الأربعاء، 18 يوليو 2012

الحلقــ الثانية عشرة ـــة / سورة (ص) آية -34-



الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على من شرح الله له صدره ورفع الله له ذكره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وبعد :
 أيها المباركون فهذا أستئناف لهذه الدروس في التفسير التي نلقيها في هذا الجامع المبارك سائلين الله جل وعلا التوفيق والسداد.
 الآيات التي سنشرف في الحديث عنها قول الله - جل وعلا في سورة (ص) {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}
 الآيات تتحدث عما أفاءه الله على عبده ونبيه سليمان بن داود وسنتحدث عنها وفق آيات القرآن أما قول الله {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ} لم يتبين لكثير من أهل التفسير ما المراد بالفتنة هنا ونُقلت في هذه المسألة إسرائيليات لا يمكن قبولها في حق أحد الناس فضلا على أن تقبل في نبي قال الله عنه {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} قال الله بعدها {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي} وهذا من جنس الإنابة التي ذكرها الله قبلها فسأل الله المغفرة والمغفرة معناها : ستر الله على الذنب ومحوه ، ولهذا يسمى الذي يوضع غطاء للرأس في الحروب يسمى مغفر لأنه يستر الرأس عن أن يضرب .
قال الله جل وعلا عنه { قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} هنا تحتمل الآية كم معنى تحتمل معنيين :
 بعض أهل العلم يقول إن معنى قوله - جل شأنه - عن عبده سليمان {وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} أي ملكا باقٍ في حياتي لا يتسلط علي فيه أحد يسلبني إياه ، قالوا الذي دفع سليمان إلى هذا أنه سُلط على كرسيه قبل هذا الدعاء قالوا هذا معنى {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} أي أن جمعا من الجن تسلطوا على كرسيه ، سلبوه إياه أياما أو أقل أو أكثر فأراد أن يبقى له ملكه حتى يموت فقال {وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} أي في حياتي .
هذا قول طائفة من العلماء وأرادوا بهذا أمرين :
 الأول : أن يبينوا علاقة الآية بالتي قبلها
 وأرادوا بالثانية : أن لا يتهم نبي الله بأنه يحب الخير لنفسه ولا يحبه لغيره حتى ينزه سليمان من أن يظن به أنه لا يحب الخير للناس يقول {لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِيهذا مسلك طائفة من العلماء.
 وظاهر القران وعليه الجمهور وهو الصحيح - إن شاء الله - أن المقصود بقوله {لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} أي إلى قيام الساعة ، وكلمت "من بعدي" هنا بمعنى من دوني يعني لا ينبغي لأحد غيري {لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.
 كيف الجواب على من يقول كيف يظن بنبي الله أن يطلب هذا ويمنع غيره الخير، والجواب عن هذا عقليا : سليمان دعى هذا الدعاء ونحن لم نسمعه كيف عرفنا أن سليمان دعى؟ الله - جل وعلا - أخبرنا ، الله لا يمكن أن يمدح بأمر سيء الله لا يمدح إلا بعظيم قال {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} مدحها {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ} مدحه ، فدلّ هذا على أن هذا الدعاء الذي قاله سليمان بينه وبين الله قبل أن نعلمه ، الله - جل وعلا - ألهمه إياه وقبِلهُ منه تكريما له ولهذا قاله الله - جل وعلا - في كتابه وأخبرنا عنه ولو قُدر أن هذا أمر ينقص من قدره عليه السلام لما أخبرنا الله - جل وعلا - به ، ولو كانت هفوة أو زلة من زلاته على الفرضية الجدلية لما مدح الله - جل وعلا - سليمان به ، لكن فقهنا أن الله - جل وعلا - هو الذي ألهمه سليمان وجعله محببا إلى قلبه هذا الدعاء وهو الذي استجاب له تكرمة له وهو الذي أخبرنا عنه تبارك إسمه .
قال جل وعلا {وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} يعلم أن هذا لا يقدر عليه إلا الله ، وحري بالمؤمن قبل أن يدعو أن يستصحب علما بأن الله على كل شيء قدير .
قال الله {فَسَخَّرْنَا} هنا إخبار عن الإجابة {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} يأتي إشكال : أن الله قال هنا {رُخَاءً} ومعنى رخاء لينة ، وقال في الأنبياء {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} فاختلف العلماء في الجمع ما بين آية الأنبياء وآية ص :
- فقال بعضهم :{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} أي سخرنا لسليمان الريح التي أصلها أن تعصف فجعلناها له لينة حتى يبين تمام النعمة عليه هذا مسلك .
مسلك آخر: قيل إنها لينة إذا أراد وعاصفة إذا أراد فتكون في أحوال عاصفة عند حاجته إليها وتكون في حال أخرى لينة .
وقال آخرون إنها عاصفة في أول نشأتها لينة إذا أستقر عليها .
والأول لعله أرجح ولا أجزم به والعلم عند الله .
 {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} قال في سبأ {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}.
{تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} أصاب هنا ليست من الصواب الذي هو ضد الخطأ وإنما بمعنى أراد {حَيْثُ أَصَابَ} حيث أراد حيث قصد.
 ثم قال جل وعلا {وَالشَّيَاطِينَ} أي وسخرنا له الشياطين ، مفردها شيطان وهي تقال على متمرد الجن {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} والواو تقتضي المغايرة عطف أي أن فئة من االشياطين تبني له ما يشاء من قصور من محاريب من تماثيل وفئة أخرى من الشياطين تستخرج له اللؤلؤ والمحار من البحار، وهذا كله إكراما من الله - جل وعلا - لهذا النبي الملك بن نبي الله داود . {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ} صيغة مبالغة من بنى ، {وَغَوَّاصٍ} صيغة مبالغة من غاص .
{كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ *  وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ } الواو نفسها واو عطف لكنها تقتضي المغايرة لكن المغايرة هنا تحتاج إلى أن ينيخ المرء مطاياه ، هل معنى قول الله { وَآخَرِينَ} أي { وَآخَرِينَ} يصبح مغايرة في الصفات أو مغايرة في الذوات وهذه لمن يطلب العلم ويريد التفسير لابد أن يفقهها يوجد تغاير في الذوات ويوجد تغاير في الصفات ، معنى الآية { وَآخَرِينَ} إذا قلنا إنها في الصفات يصبح المعنى جنّ يبنون ، وجنّ يغوصون ، وجنّ مقيديون ، كلهم شياطين ، هذا تغاير في الصفات ،  إذا قلنا إنها تغاير في الذوات يصبح المعنى {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} من غير الجنّ يعني آخرين غير الجن ، أصبح تغاير في الذوات وقلنا أنها مهمة حتى تفهم كلام الله ، الله يقول مادحا ذاته العلية {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} هذا العطف تغاير في الصفات فالله واحد لكن معنى الآية أن من صفات الله أنه إله لمن في السماء ومعنى الآية أن الله الذي لا رب غيره إله لمن في الأرض ، هذا تغاير في الصفات لا تغاير في الذوات فالله واحد لا رب غيره ولا إله سواه . لو لم يفقه المؤمن هذا الأمر يقع في إشكالات لأن تكرار النكرة في قواعد اللغة يعني التغاير كما حرره السيوطي وغيره فمثلا : الله - جل وعلا - يقول {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا } فاليسر الأول غير اليسر الثاني لأنها نكرة مكررة ، والنكرة إذا كُررت لا تعني الأول فيأتي إنسان يقول : أنت تقول أن النكرة إذا تكررت لا تعني الأولى ، وتقول والله قال {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} و "إله" نكرة {وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} و "إله" نكرة ؟ نقول هذا تغاير في الصفات لا في الذوات مثاله : الله يقول {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى * الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} هذا من صفاته {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}هذا من صفاته {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} هذا من صفاته ، فهذه صفات ثلاث الأولى غير الثانية ، والثانية غير الثالثة لكنها تتكلم عن ذات واحدة هي ذات الله ، فالتغاير في الذوات غير التغاير في الصفات فقوله - جل وعلا - {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} الأرجح أنه تغاير في الصفات لا في الذوات لأن لو قلنا أنه تغاير في الذوات لا يوجد إلا جنّ أو إنس وليس هناك مصلحة في أن يؤتى بالإنس يُقيدون لكن الجنّ يُقيدون حتى يُكفّ فسادهم وشرهم عن الناس . {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ} جمع صفد وهو القيد . هذا بعض ما أفاءه الله - جل وعلا - على هذا النبي الصالح .
قال الله بعدها {وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * هَذَا} الذي تراه ، الذي تتحكم فيه ، الذي سُخّر لك {عَطَاؤُنَا} أي عطاء الله ولو شاء أن يسلبه لسلبه {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ} ثم انظر القرينة التي بعدها الله يقول له {بِغَيْرِ حِسَابٍ} أنت لو معاك مال إن أنفقت تؤجر وإن لم تُنفق تأثم ، والله قال لسليمان هذا المُلك إن أعطيت تؤجر وإن لم تُعطي لا تأثم هَذَا عَطَاؤُنَا {فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وتحتمل " مُنّ على من شئت من الشياطين بالإطلاق وأمسك من شئت من الشياطين بالقيد " والمقصود {بِغَيْرِ حِسَابٍ}، {بِغَيْرِ حِسَابٍ} تحتمل معنيين : - إما تعود على سليمان فيصبح المعنى : مننت على أحد أو أمسكت لا حساب عليك ولا إثم .
- وإما أن تصبح هذه جملة معترضة فيصبح المعنى : هذا عطاؤنا بغير حساب لك .
 لكن في المنتهى المقصود واحد فخذ ما شئت ، أُمنن بما شئت ، أعط من شئت لأن الذي يعطيك وهو ربك يملك كل شيء فيظهر هنا جليا عظيم استجابة الله - جل وعلا- لدعاء هذا النبي الصالح .
 يبقى حديث أن النبي - عليه الصلاة والسلام - كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال ( إن عفريتا من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع علي صلاتي ، فأمكنني الله منه ، فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم ، فذكرت دعوة أخي سليمان ) وهنا إشكال لأن ظاهر الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقدر أن يربطه لكنه لما تذكر دعوة سليمان تأدب مع سليمان وهذه حجة من قال التفسير الأول {مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} أي في حياتي ، لكن يُجاب عن هذا الإشكال : لو قُدّر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هو ظاهر الحديث يقدر على أن يربط هذا الجني في سارية المسجد هذا لا يقدح في مُلك سليمان لأن ليست قضية سليمان كلها محصورة في أنه له سلطة على الجنّ لأن ملكه أعظم من هذا الله - جل وعلا - قال {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} وقال {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ} وهذا أمر مستفيض فلا يمكن القياس من جهة واحدة في مُلك سليمان - عليه السلام - وهذا فضل من الله يؤتيه من يشاء ليمضي قدر الله .
قال الله - جل وعلا - {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} من تأمل سُنن الله في خلقه تبيّن له أن كلما عظُم حظ المرء من الدنيا كلما قلّ حظه من الآخرة ، هذا الأصل . فالفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء حتى إن فقراء المهاجرين يطرقون باب الجنة تقول لهم الملائكة أوحُسبتم ؟ يقولون : وعلى أي شيء نُحاسب إنما كانت سيوفنا على عواتقنا ويذكرون باقي الحديث (*) ، قال عليه السلام : (فيَقيلُون في الجنّةِ أربعين عامًا قبل أن يَدخُلها الناس ) هذا الأصل له استثناءات منها هذا النبي الكريم وحتى لا يُفهم أنّ حظّ سُليمان يَقِل في الآخرة قال الله - جلّ وعلا - {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} .
تأتي مسألة : النبي صلى الله عليه وسلم في أوّل بِعثتهِ خُيّر بين أن يكون نبيًا مَلِكًا ونبيًا عبدًا [فنرجع للقاء الماضي وهو الشورى] فنظَر إلى جبريل - قبل أن يتفوّه ، قبل أن يُجيب - فأشار إليه جبريل أن تواضع ؛ فاختار أن يكون نبيًا عبدًا لا نبيًا مَلِكًا فلما اختار عليه الصلاة و السلام أن يكون نبيًا عبدًا آتاهُ الله جلّ وعلا (المقام المحمود) الذي يَغبِطهُ عليه الأولون والآخرون صلوات الله وسلامه عليه؛ يقول : ( لواءُ الحمدِ بيدي؛ إبراهيمُ فمن سواه تحت لوائي ) وهذا يدُل على شرفِ إبراهيم ويدُلّ على شرفِه صلى الله عليه وسلم ،{وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} .
 من هذا يُفقه - وهذه لإخواني العُلماء والدعاة والوعّاظ في المقام الأول -  ينبغي على أمثالِنا مِمَن يُصدّرهُم الناس أن يَتقيَ الله في آخِرَته ، وألاّ يَفرح بما هو فيه في الدنيا لأن الله قال عن خليلِه إبراهيم {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وأثنى عليه ربه كثيرًا ، قال الله {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} وحتى لا يُفهم أنّ أجرهُ في الدنيا أضاع أجرهُ في الآخرة قال {وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} . فينبغي ان تُعلّق قُلوب العُلماء والدُّعاة والوعّاظ والحُفّاظ والأئمّة في المقام الأوّل بالله ، وأن يَخشى على نفسِهِ من أجرِ الدنيا أن يكون مانعًا من أجر الآخرة ، وهذا عظيمٌ جدًا استصحابُه لكن التوفيق لهُ بيدِ الله جلّ وعلا .
 متّعنا الله وإيّاكُم متاع الصالحين ، وصلى الله على محمدٍ و آلِه، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين .
 -------------------
 (*) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي ؟ " قال : الله ورسوله أعلم . فقال : " المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون ، فيقول لهم الخزنة ، وقد حوسبتم ، فيقولون بأي شيء نحاسب ، وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله ، حتى متنا على ذلك قال : فيفتح لهم ، فيقيلون فيه أربعين عاما قبل أن يدخلها الناس " . المستدرك على الصحيحين » كتاب الجهاد - أول زمرة تدخل الجنة المهاجرون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق