السبت، 10 ديسمبر 2011

من مدلولات قوله تعالى (وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)



قال تعالى (وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
هذه الآية لها مدلولات عظيمة نقف عند بعض منها :
الأول / اثنتان تفرد الله بهما ولم يأذن لأحد من خلقه أن يؤتاها : الخلق والرزق وكما أنه لا خالق إلا الله فإنه لا رازق إلا الله (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم) .
الثاني / أن كثرت الرزق لا تدل إطلاقا على صلاح العبد فإن القرشيين قالوا كما قال الله (وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) أجابهم الله بقوله (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فأخبر الله - جل وعلا - أن وفرة العيش لا تدل بالضرورة على أنهم قوم متقون .
الثالث / أن الله فضّل عباده بالرزق وتحكّم في رزق عباده ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه قال الله
(وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ).
الرابع / أن الرزق يُقال له أحيانا رزق وأحيانا قوت فما يختص بالبدن من غذاء يُطلق عليه قوت وما هو أعمّ وأشمل يُسمى رزقا .
الخامس / أن الرزق قسمان : رزق أبدان ، وهذا يؤتاه البر والفاجر والمؤمن والكافر ورزق معارف وعلوم بالله العلي القدير وهذا لا يؤتاه إلا من وفقه الله - جل وعلا - لمرضاته ورحمته .
وكما سمى الله - جل وعلا - ما يناله العباد رزقا سمى الله - جل وعلا - الجنة رزق وهي أعظم الرزق ، فلما ذكر الله المؤمنين وخاتمة أعمالهم ودخولهم جنة ربهم قال - جل شأنه - (قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا) وقال - جل وعلا - في "ص" (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ) فسمى الله كذلك نعيم الجنة رزقا وأخبر أنه لا نفاد له أي لا انقطاع له ولا انتهاء .
إذا تبين هذا كله وجب على المرء ألاّ يتكل ولا يعول على أحد أن يؤتيه إلا ربه - جل وعلا - كما قال ربنا ( فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ) وهذا كذلك مثل الأول يحتاج إلى قلب يعرف الله حقا حتى يعظُم توكله على خالقه - جل شأنه _ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق