بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب
العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلى الله صلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، سبحانك لا علم
لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما
علمتنا يا رب العالمين، وبعد:
فإني أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وإني لأسأل الله
تبارك وتعالى أن يشرح صدورنا، وأن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الكريم الذين هم
أهل الله وخاصته.
... الوقف والابتداء بالنسبة لقارئ القرآن من الضروريات الأولى التي ينبغي أن يعلمها ويعلم على الأقل الحد الأدنى منها، لأنه وهو يقرأ القرآن قد يخطئ خطأ كبيراً وهو يصل جملة بجملة، أو يقف وقفا لم يتم المعنى بهذا الوقف، أو يصل الجملة بكلمة أخرى فيُفسد المعنى ويُحدث خللاً كبيراً.
*الوقف: كلمة الوقف في اللغة معناها: الكف والحبس.
بالنسبة لقارئ القرآن الكريم الوقف هو: قطع الكلمة عما بعدها زمناً بتنفس بنية استئناف القراءة. هكذا بهذه الضوابط الثلاثة أنت وقفت.
الضابط الأول: قطع الكلمة عما بعدها زمناً، فإذا لم أقطع الكلمة عن ما بعدها زمناً فأنا وصلتها بما بعدها.
الضابط الثاني: بتنفس،لأن هناك قطعاً للكلمة عن ما بعدها زمناً بغير تنفس، وهو السكت.
الضابط الثالث: بنية استئناف القراءة، وأنا واقف يكون في نيتي استئناف القراءة بعد تلك الوقفة، فإذا لم تكن في نيتي استئناف القراءة، يسمى قطعاً.
القطع: قطع القراءة بالكلية، ولذلك قولك أنا وقفت في قراءة وردي عند قوله تعالى كذا، يكون بمعنى أنك قطعت قراءتك عند هذه الآية، وليس وقفاً لأن الوقف معناه أنك أنت في نيتك استئناف القراءة.
للوقف ضوابط وإلا يختل المعنى في
الجملة القرآنية، وسأبين تلك الضوابط بعد بيان الابتداء أيضاً حتى نجمع الضوابط للأمرين.
الابتداء: هو أن أبدأ القراءة بعد استئنافي للقراءة،
الابتداء يكون بعد الوقف، يعني أنا وقفت على قوله تعالى: ﴿مَـٰلِكِ یَوۡمِ
ٱلدِّینِ﴾ ابتدئ ﴿إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ﴾ ، الابتداء من أدق الأمور التي ينبغي أن تعلمها، وسأبين
ذلك الآن في ضوابط كلاً من الوقف والابتداء بإيجاز.
بالنسبة للوقف لا بد أن تقف على جملة تم معناها في ذاتها، مثلاً: لو قرأتُ قول الله تعالى: (ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى) هذه الجملة لم يتم معناها إلى الآن، لأن خبر المبتدأ هو قوله: (لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ).
من هنا ينشأ سؤال: القارئ نفَسه ضاق به ولم يستطع أن يُكمل الجملة حتى يتم معناها؟
يعني واحد نفَسه ضيق لا يستطيع أن يقرأ من أول (الَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ) إلى (لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ). هذا له أن يقف لكنه يسمى وقف اضطراري. لكني سأقسم لكم الاضطراري إلى قسمين:
/ قد تكون مضطراً لسبب أنت تعلمه وأنت تقرأ الآية، وهو ضيق النفس، يعني مثلاً أنا وأنا أقرأ أعرف أن نفسي لن يتم إلى آخر الجملة، أنت في هذه الحالة تتخير وقفاً اضطرارياً لا يُخل بالمعنى قدر الإمكان والطاقة.
يعني مثلاً: سمعتُ أحد الناس يقرأ:
﴿يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أَن أَنذِروا أَنَّهُ لا إِلهَ﴾ [النحل: ٢] ووقف، صحيح هو ابتدأ بعد ذلك من قوله تعالى (أَن أَنذِروا) إلى آخر الآية، فقلت له يا أخي لم وقفت هذا الوقف وبين وقفتك وابتدائك الفجوة هذه، كأنك نفيت عدم وجود إله؟
قال: نفسي ضاق.
قلت له: كان أمامك محطة ممتازة، يعني ﴿يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أَن أَنذِروا﴾ أنا أعلم أن نفسي لن يوصلني لآخر الآية فأتخير وقفاً قدر الإمكان والطاقة، لن أقول لك يعني تخير وقفاً يكون متميزاً، لأن المعنى لم يتم، لكنك تتخير قدر الإمكان إذا كان السبب الذي يجعلك تقف مضطراً أنت تعلمه وهو ضيق النفس.
يعني مثلاً لا تقرأ ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَقرَبُوا الصَّلاةَ﴾ وتقول لي نفَسي انقطع، يا أخي هات معها (وأنتم) ، أو يقف على (لا تَقرَبُوا) ، أو بدلاً من أن تُشْبِع المد المنفصل قلله ولو حركة أو حركتين، لأن الخلل في قلة المد يسمى لحن خفي، لحن خفي يعني لا إثم عليك فيه؛ إنما أنت عندما تقف وقفاً يفسد المعنى فأنت أحدثت خللاً كبيراً. هذا المضطر يتخير المكان الذي يقف فيه قدر الإمكان.
/ هناك مضطر، مضطر غصب عنه، وأنت تقرأ جاءتك كحة، عطاس، يعني حصل أي خلل خارج عن إرادتك، أنت في هذه الحالة مباح لك أن تقف على أي كلمة جاءك وأنت تقرأها هذا الأمر، ثم تستأنف مبتدأ ابتداءً لا يخل بالمعنى.
هل يوجد ابتداء يُخل بالمعنى؟ نعم.
سمعت أحد الناس يقرأ : ﴿إِنَّ الَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ﴾ ووقف، ثم ابتدأ ﴿المُؤمِناتِ لُعِنوا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ﴾، يعني كيف هذا؟ فهذا ابتداء، لكنه ابتداء جعل المعنى مختلاً تماماً. كان أمامك أن تقرأ ﴿إِنَّ الَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ لُعِنوا﴾ وبعدين اقرأ ﴿لُعِنوا فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ وَلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ﴾
وأيضاً لو قرأت قول الله تعالى في بداية سورة الممتَحَنة: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا عَدُوّي وَعَدُوَّكُم أَولِياءَ تُلقونَ إِلَيهِم بِالمَوَدَّةِ وَقَد كَفَروا بِما جاءَكُم مِنَ الحَقِّ يُخرِجونَ الرَّسولَ وَإِيّاكُم﴾ وتبدأ دون أن تعلم ﴿وَإِيّاكُم أَن تُؤمِنوا بِاللَّهِ رَبِّكُم﴾ انقلبت إلى أسلوب تحذير وكأنك تحذر الناس أن يؤمنوا بالله جل وعلا. ولذلك نقول إن الابتداء من أخطر
الأمور التي تفسد المعنى في الغالب أحياناً.
أيضاً هناك جمل لا بد
أن تكون مرتبطة، لا تقرأ هذه الجملة إلا بأن تصلها بجملة قبلها، لأنها مرتبطة بها
معنى.
هناك أثر عن علي ابن أبي طالب رضي الله
عنه، -وهذا موجود في تقريبا جميع الكتب وفي التفاسير- سأله رجل كيف نقرأ وكيف
نفهم قول الله تعالى: ﴿وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكافِرينَ عَلَى المُؤمِنينَ
سَبيلًا﴾ والمؤمنون يُقتلون، يعني كيف نفهم هذه الآية؟
فقال للحاضرين أو لأحد
الحاضرين أدنه، - أدنه يعني قربه مني - قال له اقرأ الجملة قبلها ﴿فَاللَّهُ يَحكُمُ
بَينَكُم يَومَ القِيامَةِ وَلَن يَجعَلَ اللَّهُ لِلكافِرينَ عَلَى المُؤمِنينَ
سَبيلًا﴾ يعني يوم يوم القيامة، يعني إذا تحقق شرط الإيمان لن يجعل الله للكافرين
والمؤمنين سبيلا، وانتبه وإذا تحقق وبقي سبيل فهو ابتلاء للتمحيص ﴿وَلِيُمَحِّصَ
اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا وَيَمحَقَ الكافِرينَ﴾ [آل عمران: ١٤١]، فيكون أمل المؤمن
في النجاة يوم القيامة. وأنا طبعاً أوردت هذا الأثر لأنه ذُكر كثيرا وذكر منسوباً
إلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه.
فشرط الابتداء الصحيح الأساسي: أن تترك جملة يصح الوقف عليها وتبدأ أنت بعد هذه الجملة، يعني لا تأخذ كلمة من الجملة الأولى وتظن أنك تُحسّن المعنى في الجملة التي بعدها.
مثال: أحد الناس يقرأ: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ [الإسراء: ٨٢] ثم يبتدئ: ﴿هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ ترك جملة ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ مَا﴾ هل هذه الجملة فهمت منها شيئا؟
أنت أخذت منها كلمة (هو) وما كان ينبغي أن تبدأ هذا الابتداء، ولو قلت لي أنا جعلت الجملة تؤدي المعنى مع ما قبلها أولاً أو الكلمة، بمعنى أني قرأت الجملة كاملة أولاً ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ ثم أردت أن أؤكد أن القرآن ﴿شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾، فابتدأت ﴿هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ﴾ أقول لك أنك الآن كررت كلمة في القرآن الكريم، وزدت كلمة من عندك، ولو شاء الله أن يُكرر لكرر. هذه قضية سنتوقف معها كثيراَ، قضية المتعنت في
الابتداء وفي الوقف، باب كبير التعنت بالنسبة للقارئ وهو يقرأ.
اقرأوا قول الله تعالى: ﴿اقرَأ
بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ﴾ [العلق: ١-٢] كرر الله تعالى (خلق) أم لم يكررها؟
﴿اقرَأ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي
خَلَقَ خَلَقَ الإِنسانَ مِن عَلَقٍ﴾ ، خلق .. خلق ، نعم، أما كان يمكن
أن يكتفي بواحدة؟ لكن الأولى لها دلالة في الجملة الأولى، والثانية لها دلالة في
الجملة الثانية.
قال الله تعالى ﴿لَمَسجِدٌ أُسِّسَ
عَلَى التَّقوى مِن أَوَّلِ يَومٍ أَحَقُّ أَن تَقومَ فِیهِۚ فِیهِ رِجالٌ﴾
[التوبة: ١٠٨] تكررت
ولا ما تكررت؟ تكررت، لأن (فيه) الجر والمجرور هذا الأولى لها علاقة بما قبلها،
وهذه لها علاقة بما بعدها.
إذاً الابتداء ضابطه الأساسي: أن تترك جملة يصح الوقف
عليها ويكون معناها واضحاً، وهذا يعني سنطيل الحديث فيه وسنجعل له يعني حلقات
كاملة بحول الله وقوته.
والوقف أيضاً ضوابطه كثيرة لكن ذكرنا أهمها، وسنتكلم عن من يصل جملة بكلمة بعدها ثم يقف، مثل
مثلاً قول الله تعالى: ﴿وَإِن كَانَتْ وَ احِدَةً فَلَهَا النِّصْفُۚ
وَلِأَبَوَيْهِ﴾ أشرك الأبوين في النصف، جعل لهما النصف مع
البنت، مع أن كلمة (وَلِأَبَوَيْهِ) علاقتها بما بعدها (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدٍ) ، فأنت تقف على النصف ﴿وَإِن كَانَتْ وَ احِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ﴾، ما
تريد أن تقف صِل ولكن صِل إلى نهاية الجملة ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدࣲ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدࣱ﴾ ، وهكذا. عندما
يقرأ أحدهم ﴿إِنَّما يَستَجيبُ الَّذينَ يَسمَعونَ وَالمَوتى﴾ ويقف، (يسمعون
والموتى) طبعاً يعني هذا يفسد عقيدتك، ويفسد المعنى، ويجعل المستمع لك
يفهم المعنى فهماً خاطئاً. وهذه أمثلة كثيرة وآيات كثيرة
بالنسبة لهذه الأمور.
ومما قرأته: أن طفلة كان يُقرؤها أحد الناس في
عصر من العصور، فيقرأ لها (بسم الله الرحمن الرحيم) تردد وراءه، ﴿تَبَّت يَدا﴾ لا
ترد البنت، ﴿تَبَّت يَدا﴾ لا ترد البنت، قال لها: ﴿تَبَّت يَدا أَبي لَهَبٍ
وَتَبَّ﴾ ردت وراءه، يعني الطفلة قد لا تدرك القاعدة ، أو لا تدرك الأمر، إنما
(تَبَّت يَدا) المعنى ليس واضح بالنسبة لها (تَبَّت يَدا) مَن؟ لو لم
تكن مضافة لكانت النون في (يدا) لأن (يدا) مثنى تبت يداي، والنون حذفت للإضافة فلابد
أن تلحق المضاف بالمضاف إليه ﴿تَبَّت يَدا أَبي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾، وهذا
يدلل على ضرورة فهم المعنى وأنت تقرأ.
أسألكم سؤالاً : لو أن واحداً ابتدأ هذه الآية وقال (يَدا أَبي لَهَبٍ
وَتَبَّ) هل هذا ابتداؤه صحيح؟؟
لا، لأنه ترك الفعل الذي يوضح
المعنى في هذه الجملة، (يَدا أَبي لَهَبٍ وَتَبَّ) ماذا بها؟ وماذا سيحدث لها؟
يعني هذا كله يوضح ضرورة فهم الآية وأنت تقرأ ولابد أن تعلم أنك وأنت تقرأ القرآن
الكريم انتبه لكي لا يحدث مثل هذا الخطأ.
هكذا نحن توقفنا تقريبا عند الوقف والابتداء
كدلالة اصطلاحية، وتوقفنا عند بعض الضوابط مع ذكر بعض الأمثلة التي تبين لنا أهمية
هذا الفن.
س: حكم من يخل بالمعنى بسبب
الوقف والابتداء بسبب جهله؟ يعني كثير من الأعاجم وخصوصا الطلاب الذين يحفظون
القرآن هنا في هذه البلاد أغلبهم من الأعاجم ولا يدركون دلالات المعالم، فلذلك
يعني تجده يقف ويبتدأ من حيث لا يدري ولا يدرك، يخل المعنى فيشق علينا نحن ونحن
خلفه، يعني نحن نصدرهم غالبا للتدرب لكن يؤثر علينا كثيرا في قضية الإثم.
جـ : قضية الإثم بالنسبة لمن لم
يعلم فلا إثم عليه، طالما أنه غير مُتعمد وغير مُدرك فلا إثم عليه، لكن من الآن عليه
أن يعني يحاول أن يجلس مع أحد الناس الذين يعلمونه، وهذه مسئوليتنا، أن نعلمه وأن
نبين له، وأنا أريد أن أقول لك أخي الفاضل الكريم عندنا طلاب أعاجم في الجامعة يدرسون عندنا كمنحة خارجية، وكُلفنا بضرورة
إقراء هؤلاء الطلاب حتى إذا ما ذهبوا إلى بلادهم يكونون سفراء لهذا العلم
ويقرؤون وكذا. أقول لك الأخ الأعجمي سريع الاستجابة، وسريع الملاحظة، يعني الخطأ الذي تصححه له لا يقع فيه مرة أخرى، بالرغم أن كثيراً من الألفاظ
التي أكلمه بها قد لا يدرك معناها ، وأنا فتحت لهم الباب أي كلمة أقولها لا
تعرف معناها اسألني، وأنا أحاول آتي لك بأي كلمة مرادفة تبين المعنى، يعني
عندي طالب الآن نيجيري يجمع علي القرآن بالقراءات السبع، أقول لك الوقت الذي يجلس
معي فيه أنا اعتبره وقت سعادة وسرور، الطالب يقرأ ويجمع القراءات، أقول لك إن
الإخوة الأعاجم بارك الله فيهم إذا سعوا واجتهدوا يتفوقون علينا بكثير جدا جدا،
هذه حقيقة.
فالآن الوقف والابتداء بينّا أهميته وهناك من
الجمل لا بد أن تقف عليها لأنك إذا وصلتها بما بعدها أفسدت المعنى دون أن تدري.
مثال: في قول الله تبارك وتعالى:﴿وَلَبِئسَ ما شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم لَو كانوا
يَعلَمونَ﴾ لو أنا وصلتها كاملة جعلت جملة ﴿لَبِئسَ ما شَرَوا بِهِ
أَنفُسَهُم﴾ جواب (لو) سيكون
الحكم "لبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون طيب لو كانوا لا
يعلمون؟ فيكون الحكم غير صحيح.
مثال آخر: ﴿كَلّا لَو تَعلَمونَ عِلمَ اليَقينِ
لَتَرَوُنَّ الجَحيمَ﴾ الكثير وبعض الناس يصلها، تجعل ﴿لَو تَعلَمونَ عِلمَ
اليَقينِ لَتَرَوُنَّ الجَحيمَ﴾ جعلتها جواب (لو) ، ولو كانت جوابا لـ (لو) إذاً رؤيتهم للجحيم متوقفة على علمهم علم اليقين، طيب لو ما علموا علم
اليقين لم يروا الجحيم، لكن (لَتَرَوُنَّ الجَحيمَ) اللام هذه موطئة للقسم ، يعني ﴿كَلّا لَو تَعلَمونَ
عِلمَ اليَقينِ﴾ أين جواب (لو)؟ جواب (لو) محذوف، لو تعلمون علم اليقين:
ما ألهاكم التكاثر
لو تعلمون علم اليقين ما انشغلتم بأمور الدنيا عن الآخرة
لو
تعلمون علم اليقين لآمنتم وعملتم العمل الصالح واتبعتم النبي صلى الله عليه وسلم.
مثلا
(لترون الجحيم) والله لترون الجحيم، هذا كلام مستأنف جديد.
مثال: عندما تقرأ قول
الله تعالى: ﴿وَلَو شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُم أُمَّةً واحِدَةً وَلكِن يُدخِلُ مَن
يَشاءُ في رَحمَتِهِ وَالظّالِمونَ﴾ [الشورى: ٨] وقفت، لا تصح لا لغة ولا معنى، قف على (مَن يَشاءُ
في رَحمَتِهِ)، والمؤمن بطبيعته يدرك المعنى الصحيح وإن
كان لا يعرف التفاصيل، سبحان الله! يعني بالطبيعة هكذا وبالفطرة الطفلة التي ما
وافقت تقرأ (تَبَّت يَدا) هل هي تعرف أن (يدا) حذفت منها النون للإضافة؟ لا أظن
أنها تعرف هذه القواعد. ومن هذه الأمثلة أيضاً الكثير وسنجعل لها بإذن الله تعالى حلقات كاملة تبين لك أين تقف وأين تبتدأ.
يعني إذاً فطرتك السليمة تجعلك تقرأ
كلام الله تعالى وأنت مدركٌ للمعنى وتعلم الوقف الذي يخل بالمعنى ، والوقف الذي لا
يخل بالمعنى، ومن كان يعني جاهلاً قبل ذلك أو لا يأخذ باله يعني، أو ما
كان يعلم، أو لم يسمع مثل هذا الكلام، فلا إثم عليه ، فلا حرج، ولكن
من الآن تبدأ وتحاول ، وأصبحت الوسائل الآن يعني ما شاء الله تبارك الله متوفرة. تستطيع أن تسمع المشايخ الذين تحبهم وهم متقنون وتقلدهم حتى أنت
تستطيع أن تقلد، يعني تقلد من يقرأ ومن يقف ومن يبدأ وهكذا.
هذه اليوم مقدمة وبإذن الله ستكون حلقاتنا بعيدة عن النظريات قدر الإمكان ستكون
تطبيقية، تطبيقية على المعنى. سنتخير قاعدة في كل حلقة نسير عليها، ونحاول أن نأتي
بآيات كثيرة نطبق عليها هذا المعنى المستنبط من القاعدة، ولو صادف الإخوة مم الذين
يسمعوننا، والذين يشاهدوننا بعض الآيات التي يعني يريدون أن يعرفوا حكم الوقف وأين نقف؟ ومتى وكيف نبتدأ؟ هذا لا يمنع أن نجعلها مناقشة حتى تكون مفيدة، لأن
الوقف ما أكثر الكلام النظري فيه، وأيضا من منهجيتنا سأبين لكم علامات الوقف التي وضعت
في المصحف وعلاقتها بأقسام الوقف التي ذكرها العلماء.
العلماء ذكروا أقسام الوقف:
تام، وكافي، وحسن، وقبيح، والبعض لا يضع القبيح أو البعض يزيد أو ينقص في هذه
الأقسام، لكنا نجد العلامات التي وضعت في المصحف بعيدة عن هذه الأقسام، يعني لا
تدلل عليها، لكن لها دلالات، ومن أين أتوا بها؟ العلامات هذه الموجودة في المصحف؟
يعني صلي وقلي والجيم، والميم، و لا، علامات الوقف والثلاث نقاط التي هي
أيضا من علامات الوقف في المصحف ( ۖ / ۗ /
ۚ / ۘ
/ ۙ /
ۛ ۛ ) ، بإذن الله سنتكلم فيها ونبين العلاقة بين
المعنى وبين هذه العلامات، ونحاول يعني قدر الإمكان أن تكون دراستنا تطبيقية من
واقع الآيات ومن القرآن الكريم، بارك الله فيكم ولكم.
_____________________________________________
التفريغ منقول (بتصرف)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق