الثلاثاء، 17 يوليو 2012

فعل الأمر


الحمد لله على فضله والصلاة والسلام على أكرم رسله وأشرف خلقه وبعد :
 نستأنف دروسنا في التفسير في هذا اللقاء المبارك وقد بيّنا فيما مضى من لقاءات ودروس أن كل حلقة تحمل عنوانا ، وعنوان حلقتنا إن شاء الله تعالى فعل الأمر، والعرب تُقسم الأفعال إلى ثلاثة أقسام فعلا ماضيا وفعلا مضارعا وفعل أمر ، والأصل في الأمر أن يمتثل المأمور فيكون الأصل في فعل الأمر الوجوب لكن فعل الأمر قد يخرج من كونه واجباً إلى أغراض أُخر وهذا الذي سنعنى به في درسنا المبارك هذا ان شاء الله .
 قبل أن أبدأ بهذا العرب لهم طرائق أكثرها فعل الأمر نفسه لكن أحياناً يأتي الأمر على شكل جملة فعلية كقول الله - جل وعلا - {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فإن بعض أهل العلم يرى أن هذه الجملة الخبرية يُراد بها الطلب .
وقد يأتي فعل الامر على هيئة المصدر النائب عن فعله كقول الله - جل وعلا - {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} فالمعنى فاضربوا الرقاب ، فضرب مصدر ناب عن فعله . لكننا قلنا أن فعل الأمر قد يخرج عن غرضه الأصلي إلى أغراض أُخر هي التي سنتدارسها - إن شاء الله تعالى فيما نحن فيه - .
يأتي فعل الأمر ويُراد به الاباحة ولا يُراد به الأمر مثاله قول الله - جل وعلا - :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} هذا نداء كرامة
{ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ} المراد به الدين كله ، لكن هنا على وجه الخصوص ما يتعلق بمناسك الحج بدليل ما بعده وإلا شعائر الله الأصل فيها كل ما شرع الله فهو شعيره .
لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ} والأشهر الحرم أربعة ، ثلاثة سرد - ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم - وواحد فرد وهو رجب ، فقول الله جل وعلا {لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ } وإن كان الشهر الحرام أربعة - كما بيّنا - إلى أنه ينصرف هنا إلى ذو القعدة ، وذو الحجة لأن الحج يكون فيهما ، أما مُحرم ورجب فلا حج فيهما فيُعرف أن هذا عام أريد به الخاص تقريبا من هذا الباب .
{وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ} والهدي : ما يُتقرب به من النَعم إلى الحرام ويكون واجبا ويكون مسنونا ، يكون واجبا في حال أن يكون الحاجّ قارناً أو متمتعاً ويكون مسنونا في غير ذلك إذا أراد أن يقدم هديا للحرام .
 {وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ} والقلائد : جمع قلاده وهي ما تضعه المرأة للزينة على عنقها والمراد به هنا ليس ما تضعه المرأة على عنقها إنما ما يوضع على الإبل وما تُشعر به الدواب وبهيمة الأنعام التي تُساق بها إلى الحرم فيُعرف بأنها هدي فلا يتعرض لها احد .
{وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} " آمّين " جمع لكلمة "آمّ" أي قاصد، أي الحجاج والمعتمرين ومن أراد الحجّ لا يتعرض لهم أحد {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} ثم قال الله {وَإِذَا حَلَلْتُمْ} أي من الإحرام {فَاصْطَادُواْ} "اصطادوا" فعل أمر لكن لا يُراد به أن الصيد واجب إنما يُراد به يعود الحكم إلى ما كان عليه قبل الحضر فالإنسان إذا تلبّس بالإحرام مُنع من الصيد ، ويمنع من الصيد وهو داخل الحرم حتى لو لم يكن مُحرما لكنه إذا فارق الحرم وهو مُحِل قد حلّ من إحرامه جاز له أن يصطاد فيعود الحكم إلى ماكان عليه . إذا قول الله تعالى {فَاصْطَادُواْ} هذا فعل أمر المُراد به الإباحة .
 قد يكون فعل الأمر يُراد به الإكرام قال الله عز وجل {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا} أي الجنات {بِسَلامٍ آمِنِينَ} فـ"ادخلوها" فعل أمر قاطع لا خلاف أنه فعل أمر لكنه فعل أمر يُراد به الإكرام ، معنى قول الله جل وعلا {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} أي : بسلام من الآفات وأمن من المخافات وينضوي تحته ويُسلم بعضهم على بعض وقبل ذلك تُسلم عليهم الملائكه ويُختم لهم {سَلامٌ قَوْلا مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍذا الفعل "ادخلوها" فعل أمر قطعاً لكن  المراد به الإكرام .
 يأتي على حال أخرى : الله - جل وعلا - قال {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الأَثِيمِ} وشجرة الزقوم هذ الشجره المذمومة التي ذمها الله ، الله يقول {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}ولا يوجد في القرآن شجرة ملعونة بمعنى لعن الله الشجرة لكن ملعونة هنا بمعنى مذمومة بدليل الواقع ، أين مذمومه؟ في قول الله {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الأَثِيمِ *كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ *كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} إلى أن قال {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} ذق هذا فعل أمر ولكن لا يُراد به الوجوب ولا يُراد به الإكرام ، يُراد به ضد الإكرام وهو الإهانة بدليل أن الله قال قبلها {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ *طَعَامُ الأَثِيمِ} والأثيم لا يُكرم بل يُهان وقد قيل أن أبا جهل كان يقول : "أنا أعز أهل هذا الوادي" فبالشيء الذي أنت قلته تُعذب لأنه كان دعوى على غير برهان فقال الله {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} فقوله {إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} قرينة على أن الفعل "ذق" فعل أمر مبني على السكون يُراد به الإهانة ، والعرب جرى على نسق كلامها في أساليب حديثها أنهم يأتون بالقول ظاهره المدح وباطنه الذم يسمى تهكم ، يسمى إهانة يسمى غير ذلك في شعرهم ، مثلا تسمعون بجرير والفرزدق شاعران أمويان كبيران جرير كان له راوية يروي له شعره اسمه مَربَع ، مَربَع هذا تعرض للفرزدق  ، والفرزدق خصم جرير فجاء مربع فدفع بيده والد الفرزدق فسقط ، فالفرزدق أصابته غفله فقال لمَربَع إن مات أبي سأعاقبك سأقتلك ، إن مات أبي ، والأسلوب أسلوب ضعف فبلغ جريرا ما قاله الفرزدق فقال بيته الشهير :
 زعم الفرزدق أن سيقتل مَربَعا ** أبشر بطول سلامة يا مربع
 فقوله "أبشر" فعل أمر ولكنه يريد به التهكم من الفرزدق ، أبشر بطول سلامة يا مربع يعني إن هذا هددك أنه سيقتلك ستعيش لأن هذا أضعف من أن يقتلك ، فالعرب لها في أساليب كلامها مثل هذا قال الحطيئة يهجو الزبرقان بن بدر ، قال :
 دع المكارم لا ترحل لبُغيتها ** واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
 فالذي بادي الرأي لا يفقه العربية يحسب أنه يمدحه وهو يذمه يقول المكارم التي يتنافس فيها أشداء الرجال ليس لك سبيل فيها لكن "اقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي" يعني يأتيك طعامك ، تأتيك كسوتك ، شبهه بالنساء لأن الذي يُخدم ولا يسعى في المعالي هم النساء وليس الرجال .
وكان عمر - رضي الله عنه وأرضاه - عليما بصنعة العرب لكنه لا يحب إثارة النعرات فعندما يأتيه أحد يشتكيه يخرج بالموضوع يعني لا يوافق عليه كان هنالك شاعر اسمه النجاشي هجى قوم كرام جداً اسمهم بني العجلان ، فسبهم النجاشي فشكوه إلى عمر فقالوا يا أمير المؤمنين أنه يقول :
 وما سمي العجلان إلا لقولهم ** خذ القعب واحلب أيها العبد واعجل
قال - رضي الله عنه - سيد القوم خادمهم 
 قالوا يا أمير المؤمنين إنه يقول :
 قبيلة لا يغدرون بذمة ** ولا يظلمون الناس حبة خردل
هو أراد أن يقول أنهم ضعفاء ، قبيلة لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل، قال عمر - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - ليت آل الخطاب كانوا كذلك.
 قالوا يا أمير المؤمنين إنه يقول :
 ولا يردون الماء إلا عشية ** إذا صدر الوُرّاد عن كل منهل
 يعني لا يأتون الماء إلا وقد خرج الناس ، قال هذا أشرح للصدر ، وأبعد للزحام واملأ للإناء ، أفضل لكم . كلما قالوا شيء هو يريد أن يخرج عما جاؤا من أجله ، المقصود هذا نسق العرب في كلامها .
نعود للقران {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} قلنا للإهانة
{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} قلنا للإكرام
وقلنا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} للإباحة .
/ قال الله - جل وعلا - يخاطب من تخلف من المسلمين في غزوة أُحد {الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} إلى أن قال الله {قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} هذا فعل أمر "فَادْرَؤُوا " لكن المراد به التعجيز إن أحدا لا يقدر على أن يدرأ عن نفسه الموت فهذا فعل الأمر خرج عن نطاقه وأريد به التعجيز .
/ قول الله جل وعلا في فصلت مثلا {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} هذا فعل أمر لكن لا يوجد عاقل يقرأ القرآن ويقول إن الله يقول {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} هذا فعل أمر يُراد به التهديد والوعيد .
إذا من هذه الأمثلة التي سُقناها يُفهم أن العلم بالعربية يعين على تدبر القرآن ، العلم بلغة العرب بلاغة ونحواً وصرافاً واطلاعا أدبيا يعين المرء على أن يفقه عن الله - جل وعلا - كلامه ويكون أقدر على أن ينهل من القرآن ويقتبس من سناه ويأخذ من ضيائه .
ذكرنا فعل الأمر وذكرنا أمثله عليه لكن يبقى الأصل في فعل الأمر الوجوب قال الله - جل وعلا - {وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ} هنا لا توجد قرينة تصرف فعل الأمر عن ظاهره فأصبحت إقامة الصلاة واجبة ويدل عليها أنها ركن حديث ابن عمر ، وكذلك قول الله جل وعلا -{وَآتُواْ الزَّكَاةَ} يدل على أنه واجب أما غير ذلك فإنه يُنظر إلى فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للآية كما مر معنا في قول الله - تبارك وتعالى - {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاةِ} قلنا أن النبي - عليه الصلاة والسلام - بينها بأنها صدقة تصدق الله - جل وعلا - بها على عباده .
 كما يقال هذا في القرآن يُقال هذا في سنته صلوات الله وسلامه عليه فإن النبي - عليه الصلاة والسلام - كان أفصح العرب وقد قال : (أنا افصح العرب بيد أني من قريش) واستُرضع - صلى الله عليه وسلم - في بني سعد ، ففقه لغة العرب يُعين المرء المؤمن على فهم كلام الله وعلى فقه سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - والفصاحة والبلاغة شيء من الله يؤتيه الله - جل وعلا - من يشاء ، إلا أن العرب عرفت اقواما عُرفوا بالفصاحة والبلاغة إما بتوخيهم مواطن ذكروا فيها كلمات خلدتهم كما ينقل عن زياد بن أبيه أنه لما حصلت الفتن التي في زمنه صعد المنبر ، يقولون أنه لم يحمدِ الله ولم يثنِ عليه ولم يصلِ على نبيه عليه الصلاة والسلام وإنما قال أما بعد : "فإن الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء ..." وأخذ يُتم خطبته فسُميت أدبيا هذه الخطبة بالخطبة البتراء ، ابتر بمعنى منقطع فخطبة بتراء لأنه لم يستفتحها بحمد الله والثناء عليه ، وينسبون - ربما مر هذا معنا كثيرا - إلى واصل بن عطاء زعيم المعزلة كان فيه لثغة في حرف الراء فإذا نطق الراء تظهر قبيحة على لسانه فكان من عِلمه بمرادفات اللغة وسعة اطلاعه على المفردات يأتي بالخطبة كاملة ويتجنب أي كلمة فيها حرف الراء ولا يدري من يسمعه أنه لم يقل كلمة ليس فيها حرف الراء حتى لا تظهر لثغته في خطبته قال "الحمد لله القديم بلا ابتداء ، الباقي بلا انتهاء ..." في خطبة طويلة تقرأها تتعجب .
هذا من المعتزلة ، من مشاهير أهل السنة في الفصاحة محمد بن حسن الشيباني صاحب أبي حنيفة فكان يُروى عن الشافعي قال "أن القرآن يظهر أنه نزل على لغة محمد بن الحسن" كان محمد بن الحسن فصيحاً جداً بليغاً واذا تكلم يُذهل سامعه لما آتاه الله - جل وعلا - من البلاغة ،  ومنهم عمر بن العاص - رضي الله عنه - وهو صحابي شهير ولهذا عمر - رضي الله عنه - لم يرَ البحر قط فلما استأذنه الصحابة في أن يغزو في البحر كان عمر ورعاً ، - قد قلنا في دروس عدة الفيصل بين زيد وعمر الورع - فكان عمر يخشى على المسلمين فأحب أن يعرف ما البحر فقال لعمر بن العاص صف لي البحر فوصفه وصفا بليغاً جعل عمر يقول - وعمر لم يرَ البحر - "والله لا يسألني الله أنني حملت عليه مسلماً" ولم يقبل أن يغزو المسلمون عن طريق البحر كل ذلك لبلاغة عمر بن العاص في وصفه حتى أن عمر بن العاص تكلم مرة ثم تكلم رجل غير بليغ فقال عمر بن الخطاب : "سبحان الله خالق الإثنين واحد" يعني الذي جعل هذا عييا هو الذي جعل هذا فصيحاً .
 لكن - وهذا من أعظم ما ينبغي على المسلم أن يرعاه - إذا أتاك الله نعمة أيا كانت ولن يخلو أحد من نعمة ظاهرة فيه عرفها أو جهلها لا تبطر بها وتظنن يوما من الدهر أنها من عندك إن بقاءها مرهون بأمرين :
- علمك أنها من عند الله وشكرك لله .
- ألاّ تبطر بها .
وإلا حق على الله ما ارتفع شيء من الدنيا إلا وضعه والنبي - عليه الصلاة والسلام - كما مر معكم كثيراً في السير كان له ناقه فجاء أعرابي على قعود فسبقها فشقّ ذلك على الصحابة فقال - عليه الصلاة والسلام - (إنه حق على الله ألاّ يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه) . وأنت لو قلبت بصرك في كثير ممن حولك ممن دنى و نأى ، ممن عظُم أو من حقُر ستعلم كيف تجري أقدار الله - جل وعلا - على عباده ، والإنسان يسأل الله - جل وعلا - أن يعينه على شكر النعمة وإذا تكلم عنها أو تحدث بها فلا ينبغي أن ينسبها إلا إلى الله حتى يكون ذلك مرهوناً ببقائها وإن الله - جل وعلا - أورث كثيرا من خلقه نِعَم لكن ممن يجعل العبد تبقى النعمة التي آتاه الله - جل وعلا - إياها ألاّ يظلم لأن الظلم عياذا بالله يعجل الله - جل وعلا - به على الظالم فيُنكل به فيرى حاله قبل أن يموت يعني يرى  وضاعته قبل أن يموت فليتجنب كل أحد منا أن يظلم أحدا . قد لا تظلم أنت بدينار أو درهم أو سيف أو سجن أو معتقل لا تملك هذا - ومن العصمة ألاّ تقدر - ولكن قد تظلم بكلمة أو كلمة تُكتب فيتناقلها الناس عنك الثاني بعد الأول والآخر بعد الثاني وصاحبها من قلتها فيه لا يستحقها فكلما دوّنها أحد ونشرها زادت وزرا عليك ، والعاقل يتبرأ إلى الله أن يظلم مؤمنا كائنا من كان .
وأنا أختم يقول شيخنا الأمين الشنقيطي : "إن الله لا يثيبُ على لعن إبليس" فبالله من هذا الذي يُحمِّل نفسه أن يلعن أحدا من المؤمنين مع أن إبليس مستحق للعن .هذا والعلم عند الله .
رحمني الله وإياكم وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق