الاثنين، 19 مارس 2012

المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه في قوله تعالى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ..)

(فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم ) هذا قسم من الله - عز وجل -، يقسم بما شاء من خلقه على ما شاء.
وجواب القسم: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) فتكون " لا " صلة لتأكيد النفي، فتقدير الكلام : ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر، أو كهانة، بل هو قرآن كريم .
قال ابن جرير : قال بعض أهل العربية: معنى قوله: (فَلَا أُقْسِمُ) فليس الأمر كما تقولون، ثم استؤنف القسم بعد، فقيل : أقسم بمواقع النجوم.
قال ابن عباس : يعني نجوم القرآن، فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقا في السنين بعد، ثم قرأ ابن عباس هذه الآية .ومواقعها: نزولها شيئا بعد شيء .

وقال مجاهد : مواقع النجوم مطالعها ومشارقها . واختاره ابن جرير .
وعلى هذا فتكون
المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه - وهو القرآن - من وجوه:أحدها: أن النجوم جعلها الله ليُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، وآيات القرآن يُهتدى بها في ظلمات الغي والجهل . فتلك هداية في الظلمات الحسية، والقرآن هداية في الظلمات المعنوية ، فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الزينة الظاهرة ، وفي القرآن من الزينة الباطنة ، ومع ما في النجوم من الرجوم للشياطين، وفي القرآن من رجوم شياطين الجن والإنس ، والنجوم آياته المشهودة العيانية، وفي القرآن آياته المتلوة السمعية، مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول، ذكره ابن القيم -رحمه الله-.وقوله : (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)
قال ابن كثير : أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتُم المقسم به عليه .
وقوله: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) هذا هو المقسم عليه، وهو القرآن، أي إنه وحي الله وتنزيله وكلامه، لا كما يقول الكفار: إنه سحر أو كهانة، أو شعر. بل هو قرآن كريم: أي عظيم الخير؛ لأنه كلام الله.
قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: " فوصفه بما يقتضي حسنه وكثرة خيره ومنافعه وجلالته ؛ فإن الكريم هو البهي الكثير الخير العظيم، وهو من كل شيء أحسنه وأفضله، والله سبحانه وتعالى وصف نفسه بالكرم، ووصف به كلامه، ووصف به عرشه، ووصف به ما كثر خيره وحسن منظره من النبات وغيره، ولذلك فسر السلف " الكريم " بالحسن .قال الأزهري : الكريم اسم جامع لما يُحمد، والله تعالى كريم جميل الفعال، وإنه لقرآن كريم يحمد، لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة" .*

------------------------------------------
* فتح المجيد شرح كتاب التوحيد » كتاب التوحيد » باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء » معنى (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ..)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق