الاثنين، 26 يونيو 2023

الإلمام بآيات الأحكام الحلقة (28) - الآيات (233 : 238) من سورة البقرة


  ثم يقول الله تعالى { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[البقرة:233]
{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}، يعني سنتين كاملة، وهذا التحديد بسنتين لمن أراد أن يُتم الرضاعة يكملها، وعلى الزوج أو والد الولد أن يُنفق {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}، إلى آخر الآية.

من أهم فوائد هذه الآية: أن إرضاع السنتين ليس حتمًا، ليس واجبًا، فإنه يجوز الفطام قبل الحولين لأنه قال: {لمن أراد أن يُتم الرضاعة} ولكنه تحديدٌ لقطع التنازع بين الزوجين في مدة الرضاعة، يعني لو جاء الزوج والزوجة واختلفوا عند القاضي كم مدة الرضاعة؟ الزوج يقول: سنة ونصف والزوجة تقول: سنتين، فنقول: والله إذ وصلنا إلى مرحلة التنازع نُلزم بسنتين، أما الآية فهي للتخيير {لمن أراد أن يُتم الرضاعة}.

ومن فوائد الآية: وجوب نفقة الأقارب المعسرين على القريب الوارث الموسر.

ومن فوائد الآية: وجوب رضاع الأم لولدها.

ومن فوائد الآية أيضًا: حفظ الشرع للأم حق الرضاع وإن كانت مطلقةً من زوجها، وعليه أن يُنفق عليها في وقت الرضاع.
 هذه أهم الفوائد في هذه الآية.
/ الآية التي بعدها: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة:234]
 هذه المرأة إذا تُوفي زوجها كم تعتد؟ قبل قليل تكلمنا عن التي تُطلق قلنا: ثلاثة قروء - وسبحان الله العظيم- هذه كيف أن الله قال: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} وكلمة (قروء) كلمة مشتركة بين الطُهر وبين الحيض، وبقي الفقهاء في اختلاف.
هنا قال: {أربعة أشهرٍ وعشرًا} بالضبط أربعة أشهر وعشرة أيام، فكانت أكثر تحديدًا، فقد يسأل سائل ويقول: لماذا لم يقل هناك ثلاثة أشهر ونرتاح؟ حكمة عظيمة ابحثوا عنها في كتب التفسير.
الله يقول هنا: أن المرأة التي يُتوفى عنها زوجها تتربص أربعة أشهر وعشر أيام، هذه عدتها بالضبط، وجوب إحداد كل من مات عنها زوجها مدة أربعة أشهر وعشرة أيام، وعدة الأمة نصف عدة الحرة شهرين وخمسة أيام.
أيضًا من فوائد الآية: أن قوله تعالى: {فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن} دليلٌ على أن الولي يُنظِر على المرأة ويمعنها مما لا يجوز فعله ويجبرها على ما يجب وأنه مسئول عنها، الولي في هذه المدة. 
طبعًا هناك آية ما أدري هل ستأتي معنا أو لا، لكنها أيضًا في عدة المرأة المتوفى عنها زوجها، وهي سنة كاملة الله قال: { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}[البقرة:240]، لكنها نُسخت بهذه الآية، وهذه فائدة مهمة جدًا ولا تجدونها إلا في هذه السورة وهي أننا نقول دائمًا في ا لنسخ: لابد أن يكون الناسخ متأخر على المنسوخ، طيب هنا جاء الناسخ متقدم في ترتيب السورة، وهذه مسألة يذكرها دائمًا المفسرون: جاءت الآية التي تقول أربعة أشهر وعشرة أيام قبل الآية التي تقول سنة. ولذلك ربما بعضهم يأخذ المعلومة السريعة كما نحن الآن مستعجلين، فيسأله واحد يقول: ما حكم إذا مات الزوج كم تعتد المرأة؟ فيقول: والله حسب ما درسنا سنة كاملة لأن أربعة أشهر وعشر أيام جاءت الآية رقم مائتين وأربعة وثلاثين، والآية التي قبلها مائتين وأربعين تقول: سنة كاملة.
 فنقول نحن: هذه الآية التي قرأتها عليكم { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ  أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، متأخرة في النزول على الآية التي ستأتي معنا بعد قليل، ولكنها متقدمة في الترتيب عليها في السورة، مما يدل على أن ترتيب الآيات في السور توقيفي من جبريل عليه الصلاة والسلام ومن محمد صلى الله عليه وسلم وليس للصحابة فيه تقديم ولا تأخير.

/ قوله تعالى { وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ}[البقرة:235]
 هذه في وقت العدة، المرأة في وقت العدة، هل يجوز خطبة المرأة في وقت العدة أو لا يجوز؟ 
هذه الآية نزلت في هذا الموضوع، لا يجوز أن تُخطب المرأة في هذا الوقت ولا يجوز للرجل أن يخطبها دليل على أنها محرمة. 
ولذلك نقول هنا من فوائد الآية: أن الأولياء لهم منع مولياتهم من التبرج والتشوف للزوج في وقت العدة، ممنوع، وأيضًا وقع الإجماع على أن الكلام مع المعتدة بما هو نصٌ في زواجها لا يجوز، لا يجوز أن تقول لامرأة في عدة هل تتزوجينني؟ ممنوع، وكذلك على أن الكلام معها بما هو من الرفث ونحو ذلك لا يجوز أيضًا.
من فوائد الآية: أن التعريض بالنكاح جائز كأن يقول لها: إني أريد أن أتزوج، وإني أحب أن تشاوريني إلى آخره من هذه العبارات التي فيها تلميح وليس فيها تصريح، لذلك قال: {لا جناح عليكم فيما عرضتم}، التعريض هو عدم التصريح. 

/ قوله تعالى: {لا جُناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تسموهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} 
أهم فائدة في هذه الآية : أن المطلقة قبل الدخول والفرض لا تستحق إلا المتعة ويرجع ذلك للعرف، يعني واحد عقد عقدًا على امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها فإنه لا يجب لها لا عدة ولا شيء، وإنما يرجع ذلك للعرف إذا كانت حرة، وإذا كانت أمة فذهب الجمهور إلى أن لها المتعة، وبعضهم يقول: لا متعة للأمة وإنما المتعة لسيدها.

/ قوله تعالى{وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة}، يعني أعطيتوهم مهر أو دفعتم له شيء {فنصف ما فرضتم}، يعني يأخذون النصف، دفعتم عشرين ألف يأخذون عشرة آلاف، فمن طلق امرأته قبل الدخول بها يجب أن يدفع نصف المهر الذي سماه للمرأة، فإن لم يسمي شيئًا فيُعطيها أي شيء يُطيب نفسها. والمرأة التي لم يدخل بها زوجها ومات وقد فرض لها مهرًا فإنها تستحقه كاملًا بالموت ولها الميراث وعليها العدة.

/ الآية التي بعدها: { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }[البقرة:238]
 أهم فائدة في هذه الآية: وجوب المحافظة على الصلوات عمومًا، وعلى الصلاة الوسطى وهي صلاة العصر كما في الحديث.

/{ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ }[البقرة:241] 
هذه الآية تدل على أن لكل مطلقةٍ متاعٌ بالمعروف حقٌ على كل مُطلق جبرًا لخاطرها وأداءً لبعض حقوقها، وهذه المتعة واجبة على من طُلقت قبل المسيس والفرض سنةٌ في حق غيرها  كما يقول الفقهاء -.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق