتبع هواه، ولذلك لم يكن العطف هنا بالفاء، حتى لا تفيد هذا المعنى. واضح.
إذا يعني هذا الإنسان غفل قلبه عن الله لأنه في الأصل متبع هواه ولأن أمره فرطا في الأصل، بمعنى أن الله تبارك وتعالى عندما أسند الإغفال إلى ذاته العلية وقال (ولا تطع من أغفلنا قلبه) ولو كان العطف بالفاء في (فاتبع هواه) لكان معنى ذلك أن اتباع هواه تفرع ونشأ عن إغفال الله قلب هذا الإنسان، فربما يُفهم أنه لم يتبع هواه إلا بسبب إغفال قلبه، إنما أراد الله أن يقول لا، هو متبع هواه في الأصل فغفل عن الله وغفل عن الإيمان بالله فأغفل الله قلبه عن ذكر الله.
(وكان أمره فرطا) (أمره) يعني كل أمور حياته يعيش كالحيوان يأكل و يشرب و ينام ويمارس شهواته، ويمارس رغباته. هذه (وكان أمره فرطا) جمع بين الإفراط والتفريط فتجاوز الحد في بعده عن الله تبارك وتعالى. وبذلك غفل قلبه عن الله، فأغفله الله. (وكان أمره فرطا) بمعنى أمره تجاوز الحد في البعد عن الله، تجاوز الحد في غفلته عن الله، فهو يترك الأمور كما تأتي.
ولذلك إذا طبقنا هذا على الواقع نقول إن في الواقع من المؤمنين من هو متصف بشيء من هذا، وكل أمر، أو وكل صفة يذكرها الله في الكافرين أو في المشركين، أو في الظالمين.. إلى آخره يريد منها دلالتين اثنتين:
● أن يبين أن هذا الذي كفر وهو الذي اتبع هواه، وهو الذي غفل عن الله ولم يأخذ بأسباب هداية الدلالة والإرشاد، فأغفله الله، وأضله الله كما قال (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم) فكان عقاب له لأنه هو الذي غفل وكان أمره فرطا واستمر على ذلك.
لو أردنا أن نطبق (وكان أمره فرطا) على بعض الناس في هذا الزمان نجد أن هناك من الناس من لا يفكر في الحلال أو في الحرام قبل اتخاذ أي خطوة، يعني لا يأتي في باله هذا حلال أم حرام، ولا يفكر، حتى إنه لا يؤدي الطاعات بإنتظار لها، وترقب واستعداد و ترتيب ونية مسبقة، إنما قد يؤديها لمجرد أنه سمع الأذان دخل يصلي، لكن كم من آذان فات، وكم من صلاة فاتت ولم يصلي، هذا يُعد أن فيه فُرط في حياته. المؤمن معه ترمومتر مراقبة الله تبارك وتعالى، والحلال والحرام يتحرى هذا ويتحرى ذاك، إنما يعيش كالحيوان ويأكل ويشرب فقط.
وقلت سابقا إن الله تبارك وتعالى جمع بين النفس المؤمنة والنفس الكافرة في موقف واحد وفي حكم واحد. اقرأوا قول الله تعالى -وقلتها مرارا وأكررها حتى تحفظوها- (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها) (بعض آيات ربك) علامات الساعة الكبرى أو الاحتضار وبلوغ الروح الحلقوم. فإذا جاء هذا الوقت قال الله (لا ينفع نفسا إيمانها) لكنه فصّل بعد ذلك وبين أن هذه النفس تشمل نوعين إثنين: النوع الأول: لم تكن آمنت من قبل. إنسان كان كافرا ويأتي في هذه اللحظة عندما تبلغ الروح الحلقوم ويؤمن. الله يقول له لم يعد لك إيمان خلاص أُغلق الباب عليك.
النفس الثانية: هي التي تجعلنا نفكر (أو كسبت في إيمانها خيرا) هذه نفس مؤمنة إلا أنها لم تكسب الخير قط في إيمانها وهم المؤمنون إيمانا لغويا، أو إيمانا بالبطاقة، أو ولد في مجتمع مؤمن، أو أسرته مؤمنة لكنه لم يكسب الخير قط، لم يركع لله ركعة، ولم يفعل خيرا قط ابتغاء وجه الله، جمعه الله مع النفس التي لم تكن آمنت من قبل.
وأيضا لو أردنا أن نطبق ذلك على أرض الواقع لقلنا هناك أناس كثيرين فعلا موجودون في مجتمعات مؤمنة ولكنهم لا يكسبون الخير قط، هؤلاء هم مهمتنا، ينبغي أن نأخذ بيد هؤلاء ولا أقول لا تدعوهم، لا، إنما لا تعمل عليه داعية، لأنك أنت لو عملت أنك داعية سيستهزئ بك وسيبتعد عن الطاعة والعبادة، لكن أنت تتحايل عليه حتى يستجيب لك، و حتى تستطيع أن تأخذ بيديه حتى ينجيه الله تبارك وتعالى، ويكتب الله لك أجره. إذن هناك أناس كثيرين فيهم بعض من صفات الكافرين والمكذبين والضالين والله يذكرها حتى يُحذر المؤمن من أن يكون قلبه فيه غفلة، أو من أن يكون متبعا هواه، أو من كون أن يكون أمره فرطا.
ورب العباد لما ذكر لنا سؤال أصحاب اليمين لأهل سقر للكافرين (ما سلككم في سقر) ماذا قالوا؟ (قالوا لم نك من المصلين) هل هم مطالبون بأن يكونوا من المصلين؟ هم ليسوا مطالبين وهذه رسالة لنا احذر أن تكون فيك صفة من هذه الصفات، إحذر من أن تكون فيك صفة من صفات النفاق، من أن تكون فيك صفة من صفات الكفر، من أن تكون فيك صفة من صفات الشرك.
فالمؤمن ينبغي أن يحرر أموره كلها لتكون خالصة لله تبارك وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجعلني وإياكم من المخلِصين المخلَصين، وأن يبارك لي ولكم في وقتنا ووقتكم، وأن يجعلني الله وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم أهل الله وخاصته .... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدرس السادس والعشرون / | تفسير سورة الفاتحة -3-
تفسير سورة الفاتحة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد:
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "(مالك يوم الدين) المالك هو من اتصف بصفة المُلك التي من آثارها انه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بممالكه بجميع أنواع التصرفات، وأضاف المُلك ليوم الدين وهو يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تماما الظهور تمام ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، راجون ثوابه، خائفون من عقابه فلذلك خصّه بالذكر، وإلا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الأيام"
🎤 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: قال رحمه الله تعالى: "(مالك يوم الدين)" قبل هذه الآية آية لم يذكر الشيخ رحمه الله شيء في تفسيرها، واهي الآية التي قبل هذه الآية (الرحمن الرحيم)، (الحمد لله رب العالمين* الرحمن الرحيم) اكتفاء بتفسيره لها في البسملة، وهذا تفسير للفاتحة فالأولى ألا يُترك شيء لأن حتى من طريقة الشيخ إذا تكررت آية في القرآن أعاد تفسيرها ولو بشيء من الاختصار، ولهذا الأولى أن يثبت هنا (الرحمن الرحيم) وأقل تقديرا أن يُقال: وقد تقدم تفسيرها، أو يُشار إلى معنى مختصر ولا يُفصل اكتفاء بما تقدم. هذا هو الأولى والله تعالي أعلم. ولا سيما أن المعنى، معنى الاسم بعد (الحمد لله رب العالمين) وقبل (مالك يوم الدين) فيه هدايات ربما يأتي الإشارة إلى شيء منها.
قال: (مالك يوم الدين) المالك هو من اتصف بصفة الملك، وهنا أضيف الملك إلى يوم الدين (مالك يوم الدين) والله عز وجل مالك يوم الدين ومالكٌ الدنيا وما فيها ومالك لكل شيء، لكن هذا التخصيص له معنى (مالك يوم الدين) وفي تنبيه أيضا على أمر عظيم، والدِّين هو يوم الحساب، الدين الجزاء، ومن أسماء ربنا تبارك وتعالى الديّان، يقول جل وعلا كما في حديث عبد الله بن أنيس (يقول الله جل وعلا انا الملك، أن الديّان) لاحظ (مالك يوم الدين) يقول أنا الملك أنا الديّان، والديّان معناه المجازي المحاسب، يجازي عباده ويحاسبهم على أعمالهم، كما قال الله جل وعلا (ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) وفي ذلك اليوم يظهر هذا الملك العظيم لكل الخلائق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجر (ما لك يوم الدين)، وهذا أيضا فيها تنبيه على التخويف من ذلك اليوم (مالك يوم الدين) يقول الله جل وعلا في سورة الانفطار (وما أدراك ما يوم الدين* ثم ما أدراك ما يوم الدين* يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) هذا يُحرك خوف من ذلك اليوم، ويُولد أيضا استعداد لذلك اليوم العظيم، قال: "المالك هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ومن ذلك ما جاء في قوله سبحانه وتعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير* تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) هذا كله من المعاني المرتبطة بالملك، فالمالك هو الذي يأمر وينهى، يثيب ويعاقب، يتصرف كيفما شاء، يحي ويميت، يُعز ويُذل، يرزق من يشاء، يعزمن يشاء، يذل من يشاء، الملك ملكه سبحانه وتعالى، والخلق عبيده طوع تدبيره سبحانه وتعالى.
قال: "وأضاف الملك ليوم الدين" هذا من أسماء يوم القيامة، القيامة لها أسماء كثيرة، جاء كثير منها في القرآن مثل: القيامة، واليوم الآخر، ويوم التغابن، ويوم التناد، أسماء كثيرة منها يوم الدين، فتكون سورة الفاتحة مما اشتملت عليه الإيمان بهذا الأصل العظيم من أصول الإيمان، والركن العظيم من أركان الإيمان الذي هو الإيمان باليوم الآخر، يوم الجزاء والحساب (يوم الدين) يعني يوم الجزاء والحساب الذي هو اليوم الآخر.
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "(مالك يوم الدين) المالك هو من اتصف بصفة المُلك التي من آثارها انه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بممالكه بجميع أنواع التصرفات، وأضاف المُلك ليوم الدين وهو يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تماما الظهور تمام ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، راجون ثوابه، خائفون من عقابه فلذلك خصّه بالذكر، وإلا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الأيام"
🎤 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: قال رحمه الله تعالى: "(مالك يوم الدين)" قبل هذه الآية آية لم يذكر الشيخ رحمه الله شيء في تفسيرها، واهي الآية التي قبل هذه الآية (الرحمن الرحيم)، (الحمد لله رب العالمين* الرحمن الرحيم) اكتفاء بتفسيره لها في البسملة، وهذا تفسير للفاتحة فالأولى ألا يُترك شيء لأن حتى من طريقة الشيخ إذا تكررت آية في القرآن أعاد تفسيرها ولو بشيء من الاختصار، ولهذا الأولى أن يثبت هنا (الرحمن الرحيم) وأقل تقديرا أن يُقال: وقد تقدم تفسيرها، أو يُشار إلى معنى مختصر ولا يُفصل اكتفاء بما تقدم. هذا هو الأولى والله تعالي أعلم. ولا سيما أن المعنى، معنى الاسم بعد (الحمد لله رب العالمين) وقبل (مالك يوم الدين) فيه هدايات ربما يأتي الإشارة إلى شيء منها.
قال: (مالك يوم الدين) المالك هو من اتصف بصفة الملك، وهنا أضيف الملك إلى يوم الدين (مالك يوم الدين) والله عز وجل مالك يوم الدين ومالكٌ الدنيا وما فيها ومالك لكل شيء، لكن هذا التخصيص له معنى (مالك يوم الدين) وفي تنبيه أيضا على أمر عظيم، والدِّين هو يوم الحساب، الدين الجزاء، ومن أسماء ربنا تبارك وتعالى الديّان، يقول جل وعلا كما في حديث عبد الله بن أنيس (يقول الله جل وعلا انا الملك، أن الديّان) لاحظ (مالك يوم الدين) يقول أنا الملك أنا الديّان، والديّان معناه المجازي المحاسب، يجازي عباده ويحاسبهم على أعمالهم، كما قال الله جل وعلا (ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) وفي ذلك اليوم يظهر هذا الملك العظيم لكل الخلائق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجر (ما لك يوم الدين)، وهذا أيضا فيها تنبيه على التخويف من ذلك اليوم (مالك يوم الدين) يقول الله جل وعلا في سورة الانفطار (وما أدراك ما يوم الدين* ثم ما أدراك ما يوم الدين* يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) هذا يُحرك خوف من ذلك اليوم، ويُولد أيضا استعداد لذلك اليوم العظيم، قال: "المالك هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ومن ذلك ما جاء في قوله سبحانه وتعالى (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير* تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) هذا كله من المعاني المرتبطة بالملك، فالمالك هو الذي يأمر وينهى، يثيب ويعاقب، يتصرف كيفما شاء، يحي ويميت، يُعز ويُذل، يرزق من يشاء، يعزمن يشاء، يذل من يشاء، الملك ملكه سبحانه وتعالى، والخلق عبيده طوع تدبيره سبحانه وتعالى.
قال: "وأضاف الملك ليوم الدين" هذا من أسماء يوم القيامة، القيامة لها أسماء كثيرة، جاء كثير منها في القرآن مثل: القيامة، واليوم الآخر، ويوم التغابن، ويوم التناد، أسماء كثيرة منها يوم الدين، فتكون سورة الفاتحة مما اشتملت عليه الإيمان بهذا الأصل العظيم من أصول الإيمان، والركن العظيم من أركان الإيمان الذي هو الإيمان باليوم الآخر، يوم الجزاء والحساب (يوم الدين) يعني يوم الجزاء والحساب الذي هو اليوم الآخر.
أضاف المُلك ليوم الدين قال: "وهو يوم القيامة" يسمى يوم القيامة لأن الناس يقومون (يوم يقوم الناس لرب العالمين)، ويسمى يوم الدين لأن كل إنسان يُدان بعمله، بمعنى يجازى ويحاسب على على عمله، ويسمى يوم التناد لأن يكون فيه التناد مثل ما في الآيات التي في سورة الأعراف (ونادى أصحاب الجنة)، (ونادى أصحاب الأعراف)، (ونادى أصحاب النار)، هذا كله من التناد، (ويوم يناديهم)
قال: "وهو يوم القيامة يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها" مثل ما قال الله جل وعلا في سورة النجم (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى)، مثل ما قال الله جل وعلا (لتجزى كل نفس بما تسعى) أي بما قدمت من أعمال. قال: "لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور" يعني هذا وجه التخصيص، تخصيص المُلك بيوم الدين مع أنه المالك لكل شيء سبحانه وتعالى، لكن التخصيص لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور، كل الخلق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، يظهر لهم ذلك، وفي ذلك اليوم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ ويقول جل وعلا: (أنا الملك أنا الديان)، قال: "لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه، وكمال عدله، وكمان حكمته" وانقطاع أملاك الخلائق، ولهذا مهما كان عند المرء في هذه الدنيا من ملك ومن مال فإنه يأتي يوم القيامة وليس معه شيء من الدنيا مثلما جاء في حديث عبد الله بن أنيس قال: قال صلى الله عليه وسلم: (يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة بُهما، قالوا: وما بهما يا رسول الله؟ قال أي ليس معهم من الدنيا شيء، فيناديهم الله جل وعلا بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قرُب أنا الملك، أنا الديّان لا ينبغي - يقول الله جل وعلا- لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقتصها منه، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عليه مظلمة حتى أقتصها منه، قال حتى اللطمة، قالوا يا رسول الله وكيف ذاك وهم إنما جاءوا بُهما - وعرفوا معنى بهما يعني ليس معهم شيء- قال بالحسنات والسيئات) القصاص ليس بالدرهم والدينار، الدراهم والدنانير والأموال انتهت في الدنيا لا يكون مع الإنسان منها شيء مهما كانت، بم القصاص؟ قال بالحسنات و السيئات، قوله (بالحسنات والسيئات) هذا يفسره حديث المفلس (تدرون من المفلس) -الحديث المعروف في صحيح مسلم.
قال: "وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار" يقفون موقف متساوي حفاة كلهم، عرات كلهم، يقفون في موقف واحد على أرض مستوية لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، يقفون في يوم مقداره خمسين ألف سنة، انتظار المجيء، مجيء الرب للفصل بين العباد، والقضاء بين الناس (وجاء ربك والملك صفا صفا* وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى* يقول يا ليتني قدمت لحياتي) يدرك ذاك الحين أن الحياة الحقيقية، الحياة الكاملة هي هذه (يا ليتني قدمت لحياتي)، قال: "كلهم" يعني الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار، الصغار والكبار، والذكور والإناث، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته كما قال في سورة طه (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما* ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاتهم لأنهم في ذاك الموقف ينتظرون، ولهذا الخلائق كلهم يفزعون إلى الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا لهم عند الله في أن يبدأ في الفصل بين العباد، هذا معنى قوله "منتظرون لمجازاته" أي لمجيئه لمجزاة العباد (فهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة). قال: "منتظرون لمجازاته راجون ثوابه، خائفون من عقابه"، قال: "فلذلك خُصّ بالذكر، ما معنى خُصّ بالذكر؟ قال: "يوم الدين (مالك يوم الدين) فلذلك خُصّ بالذكر وإلا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الأيام".
وقوله: (مالك يوم الدين) قرئ (مالك يوم الدين) وقرئ (ملك يوم الدين) وكلاهما قراءة عشرية (مالك يوم الدين) وقرئ (ملك يوم الدين) بحذف الألف.
وقيل إن (ملك) أعم وأبلغ من (مالك)، قالوا فكل ملِك مالك وليس كل مالك ملِك. وهذا قيل في الفرق بين الاسمين المالك والملِك. وذكر ابن عطية في تفسيره وغيره" أن هذا ليس بلازم، والملك والمالك وكذلك المليك في قوله (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) كلها تدل على اتصاف الله بصفة الملك سبحانه وتعالى. نعم
قال: "وهو يوم القيامة يوم يدان الناس فيه بأعمالهم خيرها وشرها" مثل ما قال الله جل وعلا في سورة النجم (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى)، مثل ما قال الله جل وعلا (لتجزى كل نفس بما تسعى) أي بما قدمت من أعمال. قال: "لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور" يعني هذا وجه التخصيص، تخصيص المُلك بيوم الدين مع أنه المالك لكل شيء سبحانه وتعالى، لكن التخصيص لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور، كل الخلق مسلمهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، يظهر لهم ذلك، وفي ذلك اليوم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض؟ ويقول جل وعلا: (أنا الملك أنا الديان)، قال: "لأن في ذلك اليوم يظهر للخلق تمام الظهور كمال ملكه، وكمال عدله، وكمان حكمته" وانقطاع أملاك الخلائق، ولهذا مهما كان عند المرء في هذه الدنيا من ملك ومن مال فإنه يأتي يوم القيامة وليس معه شيء من الدنيا مثلما جاء في حديث عبد الله بن أنيس قال: قال صلى الله عليه وسلم: (يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة بُهما، قالوا: وما بهما يا رسول الله؟ قال أي ليس معهم من الدنيا شيء، فيناديهم الله جل وعلا بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قرُب أنا الملك، أنا الديّان لا ينبغي - يقول الله جل وعلا- لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عليه مظلمة حتى أقتصها منه، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عليه مظلمة حتى أقتصها منه، قال حتى اللطمة، قالوا يا رسول الله وكيف ذاك وهم إنما جاءوا بُهما - وعرفوا معنى بهما يعني ليس معهم شيء- قال بالحسنات والسيئات) القصاص ليس بالدرهم والدينار، الدراهم والدنانير والأموال انتهت في الدنيا لا يكون مع الإنسان منها شيء مهما كانت، بم القصاص؟ قال بالحسنات و السيئات، قوله (بالحسنات والسيئات) هذا يفسره حديث المفلس (تدرون من المفلس) -الحديث المعروف في صحيح مسلم.
قال: "وانقطاع أملاك الخلائق حتى إنه يستوي في ذلك اليوم الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار" يقفون موقف متساوي حفاة كلهم، عرات كلهم، يقفون في موقف واحد على أرض مستوية لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، يقفون في يوم مقداره خمسين ألف سنة، انتظار المجيء، مجيء الرب للفصل بين العباد، والقضاء بين الناس (وجاء ربك والملك صفا صفا* وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى* يقول يا ليتني قدمت لحياتي) يدرك ذاك الحين أن الحياة الحقيقية، الحياة الكاملة هي هذه (يا ليتني قدمت لحياتي)، قال: "كلهم" يعني الملوك والرعايا، والعبيد والأحرار، الصغار والكبار، والذكور والإناث، كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته كما قال في سورة طه (وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما* ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما) كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاتهم لأنهم في ذاك الموقف ينتظرون، ولهذا الخلائق كلهم يفزعون إلى الأنبياء يطلبون منهم أن يشفعوا لهم عند الله في أن يبدأ في الفصل بين العباد، هذا معنى قوله "منتظرون لمجازاته" أي لمجيئه لمجزاة العباد (فهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة). قال: "منتظرون لمجازاته راجون ثوابه، خائفون من عقابه"، قال: "فلذلك خُصّ بالذكر، ما معنى خُصّ بالذكر؟ قال: "يوم الدين (مالك يوم الدين) فلذلك خُصّ بالذكر وإلا فهو المالك ليوم الدين وغيره من الأيام".
وقوله: (مالك يوم الدين) قرئ (مالك يوم الدين) وقرئ (ملك يوم الدين) وكلاهما قراءة عشرية (مالك يوم الدين) وقرئ (ملك يوم الدين) بحذف الألف.
وقيل إن (ملك) أعم وأبلغ من (مالك)، قالوا فكل ملِك مالك وليس كل مالك ملِك. وهذا قيل في الفرق بين الاسمين المالك والملِك. وذكر ابن عطية في تفسيره وغيره" أن هذا ليس بلازم، والملك والمالك وكذلك المليك في قوله (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) كلها تدل على اتصاف الله بصفة الملك سبحانه وتعالى. نعم
📖 قال رحمه الله: "وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) أي نخصّك وحدك بالعبادة، والاستعانة لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بغيرك، وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده، والعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة،والاستعانة هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار مع الثقة به في تحصيل ذلك، والقيام بعبادة الله تعالى والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصود بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيه لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى، فإنه إن لم يُعنه الله عز وجل لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي".
🎤 ثم ذكر ما يتعلق بتفسير قول الله جل وعلا (إياك نعبد وإياك نستعين)
(إياك نعبد وإياك نستعين) هذه آية جاءت في الوسط تماما، لأن عرفنا أن الفاتحة سبع آيات كما قال سبحانه (ولقد أتيناك سبعا من المثاني) السبع المثاني آياتها سبع فجاءت هذه في المنتصف، ما معنى في المنتصف؟ يعني في الوسط، يعني قبلها ثلاث آيات وبعدها ثلاث آيات، وعرفنا على الصحيح من كلام أهل العلم أن البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) ليست آية من سورة الفاتحة وإنما آية مستقلة نزلت للفصل بين السور، وثبت في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) إذن هي آية مستقلة للفصل بين السور، فهي آية لابتداء السور نزلت للفصل بين السور بعضها من بعض، والأدلة على هذا واضحة، ومن الأدلة ما تقدم في الحديث الذي تقدم، الحديث القدسي الذي يقول الله عز وجل فيه (قسمت الصلاة - يعني الفاتحة المقصود بالصلاة الفاتحة - قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال..) الآن، إذا تسمع قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، يعني قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي نصفين. كم آيات الفاتحة؟ سبع، القسمة كيف تكون؟ ثلاث ونصف للرب، وثلاث ونصف للعبد، (قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين) بدأ هكذا (قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين) لو كانت البسملة آية من الفاتحة كيف يكون الحديث؟ نعم، فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله، لكن الحديث القدسي هكذا (قال الله عز وجل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين)، مثله تماما ما مر معنا حديث أبي سعيد ابن المعلى لما قال له النبي عليه الصلاة والسلام لأخبركن بأعظم سورة في القرآن) ثم لما أراد أن يخرج المسجد أخبره، ماذا قال لنا؟ (الحمد لله رب العالمين) لو كان بدايتها بسم الله الرحمن الرحيم، قال بسم الله الرحمن الرحيم، هذه بدايتها لو كانت البسملة أول آية في سورة الفاتحة، فالصحيح أنها آية مستقلة، وعندما تُرقم الفاتحة يعطى الرقم الأول لقوله (الحمد لله رب العالمين)، رقم واحد (الحمد لله رب العالمين) هذه الآية الأولى، قال: (إذا قال (الحمد لله رب العالمين) قال الله حمدني عبدي، إذا قال (الرحمن الرحيم) قال الله أثنى علي عبدي، إذا قال (مالك يوم الدين) قال الله مجدني عبدي، فإذا قال العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي - هذه الآية في الوسط - قال هذا بيني وبين عبدي، فإذا قال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
(اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم* غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هذه كم آية؟ ثلاث، ثلاث من عدّ البسملة آية من الفاتحة عدّهذه آيتين (اهدنا الصراط المستقيم) آية (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) آية، وألفاظ آيات الفاتحة متقاربة، متقاربة في ألفاظها، عددها، حجم الآية، فيه تقارب، لكن على جعل البسملة آية من الفاتحة تكون الآية الأخيرة طويلة أطول من بقية الآيات، فقوله (اهدنا الصراط المستقيم) إلى تمام السورة هذه ثلاث آيات، (اهدنا الصراط المستقيم) آية، (صراط الذين أنعمت عليهم) آية، (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) آية، هذه ثلاث آيات للعبد، وقبل (إياك نعبد وإياك نستعين) ثلاث آيات للرب، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) هذه الآية التي في الوسط هذه مقسومة أولها للرب وآخرها للعبد، (إياك نعبد) هذا للرب، (وإياك نستعين) هذا طلب، طلب من العبد أن يعينه الله ولهذا قالوا العبادة غاية والاستعانة وسيلة، وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) أي نخصّك وحدك بالعبادة والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، ما معنى الحصر؟ قال إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. الحكم المذكور نعبدك، نستعين بك، إثبات هذا الحكم، ونفي ما عداه، أي ولا نعبد غيرك، ولا نستعين بغيرك، فتفيد (إياك نعبد) نفي وإثبات، إثبات الحكم للمذكور ونفي ماعداه، (إياك نعبد) تفيد نفي وإثبات، والتوحيد ما هو؟ نفي وإثبات، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، و(إياك نعبد) هي تحقيق لـ لا إله إلا الله، و(إياك نستعين) هي تحقيق لـ لا حول ولا قوة إلا بالله، (إياك نعبد) تبرؤ من الشرك، و(إياك نستعين) تبرؤ من الحول والقوة، (إياك نعبد) تبرؤ من الشرك، (إياك نعبد) أي نعبدك ولا نعبد غيرك، لا نتخذ معك شريكا ولا ندا، و(إياك نستعين) تبرؤ من الحول والقوة، لا حول ولا قوة لي إلا بك يا الله، بك أستعين أي وحدك. قال: "لأن تقديم المعمول يفيد الحصر" كيف تقديم المعمول؟
🎤 ثم ذكر ما يتعلق بتفسير قول الله جل وعلا (إياك نعبد وإياك نستعين)
(إياك نعبد وإياك نستعين) هذه آية جاءت في الوسط تماما، لأن عرفنا أن الفاتحة سبع آيات كما قال سبحانه (ولقد أتيناك سبعا من المثاني) السبع المثاني آياتها سبع فجاءت هذه في المنتصف، ما معنى في المنتصف؟ يعني في الوسط، يعني قبلها ثلاث آيات وبعدها ثلاث آيات، وعرفنا على الصحيح من كلام أهل العلم أن البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) ليست آية من سورة الفاتحة وإنما آية مستقلة نزلت للفصل بين السور، وثبت في سنن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (بسم الله الرحمن الرحيم) إذن هي آية مستقلة للفصل بين السور، فهي آية لابتداء السور نزلت للفصل بين السور بعضها من بعض، والأدلة على هذا واضحة، ومن الأدلة ما تقدم في الحديث الذي تقدم، الحديث القدسي الذي يقول الله عز وجل فيه (قسمت الصلاة - يعني الفاتحة المقصود بالصلاة الفاتحة - قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال..) الآن، إذا تسمع قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، يعني قسمت الفاتحة بيني وبين عبدي نصفين. كم آيات الفاتحة؟ سبع، القسمة كيف تكون؟ ثلاث ونصف للرب، وثلاث ونصف للعبد، (قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين) بدأ هكذا (قال فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين) لو كانت البسملة آية من الفاتحة كيف يكون الحديث؟ نعم، فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله، لكن الحديث القدسي هكذا (قال الله عز وجل فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين)، مثله تماما ما مر معنا حديث أبي سعيد ابن المعلى لما قال له النبي عليه الصلاة والسلام لأخبركن بأعظم سورة في القرآن) ثم لما أراد أن يخرج المسجد أخبره، ماذا قال لنا؟ (الحمد لله رب العالمين) لو كان بدايتها بسم الله الرحمن الرحيم، قال بسم الله الرحمن الرحيم، هذه بدايتها لو كانت البسملة أول آية في سورة الفاتحة، فالصحيح أنها آية مستقلة، وعندما تُرقم الفاتحة يعطى الرقم الأول لقوله (الحمد لله رب العالمين)، رقم واحد (الحمد لله رب العالمين) هذه الآية الأولى، قال: (إذا قال (الحمد لله رب العالمين) قال الله حمدني عبدي، إذا قال (الرحمن الرحيم) قال الله أثنى علي عبدي، إذا قال (مالك يوم الدين) قال الله مجدني عبدي، فإذا قال العبد (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي - هذه الآية في الوسط - قال هذا بيني وبين عبدي، فإذا قال (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
(اهدنا الصراط المستقيم* صراط الذين أنعمت عليهم* غير المغضوب عليهم ولا الضالين) هذه كم آية؟ ثلاث، ثلاث من عدّ البسملة آية من الفاتحة عدّهذه آيتين (اهدنا الصراط المستقيم) آية (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) آية، وألفاظ آيات الفاتحة متقاربة، متقاربة في ألفاظها، عددها، حجم الآية، فيه تقارب، لكن على جعل البسملة آية من الفاتحة تكون الآية الأخيرة طويلة أطول من بقية الآيات، فقوله (اهدنا الصراط المستقيم) إلى تمام السورة هذه ثلاث آيات، (اهدنا الصراط المستقيم) آية، (صراط الذين أنعمت عليهم) آية، (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) آية، هذه ثلاث آيات للعبد، وقبل (إياك نعبد وإياك نستعين) ثلاث آيات للرب، وقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) هذه الآية التي في الوسط هذه مقسومة أولها للرب وآخرها للعبد، (إياك نعبد) هذا للرب، (وإياك نستعين) هذا طلب، طلب من العبد أن يعينه الله ولهذا قالوا العبادة غاية والاستعانة وسيلة، وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) أي نخصّك وحدك بالعبادة والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، ما معنى الحصر؟ قال إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. الحكم المذكور نعبدك، نستعين بك، إثبات هذا الحكم، ونفي ما عداه، أي ولا نعبد غيرك، ولا نستعين بغيرك، فتفيد (إياك نعبد) نفي وإثبات، إثبات الحكم للمذكور ونفي ماعداه، (إياك نعبد) تفيد نفي وإثبات، والتوحيد ما هو؟ نفي وإثبات، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، و(إياك نعبد) هي تحقيق لـ لا إله إلا الله، و(إياك نستعين) هي تحقيق لـ لا حول ولا قوة إلا بالله، (إياك نعبد) تبرؤ من الشرك، و(إياك نستعين) تبرؤ من الحول والقوة، (إياك نعبد) تبرؤ من الشرك، (إياك نعبد) أي نعبدك ولا نعبد غيرك، لا نتخذ معك شريكا ولا ندا، و(إياك نستعين) تبرؤ من الحول والقوة، لا حول ولا قوة لي إلا بك يا الله، بك أستعين أي وحدك. قال: "لأن تقديم المعمول يفيد الحصر" كيف تقديم المعمول؟
أصل الجملة نعبدك، (نعبد) هذا فعل مضارع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن، والكاف كاف الخطاب المفعول، نعبدك ياالله، فقُدم المعمول على العامل فصارت الجملة (إياك نعبد) فأفادت بهذه الطريقة، بهذا التقديم أفادت الحصر، حصر العبادة بالله عز وجل وحده، ومثلها (وإياك نستعين) هذا من أساليب الحصر، قال: "لأن تقديم المعمول يفيد الحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه" فكأنه يقول نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بغيرك. فإذا (إياك نعبد) تفيد ماذا؟ النفي والإثبات، و(إياك نستعين) تفيد النفي والإثبات، قال: "نعبدك ولا نعبد غيرك، ونستعين بك ولا نستعين بغيرك، وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص" تقديم العام على الخاص: الآن الاستعانة بالله ودعاء الله والتوكل على الله، تفويض الأمور إلى الله، هذه الأعمال أليست من العبادة؟ هي عبادة لله، هذه من العبادة فيكون قوله (إياك نعبد) عام، و(إياك نستعين) خاص، الذي هو عبادة الله بالاستعانة به وحده. فهذا من تقديم العبادة، وتقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص، هذا أمر.
أمر آخر قال: "واهتمام بتقديم حقه على حق عباده" ولهذا قالوا هذا التقديم فيه الأدب مع الله سبحانه وتعالى بتقديم المعبود نعبدك على المستعان الذي هو في فعلهم طلب العون من الله، الذي هو قسم العبد، يعني قدم حق الرب على مطلوب العبد، مطلوب العبد الذي في الحديث قال (بيني وبين عبدي) لعبدي أي مطلوب للعبد، فقدم حق الرب على مطلوب العبد، قال: "والعبادة اسم جامع" (إياك نعبد) (نعبد) الآن هذه من فهمها لا بد أن يفهم معنى العبادة، ما معنى نعبد، العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، هذه العبادة. والاستعانة: هي الاعتماد على الله وتفويض الأمر إليه في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به سبحانه وتعالى. إذا حقق العبد (إياك نعبد) فإنها تطرد عن قلبه طردا قويا الرياء، وإذا حقق (إياك نستعين) تطرد عن قلبه الكِبر، لأن (إياك نستعين) لا حول لي ولا قوة ولا قدرة على شيء، يعلن العبد ضعفه وعجزه وفقره، تطرد عنه الكبر، (وإياك نستعين) يعني أبرأ من حولي، وأبرأ من قوتي لا حول لي ولا قوة إلا بك.
القلب يصيبه أدواء والفاتحة شفاء ومن أسمائها الشفاء، فيها شفا عظيم لأدواء القلوب ولكن لا يتحقق الاستشفاء بها إلا بالتدبر والعمل بالهدايات، هناك ثلاثة أدواء خطيرة جدا تصيب الناس شفاؤهم منها بهذه السورة، الرياء وما شاكله يطرده (إياك نعبد)، والكِبر وما شاكله من العجب وغير ذلك يطرده (وإياك نستعين)، والأمر الثالث ضلال القلب وزيغه وهذا يذهب بـ (اهدنا الصراط المستقيم)، وهذه الثلاث مستفادة من (إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم) لها ارتباط بالأسماء الثلاثة المذكورة في أول السورة: (الله ،الرب ، الرحمن) (الحمد لله رب العالمين)، (الرحمن الرحيم)، (إياك نعبد) تعلقها بأسماء الله، و(وإياك نستعين) تعلقها بالربوبية الذي بيده الأمر يدبر ويتصرف، و (اهدنا الصراط المستقيم) هذه الرحمة، طلب الرحمة من الله عز وجل برحمته يهديهم - سبحانه وتعالى- إلى صراطه المستقيم.
📖 قال رحمه الله: "والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام به ما، وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصود بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى، فإنه إن لم يعنه الله عز وجل لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي"
🎤 نعم، (إياك نعبد وإياك نستعين) فيها قيام بعبادة، وفيها طلب إعانة من الله عز وجل، فـ (إياك نعبد وإياك نستعين) جمعت بين عبادة وتوكل (فاعبده وتوكل عليه)، (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، (اعقلها وتوكل)، جمعت بين بذل السبب والاستعانة بالرب، عدم الاعتماد على السبب وإنما الاستعانة على فعله بالرب سبحانه وتعالى.
أمر آخر قال: "واهتمام بتقديم حقه على حق عباده" ولهذا قالوا هذا التقديم فيه الأدب مع الله سبحانه وتعالى بتقديم المعبود نعبدك على المستعان الذي هو في فعلهم طلب العون من الله، الذي هو قسم العبد، يعني قدم حق الرب على مطلوب العبد، مطلوب العبد الذي في الحديث قال (بيني وبين عبدي) لعبدي أي مطلوب للعبد، فقدم حق الرب على مطلوب العبد، قال: "والعبادة اسم جامع" (إياك نعبد) (نعبد) الآن هذه من فهمها لا بد أن يفهم معنى العبادة، ما معنى نعبد، العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، هذه العبادة. والاستعانة: هي الاعتماد على الله وتفويض الأمر إليه في جلب المنافع ودفع المضار مع الثقة به سبحانه وتعالى. إذا حقق العبد (إياك نعبد) فإنها تطرد عن قلبه طردا قويا الرياء، وإذا حقق (إياك نستعين) تطرد عن قلبه الكِبر، لأن (إياك نستعين) لا حول لي ولا قوة ولا قدرة على شيء، يعلن العبد ضعفه وعجزه وفقره، تطرد عنه الكبر، (وإياك نستعين) يعني أبرأ من حولي، وأبرأ من قوتي لا حول لي ولا قوة إلا بك.
القلب يصيبه أدواء والفاتحة شفاء ومن أسمائها الشفاء، فيها شفا عظيم لأدواء القلوب ولكن لا يتحقق الاستشفاء بها إلا بالتدبر والعمل بالهدايات، هناك ثلاثة أدواء خطيرة جدا تصيب الناس شفاؤهم منها بهذه السورة، الرياء وما شاكله يطرده (إياك نعبد)، والكِبر وما شاكله من العجب وغير ذلك يطرده (وإياك نستعين)، والأمر الثالث ضلال القلب وزيغه وهذا يذهب بـ (اهدنا الصراط المستقيم)، وهذه الثلاث مستفادة من (إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم) لها ارتباط بالأسماء الثلاثة المذكورة في أول السورة: (الله ،الرب ، الرحمن) (الحمد لله رب العالمين)، (الرحمن الرحيم)، (إياك نعبد) تعلقها بأسماء الله، و(وإياك نستعين) تعلقها بالربوبية الذي بيده الأمر يدبر ويتصرف، و (اهدنا الصراط المستقيم) هذه الرحمة، طلب الرحمة من الله عز وجل برحمته يهديهم - سبحانه وتعالى- إلى صراطه المستقيم.
📖 قال رحمه الله: "والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام به ما، وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصود بها وجه الله، فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى، فإنه إن لم يعنه الله عز وجل لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر واجتناب النواهي"
🎤 نعم، (إياك نعبد وإياك نستعين) فيها قيام بعبادة، وفيها طلب إعانة من الله عز وجل، فـ (إياك نعبد وإياك نستعين) جمعت بين عبادة وتوكل (فاعبده وتوكل عليه)، (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، (اعقلها وتوكل)، جمعت بين بذل السبب والاستعانة بالرب، عدم الاعتماد على السبب وإنما الاستعانة على فعله بالرب سبحانه وتعالى.
فقوله (إياك نعبد وإياك نستعين) تقتضي عبادته بإفراده وحده بالعبادة والتوكل عليه، وهذا هو الدين، الدين هو هذا، الدين كله هو هذا، ولهذا قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) هذه جمعت الدين كله، أن الدين إفراد الله بالعبادة، وصدق التوكل عليه جل وعلا في تحقيق هذه العبادة. يُعبد تبارك وتعالى اتباعاً للأمر، ويُستعان به وحده إيماننا بالقدر والقضاء إن الأمور بتدبير الله سبحانه وتعالى، ولهذا من هدايات السورة الإيمان بالقدر يستفاد من قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) ومن قوله (رب العالمين)، ومن قوله (اهدنا الصراط المستقيم) هذه كلها فيها إثبات الإيمان بالقدر، وأن الأمور كلها بتدبير الله، وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، الأمر أمره والخلق خلقه، والعبيد عبيده طوع تدبير وتسخيره سبحانه وتعالى.
قال: "والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور" لأن هذا هو الدين، فالدين عباده واستعانة. فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، أي بالعبادة والاستعانة.
قال: "وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله" بهذين الأمرين تكون عبادة، أي يجمع فيها بين الإخلاص والمتابعة، الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، ولا تكون عبادة إلا بذلك لأنها إن خرجت عن الإخلاص صارت شركا، وإن خرجت عن الاتباع صارت بدعا وضلالات، فلا تكون عبادة إلا بالإخلاص والاتباع، الإخلاص للمعبود والاتباع للرسول عليه الصلاة والسلام وهذا مقتضى الشهادتين شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
قال: "وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها - أي الاستعانة - فيها -أي العبادة-" وهذا يوضح كلام الشيخ فيما سبق عندما قال "تقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص" ذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها، العبادة عام يدخل فيه الاستعانة طلب العون هذا عبادة "مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عبادته إلى الاستعانة بالله فإن لم يُعنه الله لم يحصل له ما يريد من فعل الأوامر واجتناب النواهي" فجُمع في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) بين أعظم الغايات وأجلّ الوسائل، أعظم الغايات العبادة، وأجلّ الوسائل الاستعانة بالله سبحانه وتعالى. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه (يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني) هذا (إياك نستعين) (على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) هذا (إياك نعبد)، جُمع في هذا الدعاء بين ما دل عليه قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، هذا أمر عظيم جدا (إني أحبك) وهداه إلى أمر عظيم دُبر كل صلاة، إذا وفقك الله عز وجل وصليت استشعر أنك إنما صليت بعون الله لك، لولا الله ما صليت، لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا، فاستشعر أن هذه الصلاة معونة من لله لك، لا تنظر إلى نفسك وأني دقيق في وضع المنبه وأني فطن، وأني كذا.. إلى آخره، اترك هذا، أنت ما صليت إلا بعون من الله لك أمدك جل وعلا بعون منه، ويسر لك ذلك، كم من الناس منهم أشد منك فطنة وعندهم حرص وعندهم.. إلى آخره، ولا يُعان، الإعانة هذه أمر عظيم جدا، ومطلب جليل، ولا يمكن للعبد أن تحصل منه العبادة إلا إذا أعانه الله، قال: (لا تدعن دبر كل صلاة) هنا سر عندما تنتهي من صلاتك تفرغ من صلاتك تذكر أن هذا الذي حصل بمعونة الله ثم جدد طلب المعونة، حصل بمعونة الله جدد بعده طلب المعونة من الله سبحانه وتعالى (اللهم عني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) الصلاة القادمة داخلة في قولك ماذا؟ (اللهم عني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) والصلاة جامعة لهذه الأمور الثلاثة الذكر، والشكر، وحسن العبادة. جامعة لهذه الأمور الثلاثة. الحاصل: أن هذين الأمرين هما الدين كله (إياك نعبد وإياك نستعين) أعبده وتوكل عليه، هذا هو دين الله، دين الله جل وعلا وتحققه للعبد هو هذا، إفراد لله سبحانه وتعالى بالعبادة وصدق في طلب المعونة منه، مع الثقة به جلّ في علاه.
نفعنا الله أجمعين، بما علمنا، وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله وهدانا إليه صراطا مستقيما…. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا
قال: "والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية والنجاة من جميع الشرور" لأن هذا هو الدين، فالدين عباده واستعانة. فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما، أي بالعبادة والاستعانة.
قال: "وإنما تكون العبادة عبادة إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله" بهذين الأمرين تكون عبادة، أي يجمع فيها بين الإخلاص والمتابعة، الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، ولا تكون عبادة إلا بذلك لأنها إن خرجت عن الإخلاص صارت شركا، وإن خرجت عن الاتباع صارت بدعا وضلالات، فلا تكون عبادة إلا بالإخلاص والاتباع، الإخلاص للمعبود والاتباع للرسول عليه الصلاة والسلام وهذا مقتضى الشهادتين شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
قال: "وذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها - أي الاستعانة - فيها -أي العبادة-" وهذا يوضح كلام الشيخ فيما سبق عندما قال "تقديم العبادة على الاستعانة من باب تقديم العام على الخاص" ذكر الاستعانة بعد العبادة مع دخولها فيها، العبادة عام يدخل فيه الاستعانة طلب العون هذا عبادة "مع دخولها فيها لاحتياج العبد في جميع عبادته إلى الاستعانة بالله فإن لم يُعنه الله لم يحصل له ما يريد من فعل الأوامر واجتناب النواهي" فجُمع في قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) بين أعظم الغايات وأجلّ الوسائل، أعظم الغايات العبادة، وأجلّ الوسائل الاستعانة بالله سبحانه وتعالى. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه (يا معاذ إني أحبك فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني) هذا (إياك نستعين) (على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) هذا (إياك نعبد)، جُمع في هذا الدعاء بين ما دل عليه قوله (إياك نعبد وإياك نستعين) اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، هذا أمر عظيم جدا (إني أحبك) وهداه إلى أمر عظيم دُبر كل صلاة، إذا وفقك الله عز وجل وصليت استشعر أنك إنما صليت بعون الله لك، لولا الله ما صليت، لولا الله ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا، فاستشعر أن هذه الصلاة معونة من لله لك، لا تنظر إلى نفسك وأني دقيق في وضع المنبه وأني فطن، وأني كذا.. إلى آخره، اترك هذا، أنت ما صليت إلا بعون من الله لك أمدك جل وعلا بعون منه، ويسر لك ذلك، كم من الناس منهم أشد منك فطنة وعندهم حرص وعندهم.. إلى آخره، ولا يُعان، الإعانة هذه أمر عظيم جدا، ومطلب جليل، ولا يمكن للعبد أن تحصل منه العبادة إلا إذا أعانه الله، قال: (لا تدعن دبر كل صلاة) هنا سر عندما تنتهي من صلاتك تفرغ من صلاتك تذكر أن هذا الذي حصل بمعونة الله ثم جدد طلب المعونة، حصل بمعونة الله جدد بعده طلب المعونة من الله سبحانه وتعالى (اللهم عني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) الصلاة القادمة داخلة في قولك ماذا؟ (اللهم عني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) والصلاة جامعة لهذه الأمور الثلاثة الذكر، والشكر، وحسن العبادة. جامعة لهذه الأمور الثلاثة. الحاصل: أن هذين الأمرين هما الدين كله (إياك نعبد وإياك نستعين) أعبده وتوكل عليه، هذا هو دين الله، دين الله جل وعلا وتحققه للعبد هو هذا، إفراد لله سبحانه وتعالى بالعبادة وصدق في طلب المعونة منه، مع الثقة به جلّ في علاه.
نفعنا الله أجمعين، بما علمنا، وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله وهدانا إليه صراطا مستقيما…. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين، 30 ديسمبر 2024
مقاصد سورة المُلك/ أحمد السيد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين كثيرا، طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا سبحانه وتعالى ويرضى، اللهم لك الحمد، لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم صل وسلم وبارك على نبيك ورسولك محمد، نستعين بالله ونستفتح مجلسا جديدا من المجالس القرآنية المعنونة بمقاصد السور، اليوم مع سورة الملك.
وسورة الملك كما ذكر بعض المفسرين أنها في معانيها ومقاصدها تشعر أنها أكبر من حجم آياتها أو عدد آياتها، يعني سورة الملك قصيرة ثلاثون آية ولكنها من حيث المعاني والمتعلقات واسعة جدا وممتدة، فسورة الملك وأنت تقرأ في هذه السورة تشعر أنك تتنقل وتتقلب في الملكوت ابتداء من الحديث عن، أو أولا الحديث عن الله سبحانه وتعالى ثم الحديث عن ملك الله سبحانه وتعالى في السماوات والأرض، وفي العذاب والنعيم، وما إلى ذلك.سورة الملك من السور العظيمة وردت فيها أحاديث في فضلها وعظمتها ومكانتها، بعض المحدثين لا يصحح شيئا منها، وإن كان وارد حتى عن بعض الصحابة بأسانيد صحيحة أو جيدة في فضلها وذكروا أن هذا له حكم الرفع.
هذي السورة فيها مقاصد متعددة، يمكن أن تتبين للإنسان من خلال التدبر والتأمل والنظر ومطالعة كلام أهل العلم، وفي نفس الوقت هناك بعض الآيات التي لها ارتباط بسور أخرى ولها ارتباط بآيات في أماكن أخرى من القرآن فيمكن للإنسان أن يربط بين بعض المعاني في هذه السورة وبين معاني في سور أخرى، مثلا قول الله سبحانه وتعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) هذه تذكر بآيات في سور أخرى، في سورة الكهف (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) وأظهر في التطابق ما جاء في بداية سورة هود قال الله سبحانه وتعالى (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) وهنا (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) من أعظم الطرق التي تبين المقاصد القرآنية بشكل عام، وليس مقاصد السورة الواحدة أن تفسر القرآن بالقرآن وتربط بين آيات كتاب الله سبحانه وتعالى، فهذا يكشف لك عن المواطن المكررة، يكشف لك عن المحكمات، يكشف لك عن المركزيات في كتاب الله سبحانه وتعالى.
من اللافت في هذه السورة تكرار لفظ الرحمن، وتكرارالحديث عن السماء، وحين يأتي الحديث عن الملك وتبارك (تبارك الذي بيده الملك) فالحديث عن السماء أكثر دلالة واتصالا بمثل هذه الألفاظ من الحديث عن بقية المخلوقات، الحديث عن السماء أكثر اتصالا بمعاني الملكوت، ومعاني ملك الله سبحانه وتعالى، كما قال سبحانه وتعالى (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس) السماء دائما أكثر ما يأتي ذكرها في القرآن قبل الأرض، وهنا الملاحظ بعد أن قال الله سبحانه وتعالى (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور* الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور* ثم ارجع البصرة كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير* ولقد زينا السماء) أيضا الحديث مرة أخرى عن السماء ولم يأتِ الحديث عن الأرض في هذا السياق، يعني أتى بعدها ذكر الكفار والمؤمنين، ثم جاء الحديث عن الأرض وهذا يلفت الانتباه إلى أن السماء لها شأن خاص ولها شأن عالي ولها شأن كبير في الدلالة على الخالق سبحانه وتعالى وفي تأمل ملكوت الله سبحانه وتعالى، ولذلك لما أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس عُرج به إلى السماء، فلما عرج به إلى السماء ثم نزل عليه الصلاة والسلام قال الله سبحانه وتعالى واصفا هذا المعنى وما رأى قال (لقد رأى من آيات ربه الكبرى)، وإن كان هذا أيضا له ارتباط بجبريل عليه السلام. وهكذا نجد أن السماء لها شأن في كتاب الله، وحتى في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك النبي صلى الله وسلم كما ثبت في الحديث الصحيح كان كثيرا ما يرفع بصره إلى السماء وقال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي موسى في صحيح مسلم، قال (النجوم آمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما تُوعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالحديث عن السماء والتأمل في السماء، والاتصال بالسماء له علاقة وثيقة في قضية الملك والملكوت وعظمة الله سبحانه وتعالى، على أن الأرض كذلك مما يلفت أو مما له اتصال بهذا المعنى، لكن التأمل في السماء من جهة العظمة هذا له اتصال وثيق بقضية الملك، ملك لله سبحانه وتعالى وعظمته ولذلك لعل الحديث عن السماء هنا مفردة بدون الحديث عن الأرض لعله لوثاقة اتصالها بهذا المعنى، والله تعالى أعلم.
طيب السماء طبعا تكررت في هذه السورة أربع مرات، ذكرت في (الذي خلق سبع سماوات) ثم (ولقد زينا السماء) ثم (أم آمنتم من في السماء) ثم (أأمنتم من في السماء) والرحمن اسم الرحمن سبحانه وتعالى، تكرر فيه هذه السورة أيضا أربع مرات في قوله سبحانه وتعالى (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) وفي قوله سبحانه وتعالى (ما يمسكهن إلا الرحمن) وفي قوله (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) وفي قوله سبحانه (قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا).
الحديث عن الله سبحانه وتعالى وعن عظمته، وعن ملكه، وعن أسمائه وصفاته حديث استغرق كتاب الله سبحانه وتعالى، يعني يكاد يذهب هذا الموضوع بموضوعات القرآن حتى في الموضوعات الأخرى التي هي مثلا قصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء، والحديث عن الجنة والنار، وما إلى ذلك من الموضوعات القرآنية تجد فيها ربطا بالأسماء والصفات، فتجد ختام الآيات بالغفور الرحيم، العزيز الحكيم، العليم الحكيم، وما إلى ذلك. فمثلا بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى الآيات المتعلقة بإبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام قال (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم)، وكذلك في سورة يوسف أول ما بدأت السورة تجد قول الله سبحانه وتعالى (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم)، ثم تجد أيضا في ثنايا القصة قول الله سبحانه وتعالى على لسان يعقوب (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) وقبلها (عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم)، ثم تجد في نهاية القصة (وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم* ربي قد آتيتني من الملك) وهكذا تجد القرآن كله متصل في الحديث عن الله سبحانه وتعالى سواء أكان الموضوع متمحضا في الحديث عن الله سبحانه وتعالى أو كان الموضوع متصلا بقضايا أخرى تجد أنها تُربط بالحديث عن الله سبحانه وتعالى، ولذلك من لا يعطي هذا الموضوع أهمية أو لا يدرك مركزيته في كتاب الله سبحانه وتعالى فقد فاته أهم العلم وأولاه وأعظمه، ولذلك وكما سمعتم مرارا أعظم سورة في كتاب الله ابتدأت بالحمد لله سبحانه وفيها خلاصة العبودية له، وأعظم آية في كتاب الله كلها حديث عن الله -آية الكرسي- (الله لا إله إلا هو الحي والقيوم)
ثم (وهو العلي العظيم) وكله حديث عن الله سبحانه وتعالى، والسورة التي عدلت ثلث القرآن هي سورة الإخلاص وهي كلها حديث عن الله سبحانه وتعالى وصفاته. فإذا كانت أعظم آية كلها حديث عن الله، وثلث القرآن سورة الإخلاص كلها حديث عن الله، وسورة الفاتحة حديث عن الله وعن خلاصة العبودية له، فلماذا لا ينتبه الإنسان المسلم أن هذا هو أهم الموضوعات على الإطلاق، وأن هذا هو العلم، العلم بالله والحديث عن الله، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغرس في أصحابه هذا المعنى ولذلك نجدهم كانوا بداهة يجيبون عن الأسئلة المتعلقة بأعظم الموضوعات بالحديث عن الله، وتعرفون أبي بن الكعب لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ فاستنبط من خلال ما عرفه من النبي صلى الله عليه وسلم ومن خلال ما فقهه من كتاب الله وأن الحديث عن الله هو أعظم شيء، وأن آية الكرسي فيها خلاصات الحديث عن الله سبحانه وتعالى، فقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فأيده النبي صلى الله وسلم على أن هذا هو العلم، وهذا هو الفقه أن علمتَ أن الحديث عن الله سبحانه هو أعظم الحديث ثم استنبطت تلك الآية التي تدل على هذا المعنى في الحديث عن الله سبحانه وتعالى. فيعني لا يغيب عن الإنسان أو لا يفت الإنسان المسلم المتأمل المتدبر أن هذا هو خلاصة العلم، العلم بالله سبحانه وتعالى. ومن خلال كتاب الله والنظر فيه والتأمل وما يفُتح للإنسان تتكشف للإنسان معالم في الحديث عن الله سبحانه وتعالى، وفي العلم به وفي التعبد له سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته.
هذه السورة سورة الملك هي من جملة السور التي فيها الحديث عن الله سبحانه وتعالى، وهذه السورة هي في المقامات أو في السور أو في الآيات أو ما فيها من الآيات، خلينا نقول من النمط الأعلى أو المقام الأعلى في الحديث عن الله سبحانه وتعالى وما يتعلق به ولذلك من يحب هذه السورة وأمثال هذه السورة لما فيها من الحديث عن الله، فقد تأسى بأصحاب رسول الله صلى الله وسلم، وتعلمون ذاك الرجل الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم على سرية، فكان يؤم أصحابه وكان يقرأ في كل ركعة بسورة الإخلاص، طبعا اشتكى الصحابة إنه شيء غريب ما كان، فجاء الصحابة فاشتكوا للنبي صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم لماذا فعل ذلك؟ قال لأنها صفة الرحمن فأحب أن أقرأ بها لأنها صفة الرحمن فأحب أن أقرأ بها، فأثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الفضل فيه.
الحديث عن الله سبحانه وتعالى وعن عظمته، وعن ملكه، وعن أسمائه وصفاته حديث استغرق كتاب الله سبحانه وتعالى، يعني يكاد يذهب هذا الموضوع بموضوعات القرآن حتى في الموضوعات الأخرى التي هي مثلا قصص الأمم السابقة وقصص الأنبياء، والحديث عن الجنة والنار، وما إلى ذلك من الموضوعات القرآنية تجد فيها ربطا بالأسماء والصفات، فتجد ختام الآيات بالغفور الرحيم، العزيز الحكيم، العليم الحكيم، وما إلى ذلك. فمثلا بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى الآيات المتعلقة بإبراهيم عليه السلام في سورة الأنعام قال (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم)، وكذلك في سورة يوسف أول ما بدأت السورة تجد قول الله سبحانه وتعالى (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم)، ثم تجد أيضا في ثنايا القصة قول الله سبحانه وتعالى على لسان يعقوب (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون) وقبلها (عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم)، ثم تجد في نهاية القصة (وقد أحسن بي إذا أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم* ربي قد آتيتني من الملك) وهكذا تجد القرآن كله متصل في الحديث عن الله سبحانه وتعالى سواء أكان الموضوع متمحضا في الحديث عن الله سبحانه وتعالى أو كان الموضوع متصلا بقضايا أخرى تجد أنها تُربط بالحديث عن الله سبحانه وتعالى، ولذلك من لا يعطي هذا الموضوع أهمية أو لا يدرك مركزيته في كتاب الله سبحانه وتعالى فقد فاته أهم العلم وأولاه وأعظمه، ولذلك وكما سمعتم مرارا أعظم سورة في كتاب الله ابتدأت بالحمد لله سبحانه وفيها خلاصة العبودية له، وأعظم آية في كتاب الله كلها حديث عن الله -آية الكرسي- (الله لا إله إلا هو الحي والقيوم)
ثم (وهو العلي العظيم) وكله حديث عن الله سبحانه وتعالى، والسورة التي عدلت ثلث القرآن هي سورة الإخلاص وهي كلها حديث عن الله سبحانه وتعالى وصفاته. فإذا كانت أعظم آية كلها حديث عن الله، وثلث القرآن سورة الإخلاص كلها حديث عن الله، وسورة الفاتحة حديث عن الله وعن خلاصة العبودية له، فلماذا لا ينتبه الإنسان المسلم أن هذا هو أهم الموضوعات على الإطلاق، وأن هذا هو العلم، العلم بالله والحديث عن الله، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغرس في أصحابه هذا المعنى ولذلك نجدهم كانوا بداهة يجيبون عن الأسئلة المتعلقة بأعظم الموضوعات بالحديث عن الله، وتعرفون أبي بن الكعب لما سأله النبي صلى الله عليه وسلم أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ فاستنبط من خلال ما عرفه من النبي صلى الله عليه وسلم ومن خلال ما فقهه من كتاب الله وأن الحديث عن الله هو أعظم شيء، وأن آية الكرسي فيها خلاصات الحديث عن الله سبحانه وتعالى، فقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فأيده النبي صلى الله وسلم على أن هذا هو العلم، وهذا هو الفقه أن علمتَ أن الحديث عن الله سبحانه هو أعظم الحديث ثم استنبطت تلك الآية التي تدل على هذا المعنى في الحديث عن الله سبحانه وتعالى. فيعني لا يغيب عن الإنسان أو لا يفت الإنسان المسلم المتأمل المتدبر أن هذا هو خلاصة العلم، العلم بالله سبحانه وتعالى. ومن خلال كتاب الله والنظر فيه والتأمل وما يفُتح للإنسان تتكشف للإنسان معالم في الحديث عن الله سبحانه وتعالى، وفي العلم به وفي التعبد له سبحانه وتعالى بأسمائه وصفاته.
هذه السورة سورة الملك هي من جملة السور التي فيها الحديث عن الله سبحانه وتعالى، وهذه السورة هي في المقامات أو في السور أو في الآيات أو ما فيها من الآيات، خلينا نقول من النمط الأعلى أو المقام الأعلى في الحديث عن الله سبحانه وتعالى وما يتعلق به ولذلك من يحب هذه السورة وأمثال هذه السورة لما فيها من الحديث عن الله، فقد تأسى بأصحاب رسول الله صلى الله وسلم، وتعلمون ذاك الرجل الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم على سرية، فكان يؤم أصحابه وكان يقرأ في كل ركعة بسورة الإخلاص، طبعا اشتكى الصحابة إنه شيء غريب ما كان، فجاء الصحابة فاشتكوا للنبي صلى الله عليه وسلم، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم لماذا فعل ذلك؟ قال لأنها صفة الرحمن فأحب أن أقرأ بها لأنها صفة الرحمن فأحب أن أقرأ بها، فأثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر الفضل فيه.
وهذا طبعا يقول لنا فائدة أخرى وهي متصلة بأصل المعنى، وهي فائدة مهمة جدا وهي: في أن الحديث عن الله وما يتعلق بأسماء الله وصفاته قد صارت فيه نقلة هائلة وكبيرة من حيث مركز الاهتمام من الأعلى إلى الأدنى في سياق التاريخ الإسلامي. وذلك أنه في وقت النبي صلى الله عليه وسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ربط بين هذه النصوص وبين التعرف على ومحبته والعمل بمقتضاها، فكان الصحابي الذي يسمع نصوص الأسماء والصفات لا يسمعها سماع المستشكل، أو سماع الذي لا يفقه معانيها، أو سماع الذي يعدها كلها من المتشابهات، أو سماع الذي يتعامل مع هذه النصوص على أنها استغفر الله، أستغفر الله ما أريد أن أفكر فيها، وإنما كان يتعامل مع هذه النصوص تعامل المتعبد الواعي الفاهم الذي يتعرف على ربه من حديث ربه عن نفسه. ثم مع كثير الأسباب والعوامل التي ليس هذا مجال ذكرها صار الحديث عن الأسماء والصفات عند بعض أو كثير من المسلمين - المشتغلين ببعض العلوم في العقائد - صار الحديث حديثا جدليا يعني متعلقا بقضية ماذا نقول في هذه الآية؟ وكيف نؤولها؟ وكيف نصرفها؟ ومعاذ الله أن نتعامل معها بـ…الخ، وحتى صارت هذه النصوص كأنها ابتلاء من الله لعباده حتى يعلم من الذي يتعامل معها بذاك المبدأ الفطري الأولي، ومن الذي سيكون طبعا ضالا منحرفا -على قولهم-، ومن الذي يتعامل معها تعامل ضمن منظومة تأويلية متكاملة فإن تعامل معها كذلك فيكون مصيبا وإلا يكون ضالا مضلا وقد يكون كافرا. وصار كثير من الناس لا يتعامل مع نصوص الأسماء والصفات إلا بهذا الاعتبار، ولذلك من أشهر الأقوال عند بعض هذه الاتجاهات في (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات) أن الحديث عن الله من المتشابه، الأسماء والصفات من المتشابه لماذا؟ لأنه يوهم ظاهره التشبيه ويوهم ظاهره كذا فهو من المتشابه. وهذا حياد أو ميل كبير جدا جدا عن مقاصد الأسماء والصفات أو إيراد الأسماء والصفات في كتاب الله سبحانه وتعالى، وفي المقابل أيضا قد ينتصر بعض من هو على موقف صحيح في نصوص الأسماء والصفات فينحى بها المنحى الجدلي من الجهة الأخرى وهي في الرد على من خالف في هذا، طبعا الرد ليس مُشكلا لكن إنه تنتقل النصوص إلى أن العقل الذي ينظر في هذه النصوص هو عقل استدلالي جدلي فقط، انظر هذه فيها رد على ذاك القول، وهذا فيه رد على الفرقة كذا، وهذه فيها رد على كذا، وبين المبالغة هنا والمبالغة هناك تضيع بوصلة مقاصد إيراد نصوص الأسماء والصفات في كتاب الله سبحانه وتعالى، أين مقاصد نصوص الأسماء والصفات؟ هي في ذلك الرجل الذي كان يأمُّ الناس ويقرأ بسورة الإخلاص في كل ركعة لماذا؟ قال لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها، هذه مقاصد نصوص الأسماء والصفات، من أين أخذ هذه المقاصد؟ من مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم. فنرجع نقول إن من يحب آيات معينة من كتاب الله لما فيها من الحديث عن الله سبحانه وتعالى فقد تأسى بمن يُتأسى به بتأييد النبي صلى الله عليه وسلم، وسورة الملك هي من السور التي لها هذا المعنى، وأنا أعلق تعليقا أخيرا على قصة الصحابي ذاك، وهي أنه ما أجمل أن يكون للمؤمن إحساس خاص وهو يقرأ القرآن لأن اك الصحابي اجتهد في تفعيل محبته الخاصة لسورة الإخلاص، فما أجمل أن يكون للإنسان علاقته الخاصة بكتاب الله سبحانه وتعالى فيتعلق بآيات معينة، يزيد في آيات معينة، يكرر آيات معينة، مع الالتزام العام بالقراءة القرآنية العامة.
من أعظم المعاني المتعلقة بالله سبحانه وتعالى في هذه السورة وهو من المعاني اللافتة في كتاب الله سبحانه وتعالى وإن كانت قد لا تكون متكررة بشكل صريح كثيرا ولكنه معنى مركزي ومهم وهو من المعاني -على المستوى الشخصي- من المعاني التي أحبها كثيرا، لذلك يمكن تلاحظون أني حين أصلي إمام أصلي ببعض الآيات من سورة الملك ابتداء من قوله (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) هذه الآيات - سأسألكم بعد قليل عن آيات مشابهة - لكن ركزوا معي الآن في أصل فكرة المعنى: الكافرون والمنافقون يذمون المؤمنين بأنهم قد استعجلوا في خيار الإيمان، وأنهم قد غرر بهم واغتروا في هذا الخيار، فما معنى أن تؤمن بالغيب كل هذا الإيمان، وأن تُسخّر حياتك له؟ خاصة الآن في في ظل الحياة المادية وكثرة المخرجات التي تجعل الإنسان بعيدا وتشتته عن أن يتوجه توجها يكون الاستمداد فيه استمدادا غيبيا، فالكافرون المنافقون والذين في قلوب مرض، كانوا يقولون للمؤمنين أنهم قد غُرر بهم، أو قد عاشوا في حالة من الخداع والوهم.
من أعظم المعاني المتعلقة بالله سبحانه وتعالى في هذه السورة وهو من المعاني اللافتة في كتاب الله سبحانه وتعالى وإن كانت قد لا تكون متكررة بشكل صريح كثيرا ولكنه معنى مركزي ومهم وهو من المعاني -على المستوى الشخصي- من المعاني التي أحبها كثيرا، لذلك يمكن تلاحظون أني حين أصلي إمام أصلي ببعض الآيات من سورة الملك ابتداء من قوله (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) هذه الآيات - سأسألكم بعد قليل عن آيات مشابهة - لكن ركزوا معي الآن في أصل فكرة المعنى: الكافرون والمنافقون يذمون المؤمنين بأنهم قد استعجلوا في خيار الإيمان، وأنهم قد غرر بهم واغتروا في هذا الخيار، فما معنى أن تؤمن بالغيب كل هذا الإيمان، وأن تُسخّر حياتك له؟ خاصة الآن في في ظل الحياة المادية وكثرة المخرجات التي تجعل الإنسان بعيدا وتشتته عن أن يتوجه توجها يكون الاستمداد فيه استمدادا غيبيا، فالكافرون المنافقون والذين في قلوب مرض، كانوا يقولون للمؤمنين أنهم قد غُرر بهم، أو قد عاشوا في حالة من الخداع والوهم.
ونجد هذا -مثلا- في سورة الأنفال (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم) طبعا غر هؤلاء دينهم هذا قد يكون في سياق بدر أنهم مصدقين أنهم على الحق وخارجين يقاتلونه، وأخذنا قريبا في أنوار الأنبياء لما قال قوم إبراهيم لإبراهيم هددوه بآلهتهم فقال لهم (ولا أخاف ما تشتركون به) ثم قال (وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطان فأي الفريقين أحق بالأمن) طيب هذه (فأي الفريقين أحق بالأمن) تساوي بعض الآيات التي ستأتي بعد قليل، لكن الآن هذا المعنى، معنى الاستقرار، معنى أن المؤمنين قد غُرر بهم، أو أنهم على خطر، أو أنهم في إشكال، وأن الكفار هم على حالة الاستقرار والطمأنينة، لذلك نجد في قصة نوح عليه السلام لما خاطبه قومه قالوا (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) بادي الرأي. تمام. وفي هود قال قومه له (إن نقولوا إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) يعني أنت فيك شيء كأنه مسك شيء أو شيء وهذا بسبب آلهتنا، انظر الثقة إلى أين وصلت... إلخ. (ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك)، القرآن يثبت المعنى بالعكس، وهذا الإثبات العكسي نفي أن يكون لك أمان أو مستقر، أو استقرار قدم أو صلاح إلا بالتعلق بالله سبحانه وتعالى هو هذا المعنى العكسي، وهو من أعظم المعاني التي تخترق النفوس وتهيمن عليها وتسيطر، لذلك في هذه الآيات في سورة الملك نجد هذا المعنى حاضرا وواضحا فيقول سبحانه وتعالى (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) من الذي فيه غرور؟ (إن الكافرون إلا في غرور)، من المغرر به؟ من المخدوع؟ من المُخَادع؟ من المسكين؟ من الذي فيه غرور؟ الكافرون. ولاحظوا كيف قلب الكفة وأن القرآن يأتي لتصحيح المعايير، واحدة من أعظم المعايير التي يصححها هي أن المقاييس الظاهرة التي تقيسون بها من هو على صواب ومن هو على خطأ بالكثرة والقلة وعلو المرتبة الاجتماعية أو انخفاضها. هذه معايير خاطئة. لذلك لاحظوا (أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن) هذه الآية أتت في نفس السورة بعد تأسيس عظمة الله سبحانه وتعالى، يعني لماذا كان الكافرون في غرور وكان المؤمنون على الصراط المستقيم؟ لأن المؤمنين تعلقوا واعتصموا بالله سبحانه وتعالى الذي سبق الحديث عن عظمته وكماله وعزته و. و. و..إلخ فهذه السورة (تبارك الذي بيده الملك وهوعلى كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * الذي خلق سبع سموات طباقا) إلى آخر الآيات. فالذي يتعلق بهذا الإله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون في غرور، بينما الذي يُشرك به ويخالف أمره، ويتعلق بأسماء سماها هو وقومه وآباؤهم هو الذي في غرور، وقس على هذا اليوم. نعم اليوم الفتنة ليست في أصنام منحوتة من حجارة وخشب تُعبد من دون الله سبحانه وتعالى ولكن هناك أصنام أخرى، وهناك أشياء لها أضواء وجواذب للعقل البشري في هذا الزمن يتعلق بها الناس ويظنونها كل شيء، ويسِمون من خالفها ومن لا يسير في فلكها بأنه المغرور المسكين، غره دينه، ما يفهم… إلخ ، والقضية تحتاج إلى إعادة معيرة وتأسيس أن من الذي في غرور؟ هل الذي غرته الحياة الدنيا؟ هل الذي تعلق بالحياة الدنيا وصار في أعلى مناصبها وأهمل كل شيء آخر متعلق بآخرته؟ هذا هو المغرور حقا طبعا، أو هو الذي تمسك بكتاب الله وبسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعاش في هذا الفلك ولو خالف شيئا من النمط السائد، ما بين هذا وهذا يجب أن تعاد المقاييس، وإذا تعلق الإنسان بالله سبحانه وتعالى وسار على الطريق الصحيح وهو واثق وعنده برهان فيكون أسعد الناس وأقواهم وأوثقهم بالله سبحانه وتعالى.
تستمر المقارنة في هذه السورة (أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجو في عتو ونفور)، (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم) هذه الآية من أعظم الآيات التي تكشف هذا المعنى، وهي من أعظم الآيات التي ينبغي تفعيلها اليوم.
تستمر المقارنة في هذه السورة (أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجو في عتو ونفور)، (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم) هذه الآية من أعظم الآيات التي تكشف هذا المعنى، وهي من أعظم الآيات التي ينبغي تفعيلها اليوم.
هذه الآيات في المقارنة بين منهج الله والطريق الحق وبين المناهج الباطلة وطرق الباطل، (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم) ائتِ لي بالطرق اليوم، ايتِ بمناهج الناس؟ بإتجاهاتهم، ائتِ بماء أفنوا أعمارهم في تحصيله وفي السير عليه، أين وصل بهم؟ إلى أين هم ذاهبون؟ خذ هذه المناهج وانظر فيها وانظر إلى مآلاتها ومقاصدها، ثم انظر إلى منهج الله سبحانه وتعالى ومآله ومعالمه تدرك المسافة الهائلة بين الطريقين، وإذا كان في السابق يمكنك التمييز بين الحق والباطل عن طريق المقارنة بين هذه الطرق فاليوم التمييز أسهل، لا لأنه لا توجد فِتن، ولا لأنه لا توجد أضواء جاذبة ومشتتة، وإنما لأن ما وصل إليه الإنسان بعيدا عن الله سبحانه وتعالى وعن وحيه وعن النور الذي أنزله في هذا الزمن هي أظهر في الانحطاط وفي السفالة وفي الخسة، وفي الوصول إلى أدنى الدركات من أي وقت مضى، أظهر من أي وقت مضى، وإذا كان سابقا يحتاج الإنسان إلى أن يكون باحثا حتى يصل إلى هذه النتائج، فاليوم النتائج منثورة في كل مكان - نسأل الله سبحانه وتعالى العافية - (أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمّن يمشي سويا على صراط مستقيم).
ثم تأتي آية أخرى في نفس هذا المعنى وهي في قوله سبحانه وتعالى (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم * قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين) وهذا هو المعنى نفسه الذي يخترق حُجب النفس ويجعل الإنسان المؤمن في حالة من العلو والاستعلاء على الباطل مهما كان ظاهرا، ومهما كان قويا، (فستعلمون من هو في ضلال مبين) نحن سنصبر على ما أرانا الله من الحق ونثبت عليه وأنتم ستلمزون وتقولون، هناك يوم سنجتمع فيه عند الله سبحانه وتعالى ستعلمون في ذلك اليوم أينا كان محقا وأينا كان ضالا ومبطلا، بل وفي القرآن وفي سياق النبي صلى الله عليه وسلم يأتي الحديث أنه حتى في الدنيا ستعلمون، وهذه الآيات التي فيها هذا المعنى هي من أعجب الآيات في دلائل النبوة، آيات عجيبة جدا أن تنزل آيات في مكة في وقت الاستضعاف وتقول للكافرين بغاية القوة والوضوح وبدون أي استثناءات أنه سترون هذه الآيات التي فيها سترون معناها، يعني سترون من أعجب الآيات القرآنية ومن أظهرها في دلائل النبوة، وفي ربانية هذا القرآن، لذلك مثلا في سورة الطور (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون* قل تربصوا فإني معكم من المتربصين) أنتم تقولون إن محمدا ليس إلا شاعرا (نتربص به ريب المنون) نتربص به أن يهلك كما هلك غيره من الشعراء، أن تأتيه واحدة من قواسم وقوارع وريب الأحداث والدهر، انظر القوة في الخطاب (تربصوا إني معكم من المتربصين)، وفي أوائل ما نزل من كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة القلم (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) وهذه (بأيكم المفتون) تذكرك (إن الكافرون إلا في غرور)، (ستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) وتأتي الآية - بالنسبة لي- رقم واحد في هذا المعنى كله آية سورة الحج، سورة الحج (من كان يظن أن لن ينصره الله) (ينصره الله) الهاء تعود على من؟ النبي صلى الله عليه وسلم، انظرالأسلوب الأسلوب مو ينص. من كان يظن ولو ظنا أن لن ينصره الله متى؟ في الدنيا قبل الآخرة، (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة) ماذا يفعل؟ (فليمدد بسبب إلى السماء) وقالوا هنا السماء سقف بيته، ومن السماء كل ما عليك أبو أولها السقف، (فليمدد بسبب) أي بحبل إلى السماء، هذا واحد من أقوال في التفسير مشهورة (ثم ليقطع) ليقطع نفسه وليشنق نفسه (فلينظرهل يذهبن كيده ما يغيظ) يعني إذا كان يخطر في بالك أيها الكافر أن محمدا عليه الصلاة والسلام لن ينتصر في الدنيا قبل الآخرة، فخير لك أن تُعلق حبلا وتشنق نفسك وتموت قبل أن، هذا الوعد *** فيه شيء أقوى وأعلى وأعز من هذا الخطاب؟ إيش في شيء أقوى وأعز في وقت؟ إيش كان الوقت؟ ما في معطيات، ولذلك تجد عائشة رضي الله عنها لما ذكرت قول الله سبحانه وتعالى (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أو آيات في آخر صوت القمر نزلت فيه وهي صغيرة يعني في مكة، فقال بعض الصحابة أي جمع؟ يعني (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أي جمع؟ أين هذا الجمع الذي سيأتي ويهزم؟! يعني حالة المسلمين، يعني المسلمين لماذا هاجروا المدينة؟ ما فيه شيء يستطيعوا فعله في مكة، لماذا هاجروا الحبشة؟ كما قالت أسماء بنت عميس (ونحن كنا في أرض البعداء البغضاء ونحن كنا نؤذى ونخاف) تمام، وأنتم عند رسول الله يطعم جائكم ويعظ جاهلكم. فهذا كله يعني من أعظم المعاني القرآنية التي تثبت معنى الاستعلاء والثقة والثبات … إلخ من هذه المعاني الكبرى. طيب إذا من المعاني المركزية في سورة الملك - وهو معنى متكرر في كتاب الله سبحانه وتعالى - معنى أن المتعلق بالله المعتصم به، ولفظ الجلالة (الله) بين قوسين ثم اكتب يساوي (بيده الملك وهو على كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع..)، (أأمنتم من في السماء)، (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، ضع لفظ الجلالة (الله) بين قوسين ثم اكتب يساوي واكتب كل الحديث عن الله الوارد في سورة الملك.
ثم تأتي آية أخرى في نفس هذا المعنى وهي في قوله سبحانه وتعالى (قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم * قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين) وهذا هو المعنى نفسه الذي يخترق حُجب النفس ويجعل الإنسان المؤمن في حالة من العلو والاستعلاء على الباطل مهما كان ظاهرا، ومهما كان قويا، (فستعلمون من هو في ضلال مبين) نحن سنصبر على ما أرانا الله من الحق ونثبت عليه وأنتم ستلمزون وتقولون، هناك يوم سنجتمع فيه عند الله سبحانه وتعالى ستعلمون في ذلك اليوم أينا كان محقا وأينا كان ضالا ومبطلا، بل وفي القرآن وفي سياق النبي صلى الله عليه وسلم يأتي الحديث أنه حتى في الدنيا ستعلمون، وهذه الآيات التي فيها هذا المعنى هي من أعجب الآيات في دلائل النبوة، آيات عجيبة جدا أن تنزل آيات في مكة في وقت الاستضعاف وتقول للكافرين بغاية القوة والوضوح وبدون أي استثناءات أنه سترون هذه الآيات التي فيها سترون معناها، يعني سترون من أعجب الآيات القرآنية ومن أظهرها في دلائل النبوة، وفي ربانية هذا القرآن، لذلك مثلا في سورة الطور (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون* قل تربصوا فإني معكم من المتربصين) أنتم تقولون إن محمدا ليس إلا شاعرا (نتربص به ريب المنون) نتربص به أن يهلك كما هلك غيره من الشعراء، أن تأتيه واحدة من قواسم وقوارع وريب الأحداث والدهر، انظر القوة في الخطاب (تربصوا إني معكم من المتربصين)، وفي أوائل ما نزل من كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة القلم (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) وهذه (بأيكم المفتون) تذكرك (إن الكافرون إلا في غرور)، (ستبصر ويبصرون بأيكم المفتون) وتأتي الآية - بالنسبة لي- رقم واحد في هذا المعنى كله آية سورة الحج، سورة الحج (من كان يظن أن لن ينصره الله) (ينصره الله) الهاء تعود على من؟ النبي صلى الله عليه وسلم، انظرالأسلوب الأسلوب مو ينص. من كان يظن ولو ظنا أن لن ينصره الله متى؟ في الدنيا قبل الآخرة، (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة) ماذا يفعل؟ (فليمدد بسبب إلى السماء) وقالوا هنا السماء سقف بيته، ومن السماء كل ما عليك أبو أولها السقف، (فليمدد بسبب) أي بحبل إلى السماء، هذا واحد من أقوال في التفسير مشهورة (ثم ليقطع) ليقطع نفسه وليشنق نفسه (فلينظرهل يذهبن كيده ما يغيظ) يعني إذا كان يخطر في بالك أيها الكافر أن محمدا عليه الصلاة والسلام لن ينتصر في الدنيا قبل الآخرة، فخير لك أن تُعلق حبلا وتشنق نفسك وتموت قبل أن، هذا الوعد *** فيه شيء أقوى وأعلى وأعز من هذا الخطاب؟ إيش في شيء أقوى وأعز في وقت؟ إيش كان الوقت؟ ما في معطيات، ولذلك تجد عائشة رضي الله عنها لما ذكرت قول الله سبحانه وتعالى (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أو آيات في آخر صوت القمر نزلت فيه وهي صغيرة يعني في مكة، فقال بعض الصحابة أي جمع؟ يعني (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أي جمع؟ أين هذا الجمع الذي سيأتي ويهزم؟! يعني حالة المسلمين، يعني المسلمين لماذا هاجروا المدينة؟ ما فيه شيء يستطيعوا فعله في مكة، لماذا هاجروا الحبشة؟ كما قالت أسماء بنت عميس (ونحن كنا في أرض البعداء البغضاء ونحن كنا نؤذى ونخاف) تمام، وأنتم عند رسول الله يطعم جائكم ويعظ جاهلكم. فهذا كله يعني من أعظم المعاني القرآنية التي تثبت معنى الاستعلاء والثقة والثبات … إلخ من هذه المعاني الكبرى. طيب إذا من المعاني المركزية في سورة الملك - وهو معنى متكرر في كتاب الله سبحانه وتعالى - معنى أن المتعلق بالله المعتصم به، ولفظ الجلالة (الله) بين قوسين ثم اكتب يساوي (بيده الملك وهو على كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور * الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع..)، (أأمنتم من في السماء)، (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)، ضع لفظ الجلالة (الله) بين قوسين ثم اكتب يساوي واكتب كل الحديث عن الله الوارد في سورة الملك.
بعد ما انتهى هذا الحديث عن الله وعرفت من هو الله سبحانه وتعالى الآن (أمّن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن)، (أمّن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه) ثم هو (الرحمن آمنا به وعليه توكلنا) إيش فيه شيء أقدر أعمله أوثق وأكثر طمأنينة وأقوى وأرسخ من أن أتعلق بهذا الرحمن سبحانه وتعالى الذي خلق وخلق وخلق وخلق، أعطني شيئا آخر أوثق أتعلق به وأستمسك، (فستعلمون من هو في ضلال مبين) فهذا من المعاني المركزية.
من المعاني المركزية أيضا في سورة الملك المتصلة بالحديث عن الله سبحانه وتعالى، والمتعلقة به وهو معنى متكرر في القرآن تكرارا هائلا كثيرا جدا، وهو الربط بين عظمة الله وأسمائه وصفاته بشكل عام وبين المخلوقات، وأن المخلوقات والنظر فيها هو طريق للتعرف على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
أول أمر في القرآن ما هو؟ أقصد في ترتيب المصحف؟ أول أمر ما هو؟ الصفحة الثانية من البقرة (يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) الآية التي بعدها الطريق الموصل إلى هذا المعنى (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء وأنزل من السماء ماء) إلى آخره، متكرر هذا المعنى في سورة البقرة ومتكرر في سورة آل عمران، وفي سور القرآن بشكل عام هذا المعنى دائما يرِد دائما، طيب لما يكون هذا المعنى دائم الورود وكثير التكرار ويُعاد في سور أخرى بالحديث عن مخلوقات متعددة، وهنا في سورة الملك يقول سبحانه وتعالى (فارجع البصر)، (ثم ارجع البصر) ويقول سبحانه وتعالى (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات)، (أولم يروا) انظر الأسلوب، أسلوب استنكار، و(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا) هناك (فارجع البصر)، (ثم ارجع البصر) تمام. وفي سورة الأنبياء أيضا فيه بمثل هذا الأسلوب قال سبحانه وتعالى (أولم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) ثم قال سبحانه وتعالى بعد آيتين (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون) طيب، وفي سورة يوسف (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) هذا الآن الأسلوب الذي يؤكد معنى التدبر من جهة أخرى، من أنه هناك من هو مُعرض ومن هو غافل ومن هو… إلى آخره.
طيب هذا المعنى مركزي ومهم ومكرر في كتاب الله سبحانه وتعالى وهو: ضرورة النظر في المخلوقات والتأمل فيها لمعرفة عظمة الخالق سبحانه وتعالى، تمام. وهنا المعنى لا يُخاطب به الإنسان الذي عنده شك، أو يُخاطب الإنسان الذي لا يعرف الله فيقال له لن تستطيع أن تعرف الله إلا، لا، هذا خطاب لكل الناس المؤمن، الصالح، الموقن، المنافق، الذي في قلبه شك، الذي في قلبه مرض، الكافر، الكل مخاطب بهذا الخطاب، وهذا النظر والتفكر دواء للكل، للموقن يزيده يقينا، للمؤمن يزيده إيمانا، لمن في نفسه شيء أو في قلبه شيء يمكن أن يزول عنه هذا المعنى. في سورة آل عمران (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وهذا استدلال ليس على مطلق وجود الله سبحانه وتعالى وإنما استدلال على الغاية والحكمة التي خلق الله الناس أو السماوات والأرض لأجلها (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك) هذا حديث عن الغاية وليس حديثا عن أصل الوجود.
لذلك لا نحرم أنفسنا اليوم من سنة التفكر والتدبر والنظر في المخلوقات، وفي عظمة الله سبحانه وتعالى، وهذا المعنى كما قلت معنى من الخطورة بمكان أن يفوتنا، ومن الخطورة بمكان أن نُحرم منه بسبب صعوبة الحياة المدنية التي نعيشها اليوم من جهة إشغال الإنسان. يمكن أن يستعيض الإنسان أحيانا ببعض البرامج الوثائقية التي تتحدث عن المخلوقات ويتعبد لله سبحانه وتعالى بالتعرف على دقائق المخلوقات، ولكن تنبه لاتكن من الإلحادية التي تقول لك: "وانظر إلى عظمة نظرية التطور التي أوصلت الناس إلى مثل هذا المعنى" لكن مثلا التعرف على قضية الجينات والخلية وما في الإنسان من هذا المعنى.
من المعاني المركزية أيضا في سورة الملك المتصلة بالحديث عن الله سبحانه وتعالى، والمتعلقة به وهو معنى متكرر في القرآن تكرارا هائلا كثيرا جدا، وهو الربط بين عظمة الله وأسمائه وصفاته بشكل عام وبين المخلوقات، وأن المخلوقات والنظر فيها هو طريق للتعرف على عظمة الخالق سبحانه وتعالى.
أول أمر في القرآن ما هو؟ أقصد في ترتيب المصحف؟ أول أمر ما هو؟ الصفحة الثانية من البقرة (يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) الآية التي بعدها الطريق الموصل إلى هذا المعنى (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء وأنزل من السماء ماء) إلى آخره، متكرر هذا المعنى في سورة البقرة ومتكرر في سورة آل عمران، وفي سور القرآن بشكل عام هذا المعنى دائما يرِد دائما، طيب لما يكون هذا المعنى دائم الورود وكثير التكرار ويُعاد في سور أخرى بالحديث عن مخلوقات متعددة، وهنا في سورة الملك يقول سبحانه وتعالى (فارجع البصر)، (ثم ارجع البصر) ويقول سبحانه وتعالى (أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات)، (أولم يروا) انظر الأسلوب، أسلوب استنكار، و(قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا) هناك (فارجع البصر)، (ثم ارجع البصر) تمام. وفي سورة الأنبياء أيضا فيه بمثل هذا الأسلوب قال سبحانه وتعالى (أولم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) ثم قال سبحانه وتعالى بعد آيتين (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون) طيب، وفي سورة يوسف (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) هذا الآن الأسلوب الذي يؤكد معنى التدبر من جهة أخرى، من أنه هناك من هو مُعرض ومن هو غافل ومن هو… إلى آخره.
طيب هذا المعنى مركزي ومهم ومكرر في كتاب الله سبحانه وتعالى وهو: ضرورة النظر في المخلوقات والتأمل فيها لمعرفة عظمة الخالق سبحانه وتعالى، تمام. وهنا المعنى لا يُخاطب به الإنسان الذي عنده شك، أو يُخاطب الإنسان الذي لا يعرف الله فيقال له لن تستطيع أن تعرف الله إلا، لا، هذا خطاب لكل الناس المؤمن، الصالح، الموقن، المنافق، الذي في قلبه شك، الذي في قلبه مرض، الكافر، الكل مخاطب بهذا الخطاب، وهذا النظر والتفكر دواء للكل، للموقن يزيده يقينا، للمؤمن يزيده إيمانا، لمن في نفسه شيء أو في قلبه شيء يمكن أن يزول عنه هذا المعنى. في سورة آل عمران (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وهذا استدلال ليس على مطلق وجود الله سبحانه وتعالى وإنما استدلال على الغاية والحكمة التي خلق الله الناس أو السماوات والأرض لأجلها (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك) هذا حديث عن الغاية وليس حديثا عن أصل الوجود.
لذلك لا نحرم أنفسنا اليوم من سنة التفكر والتدبر والنظر في المخلوقات، وفي عظمة الله سبحانه وتعالى، وهذا المعنى كما قلت معنى من الخطورة بمكان أن يفوتنا، ومن الخطورة بمكان أن نُحرم منه بسبب صعوبة الحياة المدنية التي نعيشها اليوم من جهة إشغال الإنسان. يمكن أن يستعيض الإنسان أحيانا ببعض البرامج الوثائقية التي تتحدث عن المخلوقات ويتعبد لله سبحانه وتعالى بالتعرف على دقائق المخلوقات، ولكن تنبه لاتكن من الإلحادية التي تقول لك: "وانظر إلى عظمة نظرية التطور التي أوصلت الناس إلى مثل هذا المعنى" لكن مثلا التعرف على قضية الجينات والخلية وما في الإنسان من هذا المعنى.
أمور يعني هي لعلها من رحمة الله سبحانه وتعالى أن تكون مُسهل الوصول إليها في هذا الزمن الذي كثُرت فيه الشبهات والإشكالات والماديات وما إلى ذلك، لم تتكشف مثل هذه المعاني سابقا، وما كان فيه الشروط الخارجية التي تتكشف من حيث الأدوات المادية، فهذه أيضا من رحمة الله سبحانه وتعالى، لذلك لزيادة اليقين الشخصي، طبعا هذا الأسلوب أو هذا الأمر الذي قدره الله سبحانه وتعالى لإبراهيم عليه السلام ليزيد يقينه أليس كذلك؟ أنا أقصد إنه في قضية المخلوقات، لأنه قال (أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير..) فشاهد، الآن أيضا كذلك مشاهدة آثار عظمة الله سبحانه وتعالى. وهذا باب طويل وكبير جد ا، وهو باب من أقل الأبواب التي فيها العناية اليوم من حيث الحرص على التدبر والتفكر والتأمل في الملكوت، وخاصة السماء، لذلك الخروج عن المدن في الليل، والنظر في السماء وفي عظمتها، وفي النجوم وما يتعلق بها، ثم التفكّر في عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى من خلال النظر في المخلوقات هو أمر من أهم الأمور، كما قلت ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كثيرا ما يرفع بصره إلى السماء، فلا يحرم الإنسان نفسه من هذا المعنى.
ممكن أختم بمعنى وهو أن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الملك (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا). بس دقيقة سأختم في الفقرة قبل السابقة في مسألة الغرور في الكافرين واحدة من أهم الصور أو الصورة الكبرى التي سينكشف للكافر فيها غروره هي في الآخرة، ولذلك جاء في هذه السورة نفسها التي فيها (إن الكافرون إلا في غرور) جاءت صورة الغرور هذه، ما هي هذه الصورة؟ (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) هنا يأتي انكشاف الغرور، عاينوا العذاب وجاء التقريع الآن والإشهاد (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالو بلى قد جاء نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير* وقول لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)، اعترفوا بذنبهم يوم ألّا ينفع الاعتراف بالذنب وتشاركوا في العذاب يوم ألا ينفع الاشتراك في العذاب ولا يخفف عنهم ذلك شيئا (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) يعني الموت مع الجماعة رحمة ما ينفع، ما ينفع، (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) ولذلك (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) إظهار الندامة بحسب مستوى العذاب، بحسب مستوى الندامة، فإذا كان العذاب يسير فالندامة قليلة، إذا كانت أكبر شوية فممكن الإنسان يظهر الندامة، لما تصل إلى الحد المتجاوز لما يمكن أن يُتصور تيأس من إظهار الندامة، يعني إظهار الندامة ليس على حجم المصيبة (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) طبعا سيقولون يا حسرتنا، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير لذلك (فسحقا لأصحاب السعير، وكذلك في سورة المؤمنون (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإن ظالمون* قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون) لكن هذاك الوقت هو من أكثر الأوقات التي سينكشف فيها، أو هو الوقت الأساسي الذي سينكشف فيه غرور الكافر (إن الكافرون إلا في غرور) ما صورة هذا الغرور؟ صورة هذا الغرور أنهم كانوا يتعلقون في الدنيا بما لا يغني عنهم شيئا وهذا الذي تقرر في سورة العنكبوت - كما في اللقاء السابق- وصورة هذا الغرور، أو نتيجة هذا الغرور أنهم سيدخلون النار وحينها سيقال لهم ماذا؟ في سورة الأنعام في هذا المعنى تحديدا سيقال لهم (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) ما معنى (باسطوا أيديهم)؟ باسطوا أيديهم بالضرب والعذاب لهم، (أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون* ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) هذا النص الآن الذي فيه كشف حالة الغور (وما نرى معكم شفعاؤكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) ما نراهم، أين هم؟ ما فيه، (وما نرى معكم شفعاؤكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)، وأيضا في سورة النور كشف حالة الوهم الشديد جدا قال الله سبحانه وتعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب) هذا كله في معنى الغرور، غرور الكافر، هذا حين ينكشف له غروره. أما في الدنيا فما صورة هذا الغرور الذي هو بمعنى الكبر إنما بمعنى الخداع، الوهم، غُرر به، هو في في حالة من الخداع والوهم والزيف أن هو على حق. أين هذه الصورة في الدنيا؟ الصورة في الدنيا هي في التعلق بما لا يغني شيئا، والمتقرر هذا في سورة العنكبوت (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) هذا المعنى متكرر في كتاب الله بشكل واضح.
ممكن أختم بمعنى وهو أن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الملك (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا). بس دقيقة سأختم في الفقرة قبل السابقة في مسألة الغرور في الكافرين واحدة من أهم الصور أو الصورة الكبرى التي سينكشف للكافر فيها غروره هي في الآخرة، ولذلك جاء في هذه السورة نفسها التي فيها (إن الكافرون إلا في غرور) جاءت صورة الغرور هذه، ما هي هذه الصورة؟ (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) هنا يأتي انكشاف الغرور، عاينوا العذاب وجاء التقريع الآن والإشهاد (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالو بلى قد جاء نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير* وقول لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير* فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير)، اعترفوا بذنبهم يوم ألّا ينفع الاعتراف بالذنب وتشاركوا في العذاب يوم ألا ينفع الاشتراك في العذاب ولا يخفف عنهم ذلك شيئا (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) يعني الموت مع الجماعة رحمة ما ينفع، ما ينفع، (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) ولذلك (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) إظهار الندامة بحسب مستوى العذاب، بحسب مستوى الندامة، فإذا كان العذاب يسير فالندامة قليلة، إذا كانت أكبر شوية فممكن الإنسان يظهر الندامة، لما تصل إلى الحد المتجاوز لما يمكن أن يُتصور تيأس من إظهار الندامة، يعني إظهار الندامة ليس على حجم المصيبة (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) طبعا سيقولون يا حسرتنا، لكن الأمر أكبر من ذلك بكثير لذلك (فسحقا لأصحاب السعير، وكذلك في سورة المؤمنون (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإن ظالمون* قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون) لكن هذاك الوقت هو من أكثر الأوقات التي سينكشف فيها، أو هو الوقت الأساسي الذي سينكشف فيه غرور الكافر (إن الكافرون إلا في غرور) ما صورة هذا الغرور؟ صورة هذا الغرور أنهم كانوا يتعلقون في الدنيا بما لا يغني عنهم شيئا وهذا الذي تقرر في سورة العنكبوت - كما في اللقاء السابق- وصورة هذا الغرور، أو نتيجة هذا الغرور أنهم سيدخلون النار وحينها سيقال لهم ماذا؟ في سورة الأنعام في هذا المعنى تحديدا سيقال لهم (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم) ما معنى (باسطوا أيديهم)؟ باسطوا أيديهم بالضرب والعذاب لهم، (أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون* ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم) هذا النص الآن الذي فيه كشف حالة الغور (وما نرى معكم شفعاؤكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء) ما نراهم، أين هم؟ ما فيه، (وما نرى معكم شفعاؤكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون)، وأيضا في سورة النور كشف حالة الوهم الشديد جدا قال الله سبحانه وتعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب) هذا كله في معنى الغرور، غرور الكافر، هذا حين ينكشف له غروره. أما في الدنيا فما صورة هذا الغرور الذي هو بمعنى الكبر إنما بمعنى الخداع، الوهم، غُرر به، هو في في حالة من الخداع والوهم والزيف أن هو على حق. أين هذه الصورة في الدنيا؟ الصورة في الدنيا هي في التعلق بما لا يغني شيئا، والمتقرر هذا في سورة العنكبوت (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) هذا المعنى متكرر في كتاب الله بشكل واضح.
اتذكرت أيضا آية في سورة الرعد (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) نعود مرة ثانية لأول فائدة أو ثاني فائدة ذكرتها في درس اليوم وهي: أن ربط الآيات ببعضها في مختلف السور الإتيان بآيات الموضوع الواحد في كتاب الله يكشف عن المقاصد، يكشف عن المعاني المركزية في كتاب الله سبحانه وتعالى.
المعنى الأخير هو في قول الله سبحانه وتعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) في كتاب الله سبحانه وتعالى بيان للقضايا الكبرى التي يتساءل الإنسان عنها، أو يمكن أن تشغل بال الإنسان، والله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان وخلق قلبه وعقله وفطرته وهمومه وما إلى ذلك يعلم بتساؤلاته، والقرآن أتى ليبصر الإنسان بـ لماذا هو هنا، وإلى أين المصير، وبسبب ماذا هو هنا، هذه إجابات القرآن عن الأسئلة الكبرى بالنسبة للإنسان، هذه الإجابات لا تجدها في السياقات المادية والإلحادية وما إلى ذلك، طيب في سياق لماذا أنت هنا؟ تأتي مثل هذه الآية (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فعندك معنى الأحسن عملا، وعندك معنى الابتلاء، فوجودك في هذه الحياة هو ضمن دائرة الابتلاء والاختبار والامتحان، ولم يكن وجودك في هذه الحياة وجود رغد، ولا وجود نعيم، ولا وجود سَعَة، أولا أنت لم تختر وجودك، وهذا بحد ذاته من أعظم الأدلة المُرسِخ لمعنى العبودية عند الإنسان، أنت عبد مقهور، مقهور يعني هناك قوة أعظم منك جعلت وجودك خارجا عن إرادتك أصلا، وستغادر هذه الدنيا رغما عنك ولو بلغت في هذه الدنيا ما بلغت، وهذه الحقيقة واضحة وقطعية لا شك فيها، وهي بحد ذاتها دليل على المتكبرين والمتجبرين والمغترين على أنه لا تغتر، لا تتجبر، لا تتكبر، أنت مخلوق، أنت مربوب، أنت عبد لمن هو أقوى منك وأعز و.. و..، ثم يأتي القرآن ليقول لك من هو هذا الخالق، وليؤكد لك حقائق أنت تعرفها ولكنها تغيب مع الزمن (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) من الذي خلقك؟ هل هو من الأشياء التي تراها أنت؟ هل أنت خلقت نفسك؟ هل لم يكن هناك سبب؟ أبوك، أمك، الطبيب، من؟ ثم تأتي الأشياء لتربط لك بين إنه لست أنت المُوجَد الوحيد، هناك سماوات خُلقت، وهناك مخلوقات وكائنات في كل مكان، والقضية ليست مجرد خلق وإنما خلق متقن، وليست القضية مجرد خلق متقن وإنما خلق متقن فيه قانون التدبير والتسخير والهداية (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) هداه إلى ما خلقه له، فتجد أنه خلاص أنظمة تسير على الكائنات الحية، وفي الأكل، وفي الرزق، وفي ال…، أنظمة، ويهدي الكائن إلى رزقه، إلى مكان يصلح له تمام. فأنت استيقظت على هذا العالم وعلى هذا الدنيا بهذه الطريقة، والقرآن يسلط لك الضوء، يقول لك انظر هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا ويكشف لك الجوانب هذه كلها، ثم يقول لك وبعد هذا كله إياك أن تظن أن هذا خُلق عبثا، وإياك أن تظن أن القضية مجرد لهو ولعب (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) وإنما القضية ابتلاء، وأن الأمر عظيم (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) أن الأمر عظيم وفيه ابتلاء، وفيه حق وباطل، وأراد الله أن يكون هناك حق وباطل وصراع بينهما، ولذلك تجد في سورة هود (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك *ولذلك خلقهم)، وتجد في سورة الأنبياء (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين* بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) وذكر الحق والباطل هنا بعد ذكر خلق السماء والأرض هناك ارتباط بهذا المعنى فالقرآن يكشف لك عن هذه الزوايا ثم يقول لك القضية حق وباطل، ثم يقول لك القضية فيها ابتلاء، وهذا الابتلاء ليس هو ابتلاء شدة فقط (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) جعلنا ما على الأرض زينة الله لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وهنا (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، ثم يقول لك إنك أيها الإنسان لا تستطيع أن تهتدي بعقلك ولا بفكرك إلى الطريق الذي يريده من خلق كل هذه الأشياء وإنما هناك وحي أنزله الله وهذه معالمه، وهذه آياته، وهذه عِبره، ثم إنك ومع هذا الوحي، ومع أنه هادٍ لا تستطيع أن تهتدي إلا إذا هداك خالق السماوات والأرض (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، ويذكر لك الثواب والعقاب ونهاية الطريق ثم إذا التزمت بهذا سيخلق الله في نفسك وفي قلبك من المعاني ومن السعادة، ومن الطمأنينة ما ستدرك به أن هذا هو الحق، ليس هذا الآن هو الدليل، الدليل سابق لكن هذا مؤكِد، وما تستطيع أن تستدل بشيء منه على النعيم الأخروي، "وإن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة" وهذه يعني عبارة من بعض العلماء تستطيع أن تأخذ عمومها ولا تأخذ لفظها، وإلى آخره من مثل هذه النصوص والمعاني.
المعنى الأخير هو في قول الله سبحانه وتعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور) في كتاب الله سبحانه وتعالى بيان للقضايا الكبرى التي يتساءل الإنسان عنها، أو يمكن أن تشغل بال الإنسان، والله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان وخلق قلبه وعقله وفطرته وهمومه وما إلى ذلك يعلم بتساؤلاته، والقرآن أتى ليبصر الإنسان بـ لماذا هو هنا، وإلى أين المصير، وبسبب ماذا هو هنا، هذه إجابات القرآن عن الأسئلة الكبرى بالنسبة للإنسان، هذه الإجابات لا تجدها في السياقات المادية والإلحادية وما إلى ذلك، طيب في سياق لماذا أنت هنا؟ تأتي مثل هذه الآية (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) فعندك معنى الأحسن عملا، وعندك معنى الابتلاء، فوجودك في هذه الحياة هو ضمن دائرة الابتلاء والاختبار والامتحان، ولم يكن وجودك في هذه الحياة وجود رغد، ولا وجود نعيم، ولا وجود سَعَة، أولا أنت لم تختر وجودك، وهذا بحد ذاته من أعظم الأدلة المُرسِخ لمعنى العبودية عند الإنسان، أنت عبد مقهور، مقهور يعني هناك قوة أعظم منك جعلت وجودك خارجا عن إرادتك أصلا، وستغادر هذه الدنيا رغما عنك ولو بلغت في هذه الدنيا ما بلغت، وهذه الحقيقة واضحة وقطعية لا شك فيها، وهي بحد ذاتها دليل على المتكبرين والمتجبرين والمغترين على أنه لا تغتر، لا تتجبر، لا تتكبر، أنت مخلوق، أنت مربوب، أنت عبد لمن هو أقوى منك وأعز و.. و..، ثم يأتي القرآن ليقول لك من هو هذا الخالق، وليؤكد لك حقائق أنت تعرفها ولكنها تغيب مع الزمن (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون) من الذي خلقك؟ هل هو من الأشياء التي تراها أنت؟ هل أنت خلقت نفسك؟ هل لم يكن هناك سبب؟ أبوك، أمك، الطبيب، من؟ ثم تأتي الأشياء لتربط لك بين إنه لست أنت المُوجَد الوحيد، هناك سماوات خُلقت، وهناك مخلوقات وكائنات في كل مكان، والقضية ليست مجرد خلق وإنما خلق متقن، وليست القضية مجرد خلق متقن وإنما خلق متقن فيه قانون التدبير والتسخير والهداية (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) هداه إلى ما خلقه له، فتجد أنه خلاص أنظمة تسير على الكائنات الحية، وفي الأكل، وفي الرزق، وفي ال…، أنظمة، ويهدي الكائن إلى رزقه، إلى مكان يصلح له تمام. فأنت استيقظت على هذا العالم وعلى هذا الدنيا بهذه الطريقة، والقرآن يسلط لك الضوء، يقول لك انظر هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا، ثم يسلط لك الضوء هنا ويكشف لك الجوانب هذه كلها، ثم يقول لك وبعد هذا كله إياك أن تظن أن هذا خُلق عبثا، وإياك أن تظن أن القضية مجرد لهو ولعب (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين) وإنما القضية ابتلاء، وأن الأمر عظيم (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) أن الأمر عظيم وفيه ابتلاء، وفيه حق وباطل، وأراد الله أن يكون هناك حق وباطل وصراع بينهما، ولذلك تجد في سورة هود (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك *ولذلك خلقهم)، وتجد في سورة الأنبياء (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين* بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) وذكر الحق والباطل هنا بعد ذكر خلق السماء والأرض هناك ارتباط بهذا المعنى فالقرآن يكشف لك عن هذه الزوايا ثم يقول لك القضية حق وباطل، ثم يقول لك القضية فيها ابتلاء، وهذا الابتلاء ليس هو ابتلاء شدة فقط (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) جعلنا ما على الأرض زينة الله لنبلوهم أيهم أحسن عملا، وهنا (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، ثم يقول لك إنك أيها الإنسان لا تستطيع أن تهتدي بعقلك ولا بفكرك إلى الطريق الذي يريده من خلق كل هذه الأشياء وإنما هناك وحي أنزله الله وهذه معالمه، وهذه آياته، وهذه عِبره، ثم إنك ومع هذا الوحي، ومع أنه هادٍ لا تستطيع أن تهتدي إلا إذا هداك خالق السماوات والأرض (وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله)، ويذكر لك الثواب والعقاب ونهاية الطريق ثم إذا التزمت بهذا سيخلق الله في نفسك وفي قلبك من المعاني ومن السعادة، ومن الطمأنينة ما ستدرك به أن هذا هو الحق، ليس هذا الآن هو الدليل، الدليل سابق لكن هذا مؤكِد، وما تستطيع أن تستدل بشيء منه على النعيم الأخروي، "وإن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة" وهذه يعني عبارة من بعض العلماء تستطيع أن تأخذ عمومها ولا تأخذ لفظها، وإلى آخره من مثل هذه النصوص والمعاني.
فهذه السورة - سورة الملك - من السور المؤسسة لأصل هذا المعنى في قوله سبحانه وتعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسنوا عملا وهو العزيز الغفور). وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)