أولاً : الفرق بين التدبر والتفسير :
الفرق بين التدبر والتفسير ظاهر من وجوه :
أولاً : أن التفسير هو كشف المعنى المراد في الآيات ، والتدبر هو ما وراء ذلك من إدراك مغزى الآيات ومقاصدها ، واستخراج دلالاتها وهداياتها ، والتفاعل معها ، واعتقاد مادلت عليه وامتثاله .
ثانياً : أن المفسر غرضه العلم بالمعنى ، والمتدبر غرضه الانتفاع والامتثال علماً وإيماناً ، وعملاً وسلوكا ؛ ولذا فإن التفسير يغذي القوة العلمية ، والتدبر يغذي القوة العلمية والإيمانية والعملية.
ثالثاً : أن التدبر مأمور به عامة الناس للانتفاع بالقرآن والاهتداء به ، ولذلك خوطب به ابتداءً الكفار في آيات التدبر، والناس فيه درجات بحسب رسوخ العلم والإيمان وقوة التفاعل والتأثر . وأما التفسير فمأمور به بحسب الحاجة إليه لفهم كتاب الله تعالى بحسب الطاقة البشرية ، ولذا فإن الناس فيه درجات كما قال ابن عباس : "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله" .
رابعاً : أن التدبر لا يحتاج إلى شروط إلا فهم المعنى العام مع حسن القصد وصدق الطلب ، ولذلك قال الله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [ القمر 17] ، أما التفسير فله شروط ذكرها العلماء ، لأنه من القول على الله ، ولذا تورع عنه بعض السلف . ولذا يقال لا يعذر المسلم في التدبر ويعذر في التفسير .
خامساً : أن التدبر واجب على كل حال ، وأما التفسير فليس بواجب على كل حال بل هو واجب بحسب الحاجة إليه ، ولذا جاء الأمر بالتدبر في كتاب الله دون التفسير .
سادساً : أن التدبر هو الغاية من نزول القرآن لأنه باعث على الامتثال والعمل ، وأما التفسير فهو وسيلة للتدبر ، ولذا فيقال بأن التدبر أصل والتفسير فرع منه .
ثانياً : الفرق بين التدبر والاستنباط :
يقال في الفرق بين التدبر والاستنباط كما قيل في الفرق بين التدبر والتفسير لأن غرض التفسير والاستنباط واحد هو فهم المعنى وما يدل عليه ، فالتفسير في الفهم ، والاستنباط في الدلالات ، وكلاهما من لوازم التدبر .
ويضاف في الفرق بين التدبر والاستنباط أمور :
أولاً : بالنظر في أصلهما في اللغة يتبين الفرق بينهما ، فالتدبر هو النظر إلى أدبار الشيء ونهاياته ، وهذا يدخل فيه الدلالات والنهايات من الانتفاع والاهتداء ، وأما الاستنباط فهو استخراج ما خفي ، وهذا مقصور في الدلالات .
ثانياً : أنهما يجتمعان في إعمال الفكر والنظر والتأمل ويختلفان في الغرض ، فغرض المستنبط العلم بدقائق المعاني والدلالات والهدايات ، وغرض المتدبر يتجاوزه إلى قصد الانتفاع والامتثال والعمل .
ثالثاً : أنه يشترط في التدبر قصد الانتفاع والامتثال بخلاف الاستنباط ، وإنما يشترط فيه وجود ما يدل عليه في النص .
رابعاً : أن الاستنباط نتيجة للتدبر فهو فرع منه ، وذلك أن التدبر هو الوقوف مع الآيات والتأمل فيها فينتج من ذلك الاستنباط .
ثالثاً : الفرق بين التدبر والتفكر
بينهما تقارب ولذا فقد يجتمعان في شيء واحد فيقال تفكر في الكلام وتفكر في الخلق ، والفرق بينهما من من وجهين :
أولاً : أن التفكر أظهر في النظر في الآيات الكونية الواقعة والمشاهدة كما قال تعالى (فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (24) يونس ، وهذا غالب استعمال القرآن । وقد يأتي بمعنى التفكر في الآيات القرآنية كما قال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (44) النحل .
أما التدبر فهو أظهر في النظر في الآيات القرآنية كما قال تعالى (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) [ المؤمنون :68].
ثانياً : أن التدبر تصرف القلب بالنظر في العواقب والتفكر تصرف القلب بالنظر في الدلائل.
وقد أبان ابن القيم الفرق بين التدبر والتأمل والتفكر والنظر والتذكر والاعتبار والاستبصار فقال :
" هذه معانٍ متقاربةٌ تجتمع في شيءٍ ، وتتفرق في آخر : فيسمى تفكرا لأنه استعمال الفكرة في ذلك وإحضاره عنده ، ويسمى تذكراً لأنه إحضار للعلم الذي يجب مراعاته بعد ذهوله وغيبته عنه . وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب جملة ، والتفكر يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلا عند القلب فالتفكر يحصله والتذكر . ويسمى نظراً لأنه التفات بالقلب إلى المنظور فيه . ويسمى تأملاً لأنه مراجعة للنظر كرة بعد كرة حتى يتجلى له وينكشف لقلبه . ويسمى اعتباراً وهو افتعال من العبور لأنه يعبر منه إلى غيره فيعبر من ذلك الذي قد فكر فيه إلى معرفة ثالثة وهي المقصود من الاعتبار ، ولهذا يسمى عبرة ؛ إيذانا بأن هذا العلم والمعرفة قد صار حالا لصاحبه يعبر منه إلى المقصود به .
ويسمى تدبراً لأنه نظر في أدبار الأمور وهي أواخرها وعواقبها ..وتدبر الكلام أن ينظر في أوله وآخره ثم يعيد نظره مره بعد مرة ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين. ويسمى استبصاراً وهو استفعال من التبصر وهو تبين الأمر وانكشافه وتجليه للبصيرة" .
الفرق بين التدبر والتفسير ظاهر من وجوه :
أولاً : أن التفسير هو كشف المعنى المراد في الآيات ، والتدبر هو ما وراء ذلك من إدراك مغزى الآيات ومقاصدها ، واستخراج دلالاتها وهداياتها ، والتفاعل معها ، واعتقاد مادلت عليه وامتثاله .
ثانياً : أن المفسر غرضه العلم بالمعنى ، والمتدبر غرضه الانتفاع والامتثال علماً وإيماناً ، وعملاً وسلوكا ؛ ولذا فإن التفسير يغذي القوة العلمية ، والتدبر يغذي القوة العلمية والإيمانية والعملية.
ثالثاً : أن التدبر مأمور به عامة الناس للانتفاع بالقرآن والاهتداء به ، ولذلك خوطب به ابتداءً الكفار في آيات التدبر، والناس فيه درجات بحسب رسوخ العلم والإيمان وقوة التفاعل والتأثر . وأما التفسير فمأمور به بحسب الحاجة إليه لفهم كتاب الله تعالى بحسب الطاقة البشرية ، ولذا فإن الناس فيه درجات كما قال ابن عباس : "التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله" .
رابعاً : أن التدبر لا يحتاج إلى شروط إلا فهم المعنى العام مع حسن القصد وصدق الطلب ، ولذلك قال الله تعالى : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [ القمر 17] ، أما التفسير فله شروط ذكرها العلماء ، لأنه من القول على الله ، ولذا تورع عنه بعض السلف . ولذا يقال لا يعذر المسلم في التدبر ويعذر في التفسير .
خامساً : أن التدبر واجب على كل حال ، وأما التفسير فليس بواجب على كل حال بل هو واجب بحسب الحاجة إليه ، ولذا جاء الأمر بالتدبر في كتاب الله دون التفسير .
سادساً : أن التدبر هو الغاية من نزول القرآن لأنه باعث على الامتثال والعمل ، وأما التفسير فهو وسيلة للتدبر ، ولذا فيقال بأن التدبر أصل والتفسير فرع منه .
ثانياً : الفرق بين التدبر والاستنباط :
يقال في الفرق بين التدبر والاستنباط كما قيل في الفرق بين التدبر والتفسير لأن غرض التفسير والاستنباط واحد هو فهم المعنى وما يدل عليه ، فالتفسير في الفهم ، والاستنباط في الدلالات ، وكلاهما من لوازم التدبر .
ويضاف في الفرق بين التدبر والاستنباط أمور :
أولاً : بالنظر في أصلهما في اللغة يتبين الفرق بينهما ، فالتدبر هو النظر إلى أدبار الشيء ونهاياته ، وهذا يدخل فيه الدلالات والنهايات من الانتفاع والاهتداء ، وأما الاستنباط فهو استخراج ما خفي ، وهذا مقصور في الدلالات .
ثانياً : أنهما يجتمعان في إعمال الفكر والنظر والتأمل ويختلفان في الغرض ، فغرض المستنبط العلم بدقائق المعاني والدلالات والهدايات ، وغرض المتدبر يتجاوزه إلى قصد الانتفاع والامتثال والعمل .
ثالثاً : أنه يشترط في التدبر قصد الانتفاع والامتثال بخلاف الاستنباط ، وإنما يشترط فيه وجود ما يدل عليه في النص .
رابعاً : أن الاستنباط نتيجة للتدبر فهو فرع منه ، وذلك أن التدبر هو الوقوف مع الآيات والتأمل فيها فينتج من ذلك الاستنباط .
ثالثاً : الفرق بين التدبر والتفكر
بينهما تقارب ولذا فقد يجتمعان في شيء واحد فيقال تفكر في الكلام وتفكر في الخلق ، والفرق بينهما من من وجهين :
أولاً : أن التفكر أظهر في النظر في الآيات الكونية الواقعة والمشاهدة كما قال تعالى (فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (24) يونس ، وهذا غالب استعمال القرآن । وقد يأتي بمعنى التفكر في الآيات القرآنية كما قال تعالى : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (44) النحل .
أما التدبر فهو أظهر في النظر في الآيات القرآنية كما قال تعالى (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) [ المؤمنون :68].
ثانياً : أن التدبر تصرف القلب بالنظر في العواقب والتفكر تصرف القلب بالنظر في الدلائل.
وقد أبان ابن القيم الفرق بين التدبر والتأمل والتفكر والنظر والتذكر والاعتبار والاستبصار فقال :
" هذه معانٍ متقاربةٌ تجتمع في شيءٍ ، وتتفرق في آخر : فيسمى تفكرا لأنه استعمال الفكرة في ذلك وإحضاره عنده ، ويسمى تذكراً لأنه إحضار للعلم الذي يجب مراعاته بعد ذهوله وغيبته عنه . وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب جملة ، والتفكر يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلا عند القلب فالتفكر يحصله والتذكر . ويسمى نظراً لأنه التفات بالقلب إلى المنظور فيه . ويسمى تأملاً لأنه مراجعة للنظر كرة بعد كرة حتى يتجلى له وينكشف لقلبه . ويسمى اعتباراً وهو افتعال من العبور لأنه يعبر منه إلى غيره فيعبر من ذلك الذي قد فكر فيه إلى معرفة ثالثة وهي المقصود من الاعتبار ، ولهذا يسمى عبرة ؛ إيذانا بأن هذا العلم والمعرفة قد صار حالا لصاحبه يعبر منه إلى المقصود به .
ويسمى تدبراً لأنه نظر في أدبار الأمور وهي أواخرها وعواقبها ..وتدبر الكلام أن ينظر في أوله وآخره ثم يعيد نظره مره بعد مرة ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين. ويسمى استبصاراً وهو استفعال من التبصر وهو تبين الأمر وانكشافه وتجليه للبصيرة" .
------------------------------
ملتقى أهل التفسير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق