الثلاثاء، 8 فبراير 2011

هل همّ يوسف عليه السلام بإمرأة العزيز؟؟؟

قال تعالى { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ }
ظاهر الآية الكريمة قد يُفهم منه أن يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام همّ بأن يفعل مع تلك المرأة مثل ما همت هي به منه ، ولكن القرآن العظيم بيّّن براءته عليه الصلاة والسلام من الوقوع فيما لا ينبغي ، حيث بيّن شهادة كل من له تعلُق بالمسألة ببراءته ، وشهادة الله له ، واعتراف إبليس به.
أما الذين لهم تعلق بتلك الواقعة فهم : يوسف ، والمرأة ، وزوجها ، والنسوة ، والشهود.

ـ أما جزم يوسف بأنه بريء من تلك المعصية فذكره الله تعالى في قوله : {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } وقوله { قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ }

ـ وأما اعتراف المرأة بذلك ففي قولها للنسوة { قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ }

وقولها { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }

ـ وأما اعتراف زوج المرأة ففي قوله { قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ *يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ } .


ـ وأما اعتراف الشهود بذلك ففي قوله { وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ*وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ }.

ـ وأما شهادة الله جل وعلا ببراءته ففي قوله { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ }


قال الفخر الرازي في تفسيره : " قد شهد الله تعالى في هذه الآية الكريمة على طهارته أربع مرات :
ـ { لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ } واللام للتأكيد والمبالغة ، قوله ( وَالْفَحْشَاء ) أي وكذلك لنصرف عنه الفحشاء ، قوله ( إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ) مع أنه تعالى قال { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً }
قوله (الْمُخْلَصِينَ ) وفيه قراءتان ،قراءة باسم الفاعل يدل على كونه آتيا بالطاعات والقربات مع صفة الإخلاص ، ووروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه واصطفاه لحضرته.
وعلى كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزها عما أضافوه إليه "ا.هـ من تفسير الرازي.

ـ وأما إقرار إبليس بطهارة يوسف ونزاهته ففي قوله تعالى { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ *إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } فأقر بأنه لا يمكنه إغواء المخلصين ، ولا شك أن يوسف من المخلصين كما صرح الله تعالى به في قوله ( إنه من عبادنا المخلصين )
فظهرت دلالة القرآن من جهات متعددة على براءته مما لا ينبغي /أضواء البيان للشنقيطي.

ـ قال ابن القيم في كتابه بدائع التفسير :
" قوله تعالى { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن يوسف الصديق صلى الله عليه وسلم من العفاف أعظم ما يكون ، فإن قيل : فقد همّ بها ؟
قيل عنه جوابان :
ـ أنه لم يهُمّ بها ، بل لولا رأى برهان ربه لهمّ . هذا قول بعضهم في تقدير الاية .
والثاني وهو الصواب : أنه همّه كان همّ خطرات فتركه فأثابه الله عليه ، وهمها كان همّ إصرار بذلت معه جهدها فلم تصل إليه ، فلم يستوِ الهمان .
هذا والله أعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق