الأربعاء، 28 مارس 2012

قوله تعالى (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ) / موازين الخفض والرفع في الآخرة




د . الحسن: أما ما سألت عنه من معنى قول الله تعالى (خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ)
للوهلة الأولى هو المعنى المتبادر الذي يفهمه كل أحد ، القيامة - الواقعة - تخفض أقواماً وترفع آخرين . تأمل!
الدنيا لها موازين ارتفاع الناس وانخفاض الناس مبني على موازين أرضية سلطان، جاه، جسد، عشيرة، قوة، مال، جمال، موازين أرضية ويرفع الناس بناء على هذه الموازين الأرضية . في يوم القيامة هناك موازين أخرى يرفع الناس ويخفضون بناء على موازين جديدة لا عهد لهم بموازين أرضية، تختلف الموازين {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُم (9) } (الأعراف) فهناك ينخفض أقوام كانوا في غاية الرفعة في الدنيا ، في غاية العلو ، في غاية العزّ ،وفي غاية التسلط ، أمر ، نهي ، تأثير في الحياة والكون ، ولكن ينخفضون حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن هؤلاء (هؤلاء المتكبرون) يحشرون كأمثال الذرّ يطأهم الناس لأن الجزاء من جنس العمل كانوا يتكبرون هناك فخفضوا هنا ، وأعظم من يُخفض في ذلك الموقف الرهيب من يتكبر على خالقه ، الكفار الذي يُدعون إلى السجود في الدنيا وهم سالمون فيتكبرون ويأنفون ويقولون: هل نقبل الأرض؟! فهذا كِبْر على الله سبحانه وتعالى فحينئذ ينخفضون.
بينما يوجد أناس قد خُفضوا في الدنيا، ذلّوا إما بقضاء الله وقدره كالفقر والمرض ونحو ذلك وإما بتسلط متكبر كضَعَفة المؤمنين الذين يُذلّون ويهانون ويستهزأ بهم فيرفعوا حتى أن بعض هؤلاء المتكبرين يقولون {أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا (53)} (الأنعام)، فيوم القيامة - وينبغي لكل عاقل أن يتفطن لهذا - الموازين تختلف فيرفع أقوام ويخفض أقوام بناء على ما قدموا من عمل في الحياة الدنيا .

---------------------
تم نقل النص من موقع إسلاميات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق