الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الدرس العشرون / من قوله: الجبار هو بمعنى العلي الأعلى..

من قوله: الجبار هو بمعنى العلي الأعلى


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمسلمين والمسلمات، أما بعد: 
📖 فيقول الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: "الجبار هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف، االجابر للقلوب المنكسرة. وللضعيف العاجز، ولمن لاذ به ولجأ إليه." 
🎤 بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، وأصلح لنا إلهنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، أما بعد: 
فلا نزال في هذا الإيراد لأسماء الله الحسنى مع التوضيح المختصر لمعانيها وهداياتها جعله المصنف رحمه الله تعالى من جملة المقدمات التي وضعها بين يدي تفسيره لكتاب الله جل وعلا، قال: "الجبار هو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى القهار، وبمعنى الرؤوف" هذه ثلاثة معانٍ يدل عليها هذا الاسم، وسبق الإشارة أن من أسماء الله ما هو دال على معنى مفرد: العليم العلم، الرحيم الرحمة، الغفور المغفرة، ومن الأسماء ما هو دال على معان عديدة مثل: الواسع والصمد وغيرها من الأسماء، وهذه القاعدة ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه بدائع الفوائد في جمعه لجملة من القواعد المتعلقة بأسماء الله تبارك وتعالى وصفاته. 
 هذا الاسم الجبار ورد في القرآن الكريم في موطن واحد. قال عز وجل (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن الجبار) ورد في هذا الموطن في أواخر سورة الحشر، ومثل ما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى له ثلاث معان: 
المعنى الأول: العلو، علو الله سبحانه وتعالى علوا يليق بجلاله وكماله، وأنه عليّ كل شيء، الذي له جميع معاني العلو علو الذات، وعلو القدر، وعلو القهر. كان نبينا عليه الصلاة والسلام يعظم ربه جل وعلا في ركوعه وسجوده بذكر الجبروت، جبروت الله جل وعلا، كان يقول "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"
 المعنى الثاني: القهّار، مثل ما قال الشيخ "وبمعنى القهار" قال جل علا (وهو القاهر فوق عباده).
 والمعنى الثالث: الرؤوف. وهذا يرجع إلى اللطف والرحمة والرأفة، فهو الذي يجبر الكسير، ومنه الدعاء الذي يقال بين السجدتين "اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني" هذا من هدايات هذا الاسم ومن التعبد لله به، "اجبرني" من جبر الكسر، وفيه هذا المعنى الرحمة والرأفة فهو الذي يجبر الكسير، وييسر العسير، أيضا يجبر المصاب والمريض بتوفيقه للصبر وتيسيره للمعافات مع تعويضه عما أصابه وأن يخلفه بالخير، هذا كله من المعاني والهدايات التي تستفاد أو يدل عليها هذا الإسم.
 
📖 قال رحمه الله "المتكبر عن السوء والنقص، والعيوب لعظمته وكبريائه". 
🎤 المتكبر هذا أيضا من أسماء الله الحسنى، وأيضا ورد في موطن واحد في الآية المتقدم ذكرها في سورة الحشر (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر) ورد هذا الإسم في هذا الموطن من كتاب الله جل وعلا. قال الشيخ: "المتكبر عن السوء والنقص والعيوب لعظمته جل وعلا وكبريائه"، فاسم الله جل وعلا المتكبر يدل على صفة التكبر، والكبرياء، ومرّ معنا في الحديث (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) وهذه الصفة الكبرياء، والتكبر يدل عليها اسمه تبارك وتعالى المتكبر، قال قتادة في معنى هذا الاسم: "هو الذي تكبر عن كل سوء"، وقال أبو إسحاق السُبيعي: "الذي يكبُر عن ظلم عباده"، والتكبر وصف لا يليق إلا بالله سبحانه وتعالى الملك الذي بيده ملكوت كل شيء، وحده المتفرد بصفات الكمال، والجلال والعظمة والكبرياء، قد كان نبينا عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه وسجوده كما في الذكر المتقدم "سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" نعم. 

📖 قال رحمه الله: "الخالق البارئ المصور الذي خلق جميع الموجودات وبرأها وسواها بحكمته وصوّرها بحمده وحكمته، وهو لم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم". 
🎤 قال "الخالق البارئ المصور" هذه الأسماء الثلاثة على هذه الترتيب جمعها الله سبحانه وتعالى في آخر آية سورة الحشر قال جل وعلا (هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى) فذكر هذه الأسماء على هذا الترتيب الخالق البارئ المصور. قال الشيخ: "الخالق الذي خلق جميع الموجودات، وبرأها وسواها بحكمته وصوّرها بحمده وحكمته سبحانه وتعالى" الخالق، البارئ، المصور، أي المنفرد سبحانه وتعالى بخلق جميع المخلوقات، وبرأ بحكمته جميع البريات، وصوّر بإحكامه وحسن خلقه جميع الكائنات. ولما يتأمل المرء هذا الترتيب لهذه الأسماء الثلاثة الخالق البارئ المصور، الخالق: الخلق من معانيه التقدير، أي المقدر للأشياء على مقتضى حكمته، والبارئ الموجد لها بعد العدم، برأها أي أوجدها بعد أن لم تكن.
والمصور: أي المصور للمخلوقات كيف شاء، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "البارئ، المصور تفصيل لمعنى اسم الخالق. إذا أراد سبحانه وتعالى خلق شيء قدّره بعلمه وحكمته ثم برأه، أي أوجده وفق ما قدر في الصورة التي شاءها وأرادها سبحانه"، وقال الحافظ ابن كثير: "الخلق التقدير، والبرء هو الفري، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود، والمصور الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها" وتفسير الخلق هنا بالتقدير ينتظم به ذكر هذه الأسماء بهذا الترتيب لأن التقدير أولا الذي يدل عليه اسم الخالق، ثم البري الذي هو الإيجاد، ثم جعلُه على الصورة التي شاءها وأرادها سبحانه وتعالى. نعم. 

📖 قال رحمه الله: "المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال والجمال، الذي أرسل رسله، وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدّق رسله بكل آية وبرهان، يدل على صدقهم وصحة ما جاؤوا به". 
🎤 كذلك هذا الاسم المؤمن إنما ورد في آية واحدة، وهي الآية التي تقدم ذكرها من سورة الحشر (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن) ورد في هذا الموطن من كتاب الله جل وعلا، قال الشيخ في المعنى: "المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال وبكمال الجلال والجمال، الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين وصدّق رسله بكل أية وبرهان يدل على صدقهم وصحة ما جاؤوا به". الإيمان يرجع معناه في اللغة إلى الإقرار والتصديق وما يقتضيه ذلك من الإرشاد، وتصديق الصادقين وإقامة البراهين على صدقهم، فهو تبارك وتعالى المؤمن الذي هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده ولهذا قال مجاهد: "المؤمن الذي وحّد نفسه" وهذا من ألطف وأحسن ما قيل، قال: "المؤمن الذي وحّد نفسه في قوله (شهد الله أنه لا إله إلا هو) وحّد نفسه (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم)" وهذه شهادة عظيمة كريمة، من أعظم شاهد، في أعظم مشهود به، من أعظم شاهد رب العالمين، في أعظم مشهود به وهو توحيده وإخلاص الدين له جل في علاه. نعم. 

📖 قال رحمه الله: "المهيمن المطّلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علما"
🎤 المهيمن قال: "المطلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء، علما" أيضا، هذا الاسم إنما ورد في موطن واحد، الآية نفسها التي في آخر سورة الحشر (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن) ورد في هذا الموطن من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومعنى المهيمن -مثل ما أشار الشيخ- المُطّلع، الهيمنة تعني هذا المعنى، المهيمن يدل على الهيمنة وهي الاطّلاع على خفايا الأمور وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء، علما، وأحصى كل شيء عددا، الشاهد على خلقه بأعمالهم، الرقيب عليهم فيما يصدر منهم من قول أو عمل، لا يغيب عنه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض. نعم. 

📖 قال رحمه الله: "القدير كامل القدرة بقدرته، أوجد الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على ما يشاء ويريد". 
🎤 اسم الله تبارك وتعالى القدير، هذا ورد في مواطن عديدة من كتاب الله سبحانه وتعالى (إنه كان عليما قديرا)، (إن الله على كل شيء قدير)، وهذا الاسم القدير يدل على كمال القدرة، ومثله كذلك قوله تعالى (في مقعد صدق عند مليك مقتدر) المقتدر و القدير، هذا فيه إثبات كمال القدرة لله سبحانه وتعالى، وتصريفه جل وعلا للأمور بقدرته، أوجد المخلوقات بقدرته، دبرها بقدرته، يحيي ويميت بقدرته، يهدي ويضل بقدرته، فله سبحانه وتعالى المشيئة النافذة والقدرة الشاملة، المشيئة النافذة ما شاء كان، والقدرة الشاملة (إن الله على كل شيء قدير)، (وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا)، فقدرة الله جل وعلا قدرة شاملة لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ومشيئته نافذة، لا رادّ لحكمه ولا معقّب لقضائه سبحانه وتعالى. والإيمان بأن الله على كل شيء قدير هو من عظيم المعرفة بالله، حتى إن ابن عباس رضي الله عنهما قال في تفسير قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال: "بأن الله على كل شيء قدير" كل مؤمن يؤمن بأن الله على كل شيء قدير لكن هذا الإيمان يتفاوت، يتفاوت من حيث المعرفة بكمال القدرة والتفاصيل، تفاصيل ذلك في ضوء هدايات القرآن ودلائله، وحضور ذلك أيضا في القلب (إن الله على كل شيء قدير). نعم.

📖 قال رحمه الله: "اللطيف الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا، وأدرك الخبايا والبواطن والأمور الدقيقة، اللطيف بعباده المؤمنين الموصل إليهم مصالحهم بلطفه وإحسانه، من طرق لا يشعرون بها، فهو بمعنى الخبير، وبمعنى الرؤوف". 
🎤 قال اللطيف هذا الاسم ورد في مواطن عديدة، مثل قوله جل وعلا (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)، ومثل قوله في سورة الحج (ألم ترى أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير)، ومثل أيضا قوله في سورة لقمان في وصايا لقمان لابنه (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتِ بها الله إن الله لطيف خبير)، جاء هذا الاسم في مواطن عديدة، وهذا الاسم اللطيف له معنيان مثل ما قال الشيخ رحمه الله تعالى: "فهو بمعنى الخبير، وبمعنى الرؤوف" اللطيف له معنيان:
أحدهما: بمعنى الخبير ، وهو أن علمه دق ولطُف حتى أدرك السرائر والضمائر والخفيات، وهذا واضح في السياق في وصية لقمان (يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض) هذا غاية في الخفاء (يأت بها الله إن الله لطيف خبير) اللطيف بمعنى الخبير أن علمه دق ولطف حتى أدرك السرائر والضمائر والخفيات. 
والمعنى الثاني الذي هو قال بمعنى الرؤوف الذي يوصل إلى عباده وأوليائه مصالحهم بلطفه وإحسانه من طرق لا يشعرون بها، ومعاني اللطف، لطف الله بعباده معاني واسعة جدا، والشيخ بن سعدي رحمه الله له كلام غاية في النفاسة والجودة في تفاصيل اللطف، من لطف الله كذا، ومن لطف الله كذا، ومن لطف الله كذا، ذكر ذلك في أواخر كتابه المواهب الربانية من الآيات القرآنية، هذا كتبه في رمضان، يُقيد الفوائد التي تمر عليه وهو يتدبر كتاب الله جل وعلا، فذكر معاني عظيمة جدا كلها من لطف الله، وهي من الهدايات التي يدل عليها هذا الاسم، وأوصي بالرجوع إلى كلامه رحمه الله تعالى في كتابه المواهب الربانية نعم. 

📖 قال رحمه الله: "الحسيب، وهو العليم بعباده كافي المتوكلين المجازي لعباده بالخير والشر بحسب حكمته وعلمه، بدقيق أعمالهم وجليلها". 
🎤 الحسيب، هذا من أسماء الله جل وعلا، يدل عليه قول الله سبحانه (وكفى بالله حسيبا)، والحسيب معناها: الكافي، لما يقول الداعي حسبنا الله ونعم الوكيل أي كافينا، (يا أيها النبي حسبك الله) أي كافيك، حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين أي وحسب من اتبعك من المؤمنين أي كافيه. فالحسيب معناه الكافي، كما قال الشيخ، قال: "الحسيب هو العليم بعباده كافي المتوكلين المجازي لعباده بالخير والشر بحسب حكمته سبحانه. نعم. 

📖 قال رحمه الله: "الرقيب المطلع على ما أكنته الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت، الذي حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام، وأكمل تدبير". 
🎤الرقيب أيضا ورد في مواطن منها (إن الله كان عليكم رقيبا)، (وكان الله على كل شيء رقيبا)، (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) هذا الاسم ورد في هذه الثلاثة المواطن من كتاب الله، ومثل ما ذكر الشيخ "الرقيب المطلع على ما أكنته الصدور، وأخفته النفوس القائم على كل نفس بما كسبت" 

📖 قال رحمه الله: "الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، وأحاط علمه بما أوجده، وحفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب والهلكات، ولطف بهم في الحركات والسكنات، وأحصى على العباد أعمالهم وجزاءها". 
🎤 الحفيظ، وكذلك الحافظ. هذان الاسمان وردا في مواطن من كتاب الله جل وعلا مثل قوله (إن ربي على كل شيء حفيظ)، (وربك على كل شيء حفيظ)، (والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم)، وقال (فالله خير حافظا وهو أرحم الرحيم)، (وكنا لهم حافظين)، (إنا نحن ن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)، وهذان الاسمان دلوني على أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالحفظ، من صفاته الحفظ، وهذا يتناول أمرين: 
الأول: الحفظ بعلمه جميع المعلومات فلا يغيب عنه شيء سبحانه وتعالى (وما كان ربك نسيا)، )أحصاه الله ونسوه).
الثاني: أنه تعالى الحافظ للمخلوقات من سماء وأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها التي قدرها سبحانه وتعالى (ولا يؤوده حفظهما) أي لا يثقله حفظهما أي السماوات والأرض. 

📖 قال رحمه الله: "المحيط بكل شيء علما وقدرة ورحمة وقهرا". 
🎤 المحيط أيضا من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى، وجاء في مواطن مثل قوله (وكان الله بكل شيء محيطا)، (إن الله بما يعملون محيط)، وهو اسم دال على الإحاطة بكل شيء، إحاطة علم، وإحاطة قدرة، وإحاطة قهر. نعم.

📖 قال رحمه الله: "القهار لكل شيء الذي خضعت له المخلوقات، وذلت لعزته وقوته، وكمال اقتداره".
 🎤 القهّار أيضا من أسماء الله الحسنى، ورد في مواطن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهّار)، وهذا الاسم القهار صيغة مبالغة من القهر القهار، مثل الغفار أيضا صيغة مبالغة. وأيضا اسم الله القاهر (وهو القاهر فوق عباده) فالقهار والقاهر هذان الاسمان معناهما: الذي قهر جميع الكائنات وذلت له جميع المخلوقات، ودانت لقدرته ومشيئته سبحانه وتعالى فلا يحدث شيء إلا بتدبيره، والخلق كلهم طوع تدبيره وتصريفه (وهو القاهر فوق عباده) يقضي فيهم بما يريد، ويحكم فيهم بما يشاء، لا معقب لحكمه، ولا رادّ لقضائه سبحانه وتعالى. نعم. 

📖 قال رحمه الله: "المقيت الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء بحكمته وحمده". 
🎤 المقيت أيضا من أسماء الله الحسنى، وهذا جاء في موضع واحد من كتاب الله جل وعلا (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا) جاء في هذا الموطن من كتاب الله عز وجل في سورة النساء، قيل في معناه: الذي أوصل إلى كل الموجودات ما به تقتات، وأوصل إليها أرزاقها كما قال الله عز وجل (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها)، وذُكر في معنى المقيت معان أخرى قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: "وقوله (وكان الله على كل شيء مقيتا) قال ابن عباس وعطية، وعطاء، وعطية، وقتادة، ومطر الوراق: مقيتا أي حفيظا، وقال مجاهد: شهيدا، وفي رواية عنه حسيبا، وقال سعيد بن جبير والسدي وابن زيد: قديرا. وقال عبد الله بن كثير: المقيت الواصب، وقال الضحاك: المقيت الرزاق" هذه عدة معاني قيلت. يعني قالها أئمة التفسير في معنى اسم الله تبارك وتعالى المقيت. عدّ هذه الحافظ ابن كثير في تفسيره أو نقلها في تفسيره، ولا يمنع أن يكون هذا الاسم متناولا لمعان عديدة مثل التي لا تدل على معنى مفرد، وإنما تدل. على معان عديدة، فلا مانع أن يكون هذا الاسم متناولا لجميع هذه المعاني بأن يكون معناه الذي أحاط علما بالعباد وأحوالهم، وما يحتاجون إليه، وأحاط بهم قدرة، فهو على كل شيء قدير، وتولى حفظهم ورزقهم وإمدادهم، الذي أقيت الأبدان بالأطعمة والأرزاق، ويقيت القلوب بالعلم والهداية والإيمان.
 نفعنا الله أجمعين بما علمنا وزادنا علما وتوفيقا، وأصلح لنا شأننا كله، وهدانا إليه صراطا مستقيما .... سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق