د.عويض بن حمود العطوي
الجزء الأول :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد : أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذا كان الإنسان يلتقي بأنواع من الناس ومن التخصصات فإن أفضل من يمكن أن يلتقي بهم الناس هم الذين يعلمون القرآن ، ولا يقال هذا الأمر مجاملة بل هو الحقيقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بذلك فقال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ولكن هذه الخيرية المتعلقة بتعليم القرآن والتي ترفع صاحبها إلى هذه المنزلة التي يجب أن يسعى إليها الإنسان ويحرص عليها هي في الوقت ذاته تُحمِّلُه من التبعة مثلها ، والمشكلة أحيانا أننا ننظر للقسم الأول ولا نشعر بالقسم الثاني ، فكلما كان الفضل عظيما كانت التبعة المترتبة عليه ثقيلة ، ولهذا عندما نتحدث مع معلم القرآن فنحن نتحدث مع الصفوة والخيرية ، هذا الذي ينبغي ، أما إن كان الواقع غير هذا عند إنسان أو شخص أو أشخاص فعليه أن يُعيد النظر في نفسه وذاته لأن الخيرية التي تحدث عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لن تتأخر ، هي حقيقية ويجب أن تكون وإنما يكون التأخر عندنا نحن إذ لم نطبق هذا أو لم نسِر على الطريق الصحيح المُوصل للخيرية ، هذه قاعدة أولى .
القاعدة الثانية :أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن باليُسر فهو ميسر في معانيه ، ميسر في تلاوته ، ميسر في أدائه ، ليس القرآن صعبا إلى الدرجة التي نرى عليها وضع طلابنا عندما يتخرجون حتى من الجامعات وهم لا يُجيدون القراءة -أحيانا- ولا الأداء، ولا فهم معاني القرآن، ولا الشعور به، ولا التأثر به . إنه لو جاء إنسان من خارجنا ليُقوّم ولينظر في بعض مخرجاتنا أداء فقط للقرآن دون الأهداف الأخرى التي وُضِعت هذه المادة من أجلها لربما قال هذه مادة صعبة جدا والدليل أن الطلاب يُخفقون فيها ولا يعرفون أداءها ، والحقيقة غير هذا ، أي الحقيقة في أصلها ، الحقيقة الواقعية نعم هي هذه لكن في أصلها أن القرآن سهل ولذلك لو أن إنسان أو لو أن أحد الطلاب تغيّر وضعه واهتم جدا بمادة القرآن فربما يتقنها في خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهر ، سيتحول تحول كامل وكبير وهذا يدل على سهولة هذا القرآن وتيسيره ، فإذا كنا نُلقي باللائمة أحيانا على بعض طلابنا - وهذا موجود ولاشك - ولكن أيضا لابد أن نلقي بجزء من اللائمة وليس بالقليل بل إننا نقول بقدر حجم الخيرية المذكورة في الحديث على من يعلم القرآن أو له علاقة بتعليم القرآن ولذلك نحن كلنا في هذه الدائرة من المسؤولية الأب والمعلم ومدير المدرسة والمشرف والطالب وكل من له علاقة بهذا لأن هذا هو كتاب ربنا وهو دستورنا . نحن في هذا اللقاء سنتحدث معكم عن بعض القضايا التي أرى - حسب رأيي - أنها من أسباب هذا الأمر الذي نراه في مدارسنا وفي مخرجاتنا .
يا إخواني : يجب أن نشعر بالأسى الكبير عندما يكون مخرجاتنا من طلابنا سواء من الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية بهذه الصورة في تعاملهم مع كتاب الله - عز وجل - .أنا أعلم أني لو سألتكم الآن أو عملنا استبيان : لماذا هذا الوضع في الطلاب ؟ ولماذا هذا الحجم في الإخفاق عندهم ؟
لوجدت أن كثيرا منا سيقول هناك مُعوقات كثيرة ، وهذا صحيح وأنا معك أن من المعوقات الكبيرة التي تواجهك :
- كثرة الأعداد في الفصل ، هذا صحيح
- طول المنهج ، هذا صحيح
- عدم اهتمام الطلاب أصلا من بيوتهم ، وهذا صحيح كثرة التعاميم - أحيانا - التي تأتيك وتُشغلك ، هذا صحيح
- الجو المدرسي ، هذا صحيح
خذ ما شئت ، أنا أريدك أن تُعدد ولو مئة عقبة ولكنني أقول رُغم هذا كله بما أنك معلم قرآن يجب أن تتعدى هذا كله ولا توقفك أي عقبة من هذه العقبات مهما كبُرت ومهما علا شأنها وأمرها لماذ ؟ لأنك مُعلم قرآن ، مُعلم كلام الله سبحانه وتعالى ، مُعلم تسعى إلى الخيرية ، أنا لا أتصور مُعلم في الدنيا يحصد أجرا ولا فضلا كمثلك أنت يا مُعلم القرآن ، هذا الحجم من الفضائل الذي يتم في خلال حصة واحدة لا تحصل لمعلم كيمياء ولا فيزياء ولا لغة عربية ولا تاريخ ولا غيره ، يحصل لك أنت لكن بالمقابل ماذا فعلت ؟ الطلاب كثيرون إذا أتقاعس في تدريسي ، المنهج طويل إذا لا أستطيع أن افعل ... ، مهما كانت الصعوبات يا أخواني الكرام أنا آمل أننا لا نفكر فيها أبدا ، نعم نفكر فيها من ناحية واحدة فقط أن أتخطاها وأتعداها وأُبدع في تدريسي وأجعل هدفي ألّا يخرج هؤلاء الطلاب من هذا الفصل الذي أُدرّسه إلا وهم على هذا المدى من التحسن الذي أسعى إليه بالقدر الذي يتحيه لي الوقت والزمن وغير ذلك ، بل إنني أتصور أن المعلم الذي يشعر بهذا الأمر في قرارة قلبه سيبحث عن وقت آخر مع الطلاب الضِعاف لأنه يعتبرهم أبناؤه ويعتبر أنه مسؤول عن تعليمهم ، سيبحث عن وقت آخر إما في الفسحة أو في العصر أو في غير ذلك لتعديل قراءتهم ، أما أن تكون مادة القرآن هي المادة التي يتسابق إليها المعلمون لأنها سهلة ، لأنها يسيرة ، لأنه يريد أن يرتاح في الفصل لأنه كثُرت عليه بعض المواد الأخرى ويخرج هذا ويصدر من أُناس على مستوى من التدين والخير ! أظن هذا لا يليق بكلام الله - عز وجل - ولا بوزنه ولا بثقله وقد جعله الله - عز وجل - ووصفه بالثُقل .
وهذا أيها الإخوة الكرام أنا أتصور أنه أول أسرار هذا الأمر وهو عدم شعورنا بما نُعلِّم ، بعض المعلمين بأخذ المادة لأنها سهلة لأنها لا تحتاج تحضير في البيت ، أنا سأقول حكم - والله أعلم بصحته- أنا أتصور أن مادة االقرآن من أصعب المواد تحضيرا وبعد ذلك من أصعبها أداء وإجراء ، وسنعرف الآن صورة من صور التحضير التي أرى أنا أنها تكون ، قد تكون غير واقعية هذا لكم لكن المهم أني أرى أن إنسانا يريد آية من الآيات ، سورة من السور أو مقطع يريد أن يُدرِّسه يحتاج إلى تحضير متعب جدا ويحتاج إلى وقت وجهد كبير .
أريد أن أعود إلى العقبات التي تحدث عنها مجموعة من الإخوة الكرام ويقفون عندها كثيرا ، فيه آية في كتاب الله - عز وجل - أو هي مجموعة آيات حقيقة دعونا نقف معها قليلا لأني أريد من خلال هذا اللقاء أن يكون فيه ضرب أمثلة وتحليل سريع لبعض الآيات من أجل إثبات أننا عندما نستثمر النص القرآني سيكون ممتعا ومفيدا وسيكون سببا لمحبة هذا القرآن العظيم .
الله سبحانه وتعالى يأمر موسى - عليه السلام - فيقول له (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) لاحظوا معنا : أمر من الله - سبحانه وتعالى - لموسى أن يذهب إلى فرعون ثم يصف الله - عز وجل - هذا الذي سيذهب إليه موسى عليه السلام بأنه طغى ، والحكم بطغيانه من الله - سبحانه وتعالى - وهذا أمر مرعب ومخيف ، وموسى - عليه السلام - يعرف فرعون فقد عاش عنده وتربى في بيته وهو يعرف بطشه وجبروته وظلمه ومع هذا الله - سبحانه وتعالى - يقول اذهب إليه ومع معرفتك السابقة به يقول الله - عز وجل - (إِنَّهُ طَغَى) هذه ليست عقبة ، هذه عشرات العقبات أمام موسى - عليه السلام - زد عليه أن موسى - عليه السلام - كان في لسانه لثغة لا يُبين إذا تحدث ، فالمَلَكَة التي يريد أن يقدم بها هذا المأمور به أيضا عنده مشكلة فيها والمكان الذي سيُقدم عليه غير مُهيأ والنفسيات التي سيذهب إليها غير مهيأه ومع هذا هل اعتذر ؟ لا. أنا أريدك أن تعمل مثل هذا تماما ، لا يوجد شيء اسمه عقبة مادام إني سأُعلّم قرآن ، أنا يمكن أن أقبل هذا من معلم آخر لأنه سيقيس القضايا بمقياس مادي ، تعطوني ما تعطوني ، هذا راتبي هذا ما هو راتبي ، دوامي 8 ساعات ، ليست مشكلة لكن أنت يا مُعلم القرآن لا ، المقياس عندك مختلف ، أنت تأخذ من الجهتين من الدنيا وتأخذ أجورا عظيمة لا توازى عند الله - سبحانه وتعالى - فإذا كنا نقيس القضايا المادية فقط فأين الأجر الأخروي ؟ أين هو ؟ أنا أخشى أن حصصنا تذهب هباء من هذه الناحية ، والله يُخشى علينا إذا كنا نُدرس فقط لأجل الراتب ولأجل الراحة مع إن بإمكاني أن أحوّل جلستي هذه إلى عبادة خير لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى - وبالتالي سيتغير الأمر ، الإنسان إذا كان يسعى في طاعة لن يشعر بالنصب والتعب ، وخذوا هذه الفائدة السريعة : موسى عليه السلام وهو الذي أرسله الله -سبحانه وتعالى - لما قال له إن هناك رجل أعلم منك ذهب موسى - عليه السلام - ومشى ، اختلف في الفترة الزمنية التي أخذها لكنه مشى زمنا ثم بعد ذلك فقد الحوت ، بعد فقده الحوت أحسّ بالنصب والتعب ، يقول أهل التفسير " فلم يشعر بالتعب ولا بالنصب إلا بعدما جاوز المكان " يعني الفترة الأولى وهي الطويلة لم يشعر فيها بنصب ولا تعب لأنه ذاهب إلى رغبة ، لأنه كان في ذات الله ، لأنه يريد أن يسعى إلى خير فتحمّل كل هذا ولم يشعر بشيء ، لما تجاوز الموقع الذي فيه الموعد شعر بالنصب والتعب والجوع وأخذوا من هذا إن الإنسان إذا سعى في خير وفي طاعة فإنه بإذن الله يصل إلى ما يُريد ولا يشعر بكثير من التعب ، فالله - سبحانه وتعالى - قال (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ماذا قال موسى عليه السلام ؟ قال (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)لاحظ أنه طلب من الله أمورا تُعينه ، هو لن يتردد في هذه المهمة لكنه طلب من الله - سبحانه وتعالى - أمورا تُعينه حتى ينشرح صدره لأن فرعون طاغية فمن الطبيعي أن ينقدح في روعه خوف وتردد فيكون مكانه الصدر فقال (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) نحن كثيرا ما يكون عندنا المشكلة في صدورنا ، في قناعاتنا فنحتاج إلى أن يشرح الله صدري لتدريس هذه المادة ، لتلقي هؤلاء الطلاب ، لماذا لا نقول هذا ، نطلب من الله أن يشرح صدورنا لهذه المادة، لتلقيها ، لتعليمها . ثم قال (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) هذا حلّ للعقبات التي قد تأتي ، قد تأتي عقبات اللهم يسرها لي ، وأنت كذلك . الأمر الثالث أنه طلب من الله تعالى إزالة العقبة الموجودة في ذاته وهي اللكنة قال (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي) لِمَ ؟ ليكون خطيبا ويستعرض أمام الناس ؟ أبدا إنما يُريد حتى يكون هذا الحل للعقدة سببا في فهم هذا المدعو لقوله . وكذلك أنت يا اخي يجب أن يكون دورك سواء مع المعلمين ، سواء في خارج المرسة أو في غير ذلك على مثل هذه الصورة من تحمل المسؤولية . لماذا نقول لك هذا يا مُعلم القرآن ؟ لأنك صاحب رسالة ولأنك معلم قرآن وكفى .عندما طُلب مني هذا الأمر رجعت إلى الأهداف لأني إنسان أؤمن أن الإنسان الذي يعمل بدون هدف لن يحقق شيئا ، أنا أدخل فصل طلاب وأخرج ، طيب لماذا تُدرّس القرآن .
لدي عشرة أهداف أخذتها من وثيقة العلوم الشرعية ، عشرة أهداف مطلوب أن تُحقق في المرحلة المتوسطة ، وعشرة أهداف مطلوب أن تًحقق في المرحلة الثانوية ، أنا لم أدخل في التفصيلات في المراحل الأخرى لأن هذه تكفيني وأقول لكم بكل صدق أني لم أكن أتوقع أن هذه الأهداف مكتوبة بهذه السعة ، وبهذه الصورة ، كنت أتوقع أن تدريس القرآن مقصور على أنه أداء معين وإصلاح للخلل واللحن والتجويد فقط لكن وجدت أن الأمور عظيمة جدا ، سأذكرها بسرعة :
- أن يتلو الطالب من سورة الكهف إلى سورة لقمان تلاوة مجودة . هذا للمرحلة المتوسطة
- أن يحفظ الطالب جزء عمّ
- أن يطبق الطالب أحكام التجويد
- أن يوقر الطالب كتاب الله . نركز على هذه
- أن يطبق الطالب أحكام القرآن ويتحلى بأخلاقه ويتعظ بمواعظه
- أن تنمو لغة الطالب اللغوية وتزداد ثروته اللفظية
- أن يكتسب الطالب القدرة على فهم ما يقرؤه من القرآن أن يتربى الطالب على الخشوع والتدبر عند تلاوة القرآن
- أن يستشعر الطالب ثواب تلاوة القرآن
- أن تقوى محبة الطالب لتلاوة القرآن وحفظه .
بكل بساطة يمكن أن آخذ هذه الأهذاف وفي نهاية الفصل ومن خلال ملاحظتي للطلاب أرى كم حققت ، هذا أمر طبيعي أن أحاسب نفسي ، كم حققت ، أم أن بعضنا لا يدري أصلا عن الأهداف هذه كلها ، أنا أخشى أن بعضنا نسيها تماما لأن الأهداف تُنسى ولذلك لابد من مراجعة باستمرار انظر فيها .العمل من خلال الهدف عمل منظم وصحيح والعمل بدون هدف غير مُنظم وغير صحيح ، ولا يعجبك أن أدءك جيد مادام أنه غير مُنظم لن يأتي بما نريده تماما . هذه العشرة في المتوسط .الأهداف التي في الثانوي :- أن يتلو الطالب المقرر تلاوة مجودة
- أن يحفظ الطالب قدرا مناسبا من القرآن
- أن يقوي الطالب قدرته على تطبيق أحكام التجويد عند التلاوة
هذه الثلاث الأولى تتعلق بالأداء بعد ذلك : ....
الجزء الأول :الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا أما بعد : أيها الإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، إذا كان الإنسان يلتقي بأنواع من الناس ومن التخصصات فإن أفضل من يمكن أن يلتقي بهم الناس هم الذين يعلمون القرآن ، ولا يقال هذا الأمر مجاملة بل هو الحقيقة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - شهد لهم بذلك فقال : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) ولكن هذه الخيرية المتعلقة بتعليم القرآن والتي ترفع صاحبها إلى هذه المنزلة التي يجب أن يسعى إليها الإنسان ويحرص عليها هي في الوقت ذاته تُحمِّلُه من التبعة مثلها ، والمشكلة أحيانا أننا ننظر للقسم الأول ولا نشعر بالقسم الثاني ، فكلما كان الفضل عظيما كانت التبعة المترتبة عليه ثقيلة ، ولهذا عندما نتحدث مع معلم القرآن فنحن نتحدث مع الصفوة والخيرية ، هذا الذي ينبغي ، أما إن كان الواقع غير هذا عند إنسان أو شخص أو أشخاص فعليه أن يُعيد النظر في نفسه وذاته لأن الخيرية التي تحدث عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لن تتأخر ، هي حقيقية ويجب أن تكون وإنما يكون التأخر عندنا نحن إذ لم نطبق هذا أو لم نسِر على الطريق الصحيح المُوصل للخيرية ، هذه قاعدة أولى .
القاعدة الثانية :أن الله سبحانه وتعالى وصف القرآن باليُسر فهو ميسر في معانيه ، ميسر في تلاوته ، ميسر في أدائه ، ليس القرآن صعبا إلى الدرجة التي نرى عليها وضع طلابنا عندما يتخرجون حتى من الجامعات وهم لا يُجيدون القراءة -أحيانا- ولا الأداء، ولا فهم معاني القرآن، ولا الشعور به، ولا التأثر به . إنه لو جاء إنسان من خارجنا ليُقوّم ولينظر في بعض مخرجاتنا أداء فقط للقرآن دون الأهداف الأخرى التي وُضِعت هذه المادة من أجلها لربما قال هذه مادة صعبة جدا والدليل أن الطلاب يُخفقون فيها ولا يعرفون أداءها ، والحقيقة غير هذا ، أي الحقيقة في أصلها ، الحقيقة الواقعية نعم هي هذه لكن في أصلها أن القرآن سهل ولذلك لو أن إنسان أو لو أن أحد الطلاب تغيّر وضعه واهتم جدا بمادة القرآن فربما يتقنها في خلال أسبوع أو أسبوعين أو شهر ، سيتحول تحول كامل وكبير وهذا يدل على سهولة هذا القرآن وتيسيره ، فإذا كنا نُلقي باللائمة أحيانا على بعض طلابنا - وهذا موجود ولاشك - ولكن أيضا لابد أن نلقي بجزء من اللائمة وليس بالقليل بل إننا نقول بقدر حجم الخيرية المذكورة في الحديث على من يعلم القرآن أو له علاقة بتعليم القرآن ولذلك نحن كلنا في هذه الدائرة من المسؤولية الأب والمعلم ومدير المدرسة والمشرف والطالب وكل من له علاقة بهذا لأن هذا هو كتاب ربنا وهو دستورنا . نحن في هذا اللقاء سنتحدث معكم عن بعض القضايا التي أرى - حسب رأيي - أنها من أسباب هذا الأمر الذي نراه في مدارسنا وفي مخرجاتنا .
يا إخواني : يجب أن نشعر بالأسى الكبير عندما يكون مخرجاتنا من طلابنا سواء من الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية بهذه الصورة في تعاملهم مع كتاب الله - عز وجل - .أنا أعلم أني لو سألتكم الآن أو عملنا استبيان : لماذا هذا الوضع في الطلاب ؟ ولماذا هذا الحجم في الإخفاق عندهم ؟
لوجدت أن كثيرا منا سيقول هناك مُعوقات كثيرة ، وهذا صحيح وأنا معك أن من المعوقات الكبيرة التي تواجهك :
- كثرة الأعداد في الفصل ، هذا صحيح
- طول المنهج ، هذا صحيح
- عدم اهتمام الطلاب أصلا من بيوتهم ، وهذا صحيح كثرة التعاميم - أحيانا - التي تأتيك وتُشغلك ، هذا صحيح
- الجو المدرسي ، هذا صحيح
خذ ما شئت ، أنا أريدك أن تُعدد ولو مئة عقبة ولكنني أقول رُغم هذا كله بما أنك معلم قرآن يجب أن تتعدى هذا كله ولا توقفك أي عقبة من هذه العقبات مهما كبُرت ومهما علا شأنها وأمرها لماذ ؟ لأنك مُعلم قرآن ، مُعلم كلام الله سبحانه وتعالى ، مُعلم تسعى إلى الخيرية ، أنا لا أتصور مُعلم في الدنيا يحصد أجرا ولا فضلا كمثلك أنت يا مُعلم القرآن ، هذا الحجم من الفضائل الذي يتم في خلال حصة واحدة لا تحصل لمعلم كيمياء ولا فيزياء ولا لغة عربية ولا تاريخ ولا غيره ، يحصل لك أنت لكن بالمقابل ماذا فعلت ؟ الطلاب كثيرون إذا أتقاعس في تدريسي ، المنهج طويل إذا لا أستطيع أن افعل ... ، مهما كانت الصعوبات يا أخواني الكرام أنا آمل أننا لا نفكر فيها أبدا ، نعم نفكر فيها من ناحية واحدة فقط أن أتخطاها وأتعداها وأُبدع في تدريسي وأجعل هدفي ألّا يخرج هؤلاء الطلاب من هذا الفصل الذي أُدرّسه إلا وهم على هذا المدى من التحسن الذي أسعى إليه بالقدر الذي يتحيه لي الوقت والزمن وغير ذلك ، بل إنني أتصور أن المعلم الذي يشعر بهذا الأمر في قرارة قلبه سيبحث عن وقت آخر مع الطلاب الضِعاف لأنه يعتبرهم أبناؤه ويعتبر أنه مسؤول عن تعليمهم ، سيبحث عن وقت آخر إما في الفسحة أو في العصر أو في غير ذلك لتعديل قراءتهم ، أما أن تكون مادة القرآن هي المادة التي يتسابق إليها المعلمون لأنها سهلة ، لأنها يسيرة ، لأنه يريد أن يرتاح في الفصل لأنه كثُرت عليه بعض المواد الأخرى ويخرج هذا ويصدر من أُناس على مستوى من التدين والخير ! أظن هذا لا يليق بكلام الله - عز وجل - ولا بوزنه ولا بثقله وقد جعله الله - عز وجل - ووصفه بالثُقل .
وهذا أيها الإخوة الكرام أنا أتصور أنه أول أسرار هذا الأمر وهو عدم شعورنا بما نُعلِّم ، بعض المعلمين بأخذ المادة لأنها سهلة لأنها لا تحتاج تحضير في البيت ، أنا سأقول حكم - والله أعلم بصحته- أنا أتصور أن مادة االقرآن من أصعب المواد تحضيرا وبعد ذلك من أصعبها أداء وإجراء ، وسنعرف الآن صورة من صور التحضير التي أرى أنا أنها تكون ، قد تكون غير واقعية هذا لكم لكن المهم أني أرى أن إنسانا يريد آية من الآيات ، سورة من السور أو مقطع يريد أن يُدرِّسه يحتاج إلى تحضير متعب جدا ويحتاج إلى وقت وجهد كبير .
أريد أن أعود إلى العقبات التي تحدث عنها مجموعة من الإخوة الكرام ويقفون عندها كثيرا ، فيه آية في كتاب الله - عز وجل - أو هي مجموعة آيات حقيقة دعونا نقف معها قليلا لأني أريد من خلال هذا اللقاء أن يكون فيه ضرب أمثلة وتحليل سريع لبعض الآيات من أجل إثبات أننا عندما نستثمر النص القرآني سيكون ممتعا ومفيدا وسيكون سببا لمحبة هذا القرآن العظيم .
الله سبحانه وتعالى يأمر موسى - عليه السلام - فيقول له (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) لاحظوا معنا : أمر من الله - سبحانه وتعالى - لموسى أن يذهب إلى فرعون ثم يصف الله - عز وجل - هذا الذي سيذهب إليه موسى عليه السلام بأنه طغى ، والحكم بطغيانه من الله - سبحانه وتعالى - وهذا أمر مرعب ومخيف ، وموسى - عليه السلام - يعرف فرعون فقد عاش عنده وتربى في بيته وهو يعرف بطشه وجبروته وظلمه ومع هذا الله - سبحانه وتعالى - يقول اذهب إليه ومع معرفتك السابقة به يقول الله - عز وجل - (إِنَّهُ طَغَى) هذه ليست عقبة ، هذه عشرات العقبات أمام موسى - عليه السلام - زد عليه أن موسى - عليه السلام - كان في لسانه لثغة لا يُبين إذا تحدث ، فالمَلَكَة التي يريد أن يقدم بها هذا المأمور به أيضا عنده مشكلة فيها والمكان الذي سيُقدم عليه غير مُهيأ والنفسيات التي سيذهب إليها غير مهيأه ومع هذا هل اعتذر ؟ لا. أنا أريدك أن تعمل مثل هذا تماما ، لا يوجد شيء اسمه عقبة مادام إني سأُعلّم قرآن ، أنا يمكن أن أقبل هذا من معلم آخر لأنه سيقيس القضايا بمقياس مادي ، تعطوني ما تعطوني ، هذا راتبي هذا ما هو راتبي ، دوامي 8 ساعات ، ليست مشكلة لكن أنت يا مُعلم القرآن لا ، المقياس عندك مختلف ، أنت تأخذ من الجهتين من الدنيا وتأخذ أجورا عظيمة لا توازى عند الله - سبحانه وتعالى - فإذا كنا نقيس القضايا المادية فقط فأين الأجر الأخروي ؟ أين هو ؟ أنا أخشى أن حصصنا تذهب هباء من هذه الناحية ، والله يُخشى علينا إذا كنا نُدرس فقط لأجل الراتب ولأجل الراحة مع إن بإمكاني أن أحوّل جلستي هذه إلى عبادة خير لا يعلمها إلا الله - سبحانه وتعالى - وبالتالي سيتغير الأمر ، الإنسان إذا كان يسعى في طاعة لن يشعر بالنصب والتعب ، وخذوا هذه الفائدة السريعة : موسى عليه السلام وهو الذي أرسله الله -سبحانه وتعالى - لما قال له إن هناك رجل أعلم منك ذهب موسى - عليه السلام - ومشى ، اختلف في الفترة الزمنية التي أخذها لكنه مشى زمنا ثم بعد ذلك فقد الحوت ، بعد فقده الحوت أحسّ بالنصب والتعب ، يقول أهل التفسير " فلم يشعر بالتعب ولا بالنصب إلا بعدما جاوز المكان " يعني الفترة الأولى وهي الطويلة لم يشعر فيها بنصب ولا تعب لأنه ذاهب إلى رغبة ، لأنه كان في ذات الله ، لأنه يريد أن يسعى إلى خير فتحمّل كل هذا ولم يشعر بشيء ، لما تجاوز الموقع الذي فيه الموعد شعر بالنصب والتعب والجوع وأخذوا من هذا إن الإنسان إذا سعى في خير وفي طاعة فإنه بإذن الله يصل إلى ما يُريد ولا يشعر بكثير من التعب ، فالله - سبحانه وتعالى - قال (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ماذا قال موسى عليه السلام ؟ قال (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي*وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي*وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي)لاحظ أنه طلب من الله أمورا تُعينه ، هو لن يتردد في هذه المهمة لكنه طلب من الله - سبحانه وتعالى - أمورا تُعينه حتى ينشرح صدره لأن فرعون طاغية فمن الطبيعي أن ينقدح في روعه خوف وتردد فيكون مكانه الصدر فقال (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) نحن كثيرا ما يكون عندنا المشكلة في صدورنا ، في قناعاتنا فنحتاج إلى أن يشرح الله صدري لتدريس هذه المادة ، لتلقي هؤلاء الطلاب ، لماذا لا نقول هذا ، نطلب من الله أن يشرح صدورنا لهذه المادة، لتلقيها ، لتعليمها . ثم قال (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) هذا حلّ للعقبات التي قد تأتي ، قد تأتي عقبات اللهم يسرها لي ، وأنت كذلك . الأمر الثالث أنه طلب من الله تعالى إزالة العقبة الموجودة في ذاته وهي اللكنة قال (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي) لِمَ ؟ ليكون خطيبا ويستعرض أمام الناس ؟ أبدا إنما يُريد حتى يكون هذا الحل للعقدة سببا في فهم هذا المدعو لقوله . وكذلك أنت يا اخي يجب أن يكون دورك سواء مع المعلمين ، سواء في خارج المرسة أو في غير ذلك على مثل هذه الصورة من تحمل المسؤولية . لماذا نقول لك هذا يا مُعلم القرآن ؟ لأنك صاحب رسالة ولأنك معلم قرآن وكفى .عندما طُلب مني هذا الأمر رجعت إلى الأهداف لأني إنسان أؤمن أن الإنسان الذي يعمل بدون هدف لن يحقق شيئا ، أنا أدخل فصل طلاب وأخرج ، طيب لماذا تُدرّس القرآن .
لدي عشرة أهداف أخذتها من وثيقة العلوم الشرعية ، عشرة أهداف مطلوب أن تُحقق في المرحلة المتوسطة ، وعشرة أهداف مطلوب أن تًحقق في المرحلة الثانوية ، أنا لم أدخل في التفصيلات في المراحل الأخرى لأن هذه تكفيني وأقول لكم بكل صدق أني لم أكن أتوقع أن هذه الأهداف مكتوبة بهذه السعة ، وبهذه الصورة ، كنت أتوقع أن تدريس القرآن مقصور على أنه أداء معين وإصلاح للخلل واللحن والتجويد فقط لكن وجدت أن الأمور عظيمة جدا ، سأذكرها بسرعة :
- أن يتلو الطالب من سورة الكهف إلى سورة لقمان تلاوة مجودة . هذا للمرحلة المتوسطة
- أن يحفظ الطالب جزء عمّ
- أن يطبق الطالب أحكام التجويد
- أن يوقر الطالب كتاب الله . نركز على هذه
- أن يطبق الطالب أحكام القرآن ويتحلى بأخلاقه ويتعظ بمواعظه
- أن تنمو لغة الطالب اللغوية وتزداد ثروته اللفظية
- أن يكتسب الطالب القدرة على فهم ما يقرؤه من القرآن أن يتربى الطالب على الخشوع والتدبر عند تلاوة القرآن
- أن يستشعر الطالب ثواب تلاوة القرآن
- أن تقوى محبة الطالب لتلاوة القرآن وحفظه .
بكل بساطة يمكن أن آخذ هذه الأهذاف وفي نهاية الفصل ومن خلال ملاحظتي للطلاب أرى كم حققت ، هذا أمر طبيعي أن أحاسب نفسي ، كم حققت ، أم أن بعضنا لا يدري أصلا عن الأهداف هذه كلها ، أنا أخشى أن بعضنا نسيها تماما لأن الأهداف تُنسى ولذلك لابد من مراجعة باستمرار انظر فيها .العمل من خلال الهدف عمل منظم وصحيح والعمل بدون هدف غير مُنظم وغير صحيح ، ولا يعجبك أن أدءك جيد مادام أنه غير مُنظم لن يأتي بما نريده تماما . هذه العشرة في المتوسط .الأهداف التي في الثانوي :- أن يتلو الطالب المقرر تلاوة مجودة
- أن يحفظ الطالب قدرا مناسبا من القرآن
- أن يقوي الطالب قدرته على تطبيق أحكام التجويد عند التلاوة
هذه الثلاث الأولى تتعلق بالأداء بعد ذلك : ....
الجزء الثاني :
- أن يقوي الطالب صلته بكتاب الله - عز وجل -
- أن يتأدب الطالب بآداب القرآن ويعمل بأحكامه
- أن يزيد الطالب توقيره لكتاب الله تعالى
- أن يفهم الطالب معاني السور المقررة فهما إجماليا
- أن بزبد الطالب قدرته على التدبر والخشوع عند التلاوة
- أن يزيد الطالب ثروته اللغوية
- أن يزيد الطالب مهارته في الإحساس والتذوق للأساليب البلاغية للقرآن الكريم
هذه أهداف عظيمة بصراحة ، جمعتها أنا من الثانوي والمتوسط أدخلتها في بعض فصارت معي تسعة، هذه التسعة عندما تكون عندي استفيد منها حقيقة سواء كنت في حِلق تحفيظ أو في غيره ، ماذا عملت من برنامج للأول ؟ ماذا عملت من خطوات لتحقيقها للثاني ؟ ماذا عملت للثالث ؟
هل تتصور أنه يمكن أن تتحقق هذه الأهداف هكذا بمجرد دخولي وخروجي للفصل ؟ أنا لا أتصور هذا ، أنا أتصور أن المعلم الجيد وأتوقع هذا ممكن يكون من الجهة المشرفة قد تكون موجودة أو غير موجودة أنا لا أدري ، لازم يكون لكل هدف آلية تحقيق ، خطوات ، واحد اثنين ثلاثة أربعة كحد أدنى لأنني إذا لم أضع هذا فسأركز على واحد من الأهداف وأترك الأهداف الأخرى.
يا إخواني الكرام : قد يكون رأيي غير صحيح لكني أتصور أن قضية الأداء والتصحيح قضية ثانوية ستأتي بعد أن يشعر الطالب بقيمة هذا القرآن أولا وبتعظيمه ، كيف نريد طالب أصلا أن يتعلم الفتحات والضمات وهو أصلا لا يوقر كلام الله ويكتب عليه ويرميه ، كيف سيتعلمه أصلا ؟ لا يمكن يا إخواني الكرام ، الناس - كما يقولون - لا يتعلمون إلا مِمن يحبون ، وإذا كان هو لا يحب هذه المادة ، أنا أسأل بعض الطلاب عندما أسأل عن مادة القرآن ، هو لا يجرؤ أن يقول أنا لا أحب القرآن ، وهذا طيب فيكون في روعه هذه الكلمة ، وبعضهم سمعته يقول : استغفر الله أنا لا أحب حصة القرآن ، لاحظ معي كلمة "استفغر الله" التي قدمها قبل كلامه ، فيه جزء من الخوف في الداخل من تعظيم القرآن لكنه ليس الجزء الذي نريده ، نريد جزء أكبر من هذا ، والله إنها طامة كبرى أن نجد كتابات من أبنائنا على المصاحف ، وكتابات سيئة أحيانا ، يجب أن يكون للمعلم دور في هذا أن يُنبه وليس فقط يُنبه إنما يشعر شعور حقيقي بحجم المأساة ، إذا كان كلام ربنا بهذه الصورة عند أبنائنا فلا أتصور حقيقة إلا هذا المستوى الذي نراه ، لا يُوقر ، لا يهتم ، لا يخشع ، لا يخضع ، لا يتأدب بآدابه ، ثم تريد بعد ذلك أن تقول له فتحة وضمة وكسرة ، وإذا حصل هذا منه لن يُجاوز تراقيهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو صوت فقط ، أنا أتصور أن هذا قبل هذا يا إخوان وقد يكون أحيانا موازيا له المهم أنه يُعطى جزء من الأهمية كبير عند المعلم وبالتالي أنا أرى أن المعلم الذي يريد أن يدخل الحصة يهتم بهذه الأهداف كلها وبعضها ، كلها على مدى الفصل وبعضها على مدى حصص أنه لن يستطيع أن يهدأ تلك الليلة وهو لم يحضر شيئا للمادة ولم يقرأ فيها شيئا أصلا ، ولم يهتم بفضائل السور التي سيقرأها ، ولم يهتم بمعاني الكلمات التي سيقرأها ، ولا يعرف المعنى الإجمالي ، ولو قام طالب قال ما معنى هذه الكلمة يا أستاذ لم يعرف شيء . أصلا لم يشعر المُعلم بقيمة المادة فكيف تريد أن ينتقل الشعور إلى هذا الطالب ؟ والطلبة يقيسون ويعرفون . أقول : والله ما كلامي يا إخواني الكرام ولا هذه الحدة التي ربما تظهر فيه إلا أن هذا القرآن كلام ربنا - سبحانه وتعالى - ونحن والله مسؤولون عنه شئنا أو أبينا وما دمنا وُضعنا في هذا المكان أنا أقول ليتق الله الإنسان وهو بهذا الموقع ، يخاف الله - سبحانه وتعالى- يجعل مادة القرآن أعلى المواد ، أعظمها شأنا ويقف معها ويُحضر لها ، والله لو حضّر الواحد تحضيرا جيدا لينقلب بسبب مادة القرآن هذه إلى إنسان معه علم كثير ولكنه يبقى يُدرس في هذه المادة ثم تجده بعد سنوات رجل أمي لا يعرف شيئا من معاني القرآن ، طيب هذه السنوات ماذا كنت تفعل ؟ عندك الأداء كان بإمكانك أن تعرف تفسير القرآن كاملا أو على الأقل الآيات التي درّستها خلال السنوات ، وأتصور المُعلم الناجح أنه يتنقل من المراحل كل مرة يأخذ مرحلة جديدة وإن كانت صعبة عليه ليُفيد وليستفيد هو أيضا فتكون مادة القرآن فعلا ( إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع آخرين ) فيرفعك الله سبحانه وتعالى في علمك ومكانتك ومنزلتك في الدنيا والآخرة .
لماذا أنا أقول هذا الأمر وبهذه اللغة أحيانا ، واعذروني يا إخواني فالحديث لي أولا لأننا معنيين بالقرآن ولنا جميعا يا إخواني الكرام لأننا إذا لم نتصارح في مثل هذه القضايا سيكون المسألة فيها نوع من أنواع التزويق والتزييف الذي لا يُفيدنا كثيرا ، أنا أقول هذا الأمر لأنك معلم قرآن وكفى ، يكفي أنك معلم قرآن يجب أن تتحمل كل ما ذكرنا من هذه الأمور خصوصا أنك أنت يا مُعلم تملك أمور لا يملكها أي مُعلم آخر ، وبيدك شيء ومُحصّل عندك وتستطيع أن تستفيد منه لا يوجد عند معلّم آخر ، أنت معك - يا أخي الكريم - النور وقد سماه الله - عز وجل - نورا ، يا إخواني : ما دام معي نور ألا أرى الخلل في أخلاق الطلاب أمامي ، ألا أرى الإنحراف الموجود أمامي ، ألا أرى البلاء الذي يعيشه طلابنا في المتوسطة والثانوية والضياع الذي يعيشونه ، طيب ما قدر النور الذي أوصلته، أنا لا حظت في كثير من ... النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفى في حديثه مع الكفار أنه قرأ عليهم القرآن فقط ، فقط أسمعهم هذا النور ، أوصل إليهم هذا النور ولكن بتهيئته ، بالصدق الحقيقي في قراءته ، القرآن مؤثر والله يؤثر، أحد الإخوة يقول : جلس أمامي أمريكي ما أعرف أتكلم معاه إنجليزي ، يقول : فقرأت عليه قرآن ، جلس هو وانا أقرأ قرآن ، يقول : إنه كان رافع رأسه وصار ينزل رأسه شوي شوي حتى وضعه بين ركبتيه ، يقول : لا أدري مالذي حصل له ، لا يفهم مني ولا أنا أعرف لغته وكنني قلت سأقرأ عليه حتى يسمع كلام الله ، يقول : سألت بعد ذلك أحد المترجمين معه فقال : لا أدري لكن الكلام الذي تقوله هذا كلام مؤثر . وهذا حقيقي يا إخوان ،هذا كلام الله - سبحانه وتعالى - فيه سر لا يستطيع البشر أن يقيسوه ولا أن يعرفوا كنهه ، مؤثر بلاشك .
أنت معك الذكر يا أخي تذكر ، معك االفرقان ، معك الروح ، معك الشفاء ، معك كل هذا ثم ليس له أي تأثير ؟! تعرفون لما نأتي الآن لشخص ونعطيه صلاحيات ونعطيه معاونين ونعطيه ونعطيه ونقول حقق هذه ولا يعمل لنا شيء ماذا نقول له ؟ سيحاسب على تقصيره ، لكن إنسان ليس معه شيء قد يكون معذور لكن أنت يجب أن يكون أوسع من هذا الأمر.
ثم بعد هذا أريدك ألا تنشغل بما أخذت من راتب أو من حصص أو ساعات متاخرة أو متقدمة أو غير ذلك ، هذا قد يُناقش لكن ليس هي القضية التي يوميا يدور الحديث فيها ، أنا لم أدخل مدرسة ، دخولي قليل لكني لا أذكر أني دخلت مدرسة إلا والحديث عن الحصص وتقديمها وتأخيرها ، لماذا أعطوني هذه المادة ولم يعطوني هذا وغيبة ونميمة رهيبة ، لا أذكر اني في يوم من الأيام سمعت كيف نطور المادة الفلانية ، كيف نرتقي بالطلاب ، كيف نعمل كذا ، نادر وقليل ، لماذا عندنا هذا الهمّ ؟ أترك الأمور الدنيوية فكل الموظفين في الدنيا يحملون هذا الهمّ وينتاقشون فيه لكن أنت يجب أن يكون نقاشك مختلف تماما لأنك تسعى للخيرية والذي يسعى للخيرية يسعى لها بقدر حجمها وبقدرها فالله - سبحانه وتعالى - يقول (وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) إذا لابد أن تكون ربانيّ، إذا كنت تريد تعلم الكتاب ، الكتاب كما قال الطبري القرآن ، "ربانيين" يقول الطبري " مأخوذة من الرُبّان أو الرَبّان وهو قائد السفينة فهي منسوبة له " هذا رأي الطبري ، والتعرف معناه : هو الذي يُصلح ويقود السفينة إلى ما يُصلحها فالمطلوب فيك أن تكون قائد تسعى من خلال القرآن إلى إصلاح من عندك ، هذا رأي . الرأي الثاني : أنها منسوبة إلى الرب وهو نسبة على غير قياس ، لو كانت على القياس لكانت ربي ولكنها منسوبة "ربانيّ" على مثل شعراني أي فيه شعر كثير ، منسوب إلى الشعر أو لحياني منسوب إلى اللحية مع أنه لو كان على القياس لقال شعري أولحيي أو غير ذلك . فجاءت هذا منسوب إلى الرب إذا لابد أن يكون مُعلم القرآن ربانيّ ، إنسان خير ، إنسان يريد الخير والفضل ويسعى إليه ومحكوم بأوامر ونواهي من ربه - سبحانه وتعالى - تقوده إلى استثمار هذا القرآن العظيم في هداية الناس بماذا ؟ قال (بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) بعض المفسرين يقول " تدرسون الفقه" الطبري - رحمه الله - يقول : لا ، الكلام عن القرآن وبما أنها ذُكرت الدراسة (تَدْرُسُونَ) فالأولى أن يُحمل على القرآن لأن القرآن أولى من الفقه ، بعد ذلك تأتي الأمور الأخرى لكن لم يخُصّها الله به فعُلم من هذا أن التعليم والدراسة للقرآن ، وبالتالي التعليم شيء والدراسة شيء ، لابد أن يكون للدراسة معنى وللتعليم معنى ، الدراسة قالوا معناها : التلاوة ، والتعليم : توضيح المعاني وبيانها وغير ذلك ، الدراسة فيها شيء تدل على التكرار والمداومة والإعادة مرة بعد مرة فحتى يُثمر القرآن لابد من إعادته مرة بعد مرة والتنويع للأساليب حتى أوصل هذا الخير للطلاب . خذ هذه الآية واقرأ تفسيرها واجعلها منهجا واجمع فيها ما شئت من أقوال أهل العلم الخير الكثير .
سؤال : هل أنت يا معلم القرآن تشعر بعظمة القرآن ؟ الجواب سهل علينا أن نقول نعم لكن نحن لا نريد الجواب القولي ، نريد الجواب الفعلي الواقعي ، هل تصرفاتنا من خلال تدريسنا للقرآن تُشعر بعظمته ؟ سأضرب لكم مثال : قال لي ولدي وهو في المرحلة المتوسطة أكثر ما يستأذن من المدرسين في حصة القرآن ، فمعناه أن المعلم إذا عنده شغل يبحث في المواد التي عنده فإذا كانت المادة قرآن يعني ممكن ، فعلام يدل هذا ؟ أو مالذي يوصله من معاني للطلاب ؟ معناه أنها مادة سهلة يسيرة،هناك غيرها أهم منها وهكذا ، هذا الشعور الخطير الذي نبثه نحن - فالتعليم بالمواقف أخطر من التعليم بالأقوال - فمهما كنت خطيبا متحدثا ومفوها و...الخ ثم بعد ذلك تغش الناس أو تأخذ أماناتهم فلو خطبت مئة خطبة عن الأمانة لن يأخذ أحد منك شيئا لموقف واحد عملته . فالموقف أخطر بكثير من الكلام فإذا تناقض القول والعمل لاشك أن العمل هو الذي سيثبت وهو الدليل الأقوى . إذا كان المعلم بهذه الطريقة وإذا دخل الحصة دخل متأخرا لماذا ؟ قال : بسيطة دعهم يقرؤن والمنهج تقدمنا فيه وبقي معنا فترة طويلة فإذا بقي في الحصة ثلاث أربع دقائق قال لم يتبقَ هناك وقت للقراءة . فلا أدري كيف أتانا هذا الفهم ، هذه الفترة الزمنية ليست لك ،هذه له هو لا يحق لك أن تُضيع منها دقيقة واحدة ، وبالتالي هذه التصرفات الثلاث أو الأربعة أوجدت عند هؤلاء الطلاب أن هذه المادة يمكن التساهل والتسيب فيها والطامة الكبرى أن يأتي المدير ويؤكد هذا فإذا كان عندنا حفل أو اجتماع أُناس وأراد جمع بعض الطلاب نظر في الجدول واختار من الفصول من لديهم حصة قرآن أو بدنية او فنية وترك من لديهم حصة رياضيات مثلا ، فهل يُقرن القرآن بالفنية والبدنية ؟ ولماذا ؟ قال : الرياضيات مهمة . أقسم بالله - وإن شاء الله أني لا أحنث - إن أهمّ مادة عندنا هي هذا القرآن لأنه دستورنا وكل المواد الأخرى يجب أن تكون محكومة بالقرآن ، لا الرياضيات ولا الكيمياء ولا الفيزياء ولا غيرها لكننا لم نعطي هذه المادة قيمتها وبالتالي أصبحت عند الناس بهذا القدر ، ألا نخجل حين نسمع الله يصف كلامه الوصف العظيم ثم نحن نصفه بالفعل لا أقول بالقول لأنه - إن شاء الله - لا يجرؤ أحد أن يقول شيء في القرآن لكن بتصرفانتا يحصل هذا ثم يأتي المشرف أحيانا ليؤكد هذا فإذا أراد أن يدخل على أحد الفصول سأل المعلم الفلاني ماذا عنده ؟ قال عنده الحصة الأولى تفسير والثانية قرآن والثاثة فقه ، فيقول أعطوني الفقه والتفسير والتوحيد ، والقرآن لا أحد يدخله لماذا ؟ هذه المادة الحمد لله ماشبه ، هناك حِلق تحفيظ ، فنحن نؤكد القضية على جميع المستويات ، لا أقول أن هذا في كل شيء لكن لو حصل منه واحد في المئة يجب أن يُذم ويُغير فما بالك إذا كان كثير ومنتشر ، الآن نؤكد للطلاب على كل المستويات إن المادة غير مهمة فكيف تريد أن أغرس القيم التي سمعناها قبل في نفسية الطالب ؟ إذا القضية ليست اقرأ يا فلان ، لا الراء مفتوحة ، مكسورة ، لا ليست هذه القضية ، القضية أكبر من هذا بكثير أن كل حركة أتحركها أنا في المدرسة ، محيط المدرسة وفي داخل الفصل يجب أن تصب في خدمة هذا ، فيروا أنني مُعلم قرآن ، يرى الطلاب أثر القرآن علي فلا يصلح أن يكون معلم قرآن ولا يُرى أثر القرآن عليه ، فلا يصلح أن يكون معلم قرآن ولا يُرى للقرآن أثر على حياته ، لا في شكله ولا في أخلاقه وهذا أسوأ لأنه في بعض الأحيان قد يكون الشكل مقبول أحيانا لكن الأخلاق غير أخلاق القرآن وهذه أخطر .
الله سبحانه وتعالى وصف كلامه بهذه الأوصاف دعونا فقط نستعرضها لنرى حجم الخطر الذي نعيشه عندما لا نُبجل هذا القرآن ولا نعظمه :
-أنه كلام الله - سبحانه وتعالى - أن الله تكفل بحفظه ، عندما يأتيك - ولله المثل الأعلى - أعلى مسؤول في الدولة ويقول الجهة الفلانية أو الموقع الفلاني أنا سأرعاه بنفسي فما الذي سيكون من معنى عند الناس سيكون هذا المكان من الأهمية بمكان كبير جدا جدا جدا لأن أعظم مسؤول في هذا المكان أو هذه الدولة رأى أن من الأهمية أن يكون هو المسؤول عنه لماذا ؟ لأنه خطير ومهم .
الله سبحانه وتعالى تولى حفظ هذا القرآن وحفظه على صور :
- الصورة الأولى : صورة الإنزال والحفظ العام
- الصورة الثانية : الحفظ من التبديل بالنقص منه أو بالزيادة عليه
- الصورة الثالثة : حفظه في جمعه وقرآنه
لاحظ هذه الآيات :
- (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أليست هذه الآية لو أنني جلست دقيقتين أو ثلاثة مع طلابي الذين أدرسهم في أول الحصة بدل أن أضيع الدقيقتين في الذهاب والإياب أدخل مع الوقت أو قبله بدقيقة إذا أمكن ومباشرة أجذب اهتمام الطلاب بطريقة معينة ثم بعد ذلك أتلو عليهم هذه الآيات وأتكلم عن حفظ الله للقرآن ، أنا متأكد أن هذه الكلمات التي سأقولها ستدخل إلى قلوبهم لأنك لا تطالبهم بحفظ شيء من الكلام الذي تقوله ، أبدا ، المعلومات الزائدة التي تقولها لا تُطالبهم بشيء حتى ينجذبون إليها ، أنتم معي الآن تمثلون شريحة من الناس والمجتمع (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) كم في هذه الآية من مؤكد على حفظ الله - عز وجل - للقرآن ؟ الله - سبحانه وتعالى غني وإذا قال شيئا فهو الحق وهو الذي يقع ولكن الله - سبحانه وتعالى أكد مع هذا الحفظ بصور من التأكيد لم يُعهد مثلها بل إنني أكاد أقول لا تخلو كلمة من مؤكد ، نستعرضها بسرعة : ......
- أن يتأدب الطالب بآداب القرآن ويعمل بأحكامه
- أن يزيد الطالب توقيره لكتاب الله تعالى
- أن يفهم الطالب معاني السور المقررة فهما إجماليا
- أن بزبد الطالب قدرته على التدبر والخشوع عند التلاوة
- أن يزيد الطالب ثروته اللغوية
- أن يزيد الطالب مهارته في الإحساس والتذوق للأساليب البلاغية للقرآن الكريم
هذه أهداف عظيمة بصراحة ، جمعتها أنا من الثانوي والمتوسط أدخلتها في بعض فصارت معي تسعة، هذه التسعة عندما تكون عندي استفيد منها حقيقة سواء كنت في حِلق تحفيظ أو في غيره ، ماذا عملت من برنامج للأول ؟ ماذا عملت من خطوات لتحقيقها للثاني ؟ ماذا عملت للثالث ؟
هل تتصور أنه يمكن أن تتحقق هذه الأهداف هكذا بمجرد دخولي وخروجي للفصل ؟ أنا لا أتصور هذا ، أنا أتصور أن المعلم الجيد وأتوقع هذا ممكن يكون من الجهة المشرفة قد تكون موجودة أو غير موجودة أنا لا أدري ، لازم يكون لكل هدف آلية تحقيق ، خطوات ، واحد اثنين ثلاثة أربعة كحد أدنى لأنني إذا لم أضع هذا فسأركز على واحد من الأهداف وأترك الأهداف الأخرى.
يا إخواني الكرام : قد يكون رأيي غير صحيح لكني أتصور أن قضية الأداء والتصحيح قضية ثانوية ستأتي بعد أن يشعر الطالب بقيمة هذا القرآن أولا وبتعظيمه ، كيف نريد طالب أصلا أن يتعلم الفتحات والضمات وهو أصلا لا يوقر كلام الله ويكتب عليه ويرميه ، كيف سيتعلمه أصلا ؟ لا يمكن يا إخواني الكرام ، الناس - كما يقولون - لا يتعلمون إلا مِمن يحبون ، وإذا كان هو لا يحب هذه المادة ، أنا أسأل بعض الطلاب عندما أسأل عن مادة القرآن ، هو لا يجرؤ أن يقول أنا لا أحب القرآن ، وهذا طيب فيكون في روعه هذه الكلمة ، وبعضهم سمعته يقول : استغفر الله أنا لا أحب حصة القرآن ، لاحظ معي كلمة "استفغر الله" التي قدمها قبل كلامه ، فيه جزء من الخوف في الداخل من تعظيم القرآن لكنه ليس الجزء الذي نريده ، نريد جزء أكبر من هذا ، والله إنها طامة كبرى أن نجد كتابات من أبنائنا على المصاحف ، وكتابات سيئة أحيانا ، يجب أن يكون للمعلم دور في هذا أن يُنبه وليس فقط يُنبه إنما يشعر شعور حقيقي بحجم المأساة ، إذا كان كلام ربنا بهذه الصورة عند أبنائنا فلا أتصور حقيقة إلا هذا المستوى الذي نراه ، لا يُوقر ، لا يهتم ، لا يخشع ، لا يخضع ، لا يتأدب بآدابه ، ثم تريد بعد ذلك أن تقول له فتحة وضمة وكسرة ، وإذا حصل هذا منه لن يُجاوز تراقيهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو صوت فقط ، أنا أتصور أن هذا قبل هذا يا إخوان وقد يكون أحيانا موازيا له المهم أنه يُعطى جزء من الأهمية كبير عند المعلم وبالتالي أنا أرى أن المعلم الذي يريد أن يدخل الحصة يهتم بهذه الأهداف كلها وبعضها ، كلها على مدى الفصل وبعضها على مدى حصص أنه لن يستطيع أن يهدأ تلك الليلة وهو لم يحضر شيئا للمادة ولم يقرأ فيها شيئا أصلا ، ولم يهتم بفضائل السور التي سيقرأها ، ولم يهتم بمعاني الكلمات التي سيقرأها ، ولا يعرف المعنى الإجمالي ، ولو قام طالب قال ما معنى هذه الكلمة يا أستاذ لم يعرف شيء . أصلا لم يشعر المُعلم بقيمة المادة فكيف تريد أن ينتقل الشعور إلى هذا الطالب ؟ والطلبة يقيسون ويعرفون . أقول : والله ما كلامي يا إخواني الكرام ولا هذه الحدة التي ربما تظهر فيه إلا أن هذا القرآن كلام ربنا - سبحانه وتعالى - ونحن والله مسؤولون عنه شئنا أو أبينا وما دمنا وُضعنا في هذا المكان أنا أقول ليتق الله الإنسان وهو بهذا الموقع ، يخاف الله - سبحانه وتعالى- يجعل مادة القرآن أعلى المواد ، أعظمها شأنا ويقف معها ويُحضر لها ، والله لو حضّر الواحد تحضيرا جيدا لينقلب بسبب مادة القرآن هذه إلى إنسان معه علم كثير ولكنه يبقى يُدرس في هذه المادة ثم تجده بعد سنوات رجل أمي لا يعرف شيئا من معاني القرآن ، طيب هذه السنوات ماذا كنت تفعل ؟ عندك الأداء كان بإمكانك أن تعرف تفسير القرآن كاملا أو على الأقل الآيات التي درّستها خلال السنوات ، وأتصور المُعلم الناجح أنه يتنقل من المراحل كل مرة يأخذ مرحلة جديدة وإن كانت صعبة عليه ليُفيد وليستفيد هو أيضا فتكون مادة القرآن فعلا ( إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع آخرين ) فيرفعك الله سبحانه وتعالى في علمك ومكانتك ومنزلتك في الدنيا والآخرة .
لماذا أنا أقول هذا الأمر وبهذه اللغة أحيانا ، واعذروني يا إخواني فالحديث لي أولا لأننا معنيين بالقرآن ولنا جميعا يا إخواني الكرام لأننا إذا لم نتصارح في مثل هذه القضايا سيكون المسألة فيها نوع من أنواع التزويق والتزييف الذي لا يُفيدنا كثيرا ، أنا أقول هذا الأمر لأنك معلم قرآن وكفى ، يكفي أنك معلم قرآن يجب أن تتحمل كل ما ذكرنا من هذه الأمور خصوصا أنك أنت يا مُعلم تملك أمور لا يملكها أي مُعلم آخر ، وبيدك شيء ومُحصّل عندك وتستطيع أن تستفيد منه لا يوجد عند معلّم آخر ، أنت معك - يا أخي الكريم - النور وقد سماه الله - عز وجل - نورا ، يا إخواني : ما دام معي نور ألا أرى الخلل في أخلاق الطلاب أمامي ، ألا أرى الإنحراف الموجود أمامي ، ألا أرى البلاء الذي يعيشه طلابنا في المتوسطة والثانوية والضياع الذي يعيشونه ، طيب ما قدر النور الذي أوصلته، أنا لا حظت في كثير من ... النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفى في حديثه مع الكفار أنه قرأ عليهم القرآن فقط ، فقط أسمعهم هذا النور ، أوصل إليهم هذا النور ولكن بتهيئته ، بالصدق الحقيقي في قراءته ، القرآن مؤثر والله يؤثر، أحد الإخوة يقول : جلس أمامي أمريكي ما أعرف أتكلم معاه إنجليزي ، يقول : فقرأت عليه قرآن ، جلس هو وانا أقرأ قرآن ، يقول : إنه كان رافع رأسه وصار ينزل رأسه شوي شوي حتى وضعه بين ركبتيه ، يقول : لا أدري مالذي حصل له ، لا يفهم مني ولا أنا أعرف لغته وكنني قلت سأقرأ عليه حتى يسمع كلام الله ، يقول : سألت بعد ذلك أحد المترجمين معه فقال : لا أدري لكن الكلام الذي تقوله هذا كلام مؤثر . وهذا حقيقي يا إخوان ،هذا كلام الله - سبحانه وتعالى - فيه سر لا يستطيع البشر أن يقيسوه ولا أن يعرفوا كنهه ، مؤثر بلاشك .
أنت معك الذكر يا أخي تذكر ، معك االفرقان ، معك الروح ، معك الشفاء ، معك كل هذا ثم ليس له أي تأثير ؟! تعرفون لما نأتي الآن لشخص ونعطيه صلاحيات ونعطيه معاونين ونعطيه ونعطيه ونقول حقق هذه ولا يعمل لنا شيء ماذا نقول له ؟ سيحاسب على تقصيره ، لكن إنسان ليس معه شيء قد يكون معذور لكن أنت يجب أن يكون أوسع من هذا الأمر.
ثم بعد هذا أريدك ألا تنشغل بما أخذت من راتب أو من حصص أو ساعات متاخرة أو متقدمة أو غير ذلك ، هذا قد يُناقش لكن ليس هي القضية التي يوميا يدور الحديث فيها ، أنا لم أدخل مدرسة ، دخولي قليل لكني لا أذكر أني دخلت مدرسة إلا والحديث عن الحصص وتقديمها وتأخيرها ، لماذا أعطوني هذه المادة ولم يعطوني هذا وغيبة ونميمة رهيبة ، لا أذكر اني في يوم من الأيام سمعت كيف نطور المادة الفلانية ، كيف نرتقي بالطلاب ، كيف نعمل كذا ، نادر وقليل ، لماذا عندنا هذا الهمّ ؟ أترك الأمور الدنيوية فكل الموظفين في الدنيا يحملون هذا الهمّ وينتاقشون فيه لكن أنت يجب أن يكون نقاشك مختلف تماما لأنك تسعى للخيرية والذي يسعى للخيرية يسعى لها بقدر حجمها وبقدرها فالله - سبحانه وتعالى - يقول (وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) إذا لابد أن تكون ربانيّ، إذا كنت تريد تعلم الكتاب ، الكتاب كما قال الطبري القرآن ، "ربانيين" يقول الطبري " مأخوذة من الرُبّان أو الرَبّان وهو قائد السفينة فهي منسوبة له " هذا رأي الطبري ، والتعرف معناه : هو الذي يُصلح ويقود السفينة إلى ما يُصلحها فالمطلوب فيك أن تكون قائد تسعى من خلال القرآن إلى إصلاح من عندك ، هذا رأي . الرأي الثاني : أنها منسوبة إلى الرب وهو نسبة على غير قياس ، لو كانت على القياس لكانت ربي ولكنها منسوبة "ربانيّ" على مثل شعراني أي فيه شعر كثير ، منسوب إلى الشعر أو لحياني منسوب إلى اللحية مع أنه لو كان على القياس لقال شعري أولحيي أو غير ذلك . فجاءت هذا منسوب إلى الرب إذا لابد أن يكون مُعلم القرآن ربانيّ ، إنسان خير ، إنسان يريد الخير والفضل ويسعى إليه ومحكوم بأوامر ونواهي من ربه - سبحانه وتعالى - تقوده إلى استثمار هذا القرآن العظيم في هداية الناس بماذا ؟ قال (بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ) بعض المفسرين يقول " تدرسون الفقه" الطبري - رحمه الله - يقول : لا ، الكلام عن القرآن وبما أنها ذُكرت الدراسة (تَدْرُسُونَ) فالأولى أن يُحمل على القرآن لأن القرآن أولى من الفقه ، بعد ذلك تأتي الأمور الأخرى لكن لم يخُصّها الله به فعُلم من هذا أن التعليم والدراسة للقرآن ، وبالتالي التعليم شيء والدراسة شيء ، لابد أن يكون للدراسة معنى وللتعليم معنى ، الدراسة قالوا معناها : التلاوة ، والتعليم : توضيح المعاني وبيانها وغير ذلك ، الدراسة فيها شيء تدل على التكرار والمداومة والإعادة مرة بعد مرة فحتى يُثمر القرآن لابد من إعادته مرة بعد مرة والتنويع للأساليب حتى أوصل هذا الخير للطلاب . خذ هذه الآية واقرأ تفسيرها واجعلها منهجا واجمع فيها ما شئت من أقوال أهل العلم الخير الكثير .
سؤال : هل أنت يا معلم القرآن تشعر بعظمة القرآن ؟ الجواب سهل علينا أن نقول نعم لكن نحن لا نريد الجواب القولي ، نريد الجواب الفعلي الواقعي ، هل تصرفاتنا من خلال تدريسنا للقرآن تُشعر بعظمته ؟ سأضرب لكم مثال : قال لي ولدي وهو في المرحلة المتوسطة أكثر ما يستأذن من المدرسين في حصة القرآن ، فمعناه أن المعلم إذا عنده شغل يبحث في المواد التي عنده فإذا كانت المادة قرآن يعني ممكن ، فعلام يدل هذا ؟ أو مالذي يوصله من معاني للطلاب ؟ معناه أنها مادة سهلة يسيرة،هناك غيرها أهم منها وهكذا ، هذا الشعور الخطير الذي نبثه نحن - فالتعليم بالمواقف أخطر من التعليم بالأقوال - فمهما كنت خطيبا متحدثا ومفوها و...الخ ثم بعد ذلك تغش الناس أو تأخذ أماناتهم فلو خطبت مئة خطبة عن الأمانة لن يأخذ أحد منك شيئا لموقف واحد عملته . فالموقف أخطر بكثير من الكلام فإذا تناقض القول والعمل لاشك أن العمل هو الذي سيثبت وهو الدليل الأقوى . إذا كان المعلم بهذه الطريقة وإذا دخل الحصة دخل متأخرا لماذا ؟ قال : بسيطة دعهم يقرؤن والمنهج تقدمنا فيه وبقي معنا فترة طويلة فإذا بقي في الحصة ثلاث أربع دقائق قال لم يتبقَ هناك وقت للقراءة . فلا أدري كيف أتانا هذا الفهم ، هذه الفترة الزمنية ليست لك ،هذه له هو لا يحق لك أن تُضيع منها دقيقة واحدة ، وبالتالي هذه التصرفات الثلاث أو الأربعة أوجدت عند هؤلاء الطلاب أن هذه المادة يمكن التساهل والتسيب فيها والطامة الكبرى أن يأتي المدير ويؤكد هذا فإذا كان عندنا حفل أو اجتماع أُناس وأراد جمع بعض الطلاب نظر في الجدول واختار من الفصول من لديهم حصة قرآن أو بدنية او فنية وترك من لديهم حصة رياضيات مثلا ، فهل يُقرن القرآن بالفنية والبدنية ؟ ولماذا ؟ قال : الرياضيات مهمة . أقسم بالله - وإن شاء الله أني لا أحنث - إن أهمّ مادة عندنا هي هذا القرآن لأنه دستورنا وكل المواد الأخرى يجب أن تكون محكومة بالقرآن ، لا الرياضيات ولا الكيمياء ولا الفيزياء ولا غيرها لكننا لم نعطي هذه المادة قيمتها وبالتالي أصبحت عند الناس بهذا القدر ، ألا نخجل حين نسمع الله يصف كلامه الوصف العظيم ثم نحن نصفه بالفعل لا أقول بالقول لأنه - إن شاء الله - لا يجرؤ أحد أن يقول شيء في القرآن لكن بتصرفانتا يحصل هذا ثم يأتي المشرف أحيانا ليؤكد هذا فإذا أراد أن يدخل على أحد الفصول سأل المعلم الفلاني ماذا عنده ؟ قال عنده الحصة الأولى تفسير والثانية قرآن والثاثة فقه ، فيقول أعطوني الفقه والتفسير والتوحيد ، والقرآن لا أحد يدخله لماذا ؟ هذه المادة الحمد لله ماشبه ، هناك حِلق تحفيظ ، فنحن نؤكد القضية على جميع المستويات ، لا أقول أن هذا في كل شيء لكن لو حصل منه واحد في المئة يجب أن يُذم ويُغير فما بالك إذا كان كثير ومنتشر ، الآن نؤكد للطلاب على كل المستويات إن المادة غير مهمة فكيف تريد أن أغرس القيم التي سمعناها قبل في نفسية الطالب ؟ إذا القضية ليست اقرأ يا فلان ، لا الراء مفتوحة ، مكسورة ، لا ليست هذه القضية ، القضية أكبر من هذا بكثير أن كل حركة أتحركها أنا في المدرسة ، محيط المدرسة وفي داخل الفصل يجب أن تصب في خدمة هذا ، فيروا أنني مُعلم قرآن ، يرى الطلاب أثر القرآن علي فلا يصلح أن يكون معلم قرآن ولا يُرى أثر القرآن عليه ، فلا يصلح أن يكون معلم قرآن ولا يُرى للقرآن أثر على حياته ، لا في شكله ولا في أخلاقه وهذا أسوأ لأنه في بعض الأحيان قد يكون الشكل مقبول أحيانا لكن الأخلاق غير أخلاق القرآن وهذه أخطر .
الله سبحانه وتعالى وصف كلامه بهذه الأوصاف دعونا فقط نستعرضها لنرى حجم الخطر الذي نعيشه عندما لا نُبجل هذا القرآن ولا نعظمه :
-أنه كلام الله - سبحانه وتعالى - أن الله تكفل بحفظه ، عندما يأتيك - ولله المثل الأعلى - أعلى مسؤول في الدولة ويقول الجهة الفلانية أو الموقع الفلاني أنا سأرعاه بنفسي فما الذي سيكون من معنى عند الناس سيكون هذا المكان من الأهمية بمكان كبير جدا جدا جدا لأن أعظم مسؤول في هذا المكان أو هذه الدولة رأى أن من الأهمية أن يكون هو المسؤول عنه لماذا ؟ لأنه خطير ومهم .
الله سبحانه وتعالى تولى حفظ هذا القرآن وحفظه على صور :
- الصورة الأولى : صورة الإنزال والحفظ العام
- الصورة الثانية : الحفظ من التبديل بالنقص منه أو بالزيادة عليه
- الصورة الثالثة : حفظه في جمعه وقرآنه
لاحظ هذه الآيات :
- (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أليست هذه الآية لو أنني جلست دقيقتين أو ثلاثة مع طلابي الذين أدرسهم في أول الحصة بدل أن أضيع الدقيقتين في الذهاب والإياب أدخل مع الوقت أو قبله بدقيقة إذا أمكن ومباشرة أجذب اهتمام الطلاب بطريقة معينة ثم بعد ذلك أتلو عليهم هذه الآيات وأتكلم عن حفظ الله للقرآن ، أنا متأكد أن هذه الكلمات التي سأقولها ستدخل إلى قلوبهم لأنك لا تطالبهم بحفظ شيء من الكلام الذي تقوله ، أبدا ، المعلومات الزائدة التي تقولها لا تُطالبهم بشيء حتى ينجذبون إليها ، أنتم معي الآن تمثلون شريحة من الناس والمجتمع (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) كم في هذه الآية من مؤكد على حفظ الله - عز وجل - للقرآن ؟ الله - سبحانه وتعالى غني وإذا قال شيئا فهو الحق وهو الذي يقع ولكن الله - سبحانه وتعالى أكد مع هذا الحفظ بصور من التأكيد لم يُعهد مثلها بل إنني أكاد أقول لا تخلو كلمة من مؤكد ، نستعرضها بسرعة : ......
الجزء الثالث :
المؤكدات في قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) :
- إنّ
- ضمير الجمع "نا" يسميه السيوطي ضمير الأبهة والفخامة فالله سبحانه وتعالى واحد بلا شك ولكن ذكرته لذاته - سبحانه - بضمير الجمع للتعظيم والتفخيم والإجلال ولذلك بتتبعي من خلال رسالة الماجستير اتضح لي أن ضمائر الواحد في التعبير عن ذات الله - سبحانه وتعالى - تأتي في مواقع التوحيد ومواقع الإيناس التي فيها خوف كما في قصة موسى - عليه السلام - ، أما في مواقع الخلق والتدبير والعظمة فتأتي ضمائر الجمع باستمرار لأن القضية عظيمة .- نحن
- النون في " نزلنا "
- "إنا"
-ضمير الجمع "نا"
- لام التوكيد
- "حافظون" كونها جاءت باسم
- الجملة كاملة جملة إسمية تعني التوكيد والاستمرار
جاء يهودي إلى أحد الولاة قيل أنه أحد الخلفاء ، قيل أنه ... فجلس في مجلسه فدعاه إلى الإسلام وقال له : لِمَ لاتُسلم يا يهودي ؟ فوقع في نفسه الأمر وخرج ، فذهب أسبوعا أو أياما ثم عاد وقال : "أشهد ألاّ إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، قال مالذي دعاك لهذا ؟ قال : قد خرجت وأخذت نُسخا من التوراة وحرفتها بيدي وبعتها فبيعت كلها ، وأخذت نسخا من الإنجيل وحرفتها بيدي وبعتها جميعا ولم يعترض أحد ، وحرفت نسخا من القرآن فاكتشفها صبي ولم يشترَ منها شيء " . هذا حفظ الله - سبحانه وتعالى - ، هم (بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ) وُكِل الحفظ إليهم فلم يحصل ، وكلام الله إلى الله - عز وجل - حِفظُه فحُفظ فأين دورنا نحن في حفظ هذا المحفوظ ولذلك الله - سبحانه وتعالى - يقول (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) من صور الدلالة في الآية أن لو أن الله - عز وجل - ما حفظه لحصل منه اختلاف كثير ولذلك ذُكر التدبر خصوصا لأن التدبر معناه التمحيص ، أن الناس فحصوا ومحصوا فلم يجدوا أبدا اختلاف لأن الحفظ من الله - سبحانه وتعالى - ، (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُتمتم بالقرآن ويُجريه ويخفظه حتى لايتفلت منه فتكفل الله له بذلك حفظا في الجمع وحفظا في القراءة ، هذه صورة من الحفظ في وقت من الأوقات (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) هذا الحفظ حفظ من تحريفه أو تعديله (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ) هذا بانقاص شيء من حروفه أو اختزال شيء من معانيه أو تفريغ شيء منها عن معناه الحقيقي (وَلا مِنْ خَلْفِهِ) أي بالزيادة في حروفه أو تحميله من المعاني مالا يحتمل ، حفظ آخر وهو مهم جدا جدا لأنك الآن ستجد من الناس - قد يشعر بها بعضكم - هناك من يكتبون عن القرآن كتابات خطيرة جدا ومثال ذلك : من جعل القرآن أقسام ، قسمه على أسماء القرآن فقال " هذا القرآن ليس كله قرآن ، فيه قسم قرآن وقسم كتاب وقسم ذكر وقسم فرقان - أو شيء من هذا - " وهذا أمر خطير جدا لأنه جعل الأحكام في جهة داخلة تحت شيء معين فمثلا آيات تأمر بالأخذ بالقرآن أو الأخذ بالكتاب فالمطلوب أن تأخذ بجزئية معينة وهي المسماة الكتاب ، هذا تحريف في المعنى لكنه لا يلقى رواج ، لا يلقى قبول ، هل تتوقعون أن كتب التفاسير ليس فيها شيء ؟ فيها شيء لا يتخيله أحيانا إنسان أنه مكتوب فيها - على سعتها - ليس كلها فيها شر لكن فيه أجزاء في الداخل موجودة ومع هذا لا تجد أحد يتبناها ويأخذها وينشرها إنما - سبحان الله - يحفظها الله - سبحانه - من التعديل والتبديل الذي فيه إنقاص أو فيه زيادة ، ولذلك جاءت كلمة (مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) .
في تسمية القرآن بـ " الكتاب " مرة وبـ " القرآن " مرة ملحظ آخر في الحفظ وهو : أن في الكتابة حفظ له في صورة الكتابة أو المكتوب ، والقراءة حفظ له في صورة الحفظ في الصدر ، فيجتمع فيه صورتان من صور الحفظ بهذا المعنى ، لكن كونه يُقرأ معناه أنه يمكن يزداد وجوده في صدر الإنسان وهكذا،أسماء القرآن كثيرة ومتعددة وهي واحدة من صور تعظيم هذا الكتاب ، لكن من الأشياء التي تدل على تعظيم هذا القرآن :
- كثرة أسمائه ، ونمر عليه على عجل
- كثرة أوصافه
- أنه مُبهر معجز - اقتراح للقيام بمشروع وهو : جمع الآيات التي جاء المشركون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم وهو تلاها عليهم فقط ثم القيام بقراءتها وتحليلها لماذا ؟ أوائل فصلت لما قُرأت على الوليد في بعض الروايات يقول " أنه وضع يده على فم النبي - صلى الله عليه وسلم -ويقول أنشدك الله والرحم إلا سكت " ماالذي في هذه الآيات التي جعلت هذا الرجل الكافر وينشد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحم أن يسكت ، ألا يجعلني هذا أفكر أن أقرأ هذه الآيات ؟ أنا متأكد أن بعضكم درّسها للطلاب ، مؤكد أنها في المنهج فهل قيلت هذه القصة للطلاب ؟ هل شعر المعلم بهذه المعاني ؟ .
أيضا "طه" لما قُرِأت أوائلها على عمر بن الخطاب عندما قرأها وسمعها ، لماذا لا آخذ هذه الآيات التي أثرت في الناس وأرباب الفصاحة وأنظر فيها وأخدمها على الأقل وأقدمها للناس على مبهر ومُعجز . هناك آيات كثيرة على مدى التاريخ أفحمت الذين يريدون أن يُعارضوا القرآن من ضمنها مثلا : أوائل المائدة ، وآية (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قيل إن ابن المقفع حاول أن يُعارض الآيات فذهب وعمل بعض الآيات وجمعها في كراريس فلما سمع قول الله - عز وجل - (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) مزق كل أوراقه ، ماذا في الآيات ؟ المشكلة أننا لا نشعر بها يا إخوان ولا نعرفها ولا نفكر حتى في القراءة عنها ، فلا أدري كيف سينفعل مع الآيات التي سيقرأها على الطلاب ؟ كيف سيكون شعوره مع هذه الآيات . هذه الآيات يا إخوان (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ) لاحظ معي كلمة "ابلعي" البلع مختلف عن أي صورة من الصور الأخرى ، ليس أكل ولا شُرب ، بلع (ابْلَعِي مَاءَكِ) المطلوب من الأرض أن تبلع ماءها ، والسماء ، طبعا الماء نزل ، لاحظ معي الآيات التي قبلها التي صورت الهطول (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاء مُّنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) لاحظ معي (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) لا إله إلا الله ، والله لو يتخيل الإنسان فقط ، لو يصب عليك المطر بقوة في يوم من الأيام بس من السماء وهو قطرات وليس أبواب تُفتح لضاق المكان بك خاصة إذا كان في الليل ومعه بروق ورعود فما بالك إذا كانت الأرض من أسفلها ، الله - عز وجل - يقول (وَفَجَّرْنَا) والتفجير يقتضي قوة الماء الخارج والأمر الثاني (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) ولم يقل وفجرنا عيون الأرض إشعار بأن الأرض كلها انقلبت إلى عيون متفجرة ، والسماء تصب فلهذا امتلأت الأرض في فترة وجيزة . هذه الصورة الضخمة من الماء الهائل يقول لها (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي) توقفي وأنت ابلعي وماء السماء لما نزل أصبح من ماء الأرض فدخل في قوله " ماءك " فما الذي حصل بعد هذا ؟ يقول بعض المفسرين " فهذا الماء الذي تخيلناه يصب قبل قليل من السماء ومن الأرض من العيون ، كلها عيون ، وهذا الحجم الهائل الذي صورته الآية ألأخرى أن السفينة أصبحت في موج كالجبال ، كل هذا الماء الضخم يتم إذهابه بكلمتين متجاورتين أو قريبتين من بعضهما "ابلعي" و"أقلعي" والدليل ما بعدها (وَقُضِيَ الأَمْرُ) " هذه عظمة يا إخوان ، ألا أستطيع أن أبيّن هذا للطلاب وأشعرهم بعظمة الله سبحانه وتعالى ولا أطالبهم بحفظها ، ابتعدوا عن مطالبتهم بشيء لا حفظ معاني كلمات ولا شيء ، قل له فقط واجعله يشعر وينغرس في نفسه أن هذا القرآن عظيم فإذا عاد لمنزله ويخبرهم بما قاله الأستاذ وهو متعجب ومتأثر بماسمع . وأنا جربتها مع طلاب الكلية فبمجرد أن أتحدث عن مثل هذه القضايا يسكتون ، وتجعلهم أيضا يحترمونك ، والله إني دخلت ذات مرة على طلاب اللي متلثم واللي .... وتحدثت عن آيات فإذا به في ثاني محاضرة يجلس أمامي وبجلسة لائقة ومحترمة .
فيا أخي المعلم : أنت معاك شيء لايوجد مع غيرك ، أنا أُدرس النحو وأدرِّس البلاغة ووالله سبب حب الطلاب لها هو القرآن وليس البلاغة لأني لا أجد نصّ فيه هذه العظمة مثل القرآن مهما قلت لهم عن الشعر أو عن أشياء أخرى فلن تجد فيها .. لكن هذا كلام الله مغروس حبه في قلوبهم وبالتالي يتأثرون به .
- (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) فما بالنا نحن لا نخشع ؟ ما بال طلابنا نقرأ عليهم القرآن لا يخشعون ؟ قولوا لهم هذا الكلام ، اعرضوا عليهم صورة جبل وقولوا لهم هذا الجبل لو نزل عليه القرآن لانهدّ ( لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) لماذا قال "خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا" ولم يقل "خاشعا ومتصدعا" ؟ لدلالة على قوة التأثير فالخشوع والتصدع حاصل في وقت واحد ، ولو قيل "خاشع ومتصدع" لربما كان الخشوع حاصل في وقت والتصدع في وقت فلا يكون التأثير قوي ، لكن هذا لو نزل القرآن على جبل لحصل له التأثير دفعة واحدة من قوة تأثير القرآن .
- (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) يقول أهل التفسير لكان هذا القرآن ، لو شيء حصل به هذا التأثير الذي سمعتموه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) لكان هذا القرآن ، والله يا إخواني شيء عجيب وعظيم وخطير وجليل ، ربما نحن لم نبينه لطلابنا ولم نشعر به ، وحتى تغرس عظمة القرآن في نفوس الطلاب آمل أن في كل حصة أو في كل حصتين عن صورة من صور عظمة القرآن ، خذ لك واحدة من هذه الآيات وحضّرها جيدا وقلها في دقيقتين فقط أو استثمرها من خلال آية عندك في النص.
اقتراح : أن تأخذوا هذه الدلائل من عظمة القرآن وتكون في بدايات الحصص أو نهاياتها أو أثنائها ، كما تراه مناسبا ، حضّرها بنفسك واشعر بها ، فلا يمكن للإنسان أن يقدم شيء وهو غير شاعر به ، غير منفعل به ، غير متقمص له ، لا يمكن .
وصفه الله - عز وجل - بالثقل ، وبالعزة ، والعزة فيها دلالتان دلالة القوة ودلالة المنعة والرفعة والعلو ، أو الندرة والقلة للتميز ، ولذلك قال الله - تعالى - عنه بعده مباشرة (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ) .
- (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) النبأ لا يُذكر إلا في الخبر العظيم فإذا كان الخبر عظيما نسميه نبأ .
- (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) سبحان الله ، إذا كان هذا كلام الله ، الله -عز وجل - يقول عن كتابه : هو عندنا - عند الله بهذه المنزلة فما هي منزلته عندنا نحن البشر الضعفاء ؟- وصفه الله - عز وجل - بالكريم وأقسم عليه والعجيب أن القسم عليه جاء قسما عجيبا ، ولا أتذكر هل هو القسم في القرآن الذي وصفه الله بأنه قسم عظيم ، جاءت الأقسام في القرآن كثيرة لكن هذا بالذات وصف الله القسم بأنه عظيم (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ*وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) لو تعلمون ، لو نشعر ، لو نُدرك لكان القسم بمواقع النجوم عظيم فلاحظ هذا التعظيم للقسم قبل أن يأتي المُقسم عليه ، وأنت تعلم أن القسم ياتي من أجل الاهتمام بوضع المُقسم عليه فإذا كان القسم عظيما فالمُقسم عليه غالبا يكون أشد وأكثر عظمة والعجيب أنه في هذا القسم قال (فَلا أُقْسِمُ) وهذا أسلوب عجيب في القسم له أكثر من دلابة ، فالقسم منفي . لو أتينا في غير القرآن وقلت أنا لا أقسم بكذ أنا في الخقية انفي القسم وكأني أريد أن أقول لك أنني من وضوح هذا الأمر وبروزه وعظمته وظهوره هممت ألاّ أقسم وأردت أن أشعرك بهذا فقلت : لا أقسم ، لو ما قلت لا أقسم لما شعرت أنت بهذه المعاني أي كأن الأمر المقسم عليه من الظهور والعظمة والبروز بحيث أنه لا يحتاج أن نقسم عليه ومع هذا يأتي القسم للإشعار بأنه لا يحتاج أن يُقسم عليه ولذلك نفى القسم . هذه صورة من صور دلالة النفي في القسم ولها دلالات قد تكون في صور أخرى . ثم جاء المُقسم عليه قال (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) فوُصف بالكرم وذكر أنه قرآن في كتاب مكنون ...الخ الآيات .
- وُصف بعدم الريب ، لاحظ معي أن الله تعالى قال (الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) لماذا قال "الكتاب" ولم يقل "القرآن" ؟ لأن التحريف يقع في المكتوب ، وما قبله يقول أهل الكتاب فلأن القضية في نفي الريب ....
يتبع في الجزء التالي
- إنّ
- ضمير الجمع "نا" يسميه السيوطي ضمير الأبهة والفخامة فالله سبحانه وتعالى واحد بلا شك ولكن ذكرته لذاته - سبحانه - بضمير الجمع للتعظيم والتفخيم والإجلال ولذلك بتتبعي من خلال رسالة الماجستير اتضح لي أن ضمائر الواحد في التعبير عن ذات الله - سبحانه وتعالى - تأتي في مواقع التوحيد ومواقع الإيناس التي فيها خوف كما في قصة موسى - عليه السلام - ، أما في مواقع الخلق والتدبير والعظمة فتأتي ضمائر الجمع باستمرار لأن القضية عظيمة .- نحن
- النون في " نزلنا "
- "إنا"
-ضمير الجمع "نا"
- لام التوكيد
- "حافظون" كونها جاءت باسم
- الجملة كاملة جملة إسمية تعني التوكيد والاستمرار
جاء يهودي إلى أحد الولاة قيل أنه أحد الخلفاء ، قيل أنه ... فجلس في مجلسه فدعاه إلى الإسلام وقال له : لِمَ لاتُسلم يا يهودي ؟ فوقع في نفسه الأمر وخرج ، فذهب أسبوعا أو أياما ثم عاد وقال : "أشهد ألاّ إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، قال مالذي دعاك لهذا ؟ قال : قد خرجت وأخذت نُسخا من التوراة وحرفتها بيدي وبعتها فبيعت كلها ، وأخذت نسخا من الإنجيل وحرفتها بيدي وبعتها جميعا ولم يعترض أحد ، وحرفت نسخا من القرآن فاكتشفها صبي ولم يشترَ منها شيء " . هذا حفظ الله - سبحانه وتعالى - ، هم (بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ) وُكِل الحفظ إليهم فلم يحصل ، وكلام الله إلى الله - عز وجل - حِفظُه فحُفظ فأين دورنا نحن في حفظ هذا المحفوظ ولذلك الله - سبحانه وتعالى - يقول (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) من صور الدلالة في الآية أن لو أن الله - عز وجل - ما حفظه لحصل منه اختلاف كثير ولذلك ذُكر التدبر خصوصا لأن التدبر معناه التمحيص ، أن الناس فحصوا ومحصوا فلم يجدوا أبدا اختلاف لأن الحفظ من الله - سبحانه وتعالى - ، (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُتمتم بالقرآن ويُجريه ويخفظه حتى لايتفلت منه فتكفل الله له بذلك حفظا في الجمع وحفظا في القراءة ، هذه صورة من الحفظ في وقت من الأوقات (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) هذا الحفظ حفظ من تحريفه أو تعديله (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ) هذا بانقاص شيء من حروفه أو اختزال شيء من معانيه أو تفريغ شيء منها عن معناه الحقيقي (وَلا مِنْ خَلْفِهِ) أي بالزيادة في حروفه أو تحميله من المعاني مالا يحتمل ، حفظ آخر وهو مهم جدا جدا لأنك الآن ستجد من الناس - قد يشعر بها بعضكم - هناك من يكتبون عن القرآن كتابات خطيرة جدا ومثال ذلك : من جعل القرآن أقسام ، قسمه على أسماء القرآن فقال " هذا القرآن ليس كله قرآن ، فيه قسم قرآن وقسم كتاب وقسم ذكر وقسم فرقان - أو شيء من هذا - " وهذا أمر خطير جدا لأنه جعل الأحكام في جهة داخلة تحت شيء معين فمثلا آيات تأمر بالأخذ بالقرآن أو الأخذ بالكتاب فالمطلوب أن تأخذ بجزئية معينة وهي المسماة الكتاب ، هذا تحريف في المعنى لكنه لا يلقى رواج ، لا يلقى قبول ، هل تتوقعون أن كتب التفاسير ليس فيها شيء ؟ فيها شيء لا يتخيله أحيانا إنسان أنه مكتوب فيها - على سعتها - ليس كلها فيها شر لكن فيه أجزاء في الداخل موجودة ومع هذا لا تجد أحد يتبناها ويأخذها وينشرها إنما - سبحان الله - يحفظها الله - سبحانه - من التعديل والتبديل الذي فيه إنقاص أو فيه زيادة ، ولذلك جاءت كلمة (مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) .
في تسمية القرآن بـ " الكتاب " مرة وبـ " القرآن " مرة ملحظ آخر في الحفظ وهو : أن في الكتابة حفظ له في صورة الكتابة أو المكتوب ، والقراءة حفظ له في صورة الحفظ في الصدر ، فيجتمع فيه صورتان من صور الحفظ بهذا المعنى ، لكن كونه يُقرأ معناه أنه يمكن يزداد وجوده في صدر الإنسان وهكذا،أسماء القرآن كثيرة ومتعددة وهي واحدة من صور تعظيم هذا الكتاب ، لكن من الأشياء التي تدل على تعظيم هذا القرآن :
- كثرة أسمائه ، ونمر عليه على عجل
- كثرة أوصافه
- أنه مُبهر معجز - اقتراح للقيام بمشروع وهو : جمع الآيات التي جاء المشركون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم وهو تلاها عليهم فقط ثم القيام بقراءتها وتحليلها لماذا ؟ أوائل فصلت لما قُرأت على الوليد في بعض الروايات يقول " أنه وضع يده على فم النبي - صلى الله عليه وسلم -ويقول أنشدك الله والرحم إلا سكت " ماالذي في هذه الآيات التي جعلت هذا الرجل الكافر وينشد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحم أن يسكت ، ألا يجعلني هذا أفكر أن أقرأ هذه الآيات ؟ أنا متأكد أن بعضكم درّسها للطلاب ، مؤكد أنها في المنهج فهل قيلت هذه القصة للطلاب ؟ هل شعر المعلم بهذه المعاني ؟ .
أيضا "طه" لما قُرِأت أوائلها على عمر بن الخطاب عندما قرأها وسمعها ، لماذا لا آخذ هذه الآيات التي أثرت في الناس وأرباب الفصاحة وأنظر فيها وأخدمها على الأقل وأقدمها للناس على مبهر ومُعجز . هناك آيات كثيرة على مدى التاريخ أفحمت الذين يريدون أن يُعارضوا القرآن من ضمنها مثلا : أوائل المائدة ، وآية (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قيل إن ابن المقفع حاول أن يُعارض الآيات فذهب وعمل بعض الآيات وجمعها في كراريس فلما سمع قول الله - عز وجل - (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) مزق كل أوراقه ، ماذا في الآيات ؟ المشكلة أننا لا نشعر بها يا إخوان ولا نعرفها ولا نفكر حتى في القراءة عنها ، فلا أدري كيف سينفعل مع الآيات التي سيقرأها على الطلاب ؟ كيف سيكون شعوره مع هذه الآيات . هذه الآيات يا إخوان (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ) لاحظ معي كلمة "ابلعي" البلع مختلف عن أي صورة من الصور الأخرى ، ليس أكل ولا شُرب ، بلع (ابْلَعِي مَاءَكِ) المطلوب من الأرض أن تبلع ماءها ، والسماء ، طبعا الماء نزل ، لاحظ معي الآيات التي قبلها التي صورت الهطول (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاء مُّنْهَمِرٍ*وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) لاحظ معي (فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) لا إله إلا الله ، والله لو يتخيل الإنسان فقط ، لو يصب عليك المطر بقوة في يوم من الأيام بس من السماء وهو قطرات وليس أبواب تُفتح لضاق المكان بك خاصة إذا كان في الليل ومعه بروق ورعود فما بالك إذا كانت الأرض من أسفلها ، الله - عز وجل - يقول (وَفَجَّرْنَا) والتفجير يقتضي قوة الماء الخارج والأمر الثاني (وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) ولم يقل وفجرنا عيون الأرض إشعار بأن الأرض كلها انقلبت إلى عيون متفجرة ، والسماء تصب فلهذا امتلأت الأرض في فترة وجيزة . هذه الصورة الضخمة من الماء الهائل يقول لها (يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي) توقفي وأنت ابلعي وماء السماء لما نزل أصبح من ماء الأرض فدخل في قوله " ماءك " فما الذي حصل بعد هذا ؟ يقول بعض المفسرين " فهذا الماء الذي تخيلناه يصب قبل قليل من السماء ومن الأرض من العيون ، كلها عيون ، وهذا الحجم الهائل الذي صورته الآية ألأخرى أن السفينة أصبحت في موج كالجبال ، كل هذا الماء الضخم يتم إذهابه بكلمتين متجاورتين أو قريبتين من بعضهما "ابلعي" و"أقلعي" والدليل ما بعدها (وَقُضِيَ الأَمْرُ) " هذه عظمة يا إخوان ، ألا أستطيع أن أبيّن هذا للطلاب وأشعرهم بعظمة الله سبحانه وتعالى ولا أطالبهم بحفظها ، ابتعدوا عن مطالبتهم بشيء لا حفظ معاني كلمات ولا شيء ، قل له فقط واجعله يشعر وينغرس في نفسه أن هذا القرآن عظيم فإذا عاد لمنزله ويخبرهم بما قاله الأستاذ وهو متعجب ومتأثر بماسمع . وأنا جربتها مع طلاب الكلية فبمجرد أن أتحدث عن مثل هذه القضايا يسكتون ، وتجعلهم أيضا يحترمونك ، والله إني دخلت ذات مرة على طلاب اللي متلثم واللي .... وتحدثت عن آيات فإذا به في ثاني محاضرة يجلس أمامي وبجلسة لائقة ومحترمة .
فيا أخي المعلم : أنت معاك شيء لايوجد مع غيرك ، أنا أُدرس النحو وأدرِّس البلاغة ووالله سبب حب الطلاب لها هو القرآن وليس البلاغة لأني لا أجد نصّ فيه هذه العظمة مثل القرآن مهما قلت لهم عن الشعر أو عن أشياء أخرى فلن تجد فيها .. لكن هذا كلام الله مغروس حبه في قلوبهم وبالتالي يتأثرون به .
- (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) فما بالنا نحن لا نخشع ؟ ما بال طلابنا نقرأ عليهم القرآن لا يخشعون ؟ قولوا لهم هذا الكلام ، اعرضوا عليهم صورة جبل وقولوا لهم هذا الجبل لو نزل عليه القرآن لانهدّ ( لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) لماذا قال "خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا" ولم يقل "خاشعا ومتصدعا" ؟ لدلالة على قوة التأثير فالخشوع والتصدع حاصل في وقت واحد ، ولو قيل "خاشع ومتصدع" لربما كان الخشوع حاصل في وقت والتصدع في وقت فلا يكون التأثير قوي ، لكن هذا لو نزل القرآن على جبل لحصل له التأثير دفعة واحدة من قوة تأثير القرآن .
- (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) يقول أهل التفسير لكان هذا القرآن ، لو شيء حصل به هذا التأثير الذي سمعتموه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) لكان هذا القرآن ، والله يا إخواني شيء عجيب وعظيم وخطير وجليل ، ربما نحن لم نبينه لطلابنا ولم نشعر به ، وحتى تغرس عظمة القرآن في نفوس الطلاب آمل أن في كل حصة أو في كل حصتين عن صورة من صور عظمة القرآن ، خذ لك واحدة من هذه الآيات وحضّرها جيدا وقلها في دقيقتين فقط أو استثمرها من خلال آية عندك في النص.
اقتراح : أن تأخذوا هذه الدلائل من عظمة القرآن وتكون في بدايات الحصص أو نهاياتها أو أثنائها ، كما تراه مناسبا ، حضّرها بنفسك واشعر بها ، فلا يمكن للإنسان أن يقدم شيء وهو غير شاعر به ، غير منفعل به ، غير متقمص له ، لا يمكن .
وصفه الله - عز وجل - بالثقل ، وبالعزة ، والعزة فيها دلالتان دلالة القوة ودلالة المنعة والرفعة والعلو ، أو الندرة والقلة للتميز ، ولذلك قال الله - تعالى - عنه بعده مباشرة (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ) .
- (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) النبأ لا يُذكر إلا في الخبر العظيم فإذا كان الخبر عظيما نسميه نبأ .
- (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) سبحان الله ، إذا كان هذا كلام الله ، الله -عز وجل - يقول عن كتابه : هو عندنا - عند الله بهذه المنزلة فما هي منزلته عندنا نحن البشر الضعفاء ؟- وصفه الله - عز وجل - بالكريم وأقسم عليه والعجيب أن القسم عليه جاء قسما عجيبا ، ولا أتذكر هل هو القسم في القرآن الذي وصفه الله بأنه قسم عظيم ، جاءت الأقسام في القرآن كثيرة لكن هذا بالذات وصف الله القسم بأنه عظيم (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ*وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) لو تعلمون ، لو نشعر ، لو نُدرك لكان القسم بمواقع النجوم عظيم فلاحظ هذا التعظيم للقسم قبل أن يأتي المُقسم عليه ، وأنت تعلم أن القسم ياتي من أجل الاهتمام بوضع المُقسم عليه فإذا كان القسم عظيما فالمُقسم عليه غالبا يكون أشد وأكثر عظمة والعجيب أنه في هذا القسم قال (فَلا أُقْسِمُ) وهذا أسلوب عجيب في القسم له أكثر من دلابة ، فالقسم منفي . لو أتينا في غير القرآن وقلت أنا لا أقسم بكذ أنا في الخقية انفي القسم وكأني أريد أن أقول لك أنني من وضوح هذا الأمر وبروزه وعظمته وظهوره هممت ألاّ أقسم وأردت أن أشعرك بهذا فقلت : لا أقسم ، لو ما قلت لا أقسم لما شعرت أنت بهذه المعاني أي كأن الأمر المقسم عليه من الظهور والعظمة والبروز بحيث أنه لا يحتاج أن نقسم عليه ومع هذا يأتي القسم للإشعار بأنه لا يحتاج أن يُقسم عليه ولذلك نفى القسم . هذه صورة من صور دلالة النفي في القسم ولها دلالات قد تكون في صور أخرى . ثم جاء المُقسم عليه قال (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) فوُصف بالكرم وذكر أنه قرآن في كتاب مكنون ...الخ الآيات .
- وُصف بعدم الريب ، لاحظ معي أن الله تعالى قال (الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) لماذا قال "الكتاب" ولم يقل "القرآن" ؟ لأن التحريف يقع في المكتوب ، وما قبله يقول أهل الكتاب فلأن القضية في نفي الريب ....
يتبع في الجزء التالي
الجزء الرابع :
لماذا قال "الكتاب" ولم يقل "القرآن" ؟ لأن التحريف يقع في المكتوب ، وما قبله يقول أهل الكتاب فلأن القضية في نفي الريب والشك وفي الغالب سيكون مداره الكتابة والتحريف لذلك نفي الريب عن الكتاب ، هذه صورة ، والصورة الثانية لأنه يُراد موازنته وتعظيمه على الكتب السابقة فذكر ما يناسبها من كتب وهذا كتاب ...
لاحظ معي حين قرأت الآية الأولى (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هذه تعظيم ، أي هذا هو الكتاب لا غيره ، هذه الوقفة أعطت معنى بدلالة اسم الإشارة الذي أعطي البُعد والبُعد هنا بُعد للتعظيم وهكذا . القرآن شرف الأمة وعِزها ، ( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) يعني شيء عظيم ، الله يقول هذا ذِكر ، هذا الذي يرفعكم هذه مكانتكم فالمعنى المخالف أننا إذا تخلينا عن القرآن خفت ذكرنا وضاعت مكانتنا ، وهذا حقيقة ، فعلا الأعداء عرفوا هذا وطبقوه .
لماذا جاءت في هذه الآية (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ؟ لم يقل "صاحب الذكر" مع أن "ذي" و "ذو" في لغة العرب تأتي بمعنى صاحب ، لأن "ذو" تأتي في مواقع للتعظيم والإجلال والأشياء الكبيرة و"صاحب" تأتي فيما هو دون ذلك ولذلك (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) وليس صاحب الجلالة ، لكن يمكن أن أقول مثلا : هذا الرجل صاحب هذه السيارة ، لا مشكلة في ذلك ولذلك جاء مع يونس عليه السلام مرتين مرة صاحب ومرة ذا النون ، (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) والآية الثانية (وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) ، في الأولى ذا النون وفي الثانية ذكر الحوت ، والنون أكبر من الحوت أو هي الاسم الأعظم للحوت فناسب العظيم مع العظيم ، والموقف أيضا في الأولى موقف عظيم وجليل لأن فيه تصوير للبحر وبلعه ، أمور هائلة جدا في قدرة الله سبحانه وتعالى، وفي الثانية نهي عن أن يكون كذلك ، والنهي عن الشيء لوم له وتنقص له ، أقل من الصورة الثانية فجاء هذا على ما يُناسب هذا ، والأمثلة على هذا كثير .
- ثلاثة أسئلة : من أين نزل القرآن ؟ ومن نزل به ؟ وعلى من نزل ؟
كلها آيات متتالية : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) أيضا هذه الآية يا ليتنا نقف معها ونفكر فيها ونشرحها لطلابنا ونشعرهم بعظمة هذا القرآن .
- خوف الأعداء منه ومحاربتهم له (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) إذا الكفار يعرفون كيف يُذهبون أثر هذا القرآن علينا ، لا يسمعون ويلغوا ، ذكر فيه بعض أهل العلم هم لا يسمعون ويلغون ويرفعون أصواتهم حتى لا يسمعه غيرهم ، أو يأتون بالكلام الذي لا فائدة منه ويُشغلون الناس به عن القرآن وبالتالي يُفقدون هذا القرآن قيمته أو دلالته أو تأثيره وبالتالي لابد أن يكون عند الدرس يا مدرس القرآن أن يكون المكان مهيأ فلا يكون فيه ضوضاء ولا حديث ولا لغط ولا غير ذلك ، فيكون هادئ متزن فيه خشوع وخضوع بحيث يكون القرآن مؤثر ، القرآن مؤثر إذا نحن خدمناه .
- إذا هذا هو السؤال الثاني أنت معلم تسعى للخيرية ، الجواب الثاني أن تُعلم القرآن ، إذا أنا عندي المعلم يجب أن يعرف من هو ، الأمر الثاني المُعلّم ما هو ؟ القرآن يجب أيضا أن تدرك ما قيمته . أتصور لو فكرت بهذين العنصرين وجعلتهم في نفسي باستمرار سيختلف الأمر عندي تماما والعقبات ستنتهي وغير ذلك . في درسك للقرآن أنت في خير عظيم ، دوحة منذ أن تدخل إلى أن تخرج ، ماذا تريد ؟ كل شيء ، كسب للحسنات ، محو للسيئات، تنزل للسكينة ، تعرض للرحمة ... الخ شيء عظيم جدا.
- لو استعرضنا درس القرآن ماذا فيه ؟علّمت طالب صححت له ، لك أجره ، سمعت آيات ، قرأت آيات تدبرت ، شعرت بخضوع ، شعرت بخشوع ، نزلت السكينة ، غشيتكم الرحمة ، والله شيء عظيم جدا . العجيب فينا أننا يمكن أن نخرج من المدرسة ونقيم درسا نموذجيا للقرآن هناك ، ولماذا لا أُقيمه في المدرسة ويمكن العدد عندي 60 ، أنا متأكد بعض الحلقات فيها ستين ويديرهم بطريقة معينة ويبدع معهم .
- أسئلة أتمنى من كل معلم أن يُجيب عليها :
/ هل طلابك يحبون درس القرآن؟
/ هل يخشع طلابك عند تلاوة القرآن ويتدبرون آياته ؟
/ هل طلابك .... القرآن العظيم ؟
/ هل طلابك يتأدب طلابك بآداب القرآن ؟
/ هل يفهم طلابك معاني ...؟
هذه الأمور لا تأتي باختبارات ، هذه تأتي بالمشاهدة والملاحظة ، ما هي التصرفات التي نراها ، أنا أتصور أن المعلم الذي يشعر بقيمة المادة وهي القرآن ، وبقيمته هو وهو معلم القرآن أنه إذا رأى فلان من الناس ، ثلاثة في الخلف ممن تصدر منهم مشاغبات أو تصرفات لا تليق بالقرآن أن يأخذهم في الفسحة ، يكلمهم على انفراد يسمعهم ، يُبين لهم ، يهتم بهم ، لا أريده أن يوبخهم فهذه الأساليب لا تنفع إنما تزيد البلاء بلاء ، يجلس معهم وينصحهم ويغيرهم،هذا معلم يهتم.
فهذه الأسئلة خطيرة جدا إذا كان طلابنا لا يُجيبون عليها بنعم ، وأنت لا تُجيب عليها بنعم وكن صادقا مع نفسك ، والله الأمر خطير يا إخواني لماذا ؟ لأن بإمكانك أن تحببهم في القرآن فليس أمرا صعبا .
السبب يا إخواني الكرام هو أنا وأنت ، ماذا قدمنا في درس القرآن ليحبوه ؟ ، هل جعلت القرآن يصل إلى قلوبهم ؟ ، وأنا أقول إلى قلوبهم وأقصد هذا لأن الله تعالى قال (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) لاحظ الكلمة "قلبك" فأنا أريدك تخاطب قلبه لكن في تخاطب قلبه هل هو بالتعنيف ؟ هل هو بالإحراج ؟ هل هو بالتجهيل ؟ أبدا هذه ليست مخاطبة قلب إنما خطاب محبة ، خطاب يشعر فيه الطالب أنك مشفق عليه فيصل إلى قلبه ، اجعل القرآن يصل إلى قلبه ، أنا متأكد أن بعض المعلمين لو أراد في لحظة معينة وتلا على طالب في لحظة محددة آية من الآيات أنها ستنقدح في قلبه وربما تغير حياته كلها لكن للأسف المادة وراء المادة والساعة وراء الساعة أحيانا تشغلنا .
(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ) تأملوا هذه يا إخوتي مرة ومرتين وثلاث ففيها دلالات كبيرة وعظيمة .
- هناك قضايا أريد أن ننبه عليها سريعا :انتبه لسلوكك وأخلاقك ، كل حركة انتبه لها ، أنت معلم قرآن فأي شيء تفعله يقول الطلاب والله هذا استاذ قرآن ويفعل كذا ، والله رأينا أستاذ القرآن اليوم وضع الشنطة على المصحف أو وضع دفتر التحضير على القرآن ، انتبه وإذا وقعت في خطأ نبه وقل استغفر الله لماذا لم تنبهوني يا شباب ، نبه اعمل هذا الأمر عندهم دعهم يعظمونه وأنت تعظم القرآن ، لا تكابر فأي شيء تفعله لا يليق بالقرآن تعتذر عنه أو لا تفعله أمامهم فأنت القدوة لهم .
- انتبه للمعنى في المقطع ، بعض المعلمين يدل على أنه غير مهتم بالدرس كله فيأتي لمقطع يدرسه للطلاب الجزء الأول في المعنى في صفحة سابقة ويبدأ بآية مرتبطة بالمعنى السابق ، فإذا كنت أنا لا أفهم المقاطع ولا المعاني فهذه مشكلة .
- انتبه أيضا إلى تجديدك في العرض .
- استثمر التقنية فالبعض لا يهتم بالتقنية ، وعلى ذكر التقنية هناك سيدي فيه جميع مواد التعليم ومن ضمنها القرآن ، ممكن أن تدرس ولا حجة لك . وهناك متصفح سينور عملته الوزارة عليه المصحف كامل وتقلبه صفحة صفحة الكترونيا ومباشرة تحدد المعنى الذي تريده إذا لم تكن قد حضرت بشكل جيد ، التلاوة جاهزة تضع على الآية يتلوها المنشاوي ، التفسير موجود ، مخارج الحروف إذا أردت أن تخرج وتدرسهم شيء عن مخارج الحروف ، الحكم التجويدي له علامات وله شرح ، زد على هذا أمور كثيرة جدا تتعلق بتحليل الآية وما فيها من أفعال وأسماء وحروف إذا أردت أن يخدمك وهكذا .
- كيف نفعّل الأهداف ، الأهداف العامة : التلاوة المجودة كيف نصل للمستوى الجيد وهذا الأمر محط عنايتكم فلذلك لن أطيل فيه وانتقل مباشرة إلى : تقوية الصلة بكتاب الله ويمكن أن أحققه بالآلية الآتية :
/ الممارسة العملية أمام الطالب التي تُشعر الطالب بعظمة القرآن .
/ إيراد القصة
/ إيراد اللطائف والفرائد
/ إيراد فضائل السور
/ الثناء على الطالب إذا أجاد وتنبيهه بلطف إذا أخفق ، فإذا أثنيت عليه سيحب القرآن ويشعر بتقدير القرآن .
/ التنبيه الدائم على صور مما لا تتناسب مع تعظيم القرآن فأنا قد تحدثت عن عظمة القرآن في آية فأنبه على بعض الأخطاء الموجودة ولا أسردها كلها أمام الطلاب حتى أُذهب كل ما تحدثت عنه عن تعظيم القرآن ، لا ، أُنبه على شيء واحد مثال : يا شباب بعد أن سمعتم أن الله عظم القرآن هل يصلح أن الواحد يكتب على المصحف ؟ فقط سؤال وأتركه ويكفي هذا لأن بعضنا يُسرف في التفصيلات فيُذهب كل ما قاله .
- كيف أحقق التأدب بآداب القرآن :/ الممارسة الحقيقية لذلك من قبل المعلم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم وُصف من ربه فقالت عائشة - رضي الله عنها - (كان خُلقه القرآن) فكانت ممارسة عملية أمام الناس .
/ التنبيه الدائم على هذه الآداب في أوقات متباعدة .
/ كشف بعض هذه الآداب من خلال النص المدروس ، فمن المؤكد أن أي آية تمر عليها فيها نص فيه آداب مثال : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) هنا تتكلم عن الانصات وتفرق بين الاستماع والانصات ، وانظر ماذا قال الله لنا وتتحدث عن السماع والاستماع ، تنطلق في هذا المجال .
- ممكن كشف بعض الأحكام لأن المطلوب أن يتمثل الطاب أحكام القرآن من خلال النص المدروس والحث على العمل بها وبمقتضاها ، قد يكون هناك حكم (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) أذكر مرة في درس البلاغة تتكلم عن هذه الآية (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) الحمد لله صار لها أثر على الطلاب مع إني أدرسهم بلاغة ، لكن استثمر أنت النص الذي عندك وتحدث عن الصلاة من خلال هذه الآية ستجد أن لها وقع مختلف عن وقع مدرس الفقه الذي يدرسهم الصلاة وأحكامها مباشرة
- معرفة ثواب تلاوة القرآن أيضا من الأهداف ، التنبيه على ذلك ، ذكر الأحاديث في هذا المجال ، فيه طريقة أيضا عدّ حروف مع الاختلاف هل الحروف في الكلمة أو الحرف ، اختلاف بين المفسرين في هذا ، تعدّ الحروف الموجودة مع الطلاب .
- اطلب من الطلاب كتابة حصيلة درس واحد من الأجور والفضائل .
- فهم الآيات المقرؤة ، وكيف نحققه ؟ عرض أهم موضوعات السورة عند أولها .
- الاهتمام بمعاني الكلمات .
- التدبر والخشوع ويكون بالتنبيه على فضل الخشوع باستمرار والانصات ، قراءة بعض الآيات بصورة مؤثرة أمام الطلاب وإذا صوتك غير جيد احضر مسجل ، خصّ ذاك اليوم بهذا الموضوع بشكل جيد ، بعض الشباب يظن أن الآيات المؤثرة هي آيات العذاب ، وهذا ليش شرطا الآيات المؤثرة كثيرا هي آيات الخلق والتدبير والعظمة عندما تتكلم عن خلق السموات هذا لا يملك بشر إلا وأن يخضع ويخشع عندما يسمعها ، اجعلهم يسمعونها مرة ومرتين ستجد الذين يُشاغبون ويتحدثون سيسكنون بإذن الله .
- السؤال عن بعض دلالات الكلمات حتى نشعرهم بعظمة القرآن .
- زيادة الثروة اللغوية ويمكن أن تكون من خلال ما سبق وجمع بعض الألفاظ التي تزيدها في كل حصة لفظ أو لفظين ولا تطلب منهم حفظها .
- تذوق الأساليب البلاغية عن طريق ما سبق وعن طريق آية واحدة في الحصة أو كلمتين تسألهم ويُجيبون وبهذا أنت تبني على مدى سنوات هذا الأمر .
- هناك شيء أراه وهو : أن المعلم الذي يريد أن يُدرِّس ويريد أن يحضر في البيت أريده أن يحضر لنفسه ، عندك مقطع حضرها من أولها لآخرها من النواحي التالية : ماهي موضوعاتها ، ماهي الأفكار التي فيها ، ماهي معاني الكلمات التي فيها ، والقضايا والفوائد والأحكام هذا إذا كنت جادا سيستغرق منك ساعتان على الأقل حسب قدرتك على التوسع ولكنك ستشعر بأن هذا النص اليوم الذي قرات فيه وتعجبت من المعاني فلما تقرؤه على الطلاب ستقرؤه بصوت آخر وبنفسيه أخرى ، فلما تجي وأنت غير فاهم في النص شيءأصلا ، غير لما تجي وتنزل من السيارة ها وش عندكم اليوم ونفتح ونقرأ ، هل هذا مثل شخص البارحة كلها وهو يبحث في الآيات وشعر بقيمتها وانفعل بها ؟ فأرجوكم يا إخواني الكرام أن تفعلوا هذا ، صحيح أنه متعب ويجعل تحضير القرآن من أصعب الدروس وأكثرها تعبا لكنك ستنقلب بعدها ، بعد سنة إلى إنسان عارف وربما عالم حتى بتفسير جزء كبير من القرآن .
- في عرض القرآن ابدأ بما يجذب الانتباه ، تلاوة ندية على الطلاب ، قراءة مع الطلاب فبعض المعلمين لا يُسمعون الطلاب القرآن ، يا أخي الله سبحانه وتعالى ذكر بالذات سماع القرآن وإسماعه في أكثر من موقع ، وجعل تأثير القرآن في اسماعه بدليل الآية التي قبل قليل (لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ).....
يتبع في الجزء التالي
لاحظ معي حين قرأت الآية الأولى (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هذه تعظيم ، أي هذا هو الكتاب لا غيره ، هذه الوقفة أعطت معنى بدلالة اسم الإشارة الذي أعطي البُعد والبُعد هنا بُعد للتعظيم وهكذا . القرآن شرف الأمة وعِزها ، ( وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ) (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) يعني شيء عظيم ، الله يقول هذا ذِكر ، هذا الذي يرفعكم هذه مكانتكم فالمعنى المخالف أننا إذا تخلينا عن القرآن خفت ذكرنا وضاعت مكانتنا ، وهذا حقيقة ، فعلا الأعداء عرفوا هذا وطبقوه .
لماذا جاءت في هذه الآية (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ؟ لم يقل "صاحب الذكر" مع أن "ذي" و "ذو" في لغة العرب تأتي بمعنى صاحب ، لأن "ذو" تأتي في مواقع للتعظيم والإجلال والأشياء الكبيرة و"صاحب" تأتي فيما هو دون ذلك ولذلك (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) وليس صاحب الجلالة ، لكن يمكن أن أقول مثلا : هذا الرجل صاحب هذه السيارة ، لا مشكلة في ذلك ولذلك جاء مع يونس عليه السلام مرتين مرة صاحب ومرة ذا النون ، (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ) والآية الثانية (وَلا تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) ، في الأولى ذا النون وفي الثانية ذكر الحوت ، والنون أكبر من الحوت أو هي الاسم الأعظم للحوت فناسب العظيم مع العظيم ، والموقف أيضا في الأولى موقف عظيم وجليل لأن فيه تصوير للبحر وبلعه ، أمور هائلة جدا في قدرة الله سبحانه وتعالى، وفي الثانية نهي عن أن يكون كذلك ، والنهي عن الشيء لوم له وتنقص له ، أقل من الصورة الثانية فجاء هذا على ما يُناسب هذا ، والأمثلة على هذا كثير .
- ثلاثة أسئلة : من أين نزل القرآن ؟ ومن نزل به ؟ وعلى من نزل ؟
كلها آيات متتالية : (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ) أيضا هذه الآية يا ليتنا نقف معها ونفكر فيها ونشرحها لطلابنا ونشعرهم بعظمة هذا القرآن .
- خوف الأعداء منه ومحاربتهم له (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) إذا الكفار يعرفون كيف يُذهبون أثر هذا القرآن علينا ، لا يسمعون ويلغوا ، ذكر فيه بعض أهل العلم هم لا يسمعون ويلغون ويرفعون أصواتهم حتى لا يسمعه غيرهم ، أو يأتون بالكلام الذي لا فائدة منه ويُشغلون الناس به عن القرآن وبالتالي يُفقدون هذا القرآن قيمته أو دلالته أو تأثيره وبالتالي لابد أن يكون عند الدرس يا مدرس القرآن أن يكون المكان مهيأ فلا يكون فيه ضوضاء ولا حديث ولا لغط ولا غير ذلك ، فيكون هادئ متزن فيه خشوع وخضوع بحيث يكون القرآن مؤثر ، القرآن مؤثر إذا نحن خدمناه .
- إذا هذا هو السؤال الثاني أنت معلم تسعى للخيرية ، الجواب الثاني أن تُعلم القرآن ، إذا أنا عندي المعلم يجب أن يعرف من هو ، الأمر الثاني المُعلّم ما هو ؟ القرآن يجب أيضا أن تدرك ما قيمته . أتصور لو فكرت بهذين العنصرين وجعلتهم في نفسي باستمرار سيختلف الأمر عندي تماما والعقبات ستنتهي وغير ذلك . في درسك للقرآن أنت في خير عظيم ، دوحة منذ أن تدخل إلى أن تخرج ، ماذا تريد ؟ كل شيء ، كسب للحسنات ، محو للسيئات، تنزل للسكينة ، تعرض للرحمة ... الخ شيء عظيم جدا.
- لو استعرضنا درس القرآن ماذا فيه ؟علّمت طالب صححت له ، لك أجره ، سمعت آيات ، قرأت آيات تدبرت ، شعرت بخضوع ، شعرت بخشوع ، نزلت السكينة ، غشيتكم الرحمة ، والله شيء عظيم جدا . العجيب فينا أننا يمكن أن نخرج من المدرسة ونقيم درسا نموذجيا للقرآن هناك ، ولماذا لا أُقيمه في المدرسة ويمكن العدد عندي 60 ، أنا متأكد بعض الحلقات فيها ستين ويديرهم بطريقة معينة ويبدع معهم .
- أسئلة أتمنى من كل معلم أن يُجيب عليها :
/ هل طلابك يحبون درس القرآن؟
/ هل يخشع طلابك عند تلاوة القرآن ويتدبرون آياته ؟
/ هل طلابك .... القرآن العظيم ؟
/ هل طلابك يتأدب طلابك بآداب القرآن ؟
/ هل يفهم طلابك معاني ...؟
هذه الأمور لا تأتي باختبارات ، هذه تأتي بالمشاهدة والملاحظة ، ما هي التصرفات التي نراها ، أنا أتصور أن المعلم الذي يشعر بقيمة المادة وهي القرآن ، وبقيمته هو وهو معلم القرآن أنه إذا رأى فلان من الناس ، ثلاثة في الخلف ممن تصدر منهم مشاغبات أو تصرفات لا تليق بالقرآن أن يأخذهم في الفسحة ، يكلمهم على انفراد يسمعهم ، يُبين لهم ، يهتم بهم ، لا أريده أن يوبخهم فهذه الأساليب لا تنفع إنما تزيد البلاء بلاء ، يجلس معهم وينصحهم ويغيرهم،هذا معلم يهتم.
فهذه الأسئلة خطيرة جدا إذا كان طلابنا لا يُجيبون عليها بنعم ، وأنت لا تُجيب عليها بنعم وكن صادقا مع نفسك ، والله الأمر خطير يا إخواني لماذا ؟ لأن بإمكانك أن تحببهم في القرآن فليس أمرا صعبا .
السبب يا إخواني الكرام هو أنا وأنت ، ماذا قدمنا في درس القرآن ليحبوه ؟ ، هل جعلت القرآن يصل إلى قلوبهم ؟ ، وأنا أقول إلى قلوبهم وأقصد هذا لأن الله تعالى قال (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) لاحظ الكلمة "قلبك" فأنا أريدك تخاطب قلبه لكن في تخاطب قلبه هل هو بالتعنيف ؟ هل هو بالإحراج ؟ هل هو بالتجهيل ؟ أبدا هذه ليست مخاطبة قلب إنما خطاب محبة ، خطاب يشعر فيه الطالب أنك مشفق عليه فيصل إلى قلبه ، اجعل القرآن يصل إلى قلبه ، أنا متأكد أن بعض المعلمين لو أراد في لحظة معينة وتلا على طالب في لحظة محددة آية من الآيات أنها ستنقدح في قلبه وربما تغير حياته كلها لكن للأسف المادة وراء المادة والساعة وراء الساعة أحيانا تشغلنا .
(وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ*نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ*عَلَى قَلْبِكَ) تأملوا هذه يا إخوتي مرة ومرتين وثلاث ففيها دلالات كبيرة وعظيمة .
- هناك قضايا أريد أن ننبه عليها سريعا :انتبه لسلوكك وأخلاقك ، كل حركة انتبه لها ، أنت معلم قرآن فأي شيء تفعله يقول الطلاب والله هذا استاذ قرآن ويفعل كذا ، والله رأينا أستاذ القرآن اليوم وضع الشنطة على المصحف أو وضع دفتر التحضير على القرآن ، انتبه وإذا وقعت في خطأ نبه وقل استغفر الله لماذا لم تنبهوني يا شباب ، نبه اعمل هذا الأمر عندهم دعهم يعظمونه وأنت تعظم القرآن ، لا تكابر فأي شيء تفعله لا يليق بالقرآن تعتذر عنه أو لا تفعله أمامهم فأنت القدوة لهم .
- انتبه للمعنى في المقطع ، بعض المعلمين يدل على أنه غير مهتم بالدرس كله فيأتي لمقطع يدرسه للطلاب الجزء الأول في المعنى في صفحة سابقة ويبدأ بآية مرتبطة بالمعنى السابق ، فإذا كنت أنا لا أفهم المقاطع ولا المعاني فهذه مشكلة .
- انتبه أيضا إلى تجديدك في العرض .
- استثمر التقنية فالبعض لا يهتم بالتقنية ، وعلى ذكر التقنية هناك سيدي فيه جميع مواد التعليم ومن ضمنها القرآن ، ممكن أن تدرس ولا حجة لك . وهناك متصفح سينور عملته الوزارة عليه المصحف كامل وتقلبه صفحة صفحة الكترونيا ومباشرة تحدد المعنى الذي تريده إذا لم تكن قد حضرت بشكل جيد ، التلاوة جاهزة تضع على الآية يتلوها المنشاوي ، التفسير موجود ، مخارج الحروف إذا أردت أن تخرج وتدرسهم شيء عن مخارج الحروف ، الحكم التجويدي له علامات وله شرح ، زد على هذا أمور كثيرة جدا تتعلق بتحليل الآية وما فيها من أفعال وأسماء وحروف إذا أردت أن يخدمك وهكذا .
- كيف نفعّل الأهداف ، الأهداف العامة : التلاوة المجودة كيف نصل للمستوى الجيد وهذا الأمر محط عنايتكم فلذلك لن أطيل فيه وانتقل مباشرة إلى : تقوية الصلة بكتاب الله ويمكن أن أحققه بالآلية الآتية :
/ الممارسة العملية أمام الطالب التي تُشعر الطالب بعظمة القرآن .
/ إيراد القصة
/ إيراد اللطائف والفرائد
/ إيراد فضائل السور
/ الثناء على الطالب إذا أجاد وتنبيهه بلطف إذا أخفق ، فإذا أثنيت عليه سيحب القرآن ويشعر بتقدير القرآن .
/ التنبيه الدائم على صور مما لا تتناسب مع تعظيم القرآن فأنا قد تحدثت عن عظمة القرآن في آية فأنبه على بعض الأخطاء الموجودة ولا أسردها كلها أمام الطلاب حتى أُذهب كل ما تحدثت عنه عن تعظيم القرآن ، لا ، أُنبه على شيء واحد مثال : يا شباب بعد أن سمعتم أن الله عظم القرآن هل يصلح أن الواحد يكتب على المصحف ؟ فقط سؤال وأتركه ويكفي هذا لأن بعضنا يُسرف في التفصيلات فيُذهب كل ما قاله .
- كيف أحقق التأدب بآداب القرآن :/ الممارسة الحقيقية لذلك من قبل المعلم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم وُصف من ربه فقالت عائشة - رضي الله عنها - (كان خُلقه القرآن) فكانت ممارسة عملية أمام الناس .
/ التنبيه الدائم على هذه الآداب في أوقات متباعدة .
/ كشف بعض هذه الآداب من خلال النص المدروس ، فمن المؤكد أن أي آية تمر عليها فيها نص فيه آداب مثال : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) هنا تتكلم عن الانصات وتفرق بين الاستماع والانصات ، وانظر ماذا قال الله لنا وتتحدث عن السماع والاستماع ، تنطلق في هذا المجال .
- ممكن كشف بعض الأحكام لأن المطلوب أن يتمثل الطاب أحكام القرآن من خلال النص المدروس والحث على العمل بها وبمقتضاها ، قد يكون هناك حكم (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) أذكر مرة في درس البلاغة تتكلم عن هذه الآية (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) الحمد لله صار لها أثر على الطلاب مع إني أدرسهم بلاغة ، لكن استثمر أنت النص الذي عندك وتحدث عن الصلاة من خلال هذه الآية ستجد أن لها وقع مختلف عن وقع مدرس الفقه الذي يدرسهم الصلاة وأحكامها مباشرة
- معرفة ثواب تلاوة القرآن أيضا من الأهداف ، التنبيه على ذلك ، ذكر الأحاديث في هذا المجال ، فيه طريقة أيضا عدّ حروف مع الاختلاف هل الحروف في الكلمة أو الحرف ، اختلاف بين المفسرين في هذا ، تعدّ الحروف الموجودة مع الطلاب .
- اطلب من الطلاب كتابة حصيلة درس واحد من الأجور والفضائل .
- فهم الآيات المقرؤة ، وكيف نحققه ؟ عرض أهم موضوعات السورة عند أولها .
- الاهتمام بمعاني الكلمات .
- التدبر والخشوع ويكون بالتنبيه على فضل الخشوع باستمرار والانصات ، قراءة بعض الآيات بصورة مؤثرة أمام الطلاب وإذا صوتك غير جيد احضر مسجل ، خصّ ذاك اليوم بهذا الموضوع بشكل جيد ، بعض الشباب يظن أن الآيات المؤثرة هي آيات العذاب ، وهذا ليش شرطا الآيات المؤثرة كثيرا هي آيات الخلق والتدبير والعظمة عندما تتكلم عن خلق السموات هذا لا يملك بشر إلا وأن يخضع ويخشع عندما يسمعها ، اجعلهم يسمعونها مرة ومرتين ستجد الذين يُشاغبون ويتحدثون سيسكنون بإذن الله .
- السؤال عن بعض دلالات الكلمات حتى نشعرهم بعظمة القرآن .
- زيادة الثروة اللغوية ويمكن أن تكون من خلال ما سبق وجمع بعض الألفاظ التي تزيدها في كل حصة لفظ أو لفظين ولا تطلب منهم حفظها .
- تذوق الأساليب البلاغية عن طريق ما سبق وعن طريق آية واحدة في الحصة أو كلمتين تسألهم ويُجيبون وبهذا أنت تبني على مدى سنوات هذا الأمر .
- هناك شيء أراه وهو : أن المعلم الذي يريد أن يُدرِّس ويريد أن يحضر في البيت أريده أن يحضر لنفسه ، عندك مقطع حضرها من أولها لآخرها من النواحي التالية : ماهي موضوعاتها ، ماهي الأفكار التي فيها ، ماهي معاني الكلمات التي فيها ، والقضايا والفوائد والأحكام هذا إذا كنت جادا سيستغرق منك ساعتان على الأقل حسب قدرتك على التوسع ولكنك ستشعر بأن هذا النص اليوم الذي قرات فيه وتعجبت من المعاني فلما تقرؤه على الطلاب ستقرؤه بصوت آخر وبنفسيه أخرى ، فلما تجي وأنت غير فاهم في النص شيءأصلا ، غير لما تجي وتنزل من السيارة ها وش عندكم اليوم ونفتح ونقرأ ، هل هذا مثل شخص البارحة كلها وهو يبحث في الآيات وشعر بقيمتها وانفعل بها ؟ فأرجوكم يا إخواني الكرام أن تفعلوا هذا ، صحيح أنه متعب ويجعل تحضير القرآن من أصعب الدروس وأكثرها تعبا لكنك ستنقلب بعدها ، بعد سنة إلى إنسان عارف وربما عالم حتى بتفسير جزء كبير من القرآن .
- في عرض القرآن ابدأ بما يجذب الانتباه ، تلاوة ندية على الطلاب ، قراءة مع الطلاب فبعض المعلمين لا يُسمعون الطلاب القرآن ، يا أخي الله سبحانه وتعالى ذكر بالذات سماع القرآن وإسماعه في أكثر من موقع ، وجعل تأثير القرآن في اسماعه بدليل الآية التي قبل قليل (لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ).....
يتبع في الجزء التالي
الجزء الخامس والأخير :
مجرد السماع مؤثر ، طيب معلّم يأتي ولا يقرأ ، اقرأ عليهم النص كاملا ، أنا أتخيل عندي خمسين طالب وفيهم أناس مشاغبون وجئت وقلت السلام عليكم ، قالوا وعليكم السلام ، تطلعت في وجوههم وإذا بهم مشغولون اللي يتكلم و اللي ..... فأمسكت بالمصحف وقرأت قراءة مرتلة منفعل بها أعرفها سابقا ، أعرف معانيها صدقني سيـ.... كل الطلاب ويخشعون ويخضعون وتتغير أحوالهم ، بقي طالب أو طالبة صدرت منهم مشكلة أجعله في ذهني وأكلمه انتبه إن هذا الأمر خطير وهكذا فيكون الوضع مختلف ، اسمعوهم القرآن يا إخواني الكرام (فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) هذه كلها دلالات على أن إسماع القرآن بحد ذاته أمر مطلوب جدا جدا،فالمُعلّم الذي لا يُسمع طلابه فهذا مخطئ خطأ كبير.
- اطلب من أكبر عدد من الطلاب القراءة حسب الوضع الممكن .درس من نص قرآني من سورة الكهف ، وسبب اختياره لأنه يتعلق بالتعليم :المقطع يتحدث عن موسى - عليه السلام - مع الخضر ، فيه قصة ، فيه حادثة يمكن أن أتحدث مع الطلاب فيها وأكلمهم عن فضله وعن فضل موسى عليه السلام ، وأقرأ النص ، وقراءة النص لا تتجاوز دقيقة أو دقيقتين ، ممكن أقرؤه مقطع وهم يقرؤن خلفي وليأخذ أربع أو ست دقائق لا يهم فكل هذا يصب في الأهداف الكبرى .
أنا لونت النص بلونين أحدهما أسود والآخر أزرق فبرأيكم لماذا فعلت هذا ؟ للمعنى ، فالقسم الأول يتعلق بالرحلة والقسم الثاني يتعلق باللقاء الأول وشروط التعليم ، أي لماذا يتعلمون ، ومن أعجب ما يكون أن موسى - عليه السلام - لما جاء إلى الخضر ماذا قال له ؟ قال له (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) - أنا عندي بحث كامل عن هذه القصة ولالاتها التربوية - .
التربية الحديثة تقول : إذا أتاك الطالب يجب أن تشجعه وتقف معه ، هذه الآية كيف تكون ؟ فأول ما جاء موسى - عليه السلام - للخضر قال (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) قال : أنا أريد أن أتعلم ، قال (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) . استغفر الله لو أن هذا في غير القرآن يقول هذا تصرف غير تربوي لكن في الحقيقة أنا بحثت في الموضوع حتى عند التربويين فوجدت أن هناك قسم من الطلاب - أنا لا أتكلم عن القرآن الآن - هناك قسم من الطلاب لا يحفزهم للتعلم إلا التحدي ، وهذا صحيح ، من الطلاب يأتيك بنفسه وغير مُرغم يرد مثلا أن يتعلم عندي بلاغة فأقول له : ترى البلاغة ليست مجرد حكايات ولا أظنك تستطيع لماذا ؟ لأنه إذا رجع فقد كفاني مؤونة التعب لأن ليس له نية في الاستمرار أصلا إذا كلمة واحدة ردته لكن إن كان جادا وقال : لا أنا مستعد ، وحاولت أن أرده وهو مُصر ، فهذا ممكن فعلا أن يثبت وممكن يمشي . ولذلك أصرّ موسى عليه السلام على هذا الأمر .
- أنا لو كنت معلم سأستعرض معاني كلمات فقد يسأل الطالب ويقول ما معنى " لا أبرح " يا أستاذ؟ والله ما أدري ما معناها ، يجب أن أشرحها له . مامعنى " مجمع البحرين " يا أستاذ ؟ وأين يكون ؟ . ما معنى " حُقبا " وبعدها ما معنى " سربا " ؟ بعض المعاني قد تكون واضحة لكن من الجميل أن اشرحها لهم .
الآن سأسألهم سؤال يُحرّك فيهم جوانب اللطائف البلاغية والخشوع فأسألهم : لماذا جاءت كلمة " سربا " أولا ثم جاءت كلمة " عجبا " ثانيا ؟ أجعلهم يُحاولون ثم نصل أنا وإياهم للجواب .
ممكن أعطيهم سؤال منزلي - وهذا أتمنى أن يكون عندكم - سؤال بسيط . أتدرون محدثكم لِمَ أحبّ البلاغة ، والخمسة عشر السنة الماضية كلها كانت في البلاغة القرآنية ؟
بسبب د।صالح العائد ، كلية اللغة العربية ، كان يوجّه لنا سؤال وهو يدرسنا نحو ، ولازال عندي بخط يده حتى الآن الكتب التي أهداها لي أجبت عن السؤال وأعطاني إياها . قال : لماذا قال (إنك ميت وإنهم ميتون) وفي آية أخرى قال (أموات غير أحياء).
وإذا بحث الطالب واجتهد ألا يستحق أن أعطيه من المشاركة ؟ أليس هذا من التأمل والتدبر ؟ أنا لا أتدخل في توزيع الدرجات عندكم لكني اتصور أن مثل هذا الذي بحث يستحق لأنه يستفيد من هذا .
هذا يا إخواني الكرام ما أحببت إيصاله إليكم ، هي فكرة فأنا لست مخصصا في مجال تدريس القرآن ولكنها أفكار أحببت أن أوصلها إليكم .
مجرد السماع مؤثر ، طيب معلّم يأتي ولا يقرأ ، اقرأ عليهم النص كاملا ، أنا أتخيل عندي خمسين طالب وفيهم أناس مشاغبون وجئت وقلت السلام عليكم ، قالوا وعليكم السلام ، تطلعت في وجوههم وإذا بهم مشغولون اللي يتكلم و اللي ..... فأمسكت بالمصحف وقرأت قراءة مرتلة منفعل بها أعرفها سابقا ، أعرف معانيها صدقني سيـ.... كل الطلاب ويخشعون ويخضعون وتتغير أحوالهم ، بقي طالب أو طالبة صدرت منهم مشكلة أجعله في ذهني وأكلمه انتبه إن هذا الأمر خطير وهكذا فيكون الوضع مختلف ، اسمعوهم القرآن يا إخواني الكرام (فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ) (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) هذه كلها دلالات على أن إسماع القرآن بحد ذاته أمر مطلوب جدا جدا،فالمُعلّم الذي لا يُسمع طلابه فهذا مخطئ خطأ كبير.
- اطلب من أكبر عدد من الطلاب القراءة حسب الوضع الممكن .درس من نص قرآني من سورة الكهف ، وسبب اختياره لأنه يتعلق بالتعليم :المقطع يتحدث عن موسى - عليه السلام - مع الخضر ، فيه قصة ، فيه حادثة يمكن أن أتحدث مع الطلاب فيها وأكلمهم عن فضله وعن فضل موسى عليه السلام ، وأقرأ النص ، وقراءة النص لا تتجاوز دقيقة أو دقيقتين ، ممكن أقرؤه مقطع وهم يقرؤن خلفي وليأخذ أربع أو ست دقائق لا يهم فكل هذا يصب في الأهداف الكبرى .
أنا لونت النص بلونين أحدهما أسود والآخر أزرق فبرأيكم لماذا فعلت هذا ؟ للمعنى ، فالقسم الأول يتعلق بالرحلة والقسم الثاني يتعلق باللقاء الأول وشروط التعليم ، أي لماذا يتعلمون ، ومن أعجب ما يكون أن موسى - عليه السلام - لما جاء إلى الخضر ماذا قال له ؟ قال له (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) - أنا عندي بحث كامل عن هذه القصة ولالاتها التربوية - .
التربية الحديثة تقول : إذا أتاك الطالب يجب أن تشجعه وتقف معه ، هذه الآية كيف تكون ؟ فأول ما جاء موسى - عليه السلام - للخضر قال (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) قال : أنا أريد أن أتعلم ، قال (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) . استغفر الله لو أن هذا في غير القرآن يقول هذا تصرف غير تربوي لكن في الحقيقة أنا بحثت في الموضوع حتى عند التربويين فوجدت أن هناك قسم من الطلاب - أنا لا أتكلم عن القرآن الآن - هناك قسم من الطلاب لا يحفزهم للتعلم إلا التحدي ، وهذا صحيح ، من الطلاب يأتيك بنفسه وغير مُرغم يرد مثلا أن يتعلم عندي بلاغة فأقول له : ترى البلاغة ليست مجرد حكايات ولا أظنك تستطيع لماذا ؟ لأنه إذا رجع فقد كفاني مؤونة التعب لأن ليس له نية في الاستمرار أصلا إذا كلمة واحدة ردته لكن إن كان جادا وقال : لا أنا مستعد ، وحاولت أن أرده وهو مُصر ، فهذا ممكن فعلا أن يثبت وممكن يمشي . ولذلك أصرّ موسى عليه السلام على هذا الأمر .
- أنا لو كنت معلم سأستعرض معاني كلمات فقد يسأل الطالب ويقول ما معنى " لا أبرح " يا أستاذ؟ والله ما أدري ما معناها ، يجب أن أشرحها له . مامعنى " مجمع البحرين " يا أستاذ ؟ وأين يكون ؟ . ما معنى " حُقبا " وبعدها ما معنى " سربا " ؟ بعض المعاني قد تكون واضحة لكن من الجميل أن اشرحها لهم .
الآن سأسألهم سؤال يُحرّك فيهم جوانب اللطائف البلاغية والخشوع فأسألهم : لماذا جاءت كلمة " سربا " أولا ثم جاءت كلمة " عجبا " ثانيا ؟ أجعلهم يُحاولون ثم نصل أنا وإياهم للجواب .
ممكن أعطيهم سؤال منزلي - وهذا أتمنى أن يكون عندكم - سؤال بسيط . أتدرون محدثكم لِمَ أحبّ البلاغة ، والخمسة عشر السنة الماضية كلها كانت في البلاغة القرآنية ؟
بسبب د।صالح العائد ، كلية اللغة العربية ، كان يوجّه لنا سؤال وهو يدرسنا نحو ، ولازال عندي بخط يده حتى الآن الكتب التي أهداها لي أجبت عن السؤال وأعطاني إياها . قال : لماذا قال (إنك ميت وإنهم ميتون) وفي آية أخرى قال (أموات غير أحياء).
وإذا بحث الطالب واجتهد ألا يستحق أن أعطيه من المشاركة ؟ أليس هذا من التأمل والتدبر ؟ أنا لا أتدخل في توزيع الدرجات عندكم لكني اتصور أن مثل هذا الذي بحث يستحق لأنه يستفيد من هذا .
هذا يا إخواني الكرام ما أحببت إيصاله إليكم ، هي فكرة فأنا لست مخصصا في مجال تدريس القرآن ولكنها أفكار أحببت أن أوصلها إليكم .
جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم
ردحذفوجزاكم خيرا وبارك فيكم
حذفجزاك الله الجنه وزياده
ردحذفاللهم آمين
حذفوجزاكم وبارك فيكم ونفع بكم .
جزاكم الله خيرا و أحسن الله إليكم
ردحذفوجزاكم وبارك فيكم
حذفجزاكم الله خيرا
ردحذفوجزاكم وأحسن إليكم .
حذفجزاكم الله خيرا
ردحذفاللهم لك الحمدعلى كل النعم ظاهرة وباطنة
ردحذفماشاء الله بارك الله فيك جزاكم الله خيرا
ردحذفوجزاكم كل خير وأحسن إليكم وبارك في الجميع
ردحذفشيئ جميل ان نجدد في اساليب جذب الطالب لحفظ القران، وبعدها سوف ياتي مرحبا لاملبيا فقط،جزيتم خيرا.
ردحذفما شاء الله شيء جميل ومفيد نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد
ردحذفجزاكم الله خيرا و احسن إليكم
ردحذفجزاكم الله خيرا ونفعكم ونفع بكم 🌷
ردحذف