الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

الدرس الرابع عشر من شرح تفسير السعدي/ من قوله: كذلك أثنى الله على الشكر وذكر ثواب الشاكرين..

014 من قوله: كذلك أثنى الله على الشكر وذكر ثواب الشاكرين


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات أما بعد: 
📖فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله "وكذلك أثنى الله تعالى على الشكر وذكر ثواب الشاكرين، وأخبر أنهم أرفع الخلق في الدنيا والآخرة، وحقيقة الشكر هو الاعتراف بجميع نعم الله والثناء على الله بها والاستعانة بها على طاعة المُنعم"
🎤بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .. اللهم علمنا ما ينفعنا ورفعنا بما علمتنا وزدنا علما وأصلح لنا إلى هنا شأننا كله ولا تكن إلى أنفسنا طرفة عين أما بعد: لا يزال المصنف رحمه الله تعالى يذكر هذه الألفاظ الشرعية التي يكثر ورودها في القرآن مبينا أو مشيرا إلى أهميتها وعظيم مكانتها لأمر الله جل وعلا بها، وثنائه على أهلها وبيانه ما أعده لهم من عظيم الثواب وجزيل الأجر، ومن جهة أخرى يبين معاني هذه الألفاظ الشرعية والمقصود بها. ذكر هنا رحمه الله تعالى الشكر، وهي من العبوديات العظيمة والقُرب التي يحبها الله، فالله يحب الشاكرين سبحانه وتعالى ويثني عليهم كما قال الشيخ "وكذلك أثنى الله على الشاكرين" (إنه كان عبدا شكورا) قال "أثنى على الشاكرين وذكر ثواب الشاكرين" (وسنجزي الشاكرين) يقول الله جل علا، ويقول (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) فالشكر موجب لمزيد العطاء، شكر المنعم على النعمة موجب لمزيد العطاء ومزيد الفضل (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)، قال "وأخبر أنهم أرفع الخلق" أي الشاكرين في الدنيا والآخرة، وأخبر أنهم أرفع الخلق. ومما يدل على ذلك ما ذكره الله عز وجل من صفات إمام الحنفاء إبراهيم الخليل (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين* شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم* وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين) فالشاكرون لله عز وجل وقدوتهم وأسوتهم الأنبياء هم في أعلى الرتب وأرفع المنازل، فهم أرفع الخلق في الدنيا والآخرة.
 ثم بين رحمه الله تعالى حقيقة الشكر قال هو: الاعتراف بجميع نعم الله عز وجل والثناء على الله بها، والاستعانة بها على طاعة المنعم. لو تتأمل هذا التعريف تجد أنه يتناول ما يكون في القلب واللسان والجوارح، ولهذا العلماء قالوا: الشكر بالقلب وباللسان وبالجوارح.
الشكر بالقلب بالاعتراف بالنعمة وأن هذه فضل الله ومنته. وباللسان ثناء على المُنعم وحمدا له سبحانه وتعالى. وبالجوارح استعمالا للنعمة في طاعة المُنعم، لأنه ليس من شكر المنعم أن تستعمل نعمته فيما يُسخطه قال تعالى (اعملوا آل داوود شكرا) فالعمل بطاعة المنعم باستعمال النعم في طاعة المُنعم هذا من شكر النعمة، فحقيقة الشكر الاعتراف بجميع نعم الله هذا بالقلب، والثناء على على الله بها هذا باللسان، والاستعانة بها على طاعة المنعم هذا بالجوارح.

📖 قال رحمه الله: " وذكر الله عز وجل الخوف والخشية في مواضع كثيرة أمر به، وأثنى على أهله، وذكر ثوابهم، وأنهم المنتفعون بالآيات، التاركون للمحرمات، وحقيقة الخوف والخشية أن يخاف العبد مقامه بين يدي الله، ومقامه عليه، فينهى نفسه بهذا الخوف عن كل ما حرم الله".
🎤 قال رحمه الله تعالى: "وذكر الله الخوف" أي من الله جل وعلا، "والخشية" منه أيضا جل وعلا في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، ذكره آمرا به جل وعلا ومثنيا على أهله قال جل وعلا (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) وقال (فلا تخشوا الناس واخشون) (فلا تخشوهم واخشون) قال خافون، أخشون، هذا كله أمر بالخوف، أمر بالخشية، أمر بخوف الله عز وجل وأمر بخشيته، وأيضا أثنى على أهل الخشية مثل ثنائه على العلماء قال (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وذكر ثوابهم عنده سبحانه وتعالى (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) وذكر سبحانه وتعالى أنهم هم المنتفعون بالآيات التاركون للمحرمات، اقرأ في سورة المؤمنون لما ذكر جل وعلا صفات المؤمنين الكُمل قال (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون* والذين هم بآيات ربهم يؤمنون* والذين هم بربهم لا يشركون* والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون*  أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) مثل أيضا قوله في سورة الرعد (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب* والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار* جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقب الدار) نعم.
 قال وحقيقة الخوف والخشية أن يخاف العبد مقامه بين يدي الله، ومقامه عليه فينهى نفسه بهذا الخوف عن كل ما حرم الله سبحانه وتعالى. وهذه حقيقة الخوف الخوف من الله، والفرق بين الخوف والخشية أن الخشية: خوف مع هيبة وتعظيم، خوف مع هيبة وتعظيم (إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون) (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال "فينهى نفسه بهذا الخوف عن كل ما حرم الله" (ولمن خاف مقام ربه جنتان)، (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى) نعم. قال "فينهى نفسه بهذا الخوف (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى) نعم.

📖 قال رحمه الله: "والرجاء أن يرجو العبد رحمة الله العامة ورحمته الخاصة به، فيرجو قبول ما تفضل الله عليه به من الطاعات، وغفران ما تاب منه من الزلات، ويعلق رجاءه بربه في كل حالة من أحواله".
🎤قال رحمه الله تعالى: "والرجاء" والرجاء أيضا كذلك أمر الله سبحانه وتعالى به وحث عليه، وأثنى على الذين يرجون رحمة الله سبحانه وتعالى (أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) وفي الدعاء (وأدخلني برحمتك) وقال (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) وقال يدعوننا رغبا ورهبا) رغبا ورهبا، يدعوننا دعاء جمعوا فيه بين الرجاء والخوف. قال: "والرجاء أن يرجو العبد رحمة الله" أن يرجو العبد رحمة الله العامة ورحمته الخاصة، الرحمة العامة هي التي يكون بها حصول النعم لعموم الخلق، ودفع الشرور والنجاة من المهلكات الدنيوية، والتوسيع في الرزق، وأشياء من هذا هذه رحمة عامة. والرحمة الخاصة أي الرحمة الخاصة بالمؤمنين، وهذه التي تدخل في قوله (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) (قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) أي الرحمة الخاصة بعباد الله عز وجل وأوليائه المتقين.
قال: "والرجاء أن يرجو العبد رحمة الله العامة ورحمته الخاصة به فيرجو قبول ما تفضل الله عليه به من الطاعات وغفران ما تاب منه من الزلات، ويعلق رجاءه بربه في كل حال من أحواله"
المعنى أن المؤمن يقدم ما يقدم من طاعة، ويفعل ما يفعل من عبادة وأيضا يتجنب المنهي والمحظور وما حرم الله جل وعلا لأنه يرجو بذلك الشيء عند الله رجاء رحمة الله، يفعل ذلك يرجو رحمة الله، يرجو ما عند الله سبحانه وتعالى (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة) أي يقدمون هذه الطاعات والقرب ويبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه) نعم.

📖 قال رحمه الله: "وذكر الله تعالى الإنابة في مواضع كثيرة وأثنى على المنيبين، وأمر بالإنابة إليه، وحقيقة الإنابة انجذاب القلب إلى الله تعالى في كل حالة من أحواله، ينيب إلى ربه عند النعماء بشكره، وعند الضراء بالتضرع إليه، وعند مطالب النفوس الكثيرة بكثرة دعائه في جميع مهماته، وينيب إلى ربه باللهج بذكره في كل وقت، والإنابة أيضا الرجوع إلى الله بالتوبة من جميع المعاصي، والرجوع إليه في جميع أعماله وأقواله، فيعرضها على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فتكون الأعمال والأقوال موزونة بميزان الشرع."
🎤قال رحمه الله تعالى: "وذكر الله عز وجل الإنابة في مواضع كثيرة وأثنى على المنيبين" (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد) فالله جل وعلا أثنى على المنيبين، وأمر بالإنابة (وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له)، (منيبين إليه واتقوه)، والآيات في هذا المعنى كثيرة. قال حقيقة الإنابة: انجذاب القلب إلى الله في كل حالة من الأحوال، ينيب إلى ربه عند النعماء بشكره، وعند الضراء بالتضرع إليه، وعند مطالب النفوس الكثيرة بكثرة دعائه في جميع مهماته، وينيب إلى ربه باللهج بذكره في كل وقت، وهذا يفيد أن معنى الإنابة واسع ويدخل في باب الطاعات والعبادات، والقربات، ويدخل في باب تجنب المنهيات وما يسخط الله، ويدخل في باب الدعاء والطلب والسؤال، ويدخل في باب النعم والشكر للمنعم سبحانه وتعالى. قال: "والإنابة أيضا الرجوع إلى الله بالتوبة من جميع المعاصي، والرجوع إليه في جميع أعماله وأقواله، فيعرضها على كتاب له وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فتكون الأعمال والأقوال موزونة بميزان الشرع. الإنابة هي الرجوع والإقبال، رجوع من العبد إلى ربه، وإقبال على ما يقرب ما يقرب إلى الله جل وعلا.

📖 قال رحمه الله: "أمر الله تعالى بالإخلاص وأثنى على المخلصين، وأخبر أنه لا يقبل إلا العمل الخالص، وحقيقة الإخلاص أن يقصد العامل بعمله وجه الله وحده وثوابه، وضده الرياء، والعمل للأغراض النفسية".
🎤قال رحمه الله تعالى: "وأمر الله سبحانه وتعالى بالإخلاص" أمر الله عز وجل بالإخلاص (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) أمر بالإخلاص لله عز وجل، وقال (فادعوه مخلصين له الدين)، وأثنى على المخلصين في مواطن عديدة مثل قوله (إلا عباد الله المخلصين)، (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلَصين) في قراءة (المخلِصين) الجمع بين القراءتين يُثمر أن الإخلاص هو الخلاص، هو النجاة (كذلك، لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلَصين) في قراءة المخلِصين، المخلصين لله عز وجل، والمخلَصين الذين أخلصهم الله عز وجل واصطفاهم واجتباهم.
 قال "أمر الله جل وعلا بالإخلاص وأثنى على المخلصين وأخبر أنه لا يقبل إلا العمل الخالص" (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا) وأما سواهم فعملهم غير مقبول، لهذا جاء في السنة عن نبينا عليه الصلاة والسلام أن الله جل وعلا قال (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه) قال رحمه الله تعالى: "حقيقة الإخلاص أن يقصد العامل بعمله وجه الله وحده" أن يقصد العامل بعمله وجه الله وحدة وثوابه، وضده الرياء والعمل للأغراض النفسية. الإخلاص هو: أن يراد بالعمل وجه الله، أن يؤتى بالعمل صافيا، نقيا، لا يراد به إلا الله. هذا هو الإخلاص، لأن الخالص هو الصافي النقي (ألا لله الدين الخالص) الآن الدين الخالص هو الصافي النقي. ما معنى (لله الدين الخالص)؟
 أي الدين الصافي النقي الذي ليس فيه شوائب رياء أو السمعة، أو إرادة الدنيا بالعمل، أو نحو ذلك من الخوارم والقوادح في النية. فالخالص هو الصافي الذي لم يرد به إلا وجه الله. ويوضح معنى الخالص لغة قول الله عز وجل في سورة النحل (وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبن خالصا سائغا للشاربين) خالصا أي صافيا نقيا يخرج من بين فرث دم؟ على هذه الصفة خالص، أي صافي نقي لا ترى في نقطة دم، ولا ترى فيه قطعة فرث صافي، هذا الخالص، الخالص هو الصافي النقي (ألا لله الدين الخالص) أي الدين الصافي النقي، بمعنى أن العمل كله بتمامه لا يُبتغى به إلا الله جل وعلا، لأن الله عز وجل لا يقبل العمل الذي يجعل معه فيه شركاء. العمل الذي جعل فيه مع الله الشركاء يرد على العامل، (أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه". نعم.

📖 قال رحمه الله: "نهى الله تعالى عن التكبر وذم الكبر والمتكبرين، وأخبر عن عقوباتهم العاجلة والآجلة والتكبر هو رد الحق، واحتقار الخلق، وضد ذلك التواضع فقد أمر به، وأثنى على أهله، وذكر ثوابهم، فهو قبول الحق ممن قاله، وألا يحتقر الخلق، بل يرى فضلهم، ويحب لهم ما يحب لنفسه."
🎤قال رحمه الله تعالى: "ونهى الله سبحانه وتعالى عنا التكبر وذم الكبر وذم المتكبرين"
 قال جل وعلا (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) (ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) ، وقال (إنه لا يحب المستكبرين) فنهى عن التكبر جل وعلا وذم الكِبر والمتكبرين، وأخبر عن عقوباتهم العاجلة والآجلة (وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين)، (وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) وذكر العقوبات العاجلة والآجلة في مثل قوله (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) هذه عقوبة عاجلة، وقال (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين) هذه العقوبة التي في اليوم الآخر، قال الشيخ رحمه الله تعالى:
 والتكبر هو رد الحق واحتقار الخلق، وهذا مأخوذ من الحديث، النبي عليه الصلاة والسلام بهذا عرف التكبر لما سأله بعض الصحابة إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسن، ونعله حسن أذلك من الكبر؟ قال: لا، الكبر بطر الحق، وغمط الناس) هذا هو الكبر، بطر الحق: أي رده، مثل ما قال الشيخ، وغمط الناس احتقارهم كما قال الشيخ.
هنا الكبر يجمع بين سوأتين: 
الأولى: رد الحق لأن نفسه متكبرة فإذا جاء الحق بنوره وضيائه وبراهينه  ودلائله نفسه المتكبرة ما تقبله وكلما اشتد التكبر في النفس عظُم الرد للحق لأن النفس متكبرة، وأيضا النفس المتكبرة من جهة أخرى تزدري الآخرين، تحتقرهم و ترى نفسها أعلى ما يكون، فالتكبر يجمع بين هاتين السوأتين رد الحق واحتقار الخلق، مثل ما قال عليه الصلاة والسلام (بطر الحق وغمط الناس) بطر الحق رده، وغمط الناس احتقارهم وازدرائهم.
قال: وضد ذلك التواضع، فقد أمر الله سبحانه وتعالى به في مثل قوله (واخفض لهما جناح الذل) (واخفض جناحك للمؤمنين) (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) وأثنى على أهله، أهل التواضع (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا)، (إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون) وذكر ثوابهم في قوله (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) هذه الآية ذكرها بعد قصة قارون وعلوه في الأرض وإعجابه بنفسه وماله، لما ذكر الله عز وجل صفات عباد الرحمن ومنها (الذين يمشون على الأرض هونا) ختم السياق هذا كله بقوله (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما* خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما* قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم)
 قال الشيخ رحمه الله تعالى: "وضد ذلك التواضع فقد أمر به وأثنى على أهله وذكر ثوابهم، فهو أي التواضع قبول الحق ممن قاله وألا يحتقر الخلق، بل لا يرى فضلهم، ويحب لهم ما يحب لنفسهم مثل ما قال عليه الصلاة والسلام (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) أي ما يحب لنفسه من الخير. نعم.

📖 قال رحمه الله: "العدل هو أداء حقوق الله تعالى وحقوق العباد، والظلم عكسه، فهو يشمل ظلم العبد لنفسه بالمعاصي والشرك، وظلم العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم".
🎤قال رحمه الله تعالى: "العدل" والعدل أمر الله به، الظلم الذي هو ضد العدل نهى الله عنه، قال الله جل وعلا (إن الله يأمر بالعدل) فالله عز وجل أمر بالعدل، أمر عباده بالعدل، والعدل هو أداء حقوق الله و حقوق العباد، أداء حقوق الله من لم يؤدِ حقوق الله واقع في ضد العدل الذي هو الظلم (والكافرون هم الظالمون) ، (إن الشرك لظلم عظيم) الذي لا يؤدي حقوق الله هذا ظالم مفارق للعدل، بعيد عن العدل، والذي لا يؤدي حقوق العباد الواجبة، أو لا يكف أذاه عنهم هذا أيضا ظالم. فالعدل يتعلق بعبادة الخالق، ومعاملة الخلق، والظلم كذلك يتعلق بعبادة الخالق، وبمعاملة الخلق، قال: "العدل هو أداء حقوق الله وحقوق العباد والظلم عكسه" فهو يشمل ظلم العبد لنفسه بالمعاصي والشرك، وظلم العباد في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، ظلم العبد لنفسه بالمعاصي مثل قوله تعالى (ومنهم ظالم لنفسه) هنا المراد بالظالم نفسه المعاصي، الظلم هنا يراد به المعاصي، ويطلق الظلم في القرآن ويراد به الظلم الأكبر الذي هو الشرك (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور* وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير* فذوقوا فما للظالمين من نصير) هذه في نفس السياق قبلها قال (ومنهم ظالم لنفسه) ذاك نوع، وهذا نوع في صفحة واحدة من سورة فاطر، هذا نوع وهذا نوع، الأول منهم ظالم لنفسه بالمعصية، ماذا قال بعدها في الظلم في المعصية؟ قال (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير* جنات عدن يدخلونها) الواو ترجع للثلاثة حتى الظالم نفسه، لكن المقتصد والسابق بالخيرات دخولهم للجنة دخولا أوليا، والظالم لنفسه دخوله للجنة من بعد المحاسبة، أما الظالم لنفسه ظلم الكفر جاء بعدها بآيات (والذين كفروا لهم نار جهنم) الظالم لنفسه ظلم الكفر ليس له في الدار الآخرة إلا النار مخلدا فيها أبد الآباد (لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها) قال: "فهو يشمل ظلم العبد لنفسه بالمعاصي والشرك، وظلم العباد" وعليه فإن الظلم ثلاثة أنواع كلها ذكرها الشيخ الظلم ثلاثة أنواع، وجاء في حديث يروى عن نبينا عليه الصلاة والسلام (دواوين الظلم ثلاثة - أي ثلاث أنواع-  دواوين الظلم ثلاثة ديوان لا يغفره الله الذي هو الشرك، و ديوان لا يعبأ الله به وهو ظلم الإنسان لنفسه، لأنه تحت المشيئة، وديوان لا يتركه الله الذي هو ظلم العباد) لا يتركه الله حتى يقتص للمظلوم من ظالمه. فأنواع الظلم ثلاثة كلها ذكرها الشيخ هنا:
الأول: المعاصي، هذا واحد.
والشرك هذا الثاني.
 وظلم العباد هذا الثالث. 
وظلم العباد يدور حول هذه الثلاث: إما الدماء أو الأموال أو الأعراض، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم) هي هذه الدماء والأموال والأعراض، هذا قاله في حجة الوداع، وفي حجة الوداع أيضا قال (ألا إنما هن أربع - يعني أكبر الكبائر وأعظم من الموبقات - ألا إنما هن أربع لا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا) ،  (لا تقتلوا) هذا الدماء، (لا تزنوا) الأعراض، (لا تسرقوا) الأموال
(إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) فظلم العباد إما في الدماء أو الأموال أو الأعراض.نعم

📖 قال رحمه الله: "الصدق هو استواء الظاهر والباطن في الاستقامة على الصراط المستقيم، والكذب بخلاف ذلك".
نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، هدانا إليه صراطا مستقيما..
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. جزاكم الله خيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق