الخميس، 22 ديسمبر 2011

من مواضع التقديم والتأخير في القرآن


/ تقديم الوصية على الدين في قوله تعالى في سورة النساء {مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
قدم الوصية على الدين رغم أن الفقهاء متفقون على أن الإنسان الميت إذا ترك ترٍكة يُبدأ بالدين قبل الوصية ، لكن الله قدم الوصية على الدين لأن الدين يوجد من يُطالب به ، فإن الدائنون يُطالبون صاحبهم بالمال ، لايفوتهم شيء ، أما الوصية فهي في الغالب تُكتب للضعفاء والفقراء والمساكين ، ولا يعلم بها أحد فقدمها الله -جل وعلا- هنا ليكون مزيد عناية بها من قِبل ورثة الميت .
/ قال الله تعالى في سورة الأحزاب
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}
قدم نبينا - صلى الله عليه وسلم - على سائر الأنبياء ، لكنه في سورة الشورى قال { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } فقدم نوحا على محمد والسبب : أنه في سورة الأحزاب أراد الله ذكر مقام الأنبياء فقدم أفضلهم وهو رسولنا - صلى الله عليه وسلم- ، أما في سورة الشورى فإن المعني به كان الدين والعقيدة ،ولاريب أن الدين والعقيدة مُقدم على الأشخاص فقدم الله نوحا لأنه أول الرسل الذين بُعثوا بالدين القويم .
/ في سورة الذاريات قدم الله تعالى الجن على الإنس ، قال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } لأن خلق الجن مُقدم على خلق الإنس قال تعالى { وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ} ، وأيضا إذا ذكر الله القوة قدم الجن على الإنس قال الله -جل وعلا- { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } ونظيره في القرآن قوله تعالى { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } فقدم الله الجن لأنهم أعظم منزلة .
ولما تكلم الله عن البلاغة والفصاحة وهي بالإنس أليق وألصق قدم الله الإنس قال الله -جل وعلا- { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } .

--------------------------------------
لفضيلة الشيخ / صالح المغامسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق