(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)
كان سليمان -عليه السلام- على عرشه وحوله خدمه وحشمه فسألهم هذا السؤال ، وطلب منهم هذا المطلب فاختصم عنده اثنان قال الله -جل وعلا- (قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ) ووصفُه بأنه عفريت يدل على قوته وتمرده وعلى سُلطانه لأن كلمة "عفريت" لا تُطلق إلا على الأقوياء جدا من الجن .
(قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ) أي بعرش بلقيس من أرض اليمن إلى أرض الشام .
(قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ) أي قبل أن ينتهي هذا المجلس ، وقبل أن ينفضّ حالك وقضاؤك (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) أي ذو قدرة وذو أمانة ، ذو قدرة بأن ياتي بالعرش ، وذو أمانة لا أُغير فيه شيئا ولا أسلبه أو أنقص منه .
(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ) اختلف فيمن هذا الذي علمه عنده من الكتاب على أقوال عدة :
- قيل إنه جبريل ، وهذا بعيد .
- وقيل إنه سليمان نفسه ، وهذا أبعد لأن السياق يأباه كما قال السُهيلي -رحمه الله- وغيره.
- وقيل إنه رجل من الإنس اسمه آصف بن برخيا أعطاه الله اسمه الأعظم وأنه صلى ركعتين ودعا باسم الله الأعظم ، وعندي أن هذا مرجوح إذ يبعُد أن تكون المسألة بهذا الوصف إذ يبعُد ولا يُعقل أن يكون رجل في الأمة أعلم بالله من نبيها فكيف يكون مع آصف هذا اسم الله الأعظم وسليمان وهو نبي يُوحى إليه لا يعلم اسم الله الأعظم فيأتي به من غير أن يأتي به أحد غيره .
والأظهر -والعلم عند الله- أنه جنّي أُوتي علما ، حظا من العلم الشرعي وحظا من القوة البدنية .
(قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ) وأيا كان (أَنَا آتِيكَ بِهِ) أي بعرش بلقيس (قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ففي لمح البصر وجد نبي الله سليمان عرش بلقيس بين يديه فقال متذكرا فضل الله عليه : (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) .
أعظم ما يمكن أن يُستنبط من هذه الآية : إذا كانت قدرة مخلوق جاءت بعرش بلقيس من أرض اليمن إلى أرض الشام في طرفة عين فكيف بقدرة الله رب العالمين -جل جلاله- فالله هو خالق هذا العبد الذي أتى بعرش بلقيس والله هو الذي خلق القدرة فيه وآتاه العِلم والطريقة التي أتى بها بعرش بلقيس إلى أرض الشام فكيف بقدرة الله -تبارك وتعالى- .
إن فقه مدلول الآيات هو الذي يُعين على طاعة الله ، فالله ما قصّ أخبار الأولين وأنباء الغابرين إلا لنعتبر وفي هذا من العبرة ما يجعل القلب يفزع إلى الله -تبارك وتعالى- قال ربنا في آيات مماثلة (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هنا لما رأى سليمان ذلك كله بين عينيه قال (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي) ومعرفة أن النعمة من الله هو أول طرائق شكرها (قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) والإنسان ينبغي أن يعلم أن الله يبتلي بالخير ويبتلي بالشر ، فيبتلي بالشر ليعلم يصبر العبد أو لا يصبر أي ليظهر علم الله ، ويبتلي بالخير ليعلم أيشكر العبد أو لا يشكر .
(قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأن الله -جل وعلا- غني عن خلقه (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل ذي سؤل مسألته ما نقص ذلك من مُلكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر) ولهذا قال سليمان (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ) عن كفره ، (غَنِيٌّ كَرِيمٌ) وكلمة "كريم" في اللغة إنما تُقال لمن يُعطي ولا ينتظر أن يُكافأ ولهذا يُوصف بها الله ، أما "السخي" الذي يُعطي وينتظر أن يُكافأ ولهذا لا يُوصف بها الله . و"الغني" و"الكريم" اسمان من أسماء الله الحسنى ، والله يقول (وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) قال سليمان هنا (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) .
أعظم ما يمكن أن يُستنبط من هذه الآية : إذا كانت قدرة مخلوق جاءت بعرش بلقيس من أرض اليمن إلى أرض الشام في طرفة عين فكيف بقدرة الله رب العالمين -جل جلاله- فالله هو خالق هذا العبد الذي أتى بعرش بلقيس والله هو الذي خلق القدرة فيه وآتاه العِلم والطريقة التي أتى بها بعرش بلقيس إلى أرض الشام فكيف بقدرة الله -تبارك وتعالى- .
إن فقه مدلول الآيات هو الذي يُعين على طاعة الله ، فالله ما قصّ أخبار الأولين وأنباء الغابرين إلا لنعتبر وفي هذا من العبرة ما يجعل القلب يفزع إلى الله -تبارك وتعالى- قال ربنا في آيات مماثلة (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هنا لما رأى سليمان ذلك كله بين عينيه قال (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي) ومعرفة أن النعمة من الله هو أول طرائق شكرها (قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ) والإنسان ينبغي أن يعلم أن الله يبتلي بالخير ويبتلي بالشر ، فيبتلي بالشر ليعلم يصبر العبد أو لا يصبر أي ليظهر علم الله ، ويبتلي بالخير ليعلم أيشكر العبد أو لا يشكر .
(قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأن الله -جل وعلا- غني عن خلقه (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل ذي سؤل مسألته ما نقص ذلك من مُلكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر) ولهذا قال سليمان (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ) عن كفره ، (غَنِيٌّ كَرِيمٌ) وكلمة "كريم" في اللغة إنما تُقال لمن يُعطي ولا ينتظر أن يُكافأ ولهذا يُوصف بها الله ، أما "السخي" الذي يُعطي وينتظر أن يُكافأ ولهذا لا يُوصف بها الله . و"الغني" و"الكريم" اسمان من أسماء الله الحسنى ، والله يقول (وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) قال سليمان هنا (هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق